خاتمة هذه المشاريعالخطة التي أقرها مجلس الشيوخ الأمريكي في 26/9/2007 لتقسيم العراق الى ثلاثةأقاليم وحضى القرار بتأييد(75) عضو مقابل رفض(23) عضو، من ضمنهم(26) من أعضاء حزببوش(الحزب الجمهوري) الذي رفض القرار في نادرة طريفة!
حلم (إسرائيل الكبرى)لا يختلف عن حلم( بلاد فارس الكبرى) فكلاهما يقوم على التوسع والهيمنة الإستعماريةوتوسيع النفوذ على حساب دول الجوار وتحويلها الى كيانات هشة تنشغل بالحروب الطائفيةوالعنصرية. بمعنى تأكل بعضها البعض وما يتبقى منها يمضغه الفرس والصهاينة بهدوء, فالفرس يدعمون أكراد العراق لكنهم من جهة ثانية ينكلون بأكراد إيران ويحرمونهم منأبسط الحقوق لأنهم غير محسوبين على قائمة محبي آل البيت, كما إنهم يدعمون شيعةالعراق وبنفس الوقت يهضمون سنة إيران, ويدعمون أقليات العراق لكنهم يهضمون حقوقالأقليات الإيرانية كالاحوازيين والبلوش والأكراد, يدفعون عملائهم من حكام العراقالى تقسيم العراق عبر الفدراليات المزعومة ويعملون بقوة على توحيد دولتهموتوسيعها.
وبالرغم من دعوة إيران للمحافظة على وحدة العراق من التقسيم لكنالحقيقة هي خلاف ذلك لأن عراق قوي موحد كما أثبتت الوقائع على الأرض يحول دون تحقيقإيران لأهدافها التوسعية في تصدير البغض والطائفية والحقد الى الدول الأخرى وما عرفبتصدير الثورة الصفراء, فقد كشفت وثيقة في عهد الرئيس السابق محمد خاتمي جاء فيها" بعد أن قامت دولة الأثنى عشرية في إيران بعد عقود عديدة، نحمل واجبا خطيرا وثقيلايتمثل بتصدير الثورة" مترجما بذلك مقولة الخميني في بيان الذكرى السنوية لأنصارالثورة في شباط عام 1980 بأننا " نعمل على تصدير ثورتنا الى مختلف أنحاء العالم". وبإتفاق مسبق مع الشيطان الأكبر تم تشكيل حكومة طائفية عنصرية في العراق على رأسهاممثل نظام الملالي في العراق عبد العزيز الحكيم وذراعه العسكري فيلق بدر الملقحبفيلق القدس الايراني.
وكان أول نتائج زف عبد العزيز الحكيم الى الحاكمالمدني بول بريمر أن حمل الحكيم جنين الفدرالية الذي بشر به العراقيين وهو تقسيمللعراق تحت يافطة جديدة, وكانت مداولات الحكيم مع المنظر اليهودي هنري كيسنجر قدإنصبت على مشروع تقسيم العراق وهي رؤية مشتركة للصهيونية( يمثلها كيسنجر)والإيرانية ( يمثلها الحكيم) . ولإرساء فكرة التقسيم كان لا بد من إشعال نار الفتنةالطائفية كنموذج عملي للتقسيم وشد الإذهان الى ضرورته لعدم قدرة الطوائف على العيشمعا بوفاق وإنسجام، رغم إن التاريخ يكذب هذه الدعوة الجوفاء فمنذ اكثر من ألف سنةعاشوا معا بسلام ووئام وسؤدد.
ومن الملاحظ ان جريدة الوفد المصرية سربتأخبارا في نهاية شهر تشرين الثاني من عام الغزو بأن مجلس الحكم سيء الصيت ناقشإقتراحا خطيرا لتقسيم العراق الى عدة دويلات. ثم تجسدت الرغبة بواقع عملي على تقسيمالعراق من خلال الدستور سيء الصيت الذي صاغته أنامل الخبير القانوني اليهودي نوحفيلدمان لإقامة فدراليات في الشمال والجنوب والوسط وما سمي في حينها شيعستانوسنيستان وكردستان فتهلهل وجه القادة الشيعة والأكراد بهذا التقسيم المريب والذييتوافق مع رؤياهم الضيقة لمستقبل العراق. وقد تضمن الدستور الفيلدماني غرائب وعجائبمنها تمثيل الأقليم الفدرالي خارج العراق بمعزل عن الحكومة المركزية, وفي الوقتالذي إدعى فيه (القائم بأعمال أبيه) عمار الحكيم بأن الفدرالية ليست موضوعا جديدا،فإنه كان محقا في ذلك فقد ناقشت احزاب العمالة تقسيم العراق منذ مؤتمر لندن سيءالصيت, وبعد الغزو الأمريكي وزعت مؤسسة شهيد المحراب خارطة جديدة لتوزيع الأقاليمطبعت في طهران, وقد عبر عادل عبد المهدي عن رؤيته بأن تجربة الإمارات العربية يمكنتطبيقها على العراق منطلقا من حماقة فريدة في بابها متجاهلا ان الامارات لم تأخذبمبدأ الفدرالية على أسس طائفية كما هو الحال في العراق.
من المؤكد إن احزابالولاء لدولة فارس الكبرى الممثلين في مجلس النواب وحكومة الإحتلال عندما طرحواموضوع تقسيم العراق فأنهم ينفذون أجندة أسيادهم نظام الملالي الذين يطمحون بضم جنوبالعراق الغني بالبترول الى إيران وبالتالي الهيمنة على أكبر احتياطي نفطي فيالعالم, كما إن إقامة دولة كردية في شمال العراق من شأنه أن يحي أحلام الأكرادبإحياء فكرة مهاباد الميته بضم إكراد الدول المجاورة للعراق، وفعلا منذ الغزو بدأتأسراب من الأكراد الإيرانيين والأتراك تحط في شمال العراق بإيعاز من حزبي برزانيوالطالباني، وتم ودفع اعداد غفيرة منهم الى محافظة كركوك بهدف التكريد.
ومنشأن تقسيم العراق طائفيا ان يدفع بقية الأقليات للمطالبة بالمثل, وقد تجلى ذلك علىلسان علي عبد المهدي رئيس (حزب تركمان أيلي) في تصريح أدلى به الى صحيفة الشرقالأوسط في نهاية شهر ايلول عام 2007 بأن" التركمان يعتزمون إعلان إقليم رابع فيالعراق إذا تم تقسيم العراق الى ثلاث دويلات" ومن المتوقع ان تعلن أقليات أخرى نفسالرغبة ولا يحق لأحد ان يمنعها فليس من المنطق ان تسمح لقومية أو طائفة بإقليموتحرم غيرها منه.
الخلاصة أن عراق واحد موحد قوي متماسك يفشل مشروعي إيرانوالكيان الصهيوني فنظرية الأمن القومي الإيراني والإسرائيلي تجد في تقسيم العراقالى كنتونات هشة من شأنه أن يضعفه ويسمح بالسيطرة على موارده الغنية ويوفر فرصةذهبية للتوسع على حسابه لإبتزاز دول الخليج الضعيفة وغير القادرة على مجابهةالتحديات الفارسية لتحقيق حلم الفرس (الإمبراطرية الفارسية الكبرى). كما ان عراقموجود على الخارطة من شأنه أن يجهض حلم الكيان الصهيوني ( بدولة إسرائيل الكبرى) كما إعترف الصهاينة أنفسهم. وكان الله في عون العراق والعراقيين