العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحوار مع باقي الفرق

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-11-12, 12:39 PM   رقم المشاركة : 131
نوفل العابد
موقوف






نوفل العابد غير متصل

نوفل العابد is on a distinguished road


اقتباس:
أولا هذا مذهب أهل السنة وليس مجرد أثر، ولسنا أصحاب رأي.
فبهذا الأثر احتج الإمام أحمد وابن نصر المروزي والطبري و الآجري والسمعاني وابن عبد البر وابن تيمية وغيرهم

وهل إحتج العلماء بهذا الأثر مع الزيادة المشهورة ؟ هات الدليل .


اقتباس:
وليس في أهل السنة أحدا يتخلف عن الاحتجاج به


أف ! ياراااجل وليس في أهل السنّة ؟ خلاص طلع كل من خالف الإجماع الذي يحتاج إلى دليل !! من غير أهل السنّة عندك ! ؟ ياسلام عليك



اقتباس:
ويحضرني في إثبات ما نذهب إليه غير أثر ابن عباس رضي الله عنهما الصحيح ما رواه مسلم في صحيحه وفيه:
"يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي. وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس) قال قلت: كيف أصنع؟ يا رسول الله! إن أدركت ذلك؟ قال (تسمع وتطيع للأمير. وإن ضرب ظهرك. وأخذ مالك. فاسمع وأطع".
فهؤلاء الذين يهتدون بغير الهدي ويستنون بغير السنة، هل هم يحكمون بالشريعة؟
وقول عمر رضي الله عنه "فَاسْمَعْ وَأَطِعْ وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْك عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجْدَعٌ , إنْ ضَرَبَك فَاصْبِرْ , وَإِنْ حَرَمَك فَاصْبِرْ , وَإِنْ أَرَادَ أَمْرًا يَنْتَقِصُ دِينَك فَقُلْ : سَمْعٌ وَطَاعَةٌ , وَدَمِي دُونَ دِينِي , فَلاَ تُفَارِقْ الْجَمَاعَةَ".
فهذا الذي يأمر بما ينتقص الدين، أمر بشرع الله؟


تعال يارجل لقراءة هذه الوقفة .


( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )


هل تسمع و تطيع للحاكم و إن جامع زوجتك ؟!! نقد لسند و متن زيادة " اسمع و أطع للإمام و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك اسمع وأطع "
ملاحظة : قد يستغرب البعض من السؤال لأن إجابته بديهية أصلا ... و هذا يدل على سلامة فطرتهم و دينهم
و لكن هذه التدوينة صيغت لحالات صعبة من الناس ، لنسأل الله لهم الشفاء و العافية .



الدين الإسلامي دين عزة و كرامة و لا يرضى بالإهانة و لا بالدياثة و يأمر بالدفاع عن النفس و الدين و المال و العرض و العقل حتى لو أدى ذلك إلى الشهادة

و لا يرضى بوجود الظلم و لا يقر بوجود ظالم بل يأمر بمحاربتهما معا تغييرا للمنكر و بالقيام بالحق

قال صلى الله عليه و سلم " إن الناس إذا رأو المنكر ولايغيرونه أوشك أن يعمهم الله بعقابه " و في رواية " إذا رأو الظالم فلم يأخذوا على يديه "

للأسف يجعل بعض الناس غيرهم يعيشون في زمن انبطاحي للحكام و خنوع لهم سواء عن حسن نية أو سوء نية بحجة الشريعة و أن هذا هو الدين ، و لكن الدين من قولهم و بهتانهم بريء

من تلك الحجج الواهية شرعا و عقلا و فطرة ، التمسك الأعمى بتصحيح الزيادة المنكرة سندا و متنا في حديث رواه مسلم متابعة " اسمع و أطع للإمام و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و اطع "

أحببت أضع نقدا حديثيا لهذه الزيادة المنكرة الشاذة المنقطعة ( كل ما سبق أوصاف علمية موجودة في هذه الزيادة ) من ناحية السند و المتن

و البداية مع النقد للمتن لأنه أكثر المنافحين عنها هم من المقلدين في علم الحديث فلا فائدة من النقاش في السند معهم و لكن في المتن لعل نفوسهم تستيقظ من سبات الجهل :

و عذرا لقراء المدونة الكرام عن أي شدة قد يلاحظونها في التدوينة لأنه لكل مقام مقال و لأن من أسباب ضياع الأمة هم هؤلاء الذين لبسوا على الناس دينهم فلا بد من مكافحة أفكارهم المنبطحة و الخانعة

النقد للمتن

كثيرا لا يفيد النقاش مع المبالغين في مسألة عدم جواز الخروج على الحاكم من الناحية الحديثية

من ذلك الزيادة المنكرة متنا و سندا في طاعة الحاكم

( و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك )

و التي هي ليست لصالحهم أبدا ، و تمسك من يتمسك بها منهم دون علم يبين لك عدة أمور :

1- ضعف علميتهم في علم الحديث ( و لا أدري كيف تستقيم سلفية دون علم بالحديث ) و ضعف علمهم في الفقه أيضا ( أحكام الصائل )

2- التعصب لآراء مشايخهم دون دليل ( بل و هو العصمة لهم و التقديس الذي فيهم دون أن يشعروا به أو يعترفوا به )

3- من كثرة تمسكهم بظواهر النصوص صاروا ظاهرية كظاهرية ابن حزم رحمه الله - محشوم عنهم يا ابن حزم - التي ينتقدونها ، حتى باتوا لا يعملون أذهانهم في النصوص الشرعية ، و يكتفون بالتقليد و الجمود على آراء علمائهم فقط .

4- عدم قدرتهم على البحث و النظر العلمي ، و خاصة النظر المقارن في الآراء و الأدلة الذي من حرم منه فلا يستحق أن يوصف بالباحث عن الحقيقة أبدا .

العلم المقارن و النظر في الخلاف هو المفتاح إلى العلم و معرفة الحقيقة .

5- لا أريد أن أقول العزة و الكرامة

ذكرت مسبقا أن لا فائدة من النقاش حديثيا عن هذه الزيادة معهم

لذا فإني أطلب من المصححين للحديث

أن يجيبوني عن هذه الحالة ( و آسف على السؤال و لكنه لمغزى )

هل تسمع و تطيع للحاكم الذي ضرب ظهرك و أخذ مالك و إن جامع زوجتك ؟ أو أخذ والدتك وقطعها أمامك ؟ أو اختطف طفلتك ورفض إرجاعها ؟

مع العلم أنه مسلم و و مقيم للصلاة مطبق لأحكام الشريعة و لكنه فعل هذه المعصية فقط

فهل تسمع و تطيع له ؟!

لن أجد إجابة منكم مع أني أتمنى ذلك

و لكنها دعوة لمراجعة مناهجكم و إعادة التفكير في أمر سلفيتكم و فتح أذهانكم و النظر في نظرتكم السياسية للأمور من حولكم القائمة على جزئيات تزعمون أنها شرعية و الشريعة منها براء


على فكرة لن يجد أي شخص من العوام أي حرج في الإجابة مباشرة عن هذا السؤال

و إجابته حتما موافقة للشرع دون أن يعرف الشرع

فما بال أقوام يزعمون و العلم و لكنهم هنا .......... أكمل الفراغ بما تراه مناسبا

طيب ماذا لو أجاب هذا الشخص بنعم ؟!!

اجزم فورا أن الشخص صاحب الإجابة إنسان مريض مجنون ديوث لا يفقه في الشريعة شيئا
و لا يستحق أن ينادى بشيخ أو عالم

و ماذا لو أجاب بلا ، بل أقتله دون تردد

اعلم أن الذي أجابك شخص ذو فطرة سليمة و عقله سليم و فعله مقر بالشرع و لو لم يكن عالما

طيب ماذا لو أجاب بلا و أخذ يفصل في الحالات ؟!

هذا متناقض، ويناقش بما يلي :

ليس الغرض هو إجابة السؤال ( خصوصا لمصححي الحديث ) و لكن الأهم هو ما بعد الإجابة على السؤال


أنت أقررت أنك ستقتله دفاعا عن عرضك ( أي إجابة غير هذه أصلا فيها دياثة الإسلام بريء منها و من يجيب بنعم فهو مجنون )

حسنا ماذا لو ضربك من غير حق أو أخذ مالك من غير حق ؟

أتي إلى منزلك و أوجعك ضربا هل تسكت ؟! و هل يأمرك الشرع بالسكوت ووجوب الطاعة ؟!!!

أو أنه أتى ليأخذ مالك رغما عنك دون حق ؟! هل تسكت ؟! و هل يأمرك الشرع بالسكوت و وجوب الطاعة ؟!!

إنه الغباء و الجهل بعينه الذي لا يقره دين

هذا ما ينبني على السؤال

و التفرقة بينهما تناقض و تخصيص العرض فقط بالقتل تناقض ليس من الشرع بشيء
فالدفاع عن العرض والدفاع عن المال والنفسه كلها حقوق ما يجب لأحدها يجب للآخر

هذا ما أردته من السؤال

لو جلست مرارا تشرح لمصححي الحديث أن سنده ضعيف منقطع

لن تصل إلى نتيجة معهم

فالحل هو الانتقال إلى المتن و مناقشتهم من خلاله ( فرق بين المناقشة للتضعيف و المناقشة على فرض الصحة )

أو بما أن عقل من يتبنى هذا المنطق في حكم المعدوم تحتم الانتقال إلى استعمال الغيرة لعلها تجعل العقل يستيقظ !!

و قد شاهدنا بما لا يدع مجالا للشك أن القوم لديهم عقدة تعظيم الحكام

و فوبيا إيذاء الحكام بأي شكل من الأشكال


الغرض ليس السؤال لكن ما بعد السؤال و ما يثيره السؤال

السؤال هو للتنبيه على ضياعهم و الإغراق فيه و هم يتوهمون أنها الشريعة و الشريعة من أفكارهم بريئة


النقد لسند الحديث


الجزء الثاني النقد الحديثي للسند

في هذا النقد الحديثي ذكرت اعتراضات المصححين مع الرد عليها لبيان تهافت أدلة المصححين

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ التَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ح و حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ أَخْبَرَنَا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ كَيْفَ قَالَ يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ

محل النزاع :
لا خلاف في صحة الحديث إلا تلك الزيادة ( تسمع و تطيع للإمام و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و أطع )
حجج الفريقين :

حجة المصححين الأولى :

أن هذا الحديث من رواية مسلم و تلقته الأمة بالقبول بل أجمعت عليه فهو صحيح بلا ريب .

رد المضعفين و حجتهم :
أن الحديث مسلم بصحته إلا زيادة ( ... و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك إلخ )
ويرد على على حجة المصححين من ثلاثة وجوه :

أولا : بعدم حجية الإجماع السكوتي هنا ، لأنه لا ينسب إلى ساكت قول و لأن من ادعى الاإجماع فقد كذب .

و صدق أحمد شاكر حين قال : الفقهاء إذا أعيتهم الأدلة و النصوص لجؤوا إلى الإجماع ، أو كما قال .
و هذا واقع و للأسف

ثانيا : على فرض حجيته ، فإنه لم ينعقد الإجماع على صحة ما في الصحيحين حديثا حديثا أصلا ، حتى يلزم المخالف بهذا الإجماع و حتى يشمل الإجماع تلك الزيادة المنكرة

قال الشيخ محمد الأمين ( ليس هو الشنقيطي و هذا لقب للشيخ و ليس اسمه على ما يبدو ) في كتابه ضعيف البخاري و مسلم :
نعم، أجمعت الأمة على أن جمهور الأحاديث التي في الصحيحين صحيحة. هذا الذي نقله الحفاظ الكبار وتداولوه. فجاء من بعدهم أقوامٌ ما فهموا مقالتهم، فأطلقوا القول وزعموا أن هذا الإجماع شاملٌ لكل حرفٍ أخرجه البخاري ومسلم بلا استثناء. وصاروا يضللون كل من يخالفهم. ولا حول ولا قوة إلا الله.

قال الحافظ أبو عُمْرو بنُ الصَّلاح في مبحثِ الصحيح، في الفائدة السابعة (ص27): «... ما تفرّد به البخاريُّ أو مسلمٌ مندرجٌ في قَبيلِ ما يُقْطَعُ بصحته، لتلقّي الأمّةِ كل واحدٍِ من كتابيهما بالقبول، على الوجه الذي فصّلناه من حالِهما فيما سبق، سوى أحرفٍ يسيرةٍ تكلّم عليها بعضُ أهلِ النقدِ من الحُفّاظِ كالدارَقَطْني وغيرِه. وهي معروفةٌ عند أهل هذا الشأن». فاستثنى ابن الصلاح بعض الأحاديث من هذا الإجماع. فجاء بعض من بعده فعمّم كلامه وأساء إلى الأئمة. بل أساء إلى نفسه، وما يضر الأئمة أمثاله.اهـ

على فكرة :
وضح الإمام مسلم رحمه الله أنه لم يشترط الصحة لجميع أحاديث صحيحه ، بل ذكر أنه يذكر في المتابعات ما هو معلول ..

لكن أين من يقرأ ؟ وأين من يفهم ما يقرأ ؟ ويمكن للمختص أن يراجع مقدمة صحيح مسلم .


الثالث : و هو في حق هذه الزيادة في هذه الرواية :
أولا هذه الرواية لذاتها محل نظر لأنه ليس فيها تصريح بالسماع :

لنتأمل في السند :
عَنْ أَبِي سَلَّامٍ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ

و لفظ قال من صيغ التدليس لا من صيغ التحديث

لذا يظهر أن الإمام مسلم قصد بها المتابعة و قد صرح في مقدمة صحيحه أنه يذكر أحيانا الأحاديث في المتابعات ليبين علتها و هذا جزما منها لا سيما و أن صيغة التدليس لا تخفى على من له أدنى نظر في علم الحديث

و لا عزاء للمكتفين بذكر الإمام مسلم للحديث في صحيحه و هم لم يفهموا منهجه و لم يقرؤوا مقدمته أصلا ليعرفوا منهجه

طيب ما حال هذا التدليس هل هناك اتصال في السند أم لا ؟!

الحديث بهذه الرواية و الزيادة منقطع بإجماع المحدثين

لأن أبا سلام لم يسمع من حذيفة

كما قال الدراقطني : وهذا عندي مرسل لأن أبا سلام لم يسمع حذيفة

و النووي وافقه في أن أبا سلام لم يسمع من حذيفة ، و إنما ذكر شاهدا ظن أنه يقويها ، و هذا ما لم يفهمه بعض من صحح الحديث بقول النووي

قال الشيخ مقبل :
هذا وفي حديث حذيفة هذا زيادة ليست في حديث حذيفة المتـفق عليه وهي قوله :" وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك " فهذه الزيادة ضعيفة لأنها من هذه الطريق المنقطعة والله أعلم

قال الذهبي عن أبي سلام :
أبو سلام ممطور الحبشي، ثم الدمشقي، الاسود الاعرج، وقيل: إنما قيل له الحبشي نسبة إلى حي من حمير، فالله أعلم.
من جلة العلماء بالشام.
حدث عن حذيفة، وثوبان، وعلي، وأبي ذر، وعمرو بن عبسة، وكثير من ذلك مراسيل كعادة الشاميين يرسلون عن الكبار، وروى أيضا عن أبي
أمامة الباهلي، وعبد الرحمن (1) بن غنم، وأبي أسماء الرحبي، وأبي مالك الاشعري، والنعمان بن بشير، وطائفة.

و المرسل منقطع و الخلاف فيها هو في إرسال كبار التابعين و ليس بن سلام منهم

طيب هل تفرد بهذه الزيادة بن سلام ؟

نعم ، قال الطبراني في المعجم الأوسط (3/190) حديث رقم : 2893 ،
لم يرو هذا الحديث عن يحيى إلا عمر تفرد به بن سلام

فمسألة التفرد و الانقطاع و أنها منكرة المخالف فيهم لا حجة له إلا أن يأتي ببينة

يستدل البعض بقول الدارقطني ( ولكن معناه صحيح ) !! رافضا بهذه الجملة جميع الأدلة ، وناسيا أن تصحيح المعنى لا يلزم منه تصحيح السند ، ولكن تصحيح المعنى يقصد منه أن هناك أحاديث أخرى صحيحة تشهد لهذا المعنى

لذا فمن يستدل بتصحيح الدارقطني للمعنى فليقم مشكورا بإثباث حديث صحيح صريح واحد يفيد أن الحاكم تجب له السمع و الطاعة مهما اعتدى وبغا !!

باختصار : لن يجد ( لن زمخشرية )

ننتقل الآن إلى مسألة الشواهد ...

رد المصححون على الاعتراض الأخير :

أننا نسلم ما سبق و لكن هناك متابعة ذكرها النووي ....

المتابعة التي ذكرها النووي ما هي ؟

يقصد رواية مسلم الأصلية التي ليس فيها تلك الزيادة ( و الرواية الأصلية منقولة في آخر البحث )

لنقرأ كلامه جيدا

" لكن المتن صحيح متصل بالطريق الأول ، وإنما أتى به مسلم بهذا متابعة كما ترى ، وقد قدمنا في الفصول وغيرها أن الحديث المرسل إذا روي من طريق آخر متصلاً تبينا صحة المرسل ، وجاز الاحتجاج به ، ويصير في المسألة حديثان صحيحان "

مع العلم أن الطريق الأول الذي قصده النووي ليس فيه الزيادة المنكرة ( تسمع و تطيع للإمام و إن ضرب ظهرك ... )

طيب هل ما قاله الإمام النووي من ناحية التنظير صحيح و هل ينطبق على هذا الحديث ؟!
الحديث المرسل إذا روي من طريق آخر متصلا تبينا صحة المرسل ؟!!
كلام النووي من ناحية التنظير نعم صحيح و لكنه لا ينطبق على هذا الحديث لماذا ؟!

كلام النووي لم يتطرق إلى مسألة الزيادة في في الحديث المرسل الذي وافق حديثا صحيحا ليست فيه تلك الزيادة الموجودة في المرسل

فهذه حالة أخرى لأن شرط قبول المرسل في هذه الحالة ألا تكون فيه زيادة تضيف حكما غير موجود في الحديث الأصلي ( و هي موجودة في هذا الإرسال )

يعني تطبيق النووي خطأ هنا لوجود الزيادة المنكرة و استدلاله خاطئ

طيب هل استدلال الشيخ الألباني هو نفس استدلال النووي ، و ما دليله ؟!

لا استدل الألباني رحمه الله على تحسين هذه الزيادة من طريق آخر موجود عند أبي داود و أحمد و إسناده مختلف ...

و نعم الزيادة موجودة فيه و بناء على ذلك حسن الألباني الحديث ( و من مناهج الألباني التي لم يقره عليه كثير من المحدثين المعاصرين و خالف فيها كثيرا من قواعد السابقين التساهل في المتابعات جدا جدا ، والمختص المتجرد يدرك ذلك )

و لكن

لننظر إلى إسناده
عن قتادة عن نصر بن عاصم الليثي عن سبيع بن خالد

العلة في هذا الحديث باختصار

قتادة مدلس و من يذكر إسناد أبي عوانة فقد شطط فأبو عوانة ضعيف في قتادة
و سبيع بن خالد و البعض قال هو نفسه خالد بن خالد المهم

الرجل مقبول بشرط المتابعة ؟!!! لأنه مجهول الحال قطعا

السؤال هنا ما هي المتابعة ( السليمة من الاعتراض و الجابرة للضعف ) في حديث سبيع بن خالد عن حذيفة ؟!!!

لا توجد ، إسناد ضعيف فيه مدلس و قد عنعن و رجل مجهول الحال يحتاج بنفسه إلى متابعات ... فعلى ماذا التعصب و التشنج إلى تصحيح هذا الحديث اللامعقول ؟!!!

إذن كل الشواهد التي فيها الزيادة معلولة .... لا يصح التساهل في تصحيحها و جعلها أصلا من أصول الدين و تستباح بها الأعراض و الأموال و الأنفس

ختاما ما هي الرواية التي ذكرها مسلم على انها هي الصحيحة موافقا للبخاري عليها ؟!

ذكر الإمام مسلم قبل هذه الرواية التي هي من باب المتابعات المعلولة الرواية التي لا لبس فيها لهذا الحديث و هي :


1847 حدثني محمد بن الْمُثَنَّى حدثنا الْوَلِيدُ بن مُسْلِمٍ حدثنا عبد الرحمن بن يَزِيدَ بن جَابِرٍ حدثني بُسْرُ بن عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سمع أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يقول سمعت حُذَيْفَةَ بن الْيَمَانِ يقول كان الناس يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ e عن الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عن الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فقلت يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كنا في جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا الله بهذا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هذا الْخَيْرِ شَرٌّ قال نعم فقلت هل بَعْدَ ذلك الشَّرِّ من خَيْرٍ قال نعم وَفِيهِ دَخَنٌ قلت وما دَخَنُهُ قال قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ منهم وَتُنْكِرُ فقلت هل بَعْدَ ذلك الْخَيْرِ من شَرٍّ قال نعم دُعَاةٌ على أَبْوَابِ جَهَنَّمَ من أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فيها فقلت يا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لنا قال نعم قَوْمٌ من جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قلت يا رَسُولَ اللَّهِ فما تَرَى إن أَدْرَكَنِي ذلك قال تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ فقلت فَإِنْ لم تَكُنْ لهم جَمَاعَةٌ ولا إِمَامٌ قال فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ على أَصْلِ شَجَرَةٍ حتى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ على ذلك

هذه الرواية هي ما اتفق عليها البخاري و مسلم

و هذه رواية البخاري للتأكيد

3411 حدثنا يحيى بن مُوسَى حدثنا الْوَلِيدُ قال حدثني بن جَابِرٍ قال حدثني بُسْرُ بن عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قال حدثني أبو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّهُ سمع حُذَيْفَةَ بن الْيَمَانِ يقول كان الناس يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ e عن الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عن الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فقلت يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كنا في جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا الله بهذا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هذا الْخَيْرِ من شَرٍّ قال نعم قلت وَهَلْ بَعْدَ ذلك الشَّرِّ من خَيْرٍ قال نعم وَفِيهِ دَخَنٌ قلت وما دَخَنُهُ قال قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ منهم وَتُنْكِرُ قلت فَهَلْ بَعْدَ ذلك الْخَيْرِ من شَرٍّ قال نعم دُعَاةٌ إلى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ من أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فيها قلت يا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لنا فقال هُمْ من جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قلت فما تَأْمُرُنِي إن أَدْرَكَنِي ذلك قال تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قلت فَإِنْ لم يَكُنْ لهم جَمَاعَةٌ ولا إِمَامٌ قال فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حتى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ على ذلك


ليس فيهما تلك الزيادة المنكرة المنقطعة تسمع و تطيع للإمام و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و أطع

بل هي مما يجب تنزيه الشريعة الإسلامية عنه و تجب محاربتها و إبطالها و تنزيه منابر المساجد منها و من متعصبيها

و على المبالغين في طاعة الحاكم أن يتقوا الله و يتثبتوا في أمر الدين خصوصا لمن علم بضعف هذه الزيادة و أنه لا حجة له في تصحيحها ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمع ضعفها

( ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون )


اقتباس:
وهل يعرف أهل الإسلام ناقضا من نواقض الإسلام يخرج فاعله من الإسلام بالكثرة ولا يخرج بالقلة؟
يعني نقول من صلى طول حياته لله ومنها سجدة للصنم يكون كفره "ليس بالذي تذهبون إليه"، ومن سجد كل حياته للصنم يكون كفره هو الكفر المحقق؟


سبحان الله.
ومن هذا الحاكم الذي تكلم عليه ابن عباس رضي الله عنهما؟
بين لنا الحاكم الذي حكم بغير ما أنزل الله في مسألة، وهذا من أكبر الكبائر لنعرفه ونعرف سيرته وننظر هل تاب من كبيرته هذه أم لا.


وهذه مغالطة أخرى.
ففي حياة ابن عباس استحل الحرم.
إن من يقول هذا كمثل من يظن أن القوانين الوضعية ظهرت في القرن الماضي، وكأنه لم تسن قوانين مخالفة للشريعة أيام المماليك والعثمانيين، وكأن هذه نازلة العصر التي يجتهدون فيها، فجاءوا بما لم يأت به الأوائل.

ونحن هنا لا نتكلم عن المبدل ولا عن المستحل ولا عن الجاحد ولا عن الذي يفضل القانون الوضعي على الشرع، بل إن الذي يشك -ولا أقول يقطع-، الذي يشك أن غير حكم الله يساوي حكم الله، فهذا كافر خارج من الملة.
وأما من يحكم في مسألة أو مسائل، سواء حكم بها حكما مجردا، أو سطرها في كتاب وألزم بها الناس، فهذا لا يكفر بغير ما قرره أهل العلم من الاستحلال أو التبديل أو التفضيل أو المساواة.



وقفت على هذا وهو يكفي للرد عليك .


1 سند الاثر


وردت مقولة
"كفر دون كفر" المنسوبة لحبر الامة,ابن عباس رضي الله عنهما بلفظين ,اول هذين اللفظين هو "ليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله" وهذا اللفظ ليس من كلام ابن عباس رضي الله عنهما وانما هي مُدرجة, اي زائدة على اصل المتن ,هي في التحقيق من كلام ابن طاووس. ويظهر ذلك جليا بالنظر الى مجموع الروايات ,والتي تفردت بها هذه الزيادة في رواية واحدة ,مما يؤكد ان مقولة "ليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله " هي ليست من كلام ابن عباس رضي الله عنهما ,والراجح انها تفسير للاية من ابن طاووس اخذها عن ابيه.

قال ابن جرير الطبري رحمه الله في المجلد السادس ,صفحة 256 ,رواية من طريق سفيان بن عيينة "عن سفيان بن عيينة عن معمر بن راشد عن طاووس عن ابيه ,سُئل ابن عباس رضي الله عنهما عن تفسيره لقول الله تعالى ~ومن لم يحكم بما انزل الله فاولائك هم الكافرون ~ قال هي به كفر ,وليس كفرا بالله وملائكته وكتبه ورسله ". بعد ان ذكر ابن جرير الطبري رحمه الله هذه الرواية ,ذكر رواية اخرى من طريق عبد الرزاق ,وفي هذه الرواية تظهر الزيادة مدرجة ,هي من كلام ابن طاووس ,وليست من كلام ابن عباس رضي الله عنهما .

قال ابن جرير الطبري رحمه الله "عن عبد الرزاق عن معمر بن راشد عن طاووس عن ابيه ,سُئل ابن عباس عن تفسير قوله تعالى ~ومن لم يحكم بما انزل الله فاولائك هم الكافرون ~ قال هي به كفر ,قال طاووس ,وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله . بالنظر الى الروايتين يظهر ان عبد الزراق نصّ ان هذه الزيادة هي من كلام طاووس ,وليست من كلام ابن عباس رضي الله عنهما , ويظهر ذلك ايضا كون هذه الزيادة لم تظهر الا في رواية واحدة وهي التي عن طريق سفيان بن عيينة .

وقد اعرض عن رواية سفيان بن عيينة كثير من المفسرين ,كابن كثير ,والذي ذكر رواية عبد الرزاق باعتبارها تنصّ على المدرج في الرواية ,خلافا لسفيان بن عيينة الذي لم ينصّ على ذلك .


واللفظة الثانية التي نسبت لحبر الامة ابن عباس رضي الله عنهما قوله
"ليس بالكفر الذي تذهبون اليه " وفي رواية اخرى "ليس بالكفر الذي يذهبون اليه ,انه ليس كفرا ينقل عن الملّة" وهذه القولة موجودة في تفسير ابن كثير ,من ابن ابي حاتم والحاكم في المستدرك ,عن طريق سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن ابن طاووس عن ابن عبّاس,قال الحاكم ,صحيح على شرطي الشيخين ولم يخرجاه .وكل الاحاديث التي اخرجها الحاكم في مستدركه ,هي مجموع الاحاديث التي ظن انها توافق شروط الشيخين في التخريج ولم يخرجوهم ,فكان اجتهاده هذا استدراكا منه على ما اخرجاه الشيخين.الاّ انه لم يتقيد بضوابط وشروط وقيود الشيخين البخاري ومسلم في تخريج الاحاديث,فكان يتساهل في تصحيح احاديث بمجرد ان بعض رواته موجودين في الصحيحين ,وغفل ان ما يرويه البخاري ومسلم عن بعض الرواة يكون متابعة لهم ,وليس انفرادا لهم ,فلا تصح روايتهم للاحتجاج ,بل تكون صالحة للاعتبار ,ان وجد من يتابعهم من الذين توفرت فيهم شروط الرواية من عدل وضبط ,وغيرهما من شروط الشيخين. ومن الذين رموا الحاكم بالتساهل ,ابن الصلاح وهو علم من اعلام علم الحديث .

وعلّة هذا الحديث هو وجود هشام بن حجير من الرواة ,وهو على ورعه وتقواه وزهده وعبادته ,فهو ضعيف في الرواية لسهوه وضعف ذاكرته في الحفظ ,وقد ضعّفه جهابذة علم الحديث كامام اهل السنة احمد بن حنبل ويحيى بن معين ,وعلي ابن المديني ,وسعيد بن يحيى القطّان ,وابن حجر ,والذهبي ,وعبد الرحمان المهدي ,ومكّي.

قال الامام احمد بن حنبل في شان هشام بن حجير "هشام ليس بالقوّي " وقال مكّي "ضعيف الحديث" وقال سعيد بن يحيى القطان "ضعيف الحديث " وضرب على احاديثه ,وقال الذهبي "هشام بن حجير ليس بحجّة" وقال يحيى بن معين "ضعيف جدّا" . ولم يروي له البخاري الاّ حديث واحد متابعة وليس منفردا ,لكون حديثه لا يصلح للاحتجاج به الاّ متابعة وليس منفردا بذاته, ولم يروي له مسلم حديثين ,متابعة ايضا وليس منفردا ,لكثرة اوهامة ,وقلة حفظه ,

قال سفيان بن عيينة "لم ناخذ منه الاّ ما لم نجده عند غيره " وهذا يعني ان رواية سفيان عن هشام هي من تفردات هشام بن حجير ,ليس لها متابع او شاهد يعتمد عليه .

ولم يروي لهشام بن حجير الاّ المتساهلين ,كابن حبّان ,والعجلي ,والحاكم .

كما تبيّن ,فهذا الحديث ضعيف من ناحية السند,لوجود هشام بن حجير الذي ضعّفه كبار علماء الحديث وجهابذته ,ولا يحتج به الا متابعة ,وهو دليل قويّ على ضعف الحديث

فانظر اخي الموحد المنصف ,بضاعة القوم ,كلّها ضعيفة ومتكلم فيها ,يردّون بها كلام الله ورسوله ,ويجعلون هذه البضاعة الكاسدة المزجاة من القطعي المحكم وكلام الله من المتشابه .


2 حجّية قول الصّحابي

على افتراض ان مقولة ابن عبّاس صحيحة ,وليست منسوبة اليه , وانّها قيلت كتفسير لقوله
تعالى
"ومن لم يحكم بما انزل الله فاولائك هم الكافرون " وانّها قيلت في من بدّل شرع الله بشرائع الكفر والطغيان ,وفي من شرّع من دون الله ,واتخذ نفسه ندّا لله في التشريع والامر والنهي ,والتحليل والتحريم وهي خصائص لا يجوز الاعتراف بها لغير الله , لان الاعتراف بها لغير الله ,هو تاليه لذلك الغير ,وهو الشرك الذي جاء الاسلام لازالته واقامة دولة يكون السلطان فيها لله وحده قال الله تعالى في كتابه الكريم "ولا يشرك في حكمه احدا" .نفترض كل هذا , وحاشا ان يصدر هذا القول الساقط من حبر الامة ,هل تصلح هذه المقولة ان تنسخ كلام الله ,او تردّ كلام رسول الله ,او تردّ الاجماع , او حتى تردّ القياس؟ هل صارت هذه المقولة قرانا يفصل في مسائل النزاع؟, وبايّ دليل يكون كلام غير الله ورسوله حجة شرعية في دين الله ؟. قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي". الرسول الكريم يؤكد ان التمسك بالكتاب والسنة هي العاصم من الضلال والزيغ ,ولم يذكر او يحث على مصادر اخرى ,غير الكتاب والسنة.

قال الامام الشافعي رحمه في كتابه الرسالة الصفحة 596" ارأيت اقاويل اصحاب رسول الله اذا تفرّقوا فيها ,فقلت نصير منها الى ما وافق الكتاب او السنّة او الاجماع " وهو ما يؤكد ان قول الصحابي ليس حجة على قول صحابي اخر , ولا على من اتى بعدهم, وانّما منهم مخطئ ومصيب ,فيرجح كلام الله ورسوله على اقوالهم ان خالفوا ظاهر النص .

قال الامام مالك رحمه الله "كلنا يؤخذ من قوله ويرد الى صاحب هذا القبر "واشار باصبعه الى قبر رسول الله ,فجعل كلام رسول الله هو الذي لا يرد وان لم يذكر الصحابة ,فهو في استثنائه التلقي من رسول الله وحده ,دلالة على عدم حجية غيره ,ان خالف الكتاب والسنّة

قال الامام ابو حنيفة رحمه الله "اني اخذ بكتاب الله اذا وجدته ,فما لم اجده فيه اخذت بسنة رسول الله والاثار الصحاح عنه التي فشت في ايدي الثقات عن الثقات ,فاذا لم اجد في كتاب الله ولا سنة رسول الله ,اخذت باقوال اصحابه من شئت وادع قول من شئت ,ثم لا اخرج عن قولهم الى قول غيرهم "


وقال الامام احمد رحمه الله
"ليس احد الاّ اخذ برايه واترك ما خلى النبي صلى الله عليه وسلّم"


فقول هؤلاء الائمة يتفق مع قواعد واصول اهل السنّة والجماعة في مسالة الاحتجاج بقول الصحابي ,وهو انهم ياخذون من اقوالهم اذا لم يجدوا في كتاب الله وسنّة رسوله.لكون الصحابي ليس معصوما ,وقد يصدر منه الخطأ, وقد يغفل عن اشياء من السنّة ,وقد ينسى ,وقد يسهى ,الى غير ذلك ممّا قد يتعرض له غير الانبياء والرسل ,في مسائل التبليغ عن العقيدة .قال الله تعالى في كتابه العزيز
"ربّنا لا تؤاخذنا ان نسينا او أاخطئنا ". ويكون مخالفتهم للكتاب والسنة احيانا صادرا عن اجتهاد ,من غير قصد المخالفة ,كأن يخصص الصحابي عموما بظنه ,او يأخذ بعموم ويترك الخاص , او يتأول في الخبر غير ظاهره بغير برهان بعلّة ظنها .ومن الامثلة على ذلك بخصوص ابن عباس رضي الله عنهما ,كان يقول بجواز ربا الفضل ,ولم يكن يرى من الربا حرام سوى ربا النسيئة ,وهذا خطأ ظاهر ,فلا فرق في التحريم بين ربا الفضل وربا النسيئة ,وقد ردّ عليه الصحابة رضي الله عنهم ,واهل العلم .وهل يُعقل ان يعلّق الشّارع الكريم دينه ,بمن ينسى ويسهى ويغفل عن بعض امور الدّين ويُخطئ ! ثم اليس من الصحابة الكرام من تبث عنه انّه قال " إن أصبت فمن الله وان اخطأت فمنّي ومن الشيطان "


ومن الامثلة على جواز خطأ الصّحابي انّ ان عبّاس رضي الله عنهما كان يرى ان الحامل اذا مات عنها زوجها ان تعتدّ باطول الاجلين ,وهو خلاف الاية ,لقوله تعالى
"واولات الاحمال اجلهنّ ان يضعن حملهنّ" وقد خالفه في ذلك الصحابة رضي الله عنهما وجمهور اهل العلم

وكان رضي الله عنهما يرى بإباحة زواج المتعة وكذلك لحم اكل لحم الحمر الاهلية ,وقد انكر عليه عليّ بن ابي طالب ذلك ,وذكر له انّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حرّم ذلك

وكان يرى ابن عبّاس رضي الله عنهما ان قاتل النفس المتعمد لا توبة له ,وهو ما خالف به الكتاب والسنّة واجماع الصحابة رضي الله عنهم , قال الله تعالى "انّ الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"وصدر ذلك منه اجتهادا وتأويلا من غير قصد المخالفة

وكان يرى ابن عبّاس ايضا انّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تزوج ميمونة وهو محرم ,وهو غير صحيح ,فقد تبث ان ميمونة رضي الله عنها صرّحت انها تزوجت رسول الله وقد احلّ من عمرته


قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى المجلد الاول الصفحة 283" ومن قال من العلماء ان قول الصحابي حجة فإنما قاله اذا لم يخالفه غيره من الصحابة ولا عرف نصّ يخالفه ,وامّا اذا عرف انّه يخالفه فليس بحجة بالاتفاق " فكلام ابن تيمية صريح في انّ قول الصحابي لا يكون حجة على قول صحابي اخر ,وانّه لا يؤخذ كلام الصحابي ان خالف به ظاهر النصّ ,الاّ بقرينة شرعية من كتاب الله او سنّة رسوله

قال الامام الشوكاني رحمه الله "تفسير الصحابي للاية لا تقوم به حجة لا سيما مع اختلافه " اي ان تفسير الصحابي ان خالف به ظاهر النصّ لا تقوم به حجة شرعية في دين الله

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه اعلام الموقعين ,المجلد الرابع ,الصفحة 211" وبالجملة فلا يجوز العمل والافتاء في دين الله بالتشهي والتخير موافقة للغرض ,فيأخذ القول الذي يوافق غرضه ... وهذا من اكبر الكبائر "




كيف يكون قول ابن عبّاس حجّة شرعية في دين الله ,ان خالف به النصّ وهو الذي يقول محذرا من اتباع الصحابة الكبار في ما يخالف ظواهر النصوص ,من غير قرينة شرعية
" يوشك ان تنزل عليكم حجارة من السّماء ,اقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ,وتقولون قال ابو بكر وعمر " اليس هذا كلام ابن عبّاس رضي الله عنهما يردّ كلام من هو خير منه ,ان خالف كلام الله وكلام رسوله ! فما بال اقوام يردّون كلام الله ورسوله بمن هو دون ابو بكر وعمر ! اليس هذا تطاول واستدراك على كلام الله ورسوله ؟

اليس هذا اتهام صريح لكلام الله بعدم الوضوح والبيان؟ اليس هذا اتهام صريح لكلام الله بالتدليس والتلبيس ؟ لاستعماله الفاظ تصلح لاكثر من معنى ؟كيف يكون كلام الله على غير ظاهره وهو يأمر عباده بالرجوع الى كلامه للفصل في امور النزاع ؟ قال الله تعالى "وما اختلفتم فيه من شيئ فحكمه الى الله " وقال تعالى "فان تنازعتم في شيئ فردّوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر" وقال تعالى "لا تقدّموا بين يدي الله ورسله " لا تقدّموا اهوائهم وارائكم ومصالحكم ,على كلام الله ورسوله ,وهذا ما يدل ان ظواهر النصوص مرادة, وان خلافها او تاويلها يحتاج الى قرينة شرعية تصرفه عن ظاهره, وهو ما يقودنا الى التساؤل, هل نحتاج حقا الى مثل قولة ابن عبّاس رضي الله عنهما لنؤول ظاهر النص الصريح القطعي في كفر من بدّل وشرّع من دون الله ؟ من غير قرينة شرعية من كتاب الله او سنّة رسوله ؟

قال الله تعالى "فليحذر الذين يخالفون عن أمره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب أليم " قال العلماء الفتنة الشرك ,وقد يقع فيها المرء ان استحسن كلام غير الله وقدمه على كلام الله ,فردّ النصوص الشرعية القطعية ,بكلام غيره ممّن هو غير معصوم ,ولو كان ابو بكر وعمر ,فما بالك بالذين هم ادنى ادنى منهما.

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ,المجلد 11 الصفحة 208" وقد اتفق سلف الامة وائمتها على ان كل احد يؤخذ من كلامه ويترك الاّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم" يفهم من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ,انّه لا يردّ كلام الله ورسوله ,بقول احد ولو كان صحابيا ان خالف ظاهر النصّ.

وقد اتّفق علماء الأمّة ان القياس وحده كاف لردّ كلام الصّحابة ان خالفوا به ظاهر النّص ,فكيف يكون حجّة شرعية في دين الله ,ان خالف كلام الله ورسوله والاجماع ؟! .وانّما يكون قول الصّحابي حجة شرعية في دين الله ,ان وافق باقي اقوال الصّحابة ,وهو إجماع منهم ,والإجماع حجّة شرعية في ديننا ,امّا اذا خالف قول صحابي قول صحابي اخر , لا يكون قول احدهما حجّة شرعية على قول الاخر ,لا سيما اذا عرف من يخالف قوله بقول او فعل .امّا اذا عرف قول صحابي ولم يعرف من يخالفه في ذلك ,ولم يخالف نصّ من كتاب الله او سنّة رسوله ,فهو حجّة شرعية ,وهو ما يسمى بالاجماع السكوتي .

امّا في قضيتنا هذه ,فالأمر ليس كذلك ,فقد خالف ابن عبّاس رضي الله عنهما ,النّص والاجماع والقياس ,ولا يؤخذ بقوله ,لانّ الاخذ بقوله فيه ردّ لكلام الله ورسوله وردّ للإجماع المتفق عليه ,وهذا لا يليق ,ان يُردّ كلام الله ورسوله بقول صحابي ,ولوكان ابو بكر وعمر .

وقد عُلم عن رجوع كثير من الصّحابة عن اقوالهم ,بعدما تبيّن لهم الصواب ,كما رجع ابن عبّاس رضي الله عنهما ,عن القول بجواز ربا الفضل ,وعن اباحة زواج المتعة ,بعدما بيّن له علي بن ابي طالب عدم صوابه في ذلك .

وقد لعب الشيطان بعقول بعض من ينتسب لاهل العلم ,بتغيير معاني القران ,وتقديم اقوالهم واهوائهم ,واقوال شيوخهم على ما يظهر من كلام الله ,بتأويل فاسد ,حرّف الكلام عن معناه

قال الله تعالى في كتابه العزيز "فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه "سورة المائدة الاية 14 ,هذه خصلة من خصال اليهود الكفرة الفجرة ,عمدوا الى تاويل الايات وتحريف معانيها ,بما فسرته عقولهم الهابطة ,واهوائهم الباردة وارائهم الفاسدة, وقال الله تعالى "وانّ منهم لفريقا يلوون السنتهم بالكذب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون "سورة ال عمران الاية 78 ,ومن انواع التحريف تغيير معاني القران وصرفها عن طاهرها , من غير دليل شرعي يبين مراد الشارع ,وهو محض الكذب والتقول والافتراء على الله .

فأهل السنّة والجماعة يفسّرون القرآن من القرآن نفسه ,فأفضل طريقة لمعرفة مراد كلام الله ,هو من نفس كلامه عزّ و جلّ,فما أطلق في موضع ,قُيّد في موضع آخر ,وما كان عاما في موضع ,تجده مفسّرا مفصّلا في موضع آخر ,فلا يوجد أحد أعلم من مراد الله عزّ و جلّ من نفسه الكريمة.


3المناط الذي قيلت فيه هذه القولة

على افتراض أنّ هذا الأثر المنسوب إلى ابن عبّاس صحيحا ,وأنّه فعلا قال هذا القول ,فهل قاله في المشرّعين الذين اتخذوا من تشريعاتهم السّاقطة دينا يجب اتّباعه ,وأجبروا النّاس للخضوع لأهوائهم و حثالة نظمهم القذرة ؟ هل قال ابن عبّاس هذا القول في من بدّل شرع الله ,المشتمل على كلّ خير ,الناهي عن كلّ شر؟ هل يصحّ أن يصدر من حبر الأمّة مثل هذا القول وهو الصّحابي الجليل الذي يحفظ لله قدره ,ويعلم أنّ التّحاكم إلى غير شرع الله كفر ,و أنّ مسألة الحكم هي من صميم العقيدة ؟ لا يعقل أن يقصد ابن عبّاس هذا

قال ابن عبّاس ما قاله وهو في سياق ردّه على الخوارج الذين كانوا يكفّرون النّاس بالمعاصي والذنوب والكبائر ,بناءا على فساد عقيدتهم في الإيمان والكفر ,فيرون كلّ الأعمال شرط في صحّة الإيمان ,بحيث لا يفرّقون بين النواقض العملية وبين الذنوب الغيرالمكفّرة ,وكانوا يدخلون المعاصي تحت إسم الحكم بما أنزل الله ,ومن هنا دخلت عليهم الشّبهة,فكل من أتى كبيرة فقد حكم بغير ما أنزل الله ,فيجب أن يكفر,مصداقا لقوله تعالى
"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الكافرون " فكانوا يستدلّون على كل من عصى الله بهذه الآية الكريمة ,وأثناء مناظرتهم لابن عبّاس رضي الله عنهما ,تبيّن حقيقة مذهبهم في الكفر والإيمان ,و أنّ القوم يرون كلّ المعاصي هي حكم بغير ما أنزل الله , فردّ عليهم ابن عبّاس رضي الله عنهم ,بقولته "كفر دون كفر" ,خلال مناظرتهم لهم , بعد أن رفعوا المصاحف وقالوا حكّمتم الرّجال ,إشارة إلى قضيّة التّحكيم المشهورة ,حقنا لدماء المسلمين خلال الحرب والخلاف الّذي وقع بين عليّ رضي الله عنه ,وبين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه , وكان الحاكمان هما ,أبو موسى الأشعري من طرف عليّ رضي الله عنه ,وعمروا بن العاص من طرف ,معاوية بن أبي سفيان ,فكانت تلك القولة منه رضي الله عنه ,في معرض نقاشه لهم حول مسألة الحكم بما أنزل الله ,وأنّ المعاصي والكبائر ,الذين أدخلها الخوارج في معنى الآية ,هو كفر لا ينقل عن الملّة ,إنّما هو "كفر دون كفر",والرّواية المذكورة في مستدرك الحاكم تشير بأنّ الكلام كان موجّها لفئة معيّنة ,وليس تفسيرا للآية الكريمة "ليس بالكفر الذي يذهبون إليه ,إنّه كفر لا ينقل عن الملّة"


هذا هو فهم الخوارج للآية الكريمة ,والذين يريدون تنزيل مقولة ابن عبّاس رضي الله عنهما ,الّتي كانت في معرض ردّه على الفهم السّقيم للخوارج لمسألة الحكم بما أنزل الله ,حقيقة أمره أنّه يلبّس على النّاس أمر دينهم خذمة لبدعته ,فلا ابن عبّاس رضي الله عنه ,قال ما قاله وهو يعني المبدّلين لشرع الله ,المحكّمين للقوانين الوضعية ,المتحاكمين للشرائع الطّاغوتية ,ولا الخوارج كذلك استدلّوا له بتلك الآية الكريمة وهم يقصدون الحكم بغير ما أنزل الله بمعنى التّبديل والتّشريع من دون الله ,و إلاّ لاستدلّوا له رضي الله عنه بآيات لا تحتمل صرفا و لا تأويلا كقوله تعالى
"أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " , فالّذي يشرّع من دون الله ,فقد زعم لنفسه الحقّ في إحدى خصائص الملك ,وهي الحكم والتّشريع والتّحليل والتّحريم ,فلا أحد غير الله يملك هذا الحقّ ,ومن اعترف لغير الله بهذا الحقّ ,فقد اتّخده ربّا من دون الله ,وأشركه مع الله في الحكم ,قال الله تعالى "ولا يشرك في حكمه أحدا", فلا فرق بين من يشرك بالله في عبادة الأصنام والإستغاثة بالجنّ ,وبين من يطلب الرّزق من الأموات ,وبين من يتخذ نظام حياته بكلّ تفاصيله ,وقدّه وقديده من غير الله ,لا فرق بينهما في العبادة ,ولا فرق بينهما في الشّرك ,فكلاهما مشرك ,وقد يكون الذي يطيع غير الله في أمور الحياة ,ويتخذ من تلك النظم التي شرّعها الطاغوت منهجا في الحياة ونظاما يجب أن يُتّبع ,ولا يتبرّء من واضعيها ومنها ,ويعتزلها ,فهو أكثر شركا ممّن تقتصر عبادته على طلب الرّزق من غير الله , أو يسجد لصنم ,أو لحجر , لأنّ شرك الحاكمية يتعدّى ضرره إلى سواه من النّاس والمجتمع ,وما جائت الشّريعة إلاّ لحفظ دين الله وعقيدة النّاس الصّحيحة ,وحفظ العقل واجتناب العبث به ,وحفظ النّفس الّتي صارت تزهق كلّ يوم ,وتحت أعين الطّاغوت وبمباركته ,وحفظ المال ,الّتي جاءت الشرائع الطّاغوتية لتأكل اموال النّاس بالباطل تحت نظم ربوية ,ولحفظ العرض الذي صار أرخص من بعض المواد التّجميلية

بل إنّ مسألة استبدال شريعة الله بقوانين الإفرنج , ومسألة تشريع القوانين المضاهية لشرع الله ,والّتي يجادل عنها علماء السّلطان ,لم تعرف في زمن الصّحابة رضي الله عنهم ,ولا في عهد التّابعين ولا من جاء بعدهم ,و إنّما عرفت في زمن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ,بعد مرور حوالي سبع قرون من بعثة المصطفى ,عليه الصّلاة والسّلام ,أثناء حكم التّتار ,والذي قام ملكهم جنكيزخان بجمع شرائع شتّى ,من اليهودية والنّصرانية ,والدّين الإسلامي الحنيف , في كتاب سمّاه الياسق ,وأراد حكم النّاس بذلك ,بدل شرع الله وحده

والذين ينزلون تلك المقولة ,لحبر الأمة ابن عبّاس رضي الله عنهما , على واقع اليوم ,حقيقة أمرهم أنّهم يتّهمونه رضي الله عنه بتبديل شرع الله ,وبالتّحاكم الى قانون الطّاغوت ,وبالتّشريع من دون الله ,وتقمّص خصائص الربّ ,في التّحليل والتّحريم ,والأمر والنّهي

وقوله تعالى " وإن أطعتموهم إنّكم لمشركون " ,فطاعة الذين يشرّعون من دون الله ,ويحرّمون الحلال ,ويحلّون الحرام ,شرك وكفر والعياذ بالله ,فلا أحد يملك أن يعبّد النّاس ويخضعهم لقوانينه ,بل لا يجوز الإعتراف للطاغوت بهذا الحقّ ,ومن يفعل ذلك فهو مشرك كافر , لأنّ الأمر كلّه لله ,وإشراك غير الله في الأمر ,هو الشّرك الذي لا تنفع معه طاعة ,قال الله تعالى "قل إنّ الأمر كلّه لله " والقبول بشرع مستمدّ من طاغوت هو ,اتّخاذ ذلك الطّاغوت ندّا لله في الأمر والنّهي

وقوله تعالى "فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدون في أنفسهم حرجا ممّا قضيت ويسلّموا تسليما " ,هذه الآية تردّ بقوّة على من اعرض عن حكم الله ,وتركه ليحّم الطّاغوت في شؤون حياته ,ولو في مرّة واحدة ,فهو كافر كفر لا ينفع معه إيمان


وقوله تعالى "فإن تنازعتم في شيئ فردّوه إلى الله والرّسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " فعدم ردّ الأمر إلى الله ورسوله في أيّ شيئ من شؤون الحياة ,هو كفر أكبر مخرج من الملّة ,وهو نفي لأصل الإيمان

وقوله تعالى "اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " فكانت الرّبوبية عند بني إسرائيل ,طاعة الرّهبان والعلماء في ما يعلمون أنّه خلاف لما أنزل الله .اتخذوهم أربابا بمجرّد طاعتهم طاعة مطلقة ,فكيف بمن بدّل شرع الله ,وشرّع من دون الله ! أليس أحقّ بالكفر ممّن أطاع تلك القوانين الكفريّة المبدّلة !!

فالخوارج اشتُهر عنهم تكفير الحكّام والخروج عليهم ,بمجرّد اقترافهم للمعاصي ,من غير استحلال لها ,ومن غير تبديل شرع الله مناط كفر اليهود , ومن غير استيراد قوانين وضعية من اليهود والنّصارى ,ومن غير تحاكمهم لقوانين الطّاغوت , بل لم يعرف ذلك في زمن ظهورهم ,ولا في عهد حكم الأمويّين والعبّاسيين ,بل كفّروا الحكّام فقط لجورهم وظلمهم للعباد ,كالحجّاج وغيرهم من أمراء بني أميّة وبني العبّاس , والحجّاج رغم ظلمه وجوره ,إلاّ أنه لم يُعرف عنه أنّه بدّل شرع الله ,أو اتّخذ من نفسه ندّا لله في الحكم , ولم يعطّل حكم الجهاد ,بل كان مجاهدا ,وصلت جيوشه إلى الهند والسّند , ولم يُعرف عنه أنّه كان يوالي الفرس والمجوس ,أو اليهود والنّصارى ,بل كان ولاؤه لله وحده ,ولم يُعرف عنه أنّه سمح وكرّم من يستهزئ بدين الله ,تحت إسم حرّية التّعبير , ومع ذلك فقد كفّره كبار علماء زمانه , وليس كما تدّعي مرجئة العصر ,وتحتجّ بظلم الحجّاج ,وعدم تكفير السّلف له ,ومن الأعلام الذين كفّروه ,سعيد بن جبير ,والنّخعي ,ومجاهد تلميذ ابن عبّاس رضي الله عنهما ,وطاووس الذي روى حديث ابن عبّاس ,الذي يحتجّ به المرجئة ,في عدم تكفير من بدّل شرع الله ,وكذلك ممّن كفّره الشّعبي ,فأينهم من هذه الفريّة ,وهذا البهتان ,وهذا التّدليس الذي ليس بعده تدليس

وعلى افتراض ,أنّه لا يوجد من السّلف من كفّر الحجّاج رغم ظلمه وجوره ,فاستدلالهم خارج عن موضع الخصومة ,فخصومتنا في من بدّل شرع الله ,أو شرّع من دون الله ,أو تحاكم إلى قوانين وضعية ,أو أعرض عن الحكم بما أنزل الله ,وليس في من ظلم وجار مع حكمه بما أنزل الله ,من غير أن يتّخذ نظاما له في الحياة ,مستمدّ من غير الله .

لذلك كانوا يحتجّون على من ظلم أو اقترف معصية ,بالآية الكريمة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الكافرون ", وكانوا بالفعل مخطؤون في استدلالهم هذا ,وبالفعل كانت قولة ابن عبّاس "كفر دون كفر ", التي قالها خلال مناظرته لهم ,موافقة لعقيدة أهل السنّة والجماعة ,في عدم تكفير من ظلم ,أو ارتكب معصية وذنبا دون الكفر ,وقد رجع منهم خلق كثير ببركة حجج ابن عبّاس رضي الله عنهما






الأدلّة التي تردّ القول المنسوب الى ابن عبّاس من كلام الله

القول انّ الكفر المذكور في ايات المائدة هو الكفر الاصغر , بالقول المنسوب لحبر الامّة ابن عبّاس رضي الله عنهما ,فيردّون كلام الله بهذا الاثر الضعيف,وهو اتّهام لكلام الله بالتناقض ,وعدم الفصاحة وقوة البيان ,وهذه هي طريقة اهل الزيغ والضلال في تأويل النصوص القطعية الدلالة الى ما تهواه انفسهم ذياذا عن حياض الطواغيت واسيادهم المرتدّين .

قال الله تعالى
"ياأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا امنّا بافواههم ولم تؤمن قلوبهم ,ومن الذين هادوا سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم اخرين لم يأتوك ,يحرّفون الكلم عن مواضعه ,يقولون ان أوتيتم هذا فخذوه وان لم تأتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته ,فلن تملك من الله شيئا ,اولائك الذين لم يرد الله ان يطهّر قلوبهم ,لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم ,سمّاعون للكذب أكّالون للسحت ,فإن جاؤوك فاحكم بينهم بما انزل الله



وكما يتبيّن من سياق هذه الايات الكريمات ,فهي تعني الذين يسارعون في الكفر ,فهو ليس كفر مجرد ,بل هي في الذين يسارعون في الكفر ,اي كفرهم لا جدال فيه

قال سيّد قطب رحمه في كتاب الظلال في المجلد الثاني الصفحة 888
"انّ المسالة في هذا كلّه مسألة ايمان او كفر ,وإسلام او جاهلية ,وشرع او هوى ,وأنه لا وسط في هذا الامر,ولا هدنة ولا صلح ,فالمؤمنون هم الذين يحكمون بما أنزل الله ولا يبدّلون منه شيئا ,والكافرون والظالمون والفاسقون ,هم الذين لا يحكمون بما انزل الله "


فإمّا ان نكون في معسكر الايمان ,نذوذ عن دين الله بأرواحنا ,ولانرضى قبول سلطان يحكمنا غير الله , فنحكم بما انزل الله ,ونرفض الإذعان لحكم الطاغوت ,فنكون مؤمنين .وإمّا ان نكون في معسكر الشّرك ,فنكون كافرين ,معرضين عن دين الله ,نحكم بقوانين الطاغوت ,ونخضع له ونذلّ له ,فنخسر الدنيا والاخرة ,فالمسألة لا تحتمل انصاف الحلول ,ولا تلتقي مبادئ الإسلام السامية ,بنجس الأنظمة الجاهلية ,فإمّا اسلام وإمّا جاهلية ,إمّا شرع الله ,وإمّا هوى الطاغوت ,إمّا ان نركن الى حكم الله ,وإمّا ان نغرق في مستنقع الظلم والطغيان .قال الله تعالى
"فماذا بعد الحق الاّ الضلال فأنّى تصرفون ".لا يوجد الاّ حق واحد وهو في شرع الله ,وما سواه فهو باطل وضلال وظلمات وغيّ وكفر وطغيان ,وان تعدّدت صور هذا الظلم والكفر ,فهو شيئ واحد ,وهو كل ما يخالف شرع الله ,سواء كان متمثلا في نظام ,او في منهج للحياة ,او تصور إعتقادي ,فهو الشرك والظلم الذي جاء الأسلام ليطهّر الناس من قيئه وقذارته ,وإن حال بين الفئة المؤمنة والكافرة ,ثلثة من الذين يسترزقون ويتنفعون بذلك الشرك والظلم ,فلن تنتهي بذلك المعركة الحاسمة بين الحق والباطل ,بين الشرك والكفر ,بين الغيّ والرّشد.

وهؤلاء الذين يسارعون في الكفر ,ما كان ذلك ليقع ,لولا فساد اعتقادهم الذي يدلّ على نفاقهم القلبي .قول الله تعالى "من الذين قالوا امنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " فهل يقال للذين امنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ,انّ كفرهم كفر اصغر ؟ قال الله تعالى "ألم تر الى الذين يزعمون انّهم امنوا بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا ان يكفروا به ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيدا " هؤلاء منافقون ,نفاقا اعتقاديا ,بدليل انّهم صرّحوا بالايمان بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ,فتحاكموا الى الطاغوت ,اي الى قوانين الكفر والالحاد والجاهلية ,ويزعمون انّهم مؤمنون ,وقد كذّب الله زعمهم هذا .قال الله تعالى في الذين يدّعون الايمان بأفواههم وتكذب اعمالهم إيمانهم المزعوم "ويقولون امنّا بالله وبالرّسول وأطعنا ثم يتولّى فريق من بعد ذلك وما أولائك بالمؤمنين" نفي لحقيقة الايمان بسبب تولّيهم عن الخضوع والإذعان لشرع الله

وقال الله تعالى "ومن الذين هادوا سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم اخرين " فهل يقال عن اليهود كفرهم كفر اصغر ؟ وهل يصحّ ان يقول ابن عبّاس رضي الله عنه ,انّ كفرهم كفر دون كفر ! وهذه الاية نزلت في اليهود ,فيا عجبي من الذين يؤولون كفر التولي والخضوع لشرع الله بالكفر الاصغر ,والاية تنطق بخلاق ما يقولون.

قال الله تعالى "يحرّفون الكلم عن مواضعه يقولون ان أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تُأتوهُ فاحذروا " هذه هي خصال اليهود ,يأخذون ما تهواه قلوبهم ,ويعرضون عن ما يخالف أهوائهم ومصالحهم العقلية ,فيحكمون بشرائع الظلم والكفر ,ويعرضون عن حكم الله ,المشتمل على كل خير ,النّاهي عن كلّ شر

قال الله تعالى في سياق هذه الايات الكريمات "ومن يُرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ,اولائك الذين لم يُرد الله ان يطهّر قلوبهم, لهم في الدّنيا خزي وفي الاخرة عذاب عظيم " فهل يقال عن الذين يريد الله فتنته ,يكون كفره كفر أصغر ؟ هل الذي يقول الله فيهم "فلن تملك له من الله شيئا " يكون كفرهم كفر أصغر ,ويكون فعلهم هذا مجرّدُ كبيرة من الكبائر ,يغفرها الله ان شاء ! وهل الذين لم يُرد الله ان يطهّر قلوبهم ولهم في الدّنيا خزي وفي الاخرة عذاب عظيم ,يكون كل هذا الوعيد والتهديد الشّديد ,في من ارتكب كبيرة من الكبائر ؟ فصاحب الكبيرة مهما عظمت كبيرته ,فهو تحت المشيئة ,ولا يقال في حقّه اولائك الذين لم يرد الله ان يطهّر قلوبهم ,"لهم في الدّنيا خزي وفي الاخرة عذاب عظيم" فالذين خسروا الدّنيا والاخرة لا يكون كفرهم كفر أصغر ,بل هو كفر اكبر ."وكيف يحكّمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ,ثم يتولّون من بعد ذلك وما أولائك بالمؤمنين " هل هؤلاء الذين لا يرضون تحكيم شرع الله ,يكون كفرهم كفر اصغر ,هل هؤلاء الذين يعرضون عن حكم الله يكونون مؤمنين ,قال الله تعالى "فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا ممّا قضيت ويسلّموا تسليما " نفي لحقيقة الايمان ,وصحّته بسبب الاعراض عن التّحاكم الى شرع الله ,والتّسابق الى قوانين الكفر والطغيان ,هلبعد هذا التأكيد الشّديد من الحق سبحانه وتعالى ,تبقى ادنى شبهة في كفر من اعرض عن الحكم بما أنزل الله ؟,بل تحاكم الى الطاغوت , بل طارد وشرّد من طالب بتحكيم شرع الله ,بل شرّع من دون الله ,وبدّل حكم الله بقوانين رخيصة ,يكون كفره كفر اصغر ,وقد ارتكب كبيرة من الكبائر !. قال الله تعالى في موضع اخر ,مبيّنا كفر من ردّ الامر عند الاختلاف والتنازع الى غير شرع الله "فإن تنازعتم في شيئ فردّوه الى الله والرّسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر " فالرّد الى الله والرّسول عند التنازع ,في ايّ شيئ من امور الحياة ,هو من موجبات الإيمان ,والجملة شرطية ,تفيد انتفاء المشروط وهو الايمان بالله واليوم الاخر ,عند انتفاء الشّرط ,وهو ردّ الامر الى الله والرّسول ,ضرورة انتفاء اللازم عند انتفاء الملزوم.

ويزيد الله سبحانه وتعالى تقرير مسـألة الحاكمية ,وكونها أصل من أصول الايمان ,وعقيدة مارسها الانبياء والرّسل والعلماء الربّانيون العاملون ,الصّادعون بالحق ,الرّافضون الخنوع والاستسلام الجبان لنفوذ الطاغوت ,وهيلمانه ,وسلطانه الزائف ,وألوهيتة الواهية ,وأنّ الحكم بشريعة الله ,هو التّرجمة العملية لذلك الإعتقاد الرّاسخ في القلب ,وأنّ عدم الحكم بما انزل الله ,والإعراض عنه ,هو الكفر الاكبر ,الذي لا يحتمل صرفا ولا تأويلا .قال الله تعالى "انّا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ,يحكم بها النبيّون الّذين أسلموا للّذين هادوا والربّانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله ,وكانوا عليه شهداء,فلا تخشوا النّاس واخشون ,ولا تشتروا بايات الله ثمنا قليلا ,ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الكافرون " هذه هي صفات أهل الحق ,وأهل النور,العاملين بما على أعناقهم من أمانة التبليغ والحكم بما أنزل الله .فما أنزل الله التوراة الاّ ليحكم بها الأنبياء والرّسل ,والعلماء الربّانيون ,هؤلاء العلماء هم حقّا ورثة الأنبياء ,وقفوا في وجه الباطل بكل شجاعة ,صدعوا بالحق ,وبلّغوا أمانة ما عندهم من علم منّ الله به عليهم ,وكانوا عليه شهداء ,لا يخشون النّاس في قول الحقّ, لا يلبّسون على النّاس دينهم ,طلبا للدّنيا ومتاعها الزائف, زاهدين فيها ,وفي متاعها الذي لا يساوي عند الله جناح بعوضة ,لم يشتروا بايات الله ثمنا قليلا ,زهيدا ,رخيصا ,لم يكونوا عونا للطاغوت في حربه على الإسلام ,ولم يكونوا له بوقا ,يكتمون الحقّ ويجهرون بالباطل إرضاءا للطاغوت ,رهبة أو رغبة .هذه هي صفات العلماء الربّانيون ,لم تغرهم الدنيا وزينتها ومتاعها الفاجر ,فهم يعلمون أن الحكم بما أنزل الله هو منهج الأنبياء وضريبة الإنتماء لمعسكر الإيمان ,فريق أهل الحق ,حزب الله الذي لا يهاب ما عند الطاغوت من قوّة مادّية ,وأنهم هم المنتصرون في النّهاية بما معهم من إيمان واستعلاء على أهل الباطل وأنصاره .أمّا الذين استخذموا علمهم في خذمة الطاغوت ,رهبة منهم ومن بطشه ونكايته بأهل التّوحيد ,او رغبة منهم ممّا عند الطاغوت من زينة ومتاع ولذة ولهو,فكتموا الحقّ الذي يؤمنون به في قلوبهم ,ورضوا أن يكونوا عونا له في تلبيس الحقّ وتلميع الباطل ,وصدّ النّاس عن اتّباع الحقّ ,ووصف تلك الثلة المؤمنة التي رفضت ان تعبد الطاغوت ,وتخضع له ,بالخوارج وغيرها من صفات مقيتة ,طلبا لما عند الطاغوت من متاع ,او رهبة ممّا عنده من جبروت .فكانوا عكس تلك العصبة المؤمنة ,تلك الثلة الطاهرة الملقاة في السّجون ,أو الّتي زهقت ارواحهم النقيّة في سبيل الله ,أو التي شرّدت في الأرض ولم يخفها بطش الطاغوت ,فلم يخافوا النّاس وحكموا بما أنزل الله , فكانوا له عابدين ,مستسلمين له ,مقرّين له بحقّ الملك في الأرض ,كما له حقّ الملك في السّماء ,قال الله تعالى "وهو الذي في السّماء إلاه وفي الأرض إلاه " فكان إقرارهم له بحقّ الطّاعة والتلقّي منه وحده ,عبادة يتقربون بها إلى الله ,وكان رفضهم لشرائع الطاغوت ,والكفر بها ,ومن عابديها وواضعيها ,ومحكّميها , والبراءة منهم ,واعتزالهم ,عبادة من اجلّ العبادات . أمّا هؤلاء الرّاضين بحكم الطاغوت ,والمدافعين عنه ,وعن قوانينه السّخيفة ,كافرون ,ظالمون ,فاسقون ,قال الله تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الكافرون "


قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
"سيّد الشهداء حمزة ,ورجل قام الى سلطان جائر فامره ونهاه ,فقتله فدخل الجنّة " هذا هو مقام العلماء الصّادعين بالحقّ ,مع حمزة بن عبد المطلّب ,سيّد الشهداء في الجنّة ,وهذا تكريم من الله لهذه الفئة الطاهرة النقيّة التي باعت أرواحها رخيصة لله ,تبتغي ما عنده ,من جنان وحور حسان ,وقصور من اللؤلؤ والمرجان ,ذلك جزاء الإحسان .هذه الثلّة المؤمنة التي رفضت أن تكون أداة في يد الطاغوت يحركّها متى يشاء ,ليسكت بها الأصوات التي تطالب بتحكيم شرع الله ,وتدلّس على النّاس ,وتلبّس عليهم امور دينهم خذمة لأغراض الطاغوت الخسيسة ,مقابل ما يلقى لهم من فتات يقتاتون به كالكلاب المسعورة الجائعة ,يخرصون به إلحاح شهواتهم الدنيوية الهابطة ,فتجد هؤلاء العملاء ,يفتون من مكاتب مكيّفة ,ويطعنون في المجاهدين المحاربين لدولة الطاغوت ,بأنهم خوارج ,مرقة يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرميّة ,وأنهم كلاب أهل النّار ,فيُهيّجون العوام عليهم ,بتلك الفتاوى المسمومة ,خذمة جليلة للطاغوت .فيُؤلون النّصوص الشّرعية التي تدين من حكم بغير ما أنزل الله ,فيصرفونها عن ظاهرها بحديث ضعيف ,منسوب لحبر الأمة ابن عبّاس رضي الله عنهما ,فيتركون عشرات النّصوص التي تبين مراد الله من تلك الأحكام التي أطلقها في موضع ,فيُعرضون عن باقي النّضوض التي تبين المراد ,ويحتجّون بحديث ضعيف منسوب لرجل من الرّجال ,مخالف لعشرات النّصوص !!!

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز,ذامّا ومُحقّرا كل من أخلد الى الأرض واتّبع هواه ,ورضي بمتاعها القليل ,واصفا إيّاه بالكلب,بأخسّ وأحطّ وأحقر خلق الله "واتلُ عليهم نبأ الذي اتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ,ولو شئنا لرفعناه بها ,ولكنّه أخلد إلى الأرض واتّبع هواه ,فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث" كان في القمّة السّامقة ,إذا دعى استُحيب له ,وكان عابدا عالما ,ذو مكانة رفيعة بين قومه ,فاتّبع هواه الذي كان مع قومه وعشيرته وأهله ,فناصرهم على المؤمنين بالدّعاء ,وظاهرهم عليهم بدعائه ,فخنس وجُرّد ممّا عنده من إسم أعظم ,فكفر بذلك ,ولم ينفعه علمه ولم تنفعه عبادته والسّنين التي قضاها في ذلك ,فمثله كالكلب إن تحمل عليه يلهث ,أو تتركه يلهث ,وهذا شأن العلماء المرقّعين لأهل الباطل ,المناصرين لهم بالفتاوى والردّ على أصحاب الحقّ ,طلبا لعرض من الدّنيا زائل ,قال الله تعالى محذرا من هذا الصّنف الخبيث الذي يقتات بالتقرّب للطاغوت "ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا "


قال الله تعالى
"وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدّقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله " الحكم بشريعة الله منهج كلّ الأنبياء والرّسل ,لأنّه الفاصل بين الأيمان والكفر ,بين الحقّ والضلال ,بين منهج الرّحمان ومنهج الشيطان ,بين أولياء الله وأولياء الشّيطان.جاء القرآن ليقرّر هذه الحقيقة بكل وضوح ,وليكون الحكم بما أنزل الله هو المفرق بين من يكون على دين الله ,وبين من يدّعي ذلك بلسانه وهو في الحقيقة كاذب مخادع ,لأنّ حقيقة فعله تؤكد على كفره وتنفي عنه ما ادّعاه من إيمان .قال الله تعالى "ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر " فأفعالهم وأقوالهم الكفرية تشهد عليهم وتدلّ على فساد اعتقادهم ,وعلى باطلهم الذي يجرّونه وراءهم .لأنّ الحكم بما أنزل الله هو الإيمان ,والحكم بشريعة الطاغوت هو إيمان بالطاغوت ,وبالتّالي هو الكفر الذي لا يجتمع مع الإيمان في قلب امرء أبدا.

قال الله تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الظالمون " هؤلاء الذين لا يحكمون بما أنزل الله هم ظالمون الظلم الأكبر ,الذي يرادف الكفر الأكبر ,قال الله تعالى "والكافرون هم الظالمون " هم ظالمون بشركهم آلهة زائفة , وطواغيت مع الله في سلطانه وحكمه ,وخصائصه ,وربوبيته ,هم ظالمون اشدّ الظلم ,وقد نصبّوا أنفسهم أندادا لله ,فيشرّعون أو يبدّلون حكم الله ,او يعرضون عنه ويخضعون في المقابل لحكم الطاغوت ,يتحاكمون إليه ويقدّمونه على ما قال الله ورسوله .وليس هناك ظلما اكبر من هذا التعدّي على حقوق الله وسلطانه .لأنّ حقيقة الظلم وغايته هو الشرك بالله ,قال الله تعالى "إنّ الشّرك لظلم عظيم " أكبر ظلم هو أن تجعل لله ندّا وقد خلقك ,وقد أنعم عليك بالحياة ,وبكثير من النّعم . وقال تعالى "فأولائك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون"


أمّا الذين يفسرون الظلم هنا بالظلم الأصغر ,فهم واهمون ,أو جاهلون بأحكام الشريعة ,فيؤولون الألفاظ الشرعية بحسب مقاصدهم ومآربهم وبدعتهم ,والأولى حمل ألفاظ القرآن على عرفه الشرعي ,فيكون اللفظ الشرعي إن أُطلق يبقى على ظاهره ,ولا يصرف المعنى عن ظاهره إلاّ بقرينة شرعية تدلّ على ذلك ,وفي غيابها يبقى المعنى على ظاهره ,لأنّ خلاف هذا هو عين الكذب والإفتراء على الله ,وتقويله ما لم يقله

قال الله تعالى
"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الفاسقون " والفسق هنا أيضا يعني الفسق الأكبر,أي الفسق المرادف للكفر ,قال الله تعالى في بيان أن الكافر فاسق فسقا أكبر "ولقد أنزلنا إليك آيات بيّنات وما يكفر بها إلاّ الفاسقون " وقال تعالى في شأن الكافر"فمن تولّى بعد ذلك فأولائك هم الفاسقون" وقال تعالى "ومن كفر بعد ذلك فأولائك هم الفاسقون " وقال تعالى في شأن المنافق"المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم ,إنّ المنافقين هم الفاسقون" فالمنافق لا يختلف في كفره أحد ,وقد وصفه الله عزّ و جلّ بالفاسق ,وهو ما يؤكّد أنّ الألفاظ الشرعية إذا أطلقت فإنّها لا تحتمل إلاّ حقيقتها و أصلها .فالشّارع لم يعتد على استخذام لفظ الكفر للدّلالة على المعصية أو الكبيرة , ليحتج ّ بذلك من لا يرون كفر من يبدّل ويشرّع قوانين وضعية ,ويتّخد من نفسه ندّا لله في التشريع والتّحليل والتّحريم . و إنّما استخذم هذا اللفظ الشرعي في كلّ النّصوص للدّلالة على الكفر الأكبر المخرج من الملّة. و لا يعرف الكفر الأصغر إلاّ بقرينة شرعية تدلّ عليه من كلام الله او من كلام رسوله

والله سبحانه يعبّر عن الكفر بالفاظ مختلفة ,كلفظ الظلم ولفظ الفسق ولفظ الكفر ,ولا فرق بينهم في المعنى إن جاءت مطلقة ,لا سيما أنّ سبب النزّول واحد ,وهي في من بدّل شرع الله ,وتحاكم إلى قوانين الكفر,فالذين حكموا بغير ما أنزل الله هم كافرون,لاغتصابهم أحد حقوق الله ,وادّعائهم حقّ التّشريع ,الذي هو أحد خصائص الله ,الذي يرتبط بملكه ,قال الله تعالى "ألا له الخلق والأمر" وقال تعالى "وهو الذي في السّماء إلاه وفي الأرض إلاه ", فألوهيته ينبغي الإعتراف له بها في السّماء والأرض ,وممارستها على الواقع ,بالخضوع له وحده ,ونفي الألوهية عن غيره ,والكفر بها ,والبراءة من العابدين لغير الله. و هم ظالمون لظلمهم حقّ الله في الحكم وأن يكون النّاس على شريعته في نظام حياتهم ,وهم بحكمهم بغير شريعة الله يظلمون حقّ النّاس في كرامتهم ,ويجرّدونهم من إنسانيتهم ليكونوا كالقطيع تابعين لهم ,فينشرون الرّذيلة والفسق والفجور ,كما هو حاصل في جلّ بلدان العالم ,إن لم يكن كلّها ,ويزهقون أرواح الكثير من الأبرياء ,بقوانينهم الجائرة المستبدّة ,ويهتكون أعراضهم ويبيحون كل أنواع الفساد الخلقي , ويشجّعون على الإلحاد وقول الكفر والإستهزاء بدين الله ,تحت إسم حرّية التّعبير ,وفي المقابل يلقون شباب التّوحيد في السّجون والمعتقلات ,ويشنّعون عليهم ,ويصفونهم بأبشع الصّفات ,إنتقاما لمذابهم وعقائدهم الكفريّة ,والله المستعان ,فتصبح هذه المجتمعات التي تحكم بشريعة الغاب , ماخور يعجّ بكل أنواع الشذوذ الفكري والأخلاقي ,وطابور يقف وراءه كلّ من يستمدّ منهج حياته من وحي الشيطان ,إلاّ من رحم ربّي. وهم فاسقون ,فسقا أكبر لا ينتطح فيه عنزان , لكون كفرهم المتمثل في تبديل شرع الله ,لا يصدر إلاّ من نفوس كريهة خبيثة ,تمرّدت على سلطان الله وجبروته ,ورضيت العيش تحت سلطان الطواغيت ,وتحت آلهة زائفة

فإذا أطلق الكفر أو الظلم ,أو الفسق ,أو الشّرك ,أو الخسران ,أو الموالاة ,أو الرّكون ,أو الفلاح ,أو غير ذلك من الألفاظ الشّرعية ,فهي لا تحتمل إلاّ الكامل منها ,أي حقيقتها و أصلها ,ما لم يأتي نصّ يقيّد ذلك المطلق إلى معنى محدّد مقيّد.والنّصوص التي ذكرناها تبقى على ظاهرها ,وعلى عرف الشّارع في استخذام لفظ الكفر والظلم والفسق والخسران ,لغياب نصوص أخرى تقيّدها ,أو تصرفها عن ظاهرها , ويستحيل أن يكون الحديث المنسوب إلى ابن عبّاس ,إن صحّ هذا الحديث ,صالح لتأويل كلام الله ,أو صرفه عن ظاهره


2سبب نزول آيات المائدة


للأسف مرجئة العصر ,أهل الأهواء و الإرجاء ,تعلّقوا بحديث ضعيف منسوب لحبر الأمة ,ابن عبّاس رضي الله عنهما ,وتجاهلوا بقيّة النّصوص الشرعية في كفر من بدّل شرع الله ,وهذه هي طريقة أهل الأهواء والبدع في تعاملهم مع النّصوص ,يأخذون ما يوافق هواهم ,ويعرضون ,ويغضّون الطرف عن النّصوص التي تكشف ضلالهم وبدعتهم ,والعجيب أنّهم لا يرون من النّصوص التي تصرّح بكفر الحاكم المبدّل لشرع الله ,إلاّ الآية الكريمة
"ومن لم يحكم بما أنزل لله فأولائك هم الكافرون " مع أنّ النّصوص التي تصرّح بكفر من بدّل شرع الله ,كثيرة سواء في كتاب الله ,أو في سنّة رسوله الكريم ,وكلّها قطعية الدّلالة في كفر من أعرض عن الحكم بما أنزل الله ,وحكم بقانون الطّاغوت .قال الله تعالى "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهات ,فأمّا الذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ,والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به كلّ من عند ربّنا " يصف الله الذين يتركون المحكم ,ويتهافتون على المتشابه ,بأنّ في قلوبهم زيغ ,وأنّ عملهم هذا هو إرادة منهم للفتنة ,فما بالك إذا كانت الآية الكريمة ليست من المتشابهات ,بل هي من أحكم المحكمات ,ومن أقوى القطعيات في بيان ردّة من بدّل شرع الله ,واعرض عنه إلى قوانين الكفر والطغيان.

وعلى افتراض أنّ هذه الآية متشابهة ,أليس الأولى ردّ المتشابه إلى المحكم ! كما هي طريقة أهل السنّة والجماعة في تعاملهم مع النّصوص الشرعية ,

و مزيدا في استئصال شبه القوم ,سنعرض سبب نزول آيات المائدة الّتي صرّحت بكفر من بدّل شرع الله ,ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من يحيى عن بيّنة .

أفرد الشيخان ,عن مالك عن نافع عن ابن عمر ,أنّ اليهود جاؤوا إلى رسول الله صلّى الله عليم وسلّم ,فذكروا له أنّ رجلا منهم وامرأة زنيا ,فقال لهم رسول الله "ما تجدون في التّوراة في شأن الرّجل " قالوا ,نفضحهم ويجلدون ,قال عبد الله بن سلام ,كذبتم ,إنّ فيها الرجم ,فأتوا بالتّوراة ,فنشروها ,فوضع أحدهم يده على آية الرّجم ,فقرأ ما قبلها وما بعدها ,فقال له عبد الله بن سلام ,إرفع يدك ,فرفع يده فإذا آية الرّجم ,فأمر بهما رسول الله فرُجما,فرأيت الرّجل ينحني على المرأة يقيها الحجارة.هذه الرّواية الموجودة في الصّحيحين ,فيها من الفوائد الشيئ الكثير ,فاليهود لم يعتقدوا صحّة القانون الذي بدّلوه من عند أنفسهم ,بل هم لا يزالون يعلمون ويعتقدون أنّ الحكم الموجود في التّوراة هو الذي من عند الله ,وهذا ردّ على الذين يشترطون الإعتقاد القلبي ,أو الإستحلال القلبي لتكفير من بدّل شرع الله ,بل إنّ حكم الله لم يحذف من التّوراة ,قال عبد الله بن سلام ,وهو من كبار علماء اليهود "إرفع يدك ", فرفع يده فإذا آية الرّجم . قال الله تعالى "كيف يحكّمونك وعندهم التّوراة فيها حكم الله "فحكم الله لم يحذف من التّوراة ,ولم يعتقدوا أنّ الحكم المبدّل هو من عند الله ,بل كانوا على يقين أنّ الحكم المبدّل هو من عند أنفسهم ,وهذا دليل على انتفاء الإعتقاد باستحلال الجلد ,بل قلوبهم على يقين أنّ حكم الله هو الحقّ ,و أنّ ما أقدموا عليه من تبديل لحكم الله ,هو باطل ولم يعتقدوا صحّته أو حرمة الحكم بالرّجم .وستأتي في باقي الرّوايات ما يؤكّد هذا المعنى

وقد أخطأ في هذا الأمر خلق كثير ,ومنهم علماء كبار في عصرنا هذا ,فاشترطوا لتكفير المبدّل أن يكون مستحلاّ له,وهذا خلاف النصّ الشّرعي ,وخلاف سبب نزول آيات المائدة ,كما رأينا ,فالمبدّل لشرع الله كافر , بل طاغوت من أشدّ الطغاة تجبرّا وعنادا لله ,لتقمصّه خصائص الربّ عزّ و جلّ ,قال الله تعالى "إن الحكم إلاّ لله أمر ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه " وقال تعالى أيضا في موضع آخر من كتابه العزيز "ولا يشرك في حكمه أحدا"وسمّى الله تعالى المبدّل لشرع الله طاغوتا "ألم تر إلى الذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ,يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به " فلا ينفعه تقمّص خصائص وصفات الله ,ويعتقد بعد ذلك أنّه ظالم فيما أقدم عليه ,والذي يقول بهذا ,كمن يتصّور وجود من يدعوا النّاس لعبادته ,ويقول بعدها أنّه ظالم وغير مستحلّ لذلك ,وهذا من أغرب ما قالته مرجئة العصر ,لأنّهم لا يفرّقون بين الذنب المكفّر والذنب الغير المكفّر ,فيشترطون الإستحلال للتكفير في كلّ الذنوب,سواء كانت معاصي وكبائر ,أو النّواقض العمليّة ,التّي دلّت الشريعة على كفر مرتكبيها,فجعلوا من يشرّع ويتقمصّ خصائص الربّ عزّ و جلّ ,ويتّخذ من نفسه الدنيئة ندّا لله في التّحليل والتّحريم ,كمن يشرب الخمر أو يزني ,أو يسرق !! وهذه من طوام القوم العجيبة التي تصدّى له ,مجموعة من العلماء الموحّدين, الصّادعين بالحقّ .قال الشيخ أبو بصير في ردّه على من اشترط الإستحلال لتكفير من بدّل شرع الله "أنّ ألوهية فرعون وغيره من الطواغيت جاءت من جهة اتباثهم لأنفسهم خاصية التّشريع ...وأنّهم السّلطة الوحيدة التي يرجع إليها فيما يجوز وفيما لا يجوز كما قال تعالى "وقال فرعون يا أيّها الملأ ما علمت لكم من إلاه غيري" وقال تعالى حاكيا عن فرعون "لا أريكم إلاّ ما أرى ولا أهديكم إلاّ سبيل الرّشاد", ففرعون لم يزعم


والرّواية الثانية ذكرها احمد وغيره من العلماء الافاضل ,عن أبي هريرة عن البراء بن عازب عن جابر ,زنى رجل من اليهود بامرأة ,فقال بعضهم لبعض ,إذهبوا بنا إلى هذا النّبيّ ,فإنّه بُعث بالتّخفيف ,فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها ,واحتججنا بها عند الله ,وقلنا فُتيا نبيّ من انبيائك ,قال ,فأتوا النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام ,فقالوا يا أبا القاسم ,ماذا تقول في امرأة و رجل زنيا ,فلم يكلّمهم حتى أتى بيت مدراسهم ,فقال عليه الصّلاة والسّلام أنشدكم بالله الذي أنزل التّوراة على موسى ,ماذا تجدون في حقّ الزاني المحصن ,قالوا ,يحُمّم ويُجبّه و يُجلد, وسكت شابّ منهم , فلمّأ رآه النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام ,الظّ به رسول الله عليه الصّلاة والسلام النّشد,فقال الشّابُّ, اللهم اذ نشدتني ,فإنّا نجد في التّوراة الرّجم ,فقال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام ,فما أوّل ما ارتخصتم أمر الله , قال زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا ,فأخّر عنه الرّجم ,ثمّ زنى رجل في إثره من النّاس ,فأراد رجمه ,فحال قومه دونه ,وقالوا لا نرجم صاحبنا حتّى تجيئ بصاحبك فترجمه ,قال أبو هريرة رضي الله عنه فاصطلحوا على عقوبة منهم . هذه الرّواية أيضا تشير إلى اعتقاد اليهود أنّ الرّجم هو شرع الله ,وأنّ ما بدّلوه هو من عند أنفسهم ,أي انتفاء شرط الإعتقاد الذي يشترطه مرجئة العصر ,لتكفير من بدّل شرع الله ,أي اعتقاد حرمة الرّجم واستحلال التّجبيه والجلد ,وهذا ما لم تكن تعتقده اليهود عند تبديلها شرع الله ,بحيث قال عبد الله بن سلام ,وهو من كبار علماء اليهود "فإنّا نجد في التّوراة الرّجم" فكان الدّافع وراء تبديلهم شرع الله هو محاباة ملك من ملوكهم ,لأحد أقربائه ,وكذلك خوف وقوع الفتنة والحرب بين الطّائفة الذليلة والطائفة العزيزة ,أي وجدوا في تبديلهم لشرع الله من الرّجم إلى التّحميم والجلد والتّجبية ,حلاّ يرضي الطّرفين المتنازعين ,ولم يكن أبدا اعتقادا للحكم المبدّل ,بل كانوا يقرّون في ما بينهم ,أنّهم ظالمون في ذلك ,آثمون في تركهم حكم الله .فاصطلاحهم على عقوبة من عند أنفسهم دليل على عدم اعتقادها ,وإنّما كان ذلك مصلحة رأوها تجنّبهم فتنة القتال فيما بينهم .


اخرج مسلم في صحيحه ,قال البراء بن عازب ,مُرّ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يهودي محموما مجلودا ,فال رسوله الله صلّى الله عليه وسلم ,أهكذا تجدون حدّ الزّاني في كتابكم , فقالوا نعم ,فدعا رجلا من علمائهم ,فقال أنشدك بالذي أنزل التّوراة على موسى ,قال الحبر لصاحبه ,ما نُشدت بمثله قطّ ,أهكذا تجدون حدّ الزّاني في كتابكم ,قال لا والله , لولا أنّك ناشدتني بهذا ما أجبتك , نجد حدّ الزّاني في كتابنا الرّجم ,ولكنّه كثُر في أشرافنا ,فكنّا إذا أخذنا الشّريف تركناه ,وإذا أخذنا الضّعيف أقمنا عليه الحدّ, فقلنا تعالوا حتّى نجعل شيئا نقيمه على الشّريف والوضيع ,فاجتمعنا على التّحميم والجلد ,فقال النّبيّ عليه الصّلاة و السّلام ,اللهم إنّي أوّل من أحيا أمرك إذ أماتوه ,قال ,فأمر به فرُجم , قال البراء بن عازب رضي الله عنه ,فأنزل الله تعالى "يا أيّها الرّسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " إلى قوله تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الفاسقون "

هذه الرّواية ردّ على بعض طوائف أهل البدع ,من المرجئة وغلاتها ,التّي اشترطت في تكفير من بدّل شرع الله ,أن ينسب ذلك التبديل لشرع الله ,كما فعلت اليهود ,
"قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ,أهكذا تجدون حدّ الزّاني في كتابكم ,فقالوا نعم " هذا صحيح ,وجدت ظائفة منهم نسبت ذلك التّبديل لله ,لكن وُجدت طائفة أخرى لم تنسب ذلك التّبديل لله عزّ و جلّ , وكان على رأسها عبد الله بن سلام ,قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهكذا تجدون حدّ الزّاني في كتابكم ,قال لا والله ,لولا أن ناشدتني بها ,ما اجبتك ,نجد حدّ الزاني في كتابنا الرّجم " فتأمّل كيف أقرّ عبد الله بن سلام ,وهو من كبار علمائهم ,أنّ حدّ الزاني في التّوراة هو الرّجم ومع ذلك ,فقد كفر بتبديله شرع الله .وقد ردّ هذه الشّبهة ,الشّيخ ابو محمد المقدسي حفظه الله في كتابه ,تبصير العقلاء بتلبيسات أهل التّجهّم والإرجاء,قال "فقال عوام اليهود في حديث البراء لمّا سألهم النّبي ,عليه الصّلاة والسّلام ,عن حدّ الزّنا المبدّل ~أهكذا تجدون حدّ الزّاني في كتابكم ,قالوا نعم ~ من جنس ذلك فهو افتراء على الله وكفر فوق كفر ,كفر تشريع وتواطؤ على التّشريع الطاغوتي ,وكفر كذب وافتراء على الله ,وتحكيمهم لذلك التّشريع الطاغوتي ,كفر ثالث ."أمّا قول عالمهم بعد ذلك عن حدّ الزّنا في التّوراة ~نجده الرّجم ولكنه كثر في أشرافنا ...~فهذا الكفر من باب التّشريع ,أو التواطؤ على التّشريعات الطّاغوتية ,وهو كفر أكبر و إن لم ينسبوه إلى الله ,انتهى.

وهؤلاء الذين يشترطون الإستحلال لتكفير من بدّل شرع الله ,حقيقة قولهم هو عين قول جهم بن صفوان الضّال المُضل, فلا يرون الكفر ,إلاّ بالإستحلال ,أو بالإعتقاد , أو بالتّكذيب,وهذا مخالف لما عليه أهل السنّة والجماعة ,القائلين ,أنّ الإيمان ,اعتقاد وقول وعمل ,حقيقة مركبّة من هذه العناصر ,لا يتخلّف العمل عن الإعتقاد ,لأنّه لازمه وموجبه ,فلا يكون الرّجل مؤمنا بما معه من تصديق ,حتى يذعن للإسلام ,ويحبّ الله ورسوله والمؤمنين ,ويبغض الشرك والمشركين ,وينقاد لله ورسوله ,ويتبرأُ من كلّ دين سوى دين الإسلام ,ويخلص العبادة لله ,ويخاف الله ,ويرجوه ,ويتوكّل عليه ,و أن لا يأتي بالنّواقض التي نصّت الشريعة على كفر من أتاها .فكلّ فعل يكون فعله شرط في صحّة الإيمان يكون تركه ناقض من نواقض الإيمان ,وكلّ فعل يكون تركه كفر ,يكون فعله شرط في صحّة الإيمان . فالكفر لا يختصّ بالتّكذيب كما زعمت المرجئة ,بل قد يكون الرّجل مصدقا إلى درجة اليقين ,ومع ذلك يكون كافرا ,كما كفر أبليس مع ما معه من تصديق ,قال الله تعالى "إلاّ إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين " "قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقتني من طين " "قال فبما أغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم " " قال بعزتك لأغوينّهم أجمعين إلاّ عبادك المخلصين""قال ربّي فأنظرني إلى يوم يبعثون " فكما يتبيّن من هذه الآيات الكريمات ,فإبليس كان من أشدّ النّاس تصديقا ,وكان من المقرّبين ,ورأى الله سبحانه رأي العين,واعترف لله بربوبيته وبالخلق , ويصدّق بيوم البعث فهو حتما لم يكن مكذبّا , ولم يكن كفره من جهة التكذيب كما تصرّ بعض فرق الزّيغ والضلال ,و إنّما كان كفره من جهة الإيستكبار وعدم الإنقياد لشرع الله , وهذا مناط آخر غير التّكذيب ,كما صرّحت الآية الكريمة . وكذلك اليهود كانوا مصدّقين بنبوّة محمد عليه الصّلاة والسّلام ,وكانوا يعرفونه كما يعرفون أبنائهم ,ومنهم من أقرّ لرسول الله بالنبوّة والرّسالة ,ولم يدخله ذلك في الإيمان ,لعدم انقياده لحكم الله ,ولإعراضه عن العمل بشريعة الإسلام ,قال الله تعالى "الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون آبنائهم " فاليهود يعرفون محمّد عليه الصّلاة والسّلام ويعرفون صفاته حقّ المعرفة ,أكثر من معرفة أبنائهم ,وهذا عين التّصديق ,وعدم التّكذيب ,لكنّهم كانوا كافرين ,لبغضهم أن يكون نبيّ من غير بني إسرائيل ,ولعدم انقيادهم لما يعرفونه في قلوبهم أنّه الحقّ ,الذي يجب أن يتّبع .فبغض دين الإسلام مع التّصديق في القلب إلى درجة اليقين كفر أكبر مخرج من الملّة , وعدم الإنقياد لشرع الله مع العلم بصدق خبر الرّسول كفر ,قال الله تعالى "و إذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله والرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودا " فالصدّ عن دين الله , والإعراض عنه ,عمل من الأعمال وهو كفر من عمل المنافقين ,وقال تعالى "ويقولون آمنّا بالله وبالرّسول وأطعنا ثم يتولّى فريق من بعد ذلك وما أولائك بالمؤمنين " نفى الله عنهم الإيمان لتولّيهم عن الخضوع لشرع الله ,وليس لما في قلوبهم من تكذيب أو استحلال ,والذي يقول بهذا يخالف قول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام "لم نؤمر أن نشقّ على قلوبهم " وهؤلاء يشترطون الغوص في قلوب النّاس ,لمعرفة هل هم مؤمنون أم كافرون . وقال تعالى عن فرعون "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوّا" فيقينهم في قلوبهم أنّ دين موسى عليه السّلام هو الحقّ الذي يجب اتّباعه ,لكن مناط كفره كان من جهة الإستكبار عن الخضوع لدين موسى ,والتّنازل عن بعض السّلطات التي يعبّد بها النّاس ,قال الله تعالى حاكيا عن فرعون "ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرّشاد" فخوف فرعون عن ملكه وعن ضياع سلطانه ,كان من أقوى الدّوافع التي منعته من الإنقياد لدين موسى عليه السّلام فجحد بالقول والفعل الظاهر مع اليقين في القلب ,وليس لتكذيب في القلب .وهذا ردّ قويّ على الذين يحصرون الجحود في القلب ,مع أنّ الجحود أضلا لا يكون إلاّ بالظاهر , كقوله تعالى "فإنّهم لا يكذّبونك ولكنّ الظالمين بآيات الله يجحدون" ففرّق الله سبحانه بين الجحود الذي يكون ظاهرا بالقول والفعل , وبين التّكديب الذي يكون في القلب كجحود فرعون مع يقينه في قلبه .


قال الله تعالى "إنّ الذين ارتدّوا على أدبارهم من بعد ما تبيّن لهم الهدى الشّيطان سوّل لهم و أملى ذلك بأنّهم قالوا للذين كرهوا ما نزّل الله سنطيعكم في بعض الأمر .... ذلك بأنّهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم " فهؤلاء الذين ارتدّوا كفروا بقولهم للذين كرهوا ما نزّل الله سنطيعكم في بعض الأمر ,مع وجود التّصديق القلبي ,الذي تشير إليه الآية الكريمة "من بعد ما تبيّن لهم الهدى ",والذي تبيّن له الهدى في قلبه ,يستحيل أن يجحده بقلبه ,وهو ردّ قويّ على مرجئة العصر الذين لا يفرّقون بين قصد الفعل وبين قصد الكفر ,فلا يرون من أتى الكفر كافرا حتّى يقصد الكفر بقلبه بما أتاه من فعل مكفّر, ثمّ إنّه لا سبيل لمعرفة قصد الفاعل للكفر ,فيجب أن لا يكفر حتّى يصرّح بذلك بلسانه ,أو يظهر منه ما يفيد قصده الكفر كعدم التّوبة من فعل الكفر ,كما قال بعض شيوخ الإرجاء ,وعلى أصولهم هذه ,لا يجوز تكفير إبليس اللّعين ,لكونه لم يصرّح أنّه قصد الكفر ,وليست هناك قرائن ظاهرة توحي بذلك ,وهذا مخالف لمناط كفره وهو الإستكباروالعناد ,وليس قصد الكفر ,وإرادة الخروج من دين الله . وهؤلاء الذين ارتدّوا بعد العلم والمعرفة وبعدما تبيّن لهم الهدى في قلوبهم ,كان كفرهم كما تشير الآية بقولهم للذين كرهوا ما نزّل الله سنطيعكم في بعض الأمر ,فهؤلاء كفروا بمجرّد قولهم ووعدهم للمشركين بطاعتهم في بعض الأمر ,فكيف بمن يطيعهم في تبديل شرع الله ,ويطيعهم في إقصاء شريعة الله من حياة المسلمين , بل ويذوذ عنهم و يجادل عنهم وعن شركهم وكفرهم ! "ذلك بأنّهم اتّبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم " والعجيب أنّ من الدّعاة اليوم من يجوّز للمسلمين القتال تحت راية الكفر ,لمحاربة المسلمين الموحّدين المطالبين بإقامة شرع الله ,تحت مسمّيات جاهلية وروابط عرقية وقومية ,ووطنية ,أو خوفا من ضياع الجنسية التي يحملونها لتلك البلدان المعتدية على بلدان المسلمين ,وحمية لأواصر المواطنة الجاهلية ,بئس ما يقول هؤلاء السّفهاء ممّن يشار لهم بالبنان ,ويقدّمون على بعض المنابر الإعلامية المشبوهة التي تخذم مصالح بعض الأطراف التي يهمّها بقاء الشّرك والطغيان ,الذي يحقّق لهم بعض المنافع الماديّة .فالآية تردّ عليهم بقوّة وتلجمهم بلجام لا يستطيعون معه حيلة .فاتّباع أصحاب الضلال في غيّهم وشركهم يقود إلى حبوط العمل ,ولا يحبط العمل إلاّ الشّرك

قال الله تعالى "و إنّهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملّتهم ولن تفلحوا إذا أبدا " يحذر الله سبحانه وتعالى أهل الكهف ,إن هم وافقوا المشركين على كفرهم وغيّهم بعد القتال ,ورضوا بأنظمتهم الجاهلية العفنة ,فهم كافرون بذلك , ولم يرخّص الله لهم الدّخول في الكفر بعد القهر والقتال ,إلاّ في حالة الإكراه ,وهو أن يكون تحت سلطانهم وقهرهم ويخاف على نفسه من أذى قد يصيبه ,فله أن يوافقهم على دينهم ,شرط بغض ذلك بقلبه ,فما بالك بالذين يوافقون المشركين حبّا ممّا عندهم من مناصب ومال وملذّات دنيوية هابطة ,فهم أحقّ بالكفر من هؤلاء ,فتأمّل

قال الله سبحانه وتعالى "يا أيّها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيّ ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم و أنتم لا تشعرون " فتأمّل يا أخي كيف جعل الله سبحانه وتعالى رفع الصّوت,وهو عمل من الأعمال , فوق صوت النبيّ مدعاة لحبوط العمل ,وتأمّل أخي قوله تعالى "وأنتم لا تشعرون " أي وهم غير قاصدين الخروج من دين الله ,وغير مستحلّين له ,وغير قاصدين الكفر ,كما يشترط بعض غلاة المرجئة في عصرنا هذا ,فعدم شعورهم بالكفر ,دليل على عدم قصدهم له ,ولو كانوا يشعرون ذلك لكانوا جاحدين له

قال الله تعالى في بيان أنّ الكفر يكون بالقول والفعل مع وجود التّصديق القلبي "وقد نزّل غليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزء بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديث غيره ,إنّكم إذا مثلهم " فالجلوس مع الطّاعنين في دين الله المستهزئين بآياته كفر مجرّد عن الإعتقاد والإستحلال القلبي,والمرجئة تخبّطت كثيرا في هذا الموضع,سواء مرجئتها أم غلاتها ,مع أنّ فقهائها كانوا أهون في استدلالهم على الكفر ,فحكموا على من ارتكب عملا كفريا بالكفر ,وعلّلوا ذلك الكفر الظاهر على انتفاء التّصديق ,مع أنّه لا تلازم بينهما ,فقد يكون الرّجل مصدّقا ومع ذلك يكون كافرا ,كما بيّنا في ما سبق ,وفساد قولهم هذا راجع إلى أنّ الكفر لا يكون إلاّ بالتّكذيب ,لأنّ الإيمان هو التّصديق .

قال الله تعالى "قل أبالله و آياته كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم "


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى 7/272
" فقد أخبر أنّهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم إنّا تكلمنا بالكفر من غير إعتقاد له ,بل كنّا نخوض ونلعب ,وقول من يقول عن مثل هذه الآيات "إنّهم كفروا بعد إيمانهم بلسانهم مع كفرهم أوّلا بقلوبهم لا يصح ,لأنّ الإيمان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر ,فلا يقال "قد كفرتم بعد إيمانكم ,فإنّهم لا يزالون كافرين في نفس الأمر ,و إن أريد أنّكم أظهرتم الكفر بعد إظهاركم الإيمان ,فهم لم يظهروا للنّاس إلاّ لخواصهم وهم مع خواصهم ما زالوا هكذا ,بل لمّا نافقوا وحذروا أن تنزل سورة تبيّن ما في قلوبهم من النّفاق وتكلّموا بالإستهزاء صاروا كافرين بعد إيمانهم ,ولا يدلّ اللفظ على أنّهم ما زالوا منافقين.


وقال تعالى
"يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم " فقولهم الكفر كاف لتكفيرهم ,مع أنّهم كانوا مؤمنين ,بشهادة القرآن ,واستهزائهم بدين الله و آياته كفر مستقلّ عن ما في قلوبهم من تصديق أو تكذيب ,لكنّه دليل على فساد عمل القلب ,فأعمال الجوارح تخضع لإرادة القلب ,وبحسب عمله إمّا بالصّلاح أو الفساد ,تكون الجوارح تابعة لذلك الصّلاح أو الفساد القلبي ,إذ يستحيل أن يكون الباطن مؤمنا ,منقادا لله ورسوله ,محبّا لدين الله ,مبغضا لدين الكفّار ,وتكون أعمال الجوارح فاسدة ,متمرّدة على دين الله ,مقاتلة لجماعة المسلمين ,هذا لا يحصل أبدا إذا قلنا أنّ الإيمان اعتقاد وقول وعمل , والظاهر تابع للباطن منقاد له ,يعمل بحسب إرادته ,ولا يتخلف عنه أبدا ولا يضاده .أمّا مرجئة العصر فهم لا يكفّرون من أتى قولا أو فعلا كفريا ,ولا يرون ذلك الفعل الكفري دليل على التّكذيب ,و إنّما يشترطون قصد الكفر ,وهذا لا يُعرف إلا إذا صرّح الفاعل بما في قلبه من استحلال أو تكذيب ,فكانوا شرّ الفرق في الإيمان والكفر .قال ابن تيمية رحمه الله "إنّ سبّ الله أو سبّ رسوله صلّى الله عليه وسلّم كفر ظاهرا وباطنا ,سواء كان السّاب يعتقد أنّ ذلك محرّما أو كان مستحلاّ له أو كان ذاهلا عن اعتقاده " قال الله تعالى "قل هل أنبّئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدّنيا و هم يحسبون أنّهم يحسنون صنعا " فهؤلاء الذين كفروا لم يقصدوا الكفر ,بل كانوا يظنون أنّهم يحسنون صنعا ,وأنّ أعمالهم هي عين الصّواب ,ومع ذلك كفروا ,وهذا ردّ على الذين يشترطون قصد الكفر لتكفير من أتى قولا أو فعلا كفريّا

فمن طعن في دين الله يكفر بذلك الطّعن ,وهو كافر لاستخفافه بقدر الله ,قال الله تعالى "وما قدروا لله حقّ قدره " فانتفاء التّعظيم من القلب كفر ,ولا يكون الرّجل مؤمنا ,وليس في قلبه تعظيم لله ولدينه ,بل استخفاف وازدراء وتنقّص لمقامه ولدين الله ,مع أنّه قد يكون في قلبه معتقد أنّ دين الإسلام هو الحق ,وانّ خلافه هو الباطل والضّلال ,غير مستحلّ لطعنه في دين الله ,وقد يكون الذي دفعه إلى ذلك هو إرضاءا لقوم يبغضون دين الله ,طلبا لما عندهم من لذّات ,أو منصب ,أو طلبا لرياسة وسلطة , أو خوفا من ضياع دنياه , وزينتها من بين يديه ,وهذا هو عين كفر أبي طالب عمّ رسول الله ,فقد آثر منزلبه بين قومه ,ومكانته بينهم ,على اتّباع دين محمّد الذي يعلم صدقه في قلبه ,فكفر بالإمتناع عن اتّباع دين الله ,وتولّيه عن الخضوع والإنقياد لشرعه مع وجود التّصديق في قلبه ,قال الله تعالى "من كفر بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان ,ولكن من شرح بالكفر صدرا ,فعليهم غضب من الله ,ذلك بأنّهم استحبوا الحياة الدّنيا على الاخرة" فكانوا كافرين ليس من أجل تكذيبهم ,ولكن من أجل إيثار الحياة الدّنيا وشهواتها على ما في قلوبهم من تصديق ويقين

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ,رادّا على من يشترط الإستحلال لتكفير من سبّ الله ,أو سبّ رسوله "الحكاية المذكورة عن الفقهاء أنّه إن كان مستحلاّ كفر و إلاّ فلا ,ليس لها أصل...
الوجه الثاني ,أنّ الكفر إذا كان هو الإستحلال فأنّما معناه اعتقاد أنّ السبّ حلال ,فإنّه لمّا اعتقد أنّ ما حرّم الله تعالى حلال كفر ,ولا ريب أنّ من اعتقد في المحرّمات المعلوم تحريمها أنّها حلال كفر ,ولكن لا فرق في ذلك بين سبّ النبيّ ,صلّى الله عليه وسلّم ,وبين قدف المؤمنين والكذب عليهم والغيبة لهم ,إلى غير ذلك من الأقوال التي علم أنّ الله حرّمها ,فإنّه من فعل شيئا من ذلك مستحلاّ كفر , مع أنّه لا يجوز أن يقال " من قذف مسلما أو اعتابه كفر ,ويعني بذلك أنه استحلّه.
الوجه الثالث"اعتقاد حلّ السب كفر,سواء اقترن به وجود السبّ أو لم يقترن ,فإذا لا أثر للسبّ في التّكفير وجودا وعدما ,وإنّما المؤثر هو ا لاعتقاد ,وهو خلاف ما أجمع عليه العلماء ,
الوجه الرّابع "أنّه إذا كان المكفّر هو اعتقاد الحلّ, فليس في السبّ ما يدلّ على أنّ السّاب مستحل, فيجب أن لا يكفر ,لا سيما إذا قال "أنا أعتقد أنّ هذا حرام ,وإنّما أقول غيظا وسفها ,أو عبثا أو لعبا ,كما قال المنافقون "إنّما كنّا نخوض ونلعب "

قال سبحانه وتعالى
"لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " ولم يقل قد كذبتم في قولكم إنّما كنّا نخوض ونلعب, فلم يكذّبهم في هذا العذركما كذبهم في سائر ما أظهروه من العذر الذي يوجب براءتهم من الكفر لو كانوا صادقين ,بل بيّن أنّهم كفروا بعد إيمانهم بهذا الخوض واللعب.


قال الله تعالى
"واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين"فانظر أخي الموحّد كيف صار هذا الذي آتاه الله آياته كافرا بعد الإيمان بمجرّد مظاهرة قومه المشركين على الموحّدين ,وقيل أنّ مظاهرته لقومه المشركين على قوم سيّدنا موسى عليه السّلام ,كان بدعائه عليهم ,فكان ذلك منه ارتدادا وكفرا بعد الإيمان .فأين هؤلاء الذين يشترطون الإستحلال لتكفير من أتى ناقضا من نواقض الإيمان ,من هذه الحجّة الدّامغة القويّة .

فالكفر كما رأينا من هذه الآيات يكون بالقول أو بالعمل مجرّدا عن الإستحلال ,أو التّكذيب ,وبالتّالي فاشتراط الإستحلال لتكفير من بدّل شرع الله هو شرط بدعي ما أنزل الله به من سلطان ,فاستحلال الفعل المحرّم كفر ,سواء فعله أم لم يفعله ,ولا فرق وقتها بين من كذب ,أو زنى ,أو رشى ,أو شرب خمرا ,وبين من بدّل شرع الله ,أو سجد للصّنم ,أو طعن في دين الله ,أو ألقى المصحف في القاذورات ,أو وصف حدود الله بالمتوحّشة والهمجيّة ,وبين من قال أنّ التعدّد هو ظلم للمرأة ,وأنّ شريعة الله لم تعد تصلح لأقامة دولة عصرية على أساسه !!! مع أنّ الشّريعة فرّقت بين هذه الأقوال والأعمال ,فاشترطت الإستحلال لتكفير المعاصي والكبائر الّتي هي دون الكفر ,وبين الكفر الصّريح البواح الذي لا يحتمل تأولا أو صرفا ,كتبديل شرع الله ,فهو كفر مجرّد عن الإستحلال ,ولا يكون الإستحلال وقتها ألاّ زيادة في الكفر ,كما قال الله تعالى "إنّما النّسيئ زيادة في الكفر ,يضلّ به الذين كفروا يحلّونه عاما ويحرّمونه عاما ليواطئوا عدّة ما حرّم الله " فكانوا يحلّون الأشهر الحرام عاما ,ويحرّمونها عاما ,أي يرجعونها إلى أصل التّحريم ,الذي يعرفونه ويعتقدونه في قلوبهم ,فكان هذا الفعل منهم زيادة في الكفر,ثمّ إنّ مناط الكفر في الآية معلّق على مجرّد التّبديل وعدم الحكم بما أنزل الله ,ولا يصرف الحكم عن ظاهره إلاّ بقرينة شرعية من كلام الله ,أو من كلام رسوله ,لمعرفة مراد ومعنى الآية ,ثمّ إنّه ليس في الآية ما يدلّ على الإستحلال ,فيجب أن لا يكفر ,وهذا خلاف الآية و الإجماع المنعقد على كفر من بدّل شرع الله ,أو شرّع من دون الله أحكام ما أنزل الله بها من سلطان .



وهؤلاء الذين يرون كفر هؤلاء المبدّلين لشرع الله ,الحاكمين بشرائع الكفر والطغيان ,كفرهم كفر أصغر ,إنّما حقيقة عملهم استدراك على كلام الله من غير حجّة دامغة ,سوى كلام بئيس منسوب لحبر الامّة ابن عبّاس رضي الله عنهما .أينهم من هذه الحجج السّاطعة ؟

وهذا غير صحيح ,فاهل العلم لا يخرجون بقاعدة شرعية بالنظر الى دليل واحد في مسالة تعددت ادلتها ,بل يبنون قواعدهم على اساس الجمع بين النصوص الشرعية ذات العلاقة بالمسالة ,فيخرجون بالقاعدة الصحيحة.امّا اهل البدع فهم يتركون المحكم ويتهافتون على المتشابه ,يتركون القطعي ,ويجرون وراء الظنّي ,قال الله تعالى "هو الذي انزل عليكم الكتاب منه ايات محكمات هنّ امّ الكتاب واُخر متشابهات ,فامّا الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويله وما يعلم تاويله الاّ الله والراسخون في العلم يقولون امنّا به كلّ من عند ربّنا " سمّى الله الذين يتركون المحكم ويتبعون المتشابه ,في قلوبهم زيغ






 
قديم 27-11-12, 12:56 PM   رقم المشاركة : 132
نوفل العابد
موقوف






نوفل العابد غير متصل

نوفل العابد is on a distinguished road






أخرج مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « ما من نبى بعثه الله فى أمة قبلى إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل



في موضوع الحكام ..يكفينا قول الله عز وجل: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} والفتنة هي الكفر. فلا نزال نقاتل حتى يكون الدين كله لله وحده







 
قديم 27-11-12, 10:26 PM   رقم المشاركة : 133
سلالة الصحابه ...
عضو ذهبي







سلالة الصحابه ... غير متصل

سلالة الصحابه ... is on a distinguished road


باركَ اللهُ بِكُم أخِي [نوفَل العابِد] لنقلك لهذا البسطِ ومافيهِ مِنْ فوائد غفيرةٍ جمَّة .

اقتباس:
وهذه مغالطة أخرى.

المغالطات إنَّما كانَت في فهمِكُم لما ذكرنَا لا فِي مضمُونِ ما كتبنا .

وقُصارى القَوْل في كشفِ هذا التلبيسِ حولَ مقولةِ [كُفر دونَ كُفْر] المنسوبةِ لابنِ عباس -رضي اللهُ عنْه ، وأمثالِها :


فإنَّا نقُول :


أنَّ قولَ [ابن عباس] هذا إنْ صح - وقد صحَّ قريبٌ من معناه عن غيرِه - فهو ردٌّ على الخوارجِ الذين أرادوا تكفيرَ الحكمين، وعلي ومعاوية ومن معهُما من المسلمِين لأجلِ الخصُومة والحكُومة التي جرَت بينهُم في شأنِ الخلافِة والصُلح وما جرى بينَ الحكمين [عمرُو بن العاص وأبِي مُوسى الأشعَري] إذ تلكَ الحادثة كانتْ أوَّل مخرجهم - كما هُوَ معلُوم - فقالُوا: [حكّمتُم الرِجَال]{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }، ولا شكَّ أنَّهُم مخطئون في ذلِك ضالّون إذ ذلكُم الذي وقعَ بين الصحابةِ ولو جارَ بعضُهم فيهِ على بعض ليسَ بالكفرِ الذي ينقلُ عن الملةِ بحال، وقد بعثَ علي عبد الله بن عباس –رضي الله عنهم- إلى الخوارجِ يناظرهم في ذلِك، فخرجَ إليهِم فأقبلوا يكلمُونه، فقَال: نقمتُم من الحكمينِ وقد قالَ اللهُ -عزَّ وجَل-: { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا }الآية؛ فكيفَ بأمَّةِ محمَّد -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.


فقالُوا لَه: ما جعلَ اللهُ حكمهُ إلى الناسِ وأمرَهُم بالنظرِ فيهِ فهوَ إليهِم ومَا حكمَ فأمضى فليسَ للعبادِ أنْ ينظُروا فِي هذا.

فقالَ ابنُ عباس: فإنَّ الله –تعالى- يقُول: { يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ }.


قالُوا: تجعلُ الحكمَ في الصيدِ والحرَث، وبينَ المرأةِ وزوجِهَا كالحكم في دماءِ المسلمين؟ وقالوا له: أعدلٌ عندكَ عمرو بن العاص وهو بالأمس يقاتُلنا؟ فإن كانَ عدلاً، فلسنا بعدُول، وقد حكّمتم في أمرِ الله الرجِال.


والشاهِد أنَّهُ بعدَ هذهِ المُناظرَة رجعَ منْهُم إلى الحقِّ خلْق، وأصرَّ آخرُون على ضلالِهم وانشقُّوا عن جيشِ علي بعدَ حادثةِ الحكَمين هذه، وهم أصلُ الخوارِج.


فعمدَ البعض إلى تلكَ المقولةِ المنسُوبةِ لـ[ابن عباس] وما شابَهها من أقوالِ أخرى لبعضِ التابِعين؛ كطَاووسٍ وابنه وأبِي مجلز والتي كانَتْ كلها في شأنِ الخوارج، وطارُوا بِها كل مطير، لينزلُوها زوراً وبهتاناً في محلٍّ غير محلِّها وواقعٍ غيرِ واقعِهَا ومقامٍ غَير مقامِهَا؛ بدليلِ أنَّ هذهِ اللفظَة التي يحتجُّ بِهَا هؤلاء فيها قول ابن عباس مُخاطباً أناساً بعينِهم، عَنْ واقعةٍ بعينِها: [إنَّهُ ليسَ الكُفر الذي تذهبُون إليه]، فلفظةُ [الذي تذهبُون] خطابٌ للخوارج ومن تبعَهم في زمَانهِ في واقعةٍ معلُومة معرُوفة فقولهُ إذاً ليسَ في تفسيرِ الآيَة وإنَّما في المناطِ [الخَطأ] الذي علَّقها الخوارِج خطأ فِيه، بدليلِ أنَّ الآيةَ أصلاً تتكلمُ عن الكفَّارِ المبدِّلين لشرعِ الله يهُوداً كانُوا أو غيرهم، فهل يُعقل أن يقولَ ابن عباس –رضي اللهُ عنْه- أو غيرهِ من أهلِ الإسلام في تبديلِ اليهُود أو غيرِهم لحكمٍ أو حدٍ من حدودِ الله - كالديَّة أو حدِّ الزِنا - أنَّه [كفرٌ دونَ كُفْر] فمقُولته هذهِ إذن - على تقديرِ صحَّتِها - هي فِي المناطِ الباطل الذي أرادَ الخوارجُ إنزالَها فيهِ وليسَت في بيانِ الآيةِ وتفسيرِها، فليتنبَّه!


فإذا عرفَ المنصفُ الذي وُفِّق لطلبِ الحق هذا كله وفهمَ مناط تلكَ الأقوالِ المنسُوبة لابنِ عباس وغيرهِ من السلَف والوَاقِعُ الذي قِيلت فيهِ وصفةَ القومِ الذين قِيلَتْ لهُم وصفةَ مقالاتهِم ، ثم نظرَ بعينِ البصيرة فيما نحنُ فيهِ اليوم من تشريعٍ مع اللهِ ما لم يأذن بهِ الله، واستبدالِ الذي هو أدنى مِنْ زبالاتِ القوانينِ الوضعيَّةِ وأهواءِ البشَر بأحكامِ اللهِ وتشريعاتِه وحدودِه المطهَّرة ؛ عرفَ فداحةَ ذلكَ التلبيسِ العظِيم والتضليلِ المُبين الذي يقومُ به من عمدَ لهذهِ الأقوال وحرَّف مقاصدَها بإنزالِها على واقعٍ مغايرٍ كل المُغايرة لواقعِها الذي قِيلَت فيه، ترقيعاً لما يسمونهُم بـ[ولاةِ الأمُور] .


فهل كانَ [علي ومعاوية ومن معهم من الصحابة] –رضي اللُهُ عنهُم أجمَعين- يوم أنْ واجهَهُم الخوارج بحججهِم تلك، يدَّعُون لأنفسهم حقَّ التشريعِ مع الله؟


أو هل اخترعوا قوانينَ ودساتير كفريَّة تنصُّ على أنَّ السلطةَ [التشريعيَّة] يتولاها الأمِير ومجلِس الأمَّةِ وفقاً لما يُسمَّى بالدستورِ الوضعِي كما هُو الحال في الدولِ التي تسمَّى إسلاميَّة اليوم؟


و هل شرَّع الصحابة قوانين وضعيَّة وفقاً لحكمِ الشعبِ ورغبتِه أو تبعاً لهوى الأغلبيَّة واستبدَلُوها بحدودِ الله –تعالى- المرفُوعةِ المطهَّرة؟


حاشا صحبُ محمدٍ -عليهم رضوانُ الله السرمَدِي- بل وحاشى السُفهاء والمجانِين والرُعاع والعوامِ في ذلكَ الزمان عن مثلِ هذا الكُفر البواح وأنَّى يتصَور فيهُم مثل هذا، وهم الذين خضَّبوا الغبراء بدمائهِم الزكيَّة من أجلِ رفعة شريعةِ دينِ الله وعزَّتها .

بل نقُول: لو أنَّ أحداً فعلَ يومئذٍ مثلُ ذلك، لما استشهدَ عليهِ الخوارجُ بتلكَ النصوصِ غير الصريحَة في بابِ التشريعِ كقولهِ تعالى: { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ولما تركُوا نصُوصاً أخْرى صرِيحة وقطعيَّة الدلالَة على كفرِ المشرِّعين وكونهُم أرباباً وطواغيتاً تعبُد من دونِ الله، كقولهِ تعالى: { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } ، وقولهِ تعالى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } ، وقولهِ تعالى: {وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً }ونحوِها ممَّا لم يكُنْ ليخفى على مَنْ كانَ يحقرُ الصحابَة قراءتهم للقرآنِ إلى قراءتِه، أو قولهِ تعالى: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}، وقولهِ تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} ونحوها ، ولكنَّهم لم يذكرُوا شيئاً من ذلِك، لأنَّهُ لم يكنْ شيئاً منهُ ليتنزلَ على واقعتهِم تلك، وما كانَ مثلُ هذا ليخفَى على ابنِ عباس أصلاً لو أنَّ واقعتَهم كانتْ حوله - كيف وهو حبرُ القرآن - وراوي سببَ نزولِ قولهِ تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} .


فلو كانَت قضيتهُم مثل طامتِنا لما كانَ -رضي اللهُ عنْه- ليتردَّد - لا هُو ولا غيره مِن الصحابةِ طرفةَ عين في تكفيرِ مَن فعلَه إذ أنَّهم يعرفُون جيداً أنَّ التشريعَ ولو في قضيَّةٍ أو مسألةٍ واحدِة فيما لا يجُوز إلا لله [شركٌ باللهِ أكبَر وكفرٌ فوقَ كُفْر وظلمٌ فوقَ ظُلم وفسقٌ فوقَ فسْق] بل إنَّ مجرَّدَ صرف حقِّ التشريعِ أو ادعائه لأحدٍ من الخلق (الأمِير أو الرَئيس أو المَلك أو الشَعْب أو مجلِسه) شركٌ وكفرٌ أكبَر سواء شرَّعَ أم لم يشرِّع وسواء تابعَ صَارِفُ ذلِك تشريعهُم أم لم يُتابِعه، فظهرَ أن واقعتهُم كانتْ غيرُ واقعتِنا وفتنتهُم كانت غير فتنتِنا .

ولا يَخْفى على مثلكُم أنَّ الحكْمَ بمعْنى [التشريع] هُو [كفرٌ مجرَّد]بخلاف الحكْمِ بمعْنى الجُورِ في القضاء وفي الأخيرةِ بسطٌ وتفصِيل وأنَّ ما هو حاصلٌ اليَوم [فمِنْ جنسِ الأوَّل] .


هذا واللهُ تعالى أعلى وأعلَم .






التوقيع :
قال ابن القيم -رحمه الله-:
احترزْ مِنْ عدُوَّينِ هلكَ بهمَا أكثَر الخَلق:
صادّ عن سبيلِ الله بشبهاتهِ وزخرفِ قولِه، ومفتُون بدنيَاه ورئاستِه .
من مواضيعي في المنتدى
»» المذهَب السني بَاطل [فرضيَّة]
»» جبهة النصرة تنفذ عملية استشهادية في القصير تودي بـ60 من حزب الشيطان والجرحى بالمئات
»» المرأة بين الشيعة والمجوس (2)
»» هذا هو الحقد الصفوي على العرب : فيديو :
»» القصير ومعركة المصير
 
قديم 28-11-12, 02:22 AM   رقم المشاركة : 134
أبو زرعة الرازي
عضو ماسي






أبو زرعة الرازي غير متصل

أبو زرعة الرازي is on a distinguished road


اقتباس:
وهل إحتج العلماء بهذا الأثر مع الزيادة المشهورة ؟ هات الدليل

ارجع لتعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي.
وقد ذكر هذا القول عن أهل السنة، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه جعل الذي يطلب الكبائر بجهده مصرا ولا يخرج من الإسلام وقال إمام أهل السنة رحمه الله:
مثل قوله "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" يخرج من الإيمان ويقع في الإيمان ومن نحو قوله "لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن"، "ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن" ومن نحو قول ابن عباس رضي الله عنهما في قوله "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون".
قال الشالنجي -تلميذ الإمام رحمهما الله-: فقلت له ما هذا الكفر؟
قال: كفر لا ينقل عن الملة مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه.

وإليك فصل كامل نفيس من كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام رحمه الله، الإمام العلم الذي تلقى أهل السنة كلهم كتابه في الإيمان بالقبول.
قال رحمه الله:
قال أبو عبيد: أما هذا الذي فيه ذكر الذنوب والجرائم، فإن الآثار جاءت بالتغليظ على أربعة أنواع:
فاثنان منه فيها نفي الإيمان، والبراءة من النبي صلى الله عليه. والآخران فيها تسمية الكفر وذكر الشرك، وكل نوع من هذه الأربعة تجمع أحاديث ذوات عدة.
فمن النوع الذي فيه نفي الإيمان حديث النبي صلى الله عليه "لا يزيى الرجل حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن" وقوله "ما هو بمؤمن من لا يأمن جاره غوائله"وقوله "الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن" وقوله "لا يبغض الأنصار أحد يؤمن بالله ورسوله" ومنه قوله "والذي نفسي بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا" وكذلك قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه "إياكم والكذب فإنه يجانب الإيمان" وقال عمر رضي الله عنه " لا إيمان لمن لا أمانة له" وقول سعد "كل الخلال يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب"، وقال ابن عمر "لا يبلغ أحد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء وإن كان محقا، ويدع المزاحة في الكذب".
و من النوع الذي فيه البراءة، قول النبي صلى الله عليه "من غشنا فليس منا" وكذلك قوله "ليس منا من حمل السلاح علينا وكذلك قوله "ليس منا من لم يرحم صغيرنا" في أشياء من هذا القبيل. ومن النوع الذي فيه تسمية الكفر قول النبي صلى الله عليه وسلم حين مطروا فقال: "أتدرون ما قال ربكم؟ قال أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأما الذي يقول مطرنا بنجم كذا وكذا كافر بي مؤمن بالكوكب،والذي يقول هذا رزق الله ورحمته مؤمن بي وكافر بالكوكب" وقوله صلى الله عليه وسلم "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" وقوله "من قال لصاحبه كافر فقد باء به أحدهما" وقوله "من أتى ساحرا أو كاهنا فصدقه بما يقول أو أتى حائضا أو امرأة في دبرها فقد بريء مما أنزل على محمد صلى الله عليه، أو كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" وقول عبد الله "سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر"، وبعضهم يرفعه.
ومن النوع الذي فيه ذكر الشرك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الأصغر، قيل يا رسول الله وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء" ومنه قوله: "الطيرة شرك، وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل" وقال عبد الله في التمائم والتولة : "إنها من الشرك"، وقول ابن عباس: "إن القوم يشركون بكلبهم! يقولون كلبنا يحرسنا، ولولا كلبنا لسرقنا" فهذه أربعة أنواع الحديث، قد كان الناس فيها على أربعة أصناف من التأويل:
فطائفة تذهب إلى كفر النعمة.
وثانية تحملها على التغليظ والترهيب.
وثالثة تجعلها كفر أهل الردة.
ورابعة تذهبها كلها وتردها.
فكل هذه الوجوه عندنا مردودة غير مقبولة، لما يدخلها من الخلل والفساد. والذي يرد المذهب الأول ما نعرفه من كلام العرب ولغاتها، وذلك أنهم لا يعرفون كفران النعم إلا بالجحد لأنعام الله وآلائه وهو كالمخبر على نفسه بالعدم. وقد وهب الله له الثروة، أو بالسقم وقد من الله عليه بالسلامة. وكذلك ما يكون من كتمان المحاسن ونشر المصائب، فهذا الذي تسميه العرب كفرانا إن كان ذلك فيما بينها وبين الله، أو كان من بعضهم لبعض إذا تناكروا اصطناع المعروف عندهم وتجاحدوه. ينبئك عن ذلك مقالة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء: " إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير يعني الزوج وذلك أن تغضب إحداكن فتقول: ما رأيت منك خيرا قط".فهذا ما في كفر النعمة.
وأما القول الثاني المحمول على التغليظ فمن أفظع ما تأول على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن جعلوا الخبر عن الله وعن دينه وعيدا لا حقيقة له، وهذا يؤول إلى إبطال العقاب، لأنه إن أمكن ذلك في واحدا منها كان ممكنا في العقوبات كلها.
وأما الثالث الذي بلغ به كفر الردة نفسها فهو شر من الذي قبله، لأنه مذهب الخوارج الذين مرقوا من الدين بالتأويل، فكفروا الناس بصغار الذنوب وكبارها، وقد علمت ما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من المروق وما أذن فيهم من سفك دمائهم. ثم قد وجدنا الله تبارك وتعالى يكذب مقالتهم، وذلك أنه حكم في السارق بقطع اليد وفي الزاني والقاذف بالجلد، ولو كان الذنب يكفر صاحبه ما كان الحكم على هؤلاء إلا القتل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من بدل دينه فاقتلوه" أفلا ترى أنهم لو كانوا كفارا لما كانت عقوباتهم القطع والجلد؟ وكذلك قول الله فيمن قتل مظلوما (فقد جعلنا لوليه سلطانا) فلو كان القتل كفرا ما كان للولي عفو ولا أخذ دية، ولزمه القتل.
وأما القول الرابع الذي فيه تضعيف هذه الآثار فليس مذهب من يعتد بقوله، فلا يلتفت إليه، إنما هو احتجاج أهل الأهواء والبدع الذين قصر عملهم عن الاتساع، وعييت أذهانهم عن وجوهها، فلم يجدوا شيئا أهون عليهم من أن يقولوا: متناقضة فأبطلوها كلها
وإن الذي عندنا في هذا الباب كله أن المعاصي والذنوب لا تزيل إيمانا، ولا توجب كفرا، ولكنها إنما تنفي من الإيمان حقيقته وإخلاصه الذي نعت الله به أهله، وأشترطه عليهم في مواضع من كتابه فقال: "إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله" إلى قوله: "التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" وقال:"قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُون" إلى قوله "(8)وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " وقال: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم".
قال أبو عبيد: فهذه الآيات التي شرحت وأبانت شرائعه المفروضة على أهله ونفت عنه المعاصي كلها، ثم فسرته السنة بالأحاديث التي فيها خلال الإيمان في الباب الذي في صدر هذا الكتاب، فلما خالطت هذه المعاصي هذا الإيمان المنعوت بغيرها، قيل ليس هذا من الشرائط التي أخذها الله على المؤمنين ولا الأمانات التي يعرف بها أنه الإيمان فنفت عنهم حينئذ حقيقته ولم يزل عنهم اسمه. فإن قال (قائل ): كيف يجوز أن يقال ليس بمؤمن، واسم الإيمان غير زائل عنه؟ قيل هذا كلام العرب المستفيض عندنا غير المستنكر في إزالة العمل عن عامله إذا كان عمله على غير حقيقته ألا ترى أنهم يقولون للصانع إذا كان ليس بمحكم لعمله: ما صنعت شيئا ولا عملت عملا، وإنما وقع معناهم هاهنا (على ) نفي التجويد، لا على الصنعة نفسها، فهو عندهم عامل بالاسم، وغير عامل في الإتقان، حتى تكلموا به فيما هو أكثر من هذا، وذلك كرجل يعق أباه ويبلغ منه الأذى فيقال: ما هو بولده وهم يعلمون أنه ابن صلبه. ثم يقال مثله في الأخ والزوجة والمملوك. وإنما مذهبهم في هذا المزايلة من الأعمال الواجبة عليهم من الطاعة والبر.
وأما النكاح والرق والأنساب، فعلى ما كانت عليه أمكانها وأسماؤها فكذلك هذه الذنوب التي ينفي بها الإيمان، إنما أحبطت الحقائق منه الشرائع التي هي من صفاته، فأما الأسماء فعلى ما كانت قبل ذلك ولا يقال لهم إلا مؤمنون، وبه الحكم عليهم. وقد وجدنا مع هذا شواهد لقولنا من التنزيل والسنة. فأما التنزيل فقول الله جل ثناؤه في أهل الكتاب حين قال: "وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ".
قال أبو عبيد: حدثنا الأشجعي عن مالك بم مغول عن الشعبي في هذه الآية قال: "أما إنه كان بين أيديهم، ولكن نبذوا العمل به" ثم أحل لله لنا ذبائحهم ونكاح نسائهم فحكم لهم بحكم الكتاب إذا كانوا (به ) مقرين، وله منتحلين، فهم بالأحكام والأسماء في الكتاب داخلون، وهم لها بالحقائق مفارقون، فهذا ما في القرآن.
وأما السنة فحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يحدث به رفاعة في الأعرابي الذي صلى صلاة، فخففها فقال له رسول الله صلى الله عليه "ارجع فصل فإنك لم تصل" حتى فعلها مرارا كل ذلك يقول: "فصل" وهو قد رآه يصليها، أفلست ترى أنه مصل بالاسم، وغير مصل بالحقيقة، وكذلك في المرأة العاصية لزوجها، والعبد الآبق، والمصلي بالقوم الكارهين له أنها غير مقبولة. ومنه حديث عبد الله بن عمر في شارب الخمر "أنه لا تقبل له صلاة أربعين ليلة" وقول علي عليه السلام، "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" وحديث عمر رضي الله عنه في المقدم ثقله ليلة النفر" أنه لا حج له "وقال حذيفة" من تأمل خلق امرأة من وراء الثياب وهو صائم أبطل صومه".
قال أبو عبيدة: فهذه الآثار كلها وما كان مضاهيا لها فهو عندي على ما فسرته لك، وكذلك الأحاديث التي فيها البراءة فهي مثل قوله: من فعل كذا وكذا فليس منا، لا نرى شيئا منها يكون معناه التبرؤ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من ملته، إنما مذهبه عندنا أنه ليس من المطيعين لنا، ولا من المقتدين بنا، ولا من المحافظين على شرائعنا وهذه النعوت وماأشبهها وقد كان سفيان بن عيينة يتأول قوله "ليس منا" ليس مثلنا، وكان يرويه عن غيره أيضا، فهذا التأويل وإن كان الذي قاله إمام من أئمة العلم فأني لا أراه، من أجل أنه جعل من فعل ذلك ليس مثل النبي صلى الله عليه وسلم، لزمة أن يصير من يفعله مثل النبي صلى الله عليه وسلم، والا فلا فرق بين الفاعل والتارك وليس للنبي صلى الله عليه وسلم عديل ولا مثل من فاعل ذلك ولا تاركه. فهذا ما في نفي الإيمان وفي البراءة من النبي صلى الله عليه وسلم إنما أحدهما من الآخر وإليه يؤول. وأما الآثار المرويات بذكر الكفر والشرك ووجوبها بالمعاصي، فان معناها عندنا ليست تثبت على أهلها كفرا ولا شركا يزيلان الإيمان عن صاحبه، إنما وجوهها أنها من الأخلاق والسنن التي عليها الكفار والمشركون، وقد وجدنا لهذين النوعين من الدلائل في الكتاب والسنة نحوا مما وجدنا في النوعين الأولين. فمن الشاهد على الشرك في التنزيل قول الله تبارك وتعالى في آدم وحواء عند كلام إبليس إياهما "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِه" إلى "جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا" وإنما هو في التأويل أن الشيطان قال لهما سميا ولدكما عبد الحارث فهل لأحد يعرف الله ودينه أن يتوهم عليهما الإشراك بالله مع النبوة والمكان من الله، فقد سمى فعلهما شركا، وليس هو الشرك بالله. وأما الذي في السنة، فقول النبي صلى الله عليه وسلم "أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الأصغر" فقد فسر لك بقوله (الأصغر) أن هاهنا شركا سوى الذي يكون به صاحبه مشركا بالله، ومنه قول عبد الله "الربا بضعة وستون بابا، والشرك مثل ذلك" فقد أخبرك أن في الذنوب أنواعا كثيرة تسمى بهذا الاسم وهي غير الإشراك التي يتخذ لها مع الله إله غيره، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فليس لهذه الأبواب عندنا وجوه إلا أنها أخلاق المشركين وتسميتهم وسننهم وألفاظهم وأحكامهم ونحو ذلك من أمورهم. وأما الفرقان الشاهد عليه في التنزيل فقول الله جل وعز: "وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُون" وقال ابن عباس: "ليس بكفر ينقل عن الملة" وقال عطاء بن أبي رباح: "كفر دون كفر"
فقد تبين لنا أنه كان ليس بناقل عن ملة الإسلام أن الدين باق على حاله وإن خالطه ذنوب، فلا معنى له إلا خلاف الكفار وسنتهم،على ما أعلمتك من الشرك سواء، لأن من سنن الكفار الحكم بغير ما أنزل الله، ألا تسمع قوله "أفحكم الجاهية يبغون". تأويله عند أهل التفسير أن من حكم بغير ما أنزل الله وهو على ملة الإسلام كان بذلك الحكم كأهل الجاهلية إنما هو أن أهل الجاهلية كذلك كانوا يحكمون، وهكذا قوله "ثلاثة من أمر الجاهلية الطعن في الأنساب والنياحة والأنواء". ومثله الحديث الذي يروى عن جرير وأبي البختري الطائي "ثلاثة من سنة الجاهلية النياحة وصنعة الطعام، وأن تبيت المرأة في أهل الميت من غيرهم" وكذلك الحديث "آية المنافق (ثلاث) إذا حدث كذب، وإذا أوعد أخلف وإذا ائتمن خان" وقول عبد الله "الغناء ينبت النفاق في القلب" ليس وجوه هذه الآثار كلها من الذنوب أن راكبها يكون جاهلا ولا كافرا ولا منافقا وهو مؤمن بالله وما جاء من عنده، ومؤد لفرائضه، ولكن معناها أنها تتبين من أفعال الكفار محرمة منهي عنها في الكتاب وفي السنة ليتحاماها المسلمون ويتجنبوها فلا يتشبهوا بشيء من أخلاقهم ولا شرائعهم ولقد روي في بعض الحديث "إن السواد خضاب الكفار" فهل يكون لأحد أن يقول فهل يكون لأحد أن يقول نه يكفر من أجل الخضاب؟! وكذلك حديثه في المرأة إذا استعطرت ثم مرت بقوم يوجد ريحها "أنها زانية" فهل يكون هذا على الزنا تجب فيه الحدود؟ ومثله قوله: "المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان". أفيتهم عليه أنه أراد الشيطانين الذين هم أولاد إبليس؟! إنما هذا كله على ما أعلمتك من الأفعال والأخلاق والسنن. وكذلك كل ما كان فيه ذكر كفر أو شرك لأهل القبلة فهو عندنا على هذا، ولا يجب اسم الكفر والشرك الذي تزول به أحكام الإسلام ويلحق صاحبه للردة إلا بكلمة الكفر خاصة دون غيرها وبذلك جاءت الآثار مفسرة.
27- قال أبو عبيد: حدثنا أبو معاوية عن جعفر بن برقان عن ابن أبي نشبة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من أصل الإسلام، الكف عن من قال لا إله إلا الله، لا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض من يوم بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار كلها".
28- قال أبو عبيد حدثنا عباد بن عباد عن الصلت بن دينار عن أبي عثمان النهدي قال دخلت على ابن مسعود وهو في بيت مال الكوفة فسمعته يقول: "لا يبلغ بعبد كفرا ولا شركا حتى يذبح لغير الله أو يصلي لغيره".
29- قال أبو عبيد: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان قال: "جاورت مع جابر بن عبد الله بمكة ستة أشهر، فسأله رجل: هل كنتم تسمعون أحدا من أهل القبلة كافرا؟ فقال: معاذ الله! قال:فهل تسمونه مشركا؟ قال: لا ".
انتهى.

وهذا فصل مبارك من كلام إمام مبارك في كتاب مبارك تناقله أهل السنة سلفا عن خلف، يروونه ويحتجون به ويدرسونه ولست أعلم في أهل السنة أحدا أنكر على أبي عبيد احتجاجه هذا، فإن كنت تعرف فهات لنا.

اقتباس:
أف ! ياراااجل وليس في أهل السنّة ؟ خلاص طلع كل من خالف الإجماع الذي يحتاج إلى دليل !! من غير أهل السنّة عندك ! ؟ ياسلام عليك

هذا ما أدعيه.
فهات لنا من أئمة أهل السنة واحدا ضعف الأثر، أو ذكره ورد معناه.

اقتباس:
هل تسمع و تطيع للحاكم و إن جامع زوجتك ؟!! نقد لسند و متن زيادة " اسمع و أطع للإمام و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك اسمع وأطع "

ملاحظة : قد يستغرب البعض من السؤال لأن إجابته بديهية أصلا ... و هذا يدل على سلامة فطرتهم و دينهم
و لكن هذه التدوينة صيغت لحالات صعبة من الناس ، لنسأل الله لهم الشفاء و العافية .

أعوذ بالله، أهكذا يعامل كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
وهل كانت فطرة الإمام مسلم مشوبة حين روى الحديث في يشترط فيه على نفسه ألا يروي إلا الصحيح الثابت عنده؟ فهل كانت فطرته فاسدة ودينه تالف حين ثبت هذا الحديث عنده؟
نعوذ بالله من أدعياء السنة.

اقتباس:
الدين الإسلامي دين عزة و كرامة و لا يرضى بالإهانة و لا بالدياثة و يأمر بالدفاع عن النفس و الدين و المال و العرض و العقل حتى لو أدى ذلك إلى الشهادة

و لا يرضى بوجود الظلم و لا يقر بوجود ظالم بل يأمر بمحاربتهما معا تغييرا للمنكر و بالقيام بالحق

وهل كان أمير المؤمنين الفاروق عمر رضي الله عنه يأمرنا بالمهانة حين قال ونصح رضي الله عنه:
"ظلمك فاصبر ، وإن ضربك فاصبر ".
وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر المسلمين بالمهانة حين قال لهم أن أموالهم التي يستحقونها لن يعطونها فستكون أمورا منكرة وأثرة فقال لهم "اصبروا حتى تلقوني على الحوض" وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه "تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم".
ولما نبأهم بشرار أئمتهم الذين يلعنون بعضهم بعضا، فقالوا "أفلا ننابذهم بالسيف"، أفتقول أمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمهانة حين قال "لا. ما أقاموا فيكم الصلاة. وإذا رأيتم من ولا تكم شيئا تكرهونه، فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدا من طاعة".
اقتباس:
قال صلى الله عليه و سلم " إن الناس إذا رأو المنكر ولايغيرونه أوشك أن يعمهم الله بعقابه " و في رواية " إذا رأو الظالم فلم يأخذوا على يديه "

قال ابن المنذر رحمه الله في مسألة دفع الصائل:
والذي عليه أهل العلم ان للرجل أن يدفع عما ذكر إذا أريد ظلما تفصيل الا أن كل من يحفظ عنه من علماء الحديث كالمجمعين على استثناء السلطان للآثار الورادة بالأمر بالصبر على جوره وترك القيام عليه انتهى.

اقتباس:
من تلك الحجج الواهية شرعا و عقلا و فطرة ، التمسك الأعمى بتصحيح الزيادة المنكرة سندا و متنا في حديث رواه مسلم متابعة " اسمع و أطع للإمام و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و اطع "

من تلك الحجج الواهية شرعا و عقلا و فطرة ، التمسك الأعمى بتصحيح الزيادة المنكرة سندا و متنا في حديث رواه مسلم متابعة " اسمع و أطع للإمام و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و اطع "

لما اجتمع فقهاء بغداد يقولون لإمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله:
"هذا الأمر قد تفاقم وفشا يعنون إظهاره لخلق القرآن وغير ذلك".
فقال لهم "فما تريدون؟"
قالوا "أن نشاورك في أنا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه".
فناظرهم أبو عبدالله ساعة وقال لهم "عليكم بالنكرة بقلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم انظروا في عاقبة أمركم واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر ودار في ذلك كلام كثير
قال الراوي "لم أحفظه".
قال:
ومضوا ودخلت أنا وأبي على أبي عبدالله بعدما مضوا فقال أبي لأبي عبدالله:
"نسأل الله السلامة لنا ولأمة محمد وما أحب لأحد أن يفعل هذا"
وقال أبي: "يا أبا عبدالله هذا عندك صواب؟"
قال: "لا هذا خلاف الآثار التي أمرنا فيها بالصبر"
ثم ذكر أبو عبدالله قال "قال النبي صلى الله عليه وسلم إن ضربك فاصبر وإن وإن فاصبر فأمر بالصبر قال عبدالله بن مسعود"
يقول الراوي:
"وذكر كلاما لم أحفظه".

فإمام أهل السنة عندك يحتج بالحجج الواهية؟ أبو عبد الله إمام الدنيا في زمانه عندك انبطاحي؟

اقتباس:
لذا فإني أطلب من المصححين للحديث

أن يجيبوني عن هذه الحالة ( و آسف على السؤال و لكنه لمغزى )

هل تسمع و تطيع للحاكم الذي ضرب ظهرك و أخذ مالك و إن جامع زوجتك ؟ أو أخذ والدتك وقطعها أمامك ؟ أو اختطف طفلتك ورفض إرجاعها ؟

مع العلم أنه مسلم و و مقيم للصلاة مطبق لأحكام الشريعة و لكنه فعل هذه المعصية فقط

فهل تسمع و تطيع له ؟!

وهل كان موسى عليه السلام في اعتقادك نبيا حقا وهو يقابل صنيع فرعون من قتل الأبناء واستحياء النساء بقوله عليه السلام "استعينوا بالله واصبروا"؟
هل تقبل هذا من نبي؟
إن لم تقبله كفرت بالله العظيم؟
وإن قبلته، فاقبله منا، وإن قبلته منا فلا يضرنا أن نجيب على سؤالك بالإيجاب أو السلب، فأبعد الطرفين عندك مقبول رغم أنفك.
وإن لم تفهم كلمتك بالعامية لتفهم.

اقتباس:
الحديث بهذه الرواية و الزيادة منقطع بإجماع المحدثين

لأن أبا سلام لم يسمع من حذيفة

كما قال الدراقطني : وهذا عندي مرسل لأن أبا سلام لم يسمع حذيفة

انظر للمتعالم، الدارقطني على إمامته يقول "هذا عندي مرسل" وهو يقول "بإجماع المحدثين".
والدارقطني لم يقل "هذا مرسل" لعدم قيام الحجة القاطعة عنده في المسألة، فهي عنده على الاحتمال، ولو أن هذا المتشبع بما لم يعط قرأ كتاب الدارقطني كاملا لوجده في الحديث التالي مباشرة يقول "هذا مرسل"، ولم "عندي"، ففرق بينهما عند الدارقطني.
والرجل الذي يقلد الدارقطني والنووي يدعي الإجماع وينعي على الناس أخذهم بالإجماع والتقليد.
طيب هذا الذي يلجأ للإجماع على صحة ما في الصحيحين سلفه معروف، ولكن أنت الذي تدعي الإجماع في انقطاع هذه اللفظة من سلفك في هذا الإجماع؟
وأنت يا من نعيت على مخالفك التقليد، أين اجتهادك في إثبات عدم سماع أبي سلام من حذيفة رضي الله عنه؟

إن الحافظ المزي رحمه الله مرض مسألة الانقطاع فقال عند ذكر رواية أبي سلام عن حذيفة "ويقال مرسل".
وروى مسلم الحديث والأصل في روايته أنها متصلة عنده.
فصارت خلافا بين الدارقطني ومسلم، وكل من تبعهما فهو عيال عليهما.
والدارقطني لم يجزم بل قال "عندي مرسل" واحتج بقدم موت حذيفة، وأبو سلام سمع من عبادة رضي الله عنه ومات قبل حذيفة رضي الله عنه.
وقد صحح الحديث مسلم والحاكم، ولم يتعقبه الذهبي، وخالفهما الدارقطني ووافقه النووي، فيصير هذا إجماعا؟
وما نصنع بكلام عمر رضي الله عنه "وإن ضربك فاصبر وإن ظلمك فاصبر"؟

من يقول هذا الكلام:
اقتباس:
نعم ، قال الطبراني في المعجم الأوسط (3/190) حديث رقم : 2893 ،
لم يرو هذا الحديث عن يحيى إلا عمر تفرد به بن سلام

فمسألة التفرد و الانقطاع و أنها منكرة المخالف فيهم لا حجة له إلا أن يأتي ببينة

يتكلم في علم الحديث؟ هذا كلام جاهل لا يفهم مصطلح أئمة الحديث.
الطبراني يتكلم عن حديث معين فيه فردية، وهو حديث يحيى عن زيد عن أبيه، تفرد به يحيى عن زيد عن أبيه، فهذا هو التفرد، تفرد بحديث زيد عن أبيه، وإلا فالجاهل لو كان جاهلا بعلم الحديث لكان ينبغي أن يكون ذكورا لما يكتب، فمسلم رحمه الله خرج الحديث من طريق آخر، فكيف يستدل بالفردية في لفظ الحديث ومسلم أخرجه من طريق آخر والجاهل ينتقد طريق مسلم الذي هو طريق آخر أصلا؟

اقتباس:
لذا فمن يستدل بتصحيح الدارقطني للمعنى فليقم مشكورا بإثباث حديث صحيح صريح واحد يفيد أن الحاكم تجب له السمع و الطاعة مهما اعتدى وبغا !!

باختصار : لن يجد ( لن زمخشرية )

بل الأحاديث في هذا المعنى أكثر من أن تحصى.
وأنت لعلك على مذهب الزمخشري المعتزلي، ترى الخروج على الأمير موافقة للمعتزلة والخوارج مخالفة لأهل السنة.

وسأدعك تتأمل في طرق من هذه الأحاديث الكثيرة التي لا تعرف أنت منها حديثا واحدا، في السنة للخلال والسنة لابن أبي عاصم وغيرها من أمهات كتب الاعتقاد، بل افتح الجوامع الأمهات الصحيحين والسنن والموطأ ثم ارجع وقل لنا أنك لم تجد حديثا واحدا، لأنك الآن لعلك لم تفتح في كتب السنة شيئا والجاهل لا مجال لخطابه، فتعلم ثم تعال نتكلم.

اقتباس:
العلة في هذا الحديث باختصار

قتادة مدلس و من يذكر إسناد أبي عوانة فقد شطط فأبو عوانة ضعيف في قتادة
و سبيع بن خالد و البعض قال هو نفسه خالد بن خالد المهم

الرجل مقبول بشرط المتابعة ؟!!! لأنه مجهول الحال قطعا

ظلمات من الجهل بعضها فوق بعض.
لم يتفرد أبو عوانة برواية الحديث عن قتادة.
وقتادة من المكثرين ممن يقبل عنعنته مالم يثبت الانقطاع وقبل عنعنته الجهابذة.
وسبيع بن خالد من التابعين معلوم العين موثق من ابن حبان والعجلي ولو لم يوثقه ابن حبان والعجلي فيقبل حديثه مالم يخالف وإن انفرد، فكيف إذا كان متابعا لأبي سلام؟
وأبو عوانة ليس بضعيف الحديث عن قتادة، فالشيخان أخرجا روايته عن قتادة ،وأنت تضعفها بجهلك المطبق.

اقتباس:
وقد اعرض عن رواية سفيان بن عيينة كثير من المفسرين ,كابن كثير ,والذي ذكر رواية عبد الرزاق باعتبارها تنصّ على المدرج في الرواية ,خلافا لسفيان بن عيينة الذي لم ينصّ على ذلك .

أنت بكل صفاقة تقول في مكان "الساكت لا ينسب له قول" ثم تنسب هنا لابن كثير ما يفهم منه تضعيفه للرواية.
وهذا الأثر لم يضعفه واحد من أئمة أهل السنة.
حتى جاء المجددينات في هذا العصر من المتعالمين المتطفلين على هذا العلم الشريف يضعفون ما احتج به أئمة المسلمين.

وأما ما سودت به الكلام فأرد عليه في نقاط موجزة:
أولا: تضعيف الحديث قد رددت عليه سابقا من ناحية الصنعة الحديثية فارجع للردود السابقة وناقش ما يستحق المناقشة، ويغني عن كل هذا أنه أئمة المسلمين كأحمد إمام المحدثين وإمام أهل السنة في زمانه احتج بها، وابن نصر وابن عبد البر والسمعاني ولم يضعفها فيما أعلم واحد يعتد به من أئمة أهل السنة، فهات لنا واحدا يخرق الإجماع فنتكلم بعدها.

ثانيا: تفسير هذه الآية بأن الكفر لا يخرج من الملة محفوظ عن ابن عباس رضي الله عنهما وأصحابه من التابعين واحتج به أئمة المسلمين وليس يعرف لهم مخالف.

ثالثا: الخلاف في الحكم بغير ما أنزل الله، وليس في الاستحلال أو الاستبدال، فالخلط هنا إما جهل أو مغالطة.

وما بعد ذلك مما تشبع به من اتبعوا منهج الخوارج ورموا أئمة الإسلام بالإرجاء كالمقدسي المذكور اسمه في النقل أعلاه، فهو مردود عليه في مواضيع أخر في هذا القسم، إن كان لك فيها شبهة محددة غير النسخ واللصق بلا علم، بينت لك ما أشكل عليك منها بأمر الله.

اقتباس:
أخرج مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « ما من نبى بعثه الله فى أمة قبلى إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل

ألست تدعي أنك على فهم السلف للنصوص، هات كلام السلف.
هذا الحديث رواه إمام عن إمام، من أئمة السلف، رواه قتادة عن الحسن.
قال الحسن فمن أنكر بلسانه فقد برئ وقد ذهب زمان هذه ومن كره بقلبه فقد جاء زمان هذه ورواه هشام الدستوائي عن قتادة عن الحسن ثم قال قتادة يعني من أنكر بقلبه وكره بقلبه


اقتباس:
في موضوع الحكام ..يكفينا قول الله عز وجل: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} والفتنة هي الكفر. فلا نزال نقاتل حتى يكون الدين كله لله وحده

انظر إلى سلفك في هذه الحجة.
قال الإمام البخاري رحمه الله:
حدثنا محمد بن بشار: حدثنا عبد الوهاب: حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا: إن الناس ضيعوا وأنت ابن عمر، وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي، فقالا: ألم يقل الله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}. فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة، وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة، ويكون الدين لغير الله.
وزاد عثمان بن صالح، عن ابن وهب قال: أخبرني فلان، وحيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو المعافري: أن بكير بن عبد الله حدثه، عن نافع: أن رجلا أتى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما حملك على أن تحج وتعتمر عاما، وتترك الجهاد في سبيل الله عز وجل، فد علمت ما رغب الله فيه؟ قال: يا ابن أخي، بني الإسلام على خمس: إيمان بالله ورسوله، والصلاة الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت. قال: يا أبا عبد الرحمن، ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله }. {قاتلوهم حتى لا تكون فتنة}. قال: فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الإسلام قليلا، فكان الرجل يفتن في دينه: إما قتلوه وإما يعذبونه، حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة، قال: فما قولك في علي وعثمان؟ قال: أما عثمان فكأن الله عفا عنه، وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه. أما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه، وأشار بيده، فقال: هذا بيته حيث ترون.






التوقيع :
إلى كل من يحرض المسلمين على المظاهرات في مصر، هنا حكمها
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=164793
وإلى كل من يريد نصرة الإسلام بدون مظاهرات، انظر هنا
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=164737
وإلى كل من يظن أن المظاهرات والاعتصامات ستنصر الدين انظر هنا
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=164556
ولمعرفة حال الأحزاب القائمة على هذه الفتنة انظر هنا
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=164862

فاتقوا الله في دماء المسلمين، والزموا السنة التي لا يشقى بها أحد
من مواضيعي في المنتدى
»» من عجز عن غسل عضو كيف يتطهر
»» فتاوى العلماء في المظاهرات والاعتصامات
»» الانتماء إلى الجماعات والأحزاب الإسلامية
»» كيف تنصر المشروع الإسلامي؟
»» طريق التمكين الذي لا يفلح من سار في غيره
 
قديم 28-11-12, 02:42 AM   رقم المشاركة : 135
أبو زرعة الرازي
عضو ماسي






أبو زرعة الرازي غير متصل

أبو زرعة الرازي is on a distinguished road


اقتباس:
وقُصارى القَوْل في كشفِ هذا التلبيسِ حولَ مقولةِ [كُفر دونَ كُفْر] المنسوبةِ لابنِ عباس -رضي اللهُ عنْه ، وأمثالِها :

الحمدلله، ليس هناك تلبيس، غاية ما أقوله هو ما قاله الأئمة من قبل.
وأستغرب من كلامك، فما وصفتيه بالتلبيس هو في عامته نقل عن أئمة أهل السنة، وما وصفتيه بالنقل المحتو على فوائد غفيرة جمة فيه نقل عن من يرمون أئمة المسلمين كالألباني وابن باز وابن عثيمين بالإرجاء والفتوى على هوى السلاطين وغير هذا.

اقتباس:
أنَّ قولَ [ابن عباس] هذا إنْ صح - وقد صحَّ قريبٌ من معناه عن غيرِه - فهو ردٌّ على الخوارجِ الذين أرادوا تكفيرَ الحكمين، وعلي ومعاوية ومن معهُما من المسلمِين لأجلِ الخصُومة والحكُومة التي جرَت بينهُم في شأنِ الخلافِة والصُلح وما جرى بينَ الحكمين [عمرُو بن العاص وأبِي مُوسى الأشعَري] إذ تلكَ الحادثة كانتْ أوَّل مخرجهم - كما هُوَ معلُوم - فقالُوا: [حكّمتُم الرِجَال]{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }، ولا شكَّ أنَّهُم مخطئون في ذلِك ضالّون إذ ذلكُم الذي وقعَ بين الصحابةِ ولو جارَ بعضُهم فيهِ على بعض ليسَ بالكفرِ الذي ينقلُ عن الملةِ بحال، وقد بعثَ علي عبد الله بن عباس –رضي الله عنهم- إلى الخوارجِ يناظرهم في ذلِك، فخرجَ إليهِم فأقبلوا يكلمُونه، فقَال: نقمتُم من الحكمينِ وقد قالَ اللهُ -عزَّ وجَل-: { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا }الآية؛ فكيفَ بأمَّةِ محمَّد -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.


فقالُوا لَه: ما جعلَ اللهُ حكمهُ إلى الناسِ وأمرَهُم بالنظرِ فيهِ فهوَ إليهِم ومَا حكمَ فأمضى فليسَ للعبادِ أنْ ينظُروا فِي هذا.

فقالَ ابنُ عباس: فإنَّ الله –تعالى- يقُول: { يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ }.


قالُوا: تجعلُ الحكمَ في الصيدِ والحرَث، وبينَ المرأةِ وزوجِهَا كالحكم في دماءِ المسلمين؟ وقالوا له: أعدلٌ عندكَ عمرو بن العاص وهو بالأمس يقاتُلنا؟ فإن كانَ عدلاً، فلسنا بعدُول، وقد حكّمتم في أمرِ الله الرجِال.


والشاهِد أنَّهُ بعدَ هذهِ المُناظرَة رجعَ منْهُم إلى الحقِّ خلْق، وأصرَّ آخرُون على ضلالِهم وانشقُّوا عن جيشِ علي بعدَ حادثةِ الحكَمين هذه، وهم أصلُ الخوارِج.


فعمدَ البعض إلى تلكَ المقولةِ المنسُوبةِ لـ[ابن عباس] وما شابَهها من أقوالِ أخرى لبعضِ التابِعين؛ كطَاووسٍ وابنه وأبِي مجلز والتي كانَتْ كلها في شأنِ الخوارج، وطارُوا بِها كل مطير، لينزلُوها زوراً وبهتاناً في محلٍّ غير محلِّها وواقعٍ غيرِ واقعِهَا ومقامٍ غَير مقامِهَا؛ بدليلِ أنَّ هذهِ اللفظَة التي يحتجُّ بِهَا هؤلاء فيها قول ابن عباس مُخاطباً أناساً بعينِهم، عَنْ واقعةٍ بعينِها: [إنَّهُ ليسَ الكُفر الذي تذهبُون إليه]، فلفظةُ [الذي تذهبُون] خطابٌ للخوارج ومن تبعَهم في زمَانهِ في واقعةٍ معلُومة معرُوفة فقولهُ إذاً ليسَ في تفسيرِ الآيَة وإنَّما في المناطِ [الخَطأ] الذي علَّقها الخوارِج خطأ فِيه، بدليلِ أنَّ الآيةَ أصلاً تتكلمُ عن الكفَّارِ المبدِّلين لشرعِ الله يهُوداً كانُوا أو غيرهم، فهل يُعقل أن يقولَ ابن عباس –رضي اللهُ عنْه- أو غيرهِ من أهلِ الإسلام في تبديلِ اليهُود أو غيرِهم لحكمٍ أو حدٍ من حدودِ الله - كالديَّة أو حدِّ الزِنا - أنَّه [كفرٌ دونَ كُفْر] فمقُولته هذهِ إذن - على تقديرِ صحَّتِها - هي فِي المناطِ الباطل الذي أرادَ الخوارجُ إنزالَها فيهِ وليسَت في بيانِ الآيةِ وتفسيرِها، فليتنبَّه!

طيب كلامك محترم.
ولكن إذا وجدت كلامك يقيد الأثر الصحيح الذي احتج به أئمة المسلمين.
ووجدت أئمة أهل السنة يحتجون بالأثر مطلقا بغير هذا القيد الذي تقيدين أنت به هذا الكلام.
أأخذ بكلامك؟ أو بكلام أبي عبيد القاسم بن سلام وكلامه متداول مشهور مبثوث لم ينكره أحد من أهل السنة فيما أعلم؟
هل أقتدي بكلامك؟ أو بكلام أحمد بن حنبل رحمه الله؟ والذي نقله ابن نصر وابن تيمية ولم يتعقبه واحد منهما؟

كيف أكون على مذهب السلف إذا أخذت بكلامك وتركت كلام السلف؟

اقتباس:
فإذا عرفَ المنصفُ الذي وُفِّق لطلبِ الحق هذا كله وفهمَ مناط تلكَ الأقوالِ المنسُوبة لابنِ عباس وغيرهِ من السلَف والوَاقِعُ الذي قِيلت فيهِ وصفةَ القومِ الذين قِيلَتْ لهُم وصفةَ مقالاتهِم ، ثم نظرَ بعينِ البصيرة فيما نحنُ فيهِ اليوم من تشريعٍ مع اللهِ ما لم يأذن بهِ الله، واستبدالِ الذي هو أدنى مِنْ زبالاتِ القوانينِ الوضعيَّةِ وأهواءِ البشَر بأحكامِ اللهِ وتشريعاتِه وحدودِه المطهَّرة ؛ عرفَ فداحةَ ذلكَ التلبيسِ العظِيم والتضليلِ المُبين الذي يقومُ به من عمدَ لهذهِ الأقوال وحرَّف مقاصدَها بإنزالِها على واقعٍ مغايرٍ كل المُغايرة لواقعِها الذي قِيلَت فيه، ترقيعاً لما يسمونهُم بـ[ولاةِ الأمُور] .

الاستبدال قضية والحكم قضية.
هذه مسألة حكمها معروف، وتلك مسألة نحن نتكلم فيها لنعرف مذهب السلف فيها.

وأما ولاة الأمور فلا يعنوننا من قريب ولا من بعيد.
كما أن الكفار والزنادقة لا علاقة لنا بهم، ولا نوالي فاسقا ولا ظالما ولا جائرا ولا كافرا.
وإنما الشأن في التعامل معهم.
فالكافر نعرف أن منه المعاهد والمستأمن والحربي والذمي، ولكل واحد معاملة.
والفاسق الملي له معاملة.
والمبتدع له معاملة.
فكف اليد عن أي صنف من هؤلاء في الموطن الذي أمرنا الشرع فيه بكف اليد عنه، إنما هو امتثال لأمر الشارع.
وليس حبا في الفاسق وليس موالاة للكافر.
فأرجو النظر للمسألة بمنظور شرعي والبعد عن الكلام في النوايا، فقد استقر عند كل مسلم أن النوايا لا يعلمها إلا الله.

اقتباس:
فهل كانَ [علي ومعاوية ومن معهم من الصحابة] –رضي اللُهُ عنهُم أجمَعين- يوم أنْ واجهَهُم الخوارج بحججهِم تلك، يدَّعُون لأنفسهم حقَّ التشريعِ مع الله؟


أو هل اخترعوا قوانينَ ودساتير كفريَّة تنصُّ على أنَّ السلطةَ [التشريعيَّة] يتولاها الأمِير ومجلِس الأمَّةِ وفقاً لما يُسمَّى بالدستورِ الوضعِي كما هُو الحال في الدولِ التي تسمَّى إسلاميَّة اليوم؟


و هل شرَّع الصحابة قوانين وضعيَّة وفقاً لحكمِ الشعبِ ورغبتِه أو تبعاً لهوى الأغلبيَّة واستبدَلُوها بحدودِ الله –تعالى- المرفُوعةِ المطهَّرة؟

إن الذي يدعي لنفسه حق التشريع مع الله كافر بلا مثنوية.
ولكن نعود فنقول، نحن لا نتكلم عن المبدل، ولا نتكلم عن المستحل.
فمن صرح بالتبديل أو الاستحلال فهو محكوم عليه بالكفر، ومن صرح بدونية أو مساواة الشريعة لغيرها فهو كافر.
ليس عن هذا نتكلم.
الفعل من أفعال الكفر، كما أن النياحة من أفعال الكفر، وكما أن الاقتتال والتحزب من أفعال الكفر، ألا لا ترجعوا بعدي كفارا.
ولكن الحكم على الناس إن وقعوا في هذا بغير استحلال أو استبدال أو تفضيل، هنا الكلام، وهنا نزل كلام أبي عبيد وأحمد وأئمة السنة.

اقتباس:
بل نقُول: لو أنَّ أحداً فعلَ يومئذٍ مثلُ ذلك، لما استشهدَ عليهِ الخوارجُ بتلكَ النصوصِ غير الصريحَة في بابِ التشريعِ كقولهِ تعالى: { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ولما تركُوا نصُوصاً أخْرى صرِيحة وقطعيَّة الدلالَة على كفرِ المشرِّعين وكونهُم أرباباً وطواغيتاً تعبُد من دونِ الله، كقولهِ تعالى: { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } ، وقولهِ تعالى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } ، وقولهِ تعالى: {وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً }ونحوِها ممَّا لم يكُنْ ليخفى على مَنْ كانَ يحقرُ الصحابَة قراءتهم للقرآنِ إلى قراءتِه، أو قولهِ تعالى: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}، وقولهِ تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} ونحوها ، ولكنَّهم لم يذكرُوا شيئاً من ذلِك، لأنَّهُ لم يكنْ شيئاً منهُ ليتنزلَ على واقعتهِم تلك، وما كانَ مثلُ هذا ليخفَى على ابنِ عباس أصلاً لو أنَّ واقعتَهم كانتْ حوله - كيف وهو حبرُ القرآن - وراوي سببَ نزولِ قولهِ تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} .


فلو كانَت قضيتهُم مثل طامتِنا لما كانَ -رضي اللهُ عنْه- ليتردَّد - لا هُو ولا غيره مِن الصحابةِ طرفةَ عين في تكفيرِ مَن فعلَه إذ أنَّهم يعرفُون جيداً أنَّ التشريعَ ولو في قضيَّةٍ أو مسألةٍ واحدِة فيما لا يجُوز إلا لله [شركٌ باللهِ أكبَر وكفرٌ فوقَ كُفْر وظلمٌ فوقَ ظُلم وفسقٌ فوقَ فسْق] بل إنَّ مجرَّدَ صرف حقِّ التشريعِ أو ادعائه لأحدٍ من الخلق (الأمِير أو الرَئيس أو المَلك أو الشَعْب أو مجلِسه) شركٌ وكفرٌ أكبَر سواء شرَّعَ أم لم يشرِّع وسواء تابعَ صَارِفُ ذلِك تشريعهُم أم لم يُتابِعه، فظهرَ أن واقعتهُم كانتْ غيرُ واقعتِنا وفتنتهُم كانت غير فتنتِنا .

ولا يَخْفى على مثلكُم أنَّ الحكْمَ بمعْنى [التشريع] هُو [كفرٌ مجرَّد]بخلاف الحكْمِ بمعْنى الجُورِ في القضاء وفي الأخيرةِ بسطٌ وتفصِيل وأنَّ ما هو حاصلٌ اليَوم [فمِنْ جنسِ الأوَّل] .

وهنا مربط الكلام.
كيف نجعل مجرد وضع الدستور تشريع أو تبديل؟
لو أن أميرا خرج على الناس وقال قد حكمت عليكم أن تدفعوا الضرائب كذا وكذا.
ومن لم يصنع فعليه كذا وكذا.
وسن بهذا قانونا وألزم به.
هذا لص ظالم، وأما الكفر، فليس هذا مناطه.
ولا فرق بين قانون وعشرة قوانين ومائة قانون.
فالكفر لا يتجزأ، فالمناط الاستحلال أو التبديل أو التفضيل.






التوقيع :
إلى كل من يحرض المسلمين على المظاهرات في مصر، هنا حكمها
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=164793
وإلى كل من يريد نصرة الإسلام بدون مظاهرات، انظر هنا
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=164737
وإلى كل من يظن أن المظاهرات والاعتصامات ستنصر الدين انظر هنا
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=164556
ولمعرفة حال الأحزاب القائمة على هذه الفتنة انظر هنا
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=164862

فاتقوا الله في دماء المسلمين، والزموا السنة التي لا يشقى بها أحد
من مواضيعي في المنتدى
»» فتاوى العلماء في المظاهرات والاعتصامات
»» طريق التمكين الذي لا يفلح من سار في غيره
»» من عجز عن غسل عضو كيف يتطهر
»» الانتماء إلى الجماعات والأحزاب الإسلامية
»» كيف تنصر المشروع الإسلامي؟
 
قديم 28-11-12, 10:49 AM   رقم المشاركة : 136
نوفل العابد
موقوف






نوفل العابد غير متصل

نوفل العابد is on a distinguished road


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلالة الصحابه ... مشاهدة المشاركة
   باركَ اللهُ بِكُم أخِي [نوفَل العابِد] لنقلك لهذا البسطِ ومافيهِ مِنْ فوائد غفيرةٍ جمَّة .


المغالطات إنَّما كانَت في فهمِكُم لما ذكرنَا لا فِي مضمُونِ ما كتبنا .

وقُصارى القَوْل في كشفِ هذا التلبيسِ حولَ مقولةِ [كُفر دونَ كُفْر] المنسوبةِ لابنِ عباس -رضي اللهُ عنْه ، وأمثالِها :


فإنَّا نقُول :


أنَّ قولَ [ابن عباس] هذا إنْ صح - وقد صحَّ قريبٌ من معناه عن غيرِه - فهو ردٌّ على الخوارجِ الذين أرادوا تكفيرَ الحكمين، وعلي ومعاوية ومن معهُما من المسلمِين لأجلِ الخصُومة والحكُومة التي جرَت بينهُم في شأنِ الخلافِة والصُلح وما جرى بينَ الحكمين [عمرُو بن العاص وأبِي مُوسى الأشعَري] إذ تلكَ الحادثة كانتْ أوَّل مخرجهم - كما هُوَ معلُوم - فقالُوا: [حكّمتُم الرِجَال]{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }، ولا شكَّ أنَّهُم مخطئون في ذلِك ضالّون إذ ذلكُم الذي وقعَ بين الصحابةِ ولو جارَ بعضُهم فيهِ على بعض ليسَ بالكفرِ الذي ينقلُ عن الملةِ بحال، وقد بعثَ علي عبد الله بن عباس –رضي الله عنهم- إلى الخوارجِ يناظرهم في ذلِك، فخرجَ إليهِم فأقبلوا يكلمُونه، فقَال: نقمتُم من الحكمينِ وقد قالَ اللهُ -عزَّ وجَل-: { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا }الآية؛ فكيفَ بأمَّةِ محمَّد -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.


فقالُوا لَه: ما جعلَ اللهُ حكمهُ إلى الناسِ وأمرَهُم بالنظرِ فيهِ فهوَ إليهِم ومَا حكمَ فأمضى فليسَ للعبادِ أنْ ينظُروا فِي هذا.

فقالَ ابنُ عباس: فإنَّ الله –تعالى- يقُول: { يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ }.


قالُوا: تجعلُ الحكمَ في الصيدِ والحرَث، وبينَ المرأةِ وزوجِهَا كالحكم في دماءِ المسلمين؟ وقالوا له: أعدلٌ عندكَ عمرو بن العاص وهو بالأمس يقاتُلنا؟ فإن كانَ عدلاً، فلسنا بعدُول، وقد حكّمتم في أمرِ الله الرجِال.


والشاهِد أنَّهُ بعدَ هذهِ المُناظرَة رجعَ منْهُم إلى الحقِّ خلْق، وأصرَّ آخرُون على ضلالِهم وانشقُّوا عن جيشِ علي بعدَ حادثةِ الحكَمين هذه، وهم أصلُ الخوارِج.


فعمدَ البعض إلى تلكَ المقولةِ المنسُوبةِ لـ[ابن عباس] وما شابَهها من أقوالِ أخرى لبعضِ التابِعين؛ كطَاووسٍ وابنه وأبِي مجلز والتي كانَتْ كلها في شأنِ الخوارج، وطارُوا بِها كل مطير، لينزلُوها زوراً وبهتاناً في محلٍّ غير محلِّها وواقعٍ غيرِ واقعِهَا ومقامٍ غَير مقامِهَا؛ بدليلِ أنَّ هذهِ اللفظَة التي يحتجُّ بِهَا هؤلاء فيها قول ابن عباس مُخاطباً أناساً بعينِهم، عَنْ واقعةٍ بعينِها: [إنَّهُ ليسَ الكُفر الذي تذهبُون إليه]، فلفظةُ [الذي تذهبُون] خطابٌ للخوارج ومن تبعَهم في زمَانهِ في واقعةٍ معلُومة معرُوفة فقولهُ إذاً ليسَ في تفسيرِ الآيَة وإنَّما في المناطِ [الخَطأ] الذي علَّقها الخوارِج خطأ فِيه، بدليلِ أنَّ الآيةَ أصلاً تتكلمُ عن الكفَّارِ المبدِّلين لشرعِ الله يهُوداً كانُوا أو غيرهم، فهل يُعقل أن يقولَ ابن عباس –رضي اللهُ عنْه- أو غيرهِ من أهلِ الإسلام في تبديلِ اليهُود أو غيرِهم لحكمٍ أو حدٍ من حدودِ الله - كالديَّة أو حدِّ الزِنا - أنَّه [كفرٌ دونَ كُفْر] فمقُولته هذهِ إذن - على تقديرِ صحَّتِها - هي فِي المناطِ الباطل الذي أرادَ الخوارجُ إنزالَها فيهِ وليسَت في بيانِ الآيةِ وتفسيرِها، فليتنبَّه!


فإذا عرفَ المنصفُ الذي وُفِّق لطلبِ الحق هذا كله وفهمَ مناط تلكَ الأقوالِ المنسُوبة لابنِ عباس وغيرهِ من السلَف والوَاقِعُ الذي قِيلت فيهِ وصفةَ القومِ الذين قِيلَتْ لهُم وصفةَ مقالاتهِم ، ثم نظرَ بعينِ البصيرة فيما نحنُ فيهِ اليوم من تشريعٍ مع اللهِ ما لم يأذن بهِ الله، واستبدالِ الذي هو أدنى مِنْ زبالاتِ القوانينِ الوضعيَّةِ وأهواءِ البشَر بأحكامِ اللهِ وتشريعاتِه وحدودِه المطهَّرة ؛ عرفَ فداحةَ ذلكَ التلبيسِ العظِيم والتضليلِ المُبين الذي يقومُ به من عمدَ لهذهِ الأقوال وحرَّف مقاصدَها بإنزالِها على واقعٍ مغايرٍ كل المُغايرة لواقعِها الذي قِيلَت فيه، ترقيعاً لما يسمونهُم بـ[ولاةِ الأمُور] .


فهل كانَ [علي ومعاوية ومن معهم من الصحابة] –رضي اللُهُ عنهُم أجمَعين- يوم أنْ واجهَهُم الخوارج بحججهِم تلك، يدَّعُون لأنفسهم حقَّ التشريعِ مع الله؟


أو هل اخترعوا قوانينَ ودساتير كفريَّة تنصُّ على أنَّ السلطةَ [التشريعيَّة] يتولاها الأمِير ومجلِس الأمَّةِ وفقاً لما يُسمَّى بالدستورِ الوضعِي كما هُو الحال في الدولِ التي تسمَّى إسلاميَّة اليوم؟


و هل شرَّع الصحابة قوانين وضعيَّة وفقاً لحكمِ الشعبِ ورغبتِه أو تبعاً لهوى الأغلبيَّة واستبدَلُوها بحدودِ الله –تعالى- المرفُوعةِ المطهَّرة؟


حاشا صحبُ محمدٍ -عليهم رضوانُ الله السرمَدِي- بل وحاشى السُفهاء والمجانِين والرُعاع والعوامِ في ذلكَ الزمان عن مثلِ هذا الكُفر البواح وأنَّى يتصَور فيهُم مثل هذا، وهم الذين خضَّبوا الغبراء بدمائهِم الزكيَّة من أجلِ رفعة شريعةِ دينِ الله وعزَّتها .

بل نقُول: لو أنَّ أحداً فعلَ يومئذٍ مثلُ ذلك، لما استشهدَ عليهِ الخوارجُ بتلكَ النصوصِ غير الصريحَة في بابِ التشريعِ كقولهِ تعالى: { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ولما تركُوا نصُوصاً أخْرى صرِيحة وقطعيَّة الدلالَة على كفرِ المشرِّعين وكونهُم أرباباً وطواغيتاً تعبُد من دونِ الله، كقولهِ تعالى: { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } ، وقولهِ تعالى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } ، وقولهِ تعالى: {وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً }ونحوِها ممَّا لم يكُنْ ليخفى على مَنْ كانَ يحقرُ الصحابَة قراءتهم للقرآنِ إلى قراءتِه، أو قولهِ تعالى: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}، وقولهِ تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} ونحوها ، ولكنَّهم لم يذكرُوا شيئاً من ذلِك، لأنَّهُ لم يكنْ شيئاً منهُ ليتنزلَ على واقعتهِم تلك، وما كانَ مثلُ هذا ليخفَى على ابنِ عباس أصلاً لو أنَّ واقعتَهم كانتْ حوله - كيف وهو حبرُ القرآن - وراوي سببَ نزولِ قولهِ تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} .


فلو كانَت قضيتهُم مثل طامتِنا لما كانَ -رضي اللهُ عنْه- ليتردَّد - لا هُو ولا غيره مِن الصحابةِ طرفةَ عين في تكفيرِ مَن فعلَه إذ أنَّهم يعرفُون جيداً أنَّ التشريعَ ولو في قضيَّةٍ أو مسألةٍ واحدِة فيما لا يجُوز إلا لله [شركٌ باللهِ أكبَر وكفرٌ فوقَ كُفْر وظلمٌ فوقَ ظُلم وفسقٌ فوقَ فسْق] بل إنَّ مجرَّدَ صرف حقِّ التشريعِ أو ادعائه لأحدٍ من الخلق (الأمِير أو الرَئيس أو المَلك أو الشَعْب أو مجلِسه) شركٌ وكفرٌ أكبَر سواء شرَّعَ أم لم يشرِّع وسواء تابعَ صَارِفُ ذلِك تشريعهُم أم لم يُتابِعه، فظهرَ أن واقعتهُم كانتْ غيرُ واقعتِنا وفتنتهُم كانت غير فتنتِنا .

ولا يَخْفى على مثلكُم أنَّ الحكْمَ بمعْنى [التشريع] هُو [كفرٌ مجرَّد]بخلاف الحكْمِ بمعْنى الجُورِ في القضاء وفي الأخيرةِ بسطٌ وتفصِيل وأنَّ ما هو حاصلٌ اليَوم [فمِنْ جنسِ الأوَّل] .


هذا واللهُ تعالى أعلى وأعلَم .

بارك الله فيكِ أختي الكريمة ونفع بكِ الإسلام وأهله .

كلامكِ من ذهب أحسن الله إليكِ .

نعم هذا هو الحق والحق أحق أن يتّبع .






 
قديم 28-11-12, 11:08 AM   رقم المشاركة : 137
نوفل العابد
موقوف






نوفل العابد غير متصل

نوفل العابد is on a distinguished road




أبو زرعة الرازي ..


تقول هنا /


اقتباس:
أولا هذا مذهب أهل السنة وليس مجرد أثر، ولسنا أصحاب رأي.
فبهذا الأثر احتج الإمام أحمد وابن نصر المروزي والطبري و الآجري والسمعاني وابن عبد البر وابن تيمية وغيرهم

وقلتُ لكَ .. وهل إحتج العلماء بهذا الأثر مع الزيادة المشهورة ؟ هات الدليل !! هات مايثبت أن العلماء امثال أحمد وابن نصر والطبري والاجري والسمعاني وابن عبد البر وابن تيمية وغيرهم احتجوا بالأثر مع الزيادة ! لأنها محل النزاع . ؟






 
قديم 28-11-12, 05:31 PM   رقم المشاركة : 138
مناظر
موقوف






مناظر غير متصل

مناظر is on a distinguished road


قرأت الموضوع وقرأت مثله كثير من قبل :

وهذا الصحيح فيه : عندما قال ابن عباس ( ليس الكفر الذي تذهبون إليه ) يقصد الخوارج يقول لهم ياخوارج ياقليلين الادب علي ومعاويه لم يكفروا الكفر الذي تقصدونه (الخروج عن المله ) الذي استدللتم له بآية المائده ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلائك هم الكافرون) هذا رد ابن عباس على الخوارج ارادوا ان يكفروا الصحابه بهذه الآيه ، ولم يكن ابن عباس يفسر الآيه.

فاتقوا الله انتم ملبس عليكم لبسوا عليكم مرجئة العصر.

ثم إنه ليس كل من حكم بغير ما انزل الله يكفر ، بل قد يكون اتبع هواه في مسألة وحكم خلاف شرع الله على شرط ان يكون شرع الله هو المرجع لكن اتبع هواه في نازله في قضيه ، هنا يكون كفره دون كفر ( كبيره من الكبائر) لا تخرجه من المله ، أما اذا غير الشرع وصار مرجع الحكومه هو ( الديمقراطيه ) هنا تنطبق عليه آية المائده يخرج من المله.







 
قديم 28-11-12, 05:38 PM   رقم المشاركة : 139
مناظر
موقوف






مناظر غير متصل

مناظر is on a distinguished road


بعدين العضو ابو زرعه الرازي يتبع المصلحه والمفسده على حساب الأصول الثابته وعندي دليل على ذلك ( حوار مصور)
وابو بكر العراقي للأسف وافق ابو زرعه في عدم تكفير تارك الصلاه.

اذا اردتم الحوار ، يجب أن يكون المرجع كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الصحابه والقرون الأولى المفضله.
أما ان تحتجوا بقال فلان وقال فلان ، هذه بدعه.

وانا اسأل من يتشبث بالقول المنسوب لإبن عباس ( كفر دون كفر )
هل تسلم للقول المنسوب والثابت عنه في جواز زواج المتعه في حال قلة النساء!؟







 
قديم 28-11-12, 05:41 PM   رقم المشاركة : 140
مناظر
موقوف






مناظر غير متصل

مناظر is on a distinguished road


ما يثير الضحك ان ابا بكر العراقي عرض اقوال العلماء في تضعيف هشام بن حجير ، والمشرفين منهج وزرعه لايزالان يسألان ( من ضعف الاثر من ضعف الاثر) !! ههههههه







 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:19 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "