العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية > الرد على شبهات الرافضة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-05-07, 05:32 AM   رقم المشاركة : 1
احمد احمد
عضو نشيط






احمد احمد غير متصل

احمد احمد is on a distinguished road


الموقف مما شجر بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين

بسم الله الرحمن الرحيم

منقول من كتاب ( صدق النبأ في عقيدة أبن سبأ )
بقلم ( أبو عبد الله الذهبي)

الموقف مما شجر بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين

أقول و بالله التوفيق : اعلم رحمني الله وإياك ؛ أن البحث فيما شجر بين الصحابة ، لا يقرب العبد إلى الله زلفى ، فهم قد لقوا ربهم و هو أعلم بما شجر بينهم ، فإن كان الأمر لا يقربك إلى الله زلفى و إنما قد يقودك إلى النار و أنت لا تعلم ، فتجنبه أولى ؛ إلا في حالة واحدة و سيأتي بيان هذه الحالة .

و معنى الإمساك عما شجر بين الصحابة ، هو عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب و الخلافات على سبيل التوسع و تتبع التفصيلات ، و نشر ذلك بين العامة ، أو التعرض لهم بالتنقص لفئة و الانتصار لأخرى .

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ( 3/406) : و كذلك نؤمن بالإمساك عما شجر بينهم ، و نعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب و هم كانوا مجتهدين ، إما مصيبين لهم أجران أو مثابين على عملهم الصالح مغفور لهم خطؤهم ، و ما كان لهم من السيئات ، و قد سبق لهم من الله الحسنى ، فإن الله يغفر لهم إما بتوبة أو بحسنات ماحية أو مصائب مكفرة .

و ما شجر بينهم من خلاف فقد كانوا رضي الله عنهم يطلبون فيه الحق و يدافعون فيه عن الحق ، فاختلفت فيه اجتهاداتهم ، و لكنهم عند الله عز وجل من العدول المرضي عنهم ، و من هنا كان منهج أهل السنة والجماعة هو حفظ اللسان عما شجر بينهم ، فلا نقول عنهم إلا خيراً و نتأول و نحاول أن نجد الأعذار للمخطئ منهم و لا نطعن في نيّاتهم فهي عند الله ، و قد أفضوا إلى ما قدموا ، فنترضى عنهم جميعاً و نترحم عليهم و نحرص على أن تكون القلوب سليمة تجاههم .

قال ابن قدامة المقدسي في اللمعة (ص175) : و من السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و محبتهم و ذكر محاسنهم و الترحم عليهم و الاستغفار لهم ، و الكف عن ذكر مساوئهم و ما شجر بينهم ، و اعتقاد فضلهم و معرفة سابقتهم ، قال الله تعالى{ و الذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا}[الحشر/10] و قال تعالى{محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم}[الفتح/29] و قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه . البخاري مع الفتح (7/25) و مسلم برقم (6435) .

و يقول الإمام الذهبي رحمه الله في السير(10/92-93) : كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بينهم ، و قتالهم رضي الله عنهم أجمعين و ما زال يمر بنا ذلك في الدواوين و الكتب و الأجزاء ، و لكن أكثر ذلك منقطع و ضعيف و بعضه كذب .. فينبغي طيه و إخفاؤه بل إعدامه لتصفوا القلوب ، و تتوفر على حب الصحابة و الترضي عنهم ، و كتمان ذلك متعين عن العامة و آحاد العلماء .. إلى أن قال : فأما ما نقله أهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ، ولا كرامة فأكثره باطل و كذب و افتراء .

و فضيلة الصحبة و لو للحظة ، لا يوازيها عملٌ ولا تنال درجتها بشيء ، و الفضائل لا تؤخذ بالقياس .

و قد أخرج ابن عساكر في تاريخه (59/141) في ترجمة معاوية رضي الله عنه من طريق ابن منده ثم من طريق أبي القاسم ابن أخي أبي زرعة الرازي قال : جاء رجل إلى عمي فقال له : إني أبغض معاوية ، فقال له : لم ؟ قال : لأنه قاتل علياً بغير حق ، فقال له أبو زرعة : رب معاوية ربٌ رحيم و خصم معاوية خصمٌ كريم فما دخولك بينهما ؟.

و قال الآجري رحمه الله في كتاب الشريعة (5/2485-2491) ، باب ذكر الكف عما شجر بين أصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و رحمة الله عليهم أجمعين : ينبغي لمن تدبر ما رسمنا من فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و فضائل أهل بيته رضي الله عنهم أجمعين ، أن يحبهم و يترحم عليهم و يستغفر لهم ، ويتوسل إلى الله الكريم لهم – أي بالدعاء و الترحم والاستغفار و الترضي – ويشكر الله العظيم إذ وفقه لهذا ، ولا يذكر ما شجر بينهم ، ولا ينقّر عنه ولا يبحث . فإن عارضنا جاهل مفتون قد خطي به عن طريق الرشاد فقال : لم قاتل فلان لفلان ، ولم قتل فلان لفلان وفلان ؟!.

قيل له : ما بنا و بك إلى ذكر هذا حاجة تنفعنا ولا تضرنا إلى علمها .

فإن قال قائل : و لم ؟

قيل : لأنها فتن شاهدها الصحابة رضي الله عنهم ، فكانوا فيها على حسب ما أراهم العلم بها ، و كانوا أعلم بتأويلها من غيرهم ، و كانوا أهدى سبيلاً ممن جاء بعدهم ، لأنهم أهل الجنة ، عليهم نزل القرآن ، و شاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم ، و جاهدوا معه ، و شهد لهم الله عز وجل بالرضوان والمغفرة و الأجر العظيم ، و شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون ، فكانوا بالله عز وجل أعرف و برسوله صلى الله عليه وسلم وبالقرآن وبالسنة ، و منهم يؤخذ العلم ، و في قولهم نعيش و بأحكامهم نحكم ، و بأدبهم نتأدب و لهم نتبع و بهذا أمرنا .

فإن قال قائل : و أيش الذي يضرنا من معرفتنا لما جرى بينهم و البحث عنه ؟

قيل له : لاشك فيه ؛ و ذلك أن عقول القوم كانت أكبر من عقولنا ، و عقولنا أنقص بكثير ، ولا نأمن أن نبحث عما شجر بينهم فنزل عن طريق الحق و نتخلف عما أمرنا فيهم .

فإن قال قائل : و بم أمرنا فيهم ؟

قيل : أمرنا بالاستغفار لهم والترحم عليهم والمحبة لهم و الاتباع لهم ، دل على ذلك الكتاب والسنة و قول أئمة المسلمين ، وما بنا حاجة إلى ذكر ما جرى بينهم ، قد صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم ، و صاهرهم ، و صاهروه ، فبالصحبة له يغفر الله الكريم لهم ، و قد ضمن الله عز وجل لهم في كتابه ألا يخزي منهم واحداً ، و قد ذكر لنا الله تعالى في كتابه أن وصفهم في التوراة و الإنجيل ؛ فوصفهم بأجمل الوصف ، و نعتهم بأحسن النعت ، وأخبرنا مولانا الكريم أنه قد تاب عليهم ، و إذا تاب عليهم لم يعذب واحداً منهم أبداً رضي الله عنهم و رضوا عنه{أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}[المجادلة/22] .

فإن قال قائل : إنما مرادي من ذلك لأن أكون عالماً بما جرى بينهم ، فأكون لم يذهب عليّ ما كانوا فيه لأني أحب ذلك ولا أجهله .

قيل له : أنت طالب فتنة ، لأنك تبحث عما يضرك ولا ينفعك ، و لو اشتغلت بإصلاح ما لله عز وجل عليك فيما تعبدك به من أداء فرائضه و اجتناب محارمه كان أولى بك . و قيل له : ولا سيّما في زماننا هذا مع قبح ما قد ظهر فيه من الأهواء الضالة – فما يقول رحمه الله لو رأى ما يحدث و يقال في زمننا هذا - .

و قيل له : اشتغالك بمطعمك ، و ملبسك من أين ؟ هو أولى بك ، و تمسكك بدرهمك من أين هو ؟ و فيم تنفقه ؟ أولى بك .

و قيل : لا نأمن أن تكون بتنقيرك و بحثك عما شجر بين القوم إلى أن يميل قلبك فتهوى ما يصلح لك أن تهواه ، و يلعب بك الشيطان فتسب و تبغض من أمرك الله بمحبته و الاستغفار له و باتباعه ، فتزل عن طريق الحق ، و تسك طريق الباطل .

فإن قال : فاذكر لنا من الكتاب و السنة و عمن سلف من علماء المسلمين ما يدل على ما قلت ، لنرد نفوسنا عما تهواه من البحث عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم .

قيل له : قد تقدم ذكرنا لما ذكرته مما فيه بلاغ و حجة لمن عقل ، و نعيد بعض ما ذكرناه ليتيقظ به المؤمن المسترشد إلى طريق الحق . قال الله عز وجل{محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ، تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله و رضواناً ، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة و مثلهم في الإنجيل ، كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه ، يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ..}[الفتح:29] . ثم وعدهم بعد ذلك المغفرة والأجر العظيم . و قال الله عز وجل{لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة ..} [التوبة/117] . الآية . و قال عز وجل{و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ..} [التوبة/100] . إلى آخر الآية . و قال عز وجل{يوم لا يخزي الله النبي و الذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم .. ..} [التحريم/8 ] . الآية . و قال عز وجل{كنتم خير أمة .. ..}[آل عمران/110] . الآية . و قال عز وجل{لقد رضي الله عن المؤمنين .. ..}[الفتح/18] . إلى آخر الآية . ثم إن الله عز وجل أثنى على من جاء من بعد الصحابة فاستغفر للصحابة و سأل مولاه الكريم ألا يجعل في قلبه غلاً لهم ، فأثنى الله عز وجل عليه بأحسن ما يكون من الثناء فقال عز وجل{و الذين جاءوا من بعدهم .. إلى قوله .. رءوف رحيم}[الحشر/10] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم . أخرجه البخاري مع الفتح (7/5) و مسلم برقم (6419) و أحمد في المسند (1/438) . وقال ابن مسعود : إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه و بعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد - يعني من غير الأنبياء و المرسلين كما هو معلوم - فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون على دينه . رواه أحمد في المسند (1/379) و البغوي في شرح السنة (1/214-215) و هو حدث حسن .

ثم قال الآجري رحمه الله : يقال : لمن سمع هذا من الله عز وجل و من رسوله صلى الله عليه وسلم : إن كنت عبداً موفقاً للخير اتعظت بما وعظك الله عز وجل به ، و إن كنت متبعاً لهواك خشيت عليك أن تكون ممن قال الله عز وجل فيهم{و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله}[القصص/50] ، و كنت ممن قال الله عز وجل{و لو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو اسمعهم لتولوا و هم معرضون}[الأنفال/23] .

و يقال له : من جاء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يطعن في بعضهم و يهوى بعضهم ، و يذم بعضاً و يمدح بعضاً ؛ فهذا رجل طالب فتنة ، و في الفتنة وقع ، لأنه واجب عليه محبة الجميع ، و الاستغفار للجميع رضي الله عنهم ، و نفعنا بحبهم ، و نحن نزيدك في البيان ليسلم قلبك للجميع ، و يدع البحث و التنقير عما شجر بينهم .

ثم ساق رحمه الله مجموعة من الآثار في بيان الواجب عمله تجاه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، منها : ما رواه عن شهاب بن خراش عن العوام بن حوشب قال : اذكروا محاسن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم تأتلف عليه قلوبكم ، ولا تذكروا غيره فتحرشوا الناس عليهم . أخرجه الخلال في السنة (ص 513) و إسناده حسن . و أيضاً ما رواه أبي ميسرة قال : رأيت في المنام قباباً في رياض مضروبة ، فقلت : لمن هذه ؟ قالوا : لذي الكلاع و أصحابه – و كان مع من قتل مع معاوية رضي الله عنه - ، و رأيت قباباً في رياض فقلت : لمن هذه ؟ قالوا : لعمار و أصحابه ، فقلت : و كيف و قد قتل بعضهم بعضاً ؟ قال : إنهم وجدوا الله عز وجل واسع المغفرة . إسناده صحيح إلى أبي ميسرة ، و لم يخرجه غير الإمام الآجري . كما قال ذلك المحقق ، أنظر كتاب الشريعة (5/2493) . و أيضاً ما ذكر عن الحسن رحمه الله ، أنه كان في مجلس فذكر كلاماً و ذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال : أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً و أعمقها علماً ، وأقلها تكلفاً ، قوماً اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وإقامة دينه ، فتشبهوا بأخلاقهم و طرائقهم ، فإنهم و رب الكعبة على الهدى المستقيم . أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/305-306) عن الحسن عن ابن عمر ، و البغوي في شرح السنة (1/214) عن ابن مسعود .

و الذي يظهر من كلام هؤلاء الأئمة التأكيد على هذا الضابط المهم و هو : عدم الخوض فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم ، على سبيل التسلية و تأليف الأشرطة والمحاضرات و عرضها بين الناس بمختلف مستوياتهم ، و هو الخطأ الذي وقع فيه الدكتور : طارق سويدان حفظه الله .

غير أن بعضهم أجاز الخوض في ذلك في حالة واحدة فقط ؛ و هي إن ظهر مبتدع مبطل يقدح فيهم بالباطل ، فيجب الدفاع عنهم بحق و عدل مع التنبيه إلى أنه لا يدافع عن بعضهم فيقع في سب آخرين منهم ، إنما يكون الدفاع عنهم رضي الله عنهم جميعاً ، و إلا فيجب الصمت و ترك الخوض فيما شجر بينهم . ضوابط إنقاذ التاريخ الإسلامي ، مقال من جريدة المسلمون للدكتور : محمد بن عبد الله الغبان . العدد (656ص 8) .

إن موضوع النزاع و الخلاف بين الصحابة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه يجب أن ينظر إليه من زاويتين :-

الأولى : إن اللوم في تلك الفتنة على العموم يلقى على قتلة عثمان ، لأن كل من قتل من المسلمين بأيدي
إخوانهم منذ قتل عثمان رضي الله عنه إنما يقع إثمه عليهم ، فهم الذين فتحوا باب الفتنة و كل ما وقع بعد ذلك فإثمه و وزره عليهم ، إذ كانوا هم السبب المباشر فيها ، و هم الفئة المعتدية الظالمة الباغية التي قتل بسببها كل مقتول في الجمل و صفين و ما تفرق عنها من أحداث و آراء و مواقف فتحت باب الخلاف و الفرقة بين المسلمين .

الثانية : إن ما حدث من جانب الصحابة رضي الله عنهم في هذه الفتنة يحمل على حسن النية و الاختلاف في التقدير و الاجتهاد ، كما يحمل على وقوع الخطأ و الإصابة ، و لكنهم على كل حال كانوا مجتهدين و هم لإخلاصهم في اجتهادهم مثابون عليه في حالتي الإصابة و الخطأ ، و إن كان ثواب المصيب ضعف ثواب المخطئ ؛ لأن كل فئة كانت لها وجهة نظر تدافع عنها بحسن نية ، حيث إن الخلاف بينهم لم يكن بسبب التنافس على الدنيا ، و إنما كان اجتهاداً من كل منهم في تطبيق شرائع الإسلام . تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (2/340-342) بتصرف .

و قد سئل ابن المبارك عن الفتنة التي وقعت بين علي و معاوية رضي الله عنهما فقال : فتنة عصم الله منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا - يعني في التحرز من الوقوع في الخطأ و الحكم على بعضهم بما لا يكون مصيباً
فيه - . و سئل الحسن البصري عن قتالهم فقال : قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم و غبنا ،
و علموا و جهلنا ، و اجتمعوا فاتبعنا ، و اختلفوا فوقفنا . الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/322) في تفسير سورة الحجرات .

و يقول النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم (18/219-220) : و اعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد - يعني قوله صلى الله عليه وسلم إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل و المقتول في النار - و مذهب أهل السنة و الحق إحسان الظن بهم ، و الإمساك عما شجر بينهم ، و تأويل قتالهم و أنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا ، بل اعتقد كل فريق أنه المحق و مخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى الله ، و كان بعضهم مصيباً و بعضهم مخطئاً معذوراً في الخطأ لأنه اجتهاد و المجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه .

و يورد شيخ الإسلام في مواضع متفرقة من مجموع الفتاوى (35/50 و 54 و 56 و 69) رأي أهل السنة في هذه المسألة مستبعداً رأي أهل البدع من الخوارج و الرافضة و المعتزلة الذين جعلوا القتال موجباً للكفر أو الفسق ، فيقول : و أهل السنة و الجماعة و أئمة الدين لا يعتقدون عصمة أحد من الصحابة بل يمكن أن يقع الذنب منهم ، والله يغفر لهم بالتوبة و يرفع بها درجاتهم ، و إن الأنبياء هم المعصومون فقط ، أما الصديقون و الشهداء و الصالحون فليسوا معصومين ، و هذا في الذنوب المحققة ، و أما اجتهادهم فقد يصيبون فيه أو يخطئون ، فإذا اجتهدوا و أصابوا فلهم أجران ، و إذا اجتهدوا و أخطأوا فلهم أجر واحد على اجتهادهم ، و جمهور أهل العلم يفرقون بين الخوارج المارقين و بين أصحاب الجمل و صفين ممن يعد من البغاة المتأولين ، و هذا مأثور عن الصحابة و عامة أهل الحديث ، و الفقهاء و الأئمة .

يقول ابن حجر في الفتح (13/37 ) : و اتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ، و لو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد و قد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد ، بل ثبت أنه يؤجر أجراً واحداً ، و أن المصيب يؤجر أجرين .

و هكذا نأخذ من مجموع كلام هؤلاء الأئمة ، أن الموقف مما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم هو الإمساك و عدم الخوض ، و هذا هو الذي دل عليه الحديث الثابت كما عند الطبراني و غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا ذكر أصحابي فأمسكوا . أنظر : السلسة الصحيحة (1/75) .

و قد فسر المناوي في فيض القدير (2/676) الحديث بأن معناه : ما شجر بينهم - أي الصحابة - من الحروب والمنازعات .

يقول الحافظ الذهبي في السير (3/128) : فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم لا يكاد يشاهد فيه إلا غالياً في الحب ، مفرطاً في البغض ، و من أين يقع له الإنصاف و الاعتدال ؟! فنحمد الله على العافية الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق و اتضح من الطرفين و عرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين ، و تبصرنا فعذرنا و استغفرنا و أحببنا باقتصاد ، و ترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة ، أو بخطأ إن شاء الله مغفور ، و قلنا كما علمنا الله{ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا}و ترضينا أيضاً عمن اعتزل الفريقين كسعد ين أبي وقاص و ابن عمر و محمد بن مسلمة و سعيد بن زيد و خلق ، و تبرأنا من الخوارج الذين حاربوا علياً و كفروا الفريقين .

فهذه مقتطفات عاجلة من معتقد أهل السنة و الجماعة في الصحابة ، و تلك قناعات و منطلقات شرعية لا تهتز بإرجاف المرجفين ولا تتأثر بتشكيك المشككين .

و إذا كانت أعراض المسلمين بشكل عام مصونة في الإسلام ، فأعراض الصحابة و هم أهل الفضل و السابقة و الجهاد أولى بالصيانة ، و الدفاع عنهم قربة لله عز وجل و تقديراً لمآثرهم و جهادهم .

و أخيراً لماذا هذه العناية بأعراض الصحابة و لماذا الدفاع عنهم ؟

أقول : إن هناك مكمن خطر في سبهم أو التعريض بهم و بعدالتهم ، فهم نقلة الدين و الطعن فيهم وسيلة للطعن في الدين .

وإن من أسوأ الأخطاء المنهجية والتربوية معاً ، تدريس الحروب والخلافات التي وقعت بين الصحابة لتلاميذ المدارس ، مع ما يصاحب ذلك من تشويه في العرض ، و تقصير في تعريف التلاميذ بمنزلة الصحابة و فضلهم و حقهم على الأمة ، حيث ينشأ عن ذلك تعارض في أذهانهم بين الصورة الفطرية التي تصوروها عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و ما ينبغي أن يكونوا عليه من الاستقامة ، و بين الصورة التي تلقوها من المدرسة ، فلا يستطيعون معرفة الحق من ذلك ولا يستوعبونه نظراً لصغر سنهم ، و لقلة ثقافتهم ، حتى لو حاولت أن توضح لهم الصورة الصحيحة فإنهم لا يكادون يقتنعون لأن الشبهة التي أثيرت قد انقدحت في أذهانهم .

و هذه المسارعة في عرض مثل هذه المادة التاريخية على صغار التلاميذ أو عوام الناس مخالف للقواعد الأصولية مثل قاعدة : ( سد الذرائع ) . و قاعدة : ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) . و مخالف أيضاً للقواعد التربوية التي تقتضي أن لا يعرض على الناس أكثر مما لا تحتمله عقولهم .

و قد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ما يؤيد هذا ؛ فقال عبد الله بن مسعود كما في مقدمة صحيح مسلم برقم (14) : ( ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ) . و قد بوب البخاري في صحيحه : ( باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا ) . و أورد قول علي بن أبي طالب : ( حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله و رسوله ) . البخاري مع الفتح (1/272) ، قال ابن حجر معلقاً عليه : ( فيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة ) .

فهذه الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم تدل على صحة هذه القاعدة التربوية ، و أنه لا ينبغي أن يدرّس مثل هذا لتلاميذ المدارس ، لأنه مما لا تبلغه عقولهم ، و مما يؤدي إلى فتنة بعضهم ، و هو اعتقاد ما لا ينبغي اعتقاده في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . و للمزيد حول هذا الموضوع أنظر كتاب : منهج كتابة التاريخ الإسلامي للدكتور : محمد بن صامل (ص252) . و مقال : فضيلة الإمساك عما شجر بين الصحابة : زياد سعد الغامدي في مجلة البيان الإسلامية العدد (134) .

و إذا قدر لهذه القضايا أن تبحث فينبغي أن يسند الأمر إلى أهله ، و أن يتوفر على ذلك علماء متمكنون في علمهم ، صادقين في توجههم ، برآء من أي تهمة في معتقدهم ، و أن يكونوا على مستوى الخاصة ، و ألا تفتن بهم العامة ، و ألا تكون قضية مطروحة للمزاد يهرف فيها من لا يعرف ، و يظن الجاهل أن من حقه أن يوافق أو يخالف .. و ليت شعري كم تنطق الرويبضة و يتصدر السفهاء إذا غاب عن الساحة صوت العلماء ، أو توارى خلف الحجب رأي النبلاء .. و مع ذلك فالزبد سيذهب جفاء و يمكث في الأرض ما ينفع الناس ، و كذلك اقتضت حكمة الله في الصراع بين الحق و الباطل قديماً و حديثاً ، ليميز الله الخبيث من الطيب و ينحاز الصادقون و ينكشف و لو بعد حين الكاذبون . خير القرون ، مقال للدكتور سليمان العودة . انظر مجلة الدعوة العدد (1610 ) .

وما أحسن ما قيل عن التاريخ الإسلامي : فهو تاريخ ناصع مشرق ، و هو مفخرة على مر الزمن ، و درة على جبين الدهر ، لا يدانيه تاريخ أمة من الأمم في قديم الزمان و حديثه ، و مع ذلك فقد وقعت فيه بعض الحوادث التي تلقي بعض الظلال القاتمة على إشراقه ، بدأت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث ظهرت بعض الخلافات في وجهات النظر بين بعض الصحابة ، أدت إلى وقوع بعض الحروب ، مثل : وقعة صفين ، و وقعة الجمل و يوم الحرة و أمثالها ، و الطالب المسلم يمر بها في بعض مراحل حياته الدراسية ، و نحن نريد أن نلفت نظر المعلم أو المدرس إلى وجوب التزام جانب اليقظة و الحكمة و الحذر عند عرض هذه الوقائع على طلابه ، فالصحابة رضي الله عنهم شموس لامعة براقة أشرقت في تاريخ الإنسانية فغمرته بالنور ، و هي شموس تتفاوت أقدارها و تتباين في أنواع فضائلها ، و لكنها تبقى دائماً في أعلى درجات الفضل ، و في ذروة العزة و المجد ، و لو ميز المشتغلون بتاريخ الإسلام ، بين الأصيل و الدخيل من الحوادث التي وقعت بين الصحابة ، لأخذتهم الدهشة لما اخترعه أعداء الإسلام من يهود و مجوس و منافقين و ملحدين و حاقدين ، من أخبار ملفقة كاذبة ، ألصقوها بالصحابة الكرام ظلماً و عدواناً و كيداً ، فصورت أخبارهم الوضع عن غير حقيقته ، و أدخلت التشويه على الصورة الحقيقية الناصعة للصحابة رضي الله عنهم ، الذين يعتبرون بحق سادة البشر و خلاصة الإنسانية ، كيف لا ؟ و هم تلامذة أشرف المخلوقين و سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم . مقتبس من كتاب : كلمات نافعة لناجي الطنطاوي (ص79) بتصرف .

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتمسك بقوله تعالى : { و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا
و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم}[الحشر/10] .

و بعد هذا الذي ذكرت ، فإنه قد ظهر و خاصة على صفحات الإنترنت من يطعن في الصحابة الكرام و يثير هذه الأحداث من جديد لكن بشكل مشوّه مزرٍ ، لذا آثرت الحديث في هذا الموضوع ، دفاعاً عن الحق و عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم .







التوقيع :
إن سعة العلم تلد رحابة الأفق وإن حسن النية يلد رحابة الصدر وإن الإيمان المحض يلد الحفاظ الدقيق علي وحدة هذه الأمة.
فإذا نشب خلاف علي مسألة ما بين علماء مخلصين فإن هذا الخلاف لن يطول اجله .
وإذا قدر له أن يطول فلن يترك في النفوس حقدا ولا في الصفوف صدعا .
وإذا حدث من ذلك شئ فلا بد أن يكون الأسباب مصطنعة بعيده عن دائرة العلم أو عن دائرة الإخلاص أو عن كلتيهما جميعا .
من مواضيعي في المنتدى
»» لائحة بأسماء منتجات الخنزير التي نأكلها ونحن لاندري
»» اضحك مع الكذاب الغبي سعيد فودة
»» حوار مع المشرف أجراه موقع آل البيت حول بيان الشيخ ابن جبرين عن مسألة نسب آل البيت
»» العنف الأسري ضدّ الأطفال وموقف الإسلام منه
»» التأخر في الإنجاب حتى قضاء الديون
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:09 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "