قال المفكر البارز حسن العلوي، والذي ينتمي لأسرة شيعية معروفة في العراق، إن "الشيعة الصفوية" أساءت كثيرا للعلاقة الوطيدة بين الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه والإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حتى وصل بها المطاف إلى اغتيال المرجع الشيعي علي شريعتي لأنه تبنى نظرية "الشراكة" بين علي وعمر.
وتحدث العلوي عن وجود تيار شيعي آخر حاول التمسك بنظرية العلاقة المتينة التي جمعت بين عمر وعلي وكان آخر من مثل هذا التيار العلامة حسين فضل الله في لبنان.
ويعتبر العلوي أحد أبرز المفكرين في العراق وهو يفضل لقب المفكر العراقي المستقل رغم انتمائه إلى عائلة شيعية معروفة هناك وإعلانه أنه يفخر بالانتماء إليها ودفاعه عن "الحقوق المدنية" للشيعة.
وأورد حسن العلوي، في حديث خص به "العربية.نت"، بعض جوانب كتابه الجديد الذي استغرق تأليفه 5 سنوات ولم ينشره بعد ويحمل عنوان "عمر بن الخطاب رؤية علوية معاصرة" قائلا إن أبرز محاور هذا الكتاب: العلاقة الوثيقة التي كانت بين الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه والإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه على عكس روايات الشيعة الصفويين (الإيرانيين) التي تنفي ذلك ومن تفاصيل تلك العلاقة الوطيدة بين عمر وعلي قصة الـ 18 ألف صلاة التي أدياها معا، رؤية الشيعة العرب والشيعة الصوفيين للعلاقة بين عمر وعلي، وبناء الدولة الإسلامية بشكل مشترك بين الصحابيين، ولغز اغتيال العالم الشيعي الإيراني على شريعتي في لندن.
وفي حديثه للعربية.نت، ذكر العلوي أنه كان ينوي أن يضع عنوانا آخر لكتابه وهو "عمر بن الخطاب رؤية شيعية"، ولكنه أدرك أنه سيلقى معارضة من التشيع الرسمي الذي لا يمثله. وأما قصده بـ"رؤية علوية" فيقول إنها "نسبة إلى الإمام علي بن أبي طالب والعلاقة بين عمر وعلي، أي رؤية الإمام عليّ لعمر بن الخطاب، وهي أصلا كانت رؤية شركاء في مشروع واحد".
علي يشارك عمر في القرارات
وأشار إلى المشاركة السياسية التي فتحت على أبوابها في عهد الخليفة عمر وأن عليا كان يشاركه في القرارات، ويضيف: آلية إصدار القرار كانت تتم عندما يستدعي عمر الصحابة إلى مجلسه يوميا ويسألهم حتى في الأمور الصغيرة مثل شارب الخمر أو قرارات كبيرة مثل سفره إلى نهاوند لفتح فارس، وعليٌّ لم يوافق عمر في قرار سفره بنفسه خوفا عليه من القتل وضياع المشروع الإسلامي فعاد عمر عن قراره. وكذلك أيضا موضوع شارب الخمر لم ينزل العقاب فيه إلا في عهد عمر وأخذ رأي علي بهذا وهو حد القذف لأنه لا يوجد حد في القرآن والأحاديث النبوية.
ويسهب العلوي في الحديث عن فترة الخليفة عمر: قرار عمر كان يؤخذ من مجلس مشترك وكان يستجيب لأي اعتراض حتى لو صدر من امرأة، وأخذ عليه ذلك واتهم أنه يجهل الفقه كما يقول محمد التيجاني في كتابه "الشيعة هم أهل السنة"، وكان ردي عليه أن عمر لم تكن لديه عقدة الشعور بالجهل ولو كانت لديه لكان مكابرا والمكابر يتصور نفسه في أحسن وضع ولا يستشير أحدا ولا يعترف بعلم أحد، وعمر على عكس هذا وكان يأخذ برأي الآخرين قبل إصدار قراره مثل علي وعثمان وسعد بن وقاص وهؤلاء كانوا شركاء لعمر في مجلس حكمه.
ويتابع "الفترة العمرية كانت فترة الحكم المشترك لجميع الصحابة وهذه لم تتكرر، ففي زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كان القرآن والسنة، وفي زمن أبي بكر كان يميل لأن يتخذ قراراته الصارمة بنفسه بسبب الظروف ويأخذ استشارات عدد قليل من الصحابة، وأما عمر فهو الذي وسع المشاركة وأصبح الرجل يستمع لآراء الصحابة ولذا تشكل الفقه العمري من فقه الصحابة، وإذا عدت مثلا لجذور مواقفه يتبين أنها رأي عثمان أو علي أو صحابي آخر، ولكن كانت تصدر الفتوى باسمه".
ظاهرة "المتحولين"..
ثم يتحدث عن ظاهرة اسمها "المستبصرون أو المتحولون" وأشار إليهم على أنهم "فقهاء وعلماء وإعلاميون تحولوا من التسنن إلى التشيع بعد الثورة الإسلامية في إيران وهؤلاء ألفوا 50 كتابا وخصصوا الفصل الأول من كل كتاب لشتم عمر وهي كتب موجودة في مدن مثل بيروت".
"القطيعة" عند الشيعة الصفوية
ويفرّق حسن العلوي بين الشيعة الصفويين والشيعة العرب، قائلا إن الشيعة الصفويين لديهم روايات "تنقص من عمر فضلا عن الهجوم عليه وينفون زواج عمر من أم كلثوم صغرى بنات الإمام علي وهو زواج يذكرني بزواج النبي من عائشة والعلاقة الوطيدة التي صارت بين النبي وأبي بكر فيما بعد، وصارت نفس العلاقة بين علي وعمر وكان لهما نسل مشترك هو زيد بن عمر بن الخطاب. كما كتبت كتب عديدة لنفي هذا الزواج وآخر من كتب عنها الشيخ محمد جميل حمود ويصل الأمر بكاتبه إلى ما لا يعقل نشره، ولهذا أوجه في كتابي رسالة للقيادة الإيرانية تمنيت فيها تشكيل هيئة تشرف على المطبوعات التاريخية الحساسة عند الشيعة شبيهة بالهيئة في النجف الأشرف الشريف لمنع التجاوز على الصحابة".
ويدلل على ذلك عبر الإشارة إلى "منهج القطيعة" الذي تبنته الشيعة الصفوية، وأوضح أن خير مثال على "منهج القطيعة بين عمر وعلي كتاب ( الإمام علي من المهد إلى اللحد) لكاتبه كاظم القزويني الذي يقول فيه إن الإمام علي كان جليس البيت في فترة فتوحات عمر وهذا كلام غير مناسب بحق رجل كعلي أحد مؤسسي الدولة الإسلامية.. إنه كلام غير دقيق أن يقال إن عليا كان جليس البيت عندما وصل المسلمون افريقيا وفتحوا بلاد فارس".
رؤية الشيعة العرب لعلي وعمر
ويشدد على أن التشيع العربي هو الذي يأخذ بنظرية المشاركة بين عمر وعلي وهي "النظرية التي أدعو إليها وكان من أهم دعاتها في الجانب الإيراني عبقري التشيع الدكتور علي شريعتي الذي وجد مقتولا في شقته في لندن قبل الثورة الإيرانية بشهرين عن 43 سنة وقد قتله دعاة التشيع الصفوي وكان محبا لعمر فكان بذلك تلميذا للخميني وشهيدا لعمر بن الخطاب".
وعلى صعيد مقابل، يتحدث حسن العلوي عن التقارب الشديد الذي كان بين عمر وعلي وينقل عن بعض مؤرخي الشيعة مثل هاشم معروف الحسني في كتابه "سيرة الأئمة الإثني عشر" عندما يقول إن "عليا لم يعارض عمر على الإطلاق"، ويشير إلى أن هذا الكلام سبق أن ذكره المرجع الشيعي الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء في كتابه "أصل الشيعة وأصولها"، عندما قال: "التشيع لم يظهر في زمن أبي بكر وعمر لعدم وجود سبب لظهوره لعدل أبي بكر وعمر ودفاعهم عن الإسلام ونهجهم القوي في الإسلام ولهذا اشترك علي بن أبي طالب في الدولة الإسلامية". كما يلفت العلوي إلى أن مسألة المشاركة في إدارة الدولة الإسلامية بين علي وعمر تم تأكيدها من قبل التشيع العربي وآخر من أكد هذا الكلام الشيخ حسين فضل الله في لبنان.
18 ألف صلاة
ويقول العلوي: لقد صلى عمر وعلي قرابة 18 ألف صلاة معا في مسجد واحد، وإذا افترضنا غياب أحدهما لظرف ما أبعده عن هذا المسجد مثلا في فتوحات أو غيرها فإنهما بالـتأكيد أديا أكثر من 15 ألف صلاة معا.
ثم يتابع أن الدولة الإسلامية المستقرة كانت في زمن عمر، "والدولة لم تأخذ شكلها كاملا في عهد الرسول، وأبو بكر انشغل في موضوع حروب الردة وقمع الفتن، وأما عمر فأكمل الفتوحات وأسس الوطن العربي".
وعن الدوافع وراء إصدار هذا الكتاب يقول العلوي: الكتاب ليس دفاعا عن عمر لأن الدفاع يأتي عن متهم وعمر ليس متهما، وليس كتابا تاريخيا في عمر لأن عمر من أعضاء التاريخ الإسلامي. هذا الكتاب هو لدرء الأذى عن التشيع إذ يوجد جناح قوي في التشيع يساهم في طعن عمر والتشهير به حتى هذه اللحظة. والوقت السياسي مناسب لإصدار هذا الكتاب عن عمر لأن هناك فقهاء شيعة يشتمون عمر في تلفزيونات عربية ويقدمون مبررا للفئات الأخرى المتطرفة للذبح على الهوية ويعطون المسوغ الشرعي لمن يصدر فتاوى قتل الشيعة، والكتاب ضد الفتنة، وعمر كان يسمى قفل الفتنة أو قفل الأمة.
وأهم فصول الكتاب، حسب مؤلفه: فقهاء التنقيص، عمر والعلويون ضد الاجتثاث، خضراء النبي وخضراء عمر، أربعة خلفاء وأربعة متهمين بالقتل، عمر والسلفية، عمر ومحكمة نورنبرغ لأبي سفيان، عمر والمستبصرون الجدد.
وستنشر صحيفة عربية كتاب "عمر بن الخطاب رؤية علوية معاصرة" قريبا، وقد أرجع مؤلفه عدم منحه لأي دار نشر كونه" لا يرغب أن تتبنى أية دولة هذا الكتاب كما أن دور النشر العربية تتعدى على حقوق الكتّاب.. وأنا أمضيت فيه 5 سنوات ولا اسمح بسرقته من ناشر مرفه أو مدلل".
منقول