[c]كما جعل الله الغذاء في ارخص أنواع الطعام , وجعل الفرحة في ابسط الأشياء , فإنه عز وجل جعل أجزل الثواب في أسهل العبادات .
ومن العبادات الجليلة في الأسلام التي تغفر الذنوب وترفع الدرجات , عبادة (التحية) كما قال تعالى { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا }سورة النساء - سورة 4 - آية 86
وسُئل رسول الله صلى الله علية وسلم : أي الإسلام خير ؟ فقال ( تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف )وسُئل أيضآ عليه الصلاة والسلام عن موجبات الجنة فقال (إفشاء السلام , وإطعام الطعام , وصلة الأرحام , والصلاة بالليل والناس نيام) .
وتحية الإسلام .. السلام عليكم .. وقد حيا الله بها عباده في عدة مواضع من كتابه العزيز , ومن بعض ذلك { قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون }سورة النمل - سورة 27 - آية 59 و { الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون }سورة النحل - سورة 16 - آية 32 و { تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما }سورة الأحزاب - سورة 33 - آية 44 و { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } سورة الرعد - سورة 13 - آية 24.
وتحية المسلم للمسلم شائعة والحمد لله في كل عصر وفي كل بقاع الأرض . ولكن غالب المسلمين يؤدونها كيفما اتفق .
إلا ان صالحي هذه الأمة الذين يريدون أن يجعلوا من هذه التحية وسيلة للنجاة ورفعة الدرجات يوم القيامة يؤدونها أداء خاصآ على ثلاث مراحل .
المرحلة الأولى : أن يكون هو البادئ بالسلام على الأخرين سواء من عرفهم ومن لم يعرفهم . لقوله صلى الله عليه وسلم ( إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام ) وقوله أيضآ ( إذا التقى المسلمان فسلَم أحدهما على صاحبه نزلت عليهما مائة رحمة للبادئ منهما تسعون ) .
المرحلة الثانية : أن يكون أكثر بشرآ من صاحبه وأشد التزامآ له وأخذآ بيده . لقوله صلى الله عليه وسلم ( أنزل الله عليهما مائة رحمة تسعآ وتسعين لأكثرهما بشرآ ) .
وقوله عليه الصلاة والسلام ( من تمام التحية الأخذ باليد ) وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يلتزم من أصجابه الذين جاءوا من سفر .. يلتزمهم ويعانقهم .
المرحلة الثالثة : أن يرد التحية بأحسن منها , ولا يكفي مجرد السرد المقتضب لقوله تعالى { بأحسن منها }سورة النساء - سورة 4 - آية 86 ..
وهو الأفضل , فإن كان ولا بد فـ (ردوها) .
لذا يزداد الأجر عشر حسنات عن كل كلمة إضافية في التحية .. فقولك السلام عليكم فيها عشر حسنات ثم تضاف عشرة أخرى لقولك (ورحمة الله ) ثم عشرة أخرى لقولك (وبركاته) .
فيا لها من عبادة جليلة وجميلة , تذهب الوحشة وتزيل البغضاء لقوله صلى الله عليه وسلم (ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) .
وهذه العبادة تقع بين مسلمين خطائين مذنبين , فتتحات عنها ذنوبهما كما يتحات ورق الغصن اليابس عن الغصن .. وشدة التحية الكاملة هذه نعمة يهبها الله لمن يشاء من عباده , حيث قال عز وجل { وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم } سورة الأنفال - سورة 8 - آية 63.[/c]