العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام > كتب ووثائق منتدى الحوار العام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-12-10, 08:48 PM   رقم المشاركة : 1
أبو سحمان
مشترك جديد






أبو سحمان غير متصل

أبو سحمان is on a distinguished road


Post كتاب مهم هداية المسلم المحتار؛ بأحكام أعياد الكفار

بسم الله الرحمن الرحيم





مؤسسة النور الإعلاميــة






قسم الكتب و النشرات




::يـقـــدم ::







كتاب


( هداية المسلم المحتار بأحكام أعياد الكفار)



إعداد و تأليف


الشيخ / عدنان خضر ميط ( حفظه الله )





للتحميل صيغة word

http://www.mediafire.com/?qkjhledf66wqobq
http://depositfiles.com/en/files/w9ws3llro
http://www.zshare.net/download/844428796485910f/
http://hotfile.com/dl/92438547/d32666b/h1.doc.html
http://www.megaupload.com/?d=VMO71A8R
http://www.multiupload.com/BDINSMY1IZ
http://www.easy-share.com/1913404438/h1.doc
http://www.zshare.net/download/844431879317d7e2/
http://www.filefactory.com/file/b4da658/n/h1_doc
http://www.mediafire.com/?yaqh2d0s0ore8dz






docx

http://www.mediafire.com/?zt49lfcx3kjys4i
http://hotfile.com/dl/92440122/8708b0c/h2.docx.html
http://www.megaupload.com/?d=02MD9MI0
http://www.easy-share.com/1913404494/h2.docx
http://rapidshare.com/files/439573368/h2.docx
http://www.zshare.net/download/844434352ef1c9db/
http://www.filefactory.com/file/b4da6b6/n/h2_docx
http://www.mediafire.com/?kdn7rzzipd55ptr
http://www.MegaShare.com/2861869
http://depositfiles.com/files/b7lm66k4v
http://ifile.it/r8nb60a/h2.docx
http://ifile.it/c2kdnga/h1.doc





لا تنسونا من صالح دعائكم

إخوانكم في





مؤسسة النور الإعلامية


قسم الكتب و النشرات












 
قديم 29-12-10, 09:08 PM   رقم المشاركة : 2
أبوعمـر
موقوف






أبوعمـر غير متصل

أبوعمـر is on a distinguished road


وقد نقل ابن القيم رحمه الله الإجماع على حرمة تهنئة الكفار بأعيادهم حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق, مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: "عيد مبارك عليك"، أو "تهنأ بهذا العيد" ونحوه, فهذا إن سلم قائله مـن الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب, بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر, وقتل النفس, وارتكاب الفرْج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، وهو لا يدري قبح ما فعل, فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه، وقد كان أهل الورع من أهل العلم يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات, وتهنئة الجهال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء, تجنباً لمقت الله وسقوطهم من عينه" .
منقول من الكتاب


_____________________
جزاك الله خيرا أبا سحمان وجزى الله الشيخ عدنان الميط خير ما يجزي به محسن







 
قديم 29-12-10, 09:23 PM   رقم المشاركة : 3
أبوعمـر
موقوف






أبوعمـر غير متصل

أبوعمـر is on a distinguished road



الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَآل عمران102
وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً النساء1.
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماًالأحزاب70-71
إن خير الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض, عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون, إهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك, إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
اللهم اجعلنا هداة مهديين؛ غير ضالين ولا مضلين؛ سلماً لأوليائك؛ حرباً على أعدائك, نحب بحبك من أحبك؛ ونعادي بعداوتك من عاداك يا رب العالمين.
أما بعد
لقد أمرَ اللهُ تعالى المسلمين بالتمايز عن الكافرين في كل شئ وشأن من أشياء وشئون حياتهم، قطعاً لمادة المشابهة التي تلحقها المتابعة، والتي تستوجب الغضب من الرب, ثم العقوبة التي تدمي القلب، وبقطع مادة المشابهة للكافرين في العبادات أو العادات، يبقى المسلم سامقاً بدينه، شامخاً بعقيدته، متحرِّفاً للحق، معتزاً بما أكرمه الله تعالى به من أكمل هدي, وأفضل شرع, وأقوم دين, دين الإسلام.
ورغم الفضائل والحبايا التي حبا الله تعالى بها المسلمين، والتي تميزهم عن الكافرين، إلا أن من انتكست فطرتهم عن خير الكلام وهو كلام الله تعالى، وعن خير الهدي وهو هدي محمد ، أخذوا اليوم يحرفون الكلم عن مواضعه، ويلبسون على الناس دينهم، فأعملوا سيوف عقولهم الخرقاء عن نصرة الحق، ومعاول هدمهم الشلاء عن قطع دابر الرق، ذبحاً وتقتيلاً في النصوص المحكمة، والأدلة البينة الساطعة، فبعد أن استسلموا للواقع ورفعوا له الراية البيضاء، ذهبوا ليأصلوا لهذا الاستسلام، وبعد أن سلكوا سبيل المغضوب عليهم والضالين في الحكم وغيره، ذهبوا أيضاً يؤصلوا لذلك، فقوي بهم وبنفثات المخذلين المضلين الانحراف، وزاد بالهرولة خلف الباطل والسراب الانجراف.
والسعيد من الموحدين اليوم من أكرمه الله تعالى بعلم ينفعه, من عدول ميامين، ينفون عن الشريعة الغراء أباطيل الدجالين، وأراجيف المنافقين, جاء وصفهم فيما رواه البيهقي عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري  قال: قال رسول الله : "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين" .
كما والسعيد منهم من أكرمه الله سبحانه بصبر وتمسك على دينه، يعصمه من الضلال والكفر، كما في الحديث الذي رواه أنس بن مالك  قال: قال رسول الله : "يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر"
ولما دب بين المسلمين, وسرى فيهم سريان النار في الهشيم، متابعة الكفار والتشبه بهم في العبادات والعادات, كان ولا بد للمسلمين من معرفة أحكام كثير من الأشياء التي يمارسونها بجهالة دون معرفة أحكامها؛ ومنها أحكام أعياد الكافرين من يهود ونصارى ومشركين، لأننا في هذه الأيام الغريبة التي أصبح فيها المتمسك بدينه والقابض عليه من الغرباء، وطوبى لهم وألف طوبى من الألف إلى الياء، زادت مظاهر التغيير والتبديل، والتنكر للدين والدليل، تارة تحت مسمى المصلحة والواقعية، وأخرى تحت شعارات التعايش والسلم العالمي، ووحدة الأديان التي يغضبون بها الديان, والتي قال عنها شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية الحراني رحمه الله: "حيث يجوزون التهود والتنصر والإسلام، والتدين بهذه الأديان" , والتي دعا إليها أيضاً التتار ووزراؤهم, كما حكا عنهم ذلك شيخ الإسلام: "وكذلك الأكابر من وزرائهم وغيرهم يجعلون دين الإسلام كدين اليهود والنصارى، وأن هذه كلها طرق إلى الله بمنزلة المذاهب الأربعة عند المسلمين" .
وقد اغتر وللأسف كثير من أغمار وجهال المسلمين ببهارج أعياد الكافرين؛ فشاركوهم فيها وهنئوهم عليها، جاهلين أو متجاهلين لأحكام الله تعالى المتعلقة بهذا المسألة, وخشية على هؤلاء المساكين، وتذكيراً لأولئك الذين حرفوا الكلم عن مواضعه وتلاعبوا في الدين، كتبت هذه الوريقات المعدودة, وأنا والجميع يعرف ما وصل إليه واقع المسلمين من تبعيةٍ للغرب الكافر والشرق الملحد؛ تبعية مسخت عقولهم وفهومهم وحياتهم الإسلامية، فأصبح واقع المسلمين اليوم كما وصفها الشيخ العلامة المحدث الفقيه أبو الأشبال أحمد شاكر رحمه الله تعالى حيث قال:
"وقد وقع المسلمون في هذه العصور الأخيرة فيما نهاهم الله عنه من طاعة الذين كفروا, فأسلموا إلى الكفار عقولهم وألبابهم, وأسلموا إليهم في بعض الأحيان بلادهم, وصاروا في كثير من الأقطار رعية للكافرين من الحاكمين, وأتباعاً لدول هي ألد أعداء الإسلام والمسلمين, ووضعوا في أعناقهم ربقة الطاعة لهم, بما هو من حق الدولة من طاعة المحكوم للحاكم, بل قاتل ناس ينتسبون للإسلام من رعايا الدول العدوة للإسلام؛ إخوانهم المسلمين في دول كانت إسلامية إذ ذاك, ثم عمَّ البلاء, فظهر حكام في كثير من البلاد الإسلامية يدينون بالطاعة للكفار عقلاً وروحاً وعقيدةً, واستذلوا الرعية من المسلمين, وبثوا فيهم عداوة الإسلام بالتدريج, حتى كادوا يردوهم على أعقابهم خاسرين, وما أولئك بالمسلمين, فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون" .
كتبت هذه الوريقات لعلهم يرجعون، طالباً بها رضا الله لا رضا أحداً سواه، وطمعاً في جنته الموعودة لعباده الصالحين، لعل الله تعالى يلحقنا بهم غير مبدلين، وإن كنت لست أهلاً أن أركب مركبهم لما فيَّ من تقصير لعل الله تعالى يجبره بهذا العمل البسيط سائلاً إياه السداد والتيسير.
وقد قصدت بداية ونهاية بهذا العمل وجه الله الكريم في الذب عن دينه؛ والدفاع عن سنة نبيه ؛ وليس يضرني إن شاء الله تعالى ظهور شئ من الخلل، فالعبد عُرضَة للزلل، وما كتبت ذلك من باب الإعجاب بالنفس لأهليتها، ولكن دخلت هذا الباب لما رأيت في الأمة من يسعى لإفساد عقيدتها، وكلامي هذا يحتمل الخطأ والصواب؛ إذ إنه ليس ككلام رب الأرباب؛ ولا من كلام نبينا المعصوم  الداعي المستجاب.
فإن أخطأت فمن غير الأنبياء عُصِم، وإن اختلط عليَّ أمر فمن الذي ما وصم، فمن وجد شيئاً من الخطأ والتقصير، فليدل أخاه عليه فهو رجّاع للحق؛ وله منه كل الاحترام والتقدير، لأن القاصد وجه الله، يحب الحق من حيث أتاه، ويقبل هدى من هداه, وإن كان من يرد كلامي لإتباع هواه؛ وفرحاً بدنياه؛ وإعجاباً بما أقعده به الشيطان عن نصرة الحق وألهاه؛ فلا حيلة لي معه؛ وكيف نهدى من أضل الله؟! وهل يستقيم الظل والعود أعوج؟!! نعوذ بالله أن ننحرف عن كتابه وسنة نبيه  وما أُسِّسَ عليهما من المنهج.
قال تعالى: فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ القصص(50)
وقال تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَالجاثية(23)
واللبيب تكفيه الإشارة، والبليد لا تنفعه ألف عبارة.
واللهَ سبحانه أسألُ أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجه الكريم, وأن يجعله سبباً في صلاح المسلمين وتبصيرهم بدينهم، وشرح صدورهم للنور المبين، ودافعاً لهم عن اللهو والزلات وإتباع الشهوات، وأن يوفقني وجميع المسلمين لإصابة الحق الموافق للكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، الذي يكون سبباً للبركة في المسلمين.
هذا وما كان من صواب فمن الله المنان، وما كان من خطأ فبتقصير مني وبجهد من الشيطان، والله ورسوله وشرعه منه براء.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل

بالله يا قـارئ كتابي وسامعـه أسبل عليه رداء الحكم والكــرم
واستر بلطفك ما تلقاه من خطأ أوأصلحنه تثب إن كنت ذا فــهم
فكم جواد كبا والسبق عادتــه وكم حسـام نبا أو عاد ذو ثلــم
وكلنـا يا أخي خطـاء ذو زلل والعذر يقبله ذوالفضل والشيــم

وكتبه الراجي رحمة ربه المنان
الشيخ/ عدنان بن خضر بن يوسف ميَّط
بيت المقدس – قطاع غزة





لمـاذا نـريد أن نعـرف أعـياد الكفـار؟
لا يخفى على مسلم أن الكفار في جميع أنحاء الأرض من يهود ونصارى وملحدين وغيرهم, يحتفلون بأعياد كثيرة لهم في كل سنة, وأكثرها اشتهاراً بين المسلمين بحكم القرب والمعاشرة أعياد اليهود والنصارى؛ وخاصة النصارى كأعياد الميلاد ورأس السنة وغيرها.
والعيد ليس فقط عبارة عن تزاور وأكل وفرح كما يظنه كثير من المسلمين، بل هو دليل على الانتماء الديني، وهو يُشعر من يحييه بمشاركة أو تهنئة أو تخصيص بأنه جزء ممن تحتفلون به، فيفرح إذا فرحوا, ويحزن إذا حزنوا، ولذلك لما زجر أبو بكر  الجاريتين اللتين كانتا تغنيان في بيت عائشة رضي الله عنها صرفه عن ذلك النبي الكريم ، وقال له: يا أبا بكر! إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا" وسيأتي بعد قليل.
ومما يجب أن يهتم به جميع المسلمين معرفة أحوال الكافرين, إجمالاً للعامة, وبالتفصيل للعلماء, الذين يتولون مدافعة باطلهم؛ خاصة في شعائرهم وعباداتهم؛ خشية أن تتسرب إلى عوام المسلمين, فيقعون في شئ من هذه الشعائر التعبدية لطواغيت هؤلاء الكفار, وتختلط عليهم الأمور؛ فلا يميزوا بين الحق والباطل.
ولما سرى بين المسلمين سريان النار في الهشيم, التشبه والمشاركة, والتهنئة والمباركة للكافرين في أعيادهم, كان ولا بد لنا من معرفة أعياد الكفار وحكمها, ليسلم للمسلم دينه مما يناقض إيمانه من شبهات أو شركيات, ويحذر من محاكاتهم بما خصوا به من ضلالات وكفريات, ويُسَلِّمُ بما مَنَّ الله عليه من الهدى والكرامات.
فالنهي الوارد عن رسول الله  بعدم التشبه بالكافرين في أمورهم - كما سنرى عما قريب - يشمل كل شئ من حياتهم ومناسكهم وعباداتهم وعاداتهم, بل حتى أسماءهم, ويشمل كذلك أعيادهم وحريم العيد كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, أي ما قبله وما بعده من الأيام التي يحدثونها، ويشمل كذلك الأمكنة وما حولها، ويشمل كل ما يحدث بسبب العيد من أعمال مثل التهنئة والهدايا وإطعام الطعام، وتخصيص اليوم بزائد عما اعتاده المسلمون كجعله إجازة وجلوساً عن العمل, فعلى المسلم أن يعرف مكان وزمان وشعائر أعيادهم, لا ليحضرها أو يهنئهم بها, ولكن ليتجنبها ويحذرها ويحذر المسلمين منها ومن الانشغال بها.
وللأسف الشديد هناك الكثير من أبناء المسلمين - وخاصة الذين يعيشون في البلاد الغربية أو في مجتمعات مختلطة- يشاركون الكفار أعيادهم, ويحضرون ويشهدون محافلهم واحتفالاتهم، حتى أنه يصدق فيهم وفي أمثالهم ممن تشبه بالكافرين؛ قول رسول الله : "لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراعٍ؛ حتى لو دخلوا في جحر ضب تبعتموهم, قيل: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن!" .
قال بدر الدين العيني: "أي طريق الذين كانوا قبلكم، والسَنن بفتح السين: السبيل والمنهاج, شبر ملتبس بشبر, وذراع ملتبس بذراع، وهذا كناية عن شدة الموافقة لهم في المخالفات والمعاصي لا الكفر" .
قلت: وقد يكون في الكفر، يصدق ذلك غير حديث من أحاديث النبي  منها ما روي عن ثوبان  قال: قال رسول الله  "ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين, وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان" .
وقال صاحب فيض القدير: "إن هذا لفظ خبر معناه النهي عن اتباعهم؛ ومنعهم من الالتفات لغير دين الإسلام، لأن نوره قد بهر الأنوار؛ وشرعته نسخت الشرائع؛ وذا من معجزاته؛ فقد اتبع كثير من أمته سنن فارس في شيمهم ومراكبهم؛ وملابسهم وإقامة شعارهم في الحروب وغيرها، وأهل الكتابين في زخرفة المساجد وتعظيم القبور، حتى كاد أن يعبدها العوام، وقبول الرشا وإقامة الحدود على الضعفاء دون الأقوياء، وترك العمل يوم الجمعة، والتسليم بالأصابع، وعدم عيادة المريض يوم السبت، والسرور بخميس البيض، وأن الحائض لا تمس عجيناً، إلى غير ذلك مما هو أشنع وأبشع"
وهذا أمر خطير جداً لا بد من التحذير منه لأنه يمس بعقيدة التوحيد؛ إلى جانب أن عوام المسلمين قد يعجبون بأعياد الكفار وما فيها؛ مما يخشى عليهم أن يتبعوها؛ فنظرهم للشئ بإعجاب شديد يورثهم فساداً في قلوبهم وسلباً لإرادتهم.
ولقد عانى المسلمون على مر التاريخ - وخاصة في مراحل الضعف التي تشبه حالنا اليوم-, من تأثر ونقل شعائر الكفار في أعيادهم وعاداتهم إلى بلاد المسلمين, مما حذا بكثير من الأئمة الأعلام الأطهار, إلى تجريد سيف التحذير وصيحة النذير, من تقليد الكفار في أعيادهم, ومشاركتهم أو تهنئتهم بها، وممن صاح محذراً من ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية, والعلامة ابن قيم الجوزية, والحافظ الذهبي, والحافظ ابن كثير وغيرهم رحمهم الله جميعاً, الذين عاشوا في عصر اختلط به المسلمون مع اليهود والنصارى والمجوس, وتأثر بعض جهلة المسلمين بأعيادهم, فألَّفَ هؤلاء الجهابذة الأعلام في ذلك كتباً كثيرة منها:
- "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" لابن تيمية رحمه الله.
- "أحكام أهل الذمة" لابن القيم رحمه الله.
- تشبيه الخسيس بأهل الخميس" للذهبي رحمه الله.
إن أعياد الكفار شر لا بد أن نعرفه من باب معرفة الشر لتوقيه؛ لأن الذي لا يعرف الشر من الناس يقع فيه كما قال الشاعر:
عرفتُ الشرَ لا للشرِ ولكن لتوقيه ومن لا يعرفُ الشرَ من الناسِ يقعُ فيه.
فأعياد الكفار شر عظيم وخطر وبيل, توقع المسلم في عبادات الذين كفروا -والأعياد من أخص عبادات أهل الملل والأديان كما هو معلوم-؛ ومشاركتهم في شعائرها مشاركة في عبادة الطاغوت علم من يفعل ذلك أو لم يعلم.
ولا يخفى على كل متبصر أنار الله تعالى قلبه بنور العلم والهدى, أن دين الإسلام الحق نسخ ما قبله من الشرائع والشعائر التعبدية الباطلة, وما عليه اليهود والنصارى وغيرهم من الناس اليوم من دينٍ وأعياد, -وإن كانت مشروعة قبل الإسلام-, فقد نُسِخَتْ بالإسلام لأنه دخل عليها التحريف والتبديل والأباطيل؛ والشرك والكفر؛ وبقاء الكفار على عباداتهم المنسوخة ومنها الأعياد باطل معلوم بطلانه، فممارسة طقوس العبادة معهم في أعيادهم وتهنئتهم بها, هي من أكبر المصائب التي تواجه الإسلام والمسلمين؛ وإن غلفوها بأطباق من الشعارات اللامعة البارقة؛ كحسن العشرة والمعاملة؛ والإحسان والبر؛ وهي كاذبة خادعة، ذات مصير مروع مخوف يردي الأمة في المهالك, لذلك كان ولا بد من معرفة أعياد الكفار وما يتعلق بها؛ وما يتصل بفعلها, وكان لا بد لأهل العلم من طرق أبواب هذا الموضوع بكل قوة كما فعل سلفهم الصالح, وإلا وقعت الأمة في الكفر والعياذ بالله.
إن مشاركة المسلمين للكافرين في أعيادهم وتشبههم بهم فيها وتهنئتهم بها؛ له آثار خطيرة على عقيدة المسلم وعلى حياة المسلمين نرى كثيراً منها في المسلمين اليوم ومن هذه الآثار:
أولاً: كسـر عقيـدة الولاء والبـراء: والتي تمثل التمايز العملي النابع من المعتقد السوي, وكسر عقيدة الولاء والبراء يترتب عليه أمران:
أولهمـا: تمييع العقيدة الإسلامية الصافية، وذلك بكسر حاجز الهيبة من المسلمين والتي جعلها الله في قلوب الكافرين؛ حيث قال سبحانه: لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَالحشر13 من وجه.
وثانيهمـا: كسر حاجز النفرة من الكافرين, بإذابة الفوارق بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الديانات الباطلة المحرفة من وجه آخر.
وقد وضع الله تعالى فوارق بين المؤمنين والكفار في الدنيا والآخرة، ونهى عن التسوية بين الفريقين، وجعل لكلِّ فريق جزاءً وأحكاماً في الدنيا والآخرة، ووضع لكلِّ فريق اسماً مُميّزاً، كالمؤمن والكافر، والبَرِّ والفاجر, والمتقين والفجار, فقال سبحانه: أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَالجاثية21, وقال تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِص28، يعني لا نجعلهم سواء، لأنَّ ذلك لا يليق بعدل الله سبحانه.
وأمر الله تعالى عباده المؤمنين؛ بالبراءة من الكفار والمشركين؛ ولو كانوا من أقاربهم؛ فقال تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُالممتحنة4, وهذا أصل من أصول الإيمان والدين؛ مُتقرِّرٌ في الكتاب والسنة وكتب العقيدة الصحيحة، لا يُماري فيه مسلم" .
بل نفى الله تعالى وجود مودة في قلب من يؤمن بالله واليوم الآخر لمن حاَّد الله ورسوله ؛ مهما كانت درجة قرابته؛ أو مكانته ومنزلته؛ فقال سبحانه: لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَالمجادلة22.
قال الشوكاني: "لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ", أي يحبون ويوالون من عادى الله ورسوله  وشاقهما؛ جامعون بين الإيمان والموادة لمن حاد الله ورسوله , " وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ", أي ولو كان المحادون لله ورسوله  آباء الموادين؛ أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم, فإن الإيمان يزجر عن ذلك ويمنع منه, ورعايته أقوى من رعاية الأبوة والبنوة والأخوة والعشيرة"
وقال الواحدي: "أخبر الله في هذه الآية, أن المؤمن لا يوالي الكافر وإن كان أباه أو أخاه أو قريبه, وذلك أن المؤمنين عادوا آباءهم الكفار وعشائرهم وأقاربهم فمدحهم الله على ذلك"
ثانياً: تشـكيك المسـلمين في دينهـم:
وذلك عبر شحنهم بسيل من الشبهات والشهوات، ليعيش المسلمُ بسببها مهموماً مغموماً متحيراً، لا يعرف الحق ولا ينكر المنكر, بل يظن المنكر حقاً والحق منكراً، مما يترتب عليه خلط الحقِّ بالباطل، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه، إلى أن يتم جرَّ أهله إلى ردَّةٍ شاملة، ومصداق ذلك في قول الله سبحانه: وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاءالنساء89
قال ابن كثير: "أي هم يودون لكم الضلالة لتستووا أنتم وإياهم فيها, وما ذاك إلا لشدة عدواتهم وبغضهم لكم" .
ثالثاً: هـدم بدهيـات الاعـتقاد:
والتي منها صِدْقُ القرآن الكريم؛ وسيادة دين الإسلام الناسخ لما قبله من الكتب والشرائع والشعائر التي عليها أهل الكفر اليوم في شتى أنحاء الأرض من عبادات وأعياد وغير ذلك.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما "أن عمر بن الخطاب  أتى النبي  بكتاب أصابه من بعض الكتب, قال: فغضب  وقال: أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟! والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية, لو كان موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعني", وفي رواية: "أفي شك أنت يا ابن الخطاب"
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين, أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام, أو اتباع شريعة غير شريعة محمد  فهو كافر" .
وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "أنَّ مَنْ دافعَ نصَّ الكتاب أو السنة المقطوع بها؛ المحمول على ظاهره؛ فهو كافرٌ بالإجماع، وأنَّ من لم يُكفِّر مَن دان بغير الإسلام كالنصارى, أو شكَّ في تكفيرهم أو صحَّحَ مذهبهم, فهو كافرٌ, وإنْ أظهر مع ذلكَ الإسلام واعتقده" .
رابعاً: نشـر التنصـير والتضـليل والتهـويد بين المسـلمين:
وتوسيع دائرته بالدعوة إليه، عبر استغلال الأعياد مرتعاً لذلك, وإرسال الدعوات من قبلهم للمسلمين حتى يحضروا أعيادهم, هذه الدعوات التي معها النشرات التنصيرية والتهويدية, وغير ذلك مما نعلمه أو لا نعلمه والله يعلمه, حتى أصبح يصدق فينا وفي زماننا قول الشاعر:
ضاعت معـالم عـزة وتحطمت فينا الكـرامة واستبيـح الـدار.
وتبـدلت أخـلاقنا وطـباعـنا وتسـاوت الحسـنات والأوزار.
خامساً: هو ما قاله الذهبي رحمه الله تعالى: "وفي مُشابهتهم من المفاسد أيضًا أنَّ أولاد المسلمين تنشأ على حُب هذه الأعيادِ الكُفريَّة لما يُصنعُ لهم فيها من الرَّاحات والكسوةِ والأطعمةِ, وخُبزِ الأقراص, وغير ذلك, فبئس المربِّي أنت أيُّها المسلم إذا لم تَنْه أهلك وأولادك عن ذلك, وتعرفهم أنّ ذلك عند النَّصارى, لا يحل لنا أن نشاركَهم ونشابههُم فيها" .
وبهذا التمهيد يعلم أن الواجب على المسلمين الحذر الشديد من مشاركة الكافرين في أعيادهم, أو التشبه بهم أو تهنئتهم بها, أو تخصيص يوم عيدهم بزيادة عما اعتاده المسلمون في أيامهم العادية, حتى يحافظوا على دينهم وعلى بقاءهم من أهل الإسلام, وإلا فلا كرامة لمن حرم نفسه نعمة الإيمان؛ بالوقوع في الكفر والخذلان, بسبب اتباعه أهل الكفر من يهود ونصارى وغيرهم من أعداء التوحيد والإيمان.
تعـريف كلمـة العـيد
العيـد لغـة:
العيد في اللغة مأخوذ من عاد يعود، وجمعه أعياد، وهو كل يوم فيه جمع, "والعِيدُ واحد الأَعْيَادُ؛ وقد عَيَّدُوا تَعْييدا أي شهدوا العيد" , "وهو الموسم" .
قال ابن الأعرابي: "سمي العيد عيداً لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد" .
العيـد شـرعاً:
عرف العلامة ابن القيم رحمه الله العيد بقوله: "والعيد: ما يعتاد مجيئه وقصده من مكان وزمان, فأما الزمان: فكقوله : "يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى, عيدنا أهل الإسلام" , وأما المكان: فكما روى أبو داود في سننه أن رجلاً قال: يا رسول الله إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة, فقال: أبها وثن من أوثان المشركين أو عيد من أعيادهم؟ قال: لا, قال: "فأوف بنذرك", وكقوله : لا تجعلوا قبري عيداً" .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "العيد اسم جنس يدخل فيه كل يوم أو مكان لهم فيه اجتماع - أي الكفار-، وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة" .
فالعيـد هو: اسم لما يعود من اجتماع عام على وجه اعتاده الناس, إما في كل عام أو شهر أو أسبوع؛ يقومون فيه بأداء شعائر خاصة غالباً تكون في أماكن خاصة.
والعيـد يجمع أموراً وهي:
- العـود: فهو يعود ثانية, كيوم الفطر ويوم الأضحى ويوم الجمعة.
- والاجـتماع: فهو يوم يجتمع الناس فيه؛ كالاجتماع في المسجد لصلاة الجمعة؛ وفي المصلى لصلاة العيد؛ واجتماع الكفار من يهود ونصارى ومشركين في كنائسهم وبيعهم وصوامعهم لأداء شعائر عيدهم.
- والأعمـال التعبـدية والعـادية: والتي يقوم بها أهل هذا العيد من صلاة وصيام وذبح وتهنئة وطعام وشراب ولهو وفرح وغير ذلك" .







 
قديم 29-12-10, 09:24 PM   رقم المشاركة : 4
أبوعمـر
موقوف






أبوعمـر غير متصل

أبوعمـر is on a distinguished road


العيـد في كـتاب الله تعـالى:
لقد ورد ذكر العيد في القرآن الكريم سواء للمسلمين أو لغيرهم مرة واحدة, وهي قوله تعالى: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَالمائدة114
قال الطبري: "قال السدي: أي نتخذ ذلك اليوم الذي نزلت فيه عيداً نعظمه نحن ومن بعدنا" .
قال القرطبي: "والمعنى: يكون يوم نزولها عيداً لأولنا أي لأول أمتنا وآخرها, فقيل: إن المائدة نزلت عليهم يوم الأحد غدوة وعشية فلذلك جعلوا الأحد عيداً" .
لكن التفسير دل على ذكر العيد في مواضع أخرى, فقد بَيَّنَ الله تعالى أنه جعل لكل أمة عيداً ومنسكاً هم ناسكوه, حيث قال تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِالحج34
قال ابن كثير رحمه الله: "وقال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً, قال: عيداً"
وقال القرطبي: " وقيل: منسكاً عيداً، قاله الفراء" .
وقال سبحانه: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ الحج67, قال ابن قتيبة: "هو العيد" .
وقد جاءت هاتان الآيتان الكريمتان في سورة الحج، أي في معرض الحديث عن فريضة من فرائض الله تعالى التي افترضها على المسلمين, والتي من شعائرها عيداً، وهي فريضة الحج التي فيها عيد الأضحى.
كما وذكر لنا سبحانه عيد آل فرعون فقال تعالى: قََالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًىطه59
قال القرطبي: "قيل: هو يوم عيد كان لهم يتزينون ويجتمعون فيه، قاله قتادة والسدي وغيرهما" .
قال ابن كثير: "وهو يوم عيدهم ونيروزهم وتفرغهم من أعمالهم؛ واجتماعهم جميعهم" .
وقال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماًالفرقان72.
قال القرطبي: "عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه أعياد المشركين" .
وقال ابن كثير: "وقال أبو العالية وطاووس وابن سيرين والضحاك والربيع بن أنس وغيرهم: هي أعياد المشركين" .
العيـد في سـنة النبـي 
ورد لفظ العيد في أحاديث رسول الله  أكثر من مرة, يمكننا أن نستخلص منها أموراً وأشياء تتعلق بالأعياد وهي:
1- الزمـان: أي الوقت الذي يكون فيه العيد، كيوم الأول من شوال الذي يكون فيه عيد الفطر، والعاشر من ذي الحجة الذي يكون فيه عيد الأضحى, ويوم الجمعة من كل أسبوع.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ أبو بكر  وعندي جاريتان من جواري الأنصار, تغنيان بما تقاولت به الأنصار في يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر : أبمزمور الشيطان في بيت النبي ؟! وذلك في يوم عيد الفطر، فقال النبي : "يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا" .
قال ابن حجر رحمه الله: "فأوضح له – أي لأبي بكر - النبيُ  الحال, وعرفه الحكم مقروناً ببيان الحكمة بأنه يوم عيد, أي يوم سرور شرعي, فلا ينكر فيه مثل هذا كما لا ينكر في الأعراس" .
وعن ابن عباس  قال: قال رسول الله : "إن هذا اليوم جعله الله عيداً للمسلمين، فمن جاء إلى الجمعة فليغتسل، وإن كان طيب فليمس منه، وعليكم بالسواك" , يقصد بهذا اليوم الجمعة.
قال ابن القيم رحمه الله: "فأما الزمان فكقوله : "يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام" .
2- المكـان: أي المكان الذي تكون فيه شعائر العيد, كالخروج للمصلى في يوم عيد الفطر والأضحى, وكإحياء عيد الجمعة في المسجد.
عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا على فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" .
أي لا تجعلوا مكان قبري عيداً تقصدونه على هيئة قصد مكان العيد الشرعي.
وعن أبي سعيد الخدري : "أن رسول الله  كان يخرج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى المصلى, فيصلي بالناس, فإذا جلس في الثانية وسلم, قام فاستقبل الناس بوجهه والناس جلوس, فإن كانت له حاجة, يريد أن يبعث بعثاً ذكره للناس, وإلا أمر الناس بالصدقة قال: تصدقوا ثلاث مرات, فكان من أكثر من يتصدقن النساء" .
قال ابن القيم رحمه الله: "وأما المكان فكما روى أبو داود في سننه أن رجلاً قال: يا رسول الله إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة فقال: أبها وثن من أوثان المشركين أو عيد من أعيادهم؟ قال: لا, قال: فأوف بنذرك؛ وكقوله: لا تجعلوا قبري عيدا" .
3- الاجـتماع: أي الاجتماع الذي يقوم به أهل هذا العيد لأداء شعائرهم.
عن ابن عباس  قال: "أشهد أني شهدت العيد مع رسول الله , فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم خطب" .
وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا على فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" .
"أي لا تتخذوا قبري مظهر عيد, ومعناه النهي عن الاجتماع لزيارته اجتماعهم للعيد, إما لدفع المشقة؛ أو كراهة أن يتجاوزوا حد التعظيم" .
4- العمـل: أي الشعائر التي يؤديها أهل هذا العيد, كالصلاة والخطبة، والذبح والذكر، والتهنئة والمصافحة, والفرحة وغير ذلك.
عن جابر بن عبد الله  قال: "شهدت مع رسول الله  الأضحى بالمصلى, فلما قضى خطبته نزل من منبره, وأتي بكبش فذبحه رسول الله  بيده وقال: بسم الله والله أكبر؛ هذا عني وعمن لم يضح من أمتي" .
وعن أبي عبيد قال: شهدت العيد مع عمر , فبدأ بالصلاة قبل الخطبة, ثم قال: "إن رسول الله  نهى عن صيام هذين اليومين، أما يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم، وأما يوم الفطر ففطركم من صيامكم" .
عـدد أعيـاد المسـلمين.
لقد خص الله تعالى المسلمين بثلاثة أعياد لا رابع لها:
1- عيدان يتجددان في كل عام مرة وهما: الفطـر والأضـحى.
عن أنس  قال: " قدم رسول الله  المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية, فقال رسول الله : "إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما, يوم الأضحى ويوم الفطر" .
2- وعيد يتجدد في كل أسبوع: وهو الجمـعة.
عن أنس بن مالك  قال: "عرضت الجمعة على رسول الله , جاءه بها جبريل عليه السلام في كفه كالمرآة البيضاء في وسطها كالنكتة السوداء, فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذه الجمعة يعرضها عليك ربك لتكون لك عيداً ولقومك من بعدك, ولكم فيها خير, تكون أنت الأول وتكون اليهود والنصارى من بعدك, وفيها ساعة لا يدعو أحد ربه فيها بخير هو له قسم إلا أعطاه, أو يتعوذ من شر إلا دفع عنه ما هو أعظم منه, ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد" .
وعن ابن عباس  قال: قال رسول الله : " إن هذا اليوم جعله الله عيداً للمسلمين, فمن جاء إلى الجمعة فليغتسل, وإن كان طيب فليمس منه, وعليكم بالسواك" .
وعن أبي لبابة بن عبد المنذر  قال: قال النبي : "إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله, وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر, فيه خمس خلال: خلق الله فيه آدم, وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض, وفيه توفى الله آدم, وفيه ساعة لا يسأل الله فيها العبد شيئاً إلا أعطاه, ما لم يسأل حراماً, وفيه تقوم الساعة, ما من ملك مقرب, ولا سماء ولا أرض, ولا رياح ولا جبال ولا بحر, إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة" .
وأما غير هذه الأعياد الشرعية, والتي يفعلها بعض المسلمين ويسمونها أعياداً, فما هي إلا من محدثات الأمور, ومن البدع التي نهانا رسول الله  عنها, وحذرنا منها حيث قال : "فإنه من يعش منكم يرى بعدي اختلافاً كثيراً, فعليكم بسنتي؛ وسنة الخلفاء الراشدين المهديين؛ وعضوا عليها بالنواجذ؛ وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة وإن كل بدعة ضلالة" , سواء كانت هذه المحدثات ذات علاقة بديننا, نحو تسمية تاريخ ميلاد رسول الله : "عيد المولد النبوي", أو ليس له علاقة بديننا, نحو تسمية ما أحدثه الكفار في الحادي والعشرين من مارس في كل عام: "عيد الأم" أو غير ذلك من أعياد ما أنزل الله بها من سلطان وما هي إلا تشبهاً بالكفار فيما يحدثونه نسأل الله العافية.
التمـايز بين أعيـاد المسلمين وأعيـاد الكفـار
لقد جاءت أعياد المسلمين مخالفة لأعياد الكافرين مخالفة مقصودة, يحصل بها التمايز، أيا كان هؤلاء الكافرين وأيا كانت أعيادهم وأفراحهم، حتى لا يقع الشبه بين أعيادهم وأعياد المسلمين، فينتج عنه المشابهة في العبادة التي قد يلتبس أمرها على عوام المسلمين، فيظنون أنها من الدين.
ولو تتبعنا ما تمتاز به أعياد المسلمين عن أعياد الكافرين لوجدناها تتمايز في أشياء كثيرة منها:

1- ثبـوت الأعيـاد:
أعياد المسلمين غير الجمعة تثبت بالرؤية أي رؤية الهلال، بينما أعياد الكافرين تثبت بالحساب والكتاب.
عن ابن عمر  عن النبي  قال: "إنَّا أمَّة أميِّة, لا نكتب ولا نحسب, الشهر هكذا وهكذا وهكذا " , ومعنى الشهر هكذا وهكذا وهكذا، يعني عشرة وعشرة وعشرة أو وتسعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فوصفَ  هذه الأمة بترك الكتاب والحساب الذي يفعله غيرها من الأمم في أوقات عباداتهم وأعيادهم، وأحالها على الرؤية, حيث قال في غير حديث: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته", وفي رواية: "صوموا من الوضح إلى الوضح", أي من الهلال إلى الهلال, وهذا دليل على ما أجمع عليه المسلمون إلا من شذ من بعض المتأخرين المخالفين المسبوقين بالإجماع؛ من أن مواقيت الصوم والفطر والنسك إنما تقام بالرؤية عند إمكانها, لا بالكتاب والحساب الذي تسلكه الأعاجم من الروم والفرس, والقبط والهند, وأهل الكتاب من اليهود والنصارى" .
2- شعـائر الأعيـاد:
أعياد المسلمين شعائرها قربات لله تعالى؛ وعبادات يرضى عنها سبحانه؛ وهي تعظيم لشعائر الله التي تدل على تقوى القلوب.
- ففي عيد المسلمين الأسبوعي الجـمعة: الغسل والسعي للصلاة، والإنصات للإمام، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَالجمعة9.
وعن أوس بن أوس الثقفي  قال: سمعت رسول الله  يقول: "من غَسَّلَ يوم الجمعة واغتسل, ثم بَكَّرَ وابتكر, ومشى ولم يركب, ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ, كان له بكل خطوة عمل سنة, أجر صيامها وقيامها"
- وفي عيد الفطـر: توزيع صدقة الفطر على فقراء المسلمين، والتهليل والتكبير, وحضور الصلاة في المصلى مع المسلمين.
عن جابر بن عبد الله : "إن النبي  قام يوم الفطر فصلى, فبدأ بالصلاة قبل الخطبة, ثم خطب الناس, فلما فرغ نبي الله , نزل فأتى النساء فذكرهن, وهو يتوكأ على يد بلال, وبلال باسط ثوبه تلقي فيه النساء الصدقة, قال: تلقي المرأة فتخها , ويلقين ويلقين" .
- وفي عيد الأضـحى: التهليل والتكبير, والخروج إلى المصلى لأداء صلاة العيد, ونحر الأضاحي قربة وشكراً لله تعالى.
عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله  كبر في الفطر والأضحى سبعاً وخمساً سوى تكبيرتي الركوع" .
وعن أبي سعيد  قال: "كان رسول الله  يضحي بكبش أقرن فحيل , ينظر في سواد ويأكل في سواد ويمشي في سواد"
وعن جابر بن عبد الله  قال : "كان رسول الله  إذا صلى الصبح من غداة عرفة يقبل على أصحابه فيقول: على مكانكم، ويقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر, الله أكبر ولله الحمد، فيكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق"
فشعائر أعياد المسلمين كلها قربات لرب العالمين من صلاة وصيام وتكبير وتهليل, وصلة وألفة ومحبة.
أما شعائر أعياد الكفار: فهي تعظيم لمعبوداتهم التي يعبدونها من دون الله تعالى؛ إلى جانب انغماس أهلها في الرذيلة والفاحشة والمنكر، فهي كفر بالله وجحد لنعمة المنعم سبحانه, وغير ذلك مما هو مشاهد لا يخفى.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "قد تقدم في شروط عمر  التي اتفقت عليها الصحابة وسائر الفقهاء بعدهم, أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام, ... وذلك أنَّا إنما منعناهم من إظهارها لما فيه من الفساد, إما لأنها معصية؛ أو شعار المعصية؛ وعلى التقديرين فالمسلم ممنوع من المعصية ومن شعائر المعصية" .
3- ارتبـاط الأعيـاد:
أعياد المسلمين ترتبط بقربات لله تعالى وعبادات.
- فعيد الجمـعة يرتبط بالخطبة التي يجب الإنصات فيها للإمام.
عن أبي هريرة  عن النبي  قال: "من قال لصاحبه يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت فقد لغا" .
- وعيد الفطـر يرتبط بشهر رمضان المبارك أي بفرض الصيام.
قال تعالى: وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَالبقرة185.
- وعيد الأضـحى يرتبط ويصاحب فريضة الحج.
لذلك قال عمر: "أما يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم، وأما يوم الفطر ففطركم من صيامكم"
في حين أن أعياد الكفار ترتبط بأوثانهم ومعبوداتهم من دون الله تعالى, سواء كانت هذه الأوثان أصناماً أو أشخاصاً أو غير ذلك.
وعلى ذلك: فأعياد المسلمين ليس لها ارتباط بأي شئ له صلة بأعياد وعقائد الكافرين, لا برأس سنة ميلادية ولا غيرها, ولا بالكواكب والنجوم, ولا بذكريات الأشخاص وتقديسهم, ولا بالمناسبات القومية أو الوطنية أو العرقية أو الحزبية وغيرها, مما استحدث من أعيادٍ مشابهة للكافرين.
4- عـدد الأعيـاد:
أعياد المسلمين عددها ثلاثة لا رابع لها، عيد أسبوعي وهو الجمعة، وعيدان حوليان وهما الفطر والأضحى.
عن أنس  قال: قدم رسول الله  المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما, فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية, فقال رسول الله : "إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر" .
أما المشركين فما أكثر أعيادهم, وما أكثر المناسبات التي يجعلونها أعياداً, منها ما تأنفه الطبائع السليمة وأكثرها يغضب الله تعالى.
5- مميـزات الأعيـاد:
أعياد المسلمين تمتاز بالطاعات والقربات التي يقوم بها المسلم لينال رضى الله تعالى, وتتجلى فيها الصورة الرائعة للإخوة الإسلامية بأبهى صورها, ففيها الترابط والمحبة, والألفة والإخاء, والتعاون على البر والتقوى, وتفقد الفقراء والمساكين وصلة الأرحام, فهي لا ترتبط برأس سنة ميلادية ولا هجرية, بل ترتبط بعبادات عقائدية, ولا بذكريات تاريخية أو قومية وإنما بشعائر تعبدية, ولا يكون فيها المجون والخلاعة بل الفرح المنضبط الملتزم المقرب إلى الله تعالى, وغير ذلك من المميزات التي تميزها عن أعياد الكفار التي فيها إهدار الأموال والطاقات, على ما لا نفع فيه ولا فائدة, إلا ما يحقق لهم إشباع الغرائز الشهوانية الحيوانية نسأل الله العافية.










حـكم التشـبه بالكفـار في أعيـادهم وغيـرها
إن من الأصول العظيمة في ديننا الولاء للإسلام وأهله، والبراءة من الكفر وأهله، ومن مُستلزمات تلك البراءة من الكفر وأهله, تميَّز المسلم عن أهل الكفر في كل شئ، مما يظهر اعتزازه بدينه وفخره بإسلامـه.
والاعتزاز بالدين والفخر بالإسلام دعا إليه ربنا تبارك وتعالى في كتابه العزيز, واعتبره من أحسن القول وأحسن الفخر, حيث قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَفصلت33.
قال البيضاوي رحمه الله: "وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ", تفاخراً به واتخاذاً للإسلام ديناً ومذهباً" .
وقال صاحب التحرير والتنوير: "وأما: "وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ"؛ فهو ثناء على المسلمين بأنهم افتخروا بالإسلام واعتزوا به بين المشركين، ولم يتستروا بالإسلام, والاعتزاز بالدين عمل صالح, ولكنه خص بالذكر لأنه أريد به غيظ الكافرين, ومثال هذا ما وقع يوم أحد حين صاح أبو سفيان: أعل هبل, فقال النبي : "قولوا: الله أعلى وأجل", فقال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم, فقال النبي : "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم" .
واستنكر الله تعالى على من ابتغى غير الإسلام ديناً, وهو الدين الذي أسلم له لله من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً, وكل إليه راجعون كما قال سبحانه: أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَآل عمران83
ولقد نهى الله عز وجل المؤمنين عن موالاة الكفار والتشبه بهم مطلقاً, وأعياد الكفار تدخل في باب الموالاة والمشابهة, وهي جزء لا يتجزأ من العقيدة, أي أن الإيمان بها أو التصديق أو الإقرار, هو إقرار لدينهم وعقيدتهم, ولما هم عليه من باطل، فالكفر بها مطلوب كالكفر بما لديهم من عقائد أخرى.
أدلـة تحـريم التشـبه بالكافـرين:
وقد تضافرت أدلة كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع, على حرمة التشبه بالكفار مطلقاً, وخاصة فيما يختص بدينهم, والعيد من دينهم:
أولاً: مـن كـتاب الله تعـالى:
1- قوله تعالى: لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُآل عمران28
قال ابن عباس : "نهى الله المؤمنين أن يلاطفوا الكفار فيتخذوهم أولياء" , وهذا صريح في أن مشاركتهم في أعيادهم, أقل أحوالها ملاطفتهم الملاطفة التي تحرم على المسلمين.
ولمن قال: أننا نفعل ذلك تقية نقول لهم ما قاله ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما: "ليس التقية بالعمل؛ إنما التقية باللسان" .
2- وقوله سبحانه: الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاًالنساء139.
قال القرطبي رحمه الله: "وتضمنت المنع من موالاة الكافر، وأن يتخذوا أعواناً على الأعمال المتعلقة بالدين" , والعيد من دينهم فلا يعانوا عليه ولا يتشبه بهم فيه.
3- وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناًالنساء144
قال ابن كثير رحمه الله: "ينهى الله تعالى عباده المؤمنين, عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين, يعني مصاحبتهم ومصادقتهم, ومناصحتهم وإسرار المودة إليهم, وإفشاء أحوال المؤمنين الباطنة إليهم" .
4- وقوله سبحانه: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَالمائدة48
قال القرطبي: "قوله تعالى: "وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ", يعني لا تعمل بأهوائهم ومرادهم على ما جاءك من الحق, يعني لا تترك الحكم بما بين الله تعالى من القرآن من بيان الحق وبيان الأحكام, وقوله تعالى: "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً", يدل على عدم التعلق بشرائع الأولين, وروي عن ابن عباس  والحسن وغيرهما "شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً" سنة وسبيلاً, ومعنى الآية: أنه جعل التوراة لأهلها, والإنجيل لأهله, والقرآن لأهله, وهذا في الشرائع والعبادات, والأصل التوحيد لا اختلاف فيه" .
فلنا شرعنا الحنيف ولهم شرعهم المحرف, فليس لنا أن نتعلق بشرعهم الباطل, أو أن نتشبه به, والعيد من أخص شرائع الأقوام كما هو معلوم.
5- وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَالمائدة51
ويكفينا في هذه الآية ما قاله حذيفة رضي الله عنه: "ليتق أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر لهذه الآية"
وهذا يدل على قطع الموالاة والمشابهة بين المسلمين والكافرين شرعاً، ويدل على إثبات الموالاة فيما بينهم حتى يتوارث اليهود والنصارى بعضهم من بعض, وقوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ" أي يعضدهم على المسلمين "فَإِنَّهُ مِنْهُم" بيَّن تعالى أن حكمه كحكمهم، أي أنه قد خالف الله تعالى ورسوله  كما خالفوا، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم؛ فصار منهم أي من أصحابهم والعياذ بالله.
6- وقوله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَالمائدة57.
قال ابن كثير رحمه الله: "هذا تنفير من موالاة أعداء الإسلام وأهله من الكتابيين والمشركين؛ الذين يتخذون أفضل ما يعمله العاملون؛ وهي شرائع الإسلام المطهرة المحكمة؛ المشتملة على كل خير دنيوي وأخروي؛ يتخذونها هزواً يستهزئون بها، ولعباً يعتقدون أنها نوع من اللعب في نظرهم الفاسد وفكرهم البارد" .
فنهاهم الله تعالى أن يتخذوا اليهود والنصارى والمشركين أولياء، وأعلمهم أن الفريقين اتخذوا دين المؤمنين هزواً ولعباً, وطالبهم بمفهوم المخالفة اتخاذهم أعداء, ومن دين المسلمين أعيادهم, فكيف يتشبه المسلم الحريص على دينه, والمعظم لشعائر الله تعالى, بالكافر الذي اتخذ دين المسلمين هزواً ولعباً, واتخذ أعيادهم هزواً ولعباً؟ وكيف يتصور منه العداء المطلوب وهو يشابههم في أخص عباداتهم وهي أعيادهم؟!.
7- قوله تعالى: وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَـكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَالمائدة81.
والآية جاءت في معرض الحديث عن أهل الكتاب الذين لعنوا على ألسنة أنبياءهم بسبب عدم التناهي عن المنكر الذي يفعلوه؛ وتوليهم الكفار بالتشبه بهم ومناصرتهم على الموحدين؛ ولو كانوا يؤمنون بالله تعالى وبالنبي  وبما جاء به من الحق؛ ما اتخذوا الكافرين من أهل قريش أولياء ولكن كثيراً منهم فاسقون.
قال ابن كثير: "بيَّن سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله والنبي  وما أنزل إليه؛ مستلزم لعدم ولايتهم؛ فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان؛ لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم"
والتشبه بهم في أعيادهم من جنس هذه المولاة المحرمة فتدبر.
8- وقوله عز وجل: وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌالأنفال73
قال القرطبي: "قوله تعالى: "وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ", قطع الله الولاية بين الكفار والمؤمنين، فجعل المؤمنين بعضهم أولياء بعض، والكفار بعضهم أولياء بعض، يتناصرون بدينهم ويتعاملون باعتقادهم, وقوله تعالى: " إِلاَّ تَفْعَلُوهُ " الضمير عائد على الموارثة والتزامها, والمعنى: إلا تتركوهم يتوارثون كما كانوا يتوارثون قاله ابن زيد, وقيل: هي عائدة على التناصر والمؤازرة والمعاونة واتصال الأيدي, قال ابن جريج وغيره: وهذا إن لم يفعل تقع الفتنة عنه عن قريب" .
وقال ابن كثير رحمه الله: "ومعنى: "إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ", أي إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين, وإلا وقعت فتنة في الناس، وهي التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين, فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل" .
والتشبه بالكفار في أعيادهم يسبب فتنة في الأرض وفساد كبير باختلاط سبيل المؤمنين بسبيل الكافرين واختلاط شعائر أعياد المسلمين بشعائر أعياد الكافرين.
9- وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَالتوبة23
قال ابن عباس : "وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ", هو مشرك مثلهم لأن من رضي بالشرك فهو مشرك" .
والتشبه من هذا التولي المحرم الذي قد يوقع صاحبه في الشرك والعياذ بالله.
10- وقوله تعالى: وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَهود113.
قال القرطبي: "قوله تعالى: "وَلاَ تَرْكَنُواْ", قال ابن عباس : "لا تداهنوا", وقال قتادة: "معناه لا تودوهم ولا تطيعوهم", وقال ابن جريج: "لا تميلوا إليهم"، وقال أبو العالية: "لا ترضوا أعمالهم", وكله متقارب، وقال ابن زيد: "الركون هنا الإدهان وذلك ألا ينكر عليهم كفرهم", وقوله تعالى: "إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ " قيل: أهل الشرك، وقيل: عامة فيهم وفي العصاة، وهذا هو الصحيح في معنى الآية, وأنها دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم, فإن صحبتهم كفر أو معصية؛ إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة, وقوله تعالى: " فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ" أي تحرقكم بمخالطتهم ومصاحبتهم وممالأتهم على إعراضهم وموافقتهم في أمورهم" .
ولا يخفى أن أقل ما يقال في التشبه هو الركون والمداهنة للكفار.
11- وقوله تعالى: إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَالجاثية19.
قوله تعالى: "وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ" أي أصدقاء وأنصار وأحباب, قال ابن عباس رضي الله عنهما: "يريد أن المنافقين أولياء اليهود" .
ومن تشبه بالكافر في عيده فقد ناصره في دينه الباطل المحرف, وقدمه على شريعة الله تعالى وكتابه المحفوظ المنزل, فاستوجب ما يترتب على ذلك من عقوبة.
12- وقوله عز وجل: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّالممتحنة1
وسورة الممتحنة كلها أصل في النهي عن مولاة الكفار، وقوله تعالى: " تُلْقُونَ" أي لا تتولوهم أو توادوهم، وهذه حالهم في معاداتهم لربكم ولكم.
ولا يخفى أن التشبه بهم مطلقاً وبأعيادهم خصوصاً تؤدي للمودة ولاتخاذ عدو الله وعدونا الذين كفروا بما جاءنا من الحق أولياء وأهل مودة.
13- وقوله عز وجل: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُالممتحنة4.
قوله تعالى: "وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً", أي هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم, وقوله سبحانه: "حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ", فحينئذ تنقلب المعاداة موالاة"
وهذه الآيات كلها وغيرها كثير, دلت على أن من ولاية الكفار التشبه بهم, وأن من التشبه بهم فعل ما يفعلون في أعيادهم، التي هي من شعائر عباداتهم, بل هي من أخص شعائر العبادات فتكون أعياد حزب الشيطان وأوليائه, أعياداً لحزب الرحمن وأولياءه؟!! نعوذ بالله من الضلال.
ثانياً: مـن السـنة النبـوية المطهـرة:
لقد حذر رسول الله  من مشابهة الكفار في أحاديث كثيرة منها:
1- ما أخرجه الإمام أحمد رحمه الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي  أنه قال: "بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم" .
فقوله : "ومن تشبه بقوم فهو منهم" مشعر بحرمة التشبه بالكفار مطلقاً في أعيادهم وفي غيرها.
قال حذيفة : "من تشبَّه بقوم فهو منهم, ولا يُشبه الزِّيُّ الزِّيَّ حتى يشبه الخلقُ الخلقَ" .
وقال ابن مسعود : "لا يشبه الزيُّ الزيَّ حتى تشبه القلوبُ القلوبَ" .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فأقل أحوال هذا الحديث؛ أنه يقتضي تحريم التشبه بهم؛ وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبهين بهم" .
وقال الصنعاني: "فإذا تشبه بالكافر في زيٍّ, واعتقد أن يكون بذلك مثله كَفَرَ، فإن لم يعتقد ففيه خلاف بين الفقهاء: منهم من قال: يكفر، وهو ظاهر الحديث، ومنهم من قال: لا يكفر؛ ولكن يؤدب" .







 
قديم 29-12-10, 09:25 PM   رقم المشاركة : 5
أبوعمـر
موقوف






أبوعمـر غير متصل

أبوعمـر is on a distinguished road


النقل مكرر فحذفته







 
قديم 29-12-10, 09:26 PM   رقم المشاركة : 6
أبوعمـر
موقوف






أبوعمـر غير متصل

أبوعمـر is on a distinguished road


وأكد  أن ذلك كائن في أمته وسيحدث, كما روى أبو هريرة  قال: قال رسول الله : "لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي أخذ القرون قبلها, شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراعٍ, قيل: يا رسول الله كفارس والروم؟ قال: ومن الناس إلا أولئك" .
وفي رواية أبي سعيد  أن النبي  قال: "لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبرٍ؛ وذراعاً بذراع؛ حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه", قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال: "فمن" .
قال ابن بطال: "أَعْلَمَ  أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور والبدع والأهواء، كما وقع للأمم قبلهم, وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شر، والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس, وأن الدين إنما يبقى قائماً عند خاصة من الناس" .
وإن اتباع الأمة وتشبهها بفارس والروم من ناحية, وباليهود والنصارى من أخرى, لا يتوقف على عاداتهم وتقاليدهم فقط, بل على عباداتهم واعتقاداتهم, وأعيادهم وطريقتهم في الحكم كما هو ظاهر في أيامنا هذه وإلى الإله المشتكى.
قال ابن حجر رحمه الله: "جواب النبي  اختلف بحسب المقام, فحيث قال: "فارس والروم", كان هناك قرينة تتعلق بالحكم بين الناس وسياسة الرعية, وحيث قيل: "اليهود والنصارى", كان هناك قرينة تتعلق بأمور الديانات أصولها وفروعها؛ ومن ثم كان في الجواب عن الأول: "ومن الناس إلا أولئك", وأما الجواب في الثاني بالإبهام" .
2- عن جابر  قال: قال رسول الله : "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام, كحرمة يومكم هذا, في شهركم هذا, في بلدكم هذا, ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع" .
قال ابن تيمية رحمه الله: "فقوله : "كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع", يدخل فيه كل ما كانوا عليه من العبادات والعادات مثل دعواهم يا لفلان ويا لفلان, ومثل أعيادهم وغير ذلك من أمورهم" .
3- عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال: اهتم النبي  للصلاة كيف يجمع الناس لها؛ فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة؛ فإذا رأوها آذن بعضهم بعضاً؛ فلم يعجبه ذلك؛ قال: فذكر له القنع يعني الشبور - بوق اليهود-؛ فلم يعجبه ذلك وقال: "هو من أمر اليهود"؛ قال: فذكر له الناقوس؛ فقال: "هو من أمر النصارى"؛ فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد ربه  وهو مهتمٌّ لهمِّ رسول الله ؛ فأري الأذان في منامه, قال: فغدا على رسول الله  فأخبره؛ فقال له: يا رسول الله إني لبين نائم ويقظان, إذ أتاني آت فأراني الأذان, قال: وكان عمر بن الخطاب  قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوماً, قال: ثم أخبر النبي , فقال له: ما منعك أن تخبرني؛ فقال: سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت؛ فقال رسول الله : يا بلال؛ قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله؛ قال: فأذن بلال"
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وإنما الغرض هنا أن النبي  لما كره بوق اليهود المنفوخ بالفم, وناقوس النصارى المضروب باليد, علل هذا بأنه من أمر اليهود, وعلل هذا بأنه من أمر النصارى, لأن ذكر الوصف عقيب الحكم يدل على أنه علة له, وهذا يقتضي نهيه عما هو من أمر اليهود والنصارى" .
4- وعن شداد بن أوس  قال: قال رسول الله  "خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم" .
قال العيني: "فيكون مستحباً من جهة قصد مخالفة اليهود وليست بسنة، لأن الصلاة في النعال ليست بمقصوده بالذات" .
5- وعن ابن عمر  قال: قال رسول الله : "خالفوا المشركين, أوفروا اللحى وأحفوا الشوارب", وفي رواية "أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى" .
6- وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى, خالفوا المجوس" .
قال العيني: "ونهينا عن التشبه بهم؛ وذلك يقتضي الأمر بمخالفتهم في الأفعال والأقوال" .
قال ابن تيمية في حديث: خالفوا المشركين: "فلفظ مخالفة المشركين دليل على أن جنس المخالفة أمر مقصود للشارع", ثم قال في حديث خالفوا المجوس: "وذلك دليل على أن مخالفة المجوس أمر مقصود للشارع وهو العلة في هذا الحكم, أو علة أخرى, أو بعض علة, وإن كان الأظهر عند الإطلاق أنه علة تامة" .
7- وعن أبي هريرة  عن النبي  قال: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم" .
قال المباركفوري "يدل هذا الحديث على أن العلة في شرعية الصباغ وتغيير الشيب هي مخالفة اليهود والنصارى، وبهذا يتأكد استحباب الخضاب، وقد كان رسول الله  يبالغ في مخالفة أهل الكتاب ويأمر بها" .
8- وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : "غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود" .
قال شيخ الإسلام: "وهذا اللفظ أدل على الأمر بمخالفتهم والنهي عن مشابهتهم، فإنه إذا نهى عن التشبه بهم في بقاء بياض الشيب الذي ليس من فعلنا، فلأن ينهى عن إحداث التشبه بهم أولى، ولهذا كان هذا التشبه بهم يكون محرماً" .
وهذه السنة قد كثر اشتغال السلف بها, ولهذا ترى المؤرخين في التراجم لهم يقولون: وكان يخضب وكان لا يخضب, ليميزوا بين أهل السنة والاتباع؛ وأهل البدع التي لا ترى الخضاب.
9- وعن عمرو بن العاص  قال: قال رسول الله : "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر" .
قال النووي: "معناه الفارق والمميز بين صيامنا وصيامهم السحور, فإنهم لا يتسحرون ونحن يستحب لنا السحور" .
10- وعن أبي هريرة  عن النبي  قال: "لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر، لأن اليهود والنصارى يؤخرون" .
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وهذا نص في أن ظهور الدين حاصل بتعجيل الفطر هو لأجل مخالفة اليهود والنصارى, وإذا كانت مخالفتهم سبباً لظهور الدين؛ فإنما المقصود بإرسال الرسل أن يظهر دين الله تعالى على الدين كله؛ فتكون نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد البعثة" .
11- وعن جابر  قال: ركب رسول الله  فرساً بالمدينة فصرعه على جذم نخلة فانفكت قدمه؛ فأتيناه نعوده؛ فوجدناه في مشربة لعائشة  يسبح جالساً، قال: فقمنا خلفه فسكت عنا، ثم أتيناه مرة أخرى نعوده، فصلى المكتوبة جالساً، فقمنا خلفه فأشار إلينا فقعدنا، قال: فلما قضى الصلاة قال: "إذا صلى الإمام جالساً فصلوا جلوساً، وإذا صلى الإمام قائماً فصلوا قياماً، ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها" .
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وفي هذا الحديث أيضاً نهى  عما يشبه فعل فارس والروم؛ وإن كانت نيتنا غير نيتهم لقوله: فلا تفعلوا" .
12- وعن عبادة بن الصامت  قال: كان رسول الله  إذا اتبع الجنازة لم يقعد حتى توضع في اللحد، فعرض له حبر فقال: هكذا نصنع يا محمد، قال: فجلس رسول الله  وقال: خالفوهم" .
13- وعن ابن عباس  قال: قال رسول الله : "اللحد لنا والشق لغيرنا" ، وفي رواية الإمام أحمد عن جرير  : "اللحد لنا والشق لغيرنا من أهل الكتاب" .
قال القاضي: "معناه أن اللحد أثر لنا والشق لهم, وهذا يدل على اختيار اللحد؛ وأنه أولى من الشق لا المنع منه"
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وفيه التنبيه على مخالفتنا لأهل الكتاب حتى في وضع الميت في أسفل القبر" .
14- وعن عبد الله بن مسعود  أن النبي  قال: "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" .
15- وعن الحارث بن الحارث الأشعري  قال: قال رسول الله : "ومن ادعى دعوى الجاهلية فإنه من جثا جهنم، فقال رجل: يا رسول الله, وإن صلى وصام؟ قال: وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم، المسلمين، المؤمنين، عباد الله" .‌
قال النووي: "وأما تسميته  ذلك دعوى الجاهلية فهو كراهة منه لذلك، فإنه مما كانت عليه الجاهلية من التعاضد بالقبائل في أمور الدنيا ومتعلقاتها، وكانت الجاهلية تأخذ حقوقها بالعصبات والقبائل، فجاء الإسلام بإبطال ذلك وفصل القضايا بالأحكام الشرعية، فإذا اعتدى إنسان على آخر حكم القاضي بينهما، وألزمه مقتضى عدوانه كما تقرر من قواعد الإسلام" .
وقال السهيلي: "من دعا بدعوى الجاهلية" يتوجه للفقهاء فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: يجلد من استجاب لها بالسلاح خمسين سوطاً؛ اقتداء بأبي موسى الأشعري  في جلده النابغة خمسين سوطاً حين سمع يا لعامر.
الثاني: فيه الجلد دون العشرة أسواط، لنهيه أن يجلد أحد فوق عشرة أسواط.
الثالث: يوكل إلى اجتهاد الإمام على حسب ما يراه من سد الذريعة وإغلاق باب الشر؛ إما بالوعيد؛ وإما بالسجن؛ وإما بالجلد" .
بل أمر النبي  بمخالفة الكافرين ولو كان في أمور نحن نفعلها وهي من ديننا, قطعاً لمادة المشابهة كنهيه  عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها, مع أن الصلاة من ديننا بل هي عمود الدين، وقد علل رسول الله  ذلك بأمرين:
أولهمـا: أن الشمس تطلع بين قرني شيطان.
وثانيهما: أن الكفار يسجدون لها حينئذ.
فنهانا  أن نسجد في هذا الوقت, حتى لا يتوافق سجودنا مع سجود الكفار، مع أننا نسجد لله وليس للشمس.
16- وأختم بهذا الحديث الذي يبيِّن لك كم كان اهتمام النبي  بمخالفة الكفار عامة؛ وأهل الكتاب خاصة في كل شئ؛ حتى أنهم هم قالوا ذلك.
عن أنس : "أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يواكلوها ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي  فأنزل الله عز وجل: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ"البقرة222, فقال رسول الله : "اصنعوا كل شيء إلا النكاح", فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه, فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهما فقالاً: يا رسول الله؛ إن اليهود قالت كذا وكذا؛ أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله  حتى ظننا أن قد وجد عليهما؛ فخرجا فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله  فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا أن لم يجد عليهما" .
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: "لا يجوز التشبه بالكفار في أعيادهم، لما ورد في الحديث: "من تشبّه بقوم فهو منهم"، ومعنى ذلك تنفير المسلمين عن موافقة الكفار في كل ما اختصوا به, قال الهش تعالى: "وَلَنْ تَرْضَى عنكَ اليهودُ وَلا النَّصَارى حتّى تَتَّبِعَ مِلّتَهم قلْ إنَّ هُدى اللّهِ هو الهُدَى وَلئنْ اتَّبعتَ أَهواءَهم بَعْدَ الّذي جَاءَكَ مِنَ العلمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِنْ وليٍّ ولا نَصِيرٍ", وروى البيهقي عن عمر  أنه قال: "لا تعلّموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم", وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّه قال: "من مرّ ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبّه بهم حتّى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة", ولأن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه وتعالى: "لِكلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً همْ نَاسِكُوه" كالقبلة والصّلاة، والصّيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج ، فإنّ الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد من أخصّ ما تتميّز به الشّرائع ومن أظهر ما لها من الشّعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخصّ شرائع الكفر وأظهر شعائره" .


حـكم المشـاركة فـي أعيـاد الكفـار
أجمع علماء المسلمين أن مشاركة الكفار في عيد من أعيادهم, هي مشاركة لهم في شعيرة من شعائرهم, وإقرارهم على هذه الشعيرة, وذلك يؤدي والعياذ بالله إلى الكفر، لأنها مشاركة لهم في الكفر وإقرارهم عليه، وذلك لأن الأعياد من أخص ما تتميز به الشرائع, ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي بفاعلها إلى الكفر بالجملة والعياذ بالله.
ومعلوم أن الشارع الحكيم لم يترك باباً من أبواب الخير إلا دل الأمة عليه, ولم يترك باباً من أبواب الشر إلا حذر الأمة منه، فإذا كان الإسلام حرم علينا حضور أعياد بدعية أحدثها بعض المسلمين أو بعض المنتسبين للإسلام, وحرم كذلك مشاركتهم فيها, فكيف يكون الحال إذا كانت الأعياد أعياداً أحدثها الكفار, ما أذن الله تعالى بها وما أنزل بها من سلطان, كأعياد النصارى التي جُلّها بدعية, وأشهرها عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية, وهي أعياد وثنية قديمة نقلوها وجعلوها من أعيادهم، فمجامعهم الكنسية تبتدع أعياداً وتضعها من عندها وتضيفها إلى دينها، وهي في الحقيقة لا أصل لها في دينهم, فضلاً عن أن يكون لها أصل في ديننا, إن عيدهم جزء من شعائر الدين الملعون أهله، فموافقتهم فيه هو موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه!, وكأعياد اليهود وغيرهم.
وتكون المشاركة للكفار في أعيادهم بالاحتفال معهم بها, وهذا يحدث اليوم كثيراً في بلاد المسلمين؛ وفي بلاد الكفر التي يعيش بها مسلمون؛ سواء كانت دوافع هذا الحضور شهوانية, أو تلبية لدعوة من الكفار, أو مبادرة من المسلم تحت ذريعة المجاملة أو البر أو الدعوة, وكذلك تكون بنقل احتفالاتهم إلى بلاد المسلمين عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.
فموافقة أهل الكتاب فيما ليس من ديننا ولا عادة سلفنا تكون فيه مفسدة, وفي تركه تتحقق المصلحة, والمفسدة في ماذا؟! في الدين وفي القلب, وقد قال تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِالحج32, وبمفهوم المخالفة من يعظم شعائر الكفر فإنها من فساد القلوب.
أدلـة تحـريم المشـاركة في أعيـاد الكافـرين
ولقد تضافرت الأدلة على تحريم المشاركة في أعياد الكافرين من يهود ونصارى ومشركين من الكتاب والسنة والإجماع وأقوال لسلف :
أولاً: مـن كتـاب الله تعـالى:
1- قوله تعالى: والَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًاالفرقان72.
وصف الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين عباد الرحمن في هذه الآية, بأنهم لا يشهدون الزور, وقد نقل العلماء عن أعلام التابعين أن المقصود من ذلك أعياد المشركين, أي لا يحضرون أعياد المشركين ولا يشاركون فيها.
قال ابن كثير رحمه الله: " وقال أبو العالية وطاوس وابن سيرين والضحاك والربيع بن أنس وغيرهم: هي أعياد المشركين" .
وقال القرطبي: "عن ابن عباس أنه أعياد المشركين"
وقال البغوي: "وقال مجاهد: يعني أعياد المشركين"
ومع أن شهادة الزور لا تقتصر على ذلك, ولكنه مثال حي لها, فهو الزور الواضح الذي لا شك فيه أن يشهد المؤمن أماكن لهوهم أو لعبهم وأفعالهم الشركية.
روى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده عن ابن سلام عن عمرو بن مرة قال: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ, لا يمالئون أهل الشرك على شركهم, ولا يخالطونهم" .
وقد استدل الإمام أحمد رحمه الله تعالى بهذه الآية على عدم جواز شهود أعياد النصاري كما نقل ذلك عنه ابن تيمية رحمه الله حيث قال: " لا يجوز شهود أعياد النصارى واليهود, نص عليه أحمد في رواية مهنا, واحتج بقوله تعالى: "وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ", قال: الشعانين وأعيادهم" .
قال الذهبي رحمه الله: "وقد مدح الله مَنْ لا يشهد أعياد الكافرين، ولا يحضرُها، فمفهومه أنَّ من يشهدها ويَحضُرها يكون مذمومًا ممقوتًا؛ لأنه يشهد المنكر ولا يُمكنه أن يُنكره، وقد قال النبي : "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" , وأيُّ منكر أعظم من مشاركة اليهود والنصارى في أعيادهم ومواسمهم" .
قال ابن العربي: "أن في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ" ستة أقوال: الشرك، والكذب، وأعياد أهل الذمة، والغناء، ولعب كان في الجاهلية، والمجلس الذي يسب فيه النبي الأكرم. ثم قال القاضي معلقاً: "أما القول بأنه الكذب فهو الصحيح؛ لأن كل ذلك إلى الكذب يرجع. وأما من قال: إنه أعياد أهل الذمة؛ فإنَّ فِصْحَ النصارى وسبت اليهود يذكر فيه الكفر؛ فمشاهدته مشاهدة كفر، إلا لما يقتضي ذلك من المعاني الدينية، أو على جهل من المشاهد له" .

ثانياً: مـن السـنة النبـوية المطهـرة:
1- عن أنس بن مالك  قال: "قدم رسول الله  المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما, فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية, فقال رسول الله : إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما, يوم الأضحى ويوم الفطر" .
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وجه الدلالة: أن اليومين الجاهليين لم يقرهما النبي ؛ ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة بل قال: قد أبدلكم بهما يومين آخرين, والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه؛ إذ لا يجتمع البدل والمبدل منه ... وأيضاً فإن ذينك اليومين الجاهليين, ولو لم يكن قد نهى الناس عن اللعب فيهما ونحوه مما كانوا يفعلونه, لكانوا قد بقوا على العادة, إذ العادات لا تغير إلا بمغير يزيلها, لا سيما وطباع النساء والصبيان وكثير من الناس متشوقة إلى اليوم الذي يتخذونه عيداً للبطالة واللعب" .
2- وعن ثابت بن الضحاك  قال: "نذر رجل على عهد رسول الله  أن ينحر إبلاً ببوانة, فأتى النبي  فقال: إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة, فقال النبي : هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا, قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا, قال رسول الله : أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله؛ ولا فيما لا يملك ابن آدم" .
والحديث واضح الدلالة على أن الذبح في موضع يكون فيه عيداً للكفار أو صنماً من أصنامهم يمنع شرعاً, فالذبح لله في المكان الذي يذبح فيه المشركون لغير الله؛ أي في محل أعيادهم معصية لله تعالى، ومادام الوفاء بالنذر واجب؛ فإن الداعي لمنع للوفاء بالنذر أشد؛ أي أنه مكان عيدهم أو عبادة أوثانهم, وبذلك يكون الوفاء بالنذر معصية إذا وجد في المكان بعض الموانع، وما كان من نذر المعصية فلا يجوز الوفاء به بإجماع العلماء, وإذا كان هذا الحال في أمر هو واجب فما بالك فيمن يفعل ذلك طواعية, وإذا كان الإسلام يحظر تخصيص بقعة عيدهم بأي عمل, فكيف يكون نفس عيدهم؟! لا شك أنه يكون أشد وأغلظ, وخلو المكان من هذين الوصفين يجيز الوفاء بالنذر؛ ولو كان الذبح في مكان عيد الكفار جائز لما استفصل رسول الله  عن المكان الذي سماه الرجل ونذر أن يذبح فيه؛ وهذا يقتضي أن كون البقعة مكاناً لعيد الكفار مانع أن يذبح فيها؛ لأن من المعلوم أن مكان التعبد والتقرب يكون مكان معظم, لذلك يجعلونها أماكن تعييدهم؛ ومجرد الذبح فيها أو مشاركتهم في التعييد أو ذبح النسك إحياءً لشعائر عيدهم؛ فجاء النهي قطعاً للمشابهة التي نتيجتها المشاركة.
3- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل عليَّ أبو بكر  وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار في يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر : أبمزمور الشيطان في بيت النبي  وذلك في يوم عيد الفطر, فقال النبي : يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا"
قال ابن تيمية رحمه الله: "فالدلالة من وجوه: أحدها قوله : "إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا", فإن هذا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم كما قال سبحانه: وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَاالبقرة148, وقال تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاًالمائدة48, أوجب ذلك اختصاص كل قوم بوجهتهم وبشرعتهم, فإذا كان لليهود عيداً, وللنصارى عيداً, كانوا مختصين به, فلا نشاركهم فيه كما لا نشاركهم في قبلتهم وشرعتهم, وكذلك أيضاً على هذا لا ندعهم يشاركوننا في أعيادنا" .
4- وعن أبي هريرة  قال: سمعت رسول الله  يقول: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة, بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا, وأوتيناه من بعدهم, ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم, فاختلفوا فيه فهدانا الله له, فالناس لنا فيه تبع, اليهود غداً, والنصارى بعد غد" .
5- وعنه وعن حذيفة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله : "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا, فكان لليهود يوم السبت, وكان للنصارى يوم الأحد, فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة, فجعل الجمعة والسبت والأحد, وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة, نحن الآخرون من أهل الدنيا, والأولون يوم القيامة, المقضي لهم قبل الخلائق" .
فالنبي  سمى الجمعة عيداً كما صح في الحديث عن ابن عباس  قال: قال رسول الله : "إن هذا اليوم جعله الله عيداً للمسلمين, فمن جاء إلى الجمعة فليغتسل, وإن كان طيب فليمس منه وعليكم بالسواك" , وبيَّن النبي  في الحديث اختصاص كل أمة بيوم عيد لها, وأن الجمعة عيد للمسلمين, والسبت لليهود, والأحد للنصارى, فإن نحن شاركناهم في هذه الأعياد الأسبوعية وهي السبت والأحد, خالفنا حديث رسول الله : "فالناس لنا فيه تبع, اليهود غداً, والنصارى بعد غد", فكيف بالعيد الأكثر تعظيماً عندهم وهو العيد الحولي, الذي يحيون فيه من الشعائر ما لا يحيونها في العيد الأسبوعي, لا شك أن عدم مشاركتهم فيه أوجب, ومشاركتهم أكثر فساداً على الدين؛ وأشد إثماً لفاعلها عند رب العالمين.
6- وعن كريب مولى ابن عباس رضي الله عنهما قال: بعثني ابن عباس  وناس من أصحاب رسول الله  إلى أم سلمة رضي الله عنها أسألها أي الأيام كان رسول الله  أكثر لها صياماً؟ قالت: يوم السبت والأحد, فرجعت إليهم فأخبرتهم, وكأنهم أنكروا ذلك, فقاموا بأجمعهم إليها, فقالوا: إنا بعثنا إليك هذا في كذا وكذا, وذكر أنك قلت كذا وكذا, فقالت: صدق, إن رسول الله  أكثر ما كان يصوم من الأيام, يوم السبت والأحد, كان يقول : "إنهما يوما عيد للمشركين, وأنا أريد أن أخالفهم" .
والحديث نص على مشروعية مخالفتهم في أعيادهم الأسبوعية بالصيام فيها, فكيف بالعيد الحولي العظيم عندهم.
قال ابن القيم رحمه الله: "فهذا نص في استحباب صوم يوم عيدهم لأجل مخالفتهم" .
ثالثاً: الإجمـاع
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "قد تقدم في شروط عمر  التي اتفقت عليها الصحابة وسائر الفقهاء بعدهم؛ أن أهل الذمة من أهل الكتاب؛ لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام؛ فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها؛ فكيف يسوغ للمسلمين فعلها؟! أوليس فعل المسلم لها أشد من فعل الكافر لها؟!" .
وقال رحمه الله: "وكما لا يُتَشَبَّهُ بهم في الأعياد، فلا يعان المسلم المتشبه بهم في ذلك بل ينهى عن ذلك, من صنع دعوى مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب إجابة دعوته, ومن أهدى للمسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديته, خصوصاً إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم, مثل إهداء الشمع ونحوه في الميلاد, ولا يبيع المسلم ما يستعين المسلمون به على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك, لأن في ذلك إعانة على المنكرات" .
وقال ابن القيم رحمه الله: "وكما أنهم لا يجوز لهم إظهاره؛ فلا يجوز للمسلمين ممالاتهم عليه؛ ولا مساعدتهم ولا الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أهله؛ وقد صرح به الفقهاء من أتباع الأئمة الأربعة في كتبهم"
وقـال الذهبي: "فإذا كان للنصارى عيداً, ولليهود عيداً, كانوا مختصين به, فلا يشركهم فيه مسلم، كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم" .
وقال الإمام مالك: "فلا يعاونون على شيء من عيدهم, لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم, وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك" .
وقال أبو حفص الحنفي: "من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيماً لليوم فقد كفر بالله تعالى" .
وقال أبو الحسن الآمدي: "لا يجوز شهود أعياد النصارى واليهود" .
وسئل أبو الأصبغ عيسى بن محمد التميلي عن ليلة يناير التي يسميها الناس الميلاد، ويجتهدون لها في الاستعداد، ويجعلونها كأحد الأعياد، ويتهادون بينهم صنوف الأطعمة، وأنواع التحف والطرف المثوبة لوجه الصلة، ويترك الرجال والنساء أعمالهم صبيحتها تعظيماً لليوم، ويعدونه رأس السنة، أترى ذلك أكرمك الله بدعة محرمة لا يحل لمسلم أن يفعل ذلك، ولا أن يجيب أحداً من أقاربه وأصهاره إلى شيء من ذلك الطعام الذي أعده لها، أم هو مكروه ليس بالحرام الصراح؟
فأجاب: قرأت كتابك هذا، ووقفت على ما عنه سألت، وكل ما ذكرته في كتابك فمحرم فعله عند أهل العلم، وقد رويت الأحاديث التي ذكرتها من التشديد في ذلك، ورويت أيضاً أن يحيى بن يحيى الليثي قال: لا تجوز الهدايا في الميلاد من نصراني، ولا من مسلم، ولا إجابة الدعوة فيه، ولا استعداد له، وينبغي أن يجعل كسائر الأيام. ورفع فيه حديثاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوماً لأصحابه: "إنكم مستنزلون بين ظهراني عجم؛ فمن تشبه بهم في نيروزهم ومهرجانهم حشر معهم"
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز: "لا يجوز للمسلم ولا المسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم, بل يجب ترك ذلك لأن من تشبه بقوم فهو منهم, والرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم, فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك, ولا تجوز لهما المساعدة في ذلك بأي شئ لأنها أعياد مخالفة للشرع فلا يجوز الاشتراك فيها, ولا التعاون مع أهلها ولا مساعدتهم بأي شئ لا بالشاي ولا بالقهوة, ولا بغير ذلك كالأواني وغيرها, ولأن الله سبحانه يقول: "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"؛ فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان" .
وقد ورد سؤال إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في جزيرة العرب ونصه: من فضلك يا شيخنا العزيز قد دخل بيني وبين إخواني المسلمين مناقشة دين الإسلام, وهي أن بعض المسلمين في غانا يعظمون عطلات اليهود والنصارى ويتركون عطلاتهم, حتى كانوا إذا جاء وقت العيد لليهود والنصارى يعطلون المدارس الإسلامية بمناسبة عيدهم, وإن جاء عيد المسلمين لا يعطلون المدارس الإسلامية, ويقولون إن تتبعوا عطلات اليهود والنصارى سوف يدخلون دين الإسلام, يا شيخنا العزيز عليك أن تفهم لنا أفعلتهم هل هي صحيحة في الدين أو لا؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:
أولاً: السنة إظهار الشعائر الدينية الإسلامية بين المسلمين وترك إظهارها مخالف لهدي الرسول  وقد ثبت عنه أنه  قال: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" . ‌
ثانياً: لا يجوز للمسلم أن يشارك الكفار في أعيادهم, ويظهر الفرح والسرور بهذه المناسبة, ويعطل الأعمال سواء كانت دينية أو دنيوية, لأن هذا من مشابهة أعداء الله المحرمة ومن التعاون معهم على الباطل وقد ثبت عن رسول الله  أنه قال: "من تشبه بقوم فهو منهم" , والله سبحانه يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِالمائدة2, وننصحك بالرجوع إلى كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه فإنه مفيد جداً في هذا الباب, وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
نائب رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي.
عضو: عبد الله بن قعود.
عضو: عبد الله بن غديان" .
رابعاً: مـن آثـار السـلف الصـالح
1- روى البيهقي عن عطاء بن دينار رحمه الله قال: قال عمر بن الخطاب : "لا تعلموا رطانة الأعاجم, ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم, فإن السخطة تنزل عليهم" .
2- وفي رواية أخرى لعطاء عن عمر  قال: " إياكم ورطانة الأعاجم, وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم" .
3- وعن سعيد بن أبي سلمة أنه سمع أبيه يقول: قال عمر بن الخطاب : "اجتنبوا أعداء الله اليهود والنصارى في عيدهم يوم جمعهم؛ فإن السخط ينزل عليهم؛ فأخشى أن يصيبكم؛ ولا تعلموا بطانتهم فتخلقوا بخلقهم" .
4- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "من بنى ببلاد الأعاجم؛ وصنع نيروزهم ومهرجانهم؛ وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك؛ حشر معهم يوم القيامة " .
5- وجاء رجل إلى علي بن أبي طالب  وقال: "يا أمير المؤمنين هذه هدية"، فقال: "ما هذه الهدية؟ " قال: "هذا يوم النيروز"، فقال علي : "فاصنعوا كل يوم فيروزاً"، - بالفاء, غيَّر الاسم ولم يرضَ أن يشابهم حتى في الاسم-، وقال " فاصنعوا كل يوم فيروزاً "، حتى تنتفي المشابهة والمشاركة, وحتى يصبح يوماً عادياً جداً غير محتفل به قال: "فاصنعوا كل يوم", والنيروز والمهرجان هي من أعياد الفرس القديمة أضافها الشيعة الروافض قاتلهم الله إلى أعيادهم وما زالوا يحتفلون بها إلى يومنا هذا ولعلها أعظم عندهم من عيد الفطر وعيد الأضحى نسأل الله العافية.
فمن كتاب الله تبارك وتعالى؛ وسنة رسوله المصطفى ؛ وسنة خلفائه الراشدين المهديين ؛ ومما ورد من فعل الصحابة الكرام ؛ والسلف الصالح وكلام الفقهاء جميعاً؛ نستنتج ما يدل دلالة قطعية صريحة على تحريم الاحتفال بأعياد الكفار ومشاركتهم فيها؛ وأن هذه المشاركة هي مشاركة لهم في الكفر؛ وهي مشاركة لهم في شعيرة من شعائرهم؛ وهو كفر عملي؛ وإذا اقترن بهذا العمل انتفاء الجهل عن الفاعل؛ أو اعتقاد أن دينهم حق؛ وأن ما هم عليه صحيح, وإقرارهم بذلك، فلا شك أنه يصبح كفراً أكبر مخرجاً من الملة والعياذ بالله, فانظر أي خطر ساحق ماحق يحيط بمن يشارك هؤلاء الكفرة في عيدهم أو يقرهم عليه, فالواجب على المسلم أن يجتهد في إحياء السنن وإماتة البدع.

صـور مشـاركة الكفـار فـي أعيـادهم
يمكن حصر أنواع أعياد الكفار التي يُبْنَى عليها معرفة صور المشاركة والأحكام المترتبة عليها بأربعة صور:
الأولى: أعيـاد دينيـة وتفعـل تـديُّناً:
أي يقيمونها تديُّناً؛ يظنون أنهم يتقربون بها إلى الله تعالى؛ أو إلى من يقربهم إلى الله زلفى؛ كعيد ميلاد المسيح عند النصارى؛ وعيد الفصح عند اليهود؛ وعيد الأولمبياد عند اليونان؛ وعيد النيروز عند الفرس؛ وعيد شم النسيم عند الفراعنة؛ وعيد الحب عند الرومان؛ وغيرها مما سيأتي ذكره.
وصور المشاركة في هذه الأعياد تكون بأحد أمرين:
1- الاحتفال بها معهم في بلادهم, سواء كان دافع الحضور التعظيم للعيد ولأهله, أو الانغماس في الغرائز الشهوانية الحيوانية, أو كان بدعوة من الكفار من باب المجاملة وحسن المعاملة أو غير ذلك, وهذا محرم ولا ريب لما سبق ذكره من الأدلة.
2- نقل احتفالاتهم إلى بلاد المسلمين, بتنظيمها فيها أو عبر وسائل الإعلام، كما يحدث في عيد الأولمبياد اليوناني الوثني, لينظر إليها المسلمون وأبناء المسلمين, فيحدث من ذلك تأثرهم بما فيها من شر فظيع
وهذا لا نشك بعدم جوازه؛ أضعف الإيمان من باب الدرء للمفاسد المترتبة على ذلك, والتي لا تخفى على من نور الله تعالى قلبه بنور الهدى, إلى جانب ما ذكرنا من أدلة تدلل على حرمة المشاركة.
الثانية: أعـياد لها أصـل دينـي ولا تفعـل تديُّنـاً:
بل من باب العادة والمصلحة والبهجة والسرور وغير ذلك, كعيد العمال الوثني الروماني, وكعيد الأولمبياد عند كثير من الناس.







 
قديم 29-12-10, 09:26 PM   رقم المشاركة : 7
أبوعمـر
موقوف






أبوعمـر غير متصل

أبوعمـر is on a distinguished road


النقل مكرر فحذفته







 
قديم 29-12-10, 09:32 PM   رقم المشاركة : 8
أبوعمـر
موقوف






أبوعمـر غير متصل

أبوعمـر is on a distinguished road


وصور المشاركة في هذه الأعياد يكون بإحيائها, أو إحياء الشعائر التي كانت عليها عند أهلها أو ابتدعت حديثاً, فيتخذ عيد العمال إجازة, وتُحيا شعائر عيد الأولمبياد وما يسمى بالألعاب الأولمبية, وهذا حرام قطعاً من وجوه عدة:
1- كون أصل هذه الأعياد وثنية كفرية.
2- وكون فعلها أو تعظيمها إقامة وفعلاً لشعائر الكفر.
3- وكون تشبهها بعيد المسلمين الشرعي من ارتباطها بتاريخ معين وشعائر معينة.
الثالثة: أعيـاد لا أصـل دينـي لها وتفعـل تديُّنـاً:
كعيد الأم حيث يجعل يوماً يتقرب فيه ببر الأم وزيارتها وتقديم الهدية لها, وهذا لا يجوز المشاركة فيه لأنه عيد ابتدعه الكفار لما قصروا في بر الوالدين, ولما فيه من مضاهاةٍ للعيد الشرعي وتشبهٍ بالكافرين.
الرابعة: مـن لا أصـل دينـي له؛ ولا يفعـل تديُّنـاً:
كيوم الصحة العالمي ويوم مكافحة المخدرات؛ ويوم النظافة ويوم التبرع بالدم وغير ذلك, وصور المشاركة فيها تكون بإحياء هذه الأيام بنشر التوعية عن هذه الموضوعات؛ وطالما أنها لا تأخذ مراسيمها مراسيم الأعياد؛ وإن كان أصل نشأتها عند الكفار؛ فيجوز نشر ما تدعو إليه هذه الأيام من خير؛ مع كراهة مشابهتهم في ذلك اليوم؛ بل لا يتخذ يوماً معيناً يتم الحث فيه على مراعاة الصحة والسلامة ومكافحة آفة المخدرات وغير ذلك" .


حـكم التهـنئة بأعـياد الكفـار
لقد دأب بعض المسلمين على تهنئة الكفار من يهود ونصارى وغيرهم بأعيادهم, عن جهل منهم بحكم هذا الفعل, أو عن علم مستنده بعض التلبيسات التي يلبسها بعض الذين فتنوا الأمة عن دينها, وسموا الأشياء بغير مسمياتها, رغبة عن الالتزام بما أمر الله تعالى, ورهبة من ضياع حطام الدنيا الزائل من أيديهم, فأصَّلوا وقعَّدوا أصولاً وقواعد, أخذوها من عموميات النصوص, وبنوا عليها أحكاماً نسفوا فيها الأدلة المقيدة أو المخصصة نسفاً, ومن أمثلة تلك العموميات تسمية اليهود أو النصارى "بإخواننا", تحت مسمى أنهم إخوة في الإنسانية, وأن الله تعالى قال في الأنبياء: "وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً", "وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً", "وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً", وتناسى هؤلاء أن هذا الكلام السمج يضيع أخوة الإيمان, ويفتح باباً كبيراً من أبواب الفساد في العقيدة والسلوك, ويجعل في قلوب المسلمين نوع ود للكافرين, فإن أصل كلمة الأخ في اللغة هي توحد المقصد, كما قال ذلك الزجاج: "وأصل الأخ في اللغة أنه الذي مقصده مقصد أخيه, والعرب تقول: فلان يتوخى مسار فلان أي ما يسره" .
ولمزيد البيان عن معاني الأخوة كمثال, أبين أنواع الأخوة:
أنـواع الأخـوة:
لقد ورد ذكر الأخوة في القرآن الكريم مرات عديدة, وهي تدل على واحد من المعاني التالية:
أولاً: أخـوة النسـب والقـرابة والرضـاع: ومن ذلك قوله تعالى: "وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً", "وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً", "وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً"
قال القرطبي: "قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أي ابن أبيهم" .
وقال البغوي: "أخاهم في النسب لا في الدين" .
وقال الخليل: "ولم يقل أخوهم شعيب لأنه لم يكن أخاً لأصحاب الأيكة في النسب؛ فلما ذكر مدين قال: " أَخَاهُمْ شُعَيْباًً" لأنه كان منهم"
وقال الشوكاني: "وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس  في قوله: "وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً", قال: ليس بأخيهم في الدين ولكنه أخوهم في النسب لأنه منهم، فلذلك جعل أخاهم, وأخاهم: أي واحداً من قبيلتهم أو صاحبهم"
ومن ذلك أيضاً الآيات التي بينت أحكام المواريث؛ وذكرت الإخوة من النسب والقرابة؛ والآيات التي تكلمت عما حدث بين يوسف عليه السلام وإخوته؛ وغير ذلك من الآيات التي بينت الإخوة النَسَبِيَةَِ والقرابة, كما والآية التي ذكرت لنا المحرمات من النساء ومنها: "وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ".
ثانياً: أخـوة الكفـر والنفـاق: ومن ذلك قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"آل عمران156.
قال القرطبي: "وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ", يعني في النفاق أو في النسب في السرايا التي بعث النبي  إلى بئر معونة" .
ثالثاً: أخـوة الشـياطين: ومن ذلك قوله تعالى: " إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً"الإسراء27.
قال القرطبي: "وقوله: "إِخْوَانَ" يعني أنهم في حكمهم؛ إذ المبذر ساع في إفساد كالشياطين، أو أنهم يفعلون ما تسول لهم أنفسهم، أو أنهم يقرنون بهم غدا في النار؛ ثلاثة أقوال" .
- وقوله تعالى: "وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ"الأعراف202.
قال ابن كثير: "وقوله تعالى‏:‏ ‏"‏وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ‏", أي وإخوان الشياطين من الإنس، كقوله‏:‏ " إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ"‏ وهم أتباعهم والمستمعون لهم، القابلون لأوامرهم" .
وقال القرطبي: " قوله تعالى: " وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ " قيل: المعنى وإخوان الشياطين وهم الفجار من ضلال الإنس تمدهم الشياطين في الغي, وقيل للفجار إخوان الشياطين لأنهم يقبلون منهم, وقد سبق في هذه الآية ذكر الشيطان, هذا أحسن ما قيل فيه؛ وهو قول قتادة والحسن والضحاك" .
رابعاً: أخـوة الـدين والإيمـان: ومن ذلك قوله تعالى: "فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً":
قال الطبري: "وأما قوله: "فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً", فإنه يعني: فأصبحتم بتأليف الله عز وجل بينكم بالإسلام وكلمة الحق؛ والتعاون على نصرة أهل الإيمان؛ والتآزر على من خالفكم من أهل الكفر إخواناً"
وقال القرطبي: "ومعنى "فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً", أي صرتم بنعمة الإسلام إخواناً في الدين وكل ما في القرآن" .
وقال البغوي: "إخواناً في الدين والولاية بينكم" .
- وقوله تعالى: "فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ".
قال البيضاوي: "فإن تابوا عن الكفر؛ وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة؛ فهم إخوانكم في الدين؛ لهم مالكم وعليهم ما عليكم" .
وقال الطبري: " فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ", فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله به وهو الإسلام" .
- وقوله تعالى: "فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ":
قال الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: فإن أنتم أيها الناس لم تعلموا آباء أدعياءكم من هم فتنسبوهم إليهم؛ ولم تعرفوهم فتلحقوهم بهم؛ فهم إخوانكم في الدين إن كانوا من أهل ملتكم؛ ومواليكم إن كانوا محرريكم وليسوا بب************م" .
وقال الشوكاني: "أي فهم إخوانكم في الدين وهم مواليكم فقولوا: أخي ومولاي" .
- وقوله تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ":
قال الطبري: "يقول تعالى ذكره لأهل الإيمان به: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ", في الدين" .
وقال القرطبي: "قوله تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ", أي في الدين والحرمة لا في النسب؛ ولهذا قيل: أخوة الدين أثبت من أخوة النسب؛ فإن أخوة النسب تنقطع بمخالفة الدين؛ وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب" .
قال الزجاج: "الدين يجمعهم؛ فهم إخوة إذا كانوا متفقين في دينهم؛ فرجعوا بالاتفاق في الدين إلى أصل النسب لأنهم لآدم وحواء" .
خامساً: أخـوة المـنافقين وأهـل الكـتاب: ومن ذلك قوله تعالى: "أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ"
قال الشوكاني: "وجعلهم إخواناً لهم لكون الكفر قد جمعهم؛ وإن اختلف نوع كفرهم فهو إخوان في الكفر" .
وقال البغوي: "وهم اليهود من بني قريظة والنضير؛ جعل المنافقين إخوانهم في الدين لأنهم كفار مثلهم" .
وقال البيضاوي: "أريد الذين بينهم وبينهم أخوة الكفر أو الصداقة والموالاة" .
وقال الألوسي: "والمراد بأخوتهم الأخوة في الدين واعتقاد الكفرة أو الصداقة" .
- وقوله تعالى: " قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً"الأحزاب18.
قال القرطبي: "وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ" فيهم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم المنافقون؛ قالوا للمسلمين: ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس، وهو هالك ومن معه، فهلم إلينا.
الثاني: أنهم اليهود من بني قريظة؛ قالوا لإخوانهم من المنافقين: هلم إلينا؛ أي تعالوا إلينا وفارقوا محمداً فإنه هالك، وإن أبا سفيان إن ظفر لم يبق منكم أحداً.
والثالث: ما حكاه ابن زيد: أن رجلاً من أصحاب النبّي  بين الرماح والسيوف؛ فقال أخوه - وكان من أمه وأبيه - : هلم إلّي، قد تبع بك وبصاحبك؛ أي قد أحيط بك وبصاحبك, فقال له: كذبت، والله لأخبرنه بأمرك؛ وذهب إلى رسول الله  ليخبره، فوجده قد نزل عليه جبريل عليه السلام بقوله تعالى: "يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا", ذكره الماوردي والثعلبي أيضاً" .
سادساً: أخـوة أهـل الجـنة: ومن ذلك قوله تعالى: " وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ"الحجر47.
والسؤال الكبير الذي يلح بنفسه علينا؛ ويريد من الذين يقولون لليهود والنصارى إخواننا إجابة؛ أي أنواع الأخوة التي تجمعكم مع اليهود والنصارى؟ أهي إخوة النسب والقرابة؟ أم أخوة الدين والإيمان؟ أم أخوة الشياطين؟ أم أخوة الكفر والنفاق؟ أم أخوة أهل الجنة؟ ولا مناص من الإجابة بواحدة منها:
فإن قلتم إخـوة النسـب والقـرابة نقول: قطعها القرآن وأبدلها عداوة بين المسلمين والكافرين, حتى أنها جعلت الولد يقتل أباه؛ والأخ يقتل أخاه؛ والأب يقتل ولده انتصاراً لدينه, قال تعالى: " لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ"المجادلة22.
بل إن الله تعالى لما ذكر أصحاب الأيكة نفى الأخوة بين شعيب عليه السلام وبينهم بهذا السبب, قال ابن كثير: "وإنما قال: "إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ" فقطع نسب الأخوة بينهم للمعنى الذي نسبوا إليه – أي عبادة الشجر - وإن كان أخاهم نسباً" .
وعلى فرض أنها أخوة نسب وقرابة مع بعضهم؛ فهل خصص المهنئون تهنئتهم لأقاربهم؛ أم عمموها لكل نصراني ويهودي في بقاع الأرض؟! وهل هذا يصح؟ أم هي أمراض القلوب التي لم تسلم لله تعالى؟!.
وإن قلتم أخـوة الدين والإيمـان والجنـة فلا ريب أن ديننا غير دينهم ولا أظن أن عاقلاً مسلماً من صبية المسلمين يقول بأخوتهم في الدين, أو بدخولهم الجنة.
وأنا على يقين أنكم لن تقولوا بأخـوة الكفـر والنفـاق والشـياطين فوجب على من يتلفظ بهذا اللفظ مداهنة للكافرين واسترضاءً لهم, أن يعود لرشده ويذعن للحق؛ وإن أصر على ذلك؛ استعذنا بالله من متابعته على ضلاله وسألناه سبحانه السلامة والعافية في الدين وهو حسيبنا وحسبنا ونعم الوكيل.


بمـاذا نعـت رسـول الله  أهـل الكـتاب؟
ثم إننا نسألكم يا من آذيتمونا بنعتكم للكفرة بالأخوة, - ونحن نعلم أنكم تعلمون الإجابة -, بماذا كان يخاطب رسولُ الله  اليهود والنصارى؟ هل ثبت عندكم أنه قال لهم في يوم: أيها الأخوة, أو إخوتي أو إخواننا؟!! قطعاً لا, بل لقد ثبت عنه عكس ذلك, لقد قال لهم : "يا إخوة القردة والخنازير, ويا عبدة الطاغوت".
فعن عكرمة رحمه الله قال: لما كان شأن قريظة بعث النبي  علياً  فيمن كان عنده من الناس؛ فلما انتهى إليهم وقعوا في رسول الله , وجاء جبريل عليه السلام على فرس أبلق, فقالت عائشة رضي الله عنها: فلكأني أنظر إلى رسول الله  يمسح الغبار عن وجه جبريل عليهما السلام, فقلت: هذا دحية يا رسول الله؟ فقال: هذا جبريل عليه السلام قال: يا رسول الله ما يمنعك من بني قريظة أن تأتيهم؟ فقال رسول الله : فكيف لي بحصنهم؟ فقال جبريل: فإني أدخل فرسي هذا عليهم, فركب رسول الله  فرساً معرورى, فلما رآه علي  قال: يا رسول الله لا عليك ألا تأتيهم فإنهم يشتمونك, فقال: كلا, إنها ستكون تحية, فأتاهم النبي  فقال: يا إخوة القردة والخنازير, فقالوا: يا أبا القاسم ما كنت فحاشاً؛ فقالوا: لا ننزل على حكم محمد, ولكنا ننزل على حكم سعد بن معاذ ..." .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رحمه الله في قوله: "وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ", قال: هم بنو قريظة؛ ظاهروا أبا سفيان وراسلوه؛ ونكثوا العهد الذي بينهم وبين النبي ؛ فبينما النبي  عند زينب بنت جحش يغسل رأسه, وقد غسلت شقه, إذ أتاه جبريل عليه السلام فقال: عفا الله عنك, ما وضعت الملائكة عليهم السلام سلاحها منذ أربعين ليلة, فانهض إلى بني قريظة؛ فإني قد قطعت أوتادهم وفتحت أبوابهم؛ وتركتهم في زلزال وبلبال؛ فأرسل رسول الله  فحاصرهم وناداهم: يا إخوة القردة, فقالوا يا أبا القاسم ما كنت فحاشاً ..." .
قال ابن جريج: حدثني القاسم بن أبي بزة عن مجاهد في قوله تعالى: "أًتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ", قال: قام النبي  يوم قريظة تحت حصونهم فقال: يا إخوان القردة والخنازير، ويا عبدة الطاغوت" .
مـاذا قـال الصـحابة عـن اليهـود والنصـارى؟
عن عائشة رضي الله عنها قالت: بينا أنا عند النبي  إذ استأذن رجل من اليهود فأذن له فقال: السام عليك, فقال النبي : وعليك, قالت فهممت أن أتكلم, قالت: ثم دخل الثانية فقال مثل ذلك, فقال النبي : وعليك, قالت: ثم دخل الثالثة فقال: السام عليك, قالت: فقلت: بل السام عليكم وغضب الله؛ إخوان القردة والخنازير, أتحيون رسول الله  بما لم يحيه به الله؟! قالت: فنظر إليَّ فقال: مه إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش, قالوا قولا فرددناه عليهم, فلم يضرنا شيئاً ولزمهم إلى يوم القيامة, إنهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها, وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها, وعلى قولنا خلف الإمام آمين" .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله  قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم؛ فغلب على الأرض والزرع والنخل؛ فصالحوه على أن يجلوا منها؛ ولهم ما حملت ركابهم؛ ولرسول الله  الصفراء والبيضاء ..., وكان عبد الله بن رواحة  يأتيهم كل عام يخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر؛ قال: فشكوا إلى رسول الله  شدة خرصه, وأرادوا أن يرشوه, فقال: يا أعداء الله، أتطعموني السحت, والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ, ولأنتم أبغض إليَّ من عدتكم من القردة والخنازير, ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم؛ فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض" .
وعن سعيد بن أبي سلمة أنه سمع أبيه يقول: قال عمر بن الخطاب : "اجتنبوا أعداء الله اليهود والنصارى في عيدهم يوم جمعهم؛ فإن السخط ينزل عليهم؛ فأخشى أن يصيبكم؛ ولا تعلموا بطانتهم فتخلقوا بخلقهم" .
وما سقت هذه الإطالة إلا لتوضيح السبب الذي أوقع القوم في كثير من المخالفات الشرعية والتي منها تهنئة الكافرين بأعيادهم, فلينظروا لأنفسهم أين يقفون؟ وبوصف من يتصفون ؟! لو كانوا يعقلون.
شـبهة جـواز التهـنئة:
لا أنسى أن أذكر قبل بيان الشبهة التي يتكئ عليها من يجيز تهنئة الكفار في أعيادهم تعريف أهل العلم للتهنئة, ثم أبين من أين جاءت الشبهة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه:
"التهـنئة في اللـغة خلاف التعزية، يقال: هنّأه بالأمر والولاية تهنئة وتهنيئاً إذا قال له: ليهنئك وليه************، أو هنيئاً، ويقال: هنّأه تهنئة وتهنياً.
والهنيء والمهنأ: ما أتاك بلا مشقة ولا تنغيص ولا كدر.
والهنيء من الطعام: السائغ، واستهنأت الطعام استمرأته.
وفي الاصـطلاح: لا تخرج التهنئة - في الجملة - عن المعنى اللغوي، لكنها في مواطنها قد تكون لها معان أخص كالتّبريك، والتّبشير، والتّرفئة، وغير ذلك مما يرد ذكره.
والتّبـريك في اللـغة: مصدر برّك، يقال: برّكت عليه تبريكاً أي قلت له: بارك اله عليك، وبارك الله الشيء وبارك فيه وعليه: وضع فيه البركة، ويكون معنى التّبريك على هذا: الدعاء للإنسان أو غيره بالبركة، وهي النّماء والزيادة والسعادة.
والتّبـريك في الاصـطلاح: الدعاء بالبركة وهي الخير الإلهي الذي يصدر من حيث لا يحس، وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر، ولذا قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة: هو مبارك، وفيه بركة، وإلى هذه الزيادة أشير بما روي أنّه "ما نقصت صدقة من مال" .
إن من شبهاتهم التي يدفعون بها في صدور النصوص المحكمة ويجيزون بها التهنئة:
قولهم: إننا نقول ذلك تأليفاً لقلوبهم؛ وعملاً بما أمرنا ربنا من البر بهم والإقساط في معاملتهم - زعموا-, ولتجلية هذا الأمر نبينه بما يلي:
لقد طلب الله تعالى منا البراءة والبغض والمعاداة, لأعداء كلمة التوحيد غير الملتزمين بها وبشروطها, براءة لا مودة فيها ولا محبة، وهذه البراءة والبغض تجعل المسلم يترك كل مظاهر الموالاة للكافرين, من مظاهرة الكافرين على المسلمين، والاستعانة بهم، واتخاذهم بطانة، وتوليتهم المناصب على المسلمين، وإعطائهم أسرار البلاد، والتشبه بلباسهم، والإقامة في بلادهم لغير حاجة، والتسمي بأسمائهم، ومشاركتهم في أعيادهم وتهنئتهم بها، وتقديمهم في المجالس, ومدح حضارتهم، والإعجاب بأخلاقهم ودينهم، والاستغفار لهم والترحم عليهم, وتبجيلهم عند ذكرهم بالألقاب المفخمة كفخامة الرئيس والسيد الوزير, وغير ذلك.
الفـرق بين المـوالاة والإحسـان في المعـاملة:
والبراءة والبغض والمعاداة لأعداء كلمة التوحيد، لا يمنع من العدل والإحسان في التعامل الدنيوي معهم، وخاصة مع من كفوا أيديهم وألسنتهم عن معاداة الإسلام والمسلمين، فلم يقاتلوا المسلمين, ولم يخرجوهم من ديارهم, ولم يظاهروا عليهم أحداً، فهؤلاء يبروا ويقسطوا، وهذا معنى قوله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَالتحريم8
قال القرطبي: "قوله تعالى: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ" هذه الآية رخصة من الله تعالى, في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم" .
قال ابن كثير رحمه الله: "وقوله تعالى: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ", أي يعاونوا على إخراجكم؛ أي لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين كالنساء والضعفة منهم, " أَن تَبَرُّوهُمْ ", أي تحسنوا إليهم, " وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ", أي تعدلوا, " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ "
والبر هو إيصال الخير، والقسط هو العدل، وهما لا يدخلان في الموالاة المحرمة, التي تتضمن المحبة والتواد, والنصرة باليد أو اللسان, أو المتابعة في الاعتقاد والأفكار والأفعال، يدلل على ذلك سبب نزول الآية حيث ثبت عن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما قالت: "أتتني أمي راغبة في عهد النبي , فسألت النبي  أفأصلها؟ قال: نعم, قال ابن عيينة فأنزل الله عز وجل فيها: " لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ " .
فالآية قالت لنا: "أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ"، ولم تقل توالوهم وتحبوهم؛ وتنصروهم وتعتقدوا ما هم عليه؛ وتهنئوهم بشركهم وشعائر دينهم، فالصلة والمكافأة الدنيوية شيء، والمودة شيء آخر.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "فإن الله سبحانه لما نهى في أول السورة عن اتخاذ المسلمين الكفار أولياء, وقطع المودة بينهم وبينهم, توهم بعضهم أن برَّهم والإحسان إليهم من الموالاة والمودة, فبيَّن الله سبحانه أن ذلك ليس من الموالاة المنهي عنها, وأنه لم ينه عن ذلك؛ بل هو من الإحسان الذي يحبه ويرضاه, وكتبه على كل شيء, وإنما المنهي عنه تولي الكفار والإلقاء إليهم بالمودة" .
بل هناك من أهل العلم من قال أن هذه الآية التي هي متكأ القوم منسوخة وممن قال بذلك:
- ابن زيد رحمه الله قال: " كان هذا في أول الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال ثم نسخ".
- وقتادة رحمه الله قال: نسختها "فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ" .
فتصبح الآية محتملة, وبالاحتمال يسقط الاستدلال؛ وإن كان الصواب عدم نسخها والله أعلم.

صـور مـن الإحسـان في المعـاملة:
والإسلام حث على الإحسان في المعاملة للكافر لمقصد عظيم, ألا وهو ترغيباً له في دين الإسلام، وطمعاً في هدايته, إذ هم محط دعوتنا، وذلك بعدة صور من صور البر والإحسان التي لا يوجد فيها موالاة منها:
1- الدعـاء لهـم بالهِـدَايةِ والدخـولِ في الإسـلام:
فقد ثبت أن رسول الله  قد دعا للمشركين في أكثر من موضع، منها أنه قال : "اللهم اهد أم أبي هريرة" عندما طلب أبو هريرة  من النبي  ذلك.
عن أبي هريرة  قال: "كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة, فدعوتها يوماً فأسمعتني في رسول الله  ما أكره, فأتيت رسول الله  وأنا أبكي, قلت: يا رسول الله؛ إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى عليَّ, فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره, فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة, فقال رسول الله : "اللهم اهد أم أبي هريرة", فخرجت مستبشراً بدعوة نبي الله , فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف, فسمعت أمي خشف قدمي فقالت: مكانك يا أبا هريرة, وسمعت خضخضة الماء, قال: فاغتسلت ولبست درعها, وعجلت عن خمارها, ففتحت الباب ثم قالت: يا أبا هريرة؛ أشهد أن لا إله إلا الله؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قال: فرجعت إلى رسول الله , فأتيته وأنا أبكي من الفرح, قال: قلت يا رسول الله أبشر؛ قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة, فحمد الله وأثنى عليه وقال خيراً, قال: قلت يا رسول الله ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا؛ قال: فقال رسول الله : "اللهم حبب عبيدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين, وحبب إليهم المؤمنين", فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني" .
ومنها ما صح عن أبي هريرة  قال: قدم الطفيل  وأصحابه على رسول الله ، فقال الطفيل: يا رسول الله إن دوساً قد كفرت وأبت, فادع الله عليها، فقيل: هلكت دوس، فقال : "اللهم اهد دوساً وائت بهم" .
وروي أن رسول الله  دعا لثقيف فقال: "اللهم اهد ثقيفاً" ، وكانوا قد تحصنوا منه بعد فتح مكة في ديارهم، وامتنعوا من المسلمين، ولم يستطع المسلمون فتح الطائف، فدعا الرسول  لهم بالهداية فأسلموا وقدموا المدينة، وفي كل هذا استحباب الدعاء للمعاندين من الكفار لعل الله يهديهم, وهذا ليس فيه مودة لهم بل فيه شفقة عليهم.
2- الإهـداء لهـم وقبـول الهـدايا منهم:
عن عبد الله بن عمر  أن رسول الله  أهدى إلى عمر بن الخطاب  حلة من حرير، فقال: يا رسول الله تكرهها وترسلها لي؟! فقال : "أني لم أرسلها لك لتلبسها، ولكن البسها بعض نسائك", فأهداها عمر  لأخ له مشرك بمكة" .
وهذا دليل واضح على أنه يجوز الإهداء للكفار ما لا يحل لبسه للمسلمين كالحرير، وكذلك قَبِلَ رسول الله  هدايا المقوقس، وقبل الشاة المصلية من اليهودية في خيبر, وكله ثابت عنه .
3- عيـادة المـريض منهم:
عن أنس  أن غلاماً يهودياً كان يخدم النبي  فمرض، فأتاه النبي  يعوده فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم ، فأسلم فخرج النبي  وهو يقول: "الحمد الله الذي أنقذه من النار" .
قال ابن حجر في الفتح: "وفي الحديث جواز استخدام المشرك وعيادته إذا مرض؛ وفيه حسن العهد؛ واستخدام الصغير؛ وعرض الإسلام على الصبي؛ ولولا صحته منه ما عرضه عليه" .
4- الصـلة والصـدقة والإحسـان:
عن أسماء بنت أبي بكر  قالت: "قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا، فأتيت النبي  فقلت: يا رسول الله، إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها؟ قال: نعم صليها" , وقد سبق بيانه.
فالصلة ترغيب للكافر في الإسلام بالتلطف في المعاملة والإحسان إليه، وهي وسيلة من وسائل الدعوة، بخلاف المودة والموالاة, فهما يدلان على إقرار الكافر على ما هو عليه والرضى عنه، وهذا من الكفر والعياذ بالله, فالصور السابقة كلها ليس فيها رضى عن دين المشركين, ولا عن شعائرهم, وغايتها هي معاملة ترغيبية في الإسلام بالسلوك الحسن.





عـدم تهـنئة المسلمين بأعيـاد الكفار في صدر الإسلام
ومن الأدلة الواقعية على عدم جواز تهنئة الكفار بأعيادهم؛ أن النبي  لما بعثه الله تعالى وهاجر إلى المدينة المنورة؛ كان اليهود من بني قريضة وبني قينقاع وبني النضير يعيشون معه في المدينة، وقريباً منه في خيبر، وكان النصارى في نجران واليمن, فكان اليهود والنصارى موجودين في عهد النبي ، وكذلك كان الفرس وديانة المجوس في البحرين ونحو ذلك, وكانت أعيادهم موجودة ومنهم مشهودة.
ومـع ذلـك: من تأمل ونظر في سيرة النبي ، علم علماً يقينياً قطعياً، أنه لم يكن يهنأ أحداً منهم بأعيادهم ولم يفعله أحد من المسلمين, ولم يقع ذلك من أحد من الصحابة بعد رسول الله  أو التابعين بعدهم.
حتى لو تتبعنا السير لا نجد أن أحداً من نساء المؤمنين ولا أطفالهم شاركوهم ولا هنئوهم في أعيادهم، لأنهم عرفوا ما لم يعرفه كثير من المسلمين اليوم, لقد عرف الصحابة الكرام ونساؤهم وأبناؤهم أن الأعياد من شعائر الأديان فلم يهنئوهم بها, عرفوا أن تهنئة الكفار بأعيادهم من الموالاة المحرمة فكفوا عن ذلك ولم يفعلوا, بل عرفوا أنهم على طريق الجنة والصراط المستقيم، وأن أولئك الأقوام على طريق الكفر والضلال واللعنة والغضب والنار، فكان لسان حالهم أن لا نسبة بيننا وبينهم، ولا يمكن أن نقاربهم أو ندانيهم في شيء من شعائر دينهم ومنها أعيادهم الملعونة.
نعـم: ثبت وجود التعامل في أمور الدنيا الاعتيادية مع الكفار, كالمبايعة، والمخالطة في الأسواق وفي البلاد، وفي السكنى والمجاورة، وكثير من الأحكام, وهذا يدلل أن وجودهم كان حاضراً بين المسلمين, ولم يثبت أبداً أي تهنئة لهم في أعيادهم، فهذا دليل على أن الصحابة  علموا وأيقنوا أن أعياد المشركين جزء من عقيدتهم، فكما لم يوافقوهم على عبادة المسيح  أو عزير , أو تحريفهم للتوراة والإنجيل, أو إنكارهم لنبوة محمد , فكذلك لم يوافقوهم بالتهنئة ولا بغيرها في أعيادهم، لأنها من دينهم وشرعتهم، فهذا كان حالهم ، وهذا ما نسميه دليل الواقع, ثم خلف من بعدهم خلوف من التابعين استقاموا على الطريقة فلم يهنئوا الكفار في أعيادهم؛ ولم يصلوهم فيها؛ حتى جاء هذا الزمان؛ بما فيه من آلام وأحزان؛ فلم يقف الحال عند عوام المسلمين وحكامهم المتسلطين على الحكم المنحين الشريعة بأن يهنئوا الكفار بأعيادهم ويشاطرونهم الفرح والسرور, بل سرى بين بعض المنتسبين زوراً وبهتاناً للعلم؛ ويزعمون أنهم إسلاميون يسعون لإقامة الدين بتهنئة الكفار بأعيادهم التي يحيون فيها شعائر الكفر والضلال؛ والفسوق والانحلال, تحت ستار البر والإحسان.
معـاملة الكافـر وموضـع التهـنئة منها:
ويحسن هنا أن أذكر موضع التهنئة من حيث معاملة الكفار, فقد قال أهل العلم: حالات معاملة الكافر ثلاثة:
الأولى: معـاملة مكفّـرة مخـرجة عن المـلة:
وهي كل ما دل الدليل على أنه كفر وردة فهو من هذه الحالة، وذلك نحو: محبة دين الكفار، ومحبة انتصارهم، والقتال معهم، والاستعانة بهم أو إعانتهم على المسلمين، وغيرها من الأمثلة.
الثانية: معـاملة محرمـة غيـر مكفّـرة:
وهي كل ما دل الدليل على تحريمه، ولم يصل هذا التحريم إلى الكفر، فهو من هذه الحالة، وذلك نحو: تصديرهم في المجالس، وابتدائهم بالسلام، وموادتهم التي لم تصل إلى حد التولي، ومنها تهنئتهم بأعيادهم.

الثالثة: معـاملة جائـزة مشـروعة:
وهي غير داخلة في الموالاة، وهي ما دلت الأدلة على جوازه مثل العدل فيهم، والإقساط لغير المحاربين منهم، وصلة الأقارب الكفار منهم، ونحو ذلك مما ذكرناه.
والفرق بين الحالتين الثانية والثالثة ذكره القرافي رحمه الله في كتابه الفروق حيث قال: "اعلم أن الله تعالى منع من التودد لأهل الذمة - ولاحظ أن الكلام على أهل الذمة التي لا يوجد صورتها اليوم - بقوله: َيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِالممتحنة1, فمنع الموالاة والتودد، وقال في الآية الأخرى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَالممتحنة8، فلابد من الجمع بين هذه النصوص، وذلك أن الإحسان لأهل الذمة مطلوب، وأن التودد والموالاة منهي عنهما،... ثم قال: وسر الفرق أن عقد الذمة يوجب حقوقاً علينا لهم, لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا؛ وفي ذمة الله تعالى وذمة رسوله  ودين الإسلام،... إلى أن قال: فيتعين علينا أن نبرهم بكل أمر لا يكون ظاهره يدل على موادات القلوب، ولا تعظيم شعائر الكفر، - ومنه الأعياد- فمتى أدى إلى أحد هذين امتنع، وصار من قبل ما نهي عنه في الآية وغيرها، ويتضح ذلك بالمثل: فإخلاء المجالس لهم عند قدومهم علينا، والقيام لهم حينئذ، ونداؤهم بالأسماء العظيمة الموجبة لرفع شأن المنادى بها، هذا كله حرام، وكذلك إذا تلاقينا معهم في الطريق وأخلينا لهم واسعها ورحبتها والسهل منها، وتركنا أنفسنا في خسيسها وحزنها وضيقها؛ كما جرت العادة أن يفعل ذلك المرء مع الرئيس والولد مع الوالد، فإن هذا ممنوع لما فيه من تعظيم شعائر الكفر؛ وتحقير شعائر الله تعالى وشعائر دينه واحتقار أهله، وكذلك لا يكون المسلم عندهم خادماً ولا أجيراً يؤمر عليه وينهى،... إلى أن قال: وأما ما أمر من برهم من غير مودة باطنية كالرفق بضعيفهم؛ وإطعام جائعهم؛ وإكساء عاريهم؛ ولين القول لهم على سبيل اللطف لهم والرحمة لا على سبيل الخوف والذلة؛ واحتمال أذايتهم في الجوار مع القدرة على إزالته لطفاً معهم لا خوفاً وتعظيماً، والدعاء لهم بالهداية؛ وأن يجعلوا من أهل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم، فجميع ما نفعله معهم من ذلك لا على وجه التعظيم لهم وتحقير أنفسنا بذلك الصنيع لهم؛ وينبغي لنا أن نستحضر في قلوبنا ما جبلوا عليه من بغضنا وتكذيب نبينا ، وأنهم لو قدروا علينا لاستأصلوا شأفتنا، واستولوا على دمائنا وأموالنا، وأنهم من أشد العصاة لربنا ومالكنا عز وجل، ثم نعاملهم بعد ذلك بما تقدم ذكره امتثالاً لأمر ربنا" .
فمن حرّر الفرق بين هذه الحالات الثلاث، كان على بينه من أمره في طريقة التعامل مع الكافرين عامة وأهل الكتاب خاصة؛ وإلا التبست عليه الأمور، خصوصاً وأن بعض دجاجلة العلم في عصرنا؛ يريدون إباحة الحالتين الأولى والثانية استدلالاً بالحالة الثالثة على طريقة أهل الزيغ في اتباع المتشابه الذي يلبسون به على الناس, وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَالأنعام26.
نعـم: يبيحون تهنئة اليهود والنصارى بأعيادهم؛ بأدلة يضعونها في غير موضعها ولغير أهلها, فيضيعون دين الله تعالى, ويلبسون الحق بالباطل, ويفقدون الأمة إمكانية التمييز بين سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين الكافرين, هذين السبيلين الذين لابد للمسلم من معرفتهما حتى يسلم له دينه, وقد قال تعالى وهو يبيِّن لنا أن هناك سبيلاً للمؤمنين لا ينبغي اتباع غيره:  وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراًالنساء115.
قال ابن كثير: "وقوله تعالى: "وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى", أي ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول ؛ صار في شق والشرع في شق؛ وذلك عن عمد منه بعد ما ظهر له الحق وتبين له واتضح له" .
قال الشوكاني: "وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ", أي: غير طريقهم وهو ما هم عليه من دين الإسلام والتمسك بأحكامه" .
"وسبيل كل قوم طريقتهم التي يسلكونها في وصفهم الخاص، فالسبيل مستعار للاعتقادات والأفعال والعادات التي يلازمها أحد ولا يبتغي التحول عنها, كما يلازم قاصد المكان طريقاً يبلغه إلى قصده, قال تعالى: "قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي", ومعنى هذه الآية نظير معنى قوله: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ", وكأن فائدة عطف اتباع غير سبيل المؤمنين على مشاقة الرسول؛ الحيطة لحفظ الجامعة الإسلامية بعد الرسول " .
وقال سبحانه عن سبيل المجرمين:  وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَالأنعام55.
قال الطبري: "وكذلك نفصل الآيات ولتتضح لك وللمؤمنين طريق المجرمين" .
فإن في كسر حاجز الولاء والبراء؛ وذهاب معالمه من البلاد وبين العباد من الشر الكثير, يترتب عليه ما ذكر الله تعالى في سورة الأنفال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ  وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ الأنفال72- 73.
قال ابن كثير رحمه الله: "ومعنى "إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ", أي إن لم تجانبوا المشركين، وتوالوا المؤمنين وإلا وقعت فتنة في الناس، وهي التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين؛ فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل" .
فاختلاط سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين, فيه الشر المنتشر الطويل العريض الذي نراه اليوم في المسلمين في هذا الزمان, فلما وهيَ حاجز الولاء والبراء وكسر عند كثير من المسلمين, أصبح كثير من المسلمين يهنئون الكفار في أعيادهم, ولعلهم يهنئ بعضهم بعضاً بعيد الكفار, ولا حول ولا قوة إلى بالله العلي العظيم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن المعلوم أن تعظيم أعيادهم بالموافقة فيها نوع من إكرامهم, فإنهم يفرحون بذلك ويسرون, كما يغتمون بإهمال أمر دينهم الباطل" .
وقد نقل ابن القيم رحمه الله الإجماع على حرمة تهنئة الكفار بأعيادهم حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق, مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: "عيد مبارك عليك"، أو "تهنأ بهذا العيد" ونحوه, فهذا إن سلم قائله مـن الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب, بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر, وقتل النفس, وارتكاب الفرْج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، وهو لا يدري قبح ما فعل, فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه، وقد كان أهل الورع من أهل العلم يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات, وتهنئة الجهال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء, تجنباً لمقت الله وسقوطهم من عينه" .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: "ما حكم تهنئة الكفّار بعيد الكريسماس؟, وكيف نرد عليهم إذا هنؤنا به؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذُكر بغير قصد, وإنما فعله إما مجاملة، أو حياءً، أو إحراجاً، أو غير ذلك من الأسباب؟ وهل يجوز التشبه بهم في ذلك؟
فأجاب: تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق, كما نقل ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه "أحكام أهل الذمة" حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات, وهو بمنـزلة أن تهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه, وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية، أو بدعة، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه" انتهى كلامه رحمه الله.
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضى به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنئ بها غيره, لأن الله تعالى لا يرضى بذلك كما قال الله تعالى: إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْالزمر7, وقال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناًالمائدة3، وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا, وإذا هنؤنا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى، لأنها إما مبتدعة في دينهم, وإما مشروعة لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً  إلى جميع الخلق، وقال فيه: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَآل عمران85, وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها, لما في ذلك من مشاركتهم فيها, ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم, سواء فعله مجاملةً أو تودداً أو حياءً أو لغير ذلك من الأسباب, لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوي نفوس الكفار وفخرهم بدينهم, والله المسئول أن يعز المسلمين بدينهم، ويرزقهم الثبات عليه، وينصرهم على أعدائهم، إنه قوي عزيز"
وسئل رحمه الله عن حكم إقامة حفل توديع الكافر عند انتهاء عمله؟ وحكم تعزية الكافر؟ وحكم حضور أعياد الكفار؟
فأجاب: هذا السؤال تضمن مسائل.
الأولى: إقامة حفل توديع لهؤلاء الكفار: لاشك أنه من باب الإكرام أو إظهار الأسف على فراقهم، وكل هذا حرام في حق المسلم.
عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : "لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه" , والإنسان المؤمن حقًا لا يمكن أن يكرم أحدًا من أعداء الله تعالى والكفار أعداء الله بنص القرآن, قال الله تعالى: مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَالبقرة98.
المسألة الثانية: تعزية الكافر إذا مات له من يعزى به من قريب أو صديق, وفي هذا خلاف بين العلماء, فمن العلماء من قال: إن تعزيتهم حرام، ومنهم من قال: إنها جائزة, ومنهم من فصل في ذلك فقال: إن كان في ذلك مصلحة كرجاء إسلامهم، وكف شرهم الذي لا يمكن إلا بتعزيتهم فهو جائز وإلا كان حرامًا, والراجح أنه إن كان يفهم من تعزيتهم إعزازهم وإكرامهم كانت حرامًا وإلا فينظر في المصلحة.
المسألة الثالثة: حضور أعيادهم ومشاركتهم أفراحهم، فإن كانت أعيادًا دينية كعيد الميلاد فحضورها حرام بلا ريب, قال ابن القيم رحمة الله: "لا يجوز الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أهله"، وقد صرح به الفقهاء من أتباع الأئمة الأربعة في كتبهم, والله الموفق" .
وسئل الشيخ صالح الفوزان عن حكم تهنئة الكفار في أعيادهم فأجاب: ولا تجوز تهنئتهم بمناسبة أعيادهم؛ لأن ذلك موالاة لهم وإقرارًا لباطلهم"





حكـم التخصـيص غـير المعتاد في أعيـاد الكافـرين
وكما يحرم على المسلمين التشبه بالكافرين في أعيادهم ومشاركتهم فيها وتهنئتهم بها, يحرم عليهم تخصيص أيام أعيادهم بشيء زائد عما اعتاده المسلمون في أيامهم العادية, من طعام أو شراب أو لباس وغير ذلك, ولا يخصص ذلك اليوم بإجازة عن العمل كأعياد المسلمين, كما نرى اليوم في كثير من بلاد الإسلام, ومن فعل ذلك وقع في تعظيم عيد الكفار, نص على ذلك غير واحد من أهل العلم الذين تشهد الأمة لهم بذلك منهم :
1- شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: "ومن ذلك ترك الوظائف الراتبة من الصنائع والتجارات؛ أو حلق العلم أو غير ذلك؛ واتخاذه يوم راحة وفرح؛ واللعب فيه بالخيل أو غيرها؛ على وجه يخالف ما قبله وما بعده من الأيام, والضابط أنه لا يحدث فيه أمر أصلاً, بل يجعل يوماً كسائر الأيام, فإنا قد قدمنا عن النبي  أنه نهاهم عن اليومين اللذين كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية, وأنه  نهى عن الذبح بالمكان إذا كان المشركون يعيدون فيه" .
وسئل رحمه الله عمن يفعل من المسلمين في أعيادهم ما يخصهم مثل طعام النصارى في النيروز، ويفعل ذلك في سائر المواسم مثل الغطاس والميلاد؛ وخميس العدس وسبت النور؛ ومن يبيعهم شيئاً يستعينون به على أعيادهم؛ أيجوز للمسلمين أن يفعلوا شيئاً من ذلك أم لا؟ فأجاب قائلاً:
"الحمد لله، لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم؛ لا من طعام ولا لباس؛ ولا اغتسال ولا إيقاد نيران؛ ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك؛ ولا يحل فعل وليمة؛ ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك؛ ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار زينة؛ وبالجملة ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم؛ بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام؛ لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم؛ وقد كره جمهور الأئمة - إما كراهة تحريم أو كراهة تنزيه – أكل ما ذبحوه لأعيادهم وقرابينهم؛ إدخالاً له فيما أُهِلَ به لغير الله وما ذبح على النصب؛ وكذلك نهوا عن معاونتهم على أعيادهم بإهداء أو مبايعة؛ وقالوا: إنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا للنصارى شيئاً من مصلحة عيدهم؛ لا لحماً ولا دماً ولا ثوباً؛ ولا يعارون دابة؛ ولا يعاونون على شيء من دينهم؛ لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم؛ وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك؛ لأن الله تعالى يقول: "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ"المائدة2, ثم إن المسلم لا يحل له أن يعينهم على شرب الخمور بعصرها أو نحو ذلك؛ فكيف على ما هو من شعائر الكفر؟! وإذا كان لا يحل له أن يعينهم هو فكيف إذا كان هو الفاعل لذلك والله أعلم" .
2- قال ابن قدامة رحمه الله: "ويكره إفراد يوم النيروز ويوم المهرجان بالصوم؛ لأنهما يومان يعظمهما الكفار، فيكون تخصيصهما بالصيام دون غيرهما موافقة لهم في تعظيمهما، فكُره كيوم السبت، وعلى قياس هذا كل عيد للكفار أو يوم يفردونه بالتعظيم" .
3- الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله قال: "وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة؛ أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى؛ أو أطباق الطعام أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك"
4- وقال بعض أصحاب مالك: "من ذبح بطيخة في أعيادهم فكأنما ذبح خنزيراً" .
5- جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: "وكما لا يجوز التّشبّه بالكفّار في الأعياد لا يُعَانُ المسلم المتشبّه بهم في ذلك بل ينهى عن ذلك، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته، ومن أهدى من المسلمين هديّة في هذه الأعياد، مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديّته، خصوصاً إن كانت الهديّة ممّا يستعان بها على التّشبّه بهم، مثل إهداء الشّمع ونحوه في عيد الميلاد, هذا وتجب عقوبة من يتشبّه بالكفّار في أعيادهم, وأمّا ما يبيعه الكفّار في الأسواق في أعيادهم فلا بأس بحضوره، نصّ عليه أحمد في رواية مهنّا, وقال: إنّما يمنعون أن يدخلوا عليهم بيعهم وكنائسهم، فأمّا ما يباع في الأسواق من المأكل فلا، وإن قصد إلى توفير ذلك وتحسينه لأجلهم" .
ويكفي ما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب  وهو الخليفة المهدي الذي أمرنا رسول الله  أن نأخذ بسنته؛ عندما جاءه رجل بهدية فقال: يا أمير المؤمنين هذه هدية، فقال: ما هذه الهدية؟ قال: هذا يوم النيروز، فقال علي : فاصنعوا كل يوم فيروزاً، - بالفاء-, فغيَّر الاسم ولم يرضَ أن يشابهم حتى في الاسم -، وقال " فاصنعوا كل يوم فيروزاً "، حتى ينتفي تخصيص هذا اليوم بطعام يختلف عن عادة المسلمين, وحتى يصبح يوماً عادياً جداً غير محتفل به ولا مخصص بزائد عما اعتاده المسلمون قال: "فاصنعوا كل يوم".
وبهذا يتبين لك ما شرع الله سبحانه للمسلمين من مباينة الكفار؛ ومخالفتهم في عامة أمورهم ومنها أعيادهم؛ فلا يخصون أيام عيد الكفار بما لم يعتادوا عليه في غيرها من الأيام؛ لتكون المخالفة أحسم لمادة الشر؛ وأبعد عن الوقوع فيه.
وعلـى ذلك: فينبغي للمسلم إذا طلب منه أهله وأولاده شيئًا في أعياد الكفار؛ أن يبين لهم أن هذا يخالف دينهم الحنيف؛ ويحيلهم على ما عند الله تعالى ورسوله  من أدلة على ذلك، ويقضي لهم في عيد المسلمين من الحقوق ما يقطع استشرافهم إلى غيره، ويبين لهم أننا لا نشارك الكفار في أعيادهم, فإن لم يرضوا فلا يجاريهم بمرادهم؛ بل يغضبهم ولا يغضب ربه سبحانه؛ ومن أغضب أهله لله أرضاه الله وأرضاهم, ومن أرضاهم في سخط الله سخط الله عليه وأسخطهم.
عن عروة  قال: "كتب معاوية  إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها, أن اكتبي إليَّ كتاباً توصيني فيه ولا تكثري عليَّ, فكتبت عائشة رضي الله عنها إلى معاوية : سلام عليك, أما بعد: فإني سمعت رسول الله  يقول: "من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله الناس؛ ومن أسخط الله برضى الناس وكله الله إلى الناس" .
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس  مرفوعاً بلفظ: "من أسخط الله في رضى الناس؛ سخط الله عليه وأسخط عليه من أرضاه في سخطه؛ ومن أرضى الله في سخط الناس؛ رضي الله عنه وأرضى عنه من أسخطه في رضاه؛ حتى يزينه ويزين قوله وعمله في عينه" .
أعيـاد أهـل الكتاب أخطـر من أعياد غيرهم من الكفار
قد يقول قائل: أعياد أهل الكتاب أمرنا شرعاً أن نقرهم عليها، فعندما يدخلون في عقد الذمة نقرهم على دينهم، ومن جملة دينهم الاحتفال بأعيادهم، أما أعياد غير أهل الكتاب فلا نخالفكم فيها.
هذه الشبهة نسمع بها من بعض المنتسبين للعلم, جعلوها أدلة يقدمونها على النصوص المحكمة المفهمة, وتعمل على ترويجها ماكينة إعلامية ضخمة بالصوت والصورة عبر الفضائيات والتلفزة والإذاعات والجرائد والمجلات وغير ذلك، فعندما تأتي هذه الأعياد؛ وتفتح كثيراً من الفضائيات والإذاعات المنتسبة زوراً للمسلمين، تجدها تحتفل بهذه الأعياد أو تنقل الاحتفال بها، ثم يأتي من يتفلسف ويبرر ويقول: إن هذه الأعياد أقرت من جملة دينهم الذي أقر، وأن الإسلام يحترم أهل الكتاب، ويأمرنا أن نبرهم ونقسط إليهم.
لقد رد شيخ الإسلام رحمه الله على هذه الشبهة رداً قوياً فقال: "أن المحذور في أعياد أهل الكتابين التي نقرهم عليها, أشد من المحذور في أعياد الجاهلية التي لا نقرهم عليها، فإن الأمة قد حُذِّرُوا من مشابهة اليهود النصارى وأُخْبِرُوا أنه سيفعل قوم منهم هذا المحذور، بخلاف دين الجاهلية فإنه لا يعود إلا في آخر الدهر عند اخترام أنفس المؤمنين عموماً، ولو لم يكن أشد منه فإنه مثله, والشر الذي له فاعل موجود يخاف على الناس معه أكثر من شر لا مقتضى له قوي"
وقال رحمه الله: "بل أعياد الكتابيين التي تتخذ ديناً وعبادة؛ أعظم تحريماً من عيد يتخذ لهواً ولعباً؛ لأن التعبد بما يسخطه الله ويكرهه؛ أعظم من اقتضاء الشهوات بما يحرمه؛ ولهذا كان الشرك أعظم إثماً من الزنا؛ ولهذا كان جهاد أهل الكتاب أفضل من جهاد الوثنيين؛ وكان من قتلوه من المسلمين له أجر شهيدين"
ويكفي فيما قاله شيخ الإسلام دلالة على خطورة أعياد أهل الكتاب وأثرها في المسلمين.
هـل دول الكفـر تسـمح للمسـلمين بأن يقيمـوا أعيـادهم ومناسـباتهم في بـلادها؟!
إن دول الكفر قاطبة والنصارى على وجه الخصوص؛ لا يسمحون للمسلمين الذين يعيشون في بلادهم أن يقيموا أعيادهم على النحو المشروع بشكل كامل؛ ولا حتى على الأقل تأبه لهم؛ فما سمعنا في يوم عن دولة من دول الكفر في الغرب أو الشرق أنها أعطت المسلمين العاملين في بلادهم عطلة رسمية لكي يحتفلوا بأعيادهم ويعبدوا الله عز وجل كما يريدون، وهناك بعض الدول الكافرة يبلغ فيها نسبة المسلمين أكثر من20%، ومع ذلك لا يعطون أية فرصة لرفع شعائر دينهم وأعيادهم، بل شعار دينهم وهو الأذان لا يستطيعون رفعه, وهناك كثير من المسلمين أو المحسوبين على الإسلام كذباً وزوراً من يقرهم على الكفر والبدعة, من باب التسامح معهم، والإسلام دين السماحة, ألا فليعلم دعاة التسامح أن التسامح لا يكون من الأضعف المقلد إلى القوي المبتدع، كما أن الأعياد الدينية النصرانية الكافرة ليست من أبواب التسامح مع الكفار في شيء, بل هي شعائر كفر يجب أن تطمس وتمنع من الظهور في بلاد المسلمين.
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه: لماذا نكرمهم وهم يهينوننا؟! ولماذا نقدرهم وهم يسخرون منا!! لماذا نمكن لهم في بلادنا وهم يحاربوننا؟!!!
والإجابة على هذا السؤال أنه وُجِدَ فينا من قال الله فيهم: "فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ"المائدة52, ودب بيننا من قال الله فيهم: "وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"المائدة51
كيفـية مـواجـهة خطـر أعيـاد الكفـار
لم يعد يخفى على من قرأ هذه الرسالة متجرداً من هواه الذي إن أطاعه أرداه؛ وإن عصاه أرضى خالقه ومولاه؛ حرمة التشبه والمشاركة والتهنئة والتخصيص لأعياد الكفار.
فكيف لنا بمواجهة هذه الأعياد الكثيرة؛ وقد وصلت الأمور إلى حد خطير قد يظن الكثيرون أنه يصعب فيه المعالجة؟! فالمسلمون دب فيهم الضعف والوهن؛ وقويت شوكة الكافرين حتى جعلوا المسلمين لهم تبع؛ ووسائل الإعلام لم تبق بيتاً إلا دخلته؛ ولم تبق مسلماً إلا لطمته؛ إلا من رحم ربك تعالى؛ وكأني بها فتنة الدهيماء التي لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة؛ فإذا قيل انقضت تمادت؛ يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً؛ حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه؛ وفسطاط نفاق لا إيمان فيه ؛ كيف نرشد المسلمين الشاردين عن دين الله تعالى حتى لا يلحقوا بالمشركين في أعيادهم ولا في غيرها؟؛ فقد صح عن رسول الله من حديث ثوبان  قال: قال رسول الله : "ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان" وقد سبق تخريجه.



أقول يمكننا مواجهة هذه الأعياد الكفرية بكثير من الطرق وفي كثير من المجالات ومنها:
أولاً: نشـر العـلم الشـرعي:
لابد أن يعرف المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها أن طلب العلم عليهم فرض كما غيره من الفروض, فعن أنس بن مالك  قال: قال رسول الله : "طلب العلم فريضة على كل مسلم, وواضع العلم عند غير أهله؛ كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب" , والمقصر في طلب العلم غير معذور إلا في حالات معينة, كحديث عهد بإسلام, ومن نشأ في بلدة نائية عن العلم والعلماء, ومن لم يبلغه الدليل ممن يطلب العلم من المسلمين, وأشكل عليه أن يميز بين الغث والسمين، والصحيح والسقيم.
فمن لم يكن من هؤلاء ويعتذر بالجهل نقول له: عَجِّل يا أخي عَجِّل لتعذر عند الله تعالى بما يقبل, واطلب العلم والأحكام في كل أفعالك وأقوالك, ولا تخبط في دنياك بغير علم, فترتكس في الآثام, وتقع في أوحال المعصية وأنت لا تدري, ونشر العلم مسئولية العلماء الذين بغيبتهم حل بالأمة ما حل من شر؛ نحن اليوم بحاجة إلى العلماء الذين يحملون العلم وينفون عنه ما لحق به من لوثات؛ الذين جاء وصفهم في الحديث الصحيح الذي رواه البيهقي عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري  قال: قال رسول الله : "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين" , وقد سبق ذكره.
قال ابن الوردي في "لاميته" المشهورة :
اطلب العلم وحصـله فمـــا أبعد الخير علـى أهـل الكسل
واحتفــل للفقه فـي الدين ولا تشتغـل عـنه بمـال وخـول
واهجـر النـوم وحصـله فمن يعرف المقصود يحـقر ما بذل
لا تقـل قـد ذهــبت أربابـه كل من سار على الدرب وصل
وما هذه الرسالة البسيطة إلا سبيلاً من سبل نشر العلم بين المسلمين؛ لإيقافهم أمام حقيقة أعياد المشركين وكيفية التعامل معها؛ فيعرفوا أن موقف المسلم من أعياد الكفار يجب أن يكون بـ:
- اجتناب حضورها ومشاركتهم فيها.
- واجتناب موافقتهم في أفعالهم التي يقومون بها.
- واجتناب بيع أو شراء ما يعينهم على إحياءها.
- واجتناب الإهداء إليهم أو قبول هداياهم المتعلقة بشعائرها - وإن كان في الأصل جواز الإهداء وقبول الهدية منهم في غير أعيادهم- خشية تعظيم عيدهم ومشاركتهم في شعيرة من شعائره.
- واجتناب تهنئتهم والمباركة لهم فيها.
- بل واجتناب ما يركبونه من دواب توصلهم إلى أماكنها.
- واجتناب إعانة من تشبه بهم ممن ضل من المسلمين.
ثانياً: اسـتخدام كل الوسـائل المتاحـة لإيضـاح الحكـم المتعلـق بالمسـألة
من وسائل إعلام بالصوت والصورة وعبر الفضائيات والتلفزة والإذاعات والجرائد والمجلات وغير ذلك، وعبر عقد الندوات واللقاءات بين العلماء وطلبة العلم والعوام ليبلغوا آيات الله تعالى ويوضحوا حكم الله سبحانه وينذروا من خطورة هذا الأمر, فإن الله تبارك وتعالى بعث رسله الكرام يدعون الناس بالكلام وبالبلاغ وبالنذارة.
كما يجب على الخطباء أن يخطبوا الجُمَع في هذه الأعياد الكفرية عن حكمها ويحذروا الناس من خطرها على دينهم وعقيدتهم.
فالخُطَب مهمة جداً، صلاة الجُمُعَةِ يحضرها عامة المسلمين، فلا بد من إقامة الحجة وتوضيح الأدلة ونشر المحاضرات والفتاوى المتعلقة بهذه القضية وبهذه الأعياد الكفرية في وقت هذه الأعياد الكفرية التي يحتفل فيها الكفار ينبغي أن نجدد فيها البلاغ والإنذار، والتحذير لهؤلاء ونذكر المسلمين بها، حتى لا يؤخذوا على غرة.
ثالثاً: العمـل عـلى تغييـر هـذا المنكـر
وذلك بمحاسبة من تسول له نفسه أن يتعدى أوامر الله تعالى، بعد توضيح الحكم المتعلق بها فإن علم الحكم المتعلق بأعياد الكفار ثم وجد من يعظمها بالمشاركة أو بالتهنئة والمباركة أو ببيع ما يعين على تعظيمها وجب أن يعاقب بعقوبة رادعة, لأن هؤلاء القوم لا ينفع معهم إلا الزجر والردع، وهذا من أوجب ما يجب على من بيده المسئولية في بلاد المسلمين, لأن الله سبحانه قال: الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِالحج41, وهذا من أعظم المنكر الذي يجب أن ينكر بلا ريب, كذلك يجب أن توضع رقابة على وسائل الإعلام يتم من خلالها سحب كل ما من شأنه تعظيم عيدهم من كروت وبطاقات التهاني مثلاً ومن مجسمات وألعاب وصلبان البابا نويل وغيرها ومن جرائد ومجلات وإذاعات وفضائيات وغير ذلك.
رابعاً: معـرفة أعيـاد المشـركين:
يعيش معنا كثير من المشركين على وجه البسيطة, لهم أعيادهم التي يحتفلون بها, منها ما نعرفه ومنها ما لا نعرفه, وحتى نعرف كيف نواجه خطر أعياد الكفار, لا بد لنا بداية من معرفتها.
وهنا أذكر موجزاً مختصراً لبعض أعياد الكفار وخاصة الأعياد التي لم تمت بل بقي من يفعلها من الكفار:
1- أعـياد الفـراعنة:
 عـيد شـم النسـيم:
وهو لتقديس بعض الأيام تفاؤلاً أو تزلفاً لمن كانوا يُعبدون من دون الله تعالى, ويقع فيه من المخازي والفجور مما يندى له الجبين؛ حيث تمتلئ فيه المزارع والخلوات بجماعات الفجار وفاسدي الأخلاق، ينزحون جماعات شيباً وشباناً ونساءً إلى البساتين والأنهار, لارتكاب الزنا وشرب المسكرات، يظنون أن ذلك اليوم أبيحت فيه جميع الخبائث لهم.
ومن أوهامهم فيه: وضع البصل تحت رأس النائم وتعليقه على الأبواب زاعمين أنه يُذهب عنهم الكسل والوخم, وهو معدود في أعياد الفراعنة وقيل: أحدثه الأقباط، ولا مانع أنه لكليهما وأنه انتقل من أولئك إلى هؤلاء، ولا زال كثير من أهل مصر - خاصة الأقباط - يحتفلون به ويشاركهم فيه كثير من المسلمين، وفي الآونة الأخيرة كتب عنه عدد من الكتاب العلمانيين داعين إلى أن يكون عيداً رسمياً إحياءً لتراث الفراعنة, في الوقت الذي يصفون فيه شعائر الإسلام بالتخلف والرجعية والردة الحضارية, فحسبنا الله ونعم الوكيل.
2- أعـياد اليـونان:
أَشْهُر السنة عند اليونان كثيرة وكانت تسمى بأسماء أعيادهم، وعامة أعيادهم لها صلات بشعائر دينهم الوثني المبني على تعدد الآلهة عندهم، وقد كثرت أعيادهم جداً, وبلغ من كثرتها أنه ما خلا شهر من أشهرهم من عيد أو أعياد عدا شهر واحد.
وقد اتسمت أعيادهم بالفحش والعهر, والسكر وإطلاق العنان لغرائزهم الحيوانية تفعل ما تشاء، كما كان فيها شيء كثير من خرافاتهم وضلالهم: كزعم تحضير أرواح الأموات ثم إرجاعها أو طردها مرة أخرى بعد انتهاء العيد، وأهم أعيادهم:
 عـيد الأولمـبياد أو العـيد الأولمـبي:
يقام في "إليس" وينعقد كل أربع سنوات، وكان الأولمبياد الأول المعترف به سنة "776 ق م" وهذا الأولمبياد من أكبر أعيادهم وتجمعاتهم الموسمية، ومنذ ذلك التاريخ كان يطلق على تلك الألعاب "الأولمبياد"، وكان لها صبغة وطنية، ومضامين قومية حتى قيل: إن اليونان كانت تفتخر بانتصاراتها الأولمبية أكثر من افتخارها بانتصاراتها في المعارك الحربية؛ فهو أكبر عيد في عالم الإغريق آنذاك, ولا تزال هذه الألعاب تقام وترعاها الأمم النصرانية بتسميتها القديمة نفسها وشعائرها الموروثة من إشعال الشعلة الأولمبية من أثينا ونقلها إلى البلد المنظم للدورة.
ومع بالغ الأسف فإن كثيراً من المسلمين يشاركون فيها، ويفاخرون بتلك المشاركات، ويجهل كثيرون منهم أن أصلها عيد من أعياد الكفار الكبرى؛ وأيام مقدسة في دينهم الوثني, فنعوذ بالله من الزيغ والضلال والتقليد الأعمى.
وكان لليونان أيضاً أعياد عظيمة كأعياد الجامعة الهيلينية، وعيد الجامعة الأيونية وغيرها.
3- أعـياد الرومـان:
من أكثر الأمم أعياداً الرومان؛ حيث كان عندهم في السنة أكثر من مائة يوم مقدس يعتبرونها أعياداً، من بينها اليوم الأول من كل شهر، وخصصت بعض هذه الأعياد لتقديس الموتى، وأرواح العالم السفلي، وكان يقصد بكثير من أعيادهم وما يقام فيها من احتفالات؛ استرخاء الموتى وإقصاء غضبهم وغير ذلك من الخزعبلات حسب زعمهم, ومن المعلوم أن الإمبراطورية الرومانية سادت بعد اليونان؛ فورثت كثيراً من شعائر اليونان وعاداتهم وأعيادهم, فغلب على أعيادهم إطلاق العنان للغرائز والانغماس في الشهوات
مـن أشهـر أعـيادهم:
 عـيد الحـب:
يحتفلون به في يوم 14 من فبراير في كل سنة؛ تعبيراً عما يعتقدونه في دينهم الوثني أنه تعبير عن الحب الإلهي، وأحدث هذا العيد قبل ما يزيد على "1700 عام" في وقت كانت الوثنية هي السائدة عند الرومان، وقد أعدمت دولتهم أيام وثنيتها القديس "فالنتين" الذي اعتنق النصرانية بعد أن كان وثنياً، فلما اعتنق الرومان النصرانية أبقوا هذا العيد؛ وجعلوا يوم إعدامه مناسبة للاحتفال بشهداء الحب، ولا زال الاحتفال بهذا العيد قائماً في أمريكا وأوروبا لإعلان مشاعر الصداقة، ولتجديد عهد الحب بين المتزوجين والمحبين، وأصبح لهذا العيد اهتمامه الاجتماعي والاقتصادي, وانتشر شرر هذا العيد بين بعض المسلمين خاصة في المدارس والجامعات يتبادل فيها المحبين الهدايا والورود والرسائل وما هو أكثر من ذلك؛ نعوذ بالله من غضبه وأليم عذابه.
ويبدو أن عيداً آخر نشأ من مفهوم هذا العيد وهو عيد الزوجين أو الصديقين المتحابين؛ يحتفل به الزوجان في يوم ذكرى زواجهما من كل عام لتأكيد المحبة بينهما، وانتقلت هذه العادة إلى المسلمين بسبب المخالطة؛ حتى صار الزوجان يحتفلان بليلة زواجهما احتفالاً خاصاً في كثير من بلاد المسلمين, تشبهاً بالكفار؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

4- أعـياد اليهـود:
 عـيد رأس السـنة العبـرية:
ويسمونه عيد "هيشا" وهو أول يوم من تشرين الأول، ويزعمون أنه اليوم الذي فُدِيَ فيه الذبيح إسحاق عليه السلام، حسب معتقدهم الخاطئ, لأن الذبيح هو إسماعيل لا إسحاق عليهما الصلاة والسلام, وهذا العيد هو بمنزلة عيد الأضحى عند المسلمين.
 عـيد صـوماريا أو الكيبـور: وهو عندهم يوم الغفران.
 عـيد المـظلل أو الظـلل أو المـظلة:
يكون في يوم الخامس عشر من تشرين الأول يستظلون فيه بأغصان الشجر ويسمونه أيضاً: عيد صوم مريم العذراء.
 عـيد الفطـير وهو عـيد الفصـح:
يأتي في يوم الخامس عشر من أبريل نيسان, وهو بمناسبة ذكرى هروب بني إسرائيل من الاستعباد في مصر في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وقصة هذا العيد مروية في الإصحاح الثاني عشر من التوراة "سِفْر الخروج" ومدته ثمانية أيام؛ ولهم فيه احتفال يسمى "السيدار"؛ وفيه تُقرأ قصة هروب بني إسرائيل من كتاب اسمه: "الحقادا" ويأكلون فيه خبزاً غير مخمر، على اعتبار أن بني إسرائيل لما هربوا أكلوه, إذ لم يكن عندهم وقت لتخميره، ولا يزال اليهود يأكلونه إلى اليوم في هذا العيد.
 عـيد الأسـابيع أو العنصـرة أو الخـطاب:







 
قديم 29-12-10, 09:34 PM   رقم المشاركة : 9
أبوعمـر
موقوف






أبوعمـر غير متصل

أبوعمـر is on a distinguished road


ويزعمون أنه اليوم الذي كلم الله تعالى فيه موسى .


 يـوم التكفـير:
ويكون في الشهر العاشر من السنة اليهودية, ينقطع الشخص تسعة أيام يتعبد فيها ويصوم وتسمى أيام التوبة.
 الهـلال الجـديد:
كانوا يحتفلون لميلاد كل هلال جديد؛ حيث كانت تنفخ الأبواق في بيت المقدس وتشعل النيران ابتهاجاً به.
 عـيد اليـوبيل:
وهو المنصوص عليه في سِفْر اللاويين.
ولهم أعياد أخرى من أشهرها: عيد الفوز أو "البوريم" وعيد الحنكة ويسمى "التبريك".
5- أعـياد النصـارى:
 عـيد القيـامة ويسمى عـيد الفصـح:
وهو أهم أعياد النصارى السنوية، ويسبقه الصوم الكبير الذي يدوم أربعين يوماً قبل أَحَد الفصح، وهذا العيد يحتفون في ذكراه بعودة المسيح عليه السلام أو قيامته بعد صلبه كما يزعمون؛ وهو بعد يومين من موته على حد زعمهم؛ وهو خاتمة شعائر متنوعة هي:
1- بداية الصوم الكبير: وهو أربعون يوماً قبل أحد الفصح، ويبدأون الصوم بأربعاء يسمونه أربعاء الرماد؛ حيث يضعون الرماد على جباه الحاضرين ويرددون: "من التراب نبدأ وإليه نعود".
2- ثم بعده خمسون يوماً تنتهي بعيد الخمسين أو العنصرة.
3- أسبوع الآلام: وهو آخر أسبوع في فترة الصوم، ويشير إلى الأحداث التي قادت إلى موت عيسى - عليه السلام - وقيامته - كما يزعمون.
4- أحد السعف: وهو يوم الأحد الذي يسبق الفصح، وهو إحياء ذكرى دخول المسيح بيت المقدس ظافراً.
5- خميس العهد أو الصعود: ويشير إلى العشاء الأخير للمسيح واعتقاله وسجنه
6- الجمعة الحزينة: وهي السابقة لعيد الفصح وتشير إلى موت المسيح على الصليب حسب زعمهم.
7- سبت النور: وهو الذي يسبق عيد الفصح، ويشير إلى موت المسيح، وهو يوم الانتظار وترقب قيام المسيح أحد عيد الفصح.
وتنتهي احتفالات عيد الفصح بيوم الصعود أو خميس الصعود؛ حيث تتلى قصة رفع المسيح إلى السماء في كل الكنائس، ولهم فيه احتفالات ومهرجانات مختلفة باختلاف المذاهب والبلاد النصرانية، ويسمون خميسه وجمعته السابقة له الخميس الكبير، والجمعة الكبيرة، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو الخميس المقصود برسالة الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى "تشبيه الخسيس بأهل الخميس"، وهذا الخميس هو آخر يوم صومهم ويسمونه أيضاً خميس المائدة أو عيد المائدة وهو المذكور في سورة المائدة في قوله تعالى: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَالمائدة114, وكان لهم من الأعمال الغريبة في هذه الأعياد شيء كثير، ذَكَرَهُ كثير من المؤرخين، فمن ذلك جمع ورق الشجر وتنقيعه والاغتسال به والاكتحال، وكان أقباط مصر يغتسلون في بعض أيامه في النيل ويزعمون أن في ذلك رقية ونشرة, ويوم الفصح عندهم هو يوم الفطر من صومهم الأكبر، ويزعمون أن المسيح عليه السلام قام فيه بعد الصلبوت بثلاثة أيام وخلص آدم من الجحيم، إلى غير ذلك من خرافاتهم.
وقد ذكر شمس الدين الدمشقي الذهبي أن أهل حماة يعطلون فيه أعمالهم لمدة ستة أيام، ويصبغون البيض، ويعملون الكعك، وذكر ألواناً من الفساد والاختلاط الذي يجري فيه آنذاك، وذكر أن المسلمين يشاركون فيه وأن أعدادهم تفوق أعداد النصارى والعياذ بالله, وذكر ابن الحاج: أنهم يجاهرون بالفواحش والقمار ولا أحد ينكر عليهم, ولعل هذا ما دفع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى إنكار ما رآه من المسلمين من تقليد النصارى في أعيادهم وشعائرهم, فإنه ذكر شيئاً كثيراً من ذلك في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم"، وكذلك ألف الذهبي رسالته آنفة الذكر.
ويحتفل به عامة النصارى إلى اليوم في أول أَحد بعد كمال الهلال من فصل الربيع في الفترة ما بين الثاني والعشرين من شهر مارس و الخامس والعشرين من شهر إبريل, والكنائس الشرقية الأرثوذكسية تتأخر عن بقية النصارى في الاحتفال به, وهو بشعائره وصيامه وأيامه فصلٌ كامل من السنة النصرانية.
 عـيد مـيلاد المسـيح عليه السـلام:
وعند الأوروبيين يسمى عيد الكريسماس وهو يوم الخامس والعشرين من ديسمبر عند عامة النصارى، وعند الأقباط يوافق يوم "29 كيهك" والاحتفال به قديم ومذكور في كتب التاريخ, قال المقريزي: "وأدركنا الميلاد بالقاهرة ومصر وسائر إقليم مصر جليلاً تباع فيه الشموع المزهرة وكانوا يسمونها الفوانيس".
ومناسبة هذا العيد عند النصارى تجديد ذكرى مولد المسيح عليه السلام كل عام، ولهم فيه شعائر وعبادات, حيث يذهبون إلى الكنيسة ويقيمون الصلوات الخاصة.
وقصة عيد الميلاد مذكورة في أناجيلهم "لوقا" و"متَّى" وأول احتفال به كان عام 336م، وقد تأثر بالشعائر الوثنية, حيث كان الرومان يحتفلون بإله الضوء وإله الحصاد، ولما أصبحت الديانة الرسمية للرومان النصرانية صار الميلاد من أهم احتفالاتهم في أوروبا، وأصبح القديس "************ولاس" رمزاً لتقديم الهدايا في العيد من دول أوروبا، ثم حل البابا "نويل" محل القديس "************ولاس" رمزاً لتقديم الهدايا خاصة للأطفال.
وقد تأثر كثير من المسلمين في مختلف البلاد بتلك الشعائر والطقوس، حيث تنتشر هدايا البابا نويل المعروفة في المتاجر والمحلات التي يملكها في كثير من الأحيان مسلمون، وكم من بيت دخلته تلك الهدايا، وكم من طفل مسلم يعرف البابا نويل وهداياه أكثر من معرفته لكثير من أعلام المسلمين! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وللنصارى في هذا العيد شعائر منها:
- أن النصارى في بلادنا بيت المقدس يجتمعون ليلة عيد الميلاد في بيت لحم المدينة التي ولد فيها المسيح عليه الصلاة والسلام لإقامة قداس منتصف الليل.
- ومن شعائرهم: احتفالهم بأقرب يوم أحد ليوم الثلاثين من ديسمبر هو عيد القديس أندراوس وهو أول أيام القدوم قدوم عيسى عليه السلام ويصل العيد ذروته بإحياء قداس منتصف الليل, حيث تزين فيه الكنائس ويغني الناس أغاني عيد الميلاد وينتهي موسم العيد في السادس من يناير, وبعضهم يحرق كتلة من جذع شجرة عيد ميلاد المسيح، ثم يحتفظون بالجزء غير المحروق، ويعتقدون أن ذلك الحرق يجلب الحظ، وهذا الاعتقاد سائد في بريطانيا وفرنسا والدول الاسكندينافية.
 عـيد الغطـاس:
وهو يوم التاسع عشر من يناير وأصله عندهم أن يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام والمعروف عندهم بيوحنا المعمدان عمّد المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام في نهر الأردن، وعندما غسله اتصلت به روح القدس، فصار النصارى لأجل ذلك يغمسون أولادهم في الماء في هذا اليوم وينزلون فيه بأجمعهم.
وعلى هذا المفهوم تحتفل به الكنائس الأرثوذكسية، وأما الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية فلهم مفهوم آخر في الاحتفال به، وهو إحياء ذكرى تقديس الرضيع المسيح عليه الصلاة والسلام على يد الرجال الثلاثة الذين قدموا من الشرق.
وأصل كلمة غطاس إغريقية وهي تعني الظهور، وهو مصطلح ديني مشتق من ظهور كائن غير مرئي، وقد جاء في التوراة أن الله تعالى تجلى لموسى عليه الصلاة والسلام على هيئة أجمة محترقة تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.
 عـيد رأس السـنة الميـلادية:
وللاحتفال به شأن عظيم في هذه الأزمنة, حيث تحتفل به الدول النصرانية وبعض الدول الإسلامية، وتنقل تلك الاحتفالات بالصوت والصورة الحية من شتى بقاع الأرض، وتتصدر احتفالاته الصفحات الأولى من الصحف والمجلات، وتستحوذ على معظم نشرات الأخبار والبرامج التي تبث في الفضائيات، وصار من الظواهر الملحوظة سفر كثير من المسلمين الذين لا تقام تلك الاحتفالات النصرانية في بلادهم إلى بلاد النصارى لحضورها والاستمتاع بما فيها من شهوات محرمة غافلين عن إثم الارتكاس في شعائر الذين كفروا.
وللنصارى في ليلة رأس السنة اعتقادات باطلة، وخرافات كسائر أعيادهم المليئة بذلك، وهذه الاعتقادات تصدر عن صُنّاع الحضارة الحديثة وممن يوصفون بأنهم متحضرون ممن يريد المنافقون من بني قومنا اتباعهم حذو القذة بالقذة حتى في شعائرهم وخرافاتهم.
ومن اعتقاداتهم تلك: أن الذي يحتسي آخر كأس من قنينة الخمر بعد منتصف تلك الليلة سيكون سعيد الحظ، وإذا كان عازباً فسيكون أول من يتزوج من بين رفاقه في تلك السهرة، ومن الشؤم دخول منزل ما يوم عيد رأس السنة دون أن يحمل المرء هدية، وكنسُ الغبار إلى الخارج يوم رأس السنة يُكنس معه الحظ السعيد، وغسل الثياب والصحون في ذلك اليوم من الشؤم، والحرص على بقاء النار مشتعلة طوال ليلة رأس السنة يحمل الحظ السعيد.... إلخ تلك الخرافات.
 عـيد البشـارة:
وهو يوم الخامس والعشرين من مارس يعتقدون فيه بشارة جبريل لمريم بعيسى عليهم السلام وكانت في القرون الوسطى تبدأ السنة المدنية منه
 عـيد جـميع القديسـين:
وهو في الأول من نوفمبر وهو يوم تكريم جميع القديسين وسببه منح الرومان للبابا بونفيس معبداً ليجعله كنيسة وأكثر من يحتفل به الكاثوليك.
 عـيد القديـس ميكـائيل:
وهو في التاسع والعشرين من ديسمبر عند الكنائس الرومانية والإنجيلية وفي الثامن من نوفمبر عند اليونانية والأمريكية والقبطية
 عـيد الشـكر:
وهو عيد قومي يحتفل به الأمريكان إحياءاً لذكرى الحصاد في ولاية بليموث سنة1621م وكان أول عيد شكر أعلنه جورج واشنطن في 26- 2- 1789, ثم أحياه لنكولن سنة1863 ومنذ عام 1941 أصبح عيد الشكر رسمياً طبقاً لقرار جماعي اتخذه الكونغرس يقام في كل عام.
 عـيد كسـر الخـليج:
في منتصف سبتمبر وهو معظم عند القبط قال بعض المفسرين: هو يوم الزينة المذكور في القرآن الكريم
 عـيد الغفـران: وهو يماثل عيد اليوبيل لدى اليهود.
ولهم أعياد سوى تلك: منها ما هو قديم، ومنها ما هو محدث، وأعياد أخذوها عمن سبقهم من اليونان والرومان، وأعياد كانت في دينهم ثم اندثرت، ومن هذه الأعياد ما هو كبير مهم لديهم، ومنها ما هو صغير تقتصر أهميته على بعض كنائسهم أو بعض مذاهبهم. ولكل أصحاب مذهب منهم أعياد تخصهم وتخص كنائسهم ورهبانهم وقساوستهم لا يعترف بها أهل المذاهب الأخرى، فالبروتستانت لا يؤمنون بأعياد الكنائس الأخرى، ولكنهم يتفقون على الأعياد الكبرى كعيد الفصح والميلاد ورأس السنة والغطاس وإن اختلفوا في شعائرها ومراسم الاحتفال بها، أو في بعض أسبابها وتفاصيلها، أو في زمانها ومكانها.
6- أعـياد الفـرس:
 عـيد النيـروز:
ومعنى النيروز الجديد، وهو ستة أيام, حيث كانوا في عهد الأكاسرة يقضون حاجات الناس في الأيام الخمسة الأولى، وأما اليوم السادس فيجعلونه لأنفسهم وخواصهم ومجالس أنسهم، ويسمونه النيروز الكبير، وهو أعظم أعيادهم.
وذكر أصحاب الأوائل أن أول من اتخذ النيروز حمشيد الملك، وفي زمانه بعث هود عليه السلام وكان الدين قد تغيّر، ولما ملك حمشيد جدّد الدين وأظهر العدل، فسُمي اليوم الذي جلس فيه على سرير الملك نيروزاً، فلما بلغ من عمره سبعمائة سنة ولم يمرض ولم يوجعه رأسه تجبر وطغى، فاتخذ شكلاً على صورته وأرسلها إلى الممالك ليعظموها، فتعبَّدها العوام، واتخذوا على مثالها الأصنام، فهجم عليه الضحاك العلواني من العمالقة باليمن فقتله كما في التواريخ.
ومن الفرس من يزعم أن النيروز هو اليوم الذي خلق الله فيه النور. ويعتبر النيروز عيد رأس السنة الفارسية الشمسية ويوافق الحادي والعشرين من شهر مارس من السنة الميلادية، وكان من عادة عوامهم إيقاد النار في ليلته ورش الماء في صبيحته.
ويحتفل بعيد النيروز أيضاً البهائيون، وذلك في ختام صيامهم الذي مدته 19 يوماً وذلك في "21 آذار".
والنيروز أيضاً أول يوم من السنة عند القبط ويسمى عندهم عيد شم النسيم ومدته عندهم ستة أيام أيضاً تبدأ من "6 حزيران", وقد مضى ذكر شم النسيم عند الفراعنة فلا يمنع أن يكون الأقباط أخذوه من تراث الفراعنة وآثارهم، ولا سيما أن الجميع في مصر.
 عـيد المهـرجان:
كلمة "مهرجان" مركبة من "المهر" ومعناه: الوفاء، "جان" ومعناه: السلطان، فمعنى الكلمة: "سلطان الوفاء".
أصـل هـذا العـيد: ابتهاج بظهور "أفريدون" على "الضحاك العلواني" الذي قتل "حمشيد" الملك صاحب عيد النيروز،
وقيل: بل هو احتفال بالاعتدال الخريفي، ولا يمنع أن يكون أصله ما ذكر أولاً لكنه وافق الاعتدال الخريفي فاستمر فيه.
والاحتفال به يكون يوم "26 من تشرين الأول من شهور السريان" وهو كسابقه ستة أيام أيضاً، والسادس منها المهرجان الكبير، وكانوا يتهادون فيه وفي النيروز المسك والعنبر والعود الهندي والزعفران والكافور، وأول من رسم هدايا هذين العيدين في الإسلام الحجاج بن يوسف الثقفي، واستمر إلى أن رفعه الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز " .
ومن عظيم ما ابتلي به المسلمون اليوم استخدام لفظ "المهرجان" وإطلاقه على كثير من الاجتماعات والاحتفالات والتظاهرات التي يعقدونها فيقال: مهرجان الثقافة، ومهرجان التسوق، ومهرجان الكتب، ومهرجان الدعوة، وما إلى ذلك مما نرى دعاياته ونسمع عباراته كثيراً يتصدرها هذا المصطلح الوثني "المهرجان" الذي هو عيد عَبَدَة النار.
ولهذا فإن إطلاق هذا الشعار الفارسي الوثني على اجتماعات المسلمين من مواطن النهي الجلي الذي يجب اجتنابه والنهي عن استعماله، وفي المباح من الألفاظ غنية عنه، واللغة العربية أغنى اللغات لفظاً ومعنى.














الخـاتمة
إن قضية التمايز بين المسلمين وغيرهم من الكفار من أهم القضايا التي تواجه المسلمين اليوم, لأن استنهاض الأمة اليوم مرتبط بقناعتها أن الكفار من أهل الكتاب وغيرهم لا يريدون للمسلمين بل ولا للبشرية جمعاء خيرا؛ً بقدر ما يريدون استعبادها ونشر ثقافة الكفر والإلحاد, وهذا وذاك مرتبط بتحكيم الشريعة الإسلامية فيما دق وجل من حياة المسلمين, فإذا احتكم المسلمون لشرع الله تعالى في جميع جوانب حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية سُعدوا في الدنيا والآخرة, ولا يكون للكافرين عليهم سبيلاً.
والتاريخ البشري يشهد أن أسعد فترات البشرية في حياتها عندما قامت الخلافة الإسلامية، وعرف المسلمون من خلالها تطبيق أحكام الله تعالى في كل شيء ومنها التعامل مع الكفار في أعيادهم وطريقة حياتهم حيث تحقق بذلك للمسلمين التمايز عن الكافرين في اللباس وفي المسير في الطريق وفي الأعمال وغيرها من مناحي الحياة ولما ذهب ذلك من حياة المسلمين وانقلبت الأمور رأساً على عقب كانت أكثر فترات حياتهم شقاءً ونكداً خاصة عندما حَكَمَ حكامهم الطواغيت بدساتير أرضية وتشريعات ساقطة مستوردة من الشرق أو الغرب، أبعدت المسلمين عن عقيدتهم التي هي مصدر قوتهم وبها انتصروا ألف عام، وبغيرها هُزموا.
وإن من القضايا الشائكة والمصائب والرزايا العظيمة عند كثيرٍ من المسلمين عامة وممن ينتسب للعلم خاصة عزل النصوص عن الواقع أو تأويلها تأويلاً فاحشاً ولويها لوياً موحشاً أو ظن كثيراً منهم أنها في أناس كانوا من قبلنا وبانوا ناسين أو متناسين أن المقرر عند العلماء المحققين أن الآيات التي نزلت في الأولين تشمل الأولين ومن بعدهم إلى يوم الدين.
لذلك كله طرقت أبواب هذا الموضوع المهم اليوم والذي به وبغيره إن شاء الله تعالى نستنهض من استطعنا من المسلمين ونأخذ بأيديهم ونحن نصيح بما قاله عبد الله بن مسعود : "ليوطن المرء نفسه على أنه إن كفر الناس كلهم لم يكفر" .
والله أسأل في عليائه وأستنجد به في كبريائه يمنَّ على المسلمين برؤية الحق حقاً وأن يرزقنا اتباعه وبرؤية الباطل باطلاً وأن يرزقنا اجتنابه وأن يمنَّ علينا بفرج عاجل نفيق به من نومتنا ونقف من كبوتنا نعيد أمجاد خير أمة أخرجت للناس إنه ولي ذلك والقادر عليه

وأخيراً
ما دعــوة أنفـع يا صاحبي من دعــوة الغـائب للغـائب
ناشـدتك الرحمـن يا قـارئاً أن تســأل الغفـران للكـاتب

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ  وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
سورة الصافات179-182

وفرغ من كتابته ومراجعته
طالب العلم/ أبو محمد عدنان بن خضر بن يوسف آل ميَّط
في يوم الجمعة الموافق 18 من شهر الله المحرم 1432 هجري.
24 ديسمبر 2010 ميلادي.







 
قديم 29-12-10, 09:38 PM   رقم المشاركة : 10
أبوعمـر
موقوف






أبوعمـر غير متصل

أبوعمـر is on a distinguished road


الله يجزاك خير يا شيخ عدنان وينفع بما قلت وجمعت ويقيض لكم أهل فلسطين من المسلمين آمين






 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:01 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "