![]() |
|
![]() ![]() |

شبهات وردود --> المادة المختارة
هل حفص بن سليمان شيعي وما معنى أنه ضعيف عند المحدثين؟
أضيفت في: 13 - 9 - 2023
عدد الزيارات: 152
المصدر: | شبكة الدفاع عن السنة |
الشبهة: هل حفص بن سليمان شيعي وما معنى أنه ضعيف عند المحدثين؟
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فلا يزال مشايخ الشيعة الإمامية وأذنابهم يبثّون السموم والشبهات عبر قنواتهم ومواقعهم ومنابرهم لتضليل عوام المسلمين وتشكيكهم في دينهم ومصادرهم.
وإن من شبههم المعاصرة شبهة تتعلق بكتاب الله تعالى من خلال رواية حفص عن عاصم التي تعد أكثر الروايات انتشارا في العالم الإسلامي.
وقد نشر الرافضة مقطعا لمعمم سني يكرر كلامهم كالببغاء بمنطق بعيد عن العلم وأهله، يدلل على أن هذا المتكلم ليس أكثر من أجير يتكلم على قدر ما تدفع له من الفتات، وكلما كان الفتات أكثر كلما كان التقول والافتراء والجهل أوسع!
وهذا المفتري المدلس كرر تلكم الشبهة بأسلوب سطحي زاعما: أن أهل الحديث إنما ضعفوا حفصا لأنه شيعي، والذي حمل علماء الحديث على أن تكلموا في عدالته وتضعيفه إنما هو حقدهم على آل البيت!
هكذا بكل جرأة وجهل: أهل الحديث يضعفون الرجال لأجل حقدهم على أهل البيت!
والرد على هذا الهراء ينقسم إلى قسمين:
· ذكر أقوال أهل العلم في حفص رحمه الله، وبيان الفرق بين حاله في رواية الحديث وبين حاله في القراءة.
· نسف فرية كونه شيعيا إماميا.
أولا: بيان حال الإمام حفص عند أهل السنة والجماعة
حينما ينقل أهل السنة والجماعة تضعيف حفص فإن هذا الضعف في الحديث لا في الحروف والقراءات.
فيجب فهم مصطلحات أئمة الحديث حسب استعمالهم لها عَن طريق الجمع والاستقراء والدراسة والموازنة، فالضعف الذي قيل في حفص إنما هو في الحديث وليس في الحروف والقراءات.
فحفص بن سليمان القارئ إمام ثبت في القراءة، وأما في الحديث فمتروك لا يقبل حديثه.
والعالم قد يكون متمكنا في فن من فنون العلم، فيتقنه ويُقبل قوله فيه، ثم هو نفسه لا يتقن علما آخر وتكثر فيه أوهامه وأخطاؤه فلا يقبل قوله فيه.
كما قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (3/157) في ترجمة نوح الجامع: "نوح الجامع، مع جلالته في العلم: تُرك حديثه، وكذلك شيخه، مع عبادته.
فكم من إمام في فن مقصر عن غيره، كسيبويه مثلًا إمام في النحو، ولا يدري ما الحديث، ووكيع إمام في الحديث ولا يعرف العربية، وكأبي نواس رأس في الشعر، عري من غيره، وعبد الرحمن بن مهدي إمام في الحديث لا يدري ما الطب قط، وكمحمد بن الحسن رأس في الفقه، ولا يدري ما القراءات، وكحفص إمام في القراءة، تالف في الحديث، وللحروب رجال يعرفون بها ".
أقوال العلماء في الإمام حفص رحمه الله:
أجمع علماء الإسلام قاطبة على أنه إمام في القراءة ثبت متقن:
قال الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (9/64): " وَهُوَ صاحب عاصم فِي القراءة وَابن امرأته، وَكَانَ ينزل معه فِي دار وَاحدة، فقرأ عَلَيْهِ القرآن مرارا، وَكَانَ المتقدمون يعدونه فِي الحفظ فوق أَبِي بكر بْن عَيَّاشٍ، وَيصفونه بضبط الحرف الَّذِي قرأ به على عاصم ".
قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2121):" وأقرأ الناس مدة، وكان ثبتا في القراءة واهيا في الحديث، لأنه كان لا يتقن الحديث ويتقن القرآن ويجوده، وإلا فهو في نفسه صادق".
وقال ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي" (ص63): "حفص ابن سليمان أبو عمر الأسدي الكوفي القارئ الغاضري؛ وهو صاحب عاصم بن أبي النجود في القراءة وابن امرأته، وكان مشهوراً بمعرفة القراءة ونقلها، وأما الحديث فإنه لم يكن من أهله، ولا ممن يعتمد عليه في نقله ".
وقال الخزرجي في "خلاصة تهذيب الكمال" (ص87):" وَأما الْقِرَاءَة فَهُوَ فِيهَا ثَبت بِإِجْمَاع ".
وقال ابن حجر في "التقريب" (1405): " متروك الحديث، مع إمامته في القراءة".
فكونه ضعيفا في الحديث لا ينافي إمامته في القراءة والأخذ بروايته التي يقرأ بها غالبية المسلمين في اقطار شتى.
والعلماء إنما قصدوا تضعيفه في الحديث بمعنى أنه لم يتفرغ له، ولم يكن ممن ينشط في روايته وضبطه وحفظه، ولم يقصدوا أنه كاذب أو وضاع يفتري الحديث، فالضعف سببه عدم ضبطه للحديث لا عدم ثقته وأمانته، والفرق بين الأمرين واسع شاسع!
وهناك أمثلة كثيرة لعلماء كانوا أئمة في فن من الفنون وليس لهم حظ في فنون اخرى:
فهذا أبو بكر بن عياش الأسدي إمام في القراءات أما الحديث فيأتي بغرائب ومناكير. (سير أعلام النبلاء 8/505).
وكذلك عمر بن هارون بن يزيد الثقفي البلخي قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ 1/341): "ولا ريب في ضعفه، وكان إماماً حافظاً في حروف القراءات".
وكذلك النقاش قال عنه الذهبي: "والنقاش مجمع على ضعفه في الحديث لا في القراءات".
وقد يكون ثبتاً في الحديث ضعيفاً في القراءات:
مثل الأعمش كان ثبتاً في الحديث ليناً في الحروف والقراءات. قال الذهبي في "سير اعلام النبلاء" 5/260: " -وكان الأعمش بخلافه-أي حفص -كان ثبتاً في الحديث، ليناً في الحروف، فإن للأعمش قراءة منقولة في كتاب "المنهج" وغيره لا ترتقي إلى رتبة القراءات السبع، ولا إلى قراءة يعقوب وأبي جعفر والله أعلم".
وقد يكون إماماً في التفسير ولكنه غير قوي في الحديث:
مثال الضحاك بن مزاحم الهلالي الخراساني قال عنه الذهبي في سير اعلام النبلاء (4/598): "صاحب التفسير.... وليس بالمجود لحديثه".
وقد يكون إماماً في المغازي غير مجود في الحديث:
مثال ابن إسحاق: قال الذهبي: " فله ارتفاع بحسبه ولا سيما في السير، وأما في الأحاديث فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن، إلا فيما شذ فإنه يعد منكرا" وقال أيضا: "قد كان في المغازي علّامة " (سير أعلام النبلاء 7/37).
وقد يكون إماماً في الفقه ضعيفاً في الحديث:
مثل إمام الحرمين الجويني: يقول الذهبي: "كان هذا الإمام مع فرط ذكائه وإمامته في الفروع والأصول وقوة مناظرته لا يدري الحديث كما يليق به، لا متناً ولا إسناداً " (سير أعلام النبلاء 18/471).
ثانيا: الرد على زعمهم أن حفصا كان شيعيا:
نقول لهذا المفتري ومن على شاكلته: إذا كان الإمام حفص شيعيا وعلى عقيدة الرفض كما تزعمون، فاذكروا لنا ما يثبت هذا الكلام من كتب الجرح والتعديل وتراجم الرجال الخاصة بأهل السنة.
فاذكروا أحدا عَدّه شيعيا أو أن أهل الحديث لمزوه بالتشيع، حتى نقول إنهم ضعفوه لأجل ذلكّ!
فإن لم يستطيعوا إثبات ذلك من كتب أهل السنة فاذكروا لنا ما يثبت ذلك من مصادر غيرهم.
هل حفص شيعي عند الشيعة أنفسهم؟
إن أوثق الكتب في علم الرجال عند الشيعة هي: (رجال الكشي)، و(رجال الخاقاني)، و(رجال النجاشي)، و(رجال ابن داؤود الحلي)، و(رجال البرقي). وجميع تلك الكتب لم تترجم لحفص على الإطلاق.
غاية ما في الأمر أن الطوسي ذكر حفص بن سليمان في رجاله (181) في أصحاب الصادق، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره القهبائي في "مجمع الرجال" (2/211) والحائري في"منتهى المقال" (3/92) وجميعهم ينقلون عن الطوسي ولم يذكروا فيه جرحاً أو تعديلاً ولم يذكروا أنه كان من الإمامية.
فهل قول الطوسي: "فلان من أصحاب الصادق" دليل على أنه شيعي إمامي؟
الجواب عند آية الله التستري: "أن هذا لا يعتبر توثيقاً للرجل، ولا حتى كونه من الشيعة الإمامية". (قاموس الرجال 1/29-34 و 1/180).
بل إن آية الله التستري نفى أن يكون حفصا من الشيعة الإمامية في كتابه "قاموس الرجال" (3/582) وقال: "ولم يُشر فيه إلى تشيع. وقد قلنا إن عنوان رجال الشيخ ـ الطوسي ـ أعمّ".
ومقصوده أن اصطلاح الطوسي بأن فلانا من أصحاب الصادق ليس معناه عنده أن شيعي إمامي. بل ولا حتى يعتبر هذا توثيقا للرجل.
فليس كل من ذكره الطوسي في أصحاب الأئمة يكون شيعيا بل هو أعم من ذلك، فقد يكون عندهم: غير شيعي وغير ثقة ولو كان من أصحاب الأئمة!
من أصحاب الإمام وناصبي!
بل الأمر أشد من ذلك، فقد عُدّ "أحمد بن الخصيب" في أصحاب الإمام الهادي مع أنه ناصبي. (قاموس الرجال للتستري 1/180).
قاتل الحسين ومن أصحاب الإمام!
بل إن شيخ الطائفة الطوسي نفسه قد وضع عبيد الله بن زياد قاتل الحسين، في أصحاب علي بن أبي طالب. (قاموس الرجال 1/29).
أيعقل هذا؟!!
وهذا يدل دلالة قطعية أنه ليس كل من صاحب عليا رضي الله عنه أو أحدا من الأئمة يكون شيعيا رافضيا، فقد كان مع علي رضي الله عنه كثير من التابعين والعلماء الأفاضل ولم يكونوا رافضة.
فالقول بأن كل من تعلم من آل البيت أو اتصل بهم هو شيعي هو قول بالباطل.
حتى عند علماء الرجال الشيعة السابقين والمعاصرين!
وفي الختام نقول:
لقد تبين أن هذا المرتزق الرخيص الأجر، قد أظهر جهله وسوء مقصده في نفس الوقت!
· هو جاهل لأنه لا يدري مصطلحات أهل الحديث ولا تطبيقهم لها ولا براعتهم في حماية الحديث وصون جنابه، الذي هو من توفيق الله لهم.
· وهو جاهل أيضا لأنه لا يدري كيف أن أهل كل فن إنما يحكمون على الرجل وفق ميزانهم وفنهم، دون أن يتعدى ذلك إلى غيره من الفنون!
· وهو جاهل أيضا لأنه كالببغاء يردد كلام الشيعة، ولكن الشيعة يعرفون أنهم يكذبون في مدعاهم، لأنهم قوم يستحلون الكذب على الخصوم، فهل هذا الرخيص الأجير مثلهم أيضا؟
· وهو جاهل أيضا لأنه لا يدري أن حفصا ليس شيعيا لا في نظر أهل السنة ولا حتى في نظر الشيعة أنفسهم.
· وهو ذو مقصد سيء ونية خبيثة لأنه يردد كلام الشيعة بين أهل السنة وفي مساجدهم، ويردد كلاما باطلا بجهالة فاقعة دون حياء وخجل من إشاعة الجهل بين المسلمين وبث الفتن في مساجدهم.
شاهد الوثائق التالية:
التستري: حفص بن سليمان لم يُشر أنه شيعي وذِكْر الطوسي له في أصحاب الإمام ليس دليلا على تشيعه