French | English | Thai (ภาษาไทย) | Shqipe | Türkçe | Indonesian | Tagalog | اردو | عربي | فارسي
 
 
القائمة البريدية
أدخل بريدك الإلكتروني من أجل الاشتراك معنا في القائمة البريدية
عداد الزوار
المتواجدون الآن على الموقع الرئيسي :

( 853 )



















شبهات وردود
    أرسل لصديق

إغلاق النافذة

المقالات --> المادة المختارة

وقفات مع كتاب (صحيح البخاري أسطورة انتهت ومؤلفه) الحلقة الأولى

 

أضيفت في: 12 - 4 - 2023

عدد الزيارات: 815

المصدر: مركز سلف للبحوث والدراسات

برز على الساحة كتاب بعنوان “صحيح البخاري: أسطورة انتهت” لمؤلفه رشيد إيلال المغربي. وبما أن الموضوع يتعلق بأوثق كتاب للمصدر الثاني للإسلام، ظهرت كتابات متعددة، تتراوح بين المعالجة المختصرة جدا والتفصيلية جدا التي تزيد صفحاتها على 450 صفحة.

وتتألف الوقفات من خمس وقفات رئيسة وخاتمة تناقش المناهج الرئيسة للكتاب والحجج التي يستخدمها المؤلف. وسيتم اختصارها، ولخطورة المضمونات التي يوردها المؤلف في كتابه، من حيث الإساءة إلى القرآن الكريم، وللنبي الكريم ولسنته، ولعلماء المسلمين، سيتم توثيق أقوال المؤلف بإثبات الصفحات التي وردت فيها.

الحلقة الأولى

ملاحظات على المناهج الرئيسة

هناك ملاحظات منهجية، خطيرة جدا وهي ترتكز على تحكيم العقل البشري القاصر، وتعميم النزر النادر على الكثير الغزير، والادعاء بتقديس كتاب الله وعصيانه، واحترام نبيه وإنكار سننه، وشتم علماء المسلمين الذين جهدوا في الحفاظ على ديننا ونقلوه إلينا نحن الذين نعيش بعد مجيء الإسلام بأربعة عشر قرنا.

منهج عقلاني بحت يرفض النقل الشفوي:

يعتقد المؤلف أن العقل البشري قادر على أن يكون حكما يميز الحق عن الباطل، دون حاجة إلى المعلومات الدقيقة والصحيحة الكافية. ويجهل أن وسائل إدراك الإنسان الخمسة للواقع ناقصة عند الإنسان. فهي تتمثل في حاسة البصر، والسمع، والشم، واللمس، والتذوق. ومن الحيوانات ما تفوقه فيها. ولهذا فإن العقل غير مؤهل لإصدار الحكم في الغيبيات. وحتى بالنسبة في غير الأمور الدينية، عندما لا تتوفر له المعلومات الصحيحة الكافية، فإنه وشيك بأن يصدر أحكاما تتراوح بين ما يثير السخرية وما يثير الاستهجان.

ومن الواضح أن المؤلف لعدم علمه بالحقيقة السابقة وجهله بطريقة حفظ القرآن الكريم ووسائله يتوهم أن الله حفظ القرآن الكريم فقط بجمعه في مجلد واحد في خلافة أبي بكر الصديق، وتوحيده في خلافة عثمان ابن عفان. ولا يدري أن النقل الشفوي المتواتر عبر القراء والمختصين الثقاة، وحلقات تحفيظه ومدارسه هو السند الأساس في حفظه عبر القرون. وذلك إضافة إلى الوسائل الأخرى التي سخّرها رب العالمين، مثل فرض تلاوة أجزاء منه في الصلوات المفروضة، والحث على حفظه عن ظهر غيب وعلى تلاوته بصورة مكثفة.

ومعتمدا على عقله فقط يرفض فالمؤلف الأحاديث التي تُفّضل العرب وقريشا ويسخر منها… ويصفها بالأساطير، وذلك لأنها تفضلهم، ويبرر به القول بأن الأحاديث النبوية آفة وجنت على المسلمين… وربما لأنه لا يقرأ القرآن لا يدري أن الله قد فضّل كثيرا من عباده على آخرين، ومن ذلك تفضيله بني إسرائيل على العالمين، (البقرة: 122، الجاثية: 16، وذلك مع تحميلهم مسئولية هذا التفضيل.

والسؤال: هل سيتجرأ المؤلف ويطعن ب”عقله” في مصداقية الآيات القرآنية التي لا يستوعبها؟

لقد فات على المؤلف خطورة الاقتصار على المنهج العقلي في إثبات صحة نسبه إلى آدم عليه السلام. استنادا إلى العقل البشري، في ضوء معصية المؤلف أوامر الله، والإساءة إلى نبيه، وأصحابه، وإلى علماء المسلمين، يمكن لأي إنسان، استعمال منهجه، مستبعدا النقل الشفوي الموثق فيؤكد: أن نسب المؤلف إلى آدم، عليه السلام، ليس خالصا. لقد اندس فيه عرق إبليس أو أحد أعوانه من الشياطين.

وتنطبق هذه الفرضية على كل من يقتصر في تحديد مصداقية الأخبار الماضية على العقل، متجاهلا النقل الشفوي للمعلومات عبر الأجيال المتعاقبة.

منهج تعميم الأجزاء المحدودة على الكل:

إن من لديه معلومات بدائية في مناهج البحث العلمي، ويخجل على نفسه لا يعمم في أبحاث الدراسات الإنسانية إلا إذا كان تسعين في المائة -على الأقل- من الحقائق تؤيد فرضيته. (انظر مثلا: قواعد أساسية في البحث العلمي ص69-84) أما منهج المؤلف  فهو تعميم الأقل من واحد في المائة على الكل، حيث يعنون كتابه ب” صحيح البخاري نهاية أسطورة “، بسبب وجود عدد قليل من الأحاديث المنقودة في الصحيح.

فالمؤلف لم يورد سوى حوالي الأربعين حديثا منقودة، وذلك مقابل أكثر من سبعة آلاف حديث في صحيح البخاري، ولكن يعمم النسبة الضئيلة جدا على صحيح البخاري كله.

والسؤال: هل يدرك المؤلف خطورة هذا التعميم المعاكس للمنهج العلمي، عند تطبيقه عليه هو؟ أي يقول أحد “إن الموجود في أمعاء  المؤلف يمثله كله؟

ادعاء تقديس رب العالمين، واحترام نبيه:

يقول المؤلف متظاهرا لأنه يقدس الله وكلامه، في وصفه لعلماء المسلمين {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون}، وستتعجب أيها القارئ من كلام هؤلاء الذين يقدمون على أنهم شيوخ وفقهاء ومحدثون وعلماء الذين لأنهم لا يتورعون عن أن ينسبوا لله ما لم  يقله، ويقولون على الله مالا يعلمون. ، ويقولون لك بكل وقاحة وجرأة على الله.” (ص81) ويضيف موقع آخر: إن القارئ “سيكتشف حقيقة مجموعة كبيرة من الأحاديث المسيئة إلى الإسلام ولنبي الإسلام، بل لرب العالمين داخل هذا الكتاب.(ص 149)

وعن النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول المؤلف مؤيدا قول عائشة: “فكل شمائله وأخلاقه- صلى الله عليه وآله وسلم- كانت تطبيقا عمليا للقرآن، بمعنى أنه كان بإمكان أي مطّلع على القرآن، أن يعرف شمائل المصطفى من خلال كلام الله. (ص 26) وفي موضع أخر، يقول: إذا كان الحديث الذي يخرج من فم الرسول وأفعاله التي يقوم بها وتقريراته أيضا، ودينا باعتباره الأسوة الحسنة لنا…(ص41)

فالمؤلف يظهر تقديسه للقرآن الكريم واحترامه للنبي، صلى الله عليه وسلم، ولكن دعنا ننظر نوع هذا التقديس والاحترام في الفقرات التالية.

قلة الأدب مع نبي رب العالمين:

يعنون المؤلف لبعض الأحاديث المرفوضة عنده تحت عنوان “بخاريات”. (ص 149-160) يعنون المؤلف لبعض الأحاديث المرفوضة عنده عقلا، ربما تُعبِّر عن مشاعره الحقيقية تجاه نبي رب العالمين، مع أنها تتسم بالبذاءة المبطنة. فتحت عنوان “بخاريات” (ص 149-160) يورد العناوين التالية:1) “النبي البذيء” 2) و”الرسول يختلي بامرأة متزوجة وينام عندها وهي تفلي رأسه من القمل.”، 3) و”الرسول يحاول الانتحار”، 4) الرسول  يُسحر فيهذي 5) ويعنون حديثا ب”الرسول يصلي بدون وضوء، ويحتج بأن “النوم من نواقض الوضوء”، 6) ويتهم النبي، صلى الله عليه وسلم، بأن سبابه مثل شتائمه الوقحة؛ 7) كما يعونون حديثا آخر ب”الشيطان يطعن رسول الله عند ولادته.

1) من المعلوم أن كلمة “أنكتها” في إحدى روايات قصة توبة ماعز الذي جاء تائبا جاءت لحرص النبي على تجنيبه عقوبة الرجم وقد جاء صادق التوبة. ولكن هناك اختلافات متعددة في تفاصيل القصة الثابتة، لهذا حكم المحدثون بضعف تلك التفاصيل. يضاف إلى ذلك احتمال سقوط حرف الحاء بين الكاف والتاء من كلمة “أنكحتها” سهوا. وهو خطأ غير جذري.

2) من المعلوم أن اتفاق على أن أم حرام التي كان يزورها هي محرم له، وإن اختلفت التفاصيل.

3) من الفهم الخاطئ يورد حديث حزن النبي لانقطاع الوحي فترة من الزمن بأن “الرسول يحاول الانتحار” فالحديث الذي يرويه الزُّهْرِيُّ عن عُرْوَةُ عَنْ عَائِشة، أم المؤمنين،َ يفيد بأنَّهَا قَالَتْ: وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ سلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِيمَا بَلَغَنَا ) حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوس شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أوفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا…” (ص 149-150)

إن من يفهم في أصول الحديث يدرك أن عبارة “فيما بلغنا” لا يمكن صدورها من عائشة، فهي لا تروي عن المجهولين وتصدقهم، فتردده، لأنها لا تروي إلا ما تشاهده وتسمعه من النبي، صلى الله عليه وسلم، فهي تعايشه، ويفضي إليها بهمومه.

 ولهذا لم تغب هذه الحقيقة عن العسقلاني الذي درس وشرح كتاب صحيح البخاري. فنبَه إلى أن الجزء الذي أورده الزهري بعد  “فيما بلغنا” هي من زيادات الزهري الذي لم يكن صحابيا.

4) يبالغ المؤلف في التعليق على قصة سحر النبي، صلى الله عليه وسلم. فقد ورد عن عَنْ عائشة قَولها: “سحرَ النَّبِي،ُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إنَّهُ لَيُخَيَّلُ إليه أنَّهُ يَفْعَلُ الشيء وَمَا فَعَلَهُ.” ومن المعلوم أن الله قد عصم أنبياءه ورسله من الخطأ في تبليغ رسالته. ولكن النبي، صلى الله عليه وسلم، من البشر قد يقع في الخطأ والنسيان في حياته اليومية كإنسان طبيعي. ومثاله أن يصلي ركعتين أو ثلاث، بدلا من أربع. ومثاله أن تؤثر الغيرة الفطرية فيه، فيقف حائرا أمام تهمة أم المؤمنين حتى برأها الله من سبع سماوات. (سورة النور: 11 )

5) أما كون النبي، عليه الصلاة والسلام، كان ينام فلا بعني أن نومته مثل نومتنا، لا ندرك معها ما يجري أثناءها. يضاف إلى ذلك أن أحدا من الموجودين لم يخبره بأن وضوءه فسد، ومع هذا لم يعد الوضوء.

والسؤال: من أين عرف المؤلف أن النوم من نواقض الوضوء؟ أليس من السنة النبوة التي لا يعترف بها، ويصفها بأنها من الأساطير؟

6) يتهم النبي، صلى الله عليه وسلم، بأن سبابه مثل شتائمه الوقحة؛

7) كما يعنون حديثا آخر ب”الشيطان يطعن رسول الله عند ولادته، حيث ورد في الحديث “ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد، فيستهل صارخا من مس الشيطان غير مريم وابنها.” فيحتج على النص بعد الزيادة على النص “أن النبي غير مستثنى”، وجهل أن لله قد ميّز نبيه في أمور كثيرة، فهل جاءت على هذه، وخاصة مع وجود احتمال دس مسيحي متعصب هذا الاستثناء.

والسؤال: هل العبارات التي استخدمها المؤلف في وصف النبي الكريم تُعبِّر عن احترامه النبي ومحبته؟ أم أنها تسيء إليه مقصودة بطريقة ملتوية، وخاصة أنه لا يعترف بالسنة النبوية بما في ذلك فضائله؟

 الطعن في عدالة أصحاب النبي:

يقول المؤلف: هل كان الصحابة كلهم عدولا، وكلهم أتقياء، وكلهم على مرتبة واحدة من العلم والإيمان، أم هم في الحقيقة أصناف وأنواع، يجب الحذر عند الأخذ منهم وعنهم؟ ولك أن تعجب من رأي الصحابة “العدول  كلهم” في بعضهم البعض، لكن من يستعمل عقله ولو مرة واحدة ليقف على هاته الأكذوبة علم الرجال؟ ولمن يقدس الصحابة ما عليه إلا قراءة سورة التوبة التي يسميها البعض الفاضحة فقد ورد فيها كثير من الانتقادات لهم، وأظهرت حقائق العديد منهم.” (ص 49- 52)

والسؤال: هل قال أحد علماء المسلمين لأن الصحابة كلهم أتقياء وعلى مرتبة واحدة؟ وهل يعرف المؤلف المقصود بمصطلح الصحابي؟ ومصطلح العدالة المشتق منها “الصحابة عدول”؟

من الواضح أن المؤلف يجهل المقصود بالمصطلحين فسيتم توضيح ذلك عند الحديث عن مصطلحات علوم الحديث.

ويقول المؤلف عن أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، الذين تم وضع بعض أفعالهم في كتب الحديث: إذا كان الحديث الذي يخرج من فم الرسول وأفعاله التي يقوم بها وتقريراته، دينا باعتباره الأسوة الحسنة لنا، فما علاقة الصحابة بذلك؟ سوى أن تكون معادلة تقديس هؤلاء واعتبار أقوالهم وأفعالهم دينا يجب اتباعه،…، فنكون إزاء أنبياء آخرين غير نبينا، وهم فئة تختلف طبقاتهم وأنواعهم وتصنيفاتهم وعلمهم وجهلهم ونفاقهم وصدقهم وفسقهم وإيمانهم… (ص 41)

والسؤال: هل يقصد المؤلف بهذا القول الإساءة إلى الصحابة، بطريقة الغمز، وإدراجهم ضمن من يستحقون شتائمه؟ فمن المعلوم أن الصحابة، هم تلاميذ النبي، عليه الصلاة والسلام، الذين فدوه والإسلام بأموالهم وأنفسهم، والذين أسهموا في نقل الإسلام إلى الأجيال التالية.

وهل قال أحد علماء المسلمين بأن اتباع الصحابة ملزم كما هو بالنسبة للسنة النبوية، أو صرّح بتعديل التعريف الصحيح الذي يبدو أن المؤلف يؤيده هنا؟

 وهل إذا جمع الله الدم واللحم في الخروف مع بقية مكوناته، يعني أنه كله صالح للأكل؟ أليس من لديه عقل يُدرك أن الاتباع يقتصر على أقوال النبي وأفعاله وتقريراته؟ وهذا ما يؤكده علماء المسلمين. (انظر مثلا: أصول الفقه في خطوات)

يتضح مما سبق ويلي أن المؤلف يعصي أوامر الله جهارا، فالله تعالى يأمر بالدعوة بالحكمة،(النحل:125) ويحرم أذية المؤمنين والمؤمنات. (سورة الأحزاب: 57-58)

 شتائم للسنة النبوية وعلومها وعلمائها

يشحن المؤلف كتابه بسيل من الشتائم والسخريات التي لم تسلم منها السنة النبوية والعلم الذي يخدمه، والعلماء الذين اجتهدوا ويجتهدون في خدمته. فشتائمه وسخرياته تقترب من المائة شتيمة وسخرية صريحة. ويستخدم فيها المؤلف كلمة “أسطورة” ومشتقاتها حوالي 129 مرة. فقد يستخدم أكثر من اشتقاق منها في الشتيمة الواحدة. وتسخدم كلمة “خرافة” ومشتقاتها 87 مرة. وهذا مع أن كتاب المؤلف يتألف من 177 صفحة، بعد حذف الصفحات التي تندرج ضمن الموضوع. وبعبارة أخرى، بلغ معدل الشتائم والسخرية في الكتاب شتيمة لكل صفحتين.

ومن أمثلة شتائمه التي يصف بها السنة النبوية وعلومها وعلمائها المسلمين: قوله: ينطبق عليهم قوله تعالى: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون}،… وكتب التراث المليئة بهذا الخبل التاريخي، وعباد الأوثان التاريخية، و فكل “حزب” بما لديهم فرحون،…، وأن دينهم لا يأخذونه إلا من روايات تاريخية لا قدسية لها، وقالوا عنه بدون حياء ولا وازع من دين… وأن هؤلاء الشيوخ اعتبروا المرويات المأثورة عن النبي… قاضية وحاكمة على القرآن القطعي الثبوت، وهذا كلام فيه خبء معناه ليست لنا عقول، فمن يتجرأ على هذا القول بهذا الشكل، وبدون أن يرف له جفن، سأشك في عقله إن لم أشك في إيمانه.

ومع هذا ينتقد المؤلف علماء المسلمين قائلا: إن مجرد مناقشة مصداقية الأحاديث النبوية يشعل حملة مسعرة، أسلحتها قنابل التكفير، وصواريخ التفسيق، وقذائف الزندقة، لا يمنحك المُقلِّد فرصة لتشرح موقفك وتقدم أدلتك، لأنه لم يُربَّ على النقاش والمحاججة والمحاورة، بل بُرمج على القذف والسبّ، ويرى في ذلك قُربى يتقرب بها إلى الله، وعبادة، يتعبد بها لله،… ومتى كان لعن الناس وإهانتهم وتلْب أعراضهم من القربات؟ (ص 51-52)

ويتبجح المؤلف فيدعي: إننا بعرضنا هاته النقولات لا نرمي من خلالها الطعن في شخص البخاري، فما يمكن –في نظرنا- الطعن في أي إنسان كيفما كان بالاعتماد على أقوال بعض الرجال، ففي النهاية هي آراء.(ص148)

والسؤال: هل التزم المؤلف عمليا بما التزم به قولا؟ وهل اختلف أسلوبه عن أسلوب من ينتقدهم؟

 إن أسلوبه يتجاوز كثيرا شناعة أسلوب من ينكر عليهم. فهو يشتم الأحاديث النبوية الموثقة كلها أو جُلّها، وعلوم الحديث وعلمائه. ويصف أقوال النبي الكريم وأفعاله وتقريراته وصفاته التي وثقها المختصون بأنها أساطير وخرافات. ويتجاوزهم في الوقاحة لأنه بكذبه وتحريفه للنصوص يحاول هدم الإسلام، وذلك بالطعن في المصدر الثاني له، ويعمل على نشر الضلال بين المسلمين.

 أما أولئك الذين ينقدهم، فإنما يوجهون التكفير واللعن إلى أفراد من المسلمين، قد لا يكونون مستحقين لها أو يكونون، استنادا إلى القرآن الكريم. فالله يلعن الْكَاذِبِينَ (آل عمران61) ويلعن الظالمين.(هود: 18)

 ويصف المؤلف الأحاديث النبوية التي وثّقها علماء السنة النبوية ويعملون بصورة مستمرة على تنقيحها، بأنها أساطير، ويحكم في ضوئها على تدوين السنة النبوية بعبارات جارحة، مثل “من هنا جاءت آفة الحديث” و”تحوّل تدوينه إلى آفة، (ص 18-19) ويضيف: وإن مما جناه الحديث على أمتنا هو أنه جعلها أمة متخلفة تؤمن بالخرافة وتناقض العلم، وتنبذ العقل. فالنماذج الحديثية تمثل مصائب كتب الحديث وما تزخر بها من تفاهات وخرافات وأساطير. (ص 65، 84)

 ومما يثير السخرية أن المؤلف لا يعرف ما هي الأوامر الدينية التي يجب على المسلم تطبيقها، حيث يقول: إن تحريم مكة ولقطة الحرم، بيان سياسي لقائد دولة وليس لرسول، فلا وجود للرسالة في خطبته. (ص 19-20)

 والسؤال: هل يمكن لذي عقل أن يقول بأن تحريم مكة ولقطة الحرم بيان سياسي، وليس تشريعا ورسالة من نبي مأمور بتبليغه إلى المسلمين؟

 ويورد قول الأوزاعي: “الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب” إذن من خلال هذه النقولات  نجد أن هؤلاء الشيوخ اعتبروا المرويات المأثورة عن النبي، وهي في غالبها ظنية الثبوت، قاضية وحاكمة على القرآن..”(ص 27) ويضيف: من هنا يبرز لكل ذي لبّ حكيم ،أن فقه هؤلاء وفهمهم لا علاقة له بالقرآن الكريم، وأن دينهم لا يأخذونه إلا من روايات تاريخية لا قدسية لها، حتى صدق فيهم قول الله عز وجل: {وقَالَ الرسول يَا ر ِّبَ إِنَّ قَومِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقرْآنَ مَهْجُورً}.(الفرقان: 30)

 ويضع عناوين فرعية تحت عنوان “آفة علم الحديث” يقول “أكذوبة علم الرجال” (ص 49) و”جناية الحديث”. ويقو ل تحتها: إن أعظم جناية جناها الحديث، هي التسبب في هجر كتاب الله ليحل محلّه، على مستوى التشريع، وعلى مستوى العقيدة، وعلى مستوى العبادات، حتى أصبح لدينا دين آخر مأخوذ من الحديث لا علاقة له بالقرآن.(ص 61)

 ونقلا عن الدك تور أحمد صبحي منصور يتهم علماء الحديث بأنهم يشبهون الجهلة من عامة الناس الذين يُصدقون كل شيء ومن أي شخص.(41) ويعتقد أن عدم رؤية الراوي للرواة ممن يعاصرهم دليل على عدم ثبوت رواياتهم. لهذا ف‘ن علم الرجال أكذوبة. وينسى المؤلف أن قوله هذا يعني أن نسبه إلى أجداده الذين لم يراهم أكذوبة ومشكوك فيها. (ص 50-51)

 ويصف المؤلف علماء الإسلام، ولاسيما علماء الحديث النبوي بقوله: وبعدها يطلعون بوجوههم الوقحة على الناس ليسردوا عليهم أحاديث وآثار في منع كتابة وتدوين الأحاديث، في «سكيزوفرينيا» غريبة جدا، تحط من قدر هؤلاء عند ذوي العقل الراجح، والفكر المستنير.(ص21)

 ويقول: وقد نسي “علماء” الجرح والتعديل أن يضيفوا اسم الذباب إلى مصطلح الحديث ومصطلح تجريح الرجال، فبدل أن يقال هذا رجل (أي البخاري) كذاب، كان عليهم أن يقولوا هذا رجل ذبّاب، تطبيقا لحلم البخاري، وتعبيرا لرؤياه بأنه يذب عن رسول الله الكذب “الذباب.” ويضيف: إن وقاحة الراوي وصلت به إلى أن ينسب عبر خرافة حلم، لكتاب مجهول المؤلف أصلا.(ص80- 81)

 شتائم لعلماء المسلمين:

و لجهل المؤلف بوجود جزء جوهري يعتني بنقد المتن في أصول الحديث يقول: إن علم الرجال انصب على دراسة رجال الحديث دون النظر في المتن وهو الأهم، فبدأوا يجرِّحون على هواهم متأثرين بالعصبية المذهبية وبالشائعات أحيانا. (ص51)

 ويقول المؤلف: ولك أن  تتصور الكم الهائل من الأحاديث «السبعون  ألفا» التي كان يحفظها البخاري بتراجمها وأسانيدها وما قيل في رجال هاته الأحاديث فردا فردا، من جرح أو تعديل، ودرجة كل حديث من حيث الصحة أو الضعف، إلى غير ذلك مما يرتبط بها وهو ما زال صبيا في سن اللعب. فعلى هذا يجب أن  يكون البخاري قد بدأ حفظ الأحاديث قبل أن  يولد، …، فإنه رغم ذلك ستبقى مسألة حفظ البخاري خرافة كخرافات أخرى نقلت إلينا بدون تمحيص من ناقلها عبر كتب التراث المليئة بهذا الخبل “التاريخي”… (ص 99) وطبعا هذا مستحيل عقلا، لذلك كان عباد الأوثان التاريخية، يلحون على أن  لا نقيس البخاري بالمقياس البشري، بل علينا أن  نقبل هاته “التخاريف” هكذا بدون إعمال العقل، وكل إعمال للعقل سيسقط الأسطورة، التي استغرقت صناعتها قرونا من الزمن، من طرف الكهنوت الديني، الذي خدّر الناس، وأوقف العقول، وكانت المحصلة إنتاج التخلف باسم الدين، والدين من هذا بريء. (ص 128) ولم يقف الحد عند مسألة الاختلاف في اعتبار الأصح من كتب التراث فكل “حزب” بما لديهم فرحون. (ص 134) وسيصدم من هول المفاجأة، حينما سيكتشف حقيقة مجموعة كبيرة من الأحاديث المسيئة إلى الإسلام ولنبي الإسلام، بل لرب العالمين داخل هذا الكتاب.(ص 149)

والسؤال: هل سمع المؤلف بحلقات تحفيظ القرآن الكريم ومدارسه، واطلع على بعض الأطفال والشباب الذين وهبهم الله منحة الحفظ والدقة فيه، حتى في هذا العصر الذي تعوّد فيه البشر على الاعتماد على المسجل والمقروءْ، بدلا من الحفظ، وكثرت فيه أسباب انشغال الذهن وتشتته؟

 الاستهزاء بعلماء محددين:

يقول المؤلف: بل وصل الأمر بمقدسي صحيح البخاري من الشيوخ والفقهاء والمحدثين، أن تجرأوا على مقارنة هذا الكتاب بكتاب الله المنزل من لدنه على نبيه إلينا، هدى ورحمة للمتقين، فقالوا عنه بدون حياء ولا وازع من دين ” إنه أصح كتاب بعد كتاب الله” كما حكاه النووي والذهبي وغيرهما من الشيوخ. (110)

 والسؤال: هل يتعمد المؤلف التحريف وخداع القراء والكذب عليهم؟ وهل يتكرم بسؤال الزبّال الذي ليس لديه وقت لتعلم القراءة والكتابة أو للاستماع إلى الدروس الدينية، ليعرف المقصود بهذه العابرة الواضحة؟ فالنص الذي يصف صحيح البخاري ينبه إلى وجود أخطاء فيه، ولا يقول بأن كل ما فيه صحيح.

 ويسخر المؤلف ويشتم الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس الأزهر في وقت سابق و الشيخ عبد المحسن العباد البدر، مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقا لأنهما يقولان  بأن البخاري يتمتع بمنح ربانية في الحفظ وسرعته. (ص، 84، 99) ويستهزئ بالدكتور ربيع المدخلي لقوله: ” فيعتبر مُنكرِ حديث في صحيح البخاري كمنكرِ القرآن على حد سواء من حيث الحكم.” (ص115)
 


سجل تعليقك