French | English | Thai (ภาษาไทย) | Shqipe | Türkçe | Indonesian | Tagalog | اردو | عربي | فارسي
 
 
القائمة البريدية
أدخل بريدك الإلكتروني من أجل الاشتراك معنا في القائمة البريدية
عداد الزوار
المتواجدون الآن على الموقع الرئيسي :

( 13707 )



















الشيعة الإمامية --> الرد على الشيعة الإمامية
    أرسل لصديق

إغلاق النافذة

المقالات --> المادة المختارة

الجيش العقائدي" و"حزب الفتنة"

 

أضيفت في: 12 - 5 - 2008

عدد الزيارات: 2984

المصدر: صحيفة "الاتحاد" الإماراتية

لبنان يشتعل من جديد، مسلّحو "حزب الفتنة" يملأون شوارع بيروت ناراً ودماراً، قتلاً وإحراقاً. أصبحت كلّ بيروت بمؤسساتها التربوية والاجتماعية والخيرية والإعلامية وقوداً يلقيه "حزب الفتنة" في أتون حربه الطائفية المقيتة، وميليشيا الحزب توجه خناجرها لنحور اللبنانيين، فهل استبق جنبلاط الأحداث حين تحدّث عن سلاح الغدر!

ماذا جنى سُنّة بيروت حتى يقتلوا بسلاحٍ كانوا يحسبونه موجّهاً لخصمهم اللدود إسرائيل فإذا به يرتدّ إلى نحورهم! كيف يحدث هذا وهم كانوا في حرب تموّز الحمقاء النصير والظهير لهذا الحزب وعناصره ومشايعيه، كانوا المأوى لمن فقدوا المأوى، قدموا للجريح طبيباً وللجائع طعاماً وللظمآن ماءً، فلماذا يعاقبهم الحزب اليوم ويقتلهم على قارعة الطريق، ويحاصر منازلهم ويقفل أعمالهم ومؤسساتهم!


في محاولة استيعاب ما يجري دعونا نأخذ المشهد الأكبر في المنطقة، تدل كل المؤشرات على أنّ قعر مياه الخليج يمور ويسخن يوماً بعد يومٍ، ويوشك هذا الموران وتلك السخونة أن يخرجا إلى السطح، إن سُحُب الحرب لم تزل تتراكم وتنعقد في السماء، ورحى الحرب لم تزل تُحرّك وتُدار على الأرض، والاستقطاب في المنطقة بلغ أشدّه والأطراف الإقليمية والدولية تتنازع كل أصناف الهيمنة وبسط النفوذ وإقلاق المخاصم!

لم يبق في كنانة الطرفين الكثير مما يمكن أن يضيفاه على حربهم الباردة حتى الآن، ولكنّ الصراع بدأ يأخذ تشكّلاتٍ جديدةٍ وبدأ تسجيل النقاط يتغير من طرفٍ لصالح طرفٍ آخر.

لنكن أكثر صراحةً، كانت إيران ومنذ الغزو الأميركي للعراق تسجّل نقاطاً وتحصد أرباحاً من حماقات القوّات الأميركية بعد احتلال العراق، ومن صدود العرب عمّا يجري هناك جملةً وتفصيلاً، كما استغلت وبشراسة هذا الخلاف بين الأميركيين ودول المنطقة حول الطريقة المثلى لإنقاذ العراق، فبسطت نفوذها على العراق وسعت لتخريبه وإعادة تشكيله كما تريد هي، فكان العراق بالنسبة لها في ظل تلك الظروف عجينة ليّنةً طيّعةً، أخذت ترسمها وتعيد رسمها كما تشاء، وكأنّما العراق بكلّ تاريخه ومقوّماته ليس إلا قطعة صلصالٍ في كفّ اللاعبين السياسيين في طهران.

ولم تكتف بالعراق، بل استطاعت في غفلةٍ من العرب أن تبتلع سوريا بكل تاريخها وأهميتها وتجعلها في جيبها الصغير، كما أنتج استثمارها الطويل المدى في "حزب الله" في لبنان عن دولةٍ داخل الدولةٍ وعن نفوذٍ قويٍ على تخوم إسرائيل وبقوّةٍ عسكريّةٍ عالية التدريب، قادرةٍ على الدوام على الإزعاج الداخلي والخارجي، وأخيراً كانت "حماس" آخر الوجبات التي التهمتها إيران وأخضعتها لنفوذها، هناك على حدود مصر حيث تستطيع التشغيب على الدولة ذات التاريخ الكبير في قيادة العرب.

شيء آخر جدير بالانتباه كذلك، ألا وهو عمليات التشييع التي تدعمها إيران بقوّة، ولم تزل مكنتها تعمل بجدٍ ومثابرةٍ لا تعرف الكسل أو الملل، مع احتفاظها بالقدرة على تحريك الأقليّات الشيعية في الجزيرة العربيّة في قلب الخليج. وبعيداً عن خطّ المواجهة في الخليج كذلك، هناك في الجنوب حيث اليمن والحوثيّين وقتالٌ دامٍ لم يعرف سبيله للتوقف بعد، ودماءٌ تراق بين أبناء الوطن الواحد بإشاراتٍ وذبذباتٍ تأتي من بعيد من بلاد فارس، حتى لكأنّما التاريخ يعيد نفسه وكسرى الفرس لم يزل يحتفظ بولاء "الأبناء" في اليمن ويحركهم كيفما شاء!

كانت هذه الصورة في السنوات الماضية، ولكنّ ساقية المنطقة جرت فيها مياهٌ جديدةٌ، ففي العراق تمّ ضرب تنظيم "القاعدة" الذي تدعمه إيران ضرباتٍ موجعةٍ أوهنت قواه، وشتّتت أفراده وحجّمت عمليّاته كمّاً وكيفاً، وتمّ إنشاء "الصحوات" وتسليحها، وقد أثبتت هذه السياسة نجاحها الباهر في سبيل القضاء على "القاعدة"، كما بدأت سياسة السيطرة على السلاح من خلال تجريد المليشيات المسلّحة من أسلحتها إمّا بالقوّة كما جرى ويجري مع "جيش المهدي" التابع لمقتدى الصدر، وإمّا بأسلوبٍ مدني كما جرى ويجري مع قوّات البشمركه الكردستانية التي بدأ ضمّها عملياً للجيش العراقي، لتكون جزءاً من تكوينه لا ميليشيا خارجةً عنه.

أمّا سوريا، فقد بدأت وعن طريق وساطةٍ تركيّةٍ مفاوضاتٍ غير مباشرةٍ مع إسرائيل، والشأن اللبناني بدأ يأخذ بعداً دولياً بعد مؤتمر الكويت، والخليج يشهد مؤتمراتٍ محمومةٍ تعنى بأوضاع المنطقة، كما يشهد مناوراتٍ عسكرية ضخمة، هذا مع الإشارة إلى صفقات السلاح الضخمة التي عقدتها دول الخليج في السنتين الماضيتين والتحالفات التي وقّعتها مع القوى الفاعلة في العالم، والبوارج الأميركية لم تزل تتوافد على الخليج كأسراب القطا.

في هذه الأجواء المشحونة، وعندما التقطت قرون الاستشعار الإيرانية كل ما سبق من نذرٍ، رأت أنّ الخيارات المتاحة أمامها باتت محصورة في الحرب أو التفاوض، وفي كلا الخيارين فهي محتاجة لإظهار نفوذها على الأرض لتُحسّن من أوراقها التفاوضية إن كان التفاوض، ولتمرّنها على التخريب إن كانت الحرب هي الخيار، فحرّكت مؤتمرات الترهيب من أيمن الظواهري إلى حسن نصرالله، وقادت انقلابين واحدٌ في غزّة قبل أشهرٍ والثاني في لبنان قبل أيام، وسالت الدماء بين الأشقاء في الوطن الواحد باسم "الله" زوراً وبهتاناً.

لقد سقط القناع عن "حزب الفتنة" وتكشّف عن حزبٍ طائفيٍ بغيضٍ خاضعٍ بقضّه وقضيضه لإرادة إيران أولاً وسوريا ثانياً، وأنه - كما قلنا في مقالاتٍ سابقةٍ- غير معني بلبنان الوطن ولا بمواطنيه، فهو ينفّذ أجندة دولٍ صنعته لتدير معركتها مع خصومها بعيداً عن ديارها وأمنها.

إنّ "حزب الله" ليس إلا تجلياً لمبدأ تصدير الثورة الذي أعلنته الثورة الإسلامية في إيران منذ نشأتها وسطّرته في دستورها، فقد جاء في "دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية" الذي نشرته رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية بإيران ص12 "إنّ الدستور يعدّ الظروف لاستمراريّة هذه الثورة داخل البلاد وخارجها"، وتحت عنوان (الجيش العقائدي) يقول الدستورص16: "ولا تلتزم هذه القوّات المسلّحة بمسؤولية الحماية وحراسة الحدود فحسب، بل تحمل أيضاً أعباء رسالتها الإلهية، وهي الجهاد في سبيل الله، والنضال من أجل بسط حاكمية القانون الإلهي في العالم"!!، و"حزب الله" يمثّل نموذجاً صارخاً لتطبيق إيران لدستورها في البلدان العربيّة وفي غيرها.

كان زعيم الحزب حسن نصرالله يردّد مراراً وتكراراً أنّ سلاح المقاومة لن يوجّه إلا للعدوّ الإسرائيلي، وقد أثبت في الأيام الماضية أنّه كاذبٌ كغيره من الكاذبين الذين جرّبناهم من قبل من أمثال صدّام حسين الذي ردّد مراراً أنّه لن يدخل الكويت، ثمّ دخلها بجيشه اللجب يستعرض على الضعفاء والمدنيين العزّل تماماً كما يفعل نصرالله في بيروت اليوم.

سيخرج نصرالله من بيروت شاء أم أبى، وسيخرج يجرّ أذيال الخيبة، فهو لا يستطيع أن يحتلّها على الدوام، وقد خسر في يومين من رصيده في العالم العربي والإسلامي ما يفوّق كثيراً ما كسبه من دخوله بيروت مسلّحاً، وقد لا يهمّه هذا لأنّه ليس إلاّ جندياً لدولةٍ خارجية يأتمر بأوامرها ولو أحرق نفسه، ولكنّه لن يخرج إلاّ وقد أثار غبار الطائفية في أرجاء بيروت والمنطقة، والطائفية فتنةٌ لعن الله من أيقظها، وقد أيقظها نصرالله كأشد ما يكون الإيقاظ، وسيحفظ له التاريخ هذه الجريمة مع جرائمه السابقة.

لقد أحسنت الأكثرية أيّما إحسان حين لم تقبل الانجرار خلف دمويّة "حزب الفتنة"، وأثبتت أنّها أكثريّة وطنية واعية حين أوكلت كل ما دار من فتنة إلى مؤسسات الدولة الشرعية، لقد أثبتت الأكثرية أنّها مع الوطن ضد الغرباء، وربحت المعركة الكبرى وهي معركة الولاء للوطن ومواطنيه.

 


سجل تعليقك