ويقول: (إن مشكلة أبي بكر وعمر مشكلة خطيرة، هم وراء ما وصلت إليه الأمة، وهم وراء العمى عن الحل، هذه طامة وعمى عن الحل، والحل هنا أن يتولى أبا بكر وعمر لا يرى حلاً، لا يعرف سبب المشكلة ولا يعرف حل المشكلة) ([9]).
انظر ما يقوله الحوثي وما يقوله المستشرقون بعين العدل والإنصاف في الخليفتين الراشدين فهذا الدكتور فيلب حتي (D. Philp Hitti ) في كتابه الشهير مختصر تاريخ العرب (A Short History of the Arabs ): يقول:
(عاش أبو بكر رضي الله عنه، قاهر المرتدين وموحِّد الجزيرة تحت راية الإسلام، حياة ساذجة بسيطة ملؤها الوقار، وفي الأشهر الستة الأولى من خلافته القصيرة، كان يغدو كل يوم من السَّنْح حيث قطن وزوجه حبيبة في بيت وضيع، إلى عاصمة المدينة، ولم يكن يتقاضى راتباً، لأنه لم يكن للدولة إذ ذاك دخل يستحق الذكر، وكان يدير جميع شئون الدولة في صحن المسجد النبوي.
أما عمر رضي الله عنه، الخليفة الثاني، فكان رجلاً جلداً نشيطاً،ومثالاً حياً للبساطة والاقتصاد، ومن صفاته أنه كان طوالاً أصلع شديد الأدمة، وقد أعال نفسه في إبان عهد خلافته بالمتاجرة، وكانت حياته -شأن حياة أي شيخ بدوي- بعيدة عن الأبهة وحبِ التظاهر، وتجعل الروايات الإسلامية اسمه أرفع اسم في أوائل الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مَجَّد عمرَ الكتّاب المسلمون لتقواه وعدله وتواضعه ووقاره، وحسبوا هذه المناقب التي يجدر لكل خليفة أن يتحلى بها، مشخَّصة فيه، وقالوا: لم يكن لـعمر إلا قميص خَلِق وإزار قطري مرقوع برقعة من أَدَم، وكان ينام على فراش من سَعْف النخل، ولم يهمه من شؤون هذه الحياة الدنيا سوى الدفاع عن شعائر الدين وإقامة العدل وإعلاء شأن الإسلام وتأمين مصالح العرب)
[ العرب تاريخ موجز، للدكتور فيلب حتي، دار العلم للملايين،
بيروت 1946م (ص: 72 - 73). A Short History of Arabs. London 1915, pp. 175 – 76 ]
ويقول الحوثي أيضا: (السني الوهابي يجن من حديثنا هذا ومستعد أن تتحطم الأمة كلها ولا يتخلى عن أبي بكر وعمر، وأنت تشهد على أنك تعيش المشكلة وتعمى عن حل المشكلة).
ويقول أيضا: (فنحن من يجب أن يبكي وليس من يفتخر بأن عمر عمل فتوحات وفتوحات) ([10]).
ويقول عن سقيفة بني ساعدة: (هي كانت الطامة بشكل عجيب، هي سبب المشكلة) ([11]).
ويقول فيمن يتولى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما: (ثم إن الضلال يتجه نحو من هو شر، أن أتعبد الله بأن هذا هو علم من أعلامه، وهو نفسه ممن يخالف كتاب الله ويخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو نفسه ممن ضرب الأمة وأهان الأمة، هو نفسه من يحمل الباطل من قمة رأسه إلى أخمص قدميه أن أتعبد الله بأن هذا هو بيني وبين الله، هو علم من أعلام الله أليس كذلك؟ معنى ذلك أنه إن كان الله شراً وكان الله ناقصاً، فيمكن أن يكون هذا علماً من أعلامه فأنت تدنس الله –إن صح التعبير- أن تتعبده بتولي هذا، لأن هذا لا يليق بأن يكون فيما بينك وبينه (( وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ))[الكهف:51] عضداً أو مساعداً أو عوناً فيما يتعلق بهداية عبادي لا يمكن لكن تصبح المسألة إلى هذه الدرجة أن يتعبدوا الله بالضلال) ([12]).
ويقول عن أبي بكر وعثمان وعائشة: (متى ما جاء شخص كره السادة ولا يريد السادة فإلى أين يذهب؟ يكون فاضياً تراه يميل إلى من؟ إلى (مقبل، الزنداني، ابن باز، ابن تيمية، البخاري ومسلم، أبو بكر، عثمان، عائشة ..) ([13]).
ويقول: ( السلف الصالح هم من لعب بالأمة، هم من أسس ظلم الأمة وفرق الأمة، لأن أبرز شخصية تلوح في ذهن من يقول السلف الصالح يعني: أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وعائشة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، وهذه النوعية هم السلف الصالح، هذه أيضاً فاشلة!!!
هكذا يذكر الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين ، الطاهرة المطهرة، التي نشأت في بستان الطُهر، وتربت في واحة العفة والحياء، حبيبة حبيب الله صلى الله عليه وسلم، وصديقة فراشه، العفيفة المبرأة من فوق سبع سماوات، والتي مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأسه الشريف بين سحرها ونحرها، وريقُه الشريف قد خالط ريقها، والتي قُبض ودفن، رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بيتها وهو راضٍ عنها.
والتي يقدمها أهل السنة والجماعة، على عشائرهم وقبائلهم، بل والله على أمهاتهم وآبائهم، لقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحبه الشديد لها، حيث سُئل صلى الله عليه وسلم:
(أي الناس أحب إليك؟ قال: (عائشة)، رواه البخاري.
والتي تغنى بها، وبتقواها وبطهرها، شعراءُ أهلِ السنة حتى قال قائلهم:
بِكرٍ مُطَهَّرَةِ الاِزَارِ حَصَانِ
أَكرِم بِعَائِشَةَ الرِّضىَ مِن حُرَّةٍ
وَعَرُوسُهُ مِن جُملَةِ النِسوَانِ
هِيَ زَوجُ خَيرِ الأَنبِيَاءِ وبِكرُهُ
هِيَ حِبُّهُ صِدقاً بِلاَ أدهَانِ
هِيَ عِرسُهُ هِيَ أُنسُهُ هِيَ إلفُهُ
هذا هو اعتقاد أهل السنة والجماعة، أصحاب القلوب البيضاء، في الطاهرة العفيفة، أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، والتي نفديها بالأهل والعشائر، ونقدمُها على الآباء والأمهات، لقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحبه الشديد لها.
إن منطق الحوثي وشتيمته في هذه الطاهرة المطهرة يذكرنا بأسلافه وإخوانه الإمامية الجعفرية الذي تشرب عقيدته وأباطيله منهم فلننظر ماهي عقيدة الإمامية في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
أولاً: تعتقد الشيعة الإمامية كفر أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، وأنها من أهل النار، بل يسمونها في كتبهم المنحرفة بـ (أم الشرور)، وبـ (الشيطانة)، كما ذكر ذلك إمامهم البياضي في كتابه الصراط المستقيم. وكذلك ذكر العياشي في تفسيره، والمجلسي في بحار الأنوار، والبحراني في كتابه البرهان، ما أسندوه زوراً وبهتاناً إلى جعفر الصادق القول في تفسير قوله تعالى: ( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً) قال: (التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً: عائشة، هي نكثت إيمانها).
ثانياً: يعتقد الشيعة في العفيفة الطاهرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بأن لها باباً من أبواب النار تدخل منه، حيث ذكر إمامهم العياشي في تفسيره [2/243] ما إسناده إلى جعفر الصادق كذباً وزوراً، أنه قال في تفسير قوله تعالى حكاية عن النار: (لها سبعة أبواب)، قوله: (يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب…والباب السادس لعسكر…). وعسكر هو كناية عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كما ذكر ذلك المجلسي، في كتابه بحار الأنوار، ووجه الكناية عن هذا الإسم كونها كانت تركب جملاً في موقعة الجمل يُقال له عسكر.
هذا هو اعتقاد الشيعة في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
ويقول في عمر ويلمزه بـــ(مر): ( لكن الآخرين –يعني: أهل السنة- يتمسكون بــ(مر) يتمسكون بأناس منحطين يحتاجون في كل وقت يضربون لهم رنجا تارة أصفر وتارة أبيض من أجل أن يلمعه أما الآخرين) [ المصدر السابق]
ويضيف قائلاً: ( أعلام لديهم يحتاجون أن يلمعوهم هم منحطون يحتاجون أن يلمعوهم يحتاج يتكلم عنهم كثيرا هم ينطلقون يتكلمون عنهم كثيرا وبالكذب الذي ليس من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قاله ويمكن أن يقوله فيتكرر هذا الكلام كثيرا جدا.) [ المصدر السابق]
ويقول: ( وهم دائما في تلجيم لأبي بكر وعمر ، حديث يأتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم في علي فيحاول بأي طريقة أن يدفعه أن يركاه حتى لايسقط على أبي بكر فيقضي عليه يحاولون في آيات القرآن كذلك يقفز من فوقها من أجل أن لا يلزم أن تكون في علي فيكون علي هو أفضل من أبي بكر أليس هذا يعني أن هناك أعلاما متعبون أعلاما يرهقونك أعلاما تجد نفسك في موقف ضعف ) [المصدر السابق]
ويوبخ الزيدية الذين يترضون على الصحابة بقوله: ( حصل ظاهرة في أئمة متأخين من الزيدية حصل داخلهم حركة وتضارب وأشياء من هذه هل نحن أحرجنا أنفسنا بهم ونقول: ( سلام الله عليه وهو كان كذا لا. لاسلام الله عليه وهو على باطل لاسلام الله عليه ولو كانت عمامته كيفما كانت أو يحمل اسما كيفما كان نحن لا نتعب أنفسنا بأعلام يرتكبون باطلا ثم نحاول أن نغطي عليهم هذا ليس من طريقتنا إطلاقا ))
ويقول: ( الذين سكتوا جيلا بعد جيل بعلمون أبناءهم كيف أن أبابكر وعمر خلفاء وصديق وفاروق بل تفضلوا نقدم لكم أشخاصا آخرين : عائشة ومعاوية ويزيد وعمرو بن العاص وأبا موسىالأشعري والمغيرة بن الشعبة وهكذا لم يراعوا مشاعرنا لم ينطلقوا هم ليتعاملوا معنا في الوقت الذي أصبحت الدولة لهم ما تعاملنا في الماضي من منطلق الحفاظ على الوحدة أو تهيئة الأجواء للتوحد معهم )
[ دروس من هدي القرآن (سورة المائدة الدرس الرابع ألقيت بتاريخ 16/1/2002م)].
ويقول بدر الدين الحوثي(الأب) في رسالته (إرشاد الطالب):
"الولاية بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لـعلي عليه السلام... ولم تصح ولاية المتقدمين عليه: أبي بكر و عمر و عثمان ، ولم يصح إجماع الأمة عليهم. والولاية من بعده لأخيار أهل البيت: الحسن و الحسين وذريتهما الأخيار أهل الكمال منهم. والولاية لمن حكم الله بها له في كتابه وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رضي الناس بذلك أم لم يرضوا فالأمر إلى الله وحده، وليس للعباد أن يختاروا، ولا دخل للشورى في الرضا؛ لأنه لا خيار للناس في أمر قد قضاه الله ورسوله"
[(إرشاد الطالب) ص 16 تأليف العلامة بدر الدين الحوثي،
أعده للطبع وقدم له محمد يحيى سالم عزان، الطبعة الأولى (1414هـ = 1994م)،
دار الحكمة اليمانية للطباعة والنشر والتوزيع، صنعاء .]
وفي هذه الرسالة التي صدرت سنة (1414هـ = 1994م) والتي أعدها وقدم لها محمد يحيى سالم عزان ، تجد بصمات التشيع الاثنى عشري الإمامي، حيث يؤكد الحوثي الأب بصريح العبارة بطلان خلافة أبي بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم، وان الولاية منصب ديني قد قضاه الله ورسوله، وليس للعباد أن يختاروا. وهذا يعني أن أبا بكر و عمر و عثمان قد خالفوا المشيئة والإرادة الإلهية، واغتصبوا حق الإمام علي في الولاية.
وهذا هو مذهب الاثنى عشرية الذين وجدوا في الحوثي وجماعة الشباب المؤمن بيئة خصبة لنشر مذهبهم وانتشار أفكارهم، عبر كتب ورسائل بدر الدين الحوثي ، الذي يبشر بالفكر الاثنى عشري تحت ستار المذهب الزيدي، ومعه عدد من الباحثين والمحققين،
أمثال: محمد يحيى سالم عزان ، الذي قام بتحقيق ونشر عدد من الكتب والرسائل التي تخدم الفكر الاثنى عشري. وعزان من قيادات الشباب المؤمن، ومن الموجهين الفكريين. ومن أهم أعماله تحقيق كتاب (الغطمطم الزخار) لـابن حريوة السماوي ، المعروف في غلوه في التشيع والرفض والطعن والسب. وللأسف الشديد أن هذا الكتاب ـ الذي حققه عزان ـ قدم له القاضي أحمد بن محمد الشامي ، وأمين عام حزب الحق!! وقامت صحيفة الأمة بإعادة نشر هذه المقدمة التي فيها تحامل وتجريح للإمام الشوكاني ، ومدح وإطراء للعلامة ابن حريوة السماوي ـ الرافضي.
-------------------------
([1] ) انظر: نهج البلاغة (1/188).
([2] ) دروس من هدي القرآن (سورة المائدة) الدرس الرابع ألقيت المحاضرة بتاريخ (16/1/2002م) (ص:23).
([3] ) المصدر السابق.
([4] ) انظر: مسئولية أهل البيت (ع) (21/12/1422هـ) (ص:11).
([5] ) المصدر السابق.
([6] ) انظر: دروس من هدي القرآن (سورة المائدة) الدرس الأول (13/1/2002م).
([7] ) المصدر السابق.
([8] ) المصدر السابق.
([9] ) انظر: دروس من هدي القرآن (سورة آل عمران آية 100-101) (ص:12).
([10] ) المرجع الساق (16/1/2002م).
([11] ) دروس من هدي القرآن (سورة المائدة) الدرس الأول (13/1/2002م).
([12] ) انظر: دروس من هدي القرآن (سورة آل عمران) (ص:8-9).
([13] ) انظر: دروس من هدي القرآن (سورة آل عمران) آية 100-101) (ص:10)
.
http://www.lojainiat.com/index.php?action=showMaqal&id=9384