تسلسل الأحدث :
1 ـ أول إشارة عربية سلبية كان تصريح أبو الغيط (أسوأ دبلوماسي مر على الخارجية المصرية) في الساعات الأولى للعدوان اليهودي حيث قال (حماس تمنع مرور الجرحي من معبر رفح) (مع أن المعبر مغلق حسب كلام مبارك بأنه لن يفتح المعبر) وبعده مباشرة جاء تصريح نمر حماد ـ مستشار الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته عباس ـ حيث قال إن حماس تتحمل مسؤولية ما يجري .
2 ـ بعد مرور ثلاثة أيام على العدوان يأتي أسوأ وأقذر تصريح من أبو الغيط بـ "أنه قد حذر المقاومة الفلسطينية من الذي يحصل لهم ، ومن لم يقبل التحذير فلا يلوم إلا نفسه " (وكأنها إشارة لليهود بأن يوغلوا في دم الفلسطينيين ليتحقق أنه كان على حق في تحذيره) (وكأن الأولى أن يهدد اليهود من مغبة الاستمرار في العدوان)
3 ـ يتنادى العرب لعقد مؤتمر قمة وفي الأخير يتفقون على مؤتمر لوزراء الخارجية بعد خمسة أيام من العدوان!! وكانت الشعوب العربية يؤمل على موقف عملي ما . وفي ليلة الاجتماع يعلن الرئيس المصري أنه لن يفتح المعبر (ليقطع الطريق بذلك على أي أمل عربي في فعل ما ، وفشل المؤتمر)
4 ـ توجه العرب لمجلس الأمن لاستصدار قرار منه . وقبل وصول وزراء العرب لمجلس الأمن تعلن الحكومة المصرية في توقيت غريب (المبادرة المصرية) التي وافق عليها اليهود .
5 ـ يصدر مجلس الأمن قراره ، ويشير القرار للاستفادة من المبادرة المصرية المقبولة عندهم (كما هو واضح) وهكذا يحول المجتمع الدولي المسؤولية الأخلاقية لما يحصل في غزة على الحكومة المصرية ، وهو بهذا كذلك يقصي العرب عموماً عن أي مبادرة أو تدخل ! وليطلبوا من العرب التفرج فقط على ما تفعله حكومة مصر!
6 ـ يصرّ القائمون على المبادرة بأنها غير قابلة للتفاوض ويقولوا للمقاومة :إما أن تقبلوها كاملة أو تردوها كاملة ، وهذا ما يؤكد أنها وثيقة استسلام معلبة وليست مفاوضات سياسية للوصول لحل مشرف .
7 ـ ليفني وزيرة خارجية حكومة اليهود تصدر تصريحاً محرجاً جداً للمبادرة وتقول بـ "أن المفاوضات التي تجري في القاهرة ضد حماس وليس في صالحها" وهو اعتراف من العدو بأن المبادرة وما يراد في القاهرة هو مجرد استسلام غير مشرف للمقاومة . لأن مايكون ضد حماس فهو قطعاً لصالح اليهود .
النتيجة النهائية لكل هذا الحراك :
إما أن تستسلم المقاومة بلا شرف ، أو تظهر أمام العالم أنها هي التي لم تقبل التحذير منذ البداية ، وهي التي ترفض الحل الآن .
وبهذا يتم :
ـ تبرئة اليهود من القتل الفظيع والدمار الهائل ، لمجرد أنهم قبلوا وثيقة العز لهم ، ولم يقبلها الطرف الآخر .
ـ وتبرئة المجتمع الدولي الذي فعل ما عليه وألقى بالمسؤولية على مصر التي قبلت هذا الدور .
ـ وتبرئة القيادات العربية من موقفها من عدم القيام بما يجب لنصرة المضطهدين ، لأنهم تحركوا وحاولوا لكن الذي رفض هو المقاومة .
وهنا يقذف كل الأقوياء عن كواهلهم أي مسؤولية أخلاقية أوتأريخية لما حصل ويحصل من فظائع . وفي مقابل هذه البراءة المزورة تنزل اللعنات والشتائم على الضحية لسبب بسيط . هو أنه يرفض أن يعيش بذل : مغتصب الأرض ، منتهك العرض ، مستباح الدم وإلى الأبد .
من لم يقبل بكل الآيات والأحاديث فليرجع ـ على الأقل ـ لنبض عروق جده الجاهلي الذي قال :
لا تسقني ماء الحياة بذلة *** بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم *** وجهنم بالعز أطيب منزل
التاريخ لن ينسى ولن يرحم تسلط الجلادين الموغلين بدماء أهل غزة بمختلف أشكالهم .