هل تتكرر فرصة العرب ثانية في العراق ؟
كتابات - د.عبد الجبار العبيدي
شهد عام 1979 فرصة الانفتاح الاولى امام العرب والافارقة وغيرهم من البلدان الاخرى.ذلك الانفتاح السياسي والاقتصادي الذي رافق فورة اسعار النفط بعد عام 1973،فانبرت الحكومة العراقية برئاسة الرئيس السابق صدام حسين تكسب ولاء العالم والعرب معا،ذلك الانفتاح الذي سجل ارقاما قياسية لمصلحة الاخرين في العراق ،ولم يسجل العراق فيها الا التراجع السياسي في الحريات العامة والمداخيل الاقتصادية لعامة الناس.لكن البعثيين انفردوا بسلطة الدولة مادامت مصالحهم الفردية قد تحقت مالا وامتيازات كثيرة لا عد لها ولا حصر،ابتداءً بالدرجات الخاصة ومرورا بأمتيازات الاولاد في الجامعات والبعثتات العلمية وانتهاءً بالمراكز الحساسة التي تسلمتها الشخصيات الحزبية آنذاك.بلا عدٍ ولا حصر.
من هنا عرفت القيادة العراقية كيفية استغلال الجهات الحزبية وغيرها من المؤيدين لها تحقيقا لمصالحها الخاصة، فلم يعد احد منهم يجرىء ان يتكلم عن الاخطاء التي بدأت تتراكم على الدولة من سوء تصرف الرئيس المنفرد بسلطة الدولة والحزب أنذاك .فبدات مشاريع القوانين تسن وفق المادة 142 من الدستور العراقي المؤقت التي سمحت للرئيس بالتصرف بالعراق ارضا وشعبا ومياها دون اعتراض من احد,فالوزير يعاقب بهذه المادة ان اراد الرئيس وفراش المدرسة يعاقب بنفس المادة ايغالا باذلال الكادر الحكومي او من يعترض حتى ولو بالاشارة ،حتى لا يستطيع اي منهم ان يقول كلمة واحدة اعتراضية وان قالها احدهم فمصيره مصير الدكتور ابراهيم وزير الصحة انذالك او الاخرين الذين اعدموا جماعيا بلا محاكمة بحجة الانقلابات الوهمية والحجج المصطنعة.هكذا سيطر صدام على السطات الثلاثة دون معارضة تذكر.هذه كانت نكبة كبرى تحل بالعراق الا وهي الانفراد بسلطة الدولة دون معارضة.
ثم بدأت المرحلة الثانية من التدمير الشامل للعراق وهو الاتجاه نحو الحروب مع جيران العراق وخلق الحجج والذرائع للقيام بمثل تلك الحروب ،فكانت الطامة الكبرى الثانية،الاوهي الحرب العراقية الايرانية وما استوجبه الموقف من تأييد عالمي لها.فبدأ العرب والافارقة بان فتح لهم خزائن العراق لمن هب ودب ،واصبح يكفي لرئيس او وزير ان يزور العراق ليملأ جيوبه من المقسوم ويعود قافلا بالطائرة العراقية موقعا بيانا يدعو فيه بالوقوف بجانب العراق المظلوم.وكأن عهد الرشيد قد عاد مرة اخرى الى العراق.
وبحلول عام 1988 وانتهاء الحرب العراقية الايرانية بدأ التوجه نحو اثارة المشاكل الاخرى ، وانتهت المرحلة لتتجه نحو جيران العراق لردم الهوة المالية والنفسية التي لحقت بالدولة من جراء ثماني سنين من الحرب المدمرة خسر فيها العراق كل مدخراته وشبابه وما يملك من امكانات،وبدلا من الاتعاض بالخطأ فقد كان الاصرار عليه اقوى واشد،حين راح يطلب الاموال او قل المساعدات من الجيران بعد الخسارة الكبرى التي حلت به،ناسيا بانه فتح كل خزائن العراق للمؤيدين والمنافقين الذي خلقوا منه شخصية العصر والزمان دون ان ينصحه ناصح واحد بما هو سائر فيه.وحين وجد نفسه محاصراً اتجه الى حرب اخرى باحتلال الكويت ذلك الاحتلال البغيض الذي كان كالقشة التي قصمت ظهر البعير. لقد خسر العراق بحربه المجنونة العرب والعالم وكل ما يملك حتى دارت الدائرة الكبرى عليه في 2003 التي ادت به الى المقصلة ونهاية عهده الاسود.
بهذا الاتجاه الخاطىء مرغ العراق بوحل الهزيمة والانكسار والاستيلاء على الارض والنفط والتعويضات بلا حسابات تذكر.وكبل بالبند السابع الذي اصبح الخروج منه امنية وطنية تهدف اليها الدولة الحالية.
فلا الشعب انتفع ولا هو انتصر ولاالوطن استقر وتقدم،وظلت رشوة النفط على الدوام هي المفضلة للاتباع والمحاسيب دون رادع من ضمير والشعب خائف وجائع ومهجر وهو على الارائك يقهقه والجوقة السمفونية تصفق.فهل يتكرر المشهد مع العرب اليوم ثانية ام ان الحكومة قد اعدت برنامجا وطنيا لتلافي ماحدث.
العراقيون اولى بنفطهم واموالهم ،والمهجرون ليسوا مشكلة مستعصية غير قابلة للحل،وكتل المعارضة يمكن لها ان تتصافى بعد ان ذاق الشعب الويلات ولا زال يعيش في ظلام العصور الوسطى.،والانتخابات القادمة يجب ان تكون قانونية على الاشخاص لا القوائم الوهمية حتى يعرف الناخب من ينتخب ومن هو المؤهل للانتخاب ،ومشكلة الاكراد يجب وضع حد لها بالدستور والقانون لاكما نسمع ان العداء النفسي اصبح بين العرب والاكراد يفوق حد التصور ،فلا هذا نافع لهم ولا للعرب .واليوم ان لم تنتبه القيادة الى ما حولها ستضيع كما ضاع من قبلها الاخرون.
نحن اليوم بحاجة الى ابي ذر والامام الكاظم(ع) ومعن بن زائدة وغيرهم من ابطال الاسلام الذين قدموا للحاكم النصيحة بلا خوف،ونحن اليوم والدولة حرة لكننا خائفون، فالدولة اليوم للشعب لا للحاكمين.
فلا حد ينفع حد كما يقولون،فالشعب ورضا الله والوطن هو الحل ،نرجو ان يستجيبون،ونخلص مما نحن فيه غارقون.؟ فلا عذر للمعتذرين.
[email protected]
http://www.kitabat.com/i42928.htm