تسعيرة لرؤوس المصلين
لم يحدث في التاريخ حتى وفي أسوأ عصور الظلمة والوحشية أن عُرف أسلوب مقايضة الرؤوس البشرية بأموال نقدية.
فمن بين القصص المأساوية والأحداث الشاذة والغريبة التي تحصل في العراق ما كشفه العثور على ثمانية رؤوس بشرية في صندوق فاكهة من أسلوب وحشي لإبادة العراقيين ونشر الفتنة بينهم بأقذر الوسائل، فبعد ثقب الرؤوس وفقع العيون وحرق الأجساد بالنار قبل قتلها، ابتدع الأشرار أسلوباً جديداً أكثر وحشية يتمثل في بيع رؤوس العراقيين وفق تسعيرة لمراكزهم الاجتماعية ووظائفهم.
تكشفت هذه العملية الوحشية عندما عثرت عناصر الشرطة العراقية في مدينة بعقوبة يوم الأحد الماضي على ثمانية رؤوس لثمانية رجال من أهل السنّة وضعت في (كرتونة مخصصة لبيع الموز المستورد) وسيقت إلى بغداد لعرضها على قادة فيلق بدر وجيش المهدي، ثم استلام أموال كانت مخصصة لكل من يقتل سنياً، وهي مسعرة حسب هويات أصحابها، بحيث إن رأس الشيخ أو الإمام السني بمليون دينار ورأس المصلي بنصف مليون والسني العادي بربع مليون فقط.
ونُقل على الإنترنت عن ضابط في الشرطة العراقية في مدينة بعقوبة أن عناصر الشرطة عثرت في سيارة نوع كيا، كانت تقف في طابور التفتيش، على ثمانية رؤوس في علبتين من الكارتون وعند البحث عن سائق السيارة اتضح أنه هرب من سيارته بعد أن فاجأته نقطة التفتيش المؤقتة للشرطة.
وأوضح المصدر أن الرؤوس تم التعرّف على أصحابها، وهي للشيخ عبد الستار المشهداني إمام وخطيب جامع الطارمية شمال بغداد، وأحد أساتذة القراءات السبع في القرآن الكريم، وخمسة مصلين وطلاب في معهد فني في المدينة جميعهم من أهل السنّة، مشيراً إلى أن الرؤوس تم إيصالها إلى مستشفى المدينة.
ونقل مراسل لأحد مواقع الإنترنت، عن طبيب طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الرؤوس الثمانية جزت بسكين عمياء، حيث لوحظ تهتك في جلد الرقبة وظهور نتوءات عليه من نهايته دون أن يكون هناك أي إطلاق نار في الرأس. وأضاف المصدر: الرؤوس الثمانية وصلت قبلها ثلاثة أخرى يوم الجمعة دون أن نعلن عنها؛ بسبب خوفنا من الرعب الذي سيصيب أهل السنّة في هذه المحافظة.
أسلوب وحشي يتجاوز كل الطرق والأساليب القذره التي تشهدها أرض العراق؛ ففي الوقت الذي تشهد المناطق السنية مثل هذه الأعمال للتعجيل بالفتنة الطائفية، تشهد البصرة هي الأخرى فتنة أخرى تستهدف إحداث شقاق بين الشيعة أنفسهم، حيث تُفجر السيارات ويُقتل كل من لا ينخرط في مخططات العزل الطائفي والعنصري الذي بدأت بعض الأحزاب في تنفيذه منذ وقت طويل لتنفيذ مشروع عنصري لم يعد خافياً على العراقيين وعلى كل من يهتم بالشأن العراقي. فالمشروع (الصفوي) لا يفرق ما بين سنياً وما بين شيعياً عربياً إلا بمقدار الاستعداد المطلق لترجمة المشروع الصفوي وفرضه فرضاً على العراقيين كمرحلة أولى في مسيرة امتداد هذا الفكر للحزام الشمالي الشرقي في الوطن العربي.
الكاتب:جاسر عبدالعزيز الجاسر
المصدر:http://www.al-jazirah.com/415035/du3d.htm