هل قال ابن تيمية فعلاً أن الله ينزل كنزولي هذا ونزل عن المنبر أم هناك من يكذب عليه ؟
الحمد لله الفتاح والصلاة والسلام على نبيه الأمين أما بعد
سيبقي شيخ الإسلام الإمام الرباني الصابر المحتسب المجاهد تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبدالحليم بن تيمية النميري الحراني ناصر السنة مفتي الأمة وترجمان القرأن وعلم الزهاد .
ذكر ابن بطوطة في رحلته المشهورة قال : ( وكان دخولي لبعلبك عشية النهار وخرجت منها بالغدو لفرط اشتياقي إلى دمشق ، وصلت يوم الخميس ( التاسع ) من شهر رمضان المعظم ، عام ( ست وعشرين وسبعمائة ) إلى مدينة دمشق الشام ، فنزلت فيها بمدرسة المالكية المعروفة بالشرابيشية ) .
- إلى أن قال [ يعني : ابن بطوطة ] : - ( وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين ابن تيمية كبير الشام يتكلم في الفنون ) .
- إلى أن قال [ يعني : ابن بطوطة ] : - فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم ، فكان من جملة كلامه [ يعني ابن تيمية ] أن قال : إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ، ونزل درجة من المنبر ، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء ...
وهذ الكلام باطل لسببين :
ـ إن ابن بطوطة رحمه الله لم يسمع من ابن تيمية ولم يجتمع به إذ كان وصوله إلي دمشق يوم الخميس التاسع من شهر رمضان المبارك عام ستوعشرين وسبعمائة هجرية وكان سجن شيخ الإسلام في قلعة دمشق أوائل شهر شعبان من ذلك العام , إلى أن توفاه الله تعالى ليلة الإثنين لعشرين من ذي القعدة عام ثمان وعشرين وسبعمائة هجرية .(1)ـــــــــ وهذا حجر نلقمه للذين يفترون على الله الكذب بأن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم دينهم هو دين سلاطين وأن أئمة أهل السنة والجماعة علماء سلاطين ها هو شيخ الإسلام يتوفى في سجنه في حين أنت مراجعهم كاجرذان في جحورها بحجة التقية وانتظار الغائب ــ
ــــ لم يكن ابن تيمية يعظ الناس على منبر الجامع , بل لم يكن يخطب أو يعظ الناس على منبر الجمعة وإنما كان يجلس على كرسي يعظ الناس ويكون المجلس غاصاً بأهله .(2)
[glow=#669933]مع ملاحظة أن ابن بطوطة لم يكتب رحلته بقلمه وإنما أملاها على ابن جزي الكلبي وقال (أي ابن جزي )في المقدمة : ونقلت معاني كلام الشيخ أبي عبدالله بألفاظ موفية للمقاصد التي قصدها موضحة للمعاني التي اعتمدها . وقال في آخرها : انتهى ما لخصته من تقييد الشيخ أبي عبد الله محمد ابن بطوطة . فيجوز أن يكون ذلك من تحريف النساخ أو وسوسة بعض الخصوم .[/glow]
وهذا ما قاله لسان الدين الخطيب في الإحاطة في أخبار غرناطة نقلاً عن شيخه أبي اليركات البلفيقي :حاله من خط شيخنا أبي البركات، قال، هذا رجل لديه مشاركة يسيرة في الطلب، رحل من بلاده إلى بلاد المشرق يوم الخميس الثاني من رجب عام خمسة وعشرين وسبعماية، فدخل بلاد مصر والشام والعراق، وعراق العدم، وبلاد الهند والسند، والصين، وصين الصين، وبلاد اليمن. وحج عام ستة وعشرين وسبعماية. ولقي من الملوك والمشايخ عالماً، وجاور بمكة. واستقر عند ملك الهند، فحظي لديه، وولاه القاضاء، وأفاده مالاً جسيماً. وكانت رحلته على رسم الصوفية زيا وسجية، ثم قفل إلى بلاد المغرب، ودخل جزيرة الأندلس، فحكمى بها أحوال المشرق، وما استفاد من أهله، فكذب، وقال، لقيته بغرناطة، وبتنا معه ببستان أبي القاسم ابن عاصم بقرية نبلة، وحدثنا في تلك الليلة، وفي اليوم قبلها عن البلاد المشرقية وغيرها، فأخبر أنه دخل الكنيسة العظمى بالقسطنطنية العظمى، وهي على قدر مدينة مسقفة كلها، وفيها اثني عشر ألف أسقف. قلت، وأحاديثه في الغرابة أبعد من هذا. وانتقل إلى العدوة، فدخل بلاد السودان، ثم تعرف أن ملك المغرب استدعاه، فلحق ببابه. وأمر بتدوين رحلته".
وقد كان تدوينه لرحلته هذه بعد سبع وعشرين سنة منها على ما أفاده الزركلي في الأعلام، وبضع وعشرين سنة على ما أفاده ابن خلدون في مقدمتهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
1ـ كما جاء في طبقاتالحنابلة لأبي الفرج ابن رجب الحنبلي
2ـ كما جاء في كتاب (حياة شيخ الإسلام ابن تيمية ) للشيخ محمد بهجة البيطار .