السلام عليكم :
اليوم بإذن الله سنجول نحن وإياكم في شرح بعض القواعد ( بعض طلب أحد الإخوة ) وزيادة بعض القواعد , ثم الإنتقال إلى ما بعد القواعد .
أبدأ مستعيناً بالله بالقاعدة الثالثة , لأن القواعد التي سبقتها معروفة وسهلة جداً وبسيطة :
..:: القاعدة الثالثة ::.
الكلام في الصفات كالكلام في الذات , والكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخر .
فكما أن لله ذاتاً لا تشبه ذوات المخلوقين فكذلك لله صفاتاً لا تشبه صفات المخلوقين , وإثبات بعض الصفات بالتنزيه وجب على من أثبت إثبات الصفات الباقية لأن الكلام في صفة كالكلام في صفة آخرى , فلا مجال لهم إن أثبتوا لله ذاتاً وجب عليهم إثبات صفات لهذه الذات , وإن أثبتوا صفات للذات وجب عليهم إثبات باقي الصفات وإلا فهم ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر بالآخر, لكنهم جحدوا صفات الله واستكبروا على الله وحاولوا القول بإن إثباتها تشبيه بالمخلوق وماهو إلا في عقولهم , فهم يثبتون السمع , فللبشر سمع وبصر , ولكن ليس السمع كالسمع وليس البصر كالبصر, وليس الوجه كالوجه وليس اليد كاليد
..:: القاعدة الرابعة ::.
صفات الله ذاتية وفعلية , وأفعاله لا إنتهاء لها
أولاً: ينبغي أن نعلم أن صفات الله ( الثبوتية : أي بما أثبته الله في الكتاب أو على لسان نبيه ) على نوعين :
إما ذاتية , وإما فعلية , وإما ذاتية فعلية , فأما :
الذاتية : فهي التي لم يزل متصفاً بها وهي لا تنفك عن ذاته سبحانه وتنقسم الى قسمين :
الأول :: خبرية محضة ( ولها اسم آخر : النقلية ) : وهي التي لولا النقل ولولا الخبر ما استطعنا إثباتها , كاليد مثلاً , فلو أن الله لم يقل أن له يدان لما استطعنا إثبات أن لله يدان , وكذلك الوجه وغيرها من الصفات .
الثانية :: عقلية ( وقد تسمى خبرية ) : وهي أنه يشترك النقل والعقل في إثبات الصفة كالقدرة مثلاً , فنحن نقرأ أن الله على كل شئ قدير , ونعلم بعقلنا عندما نرى الكون الفسيح والمجرات العظام ودقيق الصنع ومن خلق هذه الأشياء وقدّرها فأحسن تقديرها هو قادر , فاشترك العقل والنقل .
الفعلية :: وهي التي تتعلق بالمشيئة فلو شاء الله ما فعلها ولو شاء لفعلها , كالنزول الى السماء الدنيا
الذاتية الفعلية :: فهي لم يزل متصفاً بها , وتتعلق بمشيئته سبحانه , كالكلام مثلاً , فالكلام صفة ذاتية ملازمة لذاته فالله متكلم وهذا كمال , ونجد أن الله يتكلم متى شاء فهذه تتعلق بالمشيئة
أما : أفعاله لا إنتهاء لها
أفعال الله لا نهاية لها , لأن الفعل كمال , والكمال يجب أن يكون دائماً لله عز وجل فقد قال تعالى (وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ) وقال تعالى (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا )
أكمل ما بدأته من القواعد التي يجب أن يسير عليها المسلم في الأسماء والصفات :
..:: القاعدة السادسة::.
أن الصفات التي أثبتها الله أكثر من الصفات التي نفاها الله
الصفات الثبوتية أكثر من الصفات السلبية , فالصفات الثبوتية كلها كمال ومدح كلها , أما الصفات السلبية نفيها كمال كالنوم أو السِنة ( السنة هو مقدمات النوم والغفلة ...) فنفاها الله عن نفسه تنزيهاً لذاته المقدسة فهو لا تأخذه سنة ولا نوم .
..:: القاعدة السابعة::.
أن ليس كل ما أضافه الله لنفسه صفة
كقوله تعالى (إن أرضي واسعة ) وقوله ( ناقة الله ) وهذا مخلوق .
ونوع آخر وهو إضافة تشريف , كقوله تعالى ( وروح منه ) فأضاف الروح المخلوقة الى نفسه تشريفاً وإكراما , وهذا منه خلق الله آدم على صورته , فأضافها إلى الله إكراما وتشريفا لآدم وسيأتي تفصيل هذا الحديث بالأدلة العلمية القاطعة .
والنوع الأخيـر : وهو الإضافة المحضة وهي غير مخلوقة , كالقدرة
والحمد لله رب العالمين .
[ALIGN=CENTER]ثانياً : معنى ( المعنى ) والكيفـية [/ALIGN]
أنزل الله إلينا قرآناً عربياً مبين , مفهوم , ليس مبهماً وغامضا , ليدّبروا أياته ويعلموا قدرته ويعلمون ما كانوا لا يعلمونه , فمثلاً معنى اليد هي صفة ذاتية لله , لكن البعض عندما يسأل عن المعنى يتصور الكيفية والتشبيه ولا حول ولا قوة إلا بالله , فالجواب هو أليس لله ذاتاً وصفاتاً , نـــعـــم , ونحن لا نتصور هذه الذات ولا يمكن إداركها ولا الصفات ؟ .. نعم , اذاً كذلك باقي الصفات لا يمكن إدراكها ولا تصورها , وإلا لزم نفي الذات لله ونفي كل صفاته ثم يصبح الرب معدوماً ضعيفا .
والمسأله بسيطة جداً وسهلة , ويجب إمرار الصفات كما جاءت من غير التشبية أو التكييف كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في لاميته المشهورة :
وجميع آيات الصفات أُمرها *** حقاً , كما نقل الطراز الأول .
واذا رأينا الأشاعرة أو الرافضة أو أي من الفرق أو الأديان نجد أنهم يحاولون تغيير المعنى وصرف النص من الحقيقة الى المجاز بدون دليل في الكتاب ولا السنة , فهم يصرفون النص من الحقيقة الى المجاز بأبيات شعر , لم يثبت أنها من لسان عربي فصيح , فأحياناً تجدهم يستدلون بأشعار الأخطل النصراني ..!! ..فهم شبهوا الله ثم عطلوا , قال شيخ الإسلام في لا ميته
قبحاً لمن نبذ الكتاب وراءه *** وإذا استدل يقول قال الأخطــل .
ينبغي العلم أن الإشتراك باللفظ لا يلزم التشابه فالله قد وصف أن له يد لكن يد مختلفة تماماً عن أيدي المخلوقين فهو لا يشبهه أحد , فلو نظرنا الى ما حولنا ورأينا يد النملة , ويد الفيل , هل يتشابهان ؟
والجنة أيضاً ونعيمها , فأنهار الجنة من الخمر , فهل الخمر مثل خمر الدنيـــا ؟
أما الكيفية ( وهي وصف الصفة ) فمجهولة وليست معلومة , كما قال الإمام مالك في الأثر المشهـور :
( الإستواء معلوم , والكيف مجهول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة )
وسنبدأ بإثبات الصفات واحدة تلو الأخرى بدءاً بأقوال السلف وإنتهاء بالرد على الشبهات بطريقة مبسطة بإذن الله , والحمد لله رب العالمين