العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-03-20, 04:28 PM   رقم المشاركة : 1
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


كيف عالج الإسلام انتشار الأوبئة؟

الْحَمْدُ للهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى؛ خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، وَعَافَى وَابْتَلَى، نَحْمَدُهُ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالْعَافِيَةِ وَالْبَلَاءِ؛

فَهُوَ المَحْمُودُ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ، المَعْبُودُ فِي الْأَرْضِ وَفِي السَّمَاءِ،


وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ،

وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،

أما بعد:

فالتقوى هِيَ الدِّرعُ الحصينُ مِن شرِّ الشياطينِ، وهي الفوزُ المبينُ يومَ الدينِ بجنةِ ربِّ العالمينَ.

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5]



خرجَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه إلى الشامِ حتى إذا قَربَ مِنَ الشامِ لقيَهُ أمراءُ الأجنادِ أبو عبيدةَ بنُ الجراحِ وأصحابُهُ، فأخبروهُ أنَّ الوباءَ قد وقَعَ بأرضِ الشامِ، قال ابنُ عباسٍ: فدعَا عمرُ الصحابةَ واستشارَهُم، وأخبرهُم أنَّ الوباءَ قد وقع بالشامِ، فاختلفُوا، فقال بعضُهُم: قد خرجتَ لأمرٍ ولا نرى أنْ ترجعَ عنهُ، وقال بعضُهُم: معكَ بقيةُ الناسِ وأصحابُ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ولا نَرى أنْ تُقدِمَهُم على هذا الوباءِ، فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ: إِنِّي مُصَبِّحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ: أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟ نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ،

أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ، وَإِنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ؟


قَالَ: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ -وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ- فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي فِي هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ»

قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ. رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ.



جعلتِ الشريعةُ الحفاظَ على حياةِ وصحةِ الإنسانِ أحدَ الضرورياتِ الأساسيةِ التي أمرتِ الشريعةُ بالحفاظِ عليها وحمايتِهَا وتَنميتِهَا, فحذَّرتِ الشريعةُ الإسلاميةُ مِن إيقاعِ النفسِ في مواطنِ الهلاكِ، فقالَ تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195].



فالإنسانُ في نَظرِ الإسلامِ أعظمُ وأكرمُ وأنبلُ وأرقَى وأشرفُ مخلوقٍ على وجهِ الأرضِ، فقال تعَالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4] وهو عَجيبٌ في تكوينِهِ الجُسمانيِّ، وغريبٌ في تكوينِهِ الروحانيِّ، وفيه مِنَ الأسرارِ العظيمةِ ما لا يعدُّ ولا يحصَى.



كورُونَا فيروسٌ مزعجٌ، بدأَ في الانتشارِ في شَرقِ آسيَا وأصبحَ حَديثَ الإعلامِ والتواصلِ الاجتماعيِّ هذه الأيامِ.



ولا شكَّ أنه مرضٌ كغيرِهِ مِنَ الأمراضِ يُقدرُهُ اللهُ جلَّ وعلا على عبادِهِ متى شاءَ وكيفَ شاءَ.



ومَوقفُ الإسلامِ مِن الأمراضِ المعديةِ واضح، فيجِبُ علَى المريضِ أَن يسعَى جَاهداً للعلاجِ إنْ كانَ ذلكَ ممكناً، ويكونُ آثماً إذا ترَكَه، وعليهِ كذلكَ أن يبذُلُ كلَّ جُهدِهِ لعدمِ انتشارِ مَرضِهِ وتَعدِّيهِ إلى غيرِهِ، مِن خلالِ عدمِ الاختلاطِ، وعدمِ الخروجِ إلاّ للضرورةِ، وذلكَ لأنَّ إيذاءَهُ للآخرِ محرمٌ وإضرارَهُ بالآخرِ -بأيِّ طريقٍ كانَ- ممنوعٌ شَرعاً.



وأمَّا غيرُ المريضِ فيجبُ عليه أيضاً ألاَّ يقترِبَ مِنَ المريضِ المصابِ بمرضٍ مُعدٍ، ولكن بلطفٍ ولَباقةٍ دونَ إيذاءٍ لمشاعرِهِ.



بل نَصَّ الفقهاءُ على أنه لا ينبغي لمن بهِ مرضٌ مُعدٍ أنْ يُصليَ مع جماعةِ المسلمينَ وأنَّ مِنَ الأعذارِ التي تُبيحُ التخلفَ عن صلاةِ الجماعةِ كلُّ مَرضٍ يمنعُ صَاحبَهُ مِنَ التمكُّنِ مِن حضورِهَا أو يتسببُ بتنفيرِ الآخرينَ مِنَ المصلينَ منهُ، وغيرُها مِنَ الأمراضِ القابلةِ للنقلِ للآخرينَ.


ولقدْ جاءتِ السّنةُ النبويةُ الطاهرةُ بأحاديثَ هي بمثابةِ الإعجازِ في زمنٍ لم يكُنِ الطبُّ ولا علماءُ الغربِ يُدركونَ أبسطَ المعاني فيما يتعلقُ بمعنَى العدوَى ولم يكن عِندهُم أدنَى المعلوماتِ عن الأمراضِ المُعديةِ، ولم يَعرفْ مبدأَ العَزلِ الصحيِّ ومبدأَ الحَجرِ الصحيِّ إلاَّ في السنواتِ الماضيةِ، نعَم لقد وَضعَ الإسلامُ قواعدَ الحجرِ الصحيِّ من نحوِ ألفٍ وأَربعمائةِ سَنَة.



قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ -أي الطاعونَ- رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ أَوْ بَقِيَّةُ عَذَابٍ عُذِّبَ بِهِ أُنَاسٌ مِنْ قَبْلِكُمْ، فَإِذَا كَانَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا وَإِذَا بَلَغَكُمْ أَنَّهُ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا" أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ.



وقال صلى الله عليه وسلم: "الطَّاعُونُ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ، الْمُقِيمُ بِهَا كَالشَّهِيدِ، وَالْفَارُّ مِنْهَا كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ" أخرجهُ أحمدُ بإسنادٍ جيدٍ. وقال صلى الله عليه وسلم:"لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ" أخرجه الشيخانِ.



ويَأمرُ الرسولُ صلى اللهُ عليه وسلم الأصحاءَ بعدمِ مخالطةِ المرضَى بمرضٍ مُعدٍ؛ فإنَّه لما وَفَدَ وَفْدُ ثَقيفٍ كان مِن ضِمنِهم رجلٌ مجذوم فأرسلَ اليه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ" رواه مسلمٌ.



أرأيتُم -أيها السادةُ- عَظمةَ هذا النبيِّ الكريمِ؟ وصدقَ اللهُ العظيمُ: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4].



وثَمةَ أمرٌ يَتميَّزُ به المسلمُ عن غَيرِه في هذا الأمرِ ألاَ وهوَ أنه مأمورٌ شَرعاً بالالتزامِ بالحَجرِ الصحيِّ فإنَّ الإسلامَ جعلَ مِنَ المسلمِ مُحاسِباً ورقيباً على نفسِه، وأرادَ منه أن يتَّبِعَ الأَمرَ ولا يَعصِي. ومنحَ الإسلامُ ثوابَ ذلك لمنِ التزمَ بالحَجرِ الصِّحيِّ ثوابَ الشّهادةِ إنْ ماتَ متُمسِّكاً بتعاليمِ الإِسلامِ الصّحيةِ، وجعلَ عقوبةَ المتُهرِّبِ منها كعقوبةِ الفارِّ مِنَ الزحفِ، كما في الحديث السابق: "الْمُقِيمُ بِهَا كَالشَّهِيدِ، وَالْفَارُّ مِنْهَا كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ". والطاعونُ اسمٌ لكُلِّ وَباءٍ عامٍّ يَنتَشِرُ بِسُرعةٍ.



أ وعلى المسلمِ أَنْ يأخذَ بأسبابِ الوقايةِ مِنَ الأمراضِ، خصوصاً إذا كَثُرتْ وانتشرتْ, ومِن ذلكَ قولُه صلى اللهُ عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَيَضُرُّهُ شَيْءٌ" رواه ابنُ ماجه بإسنادٍ صحيح.



وقال صلى اللهُ عليه وسلم: "مَنِ اصْطَبَحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلاَ سِحْرٌ" رواه البخاريُّ.



وقوله صلى اللهُ عليه وسلم: "اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ" رواهُ أبو داودَ، وحسنه الألبانيُّ. وقال صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الْأَسْقَامِ" رواه الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ وصححه الألبانيُّ.



وإذا قدَّر اللهُ تعالى له المرضَ فعليهِ بطلبِ التّداوِي، والأخذِ بأسبابِ الاستشفاءِ، التي بيَّنَها أهلُ الطبِّ في مجالِهِم، وهذا مِن حُسنِ التّوكّلِ على اللهِ سبحانه وتعالى.



ومما ينبغي التأكيدُ عليه أنه يجبُ على كلِّ مسلمٍ أن يتجنَّبَ نَشرَ ما يُسبِّبُ الخوفَ والهلَعَ لإخوانِه المسلمينَ تجاهَ هذا المرضِ، وأن يحذرَ مِنَ الشائعاتِ التي تُطلَقُ وتروَّجُ للتهويلِ مِن خطورتِهِ, فقد قال صلى الله عليه وسلم: "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ" رواه مسلمٌ.



قال تعالى ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 22، 23].


فَيروسٌ يُصيبُ المرءَ لا يُرى بالعينِ المجردةِ صارَ مصدراً للقلق؛ فَلْنتعلَّمْ من هذهِ المَواقفِ مدى ضَعفنَا وضَعف عِلمِنَا وعَجز أَجهزتِنَا، فمَهمَا أُوتِينا مِن تَقدُّمٍ في الطبِّ ودِقةٍ في الفحصِ وسرعةٍ في الكشفِ تأتي مثلُ هذِه الأوبئةِ


لتذكرنا بقوله تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]


وقوله: ﴿ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾


[الفتح: 7] ولِتُعلِّمَنَا: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ﴾ [المدثر: 31].

سألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يحفظَ أبناءَنَا وزوجاتِنا وبنَاتَنَا، وأن يحفظَ بُيوتَنَا, وأن يحفظَ مُجتمعَنَا ومجتمعاتِ المسلمينَ من كلِّ وباءٍ وبلاءٍ ومَرضٍ وسَقَمٍ.



وأنْ يحييَنَا في صحةٍ وعافيةٍ، وأن يحفظنَا بحفظِه وصيانتِه، وأن يُعينَنَا على ذِكرِه وشُكرِهِ وحسنِ عبادتِه.

.



منقول بتصرف يسير
__________________






 
قديم 11-03-20, 06:24 PM   رقم المشاركة : 2
محمد السباعى
عضو ماسي






محمد السباعى غير متصل

محمد السباعى is on a distinguished road


جزاك الله خيرا







 
قديم 15-03-20, 06:13 PM   رقم المشاركة : 3
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


واياك

-------------------------------------

عشر وصايا للوقاية من الوباء
الحمدُ لله يُجِيبُ المُضْطَـرَّ إذا دعاهُ، ويُغِيثُ المَلهُوفَ إذا ناداهُ، ويَـكْشِفُ السُّوءَ، ويُـفَـرِّجُ الكُرُبات، لا تحيا القلوب إلا بذكره، ولا يقع أمر إلا بإذنه، ولا يُـتَخَلَّصُ مِنْ مَكْروهٍ إلا برحمتِهِ، ولا يُحْفَظُ شيءٌ إلا بكلاءَتِه، ولا يُدْرَكُ مأمولٌ إلا بتَـيْسِيرِهِ، ولا تُنالُ سَعَادَةٌ إلا بطاعتِهِ.
وأَشْهَدُ أن لا إله إلا الله، وَحْدَهُ لا شريكَ له، رَبُّ العالمين، وإِلـهُ الأوَّلين والآخرين، وقَـيُّومُ السَّماوات والأَرضين.
وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، المَبْعوثُ بالكتابِ الـمُـبـيـنِ، والصِّراطِ الـقَوِيم، صلَّى اللهُ وسَلَّمَ عليه، وعلى آله وصَحْبِه أجمعين.
أما بعد:
فهذه وصايا نافعة أُذَكِّـرُ بها بمُناسَبَـةِ مَخاوِفِ الـنَّـاسِ فـي هـذه الأيام مِـنَ الـوَباءِ الـمُسَمَّى: (كورونا).
نسألُ الله عز وجل أن يـرفعَ عنَّا وعن المسلمين أينَما كانوا كُلَّ ضرٍّ وبلاء، وأن يكشِفَ عنَّا الشِّدَّةَ واللَّأْواءِ، وأن يحفظنا أجمعين بما يَحْفَظُ به عبادَه الصالحين، إنَّه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

1- ما يُـقال قبل نزول البلاء
عن عثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «مَنْ قالَ: «بِسْمِ اللَّهِ الذي لا يَـضُرُّ مع اسْمِهِ شَيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وهُوَ السَّميعُ العَليمُ» ثلاثَ مَرَّاتٍ لمْ تُصِبْـهُ فَجْأَةُ بلاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ، ومَنْ قالها حِينَ يُصْبِحُ ثلاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبـهُ فَجْأَةُ بلاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ». [رواه أبو داود وغيره].

2- الإكْثار من قولِ: «لاإله إلا أنت سُبحانكَ إنِّي كُنتُ من الظالمين».
قال الله عز وجل: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء:88]
قال الحافظ ابنُ كثير رحمه الله في «تفسيره» عند قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}: «أي: إذا كانـوا في الشدائِـدِ ودعونا مُنِـيـبـيـن إلينا، ولا سيَّما إذا دَعَوا بهذا الدعاءِ في حالِ البلاء».
ثمَّ أوردَ حديثًا عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «دعوةُ ذي النُّون إِذْ دَعا بها وهو في بَطْنِ الحُوتِ: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمينَ»، لَم يَـدْعُ بها رجلٌ في شيءٍ قطُّ إلا استجابَ اللهُ له». [أخرجه الإمام أحمد والترمذي].
قـال العلامةُ ابنُ القيِّم رحمه الله في «الفوائد»: «فما دُفِـعَتْ شدائِد الدُّنيا بِمثل التَّوْحِيد، ولذلك كان دُعاء الكَرْبِ بِالتَّوحِيـدِ، ودعوةُ ذِي النُّون التي ما دعا بها مَكْرُوب إِلَّا فَـرَّج الله كَرْبَهُ بِالتَّوْحِيدِ.
فلا يُلْـقِي في الكُـرَبِ العِظام إِلَّا الشِّرك، ولا يُنْجي مِنها إِلَّا التَّوْحِيد، فَهُوَ مَفْـزَعُ الخَلِيقةِ ومَلْجَؤُها وحِصْنُها وغِياثُها، وباللَّهِ التَّوْفِيق».

3- التَّعوذُ مِن جَهْدِ البلاءِ
عن أبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه: «كان رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَـتَـعَـوَّذُ مِنْ جَهْدِ البلاءِ، ودَرَكِ الشَّقاءِ، وَسُوءِ القضاءِ، وشَماتَةِ الأَعدَاءِ».
وعن أبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الـبَـلاءِ، ودَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وشَماتَـةِ الأعداءِ» [رواهما البخاري].

4- المُحافظةُ على دُعاءِ الخُروج من المَنزل
عن أَنسِ بنِ مالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَـيْـتِـهِ فقالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، تَـوكَّلْتُ على اللَّهِ، لا حوْلَ ولا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ» -قـال:- يُـقـالُ حِـيـنَــئِـذٍ: هُدِيتَ، وَكُـفِيتَ، وَوُقِيتَ، فتَـتَـنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِـينُ، فَـيقُولُ لَهُ شيـطانٌ آخَـرُ: كيفَ لك بِرَجُلٍ قَـدْ هُـدِيَ وكُـفِـيَ ووُقِـيَ؟». [رواه أبو داود].

5- سُؤالُ الله العَافيةَ عِند الصَّباحِ والمسَاء
عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: «لَمْ يَـكُنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هَؤُلاءِ الدَّعواتِ حِينَ يُصْبِحُ وحِين يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ العافِيَـةَ فـي الدُّنيا والآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ العَفْوَ والعافِيَـةَ فـي دِيني ودُنْـيايَ وأَهْلِي ومالِي، اللَّهُمَّ اسْتُـرْ عَوْراتِي، وآمِنْ رَوْعاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِـي مِنْ بَـيْنِ يَدَيَّ، ومِنْ خَلْفِي، وعَنْ يَمِيـنِـي، وعَنْ شِمالِي، ومِنْ فَوْقِي، وأَعُوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَنْ أُغْتالَ مِنْ تَحْتِـي». [رواه أحمد وغيره].

6- كَـثْـرَةُ الـدُّعَـاءِ
عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فُـتِـحَ له مِنـكُمْ بابُ الدُّعاءِ فُـتِحَتْ لـه أَبـوابُ الرَّحْمَةِ، وما سُئِـلَ اللَّهُ شَيْـئًا - يعني: أَحَبَّ إِليـهِ - مِن أَنْ يُسْأَلَ العافِـيَـةَ».
وقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الدُّعاءَ يَـنْـفَعُ مِمَّا نَـزَلَ ومِمَّا لمْ يَنْزِلْ، فَـعَـلَـيكُم عِبادَ اللهِ بالدُّعاءِ». [رواه الترمذي وغيره].

7- توقِّي المَواضِعَ التي فيها الوَباء
عن عبد الله بن عامر رضي الله عنهما: «أنَّ عُمَرَ رضي الله عنه خَرجَ إلى الشامِ، فلمَّا كان بِسَرْغَ بَـلَغَهُ أنَّ الوباءَ قد وَقَعَ بالشامِ، فأخبـرَهُ عبدُ الرحمن ابن عَوف: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذا سَمِعْـتُم به بأَرْضٍ فلا تَـقْدَمُوا عليه، وإذا وَقَعَ بأَرضٍ وأنتُم بها، فلا تَخْرُجوا فِـرارًا منه».
وعن أبي هريرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يُـورِدُ المُمْرِضُ على المُـصِحِّ». [رواهما البخاري ومسلم].

8- صَنائعُ المَعروف وبذلُ الإحْسانِ
عَنْ أَنسِ رضي الله عنه قالَ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «صنائعُ المعرُوفِ تقي مَصارِعَ السُّوءِ، والآفاتِ، والهَلَكَاتِ، وأَهْلُ المعرُوفِ في الدُّنيا هُمْ أَهلُ المعرُوفِ في الآخِرَةِ». [رواه الحاكم].
قال ابنُ القَـيِّم رحمه الله: «ومِنْ أَعْظَمِ عِلاجات المرضِ: فِعْلُ الخيرِ والإِحسان، والذِّكْـرُ، والدُّعاءُ، والتَّـضَرُّعُ، والابتهالُ إلى الله، والتَّوبةُ، ولهذه الأمور تأثيرٌ في دَفْعِ العِلَل، وحُصُولِ الشِّفاءِ؛ أعظمُ مِنَ الأدوية الطَّبِيعِيَّـةِ، ولكن بحَسَبِ استعدادِ النَّـفْس، وقَـبُولِها، وعَقِيدتها في ذلك ونفعِه» [زاد المعاد].

9- قِـيَـاُم اللَّـيْـلِ
عن بِلالٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «عليكُمْ بِقيامِ اللَّـيْـلِ؛ فإِنَّـهُ دَأبُ الصَّالِحينَ قَبلكُم، وإِنَّ قِيامَ اللَّيلِ قُربَـةٌ إلى اللهِ، ومَنْهاةٌ عنِ الإِثْمِ، وتكفِيرٌ للسَّيِّـئاتِ، ومَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عنِ الجَسَدِ». [رواه الترمذي وغيره].

10- تغطيةُ الإِناء وإِيكاءُ السِّقاء
عن جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَـقُولُ: «غَطُّوا الإِناءَ، وأَوكُـوا السِّقاءَ، فإِنَّ في السَّنَـةِ لَـيْـلَـةً يَـنْزِلُ فيها وبـاءٌ؛ لا يَـمُـرُّ بـإِناءٍ ليسَ عليـهِ غِطاءٌ، أو سِقـاءٍ ليس عليه وِكاءٌ إِلا نَـزَلَ فيه مِنْ ذلك الوَباءِ». [رواه مسلم].
قال ابن القيم رحمه الله: «وهذا مِمَّا لا تَنالُـهُ علومُ الأَطِبَّاء ومعارِفُهُم». [زاد المعاد].
وخِتامًا فإنَّ على كُلِّ مسلمٍ أن يُفَوِّضَ أُمورهَ إلى الله عز وجل ، راجِيًا فضْلَه، وطامِعًا في نَوالِـهِ، ومتوكِّلًا عليه، فالأمورُ كلُّها بيدِه وطَوْعُ تدبيره وتَسْخِـيره.
وأن يجتهدَ في تلقِّي ما يَحِلُّ به من المصائبِ بالصَّبر والاحتِساب، فإنَّ الله عز وجل وَعَدَ مَنْ صَبَـرَ واحتَسَبَ بالثَّواب والأجر الجزيل، فقال عز وجل: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10].
وعن عائشةَ رضي الله عنها أنها سألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الطَّاعون، فقال: «إنَّه كان عذابًا يَـبْـعَـثُـهُ اللهُ على مَن يشاءُ، فجَعَلَهُ اللهُ رحمةً للمُؤمنينَ، فليس مِنْ عبدٍ يَـقَعُ الطاعون، فـيَمْكُثُ في بلدِه صابرًا، يَعْلَمُ أنَّه لن يصيبَهُ إلا ما كَـتَبَ اللهُ له، إلا كان له مِثْـلُ أَجْرِ الشَّهيدِ» [أخرجه البخاري].
وأسألُ اللهَ أن يوفِّـقَنا أجمعين لما يحبُّهُ ويرضاه من العمل الصالح، والقول الجميل، فإنه يقول الحق وهو يهدي السبيل.
والحمدُ لله وَحْدَه، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد وآله وصحبه وسلم .






 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:04 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "