مرجعهم جعفر السبحاني يتبنى رواية خطيرة تُحذِّر الشيعة من الإقدام على حفظ كتاب الله

[عبد الملك الشافعي]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فبينما كان مرجعهم الكبير ومحققهم جعفر السبحاني يتحدث عن مصحف علي رضي الله عنه ويتكلم عن مزاياه ووجه الخلاف بينه وبين مصحف المسلمين المنتشر في مشارق الأرض ومغاربها جاء بكوارث وطامات منها:

الطامة الأولى:تبنيه لرواية خطيرة تُنَفِّر الشيعة وتُحَذِّرهم من الإقدام على حفظ كتاب الله تعالى

بينما كان السبحاني يريد إثبات أن الخلاف بين مصحف علي رضي الله عنه ومصحف المسلمين هو فقط بترتيب السور مع تطابقهما بترتيب الآيات في كل سورة ، فاستشهد برواية خطيرة مفادها أن الإمام الثاني عشر الغائب سيخرج مصحف علي رضي الله عنه الذي أخفاه ويُعَلِّم الناس قراءته على ما أنزله الله تعالى ، مما سيوقع الحافظين له بترتيبه الحالي في مشقة عظيمة وصعوبة كبيرة !
فقال في كتابه ( موسوعة طبقات الفقهاء / المقدمة )( 1 / 56 ):[ وممّا يدل على أنّ الفرق بين مصحفه ( عليه السلام ) وسائر المصاحف كان منحصراً في كيفية ترتيب السور فقط ، ما رواه الشيخ المفيد عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) قال : " إذا قام قائم آل محمد ( عليه السلام ) ضرب فساطيط لمن يعلّم الناس القرآن ، على ما أنزل اللّه - جلّ جلاله - فأصعب ما يكون على مَنْ حفظه اليوم ، لأنّه يخالف فيه التأليف " ].
وكرر كلامه بنصه فقال في كتابه ( رسائل ومقالات )( 8 / 330 ):[ ومما يدل على أن الفرق بين مصحفه وسائر المصاحف كان منحصراً في كيفية ترتيب السور، ما رواه الشيخ المفيد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال:إذا قام قائم آل محمد، ضرب فساطيط لمن يُعلم الناس القرآن على ما أنزل الله جل جلاله، فأصعب ما يكون على مَنْ حفظه اليوم لأنه يخالف فيه التأليف"].

وهنا أوجه لكل شيعي صادق في محبته وإقباله على كتاب الله تعالى هذا السؤال:
أليست هذه الدعوى التي سطَّرتها تلك الرواية والتي تبناها مرجعكم جعفر السبحاني ستجعلك تنفر بعيداً عن حفظ كتاب الله تعالى كي تتجنب الوقوع في المشقة العظيمة عند خروج المهدي ؟!
فلا شك أنها تريد لك أن تبقى بمنأى عن القرآن وحفظه ، لأنك بالإقدام على حفظه ستجلب لنفسك مشقة عظيمة عند خروج المهدي ، كما عبَّرت عنه الرواية : " فأصعب ما يكون على مَنْ حفظه اليوم ".

الطامة الثانية:الدليل الذي جاء به لا يثبت دعواه بل يخالفها ويبطلها

أقول يحق لقارئ الموضوع الاستغراب من وقوع مرجعٍ كبير وعالم محقق بهذا التخبط ، فيستدل برواية لا تثبت دعواه بل ربما تنقضها وتبطلها !!!
هذا ما فعله مرجعهم الكبير جعفر السبحاني في معرض استدلاله على تحديد نوع الاختلاف بين مصحف علي رضي الله عنه والمصحف الموجود ، حيث قال أن الخلاف بينهما هو فقط في ترتيب السور وأما ترتيب الآيات داخل السور فهو متطابق في المصحفين ، فقال في كتابه ( موسوعة طبقات الفقهاء / المقدمة )( 1 / 56 ):[ وممّا يدل على أنّ الفرق بين مصحفه ( عليه السلام ) وسائر المصاحف كان منحصراً في كيفية ترتيب السور فقط ، ما رواه الشيخ المفيد عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) قال : " إذا قام قائم آل محمد ( عليه السلام ) ضرب فساطيط لمن يعلّم الناس القرآن ، على ما أنزل اللّه - جلّ جلاله - فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم ، لأنّه يخالف فيه التأليف " ].
وكرر كلامه بنصه فقال في كتابه ( رسائل ومقالات )( 8 / 330 ):[ ومما يدل على أن الفرق بين مصحفه وسائر المصاحف كان منحصراً في كيفية ترتيب السور، ما رواه الشيخ المفيد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال:إذا قام قائم آل محمد، ضرب فساطيط لمن يُعلم الناس القرآن على ما أنزل الله جل جلاله، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم لأنه يخالف فيه التأليف"].
والذي يهمنا في كلامه هو الرواية التي استشهد بها على أن المهدي سيخرج مصحف علي رضي الله عنه ويُعَلِّم الناس قراءته كما أنزل الله تعالى ، حيث ستكون الصعوبة الكبيرة والمشقة العظيمة على مَنْ يحفظه اليوم وفق الترتيب المتداول بأيدي المسلمين لأن مصحف المهدي يخالفه في التأليف ..
ولو رجعنا للرواية ودققنا في علة الصعوبة التي سيقع فيها من يحفظ القرآن على ترتيبه الموجود بين أظهرنا وهي الخلاف بين المصحفين في الترتيب ، سيجزم بأن الخلاف بين ترتيب المصحفين لن يكون مقتصراً على ترتيب السور فقط كما زعم السبحاني ، لأن هذا الأمر-الاختلاف في ترتيب السور- لن يوقع حافظه اليوم بمشقة كبيرة كما عبَّرت عنها الرواية -بصيغة أصعب وليس صعب - بل إنَّ الذي سيوقع الحافظ في مشقة كبيرة هو الاختلاف في ترتيب آيات كل سورة ، وأما تغيير ترتيب السور فقط مع بقاء سياق الآيات كما هو في كل سورة فلن يوقعه في صعوبة فضلاً أن تكون الأصعب !
فمن يحفظ سورة البقرة بترتيب آياتها الحالي وسورة آل عمران ، لن تواجهه صعوبة عظيمة إذا وضعت البقرة بعد آل عمران في الترتيب ما دامت تلك السور محتفظة بنفس ترتيب آياتها ..
فالرواية التي جاء بها تدل على أن الاختلاف بين المصحفين سيكون في ترتيب آيات السور لأنه هو الذي سيوقع مَنْ يحفظه اليوم بترتيبه الحالي في مشقة عظيمة ، والذي يؤكد هذا المعنى الظاهر من الرواية ما قاله علامتهم ومحققهم محمد هادي معرفة في كتابه ( صيانة القرآن من التحريف )( ص 269-271 ):[ فقد علل الإمام الباقر عليه السلام وجه الصعوبة هي المخالفة في التأليف ، أي النظم القائم بين سوره وآياته .. على أن نفس الاختلاف في نظم الكلام ، يكفي لوحده سبباً لصعوبة التلاوة ، ولصعوبة فهم المراد من الكلام ، لأن قوام المعنى بذاته رهن النظم القائم بين أجزاء الكلام ، فلو غُيِّرَ ، غُيِّرَ المعنى لا محالة ].

فأقول للسبحاني:
إنَّ الشاهد الذي جئت به لإثبات دعواك -بكون الاختلاف بين المصحفين في ترتيب السور فقط- غير صحيح ، بل هو يبطلها وينقضها ؛ إذ فيه دلالة على أن الاختلاف بين المصحفين سيكون في ترتيب الآيات في كل سورة ..
فلا أدري كيف وصل جعفر السبحاني لدرجة المرجعية والاجتهاد في المذهب وهو يستدل بدليل مخالف لدعواه التي أراد إثباتها ؟!!!