الْحَمْدُ لله وَلِي الْحَمْدُ وَأُهِلُّهُ نَحْمَدُهُ بِأَرْضَيْ الْحَمْدِ لَهُ وَأَزْكَاهُ لَدَيهُ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَرْضِيهِ، نَشْكُرُهُ وَلَا نَكْفِرُهُ وَنَتْرُكُ وَنَخْلَعُ مِنْ يَفْجُرُهُ.
وَنَشْهَدُ أَنْ لَا آله إلا اللَّه وَحِدَهُ لَا شَرِيكٌ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّد عَبْد اللَّه وَرَسُولِهِ صَفِيِّهِ مَنْ خَلَقَهُ وَحَبيبُهُ.
عَلَيهَا أُسِّسَتْ الْمِلَّةُ وَنُصِبَتْ الْقِبْلَةُ فَهِي أَسَاسَ الْفُرَّضُ وَالسَّنَةُ.
وَنَشْهَدُ أَنّكَ يا رَسُولِ اللَّهِ قَدْ أُدِّيَتْ الْأمَانَةُ وَنُصِحَتْ الْأُمَّةُ وَجَاهَدْتِ فِي اللَّهِ حُقِّ جهَادِهِ حَتَّى آتاك الْيَقِينَ وَتَرِكَتَنَا عَلَى الْبَيْضَاءِ لَا يُزَيِّغُ عَنهَا إلا هَالِكٌ.
فَأَحِينَا اللَّهُمَّ عَلَى سُنَّتُهُ وَأُمَّتُنَا عَلَى مِلَّتِهِ وَاُحْشُرْنَا فِي زَمِرَتِهِ وَأَوْرَدَنَا حَوْضُهُ وَاسِقُنَا مِنْ يَدِهِ الشَّرِيفَةِ شربةٌ لَا نَظْمَأُ بَعْدهَا أَبَدَا.
ஜ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬۩۞۩▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ஜ
يقول القاض/ عياض اليحصبي - رحمه الله:
لاخفاء عَلَى مَنْ مَارَسَ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ، أوْ خُصَّ بِأَدْنَى لَمْحَةٍ مِنَ الْفَهْمِ:
بِتَعْظِيمِ اللَّهِ قَدْرَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخُصُوصِهِ إيَّاهُ بِفَضَائِلَ وَمَحَاسِنَ وَمَنَاقِبَ لَا تَنْضَبِطُ لِزِمَامٍ: وَتَنويِهِهِ مِنْ عَظِيمِ قَدْرِهِ بِمَا تَكِلُّ عَنْهُ الْأَلْسِنَةُ وَالْأَقْلَامُ،
فَمِنْهَا:
مَا صَرَّحَ بِهِ تَعَالَى في كتاب: وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى جليل نِصَابِهِ، وَأَثْنَى بِهِ عَلَيْهِ مِنْ أَخْلَاقِهِ وَآَدَابِهِ، وَحَضَّ الْعِبَادَ عَلَى الْتِزَامِهِ وَتَقَلُّدِ إِيجَابِهِ: فَكَانَ جَلَّ جَلالُهُ هُوَ الَّذِي تَفَضَّلَ وَأَوْلَى.
ثُمَّ طَهَّرَ وَزَكَّى، ثُمَّ مَدَحَ بِذَلِكَ وَأَثْنَى، ثُمَّ أَثَابَ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى، فَلَهُ الفضل بدأ وَعَوْدًا، وَالْحَمْدُ أُولَى وأُخْرَى.
(الشفا بتعريف حقوق المصطفى - وحاشية الشمني (1/ 11).
ஜ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬۩۞۩▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ஜ
ولقد زكى الله تعالى نبينا صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، وأثنى سبحانه عليه ثناءاً لم يستحقه أحد من الخلق لا من قبله ولا من بعده صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته.
وجاءت آيات الذكر الحكيم في مدحه والثناء عليه، تكريماً من الحق سبحانه وتنويهاً بذكره.
فمن مظاهر تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته،
قوله تعالى:
۩ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) ۩ سورة الشرح.
عَنْ قَتَادَةَ:
«رفع الله تعالى ذِكْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَيْسَ خَطِيبٌ وَلَا مُتَشَهِّدٌ وَلَا صَاحِبُ صَلَاةٍ إِلَّا يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول الله»
(تفسير ابن أبي حاتم - محققا (10/ 3445).
وما أروع ما نظمه شاعر الرسول، سيدنا/ حسان بن ثابت – عليه السلام، في مدح الرسول صلي الله عليه وعلى أزواجه وذريته:
وضمَّ الإلهُ اسـمَ النبـــــــيّ إلى اسمـهِ
...........................................إذا قَالَ في الخَمْــسِ المُؤذِّنُ أشْهَـــــدُ
شَقَّ لَـهُ مِـنِ إِسمِـــــــــــــهِ كَي يُجِـلَّهُ
...........................................فَذو العَـــرشِ مَحمـــودٌ وَهَذا مُحَمَّـــدُ
وزكى الله عز وجل، هدايته صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته.
فقال جل شأنه:
۩ ...وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ۩ سورة الشورى: من الآية 52.
وزكاه الله عز وجل في "عقله"
فقال جل شأنه:
۩ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) ۩ سورة التكوير.
وزكاه الله عز وجل في "لسانه"
فقال جل شأنه:
۩ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) ۩ سورة النجم.
وزكاه الله عز وجل في "فؤاده"
فقال جل شأنه:
۩ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) ۩ سورة النجم.
وزكاه الله عز وجل في "بصره"
فقال جل شأنه:
۩ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) ۩ سورة النجم.
وزكى الله عز وجل وأثنى على جليسه ومعلمه الروح الأمين - عليه السلام،
فقال جل شأنه:
۩ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ۩ سورة النجم.
وزكاه الله عز وجل في "حلمه"
فقال جل شأنه:
۩ ... بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ۩ سورة التوبة: من الآية 128
وزكاه الله عز وجل "كله" وأكد ذلك الوصف مرتين في آية واحدة، فأكده بـ (إن)، وأكده بـ (اللام).
فقال جل شأنه:
۩ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) ۩ سورة القلم.
ولله در شاعر الرسول سيدنا/ حسان بن ثابت – عليه السلام، في وصفه لشخصية الرسول صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته.
وأَحسنُ منـكَ لم ترَ قطُّ عيني
................................وَأجْمَـلُ مِنْـــــكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ
خلقـتَ مبـــــرأً منْ كلّ عيبٍ
................................كأنكَ قدْ خلقــتَ كما تشـــــاءُ
ومن مظاهر تكريم الحق سبحانه لنبيه صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، النداء له في محكم التنزيل بالنبوة والرسالة
قال عز وجل:
۩ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) ۩ سورة الأحزاب.
ومن مظاهر تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ما أخذه من العهد على جميع الأنبياء من الإيمان به ونصرة دينه،
فقال تعالى:
۩ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) ۩ سورة آل عمران.
وَمِمَّا ذُكِرَ مِنْ خَصَائِصِهِ وَبِرِّ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَاطَبَ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ بِأَسْمَائِهمْ،
فَقَالَ:
يَا آدَمُ،- يَا نُوحُ،- يَا إِبْرَاهِيمُ،- يَا موسى،- يا داوود،- يَا عِيسَى،- يَا زَكَرِيَّا،- يَا يَحْيَى.
وَلَمْ يُخَاطِبْ هُوَ إِلَّا:
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ،- يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ،- يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ،- يَا أَيُّهَا المدثر.
(الشفا بتعريف حقوق المصطفى - وحاشية الشمني (1/ 31).
وقد أشار العلماء رحمهم الله إلى أن خصال الكمال والجلال إذا وقعت منها واحدة أو اثنتان لشخص ما عظم قدره، وضربت باسمه الأمثال،
فيقال:
أحلم من الأحنف،- أكرم من حاتم،- أوفى من آلسمؤال،- أذكى من إياس... إلخ..
فكيف بمن عظم قدره حتى اجتمعت فيه كل هذه الخصال؟.
يقول القاضي/ عياض اليحصبي – رحمه الله:
فَمَا ظَنُّكَ بِعَظِيمِ قَدْرِ مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ كُلُّ هَذِهِ الْخِصَالِ إِلَى مَا لَا يأخذه عدّ، وَلَا يُعَبِّرُ عَنْهُ مَقَالٌ، وَلَا يُنَالُ بِكَسْبٍ، وَلَا حِيلَةٍ، إِلَّا بِتَخْصِيصِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ،
مِنْ:
فضيلة النبوة، والخلة، والمحبة، والاصطفاء، وَالرُّؤْيَةِ، وَالْقُرْبِ، وَالدُّنُوِّ، وَالْوَحْيِ، وَالشَّفَاعَةِ، وَالْوَسِيلَةِ، وَالْفَضِيلَةِ، وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ، وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، وَالْبُرَاقِ، وَالْمِعْرَاجِ، وَالْبَعْثِ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، وَالصَّلَاةِ بِالْأَنْبِيَاءِ، وَالشَّهَادَةِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْأُمَمِ، وَسِيَادَةِ وَلَدِ آدَمَ، وَلِوَاءِ الْحَمْدِ، وَالْبِشَارَةِ، وَالنِّذَارَةِ، وَالْمَكَانَةِ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ، وَالطَّاعَةِ ثمّ «1» ، والأمانة، والهداية، ورحمة للعالمين، وإعطاء الرضى وَالسُّؤْلِ، وَالْكَوْثَرِ، وَسَمَاعِ الْقَوْلِ، وَإِتْمَامِ النِّعْمَةِ، وَالْعَفْوِ عما تقدم وتأخر، وشرح الصدر، ووضع الوزر، وَرَفْعِ الذِّكْرِ، وَعِزَّةِ النَّصْرِ، وَنُزُولِ السَّكِينَةِ، وَالتَّأْيِيدِ بِالْمَلَائِكَةِ، وَإِيتَاءِ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ، وَالسَّبْعِ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَتَزْكِيَةِ الْأُمَّةِ، وَالدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ، وَصَلَاةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاهُ اللَّهُ، وَوَضْعِ الْإِصْرِ وَالْأَغْلَالِ عَنْهُمْ، وَالْقَسَمِ بِاسْمِهِ، وَإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ، وَتَكْلِيمِ الْجَمَادَاتِ وَالْعُجْمِ، وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَإِسْمَاعِ الصُّمِّ، وَنَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، وَتَكْثِيرِ الْقَلِيلِ، وَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ، وَرَدِّ الشَّمْسِ، وَقَلْبِ الْأَعْيَانِ، وَالنَّصْرِ بِالرُّعْبِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى الْغَيْبِ، وَظِلِّ الْغَمَامِ، وَتَسْبِيحِ الْحَصَا، وَإِبْرَاءِ الْآلَامِ، وَالْعِصْمَةِ مِنَ النَّاسِ ...
- إِلَى مَا لَا يَحْوِيهِ مُحْتَفِلٌ *(2)، ولا يحيط بعلمه إلّا ما نحه ذَلِكَ، وَمُفَضِّلُهُ بِهِ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ.
- إِلَى مَا أَعَدَّ لَهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، مِنْ مَنَازِلِ الْكَرَامَةِ، وَدَرَجَاتِ الْقُدْسِ، وَمَرَاتِبِ السَّعَادَةِ، وَالْحُسْنَى، وَالزِّيَادَةِ الَّتِي تَقِفُ دُونَهَا الْعُقُولُ، وَيَحَارُ دُونَ إدراكها الوهم *(3) ..
*(1) ثم: بمعنى هناك.
*(2) محتفل: أي مهتم، بمعنى أن من اهتم بجميع هذه الصفات وأمثالها لا يمكنه الإحاطة بها.
*(3) الوهم: قوة يدرك بها الجزئيات المحققة وغيرها.
(الشفا بتعريف حقوق المصطفى - وحاشية الشمني (1/ 56).