.
.
( .. وأخذوا معرفة ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله خلق آدم على صورته" ، فكثير من العلماء ظن أن المعنى على صورته التي خلقه عليها، وليس المراد كذلك إذ لا يختص بذلك آدم بل كل شيء خلقه على صورته التي خلقه عليها ، ولكن المعنى أن الله خلق آدم دالاً على معرفة الله تعالى ، فإن لله تعالى ذات لا تعرف ، ومن صفة ذاته تعالى أنه سميع بصير متكلم مريد فاعل آمر ناهي في كونه ما شاء بغير حرف ،ولا يكون إلا ما أراد ، وعليه القريب والبعيد سواء ، وخلق الإنسان له ذات وهي العقل لا يعرفه إلا هو تعالى سميعاً بصيراً متكلماً مريداً فاعلاً آمراً ناهياً في كونه الذي جعله الله له ، وهو أعضاء شخصه الحال فيه بغير حرف ، ولا يكون إلا ما يريده وما أراده منه كان ، وعليه القريب والبعيد سواء ، ينظر صفات الله تعالى من شخصه الذي هو فيه ، ومن غيره من جميع مخلوقات ربه مما يعرفه، قال الله تعالى : " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي " .أي أمر رباني ، والمراد بالروح هنا [هي] العقل.
ولكن لا تشبه صفات الإنسان هذه صفات الله تعالى ، ولذلك لم يقل - صلى الله عليه وسلم - أن الله خلق آدم على صفاته ؛ لأن القول بذلك كفر ؛ لأنه يوجب التشبيه ، وإنما قال على صورته إذ المفهوم أن ليس لله صورة ، كما له صفات ، فأتى - صلى الله عليه وسلم - بما هو معروف أنه منزه عن ذلك .. ) . اهـ.
تنوير العقول لابن أبي نبهان (ص: 82 - 83)