موضوع منقول من موقع شيعي
للاطلاع والفائدة
من باحث شيعي يرد على كمال الحيدري
============
حركة تصحيحية لمنهج السيد كمال الحيدري
بسم الله الرحمن الرحيم
أطل علينا سماحة السيد كمال الحيدري في شهر رمضان في برنامجه المعروف (مطارحات في العقيدة) وطرح عدّة نظريات اعتبرها سماحته بمثابة حركة تصحيحية في المذهب الغرض منه تنقية التراث الروائي.
طبعا شُغفنا بهذا العنوان وسُحرنا بهذا البيان فتابعنا البرنامج رغبة في الفائدة وطمعا
إلا أنني فوجئت بأن سماحة السيد قد كال الإتهامات لعلماء الطائفة الواحد تلو الآخر, فبدأ بمراجع النجف وطلبتهم ووصل مؤخرا إلى الشيخ الطوسي ولايزال مستمرا!
الخطير في هذا أنه صرّح في أكثر من مورد أنّ موروثنا الديني فيه الكثير الكثير من الإسرائيليات الدخيلة من كتب العامّة لا سيما في كتب التفسير!
وقد مثّل لهذا الأمر برواية (نقلها الشيخ الطوسي رحمه الله عن تفسير الطبري ثم توهّم من بعده أنّها عن الإمام الباقر عليه السلام لتشابه الكنى, وجاء بتفسير مجمع البيان من باب المثال)
كلام السيد كمال الحيدري:
الجواب:
1. رواية الشيخ الطوسي رحمه الله ليست هي رواية الطبري فشيخ الطائفة روى الحديث عن أسامة بن زيد عن أبيه (زيد بن الحارثة) أمّا الطبري فأخرج أكثر من رواية واحدة عن عبد الله بن عباس وأخرى عن عكرمة وأخرى عن عبد الرحمن بن زيد وأخرى عن مقاتل ولا توجد أي رواية في كتابه عن أسامة بن زيد أو عن أبيه زيد بن الحارثة.
وكفى بهذا دليلا على اختلاف الرواية واسقاط الإشكال من أساسه
2. هذه الرواية التي اعتمدها الشيخ الطوسي رحمه الله من أسباب نزول الآية 107 من سورة المائدة موجودة في مصادرنا المعتبرة:
- نقلها الشيخ علي بن ابراهيم القمي في تفسيره 1/189: فإنها نزلت في ابن بندي ابن أبي مارية النصرانيين، وكان رجل يقال له تميم الدارمي مسلم خرج معهما في سفر، وكان مع تميم خرج ومتاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة أخرجها إلى بعض أسواق العرب ليبيعها، فلما مروا بالمدينة اعتل تميم فلما حضره الموت...
- نقلها ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني باختلاف يسير في الكافي 7/5: خرج تميم الداري وابن بيدي وابن أبي مارية في سفر وكان تميم الداري مسلما وابن بيدي وابن أبي مارية نصرانيين وكان مع تميم الداري خرج له فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة أخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع فاعتل تميم الداري علة شديدة فلما حضره الموت...
- ونقلها ابن أبي زينب النعماني في رسالته التفسيرية التي نقلها العلامة المجلسي في البحار 90/75: ومثله حديث تميم الداري مع ابن مندي وابن أبي مارية وما كان من خبرهم في السفر، وكانا رجلين نصرانيين وتميم الداري رجل من رؤوس المسلمين خرجوا في سفر لهم، وكان مع تميم الداري خرج له فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب، وقلادة من ذهب أخرج معه ليبيعه في بعض أسواق العرب، فلما فصلوا عن المدينة اعتل تميم علة شديدة فلما حضرته الوفاة...
فهل يلتزم سماحة السيد أنّ كل هؤلاء ينقلون من تفسير الطبري وينسبونه للأئمة عليهم السلام؟؟
3. من المعلوم أنّ كثيرا من الأصول كانت موجودة في عصر شيخ الطائفة الطوسي وفي عصر أمين الإسلام الطبرسي بل لكنّها فقدت ولم تصل لأيدينا ومن باب الشاهد نذكر كلام المحقق الحلّي رحمه الله في المعتبر1/33: لما كان فقهائنا رضوان الله عليهم في الكثرة إلى حد يتعسر ضبط عددهم ويتعذر حصر أقوالهم لاتساعها وانتشارها، وكثرة ما صنفوه، وكانت مع ذلك منحصرة في أقوال جماعة من فضلاء المتأخرين اجتزأت بإيراد كلام من اشتهر فضله، وعرف تقدمه في نقل الأخبار وصحة الاختيار وجودة الاعتبار، واقتصرت من كتب هؤلاء الأفاضل على ما بأن فيه اجتهادهم، وعرف به اهتمامهم، وعليه اعتمادهم، فممن اخترت نقله الحسن بن محبوب، ومحمد بن أبي نصر البزنطي، والحسين بن سعيد، والفضل بن شاذان، ويونس بن عبد الرحمن...
من هنا نعلم أنّ هذه الأصول كانت موجودة ومشهورة إلى حدود القرن السابع ثمّ فقدت من بعد ذلك.
فلماذا لم يحسن سماحة السيد الظنّ بالشيخ الطوسي والطبرسي ويحتمل أنّ الرواية أخذت من الأصول القديمة التي لم تصل لنا؟
خصوصا مع وجودها في مصادر أخرى معتبرة؟!!
4. النقطة الأهم هي: ما علاقة هذه الرواية بالإسرائيليات؟ غاية ما في الرواية هي أنه يجوز أن يشهد غير المسلم على الوصية وهذا الأمر موافق للقرآن الكريم..
فعلى مبنى السيد الحيدري, الرواية معتبرة ولا ينظر في إسنادها ولا في مصدرها لأنها موافقة لكتاب الله.
والعجيب أن السيد ذكر بعض الذين يروجون الاسرائيليات في كتب العامة كعبد الله بن سلام ووهب بن منبه وكعب الأحبار وغيرهم, وكل هؤلاء ليسوا من رواة هذه الرواية ولا علاقة لهم بها!
فالدليل الذي ساقه هو أجنبي عن مدّعاه..
5. لو سلّمنا جدلا بوجود روايات (اسرائيلية) في كتبنا, فإنّ هذا لا يستدعي جعل علماء الشيعة والمخالفين في خندق واحد, لأنّ الإشكال الأساسي على المخالفين هو أنّهم صحّحوا الاسرائيليات واعتمدوها وجعلوها دينا لهم؛ أمّا علماؤنا الأعلام فإنّهم وقفوا سدّا منيعا أمام هذه الروايات ولهذا نجد أنّ حوزاتنا العلمية تهتم بعلم الرجال والدّراية والحديث.
أنا أعتب على سماحة السيد الحيدري تسرّعه بالحكم على علمائنا الأعلام الذين بذلوا الغالي والنفيس لحفظ تراثنا من الضياع بأنهم ينقلون الإسرائيليات.
علما أنّي اتصلت بسماحة السيد لأوضح له الاشتباه الذي وقع فيه إلّا أني فوجئت بعدم احاطته بالموضوع والعجيب أنه نسب الرواية لأبي هريرة وذكر أنّ مصدرها صحيح البخاري!
والحال أنّه لا وجود لهذه الرواية في هذا الكتاب ولم يروها هذا الرجل البتّة, وهذا ما أكد لي أنّ سماحة المحقق السيد كمال هو مجرّد ناقل لا أكثر, ومن باب قطع الشك باليقين بحثت عن الذين تعرضوا لهذه النقطة فصدمت:
وجدت أنّ السيد المحقق الحيدري نقل حرفيا ما ذكره المدعو (أحمد القبنجي) الذي ينكر الجنة والنار والقرآن والنبوة والإمامة ولم يبق له شيء للإلحاد؟
وقد نقل السيد كمال حرفيا ما ذكره هذا الرجل في كتابه (تهذيب أحاديث الشيعة) المطبوع سنة 2009 والذي جعل فصلا كاملا ص275 أسماه: أحاديث موهومة في تفسير مجمع البيان؛ وجعل أول بابا فيه باسم (أبو جعفر في تفسير مجمع البيان).
وفي صفحة 278: ساق المورد الأول فقال: ورد في تفسير الطبري في شأن نزول الآيتين 106/107 من سورة المائدة بعدة الطرق مع بعض الاختلاف في العبارة ما خلاصته, أنّ ثلاثة نفر خرجوا من المدينة تجارا إلى الشام...
إلى أن يقول: عندها أورد الشيخ الطوسي في التبيان المجلد الرابع بعضا مما ذكره الطبري...
إلى أن يقول: فيما أنّ الطبرسي قد تصوّر أنّ المقصود من أبي جعفر الوارد في كلام الشيخ الطوسي هو الإمام محمد الباقر عليه السلام فنراه أورد في كلامه...
فمن هنا نعلم أنّ السيد كمال هو مجرّد ناقل لكلام المدعو أحمد القبنجي وليس الأمر بحثا علميا أو تحقيقيا كما صرّح أكثر من مرّة.
نأمل من السيد كمال أن يقوم بحركة تصحيحية في منهجه باجتناب النقل العشوائي عن كلّ من هبّ ودبّ ليكون عمله تحقيقا بأتمّ
معنى الكلمة.
===================
حركة تصحيحية لمنهج السيد كمال الحيدري! (2)
بسم الله الرحمن الرحيم
من جملة الأمور التي طرحها سماحة السيد كمال الحيدري في هذا الشهر المبارك وبالخصوص في أيام شهادة أمير المؤمنين وسيد الموحدين عليه السلام, هو التشكيك في كتاب سليم بن قيس الهلالي والتشنيع على من ينقل من هذا الكتاب.
كلام السيد الحيدري:
الجواب:
1. مقتضى الإنصاف أن ينقل السيد كل الآراء الواردة بخصوص هذا الكتاب فكما نقل تشكيك الشيخ المفيد رحمه الله الوارد في (تصحيح الاعتقادات), كان حريّا به أن ينقل على سبيل المثال كلام ابن أبي زينب النعماني رحمه الله المتقدم عن المفيد والذي نقل أنّ علماء الطائفة قد أجمعوا على العمل بما في هذا الكتاب.
قال في كتاب الغيبة 103: وليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة عليهم السلام خلاف في أنّ كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم ومن حملة حديث أهل البيت عليهم السلام وأقدمها، لأن جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وسمع منهما، وهو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها ويعول عليها.
فهل سماحة السيد المحقق هو مقلّد للشيخ المفيد؟
2. كرّر السيد كمال أكثر من مرّة عبارة (العرش ثم النقش) ويريد منها أنّه من أراد الاعتماد على كتاب سليم فليثبت اعتباره أولا, ونفس هذه القاعدة نطبّقها على سماحة السيد ونقول له: أثبت صحّة نسبة كتاب تصحيح الاعتقادات للشيخ المفيد رحمه الله الذي شكك في ثبوته للمفيد جملة من المحققين استنادا على عدم ذكر الشيخين النجاشي والطوسي له, وعدم نقل المتقدمين عنه, وغيرها من القرائن...
فطبقا لمنهج السيد المحقق, عليه أولا أن يتحفنا ببحث رجالي يثبت فيه صحّة نسبة الكتاب إلى الشيخ المفيد رحمه الله.
3. لو سلّمنا بنسبة الكلام للشيخ المفيد رحمه الله, فإنّه لا يعدو كونه كلاما لأحد علماء الطائفة وهو محلّ قبول أو رفض بحسب نظر العالم أو المحقّق, فكلامه ليس قرآنا يتلى ولا حديثا يروى بل هو رأي شخصي, والحوزة قائمة على مناقشة هذه الآراء.
والعجيب ممن يدّعي أنه يقوم بحركة تصحيحية للفكر الشيعي الذي انحرف بحسب تعبيره منذ ألف عام كيف يكون مقلّدا بهذه الصورة بحيث يتشبّث بكلام مطعون في نسبته بل وحتّى في دلالته.
4. ان كان سماحة السيد كمال يريد طرح موضوع كتاب سليم فليكتب فيه بحثا وليطرحه لأهل التخصص ليقيّموه كما صنع ذلك علماؤنا المحققون:
- فمن الماضين بحث زعيم الحوزة العلمية بلا منازع السيد أبو القاسم الخوئي رحمه الله في كتابه معجم رجال الحديث 9/226 اعتبار هذا الكتاب عند تعرضه لترجمة سليم بن قيس وردّ دعوى الوضع والدسّ فيه.
- وكتب من المعاصرين آية الله الشيخ مسلم الداوري بحثا كاملا حول كتاب سليم ضمن كتابه أصول علم الرجال 485
- بل إنّ نفس الكتاب الذي نقل منه المحقق الحيدري وهو كتاب سليم بن قيس بتحقيق الشيخ محمد باقر الزنجاني اشتمل على بحث طويل قام به المحقق, بل ذكر في مقدّمة تحقيقه 1/16 أنّ هذا البحث اخذ من عمره المبارك 12 سنة!
وسماحة المحقق الحيدري يريد أن ينسف هذا الجهد في ساعة على قناة فضائية!
لماذا لا يتكرّم علينا السيد كمال ببحث حول كتاب سليم لنقارنه مع البحوث والدراسات الموجودة أم أنّ القضية هي مجرّد عملية هدم لما شيّده الغير؟
5. الغريب هو ادعاء سماحة السيد أن تفاصيل مصيبة الزهراء مما انفرد بروايتها سليم بن قيس رضوان الله عليه, طبعا لا ندري إلى ما يرمي السيد وماذا يريد من هذا الكلام, ولا نريد الدخول في النيّات, وسنكتفي بردّ هذه الدعوى:
لا أريد أن أقول (أتحدى) لأن الكلمة تكون مع الخصوم والأعداء ولا أرى في السيد خصما لي, لكني أطلب من السيد أن يأتينا بتفصيل واحد من تفاصيل الهجوم على دار الزهراء عليها السلام انفرد بروايته سليم بن قيس وسنكشف له أنّ كل التفاصيل المذكورة في هذا الكتاب مبثوثة في كتبنا المعتبرة التي عليها المعتمد.
6. بحسب تتبعي القاصر اكتشفت أمرا ربّما يخفى على كثير من النّاس وهو أنّ كل من أراد أن يضرب في المذهب يبدأ بالتشكيك في كتاب سليم بن قيس, وعلى سبيل المثال:
- عبد الرسول لاري المعروف باسم (أحمد الكاتب): عندما أراد ضرب العقيدة المهدوية عند الشيعة وبالخصوص النصوص الدالّة على ولادة صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه بدأ بالطعن في كتاب سليم ونقل كلام المفيد كما في كتابه (الإمام المهدي حقيقة تاريخية أو فرضية فلسفية) حيث ذكر أنّ أول كتاب ذكر انحصار الأئمة في اثني عشر إماما هو كتاب سليم, ثم شرع في تضعيفه تحت عنوان (المفيد يضعف كتاب سليم) في الصفحة 131 من الكتاب المذكور.
- أحمد القبنجي الذي بقيت له خطوة واحدة عن الإلحاد: عندما أراد الطعن في روايات المثالب الواردة في ذمّ أعداء آل محمد عليهم السلام بدأ في الطعن في كتاب سليم بن قيس كما في كتابه (تهذيب أحاديث الشيعة) في حاشية صفحة 362.
- حسين الموسوي (الوهمي): تعرّض في كتابه المسمى (لله ثم للتاريخ) حيث تعرّض لكتاب سليم بن قيس حين طرحه لموضوع تحريف القرآن صفحة 57 وزعم أنّ الكتاب قد غُيّر وبُدّل.
ولولا خشيتنا الاطالة واصابة القارىء بالملالة لذكرنا آخرين من الذين عرفوا بانحرافهم عن المذهب الحقّ.
أسأل الله أن يبعد سماحة السيد كمال عن النقل العشوائي اللامسؤول وأن يوفقه للبحث والتحقيق العلمي.
احمد السلمان
=======================
حركة تصحيحية لمنهج السيد كمال الحيدري! (3)
بسم الله الرحمن الرحيم
أول ما نبدأ به في هذا المقال البسيط هو شكر سماحة السيد كمال على تجاوبه معنا وعرضه للآراء الأخرى التي تبنّاها علماء الطائفة حول كتاب سليم بن قيس الهلالي رضوان الله تعالى عليه, ونأمل أن يكون هذا التفاعل هو بادرة خير من سماحة السيد وتقبّل للآراء المخالفة له.
في هذه الحلقة من برنامج (مطارحات في العقيدة) والتي عرضت تحت عنوان (من إسلام الحديث لإسلام القرآن) عرض السيد الحيدري الآراء المختلفة حول كتاب سليم بن قيس والتي انحصرت في أربعة آراء.
فيديو الحلقة:
تفريغ الحلقة:
http://alhaydari.com/ar/2013/07/49471/
لكن المشكلة في طرح السيد حفظه الله أنّه وقعا في عدّة اشتباهات عند نقله لكلمات الأعلام وتقريبا لا يخل مورد من الموارد التي ذكرها من اشكال إمّا في فهمه أو في نقله للعبارة:
الموقف الأول: سمّاه السيد بالمتطرّف اليساري وهو الذي يرفض كتاب سليم رأسا وينفيه من أساسه ويعتبره موضوعا مدسوسا!
ومثّل السيد لهذا القسم بابن الغضائري رحمه الله, ناقلا عبارته في كتاب الضعفاء (والكتاب موضوع لا مرية فيه).
الرابط:
ويرد عليه:
في كلّ الأبحاث السابقة طبّق السيد قاعدة ( العرش ثم النقش) وحثّ النّاس على تطبيقها, ونحن كذلك نقول له يا سيَّدنا ثبّت العرش أولا!
فعبارة ابن الغضائري لا قيمة لها عند أغلب المحققين لم قُرّر في محلّه من عدم ثبوت نسبة الكتاب لابن الغضائري.
ولو أكمل المحقق الحيدري القراءة في معجم رجال الحديث الذي نقل منه عبارة ابن الغضائري لوجد أنّ زعيم الحوزة العلمية قدس سرّه قد ذكر هذا الأمر فقال 6/228: ويرد هذا الوجه أولا أنه لم يثبت ذلك، والسند في ذلك ما ذكره ابن الغضائري، وقد تقدم غير مرة أنه لا طريق إلى إثبات صحة نسبة الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري.
فلماذا لم يشر السيد الحيدري ولو إشارة إلى توقف المحققين في قبول كتاب الضعفاء لابن الغضائري؟!
بل إنّ أمثال آغا بزرك الطهراني قدس الله روحه قال في الذريعة 4/258: كل ذلك قرائن تدلنا على أن هذا الكتاب ليس من تأليفه وانما الفه بعض المعاندين للاثني عشرية المحبين لإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا وأدرج فيه بعض أقوال نسبه الشيخ والنجاشي في كتابيهما إلى ابن الغضائري ليتمكن من النسبة إلى وليروج منه ما أدرجه فيه من الأكاذيب والمفتريات.
فهل يجعل السيد كمال كتاب ابن الغضائري الذي ظهر في القرن السابع والذي نسبه البعض للعامة في كتاب موجود من القرن الأول ونُقل الإجماع على الاعتماد عليه؟
من هنا نعلم أن الموقف الأول من كتاب سليم لا وجود له البتّة ولم يتبنّاه أحد من علماء الطائفة.
الموقف الثاني: وهو القائل بصحّة كتاب سليم بن قيس ومثّل له السيد كمال بكلام ابن أبي زينب النعماني في الغيبة والذي نقلناه سابقا وبكلام الحر العاملي والشيخ المامقاني رضوان الله عليهم جميعا.
الرابط:
اعتبر سماحة السيد أن هذا الموقف يضاهي قول المخالفين بصحّة البخاري ومسلم أي أنّ هؤلاء يرون بصحّة كتاب سليم من الجلدة إلى الجلدة!
ويرد عليه:
1. أنّ علماءنا الأعلام نصّوا على صحّة هذه الكتب في الجملة وليس بالجملة ولا أدري كيف فاتت هذه سيدنا الحيدري, فمرادهم أنّ الكتاب معتبر بمجمله, ولا يمنع هذا من وجود فقرات موضع نظر فيه كأن يكون تصحيفا في الرواية أو اشتباها من الراوي أو نقلا بالمعنى, ومن تتبّع كلمات الحرّ العاملي رحمه الله يجد أنّه قد صرّح أكثر من مرّة في كتبه باحتمال التصحيف في بعض مرويات الكتب التي صرّح بصحّتها ونصّ على بعض اشتباهات الرواة..
فالسيد خلط بين مصطلح عبارة (كتاب صحيح) عندنا وعند المخالفين!
2. هذا الرأي أي صحّة كتاب سليم بن قيس هو مشهور علماء الطائفة على مرّ العصور:
- المؤرخ المسعودي (توفي346هـ) نقل في كتابه التنبيه والإشراف اعتماد الشيعة على كتاب سليم بن قيس في حصر الأئمة باثني عشر إماما, قال في صفحة 198: والقطعية بالإمامة الاثنا عشرية منهم الذين أصلهم في حصر العدد ما ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه، الذي رواه عنه أبان بن أبي عياش أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (أنت واثنا عشر من ولدك أئمة الحق) ولم يرو هذا الخبر غير سليم بن قيس.
- الشيخ الأقدم النعماني (توفي بعد380هـ) في كتاب الغيبة 103: وليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة عليهم السلام خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم ومن حملة حديث أهل البيت عليهم السلام وأقدمها، لأن جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وسمع منهما، وهومن الأصول التي ترجع الشيعة إليها ويعول عليها.
- الشيخ الصدوق (المتوفى 381), اعتمد على الكتاب في من لا يحضره الفقيه كما في باب وصية أمير المؤمنين عليه السلام لأولاده وغيرهم, وقد نصّ في أول الكتاب على التزامه بالنقل من الأصول المعتبرة, قال في 1/90: وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع.
- السيد جمال الدين بن طاووس (توفي 677هـ) في التحرير 253: تضمن الكتاب ما يشهد بشكره وصحة كتابه.
- الحسن بن سليمان الحلي (توفي بعد 802هـ), اعتمد على الكتاب في مختصر بصائر الدرجات صفحة 40 قال: ومن كتاب سليم بن قيس الهلالي رحمة الله عليه الذي رواه عنه أبان ابن أبي عياش وقراه جميعه على سيدنا علي بن الحسين عليهما السلام بحضور جماعة أعيان من الصحابة منهم أبو الطفيل فأقره عليه زين العابدين عليه السلام وقال هذه أحاديثنا صحيحة.
- الفاضل التفريشي (من أعلام القرن الحادي عشر) في كتابه نقد الرجال 2/356: م أجد في جميع ما وصل إلي من نسخ هذا الكتاب إلا كما نقل هذا الفاضل، والصدق مبين في وجه أحاديث هذا الكتاب من أوله إلى آخره، فكأن ما نقل ابن الغضائري محمول على الاشتباه.
- المولى محمد تقي المجلسي (توفي1070هـ) في كتابه روضة المتقين 2/92: وخبر الصحيفة وتعاقد أصحابها مذكور في كتاب سليم بن قيس الهلالي المقبول عند العامة والخاصة مع أخبار أخر، والكتاب بعبارته دليل على صحته.
- محمد باقر المجلسي (توفي1111هـ) في بحار الأنوار 1/23: وكتاب سليم بن قيس في غاية الاشتهار وقد طعن فيه جماعة، والحق أنه من الأصول المعتبرة، وسنتكلم فيه وفي أمثاله في المجلد الاخر من كتابنا وسنورد أسناده في الفصل الخامس.
- السيد هاشم البحراني (توفي 1107هـ) في كتابه غاية المرام 5/313: ذكر سليم بن قيس في كتابه وهو كتاب مشهور معتمد، نقل منه المصنفون في كتبهم، وهو من التابعين رأى عليا وسلمان وأبا ذر.
- العلامة عبد الحسين الأميني (المتوفى1390) في كتابه الغدير 1/195: كتاب سليم من الأصول المشهورة المتداولة في العصور القديمة المعتمد عليها عند محدثي الفريقين وحملة التاريخ...
...حول الكتاب كلمات درية أفردناها في رسالة، وإنما ذكرنا هذا الاجمال لتعلم أن التعويل على الكتاب مما تسالم عليه الفريقان، وهو الذي حدانا إلى النقل عنه في كتابنا هذا.
- الأغا بزرك الطهراني (توفي 1389) في كتابه الذريعة 2/153: كتاب سليم هذا من الأصول الشهيرة عند الخاصة والعامة.
- السيد شهاب الدين المرعشي النجفي (توفي 1411هـ) في إحقاق الحق 1/55: كتابه معروف طبع بمرات، وهو من أقدم الكتب عند الشيعة وأصحها، بل حكم بعض العامة بصحته أيضا وممن نقل عنه واعتمد عليه شيخنا أبو عبد الله النعماني في كتاب الغيبة، وشيخنا الصدوق في الفقيه والخصال، و الكليني في الكافي.
ذكرنا اثني عشر اسما من كبار علمائنا الأعلام ولو شئت لجئت بالعشرات من الأسماء لكني رمت الإختصار.
3. ليعلم الأخ القارىء أنّ سماحة السيد الحيدري كان يتبنّى هذا الرأي سابقا وصرّح به كثيرا, ولا نعلم ما تغيّر الآن!
الرابط:
http://www.youtube.com/watch?v=Hw9ao...ature=youtu.be
الموقف الثالث: هو المتمثّل باثبات أصل الكتاب لكن المشكلة في عدم وجود طريق صحيح إليه, وعليه فلا يمكن الإعتماد على ما انفرد به الكتاب – مثل تفاصيل مصيبة الزهراء عليها السلام – لأنّه لا طريق صحيح للكتاب.
ومثّل لهذا القسم بمرجع الطائفة المقدّس السيد الخوئي قدس الله روحه ونقل نصّ كلامه في المعجم.
الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=9M34KwzqgGA
ويرد عليه:
1. السيد الخوئي قدس الله روحه لم يقل (لا يوجد عندنا طريق صحيح لكتاب سليم), بل إنّ العبارة التي نقلها السيد الحيدري لها تتمّة وهي كما في المعجم 9/235: والصحيح أنه لا طريق لنا إلى كتاب سليم بن قيس المروي بطريق حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عم، عنه، وذلك فإن في الطريق محمد بن علي الصيرفي أبا سمينة وهو ضعيف كذاب.
فتضعيف السيد الخوئي إنّما كان لخصوص الطرق حمّاد بن عيسى وليس لكلّ الطرق.
أمّا العبارة الثانية التي نقلها السيد الحيدري هي ما أورده السيد الخوئي في المعجم 9/237: وكيف ما كان فطريق الشيخ إلى كتاب سليم بكلا سنديه ضعيف.
من هنا نعلم أنّ السيد الخوئي لم يقل كما حاول السيد الحيدري إيهام المشاهد من أنّه لا طريق صحيح إلى كتاب سليم بن قيس, غاية ما في الأمر أنّه ناقش طرق النجاشي والطوسي نقاشا فراديا ولم يعطي حكم عاما لكل الكتاب.
خصوصا أنّ للكتاب طرقا أخرى في غير كتاب النجاشي والطوسي رضوان الله عليهما, فالنعماني ذكر طرقه للكتاب والصدوق ذكر طرقه للكتاب بل قرّب كثير من المحققين أنّ روايات ثقة الإسلام الكليني في الكافي إنّما هي نقل من كتاب سليم وعليه فالأسانيد التي ذكرها هي طرقه لكتاب سليم بن قيس, ولهذا قال وحيد عصره البهبهاني في تعليقته 191: في الكافي والخصال أسانيد متعددة صحيحة ومعتبرة والظاهر منها كون روايتهما عن سليم عن كتابه واسنادهما اليه إلى ما رواه فيه لأنه الرّاجح مضافاً إلى انّ روايتهما عنه في حديث واحد تارة عن ابن أذينة عن ابان عنه وتارة عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر عن ابان عنه فتدبّر والظاهر من روايتهما صحة نسخة كتابه الذي كان عنده.
من هنا نعلم أنّ النتيجة التي وصل لها السيد كمال من أنّ السيد الخوئي لا يرى اعتبار الكتاب غير صحيح.
2. لمن تتبّع منهج السيد الخوئي في معجم رجال الحديث وفي دورته الفقهية يعلم أنّه قدّ اعتمد على كتب لا يوجد طريق صحيح لها في كتب الفهارس والمشيخة على مبناه, إلّا أنّه أوجد لها طريقا صحيحا من خلال عمليّة التلفيق بين الأسانيد المذكورة.
وقد ذكر الشيخ محمد باقر الإيرواني حفظه الله الذي تتلمذ عند السيد الخوئي رحمه الله طريقتين لأستاذه في تبديل الأسانيد في كتابه (دروس تمهيدية في علم الرجال) ونقل تطبيقات فعلية لها في الأبحاث الفقهية للسيد.
بل نجد أحد أكابر تلاميذ السيد الخوئي والمتخصص في الأبحاث الرجالية وهو الشيخ مسلم الداوري قد طبّق هذا المبنى فعلا على كتاب سليم بن قيس وحكم بصحّة سند كما في كتابه (أصول علم الرجال).
فلا ندري كيف غابت هذه المسألة عن السيد كمال الحيدري رغم أنّه كثيرا ما يردّد ويكرّر قوله (السيد الأستاذ الخوئي).
الموقف الرابع: مثّل له سماحة السيد الحيدري برأي الشيخ المفيد الذي نقلناه سابقا وأضاف رأي المحقق التستري صاحب القاموس.
الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=s3qT4EAzJVk
ويرد عليه:
1. قد سبق النقاش في ما نسب للشيخ المفيد قدس الله روحه فلا حاجة للتكرار وكما يقول السيد كمال (العرش ثم النقش).
2. أمّا ما نقله المحقق الحيدري عن الشيخ التستري صاحب القاموس فهو للأسف تغيير وتبديل للحقائق!
فالسيد الحيدري سامحه الله أوهم القارئ أن الشيخ التستري يتبنّى رأي المفيد وهو أنّ الكتاب أكثره تخليط ودسّ.
الكلام المنسوب للمفيد في تصحيح الاعتقادات 149: غير أنّ هذا الكتاب غير موثوق به ، ولا يجوز العمل على أكثره، وقد حصل فيه
تخليط وتدليس، فينبغي للمتدين أن يجتنب العمل بكل ما فيه، ولا يعول على جملته.
أمّا المحقق التستري فكلامه بعيد كل البعد عن هذا المعنى ولو واصل سماحة السيد القراءة لعلم ذلك ولفهم المشاهد المقصود.
قال المحقق التستري في قاموسه 5/239: ثم الحق في كتابه ان أصله كان صحيحا، وقد نقل عنه الأجلة المشايخ الثلاثة والنعماني والصفار وغيرهم، إلا أنه حدث فيه تخليط وتدليس من المعاندين, فالعدو لا يألو خبالا كما عرفت من المفيد، لا كما قال ابن الغضائري من كون الكتاب موضوعا.. (الى هنا انتهى السيد كمال)
البقية التي لم ينقلها للأسف السيد الحيدري: ... فالكتاب الموضوع إن اشتمل على شيء صحيح يكون في الأقلية كما في التفسير الذي
افتروه على العسكري عليه السلام، والكتاب بالعكس، بل لم نقف فيه على كذب محقق سوى خبر الوعظ !
فعلى رأي الشيخ التستري رحمه الله لا يوجد وضع أو دس أو كذب في الكتاب سوى خبر واحد!
شتان بين القولين..
من هنا نعلم أنّ سماحة السيد كمال الحيدري حفظه الله قد اشتبهت عليه كلمات العلماء ولم يحسن عرضها للمشاهد بصورة صحيحة.
نتمنّى من سماحته أن يتحرّى الدقّة في المستقبل
احمد السلمان