بسم الله الرحمن الرحيم.
بعد حرب إسرائيل على غزة عام 2008؛ وافقت حماس على هدنة بينها وبين إسرائيل, كان للهدنة شروط أهمها وقف القتال من كلا الطرفين. إلا أن إسرائيل لم توقف قصفها؛ فاستمرت الاغتيالات للمجاهدين في غزة، لكن أهم ما تميّزت به بعد هذه التهدئة أن جلّ -إن لم يكن كل- القتلى من "السلفية الجهادية" !!
وهذا ما أثار حفيظة كل متابع عن كثب لوضع مجاهدي السلفية في غزة.
كيف تتفق حماس مع اليهود على وقف القتال ثم ينقض اليهود هذا العهد ويقومون بقتل السلفيين, ثم لا ترد حماس وكأن الأمر لا يعنيها؛ وكأنها لم تبتدر الموافقة على هذه التهدئة بهذه الشروط حتى تكلفت جهدها كله في الحفاظ عليها -أي التهدئة- ومنع المجاهدين من كل الفصائل من أي عمل هجومي يستهدف اليهود. ثم تلزم الصمت والسكون عند إعلان أحفاد القردة والخنازير خرق الهدنة بكل صراحة!!
تساؤلات كثيرة خطرت على بال كل مطلع وأثارت شكوكه في التزام حماس بدماء مواطينها!!
ثم كانت القاصمة التي أزالت الغمة عن أمر هذا السكوت المريب مما أظهر وجه حماس التحزبي القومي الحقيقي، وتنكرها لدماء المجاهدين وتجريد حفاظها على مايخص مصالح جماعتها فقط!
غدرت إسرائيل بحماس واستهدفت القائد الفعلي لجناحها العسكري محمد الجعبري رحمه الله؛ فكان رد القسام السريع القوي المفاجئ الذي أذهل الجميع. خرج القسام عن صمته الذي استمر لسنوات و قصف إسرائيل و لأبعد الحدود حيث "للمرة الأولى" يقوم القسام بقصف تل أبيب!!
وهذا ما جاء رداً على خرق إسرائيل للتهدئة المزعومة!
والملفت للنظر هو أنه وقبل مقتل الجعبري بشهور, استهدفت إسرائيل اثنين من قادة الجماعات السلفية الجهادية في غزة وقتلتهم بصواريخها الغادرة. لم نسمع حينها لحماس صوتاً ولم نر للقسام صاروخاً، ومرت الحوادث المتتالية مرور الكرام. بل إن قادة حماس لم يتكلفوا تصريحاً بسيطاً يتوعدون فيه اليهود على غدرهم أو يطلبون منهم وقف استهداف السلفيين أو حتى أقل من ذلك بكثير!!
لم تعير حماس ما يحصل أي اهتمام قبل مقتل الجعبري ولم تنهِ التهدئة بينها وبين إسرائيل؛ لأن الأخيرة هي من أعلنت التمرد وخانت العهد والهدنة, لا بل واصلت حماس الحفاظ على ما أسمته تهدئة -رغم خرقه مراراً- من طرفها وكأن شيئاً لم يحدث؛ بل جاوزت ذلك إلى ملاحقة مطلقي الصواريخ السلفيين وسجنتهم , ولم تترك لهم فرصة للقيام بما فرضه الله عليهم من قتال هؤلاء اليهود بعد أن نقضوا الهدنة, ولم تترك لهم حماس فرصة ليتأسوا بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي قتل كل رجال بنو قريظة وسبى نساءهم وذراريهم لنقضهم العهد معه ولتحالفهم مع كفار قريش ضده في غزوة الأحزاب !!!
فعل الرسول الذي لا ينطق عن الهوى كل هذا بهم؛ لأنهم نقضوا عهده, ولو كان بيننا صلى الله عليه وسلم ماذا كان فاعلاً بمن يحمي هؤلاء اليهود من بطش المجاهدين ويُكرّس جهده لمنعهم من الجهاد. بل ويختطفهم ويسجنهم ويعذبهم ويكسر أطرافهم ويتعدى على حرمة بيوتهم؛ لأجل أن يرضخوا لمطالبه بوقف الجهاد بزعم الهدنة المخترقة!!
ما بال حكومة حماس تحيد عن منهج النبي ولا تعبأ على الأقل بدماء "المواطنين" الذين تزعم تولّي أمورهم ؟!
إن كانت حماس تعتبر نفسها من ولاة الأمر الشرعيين؛ ففعلها هذا وتنكرها لدماء المسلمين. لا يقره الشرع ولنا في رسول الله أسوة حسنة حين أجلى يهود بنو قينقاع عن المدينة لأنهم كشفوا مسلمة وقتلوا مسلماً !!
بالأمس؛ قتل مجاهد سلفي بقصف يهودي غادر على غزة, ولم نسمع لحماس وأذنابها صوتاً تدين به هذا الفعل الخبيث للدولة الخبيثة إسرائيل, ولم تتحرك جحافل القسام لتل أبيب!
ما السبب ؟ ما المشكلة ؟ لم لم تتحركوا وتضربوا تل أبيب ؟ لقد نقضت إسرائيل الهدنة عشرات بل مئات المرات وقتلت مجاهداً سلفياً فما هو الرد؟
هل دماء المسحال المهدورة لا تستحق شيئاً من الصواريخ التي أطلقت يوم أن اغتيل الجعبري ؟؟
فلتقارن حماس بين موقفها عندما قتل المسحال ومن قبله من مجاهدي السلفية. وبين إسرائيل عندما يقتل لها مواطن ومثلها رأس الكفر أمريكا حينما قتل بضع من مواطينها في عملية بوسطن الأخيرة!
لقد أحرقت إسرائيل غزة قبل سنوات وخنقتها بحصار شديد لأجل مواطنيها الذين تتساقط عليهم صواريخ المجاهدين, ورفعت أمريكا حالة الطوارئ لأجل من قتلوا بتفجير بوسطن، أما حماس فصفرٍ فعلها عندما قتلت إسرائيل مجاهداً بالأمس بل إن حماساً ترفعت عن أقل ما يمكن من شجب وتنديد فهل هذا إلا من الكيل بمكيالين ؟
هل وصل الحال بحماس أن صارت أقل حمية لدينها ودماء شعبها المسلم من اليهود والأمريكان أصحاب الديانات المحرفة الباطلة؟
أليس من المفترض أن تعامل حماس كل المسلمين في غزة معاملة واحدة. الإخوان كالسلفية والمسلمون تتكافأ دماؤهم كما قال صلى الله عليه وسلم؟
ما معنى نقض حماس للتهدئة وإطلاق أيادي القسام للعمل الجهادي عند مقتل الجعبري القيادي في القسام والإبقاء عليها عندما يكون المقتول من السلفيين أو من العوام!
الحق أنه لا فرق بين حماس وطواغيت العرب الذين يتحركون لمصالحهم الحزبية , ومصالح جماعاتهم فقط, كل من يدخل الجماعة له الولاء المطلق , ومن هو خارجها لا ولاء له .
ولا شك أن وضع حماس من منظور أتباعها قبل منظور غيرهم قد بات متزعزعاً تشوبه دوامات من الأسئلة اللامنتهية!
هل الهدنة المزعومة التي تُفتعل كل مرة بين حماس وإسرائيل برعاية مصر لا تشمل السلفية؟!
بمعنى؛ أن قتلَ إسرائيل لأي مجاهد سلفي في غزة لا يُعتبر خرقاً للتهدئة عند الطرفين؛ وليس على حماس الرد بالصواريخ أو إعلان انتهاء التهدئة، وليس على إسرائيل الاعتذار!!
هل باعت حماس دماء السلفيين لأجل المحافظة على مصلحتها المتمثلة بحكم غزة ؟!!
وهل التفسير الوحيد لصمت حماس وعدم رد القسام على اغتيال المجاهد بالأمس "أن دماء السلفيين الجهاديين ماء ودماء القساميين هي الدماء"؟!!