البن Coffee
أوراق وثمار البن الأخضر ، والبن المحمص
كلمة القهوة، كانت تطلق على الخمر لأن القهوة تقهى شاربها عن الطعام، أى "تشبعه أو تذهب بشهوته". وأسم القهوة مأخوذ من كلمة (كافا caffa) وهى قرية فى الحبشة قديما أو إثيوبيا فى الوقت الراهن، حيث كانت تنمو أشجار البن بكثرة فى أرجاء تلك القرية، ومنها أشتق الاسم الإنجليزى للقهوة وهو coffee. وقيل أن أسمها مأخوذ عن أسم الملك الفارسى (قابوس Kavus).
وفى رواية أخرى تقول: أن البن قد اكتشف لأول مرة في أثيوبيا، عندما لاحظ رعاة المعز أن قطعان الماعز تظل مستيقظة طوال الليل إذا ما أكلت من أوراق شجيرات البن وثمارها، وقد وصل البن إلى جزيرة العرب في القرن الثالث عشر الميلادي، ومن العرب أخذت بقية الشعوب أسم القهوة. وقبل أن تتخذ القهوة شرابا قبل 700 سنة خلت، كان البن غذاء، ودواء.
وانتقل البن من جزيرة العرب إلى تركيا خلال القرن السادس عشر الميلادي، ثم إلى إيطاليا في مطلع القرن السابع عشر، وأقيمت المقاهي في أوروبا في القرن السابع عشر الميلادي، وكان الناس يلتقون في هذه المقاهي لمناقشة القضايا المهمة، ومن المحتمل أن يكون البن قد دخل إلى أمريكا في الستينيات من القرن السابع عشر الميلادي، أما البرازيل فقد عرفت زراعة البن في القرن الثامن عشر الميلادى .
وتنتج الشجرة المتوسطة من الثمار في العام الواحد ما يكفي لصنع نحو 0.7 كجم من البن المحمص، وتحتاج شجرة البن عادة إلى ما يتراوح بين ستة وثمانية أعوام قبل أن تنتج محصولا كاملا، وتنمو الأنواع الرائجة من أشجار البن نموا جيدا في الارتفاعات ذات المناخ الاستوائي التي تتراوح بين 1100 و 2400 متر عن سطح البحر.
الكرم العربى مرتبط بتقديم القهوة للضيوف فى كل مناسبة.
تاريخ انتشار القهوة وكيف بدأت.
عرفت القهوة لأول مرة فى اليمن، وبالتحديد فى قرية (مخا) ومنها أنتقل البن إلى الحبشة، وبلاد فارس (إيران)، ثم عم انتشارها لكثير من بلاد الشرق، وعرفها المصريون فى أوائل القرن السادس عشر، وعرفها الترك خلال حروب السلطان سليمان الفاتح، والذى شجع على شربها لعامة الشعب، حيث كانت تعرف بأنها تساعد على النوم، وأفتتح أول مقهى لها فى أسطنبول عام 1554م. وكان يرتاد تلك القهوة الكثير من الأدباء والمفكرين.
وكان الإنجليز هم أول من شرب القهوة فى أوروبا، وفتحوا لها مشارب فى عام 1552م. ثم انتشرت القهوة إلى إيطاليا فى عام 1610م. ووصلت إلى فرنسا فى عام 1664م. حيث بدأ علية القوم فى تقديمها للضيوف، حتى أن الملك لويس الرابع عشر ملك فرنسا فى الفترة من (1643- 1715م.( كان يشرب القهوة بولع، ويقدمها لضيوفه والحضور.
والطريف أن أول محل أفتتح لشرب القهوة فى فرنسا عام 1671م. قد وجد مقاومة شديدة من الأطباء فى ذلك الزمان، حيث كان يعتقد أن القهوة تحتوى على أرواح شريرة تطرد النوم من العيون وتسبب الأرق والجنون.
وقد وجد أصحاب محال البن أنه لابد من عمل اتحاد بينهم فى عام 1676م. لمقاومة أفكار المتعصبين ضد القهوة من الأطباء، وسمح لأصحاب محال القهوة ببيع البن شرابا أو مطحونا.
وفى عهد الملك لويس الخامس عشر، بلغ عدد محلات القهوة فى فرنسا حوالى 600 محل، وأستوردة فرنسا أشجار البن من اليمن، وزرعتها فى جزر - الأنتيل - التابعة لها فى عام 1716م. ومنها انتقلت زراعة القهوة إلى أمريكا الجنوبية كلها، خاصة فى البرازيل. وهكذا كانت الصدارة للقهوة، المشروب المفضل فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وازداد التنافس على إنتاجها وتصديرها بين الدول الكبرى، وحدث تنافس بين شرب الشاى والقهوة، إلا أن إنجلترا قد اعتبرت أن الشاى مشروب وطنى، وشجعت على زراعته فى المستعمرات التابعة لها منذ ذلك الزمان، وباتت إنجلترا تملك زمام الأمور بين يديها، حتى اشتهرت بلقب ملكة الشاى فى العالم.
محمصة حبات القهوة في عمان
وقد ساعد على انتشار الشاى فى أمريكا الشمالية وجود المهاجرين الإنجليز على أراضيها، ولكن بعد حرب الاستقلال، فقدت إنجلترا شهرتها فى ميدان إنتاج الشاى، حيث أعادت أمريكا ما فقدته القهوة من مكانة سابقة. وللقهوة أنصار من الأدباء والمفكرين، ورجال الفكر والعلم فى كل بلد. ففى فرنسا كان الروائى الشهير (بلزاك) مغرم جدا بشرب القهوة، حتى مرض بالقلب وقضى عليه بسبب ذلك.
وكان كبير كتاب فرنسا فى عصر النهضة (فولتير) يشرب من القهوة كميات كبيرة، وكذلك عظيم ألمانيا فى الموسيقى (بيتهوفن) كان يستهلك قدر 60 حبة من البن فى إعداد فنجان من القهوة، وكبير أطباء إنجلترا المعروف (هارفى) الذى أكتشف الدورة الدموية أحضر قبيل موته حبة من البن وأراها للقس الذى يقرأ له العظة قبيل موته، وقال له: (من هذه الحبة يأتى الحظ، والنجاح، وحضور الذهن). والطبيب الفرنسى – تراسو – كان يقول: (لا يوجد علاج لضعف الأعضاء التناسلية كالقهوة).
وفي مصر ومنذ مطلع القرن السادس عشر، وحتى قدوم الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 كانت القهوة تقدم ومعها شبك الدخان الذي يشبه إلى حد كبير الجوزة، أو الشيشة، كما يطلق عليها الآن.
وتذكر كتب التاريخ أن الجلوس في المقهى لم يكن مقصورا في البداية على تمضية وقت الفراغ وشرب القهوة والتدخين، إنما لعب المقهى دورا مهما في كثير من الأحداث عندما كان المذياع في علم الغيب ولم يكتشف بعد، كانت المقاهي هي مركز إنطلاق أخبار الغزوات، والانتصارات، والهزائم أيضا.
وعندما أحتل العثمانيون مصر عام 1517م. تحولت المقاهي إلى مراكز لإنشاد ملاحم البطولة مثل ملاحم - أبو زيد الهلالى - وقصص عنترة، والزير سالم، وألف ليلة وليلة، وكان سردها أشبه بالمسلسلات الليلية المتتابعة التي يتشوق الناس إلى سماعها ليلة بعد أخرى، لاسيما وأن الجلوس في المقاهي كان في الغالب مقصورا على فترة الليل.
وفي العصر الحديث لعبت مقاهي القاهرة دورا مهما في الحركة الثقافية والسياسية، وذاع صيت عدد منها، وكانت أشبه بالمنتديات الثقافية والسياسية، إذ كان يجلس فيها أحد رواد الثقافة أو السياسة محاطا بأتباعه ومريديه.
وهكذا ذاع صيت مقهى (نوبار) الذي كان عبده الحامولي يشدو فيه كل ليلة ومقهى (متاتيا) الذي كان يجتمع فيه جمال الدين الأفغاني، والإمام محمد عبده، والزعيم سعد زغلول، ثم ارتادها فيما بعد عباس العقاد، وإبراهيم المازني.
وفنجان القهوة يستلذه الملايين من الناس في كل مكان، حيث يستهلك العالم خمسة بلايين كيلو غرام من القهوة كل عام. أما في العالم العربي تعتبر للقهوة خصوصية معينه، حيث تعد أكثر من مشروب عادي، كونها تدخل فى ثقافة الناس وعاداتهم وتقاليدهم بشكل عام وتعتبر دلالة على الكرم، وحسن الضيافة، ومفتاح الزواج عند العرب. ولا يخلو الأمر من أن هناك كارهون للقهوة، يحاربون شربها لما لها بعض المضار على الصحة العامة خصوصا إذا أكثر من شربها.
تجفيف حبوب البن بعد الحصاد.
المرحل التى تمر بها حبات القهوة حتى تصير جاهزة للاستهلاك.
قطف الثمار:
تقطف معظم الثمار من أشجار القهوة يدويا، وبعضها يحصد بآلات تقوم بهز الشجيرات، فتسقط الثمار ثم تجمع، وبعد جمعها توضع في مغطس، أو موضع به ماء جار يطلق عليه المسيل (القناة)، تطفو الأعشاب والأوراق والثمار الخضراء الفاسدة على سطح الماء المسيل، بينما تغطس الثمار الجيدة.
نزع اللباب:
تنقل الثمار الجيدة بعد ذلك إلى موقع تنزع فيه الآلات اللباب، وتحتوي كل ثمرة على بذرتين، ولكل بذرة قشرة خارجية تشبه الرق الجلدي، وأخرى تسمى القشرة الفضية، تكون الثمار غير المقشورة في البداية غضه زرقاء ضاربة للخضرة، لكنها تصبح فيما بعد صلبة قاسية ذات لون اصفر فاتح، وتنقل الثمار عقب انتزاع اللباب إلى مجموعة من أحواض التخمير والتنظيف، ثم تجفف وتترك لعمليات المعالجة عدة أسابيع.
التقشير والفرز:
يؤلفان الخطوة الثانية، وفيها تقوم آلات الفرز بنزع القشرتين الخارجية والفضية، ولدى خروج البذور من الآلة تقوم مروحة بفصل القشور المفككة عن الثمار، ثم تنقل البذور إلى آله تسمى الفرازة مهمتها استبعاد الأتربة والغبار والبذور الصغيرة أو المكسورة، وهكذا تستمر عملية الفرز إلى أن يتبقى في نهاية المطاف أكبر البذور وأفضلها.
التحميص:
يعبأ معظم البن في أكياس من الخيش تبلغ زنة الواحد منها 60 كجم، وتفرغ في أماكن معدة للتحميص ذات قنوات مائلة تنحدر من أعلى إلى أسفل، ويقوم جهاز ماص بإزالة الأتربة والمواد العالقة الأخرى، ومن ثم ينقل البن إلى ألة المزج وهي أسطوانة دوارة تقوم بخلط الأنواع المختلفة من البن معا.
تنساب البذور من آلة المزج منحدرة إلى صناديق التخزين عن طريق الجاذبية، ثم إلى أفران التحميص، فتبقى مدة تتراوح بين 16 و 17 دقيقة تحت درجة حرارة مقدارها 482 درجة مئوية، وتفقد البذور نحو سدس وزنها خلال عملية التحميص هذه، بعد ذلك تبرد البذور وتنظف، ثم تنقل إلى صناديق حيث تحفظ بها إلى أن تطحن، وبعد الطحن يعبأ البن المسحوق في علب مفرغة الهواء أو في أكياس ورقية.
البن السريع الذوبان:
من الممكن أن يطحن أو يجفف بالتجميد، وكلتا العمليتين تحتاجان إضافة الماء لصنع القهوة. يصنع البن السريع الذوبان بوضع مسحوق البن في أوعية ضخمة، ثم يبخر الماء أما البلورات المسحوقة المتبقية فتصير قهوة مرة أخرى بإضافة الماء لها.