1- أنه خالف ما ارتكز عليه في فتواه عن الاسلاميين المنتسبين لحزب النور التابع للدعوة السلفية بدعمه لهم على الرغم من أنهم رشحوا أنفسهم وانتخبهم الناس فهل دعمهم لمرشحي الشعب والشورى لا بأس بها أما الرئاسة ففيها التوقف ؟!
2- أن من يتقدم للرئاسة الآن لم يطلب الامارة من ولي أمر شرعي .. بل الآلية التي يقومون بها الآن في اختيار الرئيس تجعله يقدم نفسه للرئاسة حتى لايتركها للعلمانيين والليبراليين وهو نفس الذي كان يرتكز عليه في دعواه لمن تقدم في مجلس الشعب. فلو تركها لغيره فسوف يقوم غيره ممن جعله صاحب الفتوى سبباً في الدخول لمجلس الشعب بل سببا جعله يقدم المرأة في الدخول للانتخابات حتى لو جعلها في مؤخرة القائمة وكان يقول هي افضل من الليبرالي والعلماني وخالف بذلك النص الشرعي الصريح الصحيح الجلي الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة "
ولنقف على كلام أهل العلم في تفسيرهم لهذه الاية والجمع بينها وبين ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ السعدي في تيسير كلام الرحمن (1/400) : " وليس ذلك حرصا من يوسف على الولاية، وإنما هو رغبة منه في النفع العام، وقد عرف من نفسه من الكفاءة والأمانة والحفظ ما لم يكونوا يعرفونه. فلذلك طلب من الملك أن يجعله على خزائن الأرض، فجعله الملك على خزائن الأرض وولاه إياها."
وقال في صفحة 407 : " أنه لا بأس أن يخبر الإنسان عما في نفسه من صفات الكمال من علم أو عمل، إذا كان في ذلك مصلحة، ولم يقصد به العبد الرياء، وسلم من الكذب، لقول يوسف: **اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} وكذلك لا تذم الولاية، إذا كان المتولي فيها يقوم بما يقدر عليه من حقوق الله وحقوق عباده، وأنه لا بأس بطلبها، إذا كان أعظم كفاءة من غيره، وإنما الذي يذم، إذا لم يكن فيه كفاية، أو كان موجودا غيره مثله، أو أعلى منه، أو لم يرد بها إقامة أمر الله، فبهذه الأمور، ينهى عن طلبها، والتعرض لها."
تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن ( 1/282) " وكذلك لا تذم الولاية إذا كان المتولي لها يقوم بما يقدر عليه من إقامة الشرع، وإيصال الحقوق إلى أهلها، وأنه لا بأس بطلبها إذا كان أهلا، وأعظم كفاءة من غيره، وإنما المذموم إذا لم يكن فيه كفاءة، أو كان موجودا من هو أمثل منه أو مثله، أو لم يرد بها إقامة أمر الله بل أراد الترؤس والمأكلة المالية."
ويقول ابن العربي في أحكام القرآن( ج3 ص1080) : إن يوسف عليه السلام لم يسأل العزيز أن يجعله على خزائن الأرض سؤال ولاية، وإنما كان سؤال تخل وترك لينتقل الأمر إليه كله، بتمكين الله ومشيئته ، ويدل على ذلك قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ) . اهـ.
قال الشيخ عبدالرزاق عفيفي في فتاواه في الحديث عن يوسف عليه السلام : " ولما طلبه الملك بعد ذلك وحضر عنده، {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} ، ثقة منه بنفسه، وعلما منه بأنه ليس في الأمة من يصلح لتدبير شئون الدولة الاقتصادية وتصريف أمورها على وجه يحفظ كيانها سواه، فطلب ذلك لمصلحة الأمة لا لحظ نفسه، فاستجاب له الملك لعلمه وصدقه وأمانته، وأتم الله ليوسف ما شاء من نعمته، {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} .
يقول الشوكاني في فتح القدير ( 3 / 35 ) : " قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ أَيْ وَلِّنِي أَمْرَ الْأَرْضِ الَّتِي أَمْرُهَا إِلَيْكَ وَهِيَ أَرْضُ مِصْرَ، أَوِ اجْعَلْنِي عَلَى حِفْظِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، وَهِيَ الْأَمْكِنَةُ الَّتِي تُخَزَّنُ فِيهَا الْأَمْوَالُ، طَلَبَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْهُ ذَلِكَ لِيَتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى نشر العدل ورفع الظلم، ويتوصل بِهِ إِلَى دُعَاءِ أَهْلِ مِصْرَ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَتَرَكِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ إِذَا دَخَلَ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ السُّلْطَانِ أَنْ يَرْفَعَ مَنَارَ الْحَقِّ وَيَهْدِمَ مَا أَمْكَنَهُ مِنَ الْبَاطِلِ، طَلَبُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصِفَ نَفْسَهُ بِالْأَوْصَافِ الَّتِي لَهَا تَرْغِيبًا فِيمَا يَرُومُهُ، وَتَنْشِيطًا لِمَنْ يُخَاطِبُهُ مِنَ الْمُلُوكِ بِإِلْقَاءِ مَقَالِيدِ الْأُمُورِ إِلَيْهِ وَجَعْلِهَا مَنُوطَةً بِهِ، وَلَكِنَّهُ يُعَارِضُ هَذَا الْجَوَازَ مَا وَرَدَ عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ طَلَبِ الْوِلَايَةِ وَالْمَنْعِ مِنْ تَوْلِيَةِ مِنْ طَلَبَهَا أَوْ حَرَصَ عَلَيْهَا."