قال هداه الله
فائدة : "العقل قد يقضي على خبر الواحد الصحيح بالبطلان ، " اهـ
الجواب
قوله أن العقل [ قد ] يقضي على خبر الواحد الصحيح بالبطلان , لا شك أنه إتباع للهوى قال سبحانه
" أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا "
فكيف يقبل مسلم أن يرد حديثاً صحيحاً لأنه لا يوافق عقله ! أهذا كلام !!
قال الله سبحانه [ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ]
وقد قال صلوات ربي وسلامه عليه [لا ألفين أحدا منكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري يقول : لا ندري ما هذا ، بيننا وبينكم القرآن ، ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه] اهـ صححه ابن القيم رحمه الله .
وفي لفظ "لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لاندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه" صححه الألباني رحمه الله .
نحن لا نقول أننا لا نقبل العقل , بل نقبله بلا شك ولكننا نستخدم هذا العقل في فهم كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه واله وسلم ورد المتشابه للمحكم , ولا نجعل هذا العقل بمستوى واحد لمصدر التشريع فنرد ما يخالف العقل - حتى لو كان صحيحاً - !
بمعنى , أن العقل لفهم النصوص , وليس للتشريع كما يفعل المبتدعة الذين ردوا الكثير من الأحاديث الصحيحة بحجة أنه تخالف العقل أو تخالف القرأن – زعموا !! -
ثم هو بنفسه يقول أن الحديث صحيح , إذا كان بأعترافه أنه يكون صحيح فلماذا يقدم العقل على النقل , الله تعالى يقول " وأطيعوا الله واطيعوا الرسول "
ولم يقل وأطيعوا الله وأطيعوا العقل !!
ثم العقول لا شك أنها تختلف بالأراء على مستوى ثقافة الشخص
فلو فتحنا هذا الباب لكل من هب ودب لضاعت سنة النبي صلى الله عليه واله وسلم
لأن الكثير من الأحاديث قد لا تناسب عقل من يردها !!
والصواب في هذه المسألة هو تقديم النقل الصحيح على العقل وإلزام العقل على قبول النقل الصحيح كما قال الإمام الشافعي رحمه الله
[ آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله ] اهـ
و سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابن عباس رضي الله عنهما فقال: "كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد وقبلتها واحدة وكتابها واحد؟ فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين: إنما أنزل علينا القرآن فقرأناه، وعلمنا فيما أنزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن ولا يدرون فيما نزل فيكون لكل قوم فيه رأي فإذا كان كذلك اختلفوا "
( الأعتصام 2/183 )
وللفائدة
أنصح القارئ الكريم النظر في كتاب درء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام رحمه الله , أو البحث في هذه المسألة والنظر منشأ هذا المنهج و من أحتج بالعقل على النقل !
ومن الأمثلة التي ذكرها بزعمه أنه تخالف العقل – عقل المبتدعة طبعاً -
(1)
"ومن ذلك الحديث المشهور والذي رواه البخاري ومسلم في صحيحهما بسند صحيح عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ :رَأَيْتُنِي أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَمَاشَى فَأَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ فَأَشَارَ إِلَيَّ فَجِئْتُهُ فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغَ ، فهذا باطل بلا شك ، إذ كيف يستسيغ عاقل أن يبول النبي واقفا ، أم كيف نرضى في رسول الله أن يفعل ذلك وأحد أصحابه واقف عند عقبه ؟!! " اهـ
الجواب
هو باطل في عقلك يا إباضي , ولا يلزم منه أنه لم يحدث
أما وقوف حذيفة رضي الله عنه فقد ذكر النووي أقوال العلماء حيث قال
" إِنَّمَا اِسْتَدْنَاهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَتِر بِهِ عَنْ أَعْيُن النَّاس وَغَيْرهمْ مِنْ النَّاظِرِينَ لِكَوْنِهَا حَالَة يُسْتَخْفَى بِهَا وَيُسْتَحْيَ مِنْهَا فِي الْعَادَة ، وَكَانَتْ الْحَاجَة الَّتِي يَقْضِيهَا بَوْلًا مِنْ قِيَام يُؤْمَنُ مَعَهَا خُرُوج الْحَدَث الْآخَر وَالرَّائِحَة الْكَرِيهَة ، فَلِهَذَا اِسْتَدْنَاهُ . وَجَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر لَمَّا أَرَادَ قَضَاء الْحَاجَة قَالَ : ( تَنَحَّ ) لِكَوْنِهِ كَانَ يَقْضِيهَا قَاعِدًا ، وَيَحْتَاج إِلَى الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا فَتَحْصُل الرَّائِحَة الْكَرِيهَة وَمَا يَتْبَعهَا . وَلِهَذَا قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء فِي هَذَا الْحَدِيث : مِنْ السُّنَّة الْقُرْب مِنْ الْبَائِل إِذَا كَانَ قَائِمًا ، فَإِذَا كَانَ قَاعِدًا فَالسُّنَّة الْإِبْعَاد عَنْهُ . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم ." اهـ
فمسألة البول قائماً مسألة خلافية منهم من كره ومنهم من أباح ذلك
وفعل ذلك عمر وأنس و أبو هريرة وابن سيرين وعروة بن الزبير رضي الله عن الجميع .
و قال الإمام مالك رحمه الله [الْبَوْل جَالِسًا أَحَبّ إِلَيَّ وَقَائِمًا مُبَاح ] اهـ
وكرهه ابن مسعود رضي الله عنه وغيره ..
لكن الأرجح في هذه المسألة هو الإباحة لمن أمنَ النجاسة والكراهة لمن لم يأمن .
ونحتاج من هذا النكرة الذي يرد السنة , أن يضعف لنا هذا الحديث حديثياً رواية ودراية ولا يرده عقلياً لأن رده عقلياً مخالف للعقل لو كان له عقل !
(2)
" ومن ذلك كذلك حديث اللد ، وهو عند البخاري ومسلم بسند صحيح!! " اهـ
الجواب
لمن لا يعرف حيث اللد
روى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري
" عن عبيد الله بن عبد الله قال قالت عائشة ثم لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه وجعل يشير إلينا لا تلدوني قال فقلنا كراهية المريض بالدواء فلما أفاق قال ألم أنهكم أن تلدوني قال قلنا كراهية المريض للدواء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبقى منكم أحد إلا لد وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم " اهـ
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري شرحاً للحديث
[قَوْله : ( لَدَدْنَاهُ )
أَيْ جَعَلْنَا فِي جَانِب فَمه دَوَاء بِغَيْرِ اِخْتِيَاره ، وَهَذَا هُوَ اللُّدُود ، فَأَمَّا مَا يُصَبّ فِي الْحَلْق فَيُقَال لَهُ الْوُجُور ، وَقَدْ وَقَعَ عِنْد الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث الْعَبَّاس " أَنَّهُمْ أَذَابُوا قِسْطًا - أَيْ بِزَيْتٍ - قَلَّدُوهُ بِهِ " .
قَوْله : ( فَجَعَلَ يُشِير إِلَيْنَا أَنْ لَا تَلُدُّونِي ، فَقُلْنَا : كَرَاهِيَة الْمَرِيض لِلدَّوَاءِ )
قَالَ عِيَاض : ضَبَطْنَاهُ بِالرَّفْعِ أَيْ هَذَا مِنْهُ كَرَاهِيَة ، وَقَالَ أَبُو الْبَقَاء : هُوَ خَبَر مُبْتَدَأ مَحْذُوف أَيْ هَذَا الِامْتِنَاع كَرَاهِيَة ، وَيَحْتَمِل أَنَّ النَّصْب عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول لَهُ أَيْ نَهَانَا لِلْكَرَاهِيَةِ لِلدَّوَاءِ ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَصْدَرًا أَيْ كَرِهَهُ كَرَاهِيَة الدَّوَاء ، قَالَ عِيَاض : الرَّفْع أَوْجَه مِنْ النَّصْب عَلَى الْمَصْدَر .
قَوْله : ( لَا يَبْقَى أَحَد فِي الْبَيْت إِلَّا لُدّ وَأَنَا أَنْظُر إِلَّا الْعَبَّاس فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدكُمْ )
قِيلَ : فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الْقِصَاص فِي جَمِيع مَا يُصَاب بِهِ الْإِنْسَان عَمْدًا ، وَفِيهِ نَظَر ، لِأَنَّ الْجَمِيع لَمْ يَتَعَاطَوْا ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا فُعِلَ بِهِمْ ذَلِكَ عُقُوبَة لَهُمْ لِتَرْكِهِمْ اِمْتِثَال نَهْيه عَنْ ذَلِكَ ، أَمَّا مَنْ بَاشَرَهُ فَظَاهِر ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُبَاشِرهُ فَلِكَوْنِهِمْ تَرَكُوا نَهْيهمْ عَمَّا نَهَاهُمْ هُوَ عَنْهُ . وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ التَّأْوِيل الْبَعِيد لَا يُعْذَر بِهِ صَاحِبه وَفِيهِ نَظَر أَيْضًا لِأَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي مُعَارَضَة النَّهْي ، قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : أَرَادَ أَنْ لَا يَأْتُوا يَوْم الْقِيَامَة وَعَلَيْهِمْ حَقّه فَيَقَعُوا فِي خَطْب عَظِيم ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِن الْعَفْو لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَنْتَقِم لِنَفْسِهِ ، وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ تَأْدِيبهمْ لِئَلَّا يَعُودُوا ، فَكَانَ ذَلِكَ تَأْدِيبًا لَا قِصَاصًا وَلَا اِنْتِقَامًا . قِيلَ : وَإِنَّمَا كَرِهَ اللَّدّ مَعَ أَنَّهُ كَانَ يَتَدَاوَى لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يَمُوت فِي مَرَضه ، وَمَنْ حَقَّقَ ذَلِكَ كُرِهَ لَهُ التَّدَاوِي . قُلْت : وَفِيهِ نَظَر ، وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْل التَّخْيِير وَالتَّحَقُّق ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَ التَّدَاوِي لِأَنَّهُ كَانَ غَيْر مُلَائِم لِدَائِهِ ، لِأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ بِهِ ذَات الْجَنْب فَدَاوَوْهُ بِمَا يُلَائِمهَا ، وَلَمْ يَكُنْ بِهِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِر فِي سِيَاق الْخَبَر كَمَا تَرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ." اهـ
قد يكون القارئ الكريم لم يفهم الإشكال هنا . فأقول والله أعلم
أن فرخ الجهمية يحاول محاولة يائسة بالطعن في هذا الحديث ويقول كيف النبي صلى الله عليه واله وسلم يصاب بمرض [ ذات الجنب ] !!
ومرض ذات الجنب :- هو نوعان حقيقي وغير حقيقي
الحقيقي :- ورم حار يعرض في نواحي الجنب في الغشاء المستبطن للأضلاع .
غير حقيقي :- ألم يشبهه يعرض في نواحي الجنب عن رياح غليظة مؤذية تحتقن بين الصفاقات فتحدث وجعا قريبا من وجع ذات الجنب الحقيقي .
فرخ الجهمية يستنكر هذا الحديث وينكره عقلياً لأنه أمعة يتّبع قول علمائه ومحاولاتهم البائسة في تضعيف الأحاديث بمثل هذه الحجج , وهي أن هذا المرض [ ذات الجنب ] لا يليق بالنبي صلى الله عليه واله وسلم ..
فنقول أن هذا المرض لم يصبه أصلاً كما هو مبين في شرح الحافظ رحمه الله ..
جاء في الحديث
" وَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّه يُسَلِّط عَلَيَّ ذَات الْجَنْب مَا كَانَ اللَّه لِيَجْعَل لَهَا عَلَيَّ سُلْطَانًا ، وَاَللَّه لَا يَبْقَى أَحَد فِي الْبَيْت إِلَّا لُدَّ ، فَمَا بَقِيَ أَحَد فِي الْبَيْت إِلَّا لُدَّ ، وَلَدَدْنَا مَيْمُونَة وَهِيَ صَائِمَة " اهـ السلسة الصحيحة
و أخر ..
قالت عائشة رضي الله عنها " لددنا رسول الله فأشار أن لا تلدوني فقلنا كراهيةالمريض للدواء فلما أفاق قال ألم أنهكم أن تلدوني لا يبقى منكم أحد إلا لدغير عمي العباس " اهـ
و قال الحافظ رحمه الله [لِأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ بِهِ ذَات الْجَنْب فَدَاوَوْهُ بِمَا يُلَائِمهَا ، وَلَمْ يَكُنْ بِهِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِر فِي سِيَاق الْخَبَر كَمَا تَرَى ] اهـ
كل ما في المسألة أن النساء تأولوا هذا المرض ونفاه النبي صلى الله عليه واله وسلم فأين الإشكال !!
أريد جواباً
(3)
ومن ذلك أيضا حديث ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ قَالَ ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا، رواه البخاري ومسلم بسند صحيح ." اهـ
الجواب
لقد أكثر أهل السنة والجماعة من الرد على هذه الشبهة وهي شبهة يكثر منها الروافض محاولين الطعن في عمر رضي الله عنه وإثبات الوصية لعلي رضي الله عنه
فما هو الإشكال عندك ؟!
هل هو وجع النبي صلى الله عليه وسلم أم ماذا بالضبط
(4)
"ومنها رواية أنس عند البخاري ومسلم بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يدخل عند أم حرام بنت ملحام فتفلي له رأسه ، وهي لا تقرب له كما حققه الحافظ ابن حجر في الفتح ، فهل يقبل هذا في حق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. تمت الفائدة .." اهـ
أحيل القارئ إلى كتاب إِشْكَالٌ وَجَوَابُهُ
فِي
حَدِيثِ أُمِّ حَرَام بِنْتِ مِلْحَانَ
دراسةٌ تأصيليةٌ تطبيقية تبين المنهج العلميّ في الإجابة عن الإشكالات التي ربما تَعرضُ في بعضِ الأحاديث
تَأليفْ
د.علي بن عبد الله الصّياح "
حمله من هذا الرابط
http://www.almeshkat.net/books/archi...ks/eshkaal.zip
أعتقد أن الأدلة في هذا الكتاب تُجيب على شبهة المسمى أيوب ..
أنتهى الرد
على شبهة فرخ الجهمية
أيوب .. سليل الخوارج الإباضية
يتبعـ الرد قريباً على ما جاء في الموضوع