بين التوبة و الميزان

[أبو حفصة المديني]

بسم الله الرحمن الرحيم و صل اللهم على سيد الخلق و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
إن الاستثناء بالتوبة من المعصية مواضعها كثيرة من كتاب الله "إلا الذين تابوا" فالتوبة من المعصية واجبة على كل مسلم و هذا غير مختلف فيه أما الخلاف فإن أهل السنة يرون وفق ما جاء من نصوص أن رجمة الله وسعت كل شيء فحتى الذنوب التي لم يتب منها آتيها تكون محل مغفرة الله و رحمته إن شاء، فهي مقرونة بمشيئة الله يغفر لمن يشاء إلا ذنبا واحدا و هو أعظم الذنوب التي تخرج صاحبها من الدين و ممن نفى الله عنه المغفرة و هو الشرك :
قال تعالى : إِنَّ اللّهَ لاَ يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشۡرِكۡ بِاللّهِ فَقَدِ افۡتَرَىٰ إِثۡمًا عَظِيمًا
و نحن إذ نتكلم عن ما دون ذلك فكل الذنوب تدخل في مشيئة الله بالمغفرة أو العقاب
و موضوعي هنا تساؤل كالتالي :
1- قال تعالى : وَالۡوَزۡنُ يَوۡمَئِذٍ الۡحَقُّ فَمَن ثَقُلَتۡ مَوَازِينُهُ فَأُوۡلَـٰٓئِكَ هُمُ الۡمُفۡلِحُونَ *** وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَازِينُهُ فَأُوۡلَـٰٓئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا۟ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا۟ بِآيَاتِنَا يِظۡلِمُونَ
2- قال تعالى : إِنَّ اللّهَ لاَ يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمًا
3- و قال تعالى : فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرًا يَرَهُ ***وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
فالآيات تتحدث عن الميزان و الموازين التي تقابل بها السيئات و الحسنات
و بما أن التوبة تقتضي المغفرة مباشرة
قال تعالى : إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوۡلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمۡ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
فالمعنى أنها لا تقاس بميزان السيئات لأنها قد محتها التوبة فماذا يوضع في كفة السيئات من الميزان يوم القيامة؟؟ و هل يعدل التوحيد من حيث الثواب معاصي؟؟؟ و هل يعدل عقاب الشرك طاعات؟؟؟؟؟
فما الغاية من الميزان و جعل كفة للحسنات و كفة للسيئات إذا كانت التوبة تمحو السيئات ؟؟؟ و ما معنى ذرة الشر و ذرة الخير؟؟؟؟