اسمحوا لي على صراحتي، لم يعد هناك وقت للتورية،أو عدم ذكر الأمور على حقيقتها،منذ أن بدأت أكتب وأنا متهم بالصراحة الكبيرة وعدم الخوف من ذكر الأشياء بمسمياتها،**** وأن الفضل لله سبحانه على أننا لا نخشى في الله لومة لائم،ومن ثم جلالة الملك منحنا الحريات،**** وأن الوطن**** يحتاج منا للصراحة والمكاشفة،**** وأن الحكم من واجبه أن**** يسمع الصوت الذي لا**** ينقله المستشارون أو المقربون****. اليوم**** يجب القول إن الدولة منذ أن كانت الثورة ضد الإنجليز وضد الاستعمار،**** وكانت الثورة متركزة في**** مدينة المحرق،**** من خلال رجالات المحرق الكبار،**** أمثال أحمد بن لاحج البوفلاسة،**** والشيخ عبدالوهاب الزياني،****
منذ ذلك الوقت كانت الدولة متوجسة من الشارع السني،**** صارت تخشى توحد السنة،**** وكان الخطر**** يأتي**** من الشارع السني**** ففي ذلك الوقت لم يكن للشارع الشيعي دور،أو معارضة أو صوت، خاصة ضد الاستعمار الإنجليزي. أما الطائفة الشيعية فكانت منشغلة بالزراعة والتجارة،ولم يكن لها ذلك الثقل بسبب قلتها، فلم يظهر لهم صوت إلا بعد اتباع سياسة التوالد السياسيللسيطرة على الحكم.
من الضروري**** أن**** يقرأ التاريخ شبابنا وشاباتنا،**** حتى**** يعرفوا من الذي**** كان صاحب الحركات الوطنية الحقيقية التي**** كانت مع الحكم ومع الإصلاح لكنها ضد الاستعمار،**** ومن الذي**** كان**** يرهب ويقتل باسم الثورة ضد الحكم،**** وكانت تغلف بالإصلاح والمطالبة بالبرلمان،**** والتداول على السلطة****. من أجل ذلك سعت الدولة**** (آنذاك****) لتفتيت مركز الحركة السنية وهي**** مدينة المحرق،**** وخرج أهلها من خلال مشاريع بيوت الإسكان وأفرغت المحرق**** (الأم****) من أهلها الحقيقيين ومن فسيفساء العوائل التي**** كانت تشكل لوحة المحرق الجميلة،**** لكن ذلك عاد بشكل سلبي**** على الدولة حين جاءت الضربات من الشارع الذي**** كان**** يبني**** نفسه للحظة الانقلاب بشكل استراتيجي،**** والجميع كان**** يشاهد ذلك إلا الدولة****. اليوم حتى مع فرح الدولة بتوحد الصوت السني**** من خلال انصهارهم في**** الوحدة الوطنية،**** إلا أن شعرة الخوف من أهل السنة مازالت قائمة لدى الدولة****. فهل الدولة تخشى من السنة أكثر من الشيعة؟ أنا أتحدث بصراحة مفرطة،**** ليس لشيء إنما نأمل ونرجو أن**** يكون ذلك**** يخدم البلد ويخدم الحكم ويخدم من**** يشكلون العمود الفقري**** للدولة البحرينية****. لذلك نقول إن على الدولة أن لا تغفل عن الشارع الذي**** تجمع وانصهر وأصبح معادلة صعبة،**** التعامل معه بالطريقة الحالية**** (حتى مع الضغوط الخارجية ومع الظرف الإقليمي**** وكل هذه المسميات التي**** شبعنا منها****) هذا شارع لا أحسبه سوف**** يهدأ أو**** يكون شارعاً**** تستخدمه الدولة للطوارئ،**** إن أغفلتم التعامل الصحيح معه سوف تخسرونه،**** وسوف**** يتجمع ويتكون وقد**** ينزل الشارع،**** على أي**** طرف**** يستهدفه****. مازالت الدولة حتى الساعة تستعطف وتسترضي**** من**** يعض**** يدها،**** ويريد زوالها،**** تعطي**** وتسترضي**** من أراد زوال الحكم ورحيل الأسرة الحاكمة،**** أي**** سياسة هذه؟ شبعنا من مقولة أن الدولة نرى مالا نراه،**** وهذا صحيح،**** لكن الذي**** نراه على الأقل داخلياً**** لا**** يختلف عما تراه الدولة،**** وأكاد أجزم أننا نراه بطريقة أفضل لأننا نعايش الناس ونحتك بهم ونسمعهم ونعاني**** ما**** يعانون،**** ونكابد ما**** يكابدون****. التعامل مع الشارع الذي**** توحد بشكل**** ينم عن تجاهل،**** أو بأن هؤلاء لا خوف منهم**** (مشغولون بمسيرات الفرح،**** وتواقيع الولاء التي**** لست مقتنعاً**** بها الآن،**** الولاء كنا نريده أثناء الدوار لا بعده****)،**** لكن رغم ذلك نقول إن الخوف منهم حين تتجاهلونهم،**** أو تتجاهلون معاناتهم،**** فمن كان العمود الفقري**** للدولة خلال الأزمة،**** هم من كانوا مهمشين**** (توظيفاً**** وتعليماً**** جامعياً****) الدولة أصبحت محتلة من خلال الوزارات،**** فكل وزير**** يأتي**** إلى وزارة**** يحولها إلى أشبه بمكان ديني،**** وكان ذلك أمام أعين الدولة وبصرها،**** لكن لا بصيرة لها****. هؤلاء المهمشون،**** (من خلال التوظيف والدراسة والإسكان ومن خلال المناصب****) ربما تجبرهم الدولة على الالتفاف على أنفسهم وسوف**** يشكلون حلفاً**** للدفاع عن مصالحهم ما داموا وقفوا مع الدولة طوال الأعوام والسنين والأزمات،**** ولم تقف معهم****. نعرف سياسة الحكم نعرف أن الدولة لها نظرة**** غير التي**** ننظرها،**** نعرف أنهم جميعهم شعب البحرين،**** والله نعرف كل ذلك،**** ونحن أصحاب عقيدة فلا نرضى بالظلم على أي**** إنسان من منطق الإنسانية ومن منطلق ديننا،**** فنحن طلاب عدل،**** لكن طلاب حزم ودولة وقانون،**** وطلاب الضرب بيد من حديد على من**** يستهدف مكونات،**** أو**** يستهدف قلب نظام الحكم،**** وإلا فإن هذا الوطن سوف**** يختطف في**** لحظة ما،**** كما كاد أثناء الدوار****. لكن الذي**** نريد أن نعرفه،**** هل الدولة تقف مع نفسها أولاً،**** قبل أن تقف موقف الحاكم للجميع،**** الذي**** لم**** يقف مع الدولة في**** اللحظة الحاسمة ربما لن**** يقف معها في**** أي**** وقت****. الأدهى أن من دللتهم الدولة وأعطتهم وحسبتهم موالاة،**** انقلبوا ضد الدولة،**** حتى أنهم لم**** يقفوا على الحياد،**** مع الحياد كان كفراً**** ساعتها****. الشارع الذي**** توحد،**** لن**** يتوحد ضد أطراف فقط،**** إن تعاملتم معه**** (باستغفال وتهميش أو أنه مضمون****) سوف**** يخرج عن المسار وسوف**** يكون له تحرك،**** وحين**** يتحرك هذا الشارع ويتوحد هنا**** يكون الخوف حين**** يعملون ضد المصلحة العامة،**** فلا تتجاهلوهم،**** ولا تهمشوهم،**** ولا تجعلوهم**** يفقدون الثقة بالدولة التي**** تنحني**** وتنحني**** ولا نعرف إلى متى وإلى أين؟ هؤلاء هم من**** يملكون أسرار المعادلة،**** وإن لم تقفوا معهم هذه المرة،**** ومع سيادة القانون وتطبيقه على الجميع فقد تخسرهم الدولة****. كل الشكر إلى الشيخ عيسى بن علي**** الدوسري الأزمة محصت لنا الرجال،**** وأنا في**** هذا المقام أتوجه بالشكر إلى الرجل الفاضل الشيخ عيسى بن علي**** بن عيسى الدوسري**** نائب شيخ قبيلة الدواسر في**** البحرين والدمام على موقفه تجاه البحرين وحكام البحرين وموقفه المشرف هو وقبائل السعودية الكرام من الأزمة في**** البحرين****. كما أشكر الشيخ عيسى بن علي**** الدوسري**** على موقفه الشخصي**** من كاتب السطور،**** أتقدم لك بالامتنان على رسالتك الطيبة وكلماتك المعبرة والتي**** أسعدتني،**** وهذا**** ينم عن كرم أخلاقك ومواقفك الرجولية التي**** يكبرها أهل البحرين،**** فقبيلة الدواسر الكرام داخل وخارج البحرين هم من أجواد البلد،**** وهم الذين لهم وقفات تاريخية مشرفة**** يعرفها أهل البحرين عبر التاريخ****.
هشام الزياني كاتب بحريني