في 20 يناير 2001 وصل المحافظون الجدد إلى سدة الحكم في البيت الأبيض على يد الرئيس الأمريكيجورج بوش الابن وساعدت هذه التطورات بشكل سريع في تعزيز وجهة النظر الأمريكية بأن الحاجة للطائفة السنية والعائلات الملكية في الخليج قد انتهت ولابد من إعادة تكوين تحالف جديد يقوم على ثلاثة أطراف، وهي
واشنطن، طهران، تيار ولاية الفقيه الشيعي
المحافظون الجدد بالولايات المتحدة يختلفون كثيراً في سياساتهم الخارجية لأنهم يصنفون من اليمين المسيحي المتطرف وهو التيار الذي يقابله في التيارات الإسلامية (التيار السلفي المتشدد)
هؤلاء المحافظون الذين حكموا خلال الفترة من 2001 ـ 2009 كانوا يؤمنون بنظرية الفوضى الخلاقة وتقوم هذه النظرية على ضرورة نشر الفوضى فيالعالم حتى يمكن تحقيق الاستقرار للقلة وهم الأمريكان والغرب في هذه الحالة
وكان لهذا التيار دور كبير في إبعاد أي تقارب بين واشنطن والسُنة في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي بما فيها الأسر الخليجية المالكة
فعلى سبيل المثال عندما قدم وزير الخارجية الأمريكي في عهد بوش الابن استقالته من الوزارة رشّح الرئيس الأمريكي كوندليزا رايس لهذا المنصب، وفي لقاء مع الكونجرس في بداية توليها المنصب حول سياستها الخارجية قالت
سأكون مجتهدة في التخلص من الحلفاء السابقين لانتهاء صلاحياتهم، وهؤلاء تم استهلاكهم ولابد من التخلص منهم والبحث عن حلفاء جدد
من هنا فإنه عندما طرح عاهل البلاد مشروع ميثاق العمل الوطني نهاية العام 2000 كان هناك حماس أمريكي لتأييد هذا المشروع وسط ذهول الإدارة الأمريكية من سرعة الإصلاحات التي قام بها العاهل وفاقت توقعات المراقبين وحتى القوى السياسية البحرينية
فواشنطن بقيادة المحافظين الجدد آنذاك كانت تدرك تماماً أن الفرصة مواتية لإحداث فوضى داخل البحرين من خلال زيادة نفوذ تيار ولاية الفقيه على حساب النفوذ السني التقليدي
ولذلك تثبت وثائق ويكيليكس حجم الاهتمام الأمريكي بالقوى السياسية الشيعية أكثر من اهتمامها بالقوى السياسية السنية
لأن واشنطن كانت ترى في الإصلاحات التي أجريت فرصة ثمينة يمكن من خلالها إحداث تحول سياسي جذري خلال سنوات
الهدف من تلك الإصلاحات من وجهة نظر واشنطن هو تحقيق مزيد من الاستقرار السياسي بالفوضى الخلاقة، ولكن كيف يمكن تحقيق الاستقرار بالفوضى؟ الاستقرار بالفوضى الخلاقة هو حالة سياسيةيمكن من خلالها تحقيق الاستقرار على المدى الطويل عبر إجراء سلسلة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
بحيث يتم تخفيف الضغوط الشعبية على الحكومات الخليجية بإجراء هذه الإصلاحات وفي النهاية تنقلب المعادلة السياسية لتتولى القوة السياسية الأضعف (تيار ولاية الفقيه) السلطة بدلاً من القوة السياسية التقليدية (الأسرة المالكة والطائفة السنية الداعمة لها)
والنتيجة النهائية لهذه الحالة هي تكوين إقليم شيعي في منطقة الخليج العربي واحتواء الطائفة السنية
غداً نتحدث عن غزو العراق وكيف ساعد واشنطن وطهران في زيادة نفوذ تيار ولاية الفقيه في البحرين ومنطقة الخليج