بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد ،
كثيرا ما قلنا أن التصوف يحمل عقائد باطنية كفرية لا يظهرونها إلا لخاصة الخاصة ، وليس هذا اكتشاف جديد إنما هو ما صرح به مشايخ الصوفية الاقدمين وهذه نماذج من أقوالهم :
قال ابن عربي : (( وهذه الاسرار سترها أهل طريقتنا ونسترها كما ستروها ، وإنما ذكرت هذا القدر منها تنبيها للقلب المتعطش )) [ مواقع النجوم ص 149 ]
قال إبراهيم الدسوقي : (( لا تودعوا كلامنا إلا عند من كان منا ويسلك طريقنا فقد قالوا ذكر الكلام لغير أهله عورة )) [ الكواكب الدرية ص 14 / 2 ]
وقال علي بن أبي الوفا السكندري : (( لا ينبغي لعارف أن يظهر لغيره من معارفه إلا ما يعلم قبوه ، ولا تقصص رؤياك على اخوتك )) [ الكواكب الدرية ص 148 / 3 ]
وقال الشعراني : (( ومما من الله تبارك وتعالى به علي عدم إفشائي الأسرار المتلعقة بالتوحيد ودقائقه الشريفة لأحد من الخلق إلا بعد طول امتحانه وكثرة التنكرات والتغريات عليه، وإغضابه المرة بعد المرة .... الخ )) [ المنن الكبرى ص 568 ]
ولم تكن الباطنية مقتصرة على هؤلاء بل هي مسترة إلى يومنا هذا فهذا عبد الهادي الخرسة المعاصر يوصي إخوانه المنشدين في الموالد بأن يتجنوا الاشعار التي هي للخاصة وليس للعوام ، فينطبق عليهم مقولة : (( ما اشبه اليوم بالبارحة )) ، وهذا هو نص كلامه :
(( وأن يبتعدوا عن أناشيد الصوفية التي فيها ذكر الخمر وأسماء النساء وما يوهم وحدة الوجود والحلول والاتحاد لأنها ليست للعامة بل لها مجالسها الخاصة ولقومٍ خاصين يفهمونها على الوجه الصحيح من غير تكلف تأويل ))
وسؤال يرد على ذهن القاري عن هذه الاسرار فنقول سنذكر لك حكم من يفشي هذه الاسرار عند الصوفية وانت احكم على ماهية هذه الاسرار .
قال الشعراني : (( وقالوا من باح السر استحق القتل )) [ اليواقيت والجواهر ص 40 / 1 ]
وقال محمد العربي : (( وقد صرح بذلك أهل الله تعالى على رؤوس الاشهاد وقالوا : من باح السر استحق القتل )) [ بغية المستفيد ص 25 ]
قال ابن عربي الاسرا إلى مقام الاسرى ص 134 :
وعص في بحر ذات الذات تبصر == عجائب ما تبدت للعيان
وأسرارا تراءت مبهمات == متسترة بأرواح المعاني
فمن فهم الاشارة فليصنها == وإلا سوف يقتل بالسنان
كحلاج المحبة إذ تبدت == له شمس الحقيقة بالتداني
وهناك بيتان مشهوران في في هذا الباب :
يا رب جوهر علم لو أبوح به == لقيل لي أنت من يعبد الوثنا
ولاستباح رجال مؤمنون دمي == يرون قبح ما يأتونه حسنا
هذا والله تعالى أعلا وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
=============
أبو عثمان