س4 : أخ يسأل ويقول : ما حكم التأويل في الصفات ؟
ج4 : التأويل في الصفات منكر لا يجوز ، بل يجب إمرار الصفات كما جاءت على ظاهرها اللائق بالله جل وعلا بغير تحريف ولا تعطيل ، ولا تكييف ولا تمثيل ، فالله جل جلاله أخبرنا عن صفاته وعن أسمائه ، وقال ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) فعلينا أن نمرها كما جاءت ، وهكذا قال أهل السنة والجماعة ( أمروها كما جاءت بلا كيف ) أي أمروها كما جاءت بغير تحريف لها ولا تأويل ولا تكييف ، بل يقر بها كما جاءت على ظاهرها وعلى الوجه الذي يليق بالله جل وعلا ، ومن دون تكييف ولا تمثيل . فيقال في قوله تعالى ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) وأمثالها من الآيات إنه استواء يليق بجلال الله وعظمته ، لا يشبه استواء المخلوقين ، ومعناه عند أهل الحق : العلو والارتفاع . وهكذا يقال في العين ، والسمع والبصر واليد والقدم ، وغير ذلك من الصفات الثابتة لله جل وعلا والواردة في النصوص الشرعية ، وكلها صفات تليق بالله سبحانه ، لا يشابهه فيها الخلق جل وعلا ، وعلى هذا سار أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن بعدهم من أئمة السنة ، كالأوزاعي والثوري ومالك وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق وغيرهم من أئمة المسلمين رحمهم الله جميعا . ومن ذلك قوله تعالى في قصة نوح : وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا الآية ، وقوله سبحانه في قصة موسى : وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي فسرها أهل السنة بأن المراد بقوله سبحانه ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) أي أنه سبحانه سيرها برعايته جل وعلا ، حتى استوت على الجودي ، وهذا قوله في قصة موسى ( وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ) أي على رعايته سبحانه وتوفيقه للقائمين على تربيته عليه الصلاة والسلام .
وهكذا قوله سبحانه للنبي صلى الله عليه وسلم ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ) أي أنك تحت كلاءتنا وعنايتنا وحفظنا . وليس هذا كله من التأويل ، بل ذلك من التفسير المعروف في لغة العرب ، وأساليبها ومن ذلك الحديث القدسي ، وهو قول الله سبحانه : " من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " يمر كما جاء عن الله سبحانه وتعالى ، من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ، بل على الوجه الذي أراده الله سبحانه وتعالى ، وهكذا نزوله سبحانه في آخر الليل ، وهكذا السمع والبصر ، والغضب والرضا ، والضحك والفرح ، وغير ذلك من الصفات الثابتة ، كلها تمر كما جاءت على الوجه الذي يليق بالله من غير تكييف ، ولا تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ، عملا بقوله سبحانه : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وما جاء في معناها من الآيات . أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة ، ومن سار في ركابهم ، وهو مذهب باطل أنكره أهل السنة والجماعة ، وتبرءوا منه ، وحذروا من أهله والله ولي التوفيق .
المرجع موقع الشيخ ابن باز رحمه الله
http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz00568