وفات من يصنع ذلك أن الشرائع وإن تنوعت وتعددت فإن شريعة الإسلام حاكمة ومهيمنة على سائر الشرائع، وأن الدين من لدُن آدم حتى قيام الساعة هو دين الإسلام (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)(آل عمران:19)، وهذا الدين هو الذي بُعث به موسى وعيسى ونبينا -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، فما من نبي إلا وقال لقومه: (اعْبُدُوا اللَّهَ )
وتوكيدا لمقالك اخي الحبيب ابو نسيبه ----
يلزم تفسير القرآن بالقرآن بمعني فهم مدلول اللفظ من واقع النص لا من المدلول التراثي .
وباستعراض القرآن كله يتبين أن المقصود (بالإسلام) هو كل الديانات السماوية , فكل الأنبياء جاءوا بدين سماوي واحد أسماه الله بالإسلام تمييزا له عن الديانات الوضعية . ومن الأدق القول بأن الدين واحد بعث الله به أنبياءه من فجر تاريخ الإنسان منذ آدم حتي محمد مرورا بسلسلة طويلة من الأنبياء لم يذكر الله في القرآن إلا بعضهم فقط .وكانت مضامين هذه النبوات واحدة لكنها تتباين من حيث التبسيط (في البداية ) وانتهاء بتعقيدها في آخر أطوارها (البعثة المحمدية ) وذلك بما يناسب المحصول المعرفي والحضاري للناس . فالوظيفة الأساسية للأديان (أقصد الدين الواحد بمراحله وأطواره عبر التاريخ الإنساني) هي تنظيم العلاقات بين الناس ,وحماية كل الناس من بعض الناس , وكفالة العدل والمساواة . ولو تأملنا الوصايا العشر في المرحلة الموسوية لوجدنا فيها الأساس المنظم لعلاقات الناس " لا تشرك بالرب , لا تصنع له تمثالا , لا تنطق باسم الرب آلهة أخرى , أكرم أباك وأمك , لا تقتل , لا تزني , لا تسرق , لا تشهد شهادة زور, لا تشته امرأة قريبك أو بيته أو حقله " سفر التثنية , الإصحاح الخامس . وكذلك يقول السيد المسيح عليه السلام : " لا تقتل , لا تزن , لا تسرق , لا تشهد , بالزور ,أكرم أباك وأمك , وأحب قريبك كنفسك" متى الإصحاح التاسع عشر . ومثل ذلك في سورة الأنعام :" قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " الأنعام 151 - 152 . فهي تعاليم واحدة ورب واحد ودين واحد وإن شاب هذا الدين في مراحله الثلاث الأخيرة (الموسوية , والمسيحية ,والمحمدية ) تحريفات تراثية خطيرة ألحقت التشويه بهذا الدين فكلمة إسلام إذن لا تعني فقط المرحلة المحمدية وحدها , وإنما هي مراحل وأطوار هذا الدين كلها كما أسلفنا . ذلك هو فهم الأمر من واقع النص القرآني وليس تأويلا أو اجتهادا .وفيما يلي بعض الآيات القرآنية التي تفيد هذا المعنى:
- شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ {13} الشورى
- وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ{84 يونس
- وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ{192} نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ{193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ{194} بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ{195} وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ{196الشعراء
- إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى{18} صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى{19) الأعلى ..,وغير ذلك كثير,.
هذا الجزء منقول من موضوع للكاتب نبيل هلال هلال