العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحوار مع الأباضية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-01-17, 11:09 PM   رقم المشاركة : 1
سالم السهلي
مشرف






سالم السهلي غير متصل

سالم السهلي is on a distinguished road


منهج شيخ الإسلام في كتابه منهاج السنة وموقفه من الإمام علي

منهج شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني في كتابه (منهاج السنة) للرد على الرافضة وبيان موقفه من الصحابة عموماً ومن الإمام علي خصوصاً رض الله عنهم اجمعين :


الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله عز وجل الموتى، ويبصّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍّ تائه قد هدوه، أما بعد:

فإن أهل الباطل من الإباضية الخوارج والروافض يسعون سعياً حثيثاً لبثّ الشبهات والخوض في ذلك تارة بالكذب وتارة بالتدليس، ومن ذلك ما يستدلون به من بعض نصوص شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه منهاج السنة في الرد على الرافضي أبي منصور الحسن يوسف المشهور بالعلامة الحلّي، فيقتطعون منه ما يريدون ويتركون السياق كاملاً الذي يوضح المقصود ابن تيمية رحمه الله، وهؤلاء ينطبق عليهم قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ﴾ [آل عمران: 7]، فإذا كان كلام الله تعالى منه محكم ومنه متشابه، كان من الواجب الجمع بين كلام الله وضم النصوص بعضها إلى بعض ورد المتشابه إلى المحكم، فمن باب أولى كلام البشر فكان لا بد أن يُجمع كلام شيخ الإسلام رحمه الله حتى يُخرج بنتيجة صحيحة، وقد قال ابن تيمية رحمه الله في مثل هذا المقام: (فإنه يجب أن يفسر كلام المتكلم بعضه ببعض، ويؤخذ كلامه ههنا وههنا، وتعرف ما عادته يعنيه ويريده بذلك اللفظ إذا تكلم به، وتعرف المعاني التي عرف أنه أرادها في موضع آخر، فإذا عُرف عُرْفُه وعادته في معانيه وألفاظه كان هذا مما يستعان به على معرفة مراده، وأما إذا استعمل لفظه في معنى لم تجر عادته باستعماله فيه، وترك استعماله في المعنى الذي جرت عادته باستعماله فيه، وحمل كلامه على خلاف المعنى الذي قد عرف أنه يريده بذلك اللفظ، يجعل كلامه متناقضاً، ويترك كلامه على ما يناسب سائر كلامه، كان ذلك تحريفاً لكلامه عن موضعه، وتبديلاً لمقاصده وكذباً عليه) اهـ [الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 4 / 44].
فهذا هو المنهج الواجب فلا يؤخذ كلام من هنا وله سياقه ويُترك الكلام المحكم حتى لا يكون كذباً عليه.

ولإيضاح ذلك لا بد من بيان الأمور التالية:
أولاً: أن هذا الكتاب وهو (منهاج السنة) هو في الرد على الرافضي الحلّي وكتابه المسمى بـ (منهاج الكرامة)، وقد حوى الرافضي كتابه بالطعن في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم والانتقاص منهم وتفضيل علي رضي الله عنه عليهم واعتقاد عصمته، وهذا خلاف معتقد أهل السنة والجماعة لمخالفته – أي: ما يعتقده الحلّي وطائفته الرافضة – الأدلة الشرعيّة، وقد قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (كنّا نقول ورسول الله ﷺ حيٌّ: أفضل الأمة بعد نبيِّها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان رضي الله عنهم) [رواه أبو داود]، وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: (وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، نقدم هؤلاء الثلاثة كما قدمهم أصحاب رسول الله ﷺ لم يختلفوا في ذلك) اهـ [أصول السنة 6]، وقال حَرْب الكرماني رحمه الله: (وخير هذه الأمة بعد النبي ﷺ أبو بكر، وخيرهم بعد أبي بكر عمر، وخيرهم بعد عمر عثمان، وقال قوم من أهل العلم وأهل السنة: وخيرهم بعد عثمان علي، ووقف قوم على عثمان، وهم خلفاء راشدون مهديون) اهـ [إجماع السلف في الاعتقاد 70 – 71]، وقال الصابوني رحمه الله: (ويشهدون ويعتقدون أن أفضل أصحاب رسول الله ﷺ أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، وأنهم الخلفاء الراشدون الذين ذكر رسول الله ﷺ خلافتهم بقوله فيما رواه سعيد بن جمهان، عن سفينة: الخلافة بعدي ثلاثون سنة) اهـ [عقيدة السلف وأصحاب الحديث 289].
وعلى إثر ذلك فإن الصحابة رضي الله عنهم ليسوا معصومين وقد يقعون في بعض الأخطاء لكن لا يُتخذ ذلك لأجل الطعن والثلب بل والتكفير أيضاً، فلما انتهج الحلّي إظهار المطاعن بهؤلاء الثلاثة وهم أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، كان من حجة الإلزام أن يلزم شيخ الإسلام الحلّي بمثل حجته فيُظهر له وجه الخطأ عنده بأنَّ علياً رضي الله عنه وقع أيضاً في أخطاء أكثر منهم لأنهم أفضل منه، وأنه ليس معصوماً رضي الله عنه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (نَحْنُ لَسْنَا نَدَّعِي لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْعِصْمَةَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، بَلْ نَدَّعِي أَنَّهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، وَحِزْبِهِ الْمُفْلِحِينَ، وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَأَنَّهُمْ مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَنَقُولُ: إنَّ الذُّنُوبَ جَائِزَةٌ عَلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ مَنِ الصِّدِّيقِينَ، وَمَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنَ الصِّدِّيقِينَ، وَلَكِنَّ الذُّنُوبَ يُرْفَعُ عِقَابُهَا بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارُ وَالْحَسَنَاتُ الْمَاحِيَةُ وَالْمَصَائِبُ الْمُكَفِّرَةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ مِنَ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالْحَسَنَاتِ مَا لَيْسَ لِمَنْ هُوَ دُونَهُمْ، وَابْتُلُوا بِمَصَائِبَ يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهَا خَطَايَاهُمْ، لَمْ يُبْتَلَ بِهَا مَنْ دُونَهُمْ، فَلَهُمْ مِنَ السَّعْيِ الْمَشْكُورِ وَالْعَمَلِ الْمَبْرُورِ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ، وَهُمْ بِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ، وَالْكَلَامُ فِي النَّاسِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، لَا بِجَهْلٍ وَظُلْمٍ، كَحَالِ أَهْلِ الْبِدَعِ ; فَإِنَّ الرَّافِضَةَ تَعْمِدُ إِلَى أَقْوَامٍ مُتَقَارِبِينَ فِي الْفَضِيلَةِ، تُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ أَحَدَهُمْ مَعْصُومًا مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، وَالْآخَرَ مَأْثُومًا فَاسِقًا أَوْ كَافِرًا، فَيَظْهَرُ جَهْلُهُمْ وَتَنَاقُضُهُمْ، كَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ نُبُوَّةَ مُوسَى أَوْ عِيسَى، مَعَ قَدْحِهِ فِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ يَظْهَرُ عَجْزُهُ وَجَهْلُهُ وَتَنَاقُضُهُ، فَإِنَّهُ مَا مِنْ طَرِيقٍ يُثْبِتُ بِهَا نُبُوَّةَ مُوسَى وَعِيسَى إِلَّا وَتَثْبُتُ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِهَا أَوْ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا، وَمَا مِنْ شُبْهَةٍ تَعْرِضُ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا وَتَعْرِضُ فِي نُبُوَّةِ مُوسَى وَعِيسَى - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ – بِمَا هُوَ مِثْلُهَا أَوْ أَقْوَى مِنْهَا، وَكُلُّ مَنْ عَمَدَ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ، أَوْ مَدْحِ الشَّيْءِ وَذَمِّ مَا هُوَ مَنْ جِنْسِهِ، أَوْ أَوْلَى بِالْمَدْحِ مِنْهُ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَصَابَهُ مِثْلُ هَذَا التَّنَاقُضِ وَالْعَجْزِ وَالْجَهْلِ. وَهَكَذَا أَتْبَاعُ الْعُلَمَاءِ وَالْمَشَايِخِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَمْدَحَ مَتْبُوعَهُ وَيَذُمَّ نَظِيرَهُ، أَوْ يُفَضِّلَ أَحَدَهُمْ عَلَى الْآخَرِ بِمِثْلِ هَذَا الطَّرِيقِ) اهـ [منهاج السنة 4 / 336 – 337].
وهذا نَقْلٌ نفيس وكلامٌ علمي محرر منه رحمه الله يبين المنهج العلمي في ذلك، ولن يفقه هؤلاء مثل هذا الكلام لأنه أكبر منهم بكثير.
ثانياً: أن شيخ الإسلام رحمه الله انتهج كما ذكرنا على السير بحجة الإلزام، ولهذا إذا ذكر الرافضي حجة على أحد الصحابة وعلى وجه الخصوص الثلاثة ردَّ عليه بحجة الخوارج والنواصب فيما يقولونه بعلي رضي الله عنهم أجمعين، وكأنه يقول للرافضي إذا طعنت بهؤلاء الثلاثة سيطعنون الآخرين بعلي أكثر وأكثر ولا يمكن التفريق بينهم.
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في سبب تأليف هذا الكتاب:
(فَإِنَّهُ قَدْ أَحْضَرَ إِلَيَّ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ كِتَابًا صَنَّفَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ فِي عَصْرِنَا مُنَفِّقًا لِهَذِهِ الْبِضَاعَةِ، يَدْعُو بِهِ إِلَى مَذْهَبِ الرَّافِضَةِ الْإِمَامِيَّةِ، مَنْ أَمْكَنَهُ دَعْوَتُهُ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ، وَغَيْرِهِمْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، مِمَّنْ قَلَّتَ مَعْرِفَتُهُمْ بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَلَمْ يَعْرِفُوا أَصْلَ دِينِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ عَادَتُهُمْ إِعَانَةُ الرَّافِضَةِ مِنَ الْمُتَظَاهِرِينَ بِالْإِسْلَامِ، مِنْ أَصْنَافِ الْبَاطِنِيَّةِ الْمُلْحِدِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي الْبَاطِنِ مِنَ الصَّابِئَةِ الْفَلَاسِفَةِ الْخَارِجِينَ عَنْ حَقِيقَةِ مُتَابَعَةِ الْمُرْسَلِينَ الَّذِينَ لَا يُوجِبُونَ اتِّبَاعَ دِينِ الْإِسْلَامِ ، وَلَا يُحَرِّمُونَ اتِّباع مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَدْيَانِ، بَلْ يَجْعَلُونَ الْمِلَلَ بِمَنْزِلَةِ الْمَذَاهِبِ، وَالسِّيَاسَاتِ الَّتِي يَسُوغُ اتِّبَاعُهَا، وَأَنَّ النُّبُوَّةَ نَوْعٌ مِنَ السِّيَاسَةِ الْعَادِلَةِ الَّتِي وُضِعَتْ لِمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فِي الدُّنْيَا) اهـ [منهاج السنة 1 / 4 – 6].
ثالثاً: أن شيخ الإسلام رحمه الله اضطر لهذا كما ذكر هو في سبب تأليف هذا الكتاب كما ذكرنا؛ لأن ذكر مثل هذه الأمور يكون من قبيل الحاجة لبيان أمر معين ودفع شبهة عارضة، قال الآجري رحمه الله: (يَنْبَغِي لِمَنْ تَدَبَّرَ مَا رَسَمْنَاهُ مِنْ فَضَائِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَضَائِلِ أَهْلِ بَيْتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ أَنْ يُحِبَّهُمْ وَيَتَرَحَّمَ عَلَيْهِمْ وَيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ , وَيَتَوَسَّلَ إِلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ بِهِمْ وَيَشْكُرَ اللَّهَ الْعَظِيمَ إِذْ وَفَّقَهُ لِهَذَا , وَلَا يَذْكُرَ مَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ وَلَا يَنْقُرَ عَنْهُ وَلَا يَبْحَثَ , فَإِنْ عَارَضَنَا جَاهِلٌ مَفْتُونٌ قَدْ خُطِئِ بِهِ عَنْ طَرِيقِ الرَّشَادِ فَقَالَ: لِمَ قَاتَلَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ وَلِمَ قَتَلَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ؟ . قِيلَ لَهُ: مَا بِنَا وَبِكَ إِلَى ذِكْرِ هَذَا حَاجَةٌ تَنْفَعُنَا وَلَا اضْطُرِرْنَا إِلَى عِلْمِهَا. فَإِنْ قَالَ: وَلِمَ؟ قِيلَ لَهُ: لِأَنَّهَا فِتَنٌ شَاهَدَهَا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَكَانُوا فِيهَا عَلَى حَسَبِ مَا أَرَاهُمُ الْعِلْمُ بِهَا وَكَانُوا أَعْلَمَ بِتَأْوِيلِهَا مِنْ غَيْرِهِمْ , وَكَانُوا أَهْدَى سَبِيلًا مِمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ , عَلَيْهِمْ نَزَلَ الْقُرْآنُ وَشَاهَدُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاهَدُوا مَعَهُ وَشَهِدَ لَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالرِّضْوَانِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالْأَجْرِ الْعَظِيمِ , وَشَهِدَ لَهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ خَيْرُ قَرْنٍ. فَكَانُوا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَعْرَفَ وَبِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْقُرْآنِ وَبِالسُّنَّةِ وَمِنْهُمْ يُؤْخَذُ الْعِلْمُ وَفِي قَوْلِهِمْ نَعِيشُ , وَبِأَحْكَامِهِمْ نَحْكُمُ وَبِأَدَبِهِمْ نَتَأَدَّبُ وَلَهُمْ نَتَّبِعُ وَبِهَذَا أُمِرْنَا. فَإِنْ قَالَ: وَإِيشِ الَّذِي يَضُرُّنَا مِنْ مَعْرِفَتِنَا لِمَا جَرَى بَيْنَهُمْ وَالْبَحْثِ عَنْهُ؟ . قِيلَ لَهُ: مَا لَا شَكَّ فِيهِ وَذَلِكَ أَنَّ عُقُولَ الْقَوْمِ كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ عُقُولِنَا , وَعُقُولُنَا أَنْقَصُ بِكَثِيرٍ وَلَا نَأْمَنُ أَنْ نَبْحَثَ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ فَنَزِلَّ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ وَنَتَخَلَّفَ عَمَّا أُمِرْنَا فِيهِمْ. فَإِنْ قَالَ: وَبِمَ أُمِرْنَا فِيهِمْ؟ . قِيلَ: أُمِرْنَا بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِمْ وَالْمَحَبَّةِ لَهُمْ وَالِاتِّبَاعِ لَهُمْ , دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَقَوْلُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ , وَمَا بِنَا حَاجَةٌ إِلَى ذِكْرِ مَا جَرَى بَيْنَهُمْ , قَدْ صَحِبُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاهَرَهُمْ وَصَاهَرُوهُ , فَبِالصُّحْبَةِ يَغْفِرُ اللَّهُ الْكَرِيمُ لَهُمْ , وَقَدْ ضَمِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ أَنْ لَا يُخْزِيَ مِنْهُمْ وَاحِدًا وَقَدْ ذَكَرَ لَنَا اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ أَنَّ وَصْفَهُمُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ , فَوَصَفَهُمْ بِأَجْمَلِ الْوَصْفِ وَنَعَتَهُمْ بِأَحْسَنِ النَّعْتِ , وَأَخْبَرَنَا مَوْلَانَا الْكَرِيمُ أَنَّهُ قَدْ تَابَ عَلَيْهِمْ , وَإِذَا تَابَ عَلَيْهِمْ لَمْ يُعَذِّبْ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) اهـ [كتاب الشريعة 2485 – 2486].

فمن أصول أهل السنة والجماعة أنهم يُمسكون عن الكلام فيما حصل بين الصحابة رضي الله عنهم، ويكفُّون عن البحث فيه؛ لأن طريق السلامة هو السكوت عن مثل هذا، ويقولون كما قال الله تعالى عنهم: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم﴾ [الحشر: 10]، والإجابة عن الآثار المروية في مساويهم من وجوه:
الوجه الأول: أن هذه الآثار منها ما هو كذب، قد افتراه أعداؤهم ليشوهوا سمعتهم.
الوجه الثاني: أن هذه الآثار منها ما قد زِيدَ ونُقِصَ فيه، وغُيِّرَ عن وجهه الصحيح، ودخله الكذب، فهو محرف لا يُلتفت إليه.
الوجه الثالث: أن ما صح من هذه الآثار – وهو القليل – هم فيه معذورون؛ لأنهم إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون، فهو من موارد الاجتهاد الذي إن أصاب المجتهد فيه فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، والخطأ مغفور لما في الحديث عن النبي ﷺ قال: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحد) [متفقٌ عليه].
الوجه الرابع: أنهم بشر يجوز على أفرادهم الخطأ، فهم ليسوا معصومين من الذنوب بالنسبة للأفراد، لكن ما يقع منهم فله مكفرات عديدة، منها:
أولاً: أن يكون قد تاب منه، والتوبة تمحو السيئة مهما كانت كما جاءت به الأدلة.
ثانياً: أن لهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما صدر منهم إن صدر، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، ولهم من الصُّحبة والجهاد مع رسول الله ﷺ ما يغمر الخطأ الجزئي.
ثالثاً: أنهم تُضاعف لهم الحسنات أكثر من غيرهم، ولا يساويهم أحد في الفضل، وقد ثبت بقول رسول الله ﷺ أنهم خير القرون، وأن الـمُدَّ من أحدهم إذا تصدق به أفضل من جبل أُحدٍ ذهباً إذا تصدق به غيرهم رضي الله عنهم، قال ﷺ: (لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مِثْلَ أُحدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه) [متفقٌ عليه]، والمعنى: أن الإنفاق الكثير في سبيل الله من غير الصحابة رضي الله عنهم لا يعادل الإنفاق القليل من الصحابة، وذلك أن الإيمان الذي كان في قلوبهم حين الإنفاق في أول الإسلام وقلة أهله وكثرة الصوارف عنه وضعف الدواعي إليه لا يمكن أن يحصل لأحدٍ مثله ممن بعدهم رضي الله عنهم.
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله حين سئل عن القتال الذي حصل بين الصحابة فقال: (تلك دماءٌ طهَّر الله يَدِي منها، أفلا أطهر منها لساني؟ مَثَلُ أصحاب رسول الله ﷺ مَثَلُ العيون، ودواء العيون ترك مَسِّها) [الطبقات لابن سعد 5 / 394].
وقال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: (وأنْ لا يُذكر أحدٌ من صحابة الرسول إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شَجَرَ بينهم، وأنهم أحقُّ الناس أنْ يُلتمس لهم أحسن المخارج، ويُظَنُّ بهم أحسن المذاهب) [رسالة القيرواني مع شرحها الثمر الداني في تقريب المعاني لصالح الأزهري 23].
رابعاً: أن عقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في علي رضي الله عنه معلومة في الترضي عنه وموالاته وحبه فنذكرها حتى لا ندع مجالاً للشك.

قال رحمه الله: (وَلَا تَجِدُ أَحَدًا مِمَّنْ تَمْدَحُهُ الشِّيعَةُ إِلَّا وَفِيمَنْ تَمْدَحُهُ الْخَوَارِجُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، فَإِنَّ الرَّوَافِضَ شَرٌّ مِنَ النَّوَاصِبِ، وَالَّذِينَ تُكَفِّرُهُمْ أَوْ تُفَسِّقُهُمُ الرَّوَافِضُ هُمْ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِينَ تُكَفِّرُهُمْ أَوْ تُفَسِّقُهُمُ النَّوَاصِبُ. وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَيَتَوَلَّوْنَ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْ طَرِيقَةِ الرَّوَافِضِ وَالنَّوَاصِبِ جَمِيعًا، وَيَتَوَلَّوْنَ السَّابِقِينَ وَالْأَوَّلِينَ كُلَّهُمْ، وَيَعْرِفُونَ قَدْرَ الصَّحَابَةِ وَفَضْلَهُمْ وَمَنَاقِبَهُمْ، وَيَرْعَوْنَ حُقُوقَ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ لَهُمْ، وَلَا يَرْضَوْنَ بِمَا فَعَلَهُ الْمُخْتَارُ وَنَحْوُهُ مِنَ الْكَذَّابِينَ، وَلَا مَا فَعَلَهُ. الْحَجَّاجُ وَنَحْوُهُ مِنَ الظَّالِمِينَ، وَيَعْلَمُونَ مَعَ هَذَا مَرَاتِبَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنَ التَّقَدُّمِ وَالْفَضَائِلِ مَا لَمْ يُشَارِكْهُمَا فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَا عُثْمَانُ وَلَا عَلِيٌّ وَلَا غَيْرُهُمَا) اهـ [منهاج السنة 2 / 71].

ويقول: (وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ نَصَبُوا الْعَدَاوَةَ لِعَلِيِّ وَمَنْ وَالَاهُ وَهُمْ الَّذِينَ اسْتَحَلُّوا قَتْلَهُ وَجَعَلُوهُ كَافِرًا وَقَتَلَهُ أَحَدُ رُءُوسِهِمْ " عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجِمٍ الْمُرَادِيَّ " فَهَؤُلَاءِ النَّوَاصِبُ الْخَوَارِجُ الْمَارِقُونَ إذْ قَالُوا: إنَّ عُثْمَانَ وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمَنْ مَعَهُمَا كَانُوا كُفَّارًا مُرْتَدِّينَ فَإِنَّ مِنْ حُجَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ مَا تَوَاتَرَ مِنْ إيمَانِ الصَّحَابَةِ وَمَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ مِنْ مَدْحِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ وَثَنَاءِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَرِضَاهُ عَنْهُمْ وَإِخْبَارِهِ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ وَمَنْ لَمْ يَقْبَلْ هَذِهِ الْحُجَجَ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يُثْبِتَ إيمَانَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَمْثَالِهِ. فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ هَذَا النَّاصِبِيَّ للرافضي: إنَّ عَلِيًّا كَانَ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا ظَالِمًا وَأَنَّهُ قَاتَلَ عَلَى الْمُلْكِ: لِطَلَبِ الرِّيَاسَةِ؛ لَا لِلدِّينِ وَأَنَّهُ قَتَلَ " مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ " مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَمَلِ وصفين وَحَرُورَاءَ أُلُوفًا مُؤَلَّفَةً وَلَمْ يُقَاتِلْ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَافِرًا وَلَا فَتَحَ مَدِينَةً بَلْ قَاتَلَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ وَنَحْوَ هَذَا الْكَلَامِ - الَّذِي تَقَوَّلَهُ النَّوَاصِبُ الْمُبْغِضُونَ لِعَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجِيبَ هَؤُلَاءِ النَّوَاصِبَ إلَّا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ الَّذِينَ يُحِبُّونَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ كُلَّهُمْ وَيُوَالُونَهُمْ. فَيَقُولُونَ لَهُمْ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَنَحْوُهُمْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ إيمَانُهُمْ وَهِجْرَتُهُمْ وَجِهَادُهُمْ. وَثَبَتَ فِي الْقُرْآنِ ثَنَاءُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَالرِّضَى عَنْهُمْ وَثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ثَنَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ خُصُوصًا وَعُمُومًا كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمُسْتَفِيضِ عَنْهُ: " {لَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاِتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا} " وَقَوْلِهِ: " {إنَّهُ قَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدِّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَعُمَرُ} " وَقَوْلِهِ عَنْ عُثْمَانَ: " {أَلَا أَسْتَحِي مِمَّنْ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ} "؟ وَقَوْلُهُ لِعَلِيِّ: " {لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ} " وَقَوْلِهِ: " {لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيُّونَ وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ} " وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. وَأَمَّا الرافضي فَلَا يُمْكِنْهُ إقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ يُبْغِضُ عَلِيًّا مِنْ النَّوَاصِبِ كَمَا يُمْكِنُ ذَلِكَ أَهْلُ السُّنَّةِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ الْجَمِيعَ) اهـ [مجموع الفتاوى 4 / 468 – 469].

ويقول: (فَضْلُ عَلِيٍّ وَوِلَايَتُهُ لِلَّهِ وَعُلُوُّ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ مَعْلُومٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ أَفَادَتْنَا الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ، لَا يُحْتَاجُ مَعَهَا إِلَى كَذِبٍ وَلَا إِلَى مَا لَا يُعْلَمُ صِدْقُهُ) اهـ [منهاج السنة 8 / 165].

وقال: (وَأَمَّا كَوْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرِهِ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ فَهُوَ وَصْفٌ ثَابِتٌ لَعَلِيٍّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، وَبَعْدَ مَمَاتِ عَلِيٍّ، فَعَلِيٌّ الْيَوْمَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَلَيْسَ الْيَوْمَ مُتَوَلِّيًا عَلَى النَّاسِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا) اهـ [المصدر السابق 7 / 325].

وقال: (وَأَمَّا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ مِمَّنْ يُحِبُّ اللَّهَ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ) اهـ [المصدر السابق 7 / 218].
وقال: (وَلَا رَيْبَ أَنَّ مُوَالَاةَ عَلِيٍّ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ، كَمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ مُوَالَاةُ أَمْثَالِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) اهـ [المصدر السابق 7 / 27].

وقال: (لَيْسَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مَنْ يَجْعَلُ بُغْضَ عَلِيٍّ طَاعَةً وَلَا حَسَنَةً، وَلَا يَأْمُرُ بِذَلِكَ، وَلَا مَنْ يَجْعَلُ مُجَرَّدَ حُبِّهِ سَيِّئَةً وَلَا مَعْصِيَةً، وَلَا يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ. وَكُتُبُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ مَمْلُوءَةٌ بِذِكْرِ فَضَائِلِهِ وَمَنَاقِبِهِ، وَبِذَمِّ الَّذِينَ يَظْلِمُونَهُ مِنْ جَمِيعِ الْفِرَقِ، وَهُمْ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ سَبَّهُ، وَكَارِهُونَ لِذَلِكَ. وَمَا جَرَى مِنَ التَّسَابِّ وَالتَّلَاعُنِ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ، مِنْ جِنْسِ مَا جَرَى مِنَ الْقِتَالِ. وَأَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بُغْضًا وَكَرَاهَةً لِأَنْ يُتَعَرَّضَ لَهُ بِقِتَالٍ أَوْ سَبٍّ، بَلْ هُمْ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ أَجَلُّ قَدْرًا، وَأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ، وَأَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ وَعِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَأَبِيهِ وَأَخِيهِ الَّذِي كَانَ خَيْرًا مِنْهُ، وَعَلِيٌّ أَفْضَلُ مِمَّنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ كُلُّهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا عَامَ الْفَتْحِ، وَفِي هَؤُلَاءِ خَلْقٌ كَثِيرٌ أَفْضَلُ مِنْ مُعَاوِيَةَ، وَأَهْلُ الشَّجَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ، وَعَلِيٌّ أَفْضَلُ جُمْهُورِ الذين الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ، بل هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ إِلَّا الثَّلَاثَةَ، فَلَيْسَ فِي أَهْلِ السُّنَّةِ مَنْ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أحداً غَيْرَ الثَّلَاثَةِ، بَلْ يُفَضِّلُونَهُ عَلَى جُمْهُورِ أَهْلِ بَدْرٍ وَأَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَعَلَى السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ) اهـ [المصدر السابق 4 / 396].
وقال: (لَا رَيْبَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مِنْ شُجْعَانِ الصَّحَابَةِ، وَمِمَّنْ نَصَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ بِجِهَادِهِ، وَمِنْ كِبَارِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَمِنْ سَادَاتِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمِمَّنْ قَتَلَ بِسَيْفِهِ عَدَدًا مِنَ الْكُفَّارِ) اهـ [المصدر السابق 8 / 76].
وقال: (قَتْلَ عَلِيٍّ وَأَمْثَالِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْمُحَارَبَةِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ) اهـ [المصدر السابق 6 / 283].

وينكر شيخ الإسلام رحمه الله على الجهلة الذين يطعنون في علي رضي الله عنه في مقابل الروافض الذين يطعنون في الصحابة، فيقول:
(وَفِيهِمْ نُفْرَةٌ عَنْ قَوْلِ الْمُبْتَدِعَةِ؛ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ بِالْحَقِّ وَنَفْيِهِمْ لَهُ فَيُعْرِضُونَ عَنْ مَا يُثْبِتُونَهُ مِنْ الْحَقِّ أَوْ يَنْفِرُونَ مِنْهُ أَوْ يُكَذِّبُونَ بِهِ كَمَا قَدْ يَصِيرُ بَعْضُ جُهَّالِ الْمُتَسَنِّنَةِ فِي إعْرَاضِهِ عَنْ بَعْضِ فَضَائِلِ عَلِيٍّ وَأَهْلِ الْبَيْتِ؛ إذَا رَأَى أَهْلَ الْبِدْعَةِ يُغْلُونَ فِيهَا؛ بَلْ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَصِيرُ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْ فَضَائِلِ مُوسَى وَعِيسَى بِسَبَبِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بَعْضَ ذَلِكَ حَتَّى يُحْكَى عَنْ قَوْمٍ مِنْ الْجُهَّالِ أَنَّهُمْ رُبَّمَا شَتَمُوا الْمَسِيحَ إذَا سَمِعُوا النَّصَارَى يَشْتُمُونَ نَبِيَّنَا فِي الْحَرْبِ) اهـ [مجموع الفتاوى 6 / 26].


هذه مواضع يسيرة مما نُقل عن شيخ الإسلام رحمه الله في فضل علي رضي الله عنه وقد أعرضنا عن ذكر الكثير للاختصار وعدم الإطالة، والله الموفق.







التوقيع :

عليك بالإخلاص تجِدُ الخَلاص .


من مواضيعي في المنتدى
»» تلاعب في طبعة كتاب (تيسير التفسير ) لـ أطفيش
»» يجب عزل الإمام المصرّ على المعصية وإذا رفض العزل حلّ قتله !!
»» هل الإباضية نواصب يا شيعة ؟
»» هل يؤجرون الأئمه بـقضائهم حوائج الناس وهم في قبورهم ؟؟
»» من تناقضات مفتي الخوارج الإباضية أحمد الخليلي
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:06 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "