الردّ على أهل البهتان الزاعمين بأنّ ابن تيمية يقول بخلق القرآن
اقتبس أحد المُبتدعة نصّاً لشيخ الاسلام من كتابه منهاج السنةج3 ص29
"وقد دلّت الدلائل اليقينية على أنّ كل حادث فالله خالقه"
زاعماً بأنّه اقرار من ابن تيمية بخلق القرآن والسبب ورود لفظ "حادث"
الجواب:
أولاً: من قرأ كتب ابن تيمية علم يقيناً بأن هذا كذب محضّ وتلبيس على الناس فالكثير من أقواله رحمه الله توضح بشكل قاطع عقيدته الصريحة والواضحة كون القرآن كلام الله وكلام الله غير مخلوق وقد ذكر إجماع أهل السنة على ذلك .
ثانياً: هذا المُدلّس قام ببتر النصّ من سياقه فشيخ الاسلام كان في معرض ردّ على شبهة الرافضي وعنوان الباب:
[فصل كلام للرافضي في مسألة القدر يَسْتَلْزِمُ أَشْيَاءَ شَنِيعَةً مِنْهَا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَظْلَمَ مِنْ كُلِّ ظَالِمٍ والرد عليه]
فالقصد في الحدوث هنا عن المخلوق وأفعاله وليس عن الخالق سبحانه تنزيهاً لله من نسبة الظلم له سبحانه
ثالثاً: قد فصّل رحمه الله في الألفاظ المجملة ومنها لفظ "حادث" يقول رحمه الله في كتابه مجموع الفتاوى الجزء السادس صفحة 160-161
وأما قول القاضي: إن هذا قول بحدوثه، فيجيبون عنه بجوابين:
أحدهما: ألا يسمى محدثاً أن يسمى حديثاً، إذ المحدث هو المخلوق المنفصل، وأما الحديث فقد سماه الله حديثاً، وهذا قول الكرامية، وأكثر أهل الحديث، والحنبلية.
والثاني: أنه يسمى محدثاً، كما في قوله: {مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ}[الأنبياء:2] وليس بمخلوق .
وهذا قول كثير من الفقهاء، وأهل الحديث والكلام، كداود بن علي الأصبهاني صاحب المذهب لكن المنقول عن أحمد إنكار ذلك، وقد يحتج به لأحد قولي أصحابنا .
قال المروذي: قال أبو عبد الله: مَنْ داود بن علي الأصبهاني؟ لا فرج الله عنه جاءني كتاب محمد بن يحيى النيسابوري، أن داود الأصبهاني، قال كذباً: إن القرآن محدث، وذكر أبو بكر الخلال هذه الرواية في [كتاب السنة]، وقال عبد الله بن أحمد: استأذن داود على أبي فقال: من هذا؟ داود؟ لا جبر ود الله قلبه، ودَوَّد الله قبره، فمات مُدوَّداً.
والإطلاقات قد توهم خلاف المقصود، فيقال: إن أردت بقولك: محدث أنه مخلوق منفصل عن الله كما يقوله الجهمية، والمعتزلة، والنجارية فهذا باطل لا نقوله، وإن أردت بقولك: إنه كلام تكلم الله به بمشيئته، بعد أن لم يتكلم به بعينه وإن كان قد تكلم بغيره قبل ذلك، مع أنه لم يزل متكلماً إذا شاء فإنا نقول بذلك.
نصّ آخر :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الله يتكلم بمشيئته وقدرته، وكلامه هو حديث، وهو أحسن الحديث،
وليس بمخلوق باتفاقهم، ويسمى حديثًا وحادثًا، وهل يسمى محدثًا ؟ على قولين لهم. ومن كان من عادته أنه لا يطلق لفظ المحدث إلا على المخلوق المنفصل كما كان هذا الاصطلاح هو المشهور عند المتناظرين الذين تناظروا في القرآن في محنة الإمام أحمد رحمه اللّه وكانوا لا يعرفون للمحدث معنى إلا المخلوق المنفصل
فعلى هذا الاصطلاح لا يجوز عند أهل السنة أن يقال: القرآن محدث، بل من قال: إنه محدث، فقد قال: إنه مخلوق. ولهذا أنكر الإمام أحمد هذا الإطلاق على داود لما كتب إليه أنه تكلم بذلك، فظن الذين يتكلمون بهذا الاصطلاح أنه أراد هذا فأنكره أئمة السنة. وداود نفسه لم يكن هذا قصده، بل هو وأئمة أصحابه متفقون على أن كلام اللّه غير مخلوق، وإنما كان مقصوده أنه قائم بنفسه، وهو قول غير واحد من أئمة السلف، وهو قول البخاري وغيره.
والنزاع في ذلك بين أهل السنة لفظي، فإنهم متفقون على أنه ليس بمخلوق منفصل، ومتفقون على أن كلام اللّه قائم بذاته، وكان أئمة السنة كأحمد وأمثاله، والبخاري وأمثاله، وداود وأمثاله، وابن المبارك وأمثاله، وابن خزيمة وعثمان بن سعيد الدارمي وابن أبي شيبة وغيرهم، متفقين على أن اللّه يتكلم بمشيئته وقدرته، ولم يقل أحد منهم: إن القرآن قديم. وأول من شهر عنه أنه قال ذلك هو ابن كُلاب. اهـ.