والدليل على ذلك
أن الله قبل هذا الاختيار بأن كافأهن بجملة أمورمنها :
-حرمة الزواج عليهن .
-حرمة تطليق واحدة منهن ليتزوج غيرها .
-وذلك بقوله في الآية(52) من السورة نفسها :
{ لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ} ,
وهذا تحريم للزواج عليهن –
{ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ }
وهذا تحريم لتطليق أي واحدة منهن .
-ومنها اختيارهن أمهات للمؤمنين
{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ
وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ }
[ الأحزاب : 6 ] ,
وتحريم زواجهن
من غير رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته
ليبقين زوجات أبديات لهذا الرسول الكريم
لا في الدنيا فقط , وإنما في الآخرة أيضاً ,
وذلك بقوله :
{ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ
وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا
إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا }
[ الأحزاب :53 ]
وكل هذه التوجيهات والتحذيرات والوصايا
من أجل ماذا ؟
من أجل أن الله يريد لهذا البيت
أن يكون طاهراً بعيداً عن كل ما يقدح في طهارته ورفعته .
فقوله تعالى :
{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } ,
تعليل لما تقدم وروده في السياق من الأوامر والنواهي
كما قال في الآية (53) من السورة :
{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ }
لماذا ؟
قال { ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }
فعلل الأمر بالسؤال من وراء حجاب
بالتطهير لقلوب السائلين وقلوبهن
وإذن هذا التطهير مراد من قبل الرب
وهو علة الأمر,
فكذلك التطهير الأول مراد من الرب
وهو علة الأوامر والنواهي الأولى .
ولذلك يختل السياق ومعناه لو حذفنا هذه العلة وهي قوله تعالى :
{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }, من الآيات
لأنها هي الغاية منها وهي روح الموضوع كله
ومداره الذي يدور عليه
وقوله تعالى بعد ذلك :
{ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ
مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } ,
إشارة إلى أنهن
– وقد خصصن بنزول الوحي في بيوتهن دون سائر الناس –
أحق بهذه الذكرى من سواهن
فعليهن أن يرتقين إلى المستوى المطلوب من أمثالهن
ويعملن بما ينزل في بيوتهن من القرآن والسنة ويبلغن ذلك ,
فالآية إذن وما قبلها وما بعدها – باختصار –
إنما سيقت من أجل تعليم
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين وتربيتهن
كي يرتقين إلى المنزلة السامية اللائقة بمقام هذا النبي الكريم
الذي أراد الله تعالى طهارة بيته الشريف وإذهاب الرجس عنه .
فما دخل ((عصمة الأئمة )) في الموضوع ؟ !
وكيف حشرت هذه القضية
التي لا علاقة لها به
من قريب ولامن بعيد ؟ !
{ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا
وهب لنامن لدنك رحمة
إنك أنت الوهاب }