الكوفة :- عندما حصل النزاع بين علي ومعاوية ، إنقسم المسلمون إلى ثلاثة أقسام : شيعة علي ، وشيعة معاوية ، وفريق إعتزل الطرفين ولم يُقاتل مع أي منهما .
ولكن شيعة علي لم يكونوا نسيجاً واحداً ! فأغلبيتهم أنذاك يمكن أن نسميهم بالزيدية القديمة ، لأن أفكارهم تٌشابه أفكار زيد بن علي السجاد (رض) ، فهم لا يشتمون الصحابة ، ولا يؤمنون بوجود قائمة مقدسة بإسماء أئمة معصومين ! فهم لا يختلفون مع أهل السنة والجماعة إلا خلافاً سياسياً حول زعامة أولاد فاطمة بدلاً من غيرهم . وهذا النوع كان الأغلبية المطلقة من شيعة علي في ذلك الوقت ، وفي جميع أنحاء البلاد .. عدا الكوفة !!
أما في الكوفة ، فكان هناك نوع مختلف تماماً من شيعة علي ! حيث تأثروا بأفكار عبد الله بن سبأ – اليهودي الأصل – والذي نادى بالوصية والإمامة المقدسة والغلو في علي ونظرية الإمام الحي الغائب . ولذلك يمكن تسميتهم بالسبئية أوالشيعة الإمامية أو الروافض ، لأنهم – فيما بعد - رفضوا بيعة زيد بن علي السجاد (رض) عندما ثار ضد الأمويين !
عندما حصل التحكيم بين علي ومعاوية وأعلنوا الهدنة وتوقف القتال ، عاد معظم شيعة علي إلى أوطانهم ، ولم يبق معه إلا شيعة الكوفة تقريباً ، فأذاقوه الأمرين وجرّعوه السم الزعاف بتخاذلهم وإختلاف أهوائهم وكثرة تقلّبهم ! فسماهم: أشباه الرجال ، وشتمهم في خطب طويلة مشهورة (راجع نهج البلاغة) .
يبقى السؤال: لماذا أهل الكوفة هكذا ؟
يقول البلاذري : لقد وفد إلى الكوفة أربعة آلاف من رعايا الفرس !! فهل هذا هو الجواب ؟! الله أعلم ..
هذه الطينة المخلوطة من العِرق الفارسي ، وبعض الدماء اليهودية (من أيام السبي البابلي) ، إضافة إلى أعراب الحجاز الذين سكنوا الكوفة ، والذين هم أشد كفراً ونفاقاً (كما قال القرآن عنهم) ، وعرب العراق الذين تعودوا على عيش الذل تحت سلطان أجنبي غاشم ، كلهم كوّنوا ما يسمى بشيعة الكوفة ، الذين قال لهم علي بن أبي طالب (رض) : يا أشباه الرجال ، ولا رجال ، حلوم الأطفال وعقول ربّات الحجال (نهج البلاغة) .
سيد العراق :-
وأفضل مثال على شيعة الكوفة هو سيدهم : إسماعيل بن صرد الخزاعي .
فقد تخاذل في البداية عن نصرة علي (رض) في معركة الجمل ، حتى عاتبه (رض) ووبخه ، فقاتل معه في صفين .
ثم بعد إتمام الصلح بين الحسن ومعاوية ، إعترض على الصلح ودعا إلى القتال (!) .
وبعد وفاة معاوية دعا – مع معظم شيعة الكوفة – الحسين للثورة ، فلما جاءهم خذلوه وقتلوه (!) في كربلاء ، كما هو معروف .
ثم عند إختلال حكم الأمويين بعد موت يزيد ، بدأ يتباكى على دم الحسين ، ونادى بثورة (التوابين) للثأر من قتلة الحسين ، لكنه قُتل في المعركة ، وفشلت الثورة .
لاحظ كثرة وسرعة التلوّن والتغيّر في المواقف !
وسترى أن هذه هي إحدى السمات المميّزة لشيعة الكوفة الروافض ، الذين هم أجداد الشيعة الإثناعشرية اليوم .
المختار الثقفي :-
قائد شيعة العراق بعد إسماعيل بن صرد . وهو ، وإن كان أصله من الحجاز ، إلا أنه يحمل طباعهم .
أراد سابقاً أن يربط الحسن ويأخذه أسيراً إلى معاوية (!) .
ثم إنقلب على الأمويين ، فإنضم في البداية إلى إبن الزبير ، لعلّه يحصل على ولاية أو منصب رفيع . ولما لم يحصل منه على شيء ، تركه ورحل إلى الكوفة ، وقادهم بعد مقتل سيدهم الخزاعي ، للثأر من قتلة الحسين .
وبالفعل تمكن من قتلهم ، وبسط نفوذه على العراق .
أراد أن يستند إلى أحد رموز أهل البيت ، لإضفاء الشرعية على ثورته (كعادة الروافض) ، فراسل أولاً علي السجاد زين العابدين (رض) ، فرفض ومزّق رسالته وفضحه أمام الناس في المدينة المنورة .
فراسل محمد بن الحنفية (إبن علي بن أبي طالب) ، الذي أجابه إجابة مبهمة ، لكن المختار إستغلها لتمرير ثورته .
ونادى المختار إن الإمام الحقيقي هو محمد بن الحنفية ، وإنه هو المهدي المنتظر ، وإن المختار هو نائبه وسفيره (!) .
ثم كانت نهايته على يد إبن الزبير ، الذي إحتل العراق إضافة إلى الحجاز .