العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 19-06-09, 05:49 PM   رقم المشاركة : 1
ديار
موقوف





ديار غير متصل

ديار is on a distinguished road


إعجاز الأعداد في السنة و الكتاب

إعجاز الأعداد في السنة والكتاب

الحمد لله حمدا كثيرا، قال عَزَّ مِن قائل : ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا، وصلى الله على محمد - عبد الله - أرسله مبشرا ونذيرا وسراجا منيرا، أما بعد :

فَلِكثرة ما يلقى في هذا المنتدى المبارك وغيره من أقوال صادّة، ومباحث جادّة إزاء الإعجاز العددي في القرآن الكريم، وتناسب الكلمات والآيات والسور عدديا ورقميا، كان لابد من وضع النقاط على الحروف، للإجابة على هذا التساؤل : هل لهذا العلم أصل في الشرع ؟ وهل له بذور عند السلف ؟

ففي تفسير القرطبي (1/92) : "روى وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال : من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ليجعل الله تعالى له بكل حرف منها جُنة من كل واحد. فالبسملة تسعة عشر حرفا على عدد ملائكة أهل النار الذين قال الله فيهم : عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ، وهم يقولون في كل أفعالهم : "الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فمن هنالك هي قوتهم، وببسم الله استضلعوا. قال ابن عطية : ونظير هذا قولهم في ليلة القدر : إنها سبع وعشرين، مراعاة للفظة "هي" من كلمات سورة إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ، ونظيره أيضا قولهم في عدد الملائكة الذين ابتدروا قول القائل : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فإنها بضعة وثلاثون حرفا، فلذلك قال النبي الله صلى الله عليه وسلم : "لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول". قال ابن عطية : وهذا من ملح التفسير وليس من متين العلم" اهـ.
يظهر من كلام القرطبي اعتماد الأعداد كنوع من أنواع التأويل، وختم بقول ابن عطية الذي يكاد يكون قاعدة في التعامل مع هذا العلم : هذا من ملح التفسير لا من متين العلم.
ومما قاله ابن حجر في حديث رفاعة بن رافع المتقدم في كلام القرطبي : "قيل الحكمة في اختصاص العدد المذكور من الملائكة بهذا الذكر أن عدد حروفه مطابق للعدد المذكور، فإن البضع مع الثلاث إلى التسع وعدد الذكر المذكور ثلاثة وثلاثون حرفا، ويعكر على هذا الزيادة المتقدمة في رواية رفاعة بن يحيى وهي قوله : "مباركاعليه كما يحب ربنا ويرضى" بناء على أن القصة واحدة. ويمكن أن يقال : المتبادر إليه هو الثناء الزائد على المعتاد وهو من قوله : "حمدا كثيرا إلخ" دون قوله : "مباركا عليه" فإنه كما تقدم للتأكيد وعدد ذلك سبعة وثلاثون حرفا، وأما ما وقع عند مسلم من حديث أنس : "لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها" وفي حديث أبي أيوب عند الطبراني : "ثلاثة عشر" فهو مطابق لعدد الكلمات المذكورة في سياق رفاعة بن يحيى ولعددها أيضا في سياق حديث الباب لكن على اصطلاح النحاة، والله أعلم".
فابن حجر لم ينكر هذه الموافقات العددية، بل راح يجمع الأقوال ويجعل لها إمكانية حفاظا على المعنى المستفاد.
وفي مقدمة "أصول الدين" للإمام أبي منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي (429هـ) : "هذا كتاب ذكرنا فيه خمسة عشر أصلا من أصول الدين وشرحنا كل أصل منها بخمس عشْرة مسألة من مسائل العدل والتوحيد والوعد والوعيد ..."

ثم يقول بعد ذكر الأصول : "وقد جاءت في الشريعة أحكام مرتبة على خمسة عشر من العدد، وأجمعت الأمة على بعضها واختلفوا في بعضها، فمنها على اختلاف سن البلوغ لأنها عند الشافعي في الذكور والإناث خمس عشرة سنة بسنيِ العرب دون سني الروم والعجم، ومنها مدة أكثر الحيض عند الشافعي وفقهاء المدينة خمسة عشر يوما بلياليها، ومنها أول الطهر الفاصل بين الحيضتين فإنه عند أكثر الأئمة خمسة عشر يوما ... فأما على أصل أبي حنيفة وأتباعه فإن كلمات الأذان عندهم خمس عشرة، ومقدار مدة الإقامة التي توجب إتمام الصلاة خمسة عشر يوما ... وأجمعوا على وجوب خمسة عشر درهما في زكاة ستمائة درهم، وخمسة عشر دينارا في زكاة ستمائة دينار، فإذا بلغت الإبل السائمة ستمائة وجب فيها خمس عشرة بنت لبون ... وإذا بلغت البقر السائمة ستمائة وجب فيها خمس عشرة مُسنّة ... فإن كانت أربعمائة وخمسين بقرة وجب فيها خمسة عشر تبيعا أو تبيعة، وأجمعوا على أن الواجب في مُنَقِّلة الرجل الحر خمس عشرة من الإبل، وفي ثلاثة من أسنان الرجل الحر خمسة عشر بعيرا، وفي ستة من أسنان المرأة خمسة عشر بعيرا، وفي ثلاثِ أصابع المرأة الحرة خمسة عشر بعيرا، ومثل هذا كثير من أحكام الشريعة، ولأجلها لم يكره تقسيم قواعد الدين على خمسة عشر أصلا وتقسيم كل أصل منها خمس عشرة مسألة ..." اهـ.
فهذا ابن طاهر البغدادي يتكلف إظهار العدد خمسة عشر في صورة مقدسة حتى يسيغ لنفسه تقسيم الدين إلى خمسة عشر أصلا، والأصل إلى خمس عشرة مسألة ؛ يستعمل العدد كوسيلة منهجية، ويبرر ذلك شرعًا.
أما في مجال الفقه فكان العدد وسيلة للحفظ والتمكن من الفروع، شأنه شأن الشعر والقواعد، كما في قسم العبادات لقوانين ابن جزي الغرناطي (1/17) : "الفصل الثاني : في فرائض الوضوء وهي ستة ... الفصل الثالث : في سننه وهي سِت ... الفصل الرابع : في فضائل الوضوء ومكروهاته، أما فضائله فست ... وأما مكروهاته فست ...".

وفي باب الاغتسال (1/21) : "الفصل الثاني : في فرائضه وهي خمسة ... الفصل الثالث : في سننه وهي خمس ... الفصل الرابع : في فضائله وهي خمس ... ومكروهاته خمس ... فروع خمسة ...".
ثم في باب المياه (1/23) : "الفصل الأول : في أقسام المياه وهي خمسة ... الفصل الثاني : في الأسئار وفيها خمس مسائل ...".
هذه إحدى طرق التعلم والتعليم التي اشتهرت عند جملة من الفقهاء، تكلفوا المشاكلات العددية - مع ما في ذلك من تعسف - لكي يمكنوا المبتدئين من الحفظ والفهم مع ما يرون في ذلك التناسب من إعجاز نبوي، فتراهم - مثلا – جمعوا للإمام ابن حنبل اثنا عشر مسألة لكُلٍّ له فيها عشرة أقوال، في نسبتها إليه الضعيف والمرسل والمعضل والمضطرب والمنقطع وكل أنواع العلل في سبيل تحصيل السبق العددي ...
وفي مواضع متفرقة من كتاب الأمنية في إدراك النية للقرافي : "ثم إن هذه الإرادة متنوعة إلى العزم والهم والنية والشهوة والقصد والاختيار والقضاء والقدر والعناية والمشيئة فهي عشرة ألفاظ ... وأما كونه عليه السلام قال الأعمال بالنيات ولم يقل الأفعال ولا الإيثار ولا الإيجاد، فإن الفرق واقع بين أثر وأوجد وخلق وفعل وعمل وصنع وبرأ ودرأ وجعل وكسب فهذه عشرة ألفاظ ... وقد يكون للحكم الواحد عدة أسباب كإيجاب الوضوء بنحو عشرة أسباب ...وها أنا أبسط من موارد النية في نظر الشرع ما يمهد لك هذا البحث في عشرة أنواع... وللرفض في النية بعد وقوعها نظائر في الأشكال من جهة رفع الشيء بعد وقوعه، أحدها (وعدّ عشرة أشكال) ... ولنقتصر على هذا القدر من التنبيه ونشرع في الجواب عن تلك العشرة مع المسائل المذكورة في المسألة فنقول ..."
ربما حمل القرافي على نفسه في "تَعشير" كتابه قوله في ثنايا بحثه : "الإنسان يثاب على نية واحدة وعلى الفعل عشرا"، والكتاب وضع أصلا للإحاطة بقوله صلى الله عليه وسلم : "إنما الأعمال بالنيات"، فكأن إعجاز العدد تسلل إلى ذاته فصبغ كتابه - على صغر جرمه - بعشاريات.

فترى أن استعمال إعجاز العدد في التفسير والفقه والعقائد وغيرها من العلوم سنة جارية عند أهل العلم شرقا وغربا، لم يُر نكيرا على أحدهم ولا أُثر، إلا من قبيل ما يأتي :
- أنه من مُلَح التفسير ونكت التأويل لا من متين العلم ؛ فلا نبنِ عليه أحكاما كونية كنهاية العالم، أو سقوط إسرائيل ... ولا يستغرق وقتنا على حساب الواجب والأوجب ؛ فالعدل قبل الإحسان، والاقتصاد قبل الترف، والحاجة قبل الكمال.
- أنه من أدلة الاستئناس وليس بدليل مستقل، مثاله ما ذكر القرطبي عن ابن عطية في بيان ليلة القدر.
- أنه وسيلة منهجية لتحصيل غايات علمية – لا خرافية – كتسهيل الحفظ وتيسير الفهم أو تبرير تقسيم الكتاب وتبويبه أو لطابع جمالي بلاغي أو غير ذلك.
- عدم الغلو والإفراط في استخدام الأعداد والأرقام وتكلف المشاكلات، كما أن الغلو مذموم مطلقا لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس : "إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين"، قال المناوي رحمه الله : "أي التشديد فيه ومجاوزة الحد، وتتبع الغوامض، والكشف عن علل وغوامض المتعبدات".

هذا ما يسره الله عز وجل، ضربا بالمثال على ما هو معمول عند السلف ومن بعدهم ممن اقتدى، وبالله التوفيق.


منقول من منتدى اهل الحديث

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=142069






 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:28 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "