21 ـ سورة الأنبياء
قال سبحانه في أول السورة : { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ (3)}
1 ـ ابتدأت السورة باقتراب الحساب للناس بقوله تعالى : { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ ... (1)} .
وأما الخاتمة فهي في اقتراب الوعد الحق وأحداث الساعة وما بعدها إلى ورود النار أو دخول الجنة وذلك ابتداءا من قوله تعالى : { وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)} .
وقوله عزّ جل : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (100)} .
وقوله عزّ من قائل في أصحاب الجنة : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)} إلى قوله جّل في علاه : { يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)} .
فكأن خواتيم السورة استكمال لما بدأت به السورة .
فقوله سبحانه : { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ ... (1)} في بداية السورة مناسب لقوله تعالى : { وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ... (97)} في خواتيمها .
2 ـ ثم أنظر كيف قال عزّ وجل في أوائل السورة : { ... وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (1)} وقوله عزّ من قائل : { لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ... (3)} .
وقال سبحانه في أواخرها : { ... يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا ... (97)}
فأخبر تعالى عنهم في الدنيا { ... وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (1)} .
وأخبروا عن أنفسهم في الآخرة : { ... قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ ...(97)} .
وكأن ذلك تسلسل مشهد متصل .