فالموضوع بكل بساطة يتم تحليله منطقيا من خلال الأسئلة الآتية .
السؤال الأول : هل الله له أفعال يفعلها ؟
الجواب : إما نعم و إما لا .
إن كان الجواب " لا " ، فمعناه بأن الله لا يسمع و لا يرى و لا يتكلم و لا ينزل و لا يخلق و لا يفعل أي شيء ، لأنه ليس له أفعال ..!!! و لا أظنك تعتقد بأن معبودك لا يفعل شيئا ..!!!
و إن كان الجواب " نعم " فيأتي دور السؤال الثاني ..
السؤال الثاني : هل أفعال الله لها نفس المعنى اللغوي لأفعالنا ؟
الجواب : إما نعم و إما لا .
إن كان الجواب " لا " ، فمعناه بأن الله لا يصح أن نتكلم عنه باللغة العربية ؛ لأن اللغة العربية تصف أفعالنا و أفعال المخلوقات التي نعرفها ، بينما الله ليس كمثله شيء ، فهو يحتاج إلى لغة ليست كمثلها لغة .. فالكلام المنطقي هو أن تكون هناك لغة خاصة ليست كمثلها لغة ، لتصف الله الذي ليس كمثله شيء .. و لا أظنك تعتقد ذلك ، لأن القرآن نزل باللغة العربية و لم تنزل بلغة ليست كمثلها لغة ، و القرآن فيه آيات تصف الله بنفس لغتنا !!!
و إن كان الجواب " نعم " ، فمعناه أن الذي ليس كمثله شيء يتم وصفه بلغة تصف المخلوقات التي مثلها مخلوقات ...!! فيأتي دور السؤال الثالث ..
السؤال الثالث : هل تماثل المعنى اللغوي للفعل يعني تماثل كيفية حصول الفعل ؟
الجواب : إما نعم و إما لا .
إن كان الجواب " نعم " ، فمعناه أن الله يسمع كما نسمع ، و يرى كما نرى ، و يتكلم كما نتكلم ، و ينزل كما ننزل . و بهذا فلا فرق بيننا و بينه في حصول تلك الأفعال ، فلم يتحقق في العقيدة الإعتقاد بأنه ليس كمثله شيء .. و لا أظنك ستقول ذلك .
و إن كان الجواب " لا " ، فمعناه أن الله يسمع لا كما نسمع ، و يرى لا كما نرى ، و يتكلم لا كما نتكلم ، و ينزل لا كما ننزل . و بهذا النفي تم نفي مشابهة الكيف مع إثبات حصول الفعل بمعناه العام اللغوي .. و لكن في المقابل يحق للطرف الآخر أن يطرح السؤال الرابع .
السؤال الرابع : أليس المعنى اللغوي للأفعال هو نفسه كيفية الأفعال ؟؟ لأن المعنى اللغوي للنظر هو نفسه كيفية النظر و المعنى اللغوي للسماع هو نفسه كيفية السماع و المعنى اللغوي للنزول هو نفسه كيفية النزول ، أليس كذلك ؟؟!!
الجواب : إما بلى كذلك أو ليس كذلك .
إن كان الجواب " بلى كذلك " ، فمعناه أن الله لا يفعل شيء ، لأن أي فعل سيفعله سيكون له نفس المعنى اللغوي للفعل الذي نفعله ، و الذي يعني نفس الكيفية التي بها نفعل الفعل ، و بالتالي كان الأولى أن يكون الجواب على السؤال الأول هو " لا " لكي لا نصل إلى هذا الموصل .
و إن كان الجواب " ليس كذلك " فمعناه ، أن هناك خط فاصل بين المعنى اللغوي للفعل و بين كيفية حصول الفعل . هذا الخط قد لا يكون واضحا و قد لا يكون سهلا تحديده لغة . و لكن أرى أنه لمعرفة هذا الخط نقوم بتغيير الفاعل للفعل لنرى المعنى الثابت للجملة .
فنقول : الإنسان يتكلم . و نقول : الحيوان يتكلم . و نقول : السماء تتكلم . و نقول : الأرض تتكلم . و نقول : الملائكة تتكلم . و نقول : الجن تتكلم . و نقول : الروح تتكلم . و نقول : اليد تتكلم . و نقول : الرجل تتكلم . و غيرها من الجمل .
ستجد أن هناك معنى ثابت لم يتغير برغم تغير المتكلم ، هذا هو المعنى اللغوي العام للتكلّم . و هو نفس المعنى اللغوي عند قولنا : الله يتكلم .
و في المقابل ،، عندما تقول بأن السماء تتكلم ، سوف تتعجب قائلا : كيف تتكلم السماء ؟! و تعجبك هذا جاء لأنك لم تستطع معرفة كيفة تكلم السماء و كيفية تكلم الروح و كيفية تكلم اليد و كيفية تكلم الرجل ، و تعجبك هذا لا غرابة فيه ، كما أنه ليس من الغرابة أن تجهل كيفية تكلم الله . و المطلوب منك هو أن تعرف أن كيفية تكلم الله ليست كمثلها كيفية ، فلا تكلمه كتكلم الروح و لا كتكلم الملائكة و لا كتكلم الجن و لا كتكلم السماء و لا كتكلم الأرض ، بل هو تكلّم منفرد لا يماثله تكلم .
فبهذا استطعت أن تفهم معنى قولنا : الله يتكلم .. في نفس الوقت الذي لم تفهم كيفية تكلمه .
و هذا الحال ينطبق على جميع الأفعال دون استثناء ، ستجد أن المعنى معلوم و الكيف مجهول .
و لكي لا يقع المسلم في مثل هذه الدوامات التي هو في غنى عنها ، فهو يؤمن بأية صفة وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله ، سواء كانت : صفة ذاتية أو صفة فعلية . و يمرّر الجملة كما سمعها دون خوض في كيف و لماذا ؟ و أين و متى ؟ لكي لا يدخل في التشبيه أو التعطيل أو التأويل أو التحريف أو التكييف ، بل يقوم بإمرار الصفة كما وردت و إقرارها كما وردت تحت ظل ليس كمثله شيء و هو السميع البصير ، و لا يخوض في مثل هكذا مسائل لكي لا يقع في ضلال التأويل أو ضلال التمثيل..
======================
المصطلحات ..
فقد تسمع صوتا دون أن تدركه ، لإن إدراك المسموع معتمد على العقل و غير معتمد على الأذن ..
و قد ترى شيئا دون أن تدركه ، لإن إدراك المرئي معتمد على العقل و غير معتمد على العين .
كما أن الميت قد يوصف بالحياة ، كقول الله تعالى " و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات " ، فهناك حياة بعد الموت ..!!
لذلك ستجد صعوبة في وضع تعريفات عامة للمصطلحات، و مع ذلك نفهم تلك المصطلحات بكل سهولة ..
===========
أولا : التجسيم و غيرها من المصطلحات ، لا يستخدمها إلا المشبهة الذين ينظرون إلى صفات الله من منطلق صفات المخلوقات ، و لو أن هؤلاء فهموا قوله تعالى : " ليس كمثله شيء و هو السميع البصير " ، لأدركوا أن صفات الله و أفعاله لا مجال لتحليلها و محاولة فهمها لأنها ليست كمثلها شيء .
ثانيا : بالنسبة للنزول ، فالنزول فعل من أفعال الله سبحانه و تعالى كما ورد في الحديث . و أفعال الله ليست كمثلها أفعال .
ثالثا : بالنسبة لمحورك الأول ،، فمن الواضح أنك تجهل بأن الليل أمر دائم ، ففي كل لحظة هناك ليل ، كما أنه في كل لحظة هناك نهار ، و بالتالي الليل ليس أمر طارئ ، قد يكون طارئ بالنسبة لك لأن قبله كان هناك نهار بالنسبة لك ، و لكن بالنسبة للأرض فالأرض لا تخلو من ليل في أية لحظة من اللحظات .
و من ثم وصفت فعل " النزول " أنه نوع من الإستعانة و زعمت أنه دليل على الافتقار ..!!
و قد يأتي آخر و يقول بأن فعل " السماع " نوع من الإستعانة ، زاعما بأن الله لو كان يعلم ما نقول ، لما احتاج إلى أن يسمعنا !! و عليه ، فسمع الله دليل على الافتقار ..!!
فإن كان تفكيرك كتفكير هذا التائه ، فاعلم أنك تشاركه في التيه ..
فأفعال الله سبحانه و تعالى لا توصف بأنها من باب الاستعانة أو الافتقار ، بل أفعاله سبحانه تكون لحكمة ..
و أما قولك بأن فعل النزول لكونه ليس أزليا ، لذلك هو طارئ !!! فاعلم أن جميع أفعال الله ليست أزلية ، فهو خلق حينما شاء أن يخلق ، و هو أحيا و أمات حينما شاء ذلك ، و هو بعث الرسل حينما شاء ذلك ، و هو شفى المريض حينما شاء ذلك و غيرها من أفعاله سبحانه ، فهل ستقول بأن جميع أفعال الله طارئة لأنها ليست أزلية ..!!!
رابعا : بالنسبة لمحورك الثاني القائل بأن نزوله يجعل له فوق و تحت ، فأقول : أن قولك هذا مبني على افتراض أن نزول الله كنزولك أنت ، لذا لا عتب عليك إن كنت تجهل بأن أفعال الله ليست كمثلها أفعال ، فلا مجال لفهم كيفية فعله لكون الكيفية لا تماثلها كيفية ..!
خامسا : بالنسبة لمحورك الثالث القائل : بأن نزوله يستوجب رؤية الملائكة له ، فأقول : بأن الحديث منسوب إلى الرسول و ليس إلى الملائكة ، فما دخل الملائكة في الموضوع ؟! فإن كان الرسول قد أخبر بفعل الله هذا برغم أنه لم ير هذا الفعل ، فما شأن غيره في أن يكون قد رأى هذا الفعل ...!!!!
سادسا : بالنسبة لمحورك الرابع القائل : بأن صغر السماء الأولى تدل على الاحتواء أو الاحتمال ، فأقول : بأنك لازلت تتكلم عن نزولك أنت و ليس نزول الذي ليس كمثل نزوله نزول .
=====================
ما أضافه الحديث بكل بساطة ، هو أن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم ، يخبر المؤمنين ، بأن الثلث الأخير من الليل من الأوقات المباركة التي ينبغي أن يحرص المسلم على طاعة الله فيه ، كما قال تعالى : " إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل و نصفه و ثلثه و طائفة من الذين معك و الله يقدر الليل و النهار " .. فهذه الآية الكريمة توضح مالهذا الوقت من أهمية و توضح بأن الرسول و المؤمنون كانوا يقومون فيه .. ثم يبين الرسول في الحديث بأن باب مجال التوبة و الاستغفار في هذا الوقت أكبر من غيره ، حيث ينزل الرب إلى السماءا لدنيا فيقول هل من تائب فأغفر له ؟
مر هذا الحاديث على مسامع الصحابة ، فأخذوا بمضمونه فقاموا الليل و حرصوا على التقرب إلى الله في الثلث الأخير من الليل ، و مرّ هذا الحديث على التابعين ، فأخذوا بمضمونه فقاموا الليل و حرصوا على التقرب إلى الله في الثلث الأخير من الليل ، و مر هذا الحديث على السلف الصالح ، فأخذوا بمضمونه فقاموا الليل و حرصوا على التقرب إلى الله في الثلث الأخير من الليل ، و مر هذا الحديث علينا ، فأخذنا بمضمونه فقمنا الليل و حرصنا على التقرب إلى الله في الثلث الأخير من الليل . ومر هذا الحديث على أهل الكلام فلم يأخذوا بمضمونه بل بدأو يتكلمون في قضية النزول ، و أصبحوا يسألون أنفسهم قائلين : كيف ينزل الله ؟ و هل نزوله بحركة أو بدون حركة ؟ فضاع مضمون الحديث و لم يقوموا الليل و لم يتقربوا إلى الله في الثلث الأخير من الليل ، بل يرون أن هذا الحديث من الأساطير و لا صحة له ، لأنهم لم يستطيعوا معرفة كيفية نزول الله ، باعتبار أن النزول تعني الحركة و الحركة تعني الجسمية ، وبالتالي الحديث باطل !!!!!
و أنت تنتمي إلى طائفة المتكلمين ، و تريد أن أتكلم معك في النزول و كيفيته ، بدل التحدث عن الثلث الأخير من ا لليل و أهمية التقرب إلى الله فيه ...!!!!!
فهداكم الله إلى الرشد و الرشاد ...!!
و أما قولك : هل الله في حال نزول دائم ؟ .. فأقول : نعم ، باعتبار الأرض لا تخلوا من ليل ، و بالتالي فالله دائما يقول : هل من تائب فأغفر له ، فباب المغفرة مفتوح دائما...
أما ثلث الليل بالنسبة لك فهو يأتي في وقت محدد ، فاحرص على أن تستثمره في العبادات .
=====================
هل يوجد في الحديث كلمة " حركة " ...؟؟!!!
أنت افترضت أن كيفية النزول لا تكون إلا بنفس كيفيتك أنت ..!!!
و عليه ، فيحق لأحدهم أن يعتبر كيفية السمع لا تكون إلا بنفس كيفية سماعه ..!!
فالمبدأ الباطل هو نفسه ..!
===============
أولا : لا يصح أن تنسب إلى الله فعلا إلا بدليل ، و لم يرد دليل صحيح على أن الله يتحرك ، و هذه من اخترعاتكم ، الفعل الوارد هو النزول ، فإن كانت كيفية النزول في نظرك لا يمكن أن تتم إلى بفعل الحركة ، فاحتفظ بهذا المفهوم لنفسك ، إذ لا حاجة لنا به .
ثانيا : لكل فعل فاعل ، فإن قلت بأن من أفعال الله فعل كذا ، فحينها يكون الله هو الفاعل لهذا الفعل . و هذا الكلام يشمل جميع الأفعال بدون استثناء .
ثالثا : بالنسبة لكيفية الفعل ، فالمؤمن صاحب العقيدة الصحيحة ، يعلم بأن كيفية أفعال الله ليست كمثلها كيفية ، لأنه الذي ليس كمثله شيء .
فإن كان الله يسمع ، و كان غيره يسمع ، فلا يمكن أن تكون كيفية سماعه ككيفية سماع غيره .
و إن كان الله يرى ، و كان غيره يرى ، فلا يمكن أن تكون كيفية رؤيته ككيفية رؤية غيره.
و إن كان الله ينزل ، و كان غيره ينزل ، فلا يمكن أن تكون كيفية نزوله ككيفية نزول غيره .
و الأمر كذلك مع جميع الأفعال ..
و نحن الآن أمام فعل النزول ، وتريد فهمه و معرفة كيفيته ، بافتراض أن كيفية نزوله ككيفية نزول غيره , وهذا افتراض باطل .
==============
الرسول عرج من الأرض إلى السمااء السابعة و نزل من السماء السابعة إلى الأرض في ليلة واحدة..!!
القضية ليست في فعل الفعل ، و لكن القضية في كيفية الفعل و كنهها .
============
هل أنت تعيش في ثلث الليل دائما ..؟؟!!
و عليه ،، فبالنسبة لك ثلث الليل هو وقت مخصوص ..
و عليه ، فإيراد هذا الوقت المخصوص له معنى بالنسبة لك أنت لا بالنسبة لله .. فالمستفيد من نزوله هو أنت لا هو ، و عليه ، فاحرص على قيام الثلث الأخير من الليل و استغلاله بالعبادة و التقرب إلى الله ..