بسم الله الرحمن الرحيم
خاطرة (59) لعبد الملك الشافعي / مَنْ كان يظن أنَّ طريقي في الهداية ومغادرتي للتشيع مليء بالورود والامتيازات والعطايا فهو واهمٌ واهمٌ واهم ..
لقد عشت أياماً سوداء حالكة أترقَّب فيها القتل وهجوم الموت عليَّ في كل لحظة ، فكان القتل بتقديري أمرٌ حتميٌّ والمجهول هو فقط وقت تنفيذه ..
كنت منهمكٌ في تأليف كتابي ( إمامة الشيعة جِسرٌ لأدعياء النبوة ) فإذا ما وقفت سيارة مجهولة بجانب بيتي تركت الكتابة وردَّدت لا إله إلا الله لتكون هي آخر كلامي في الدنيا ، وكنت لا أترك ترديدها بذهابي وعودتي من المسجد خشية أن تهاجمني سيارة مجهولة للاغتيال ، كما تكررت مع العشرات من رفاقي المهتدين الذين تساقطوا برصاص الغدر وهم في زهرة شبابهم كأخي الصابر المجاهد محمد عودة ماهود رحمه الله تعالى ..
أياماً بمجرد تذكري لها تنهمر دموعي حزناً وأسىً فكيف بمن يعيشها ..
وكانت تستحضرني أبيات الإمام المجاهد عبد الله ابن المبارك إلى الفضيل بن عياض:
يا عابِدَ الحرمينِ لوْ أبصرتناَ ** لَعَلِمتَ أنَّك فَي العِبَادَة ِ تَلْعَبُ
مَنْ كانَ يُخَضِّبُ خدَّه بدموعِهِ ** فنُحورُنا بدمائِنا تَتَخَضَّبُ
ثم أعقبة هذه المحنة محنة إخراجي من بلدي قسراً ومفارقة أهلي ووطني ، وهي محنة لا تقل ألماً عن محنة القتل والرعب ؛ إذ تشعر بالشوق لرؤية والدتك وأخواتك وسائر الأحبة فلا تستطيع ، ويمر بك العيد فلا تستطيع أن تحتضن أمك وتقبل يدها ، ولا تقر عينك برؤية أخوانك وأخواتك فتتحول فرحة العيد إلى موسم دموع وأحزان ، وعندها فقط تستشعر عظيم منزلة الصحابة وما تعرضوا له من شدة ألم مفارقة أوطانهم وأهليهم في مكة نصرة لدين الله تعالى ..
أسأل الله تعالى أن لا يحرمني الأجر في هذه الابتلاءات ، وأن يرزقني حسن الخاتمة والحشر مع نبينا صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله تعالى عنهم أجمعين.