العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-10-06, 03:57 AM   رقم المشاركة : 1
بارق
عضو ماسي





بارق غير متصل

بارق is on a distinguished road


"مفاتيح الجنان" ؟ أم كشكول الأساطير؟ / الأستاذ أحمد الكاتب




من هنا تبدأ الثورة الثقافية الشيعية:

"مفاتيح الجنان" ؟ أم كشكول الأساطير؟

"مفاتيح الجنان" خليط من الأدعية والزيارات الصحيحة والمبتدعة والمغالية!

دور الزيارات والأدعية المزورة والموضوعة في تكريس الهوية الطائفية وتعميق الشرخ بين المسلمين.

يحتفظ الشيعة الامامية الإثنا عشرية بتراث ضخم من الأدعية والزيارات المنسوبة الى أئمة أهل البيت، والتي يدأبون على تلاوتها آناء الليل وأثناء النهار وفي عقب كل صلاة، وهناك من الأدعية والزيارات ما يتلونها كل ساعة أو كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر أو في كل موسم أو في المناسبات السنوية. ومن هنا تلعب الأدعية والزيارات دورا كبيرا في صياغة الثقافة الشيعية الشعبية، وترسيخها بين الناس.

ومن يقرأ كثيرا من تلك الأدعية الواردة عن أهل البيت يلمس روح الإيمان والتوحيد والخوف من الله تعالى والتوسل به وإخلاص الدعاء له، كما في دعاء الصباح المنسوب الى الامام علي بن أبي طالب، والدعاء الذي علمه الى كميل بن زياد، أو دعاء الامام الحسين يوم عرفة، أو "الصحيفة السجادية" المنسوبة الى الامام علي بن الحسين، وغيرها من الأدعية الرائعة التي تصقل روح الانسان وتزرع الإيمان في قلبه. ولكن كتب الأدعية والزيارات تعاني من مشكلة عامة هي مشكلة الوضع في الأحاديث، ولذلك نجد الى جنب تلك الادعية الصادقة كثيرا من الأدعية الموضوعة من قبل الغلاة والمنحرفين والمنسوبة الى أئمة أهل البيت، والتي تعبر عن أفكار واضعيها وتلعب دورا خطيرا في إشاعة المفاهيم السلبية ، وبث العداوة والبغضاء بين المسلمين.

وقد بدأ محدثو الشيعة في تجميع تلك الأدعية والزيارات في كتبهم، منذ القرن الرابع الهجري، عندما قام الكليني بتضمين كتابه "الكافي" بابا خاصا للزيارات، ثم قام تلميذه جعفر بن محمد ابن قولويه بتأليف كتاب خاص بالأدعية والزيارات تحت عنوان "كامل الزيارات" وجاء من بعده الشيخ محمد بن علي الصدوق الذي نقل عنهما في كتابه "من لا يحضره الفقيه" قسما من تلك الزيارات، وجاء الشيخ أبو جعفر الطوسي فجمع ما تيسر له من الأدعية والزيارات في كتاب خاص اسمه "مصباح المتهجد". الى أن جاء الشيخ محمد بن المشهدي في القرن السادس الهجري، فألف كتاب "المزار الكبير". ثم جاء من في القرن السابع الهجري بعده السيد علي بن موسى بن ابن طاووس فألف عدة كتب هي: "إقبال الأعمال" و "جمال الأسبوع" و "أمان الأخطار" و "مهمّات في صلاح المتعبد وتتمّات لمصباح المتهجد" وجمع فيها ما توافر في زمانه من أدعية وزيارات. وفي القرن التاسع الهجري ألف الشيخ إبراهيم الكفعمي كتابين في الأدعية هما:" جنة الأمان الواقية و الجنة الباقية" المعروف بـ"المصباح" و "البلد الأمين و الدرع الحصين". وألف الشيخ محمد باقر المجلسي في القرن الثاني عشر الهجري كتابا بعنوان "زاد المعاد ومفتاح الجنان".

ومعظم هذه الكتب غير متداول بين الناس، ما عدا كتاب "مفاتيح الجنان" الذي ألفه في القرن الرابع عشر الهجري، الشيخ عباس بن محمد رضا القمي، واشتهر اشتهارا واسعا، حتى دخل كل بيت شيعي تقريبا. وقد قال في مقدمته إنه ألفه استجابة لطلب بعض المؤمنين الذين سألوه أن يراجع كتاب "مفتاح الجنان" المتداول بين الناس ليألف كتابا على غراره خلوا مما احتواه مما لم يعثر على سنده، فأجابهم الى ذلك وأضاف اليه أدعية وزيارات لم ترد في ذلك الكتاب.

وقد أعرب الشيخ عباس القمي في كتابه عن امتعاضه من التلاعب بالأدعية والزيارات عبر التاريخ واعتبر ذلك نوعا من البدعة والدس في الحديث والخروج عن المأثور، فنقل عن شيخه النوري تعليقا على إحدى الزيادات المتعلقة بزيارة الامام الحسين، جاء فيه:" ان هذه الكلمات التي ذيلت بها هذه الرواية، انما هي بدعة في الدين وتجاسر على الامام (ع) بالزيادة فيما صدر منه، وفوق ذلك فهي تحتوي على أباطيل وأكاذيب بينة الكذب. والغريب المدهش أنها تبث بين الناس وتذوع حتى تهتف بها في كل يوم وليلة عدة آلاف مرة في مرقد الحسين (ع) .. ولا منكر ينكرها، أو رادع يردع عن الكذب والعصيان. فآل الأمر الى أن تدون هذه الأباطيل وتطبع في مجاميع من الأدعية والزيارات يجمعها الحمقاء من عوام الناس فتزعمها كتابا فتجعل لها إسما من الأسماء، ثم تتلاقفها المجاميع فتسري من مجموعة أحمق الى مجموعة أحمق آخر. وتتفاقم المشكلة، فيلتبس الأمر على بعض طلبة العلم والدين. وإني صادفت طالبا من طلبة العلم والدين، وهو يزور الشهداء بتلك الأباطيل القبيحة، فمسست كتفه، فالتفت إلي، فخاطبته قائلا: ألا يشنع من الطالب أن ينطق بمثل هذه الأباطيل في مثل هذا المحضر المقدس؟ قال: أليست هي مروية عن الامام عليه السلام؟ فتعجبت لسؤاله وأجبته بالنفي، قال: فإني قد وجدتها مدونة في بعض الكتب، فسألته عن الكتاب فأجاب: كتاب مفتاح الجنان. فسكت عنه، فانه لا يليق أن يكالم المرء رجلا أدى به الغفلة والجهل الى أن يعد المجموعة التي جمعها بعض العوام من الناس كتابا من الكتب، ويستند اليه مصدراً لما يقول. ثم بسط الشيخ (رحمه الله) كلامه في هذا المقام، وقال: ان عدم ردع العوام عن نظائر هذه الأمور غير الهامة، والبدع الصغيرة، كغسل أويس القرني، وهو التابع المخلص لمعاوية، وصوم الصمت بأن يتمالك المرء عن التكلم بشيء في اليوم كله، وغير ذلك من البدع، التي لم يردع عنه رادع، ولم ينكره منكر، قد أورثت الجرأة والتطاول، ففي كل شهر من الشهور، وفي كل سنة من السنين، يظهر للناس نبي أو إمام جديد، فترى الناس يخرجون من دين الله أفواجا".

وأضاف الشيخ عباس القمي:"مع ما بلغتنا من الأدعية المأثورة ذات المضامين السامية، والكلمات الفصيحة البليغة، يصاغ دعاء سخيف غاية السخف، فيسمى بدعاء الحبي، فينزل من شرفات العرش، فيفتري له من الفضل ما يدهش المرء ويبهته، من ذلك، والعياذ بالله، أن جبرئيل بلغ النبي محمدا (ص) أن الله تعالى يقول: إني لا أعذب عبدا يجعل معه هذا الدعاء، وان استوجب النار وأنفق العمر كله في المعاصي، ولم يسجد لي فيه سجدة واحدة، انني أمنحه أجر سبعين ألف نبي، وأجر سبعين ألف زاهد، وأجر سبعين ألف شهيد، وأجر سبعين ألف من المصلين، وأجر من كسا سبعين ألف عريان وأجر من أشبع سبعين ألف جائع، ووهبته من الحسنات عدد حصى الصحاري، وأعطيته أجر سبعين ألف بقعة من الأرض، وأجر خاتم النبوة لنبينا (ص) وأجر عيسى روح الله، وابراهيم خليل الله وأجر اسماعيل ذبيح الله وموسى كليم الله... يا محمد من دعا بهذا الدعاء العظيم دعاء الحبي، أو جعله معه غفرت له واستحييت أن أعذبه – الى آخره- وجدير بالمرء أن يستبدل الضحك على هذه المفتريات الغريبة بالبكاء على كتب الشيعة ومؤلفاتهم، الكتب القيمة التي بلغت الرتبة السامية ضبطا وصحة واتقانا، فكانت لا يستنسخها في الغالب الا رجال من أهل العلم والدين، فيقابلونها بنسخ نسختها أيدي أهل العلم ، وصححها العلماء... وهذا مبلغ ما بذلوه من الجهد في مداقتها وتصحيحها، والآن نجدها قد عيفت وتركت، فاستخلفها كتاب "مفتاح الجنان" الذي وقفت على نزر من صفته، فيكون هو الكتاب الوحيد الذي تتداوله الأيدي، ويرجع اليه العوام والخواص، والعرب والعجم، وما ذلك الا لأن أهل العلم والدين لا يبالون بالأحاديث والروايات، ولا يراجعون كتب علماء أهل البيت الطاهرين وفقهائهم، ولا ينكرون على أشباه هذه البدع والزوائد، وعلى دس الدساسين والوضاعين ، وتحريف الجاهلين، ولا يصدون من لا يرونه أهلا، ولا يردعون الحمقاء فيبلغ الأمر حيث يلفق الأدعية بما تقتضيه الأذواق، ويصاغ زيارات ومفجعات وصلوات، ويطبع مجاميع عديدة من الأدعية المدسوسة، وينتج أفراخ الكتاب المفتاح وتعم المشكلة، فيروج الدس والتحريف ونراهما يسريان من كتب الأدعية الى سائر الكتب والمؤلفات".



وقد بذل الشيخ عباس القمي جهدا كبيرا في كتابه "مفاتيح الجنان" لتنقية الأدعية والزيارات ومحاولة التأكد من نسبتها الى أئمة أهل البيت وانتقائها من الكتب الشيعية القديمة المعتبرة. ومع ذلك فقد عانى مما عانت منه كتب الأدعية السابقة حيث تسرب اليه الكثير من الأدعية المزورة والزيارات الموضوعة والمختلقة. وهذا ما أثار لدى المحققين أسئلة كثيرة عن صحة عدد كبير من الأدعية والزيارات الواردة فيه والتي ينقلها القمي عن كتب قديمة بلا تمحيص أو ذكر للسند، وانما اعتمادا على ورودها في كتب "مشايخ الطائفة" الأقدمين.

وهذا نهج أخباري حشوي قديم ابتلي به المسلمون عموما والشيعة خصوصا، تحت شعار "التسامح في أدلة السنن". إذ كان الكثير من المحدثين من السنة والشيعة يقبل خبر الآحاد، وربما الضعيف، حتى في أمور العقيدة فضلا عن الفقه والحلال والحرام. ولكن تطور حركة الفقه عند الشيعة دفعت العلماء الى تصنيف الأحاديث وتنقيتها وتشذيبها وتهذيبها، فنشأت المدرسة الأصولية التي بذلت جهودا كبيرة في هذا المجال، وقد نجحت في جوانب وعجزت أو فشلت في جوانب، ومن الجوانب التي فشلت فيها أو أهملتها هي الأدعية والزيارات باعتبارها لا تمس دائرة الحلال والحرام، وانها من السنن. واذا كانت قراءة الأدعية والزيارات من السنن، فان ما تحتويه كان يمس دائرة العقيدة والأصول، ولذا لم يكن يجوز تركها بلا تحقيق أو تمحيص.



أدعية موضوعة تحتوي على أباطيل



وإذا ألقينا نظرة على كتاب "مفاتيح الجنان" لوجدناه يزخر بكثير من الأحاديث والأدعية والزيارات الموضوعة التي تحتوي على أباطيل.

يقول الشيخ عباس القمي في الفصل الثاني من كتابه (في التعقيبات الخاصة):"حكى شيخنا ثقة الاسلام النوري نور الله مرقده في كتاب دار السلام عن شيخه المرحوم العالم الرباني الحاج المولى فتح علي السلطان آبادي : ان الآخوند المولى محمد الصادق العراقي كان في غاية الضيق والعسرة والضراء، ومضى عليه كذلك زمان فلم يجد من كربه فرجا ولا من ضيقه مخرجا، الى أن رأى ليلة في المنام كأنه في واد يتراءى فيه خيمة عظيمة عليها قبة، فسأل عن صاحبها فقيل فيها الكهف الحصين وغياث المضطر المستكين الحجة القائم المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) فأسرع الذهاب اليها، فلما وافاه صلوات الله عليه شكا عنده سوء حاله وسأل عنه دعاء يفرج به همه ويدفع به غمه، فأحاله عليه السلام الى سيد من ولده والى خيمته، فخرج من حضرته ودخل في تلك الخيمة فرأى السيد السند والحبر المعتمد العالم الأمجد المؤيد جناب السيد محمد السلطان آبادي قاعدا على سجادته مشغولا بدعائه وقراءته، فذكر له بعد السلام ما أحال عليه حجة الملك العلام، فعلمه دعاء يستكفي به ضيقه ويستجلب به رزقه، فانتبه من نومه والدعاء محفوظ في خاطره، فقصد بيت جناب السيد، وكان قبل ذلك نافرا لرؤيته لوجه لا يذكره، فلما أتاه ودخل عليه رآه كما في النوم على مصلاه ذاكرا ربه مستغفرا ذنبه، فلما سلم عليه أجابه وتبسم في وجهه كأنه عرف القضية، فسأل عنه ما سأل عنه في الرؤيا فعلمه من حينه عين ذاك الدعاء فدعا به في قليل من الزمان فصبت عليه الدنيا من كل ناحية ومكان، وكان المرحوم الحاج المولى فتح علي (رحمه الله) يثني على السيد ثناء بليغا وقد أدركه في أواخر عمره وتلمذ عليه شطرا من الزمان".

ولا يستطيع المرء أن يتأكد من أساس هذه القصة، ولكنه يستطيع التنبه بسهولة الى طبيعتها الاسطورية، فهي تتحدث عن رؤية الامام المهدي في المنام وكأنها في اليقظة، في حين أن شخص الامام المهدي (المقصود: الامام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري) مشكوك في وجوده، وتتحدث أيضا عن معرفة السيد السلطان آبادي بما أوحى به المهدي لذلك الرجل في المنام. وتبسمه وتعليمه له نفس الدعاء، وهذا من علم الغيب الذي لا يعلمه الا الله. أو كأن روح الامام المهدي قد طافت على الرجلين في ليلة واحدة. وتقول الرواية أن المهدي أحال النائم الى سيد من ولده وهو السلطان آبادي، وهذا يخالف الرواية الشيعية بعدم وجود أو معرفة أولاد للامام المهدي.



وهناك مثل آخر على الوضع والتحريف هو (دعاء العديلة) الذي يُقرأ لضمان عدم انحراف الانسان عند الموت، والذي يتضمن أفكارا مغالية ومنحرفة، كالفقرة التي تقول بأن الدنيا والأرض والسماء تثبت بوجود "المهدي المنتظر". ومع ان الشيخ عباس القمي يروي هذا الدعاء في "مفاتيح الجنان" الا انه يتساءل:"هل هذا الدعاء من المعصوم عليه السلام؟ أم هو من إنشاء بعض العلماء؟ ثم يجيب:يقول في ذلك خريت صناعة الحديث وجامع أخبار الأئمة عليهم السلام العالم المتبحر والمحدث الناقد البصير مولانا الحاج ميرزا حسين النوري (نور الله مرقده): وأما دعاء العديلة المعروفة فهو من مؤلفات بعض أهل العلم ليس بمأثور، ولا موجود في كتب حملة الأحاديث ونقادها".

ولا يوضح الشيخ القمي بعد ذلك لماذا إذن يذكر هذا الدعاء الموضوع في كتابه، في جملة الأدعية التي يتعهد بروايتها فقط عن أئمة أهل البيت؟ رغم ما يوجد فيه من غلو وأباطيل.



وبعد صفحات من ذلك ينقل الشيخ عباس القمي دعاء باسم (السيفي الصغير المعروف بدعاء القاموس) ويقول:"ذكره الشيخ الأجل ثقة الاسلام النوري (عطر الله مرقده) في الصحيفة الثانية العلوية، وقال: ان لهذا الدعاء في كلمات أرباب الطلسمات والتسخيرات شرح غريب، وقد ذكروا له آثارا عجيبة، ولم أرو ما ذكروه لعدم اعتمادي عليه، ولكن أورد أصل الدعاء تسامحا في أدلة السنن، وتأسيا بالعلماء الأعلام".



أسطورة ماء نيسان

ومن أبرز الأمور التي يذكرها الشيخ عباس القمي، وتنطوي على قدر كبير من الخرافة والأباطيل، حديث عجيب غريب، ينقله عن كتاب (زاد المعاد) لعلي ابن طاووس، يقول فيه:ان قوما من الأصحاب كانوا جلوسا، إذ دخل عليهم رسول الله (ص) فسلم عليهم فردوا عليه السلام، فقال: ألا أعلمكم دواء علمني جبرئيل (ع) حيث لا أحتاج الى دواء الأطباء؟ وقال علي وسلمان وغيرهم: وما ذاك الدواء؟ فقال النبي (ص) لعلي: تأخذ من ماء المطر بنيسان، وتقرأ عليه كلا من فاتحة الكتاب وآية الكرسي وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقل يا أيها الكافرون، سبعين مرة، وزادت رواية أخرى: سورة انا أنزلناه، أيضا سبعين مرة، والله أكبر سبعين مرة، ولا إله الا الله سبعين مرة، وتصلي على محمد وآل محمد سبعين مرة وتشرب من ذلك الماء غدوة وعشية سبعة أيام متواليات، والذي بعثني بالحق نبيا ان جبرئيل (ع) قال: ان الله يرفع عن الذي يشرب هذا الماء كل داء من جسده، ويعافيه، ويخرج من جسده وعظمه وجميع أعضائه، ويمحو ذلك من اللوح المحفوظ، والذي بعثني بالحق نبيا ان لم يكن له ولد بعد، فشرب من ذلك الماء كان له ولد، وان كانت المرأة عقيما وشربت من ذلك الماء رزقها الله ولدا، وان أحبت أن تحمل بذكر أو أنثى حملت، وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى :" يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانا وإناثا، ويجعل من يشاء عقيما".

ثم قال عليه السلام: وان كان به صداع فشرب من ذلك يسكن عنه الصداع بإذن الله ، وان كان به وجع العين يقطر من ذلك الماء في عينيه، ويشرب منه، ويغسل به عينه، ويشتد أصول الأسنان، ويطيب الفم، ولا يسيل من أصول الأسنان اللعاب، ويقطع البلغم، ولا يتخم اذا أكل وشرب، ولا يتأذى بالريح – من القولنج وغيره – ولا يشتكي ظهره، ولا يبخع بطنه، ولا يخاف من الزكام، ووجع الضرس، ولا يشتكي المعدة، ولا الدود، ولا يحتاج الى الحجامة، ولا يصيبه البواسير، ولا يصيبه الحكة، ولا الجدري، ولا الجنون، ولا الجذام، ولا البرص ، ولا الرعاف ، ولا القيء، ولا يصيبه عمى، ولا بكم، ولا خرس، ولا صمم، ولا مقعد، ولا يصيبه الماء الأسود في عينيه، ولا يصيبه داء يفسد عليه صومه وصلاته، ولا يتأذى بوسوسة الجن ولا الشياطين.

وقال النبي (ص) قال جبرئيل: انه من شرب من ذلك، ثم كان به جميع الأوجاع التي تصيب الناس، فانه شفاء له من جميع الأوجاع، فقال جبرئيل (ع) : والذي بعثك بالحق، من يقرأ هذه الآيات على هذا الماء، فيشرب منه ملأ الله قلبه نورا وضياء، ويلقى الالهام في قلبه، ويجري الحكمة على لسانه، ويحشو لبه من الفهم والبصيرة، وأعطاه من الكرامات ما لم يعط أحدا من العالمين، ويرسل عليه ألف مغفرة، وألف رحمة، ويخرج الغش والخيانة والغيبة والحسد والبغي والكبر والبخل والحرص والغضب، من قلبه، والعداوة والبغضاء، والنميمة والوقيعة في الناس، وهو الشفاء من كل داء.

ومع ان الشيخ عباس القمي يضعف سند هذه الرواية "لوجود عبد الله بن عمر في سندها" كما يقول، الا انه يعود فيقويها برواية أخرى يقول ان سندها ينتهي الى الامام الصادق، وتوجد فيها اضافات، وتذكر آثارا أخرى، منها: انه اذا كان مسجونا فشرب من ذلك الماء نجا من السجن، وانه لم يغلب على طبعه البرودة.

ولسنا بحاجة الى مناقشة هذه الرواية التي تنضح بحقيقة وضعها واختلاقها وأسطوريتها، والتي تحاول تقديم "ماء نيسان" كحل سحري لجميع مشاكل الانسان الجسدية والمالية والروحية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية.



رقي وتعاويذ



يقدم الشيخ عباس القمي في كتابه "الباقيات الصالحات"، الملحق بـ"مفاتيح الجنان"، مجموعة من الأدعية والرقي والتعاويذ لمعالجة مختلف الأمراض بحيث لاتعود هناك حاجة لمراجعة أي طبيب وأية صيدلية، فلديه تعاويذ لوجع الرأس ووجع الإذن والشقيقة والصمم والحمى ووجع الفم والأسنان والصدر والسعال والبطن وقرقرة البطن والقولنج ، وضعف البصر ووجع العين، وضعف الركب، ووجع السرة والخاصرة، ومختلف الأورام والثآليل. ولديه تعاويذ خاصة للعقارب والبراغيث، والأمن من السراق واللصوص. ولرجوع العبد الآبق. كما يقدم رقية لحفظ زرع الخيار والبطيخ من أضرار الدود وغيره مما يفسدها من الحيوان.

وربما كانت هذه "الأدعية" والرقي والتعاويذ، الموضوعة في عصور التخلف، سراً من أسرار انحطاط المسلمين، الذين استبدلوا بها طريق العقل والعلم. صحيح ان الدعاء الخالص لله تعالى يؤثر في حياة الإنسان، ولكن ليس بهذه الصورة الأسطورية والاعتماد الكلي على "الأدعية والتعاويذ" السحرية.

ويكفي في ذكر الشيخ عباس القمي لهذه الروايات واعتقاده بصحتها لاكتشاف منهجه الحشوي في الحديث ، وعدم معرفته للصحيح من السقيم، واختلال الموازين العلمية لديه، والذي أدى به وبمن شابهه من المحدثين الحشويين، الى قبول كثير من الأدعية والزيارات الموضوعة والتي تمتليء غلوا وتطرفا وشركا وكفرا بالله تعالى. وتقديمها للعوام على أنها جزء أساس من الدين.

وبالإضافة الى ما يوجد في "مفاتيح الجنان" من أدعية موضوعة وخرافات وأساطير، فقد تعرض كتابه الى دس أحاديث أخرى لم يذكرها هو في كتابه، مثل "حديث الكساء". وهذا ما كان يخشاه الشيخ عباس القمي، ويحرص على تجنبه، حيث كان يعمل على صيانة كتابه من الزيادة والنقصان، ولعن من يقوم بذلك، حتى انه تجنب إضافة أدعية أخرى الى كتابه بعد الفراغ منه خشية فتح الباب للأهواء للتلاعب الكتاب – كما يقول - "لقد خطر بالبال بعدما فرغت من تأليف كتاب مفاتيح الجنان وانتشرت نسخه في الأقطار أن أضيف اليه للطبعة الثانية إضافات تشتد الحاجة اليها... ولكن الاضافة الى الكتاب فيما رأيت كانت تفتح الباب للتصرف في كتاب مفاتيح الجنان، وهو باب قد يغتنم فتحه بعض الفضوليين متصرفين في الكتاب إضافة وحذفا فينشرون ما عبثت به الأهواء باسم مفاتيح الجنان، كما هو المشاهد في كتاب مفتاح الجنان، ولأجل ذلك لم أغير من أصل الكتاب شيئا وإنما ذيلته بملحق يحتوي على هذه المطالب الثمانية، وإني أدع الى لعنة الله القهار ولعنة رسوله (ص) والأئمة الأطهار (ع) من عبث في كتاب مفاتيح الجنان بشيء".



ورغم ذلك فقد أضاف ناشر مجهول في بعض الطبعات ملحقا يتضمن أدعية مطولة يقول ان المؤلف القمي قد أشار اليها فذكر فواتحها ثم تركها لطولها، ثم يورد الناشر "حديث الكساء" ويقول:" استجابة لطلبات كثير من المؤمنين وإتماما للكتاب ارتأينا بذكر حديث الكساء الشريف نقلا عن كتاب (عوالم العلوم) للشيخ عبد الله بن نور الله البحراني بسند صحيح عن جابر بن عبد الله الانصاري عن فاطمة الزهراء (عليها السلام)" ويذكر الحديث. وهو ما أثار الشك بصحة رواية القمي لهذا الحديث ودفع مؤخرا المحدث الايراني الشيخ محمدي الري شهري، سادن مقام الشاه عبد العظيم في طهران، الى حذف الحديث المذكور من الطبعات الجديدة لـ"مفاتيح الجنان" وتمزيقه من الطبعات القديمة.



"حديث الكساء"



ولا بأس بالتعرف على "حديث الكساء" من أجل التعرف على طبيعة الأدعية الموضوعة التي تبث الغلو والتطرف في الثقافة الشيعية الشعبية.

يقول الحديث – الأسطورة: ان النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ذهب يوما الى بيت فاطمة الزهراء واشتكى من ضعف في بدنه فتدثر بكساء، ثم جاء الحسن فدخل تحت الكساء، ثم جاء الحسين فدخل تحت الكساء وجاء الامام علي فدخل تحت الكساء ثم دخلت فاطمة، فقال عندها النبي:"اللهم ان هؤلاء أهل بيتي وخاصتي لحمهم لحمي ودمهم دمي يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدو لمن عاداهم ومحب لمن أحبهم انهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك وغفرانك ورضوانك علي وعليهم واذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا" فقال الله عز وجل:"يا ملائكتي ويا سكان سماواتي إني ما خلقت سماء مبنية ولا أرضا مدحية ولا قمرا منيرا ولا شمسا مضيئة ولا فلكا يدور ولا بحرا يجري ولا فلكا يسري الا في محبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء" فنزل جبرئيل وأبلغهم بحديث الله ودخل معهم تحت الكساء. وقال رسول الله (ص):"يا علي والذي بعثني بالحق نبيا واصطفاني بالرسالة نجيا ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل أهل الأرض وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا وفيهم مهموم الا وفرج الله همه، ولا مغموم الا وكشف الله غمه، ولا طالب حاجة الا وقضى الله حاجته".

وهذا الحديث غير معروف لدى المحدثين الشيعة القدماء، لأنه لم يكن موجودا، أو كان ضعيفا الى درجة يرفض أي محدث يحترم نفسه الاشارة اليه، ولا يوجد له أي سند، وقد تركه الشيخ عباس القمي، ولكن الناشر المجهول أضافه الى "مفاتيح الجنان" نقلا عن كتاب "عوالم العلوم" للشيخ عبد الله بن نور الله البحراني، المتأخر، وليس عن كتب الأدعية والزيارات القديمة المعروفة، وهذا ما يدل على اختلاقه في وقت متأخر.

وسواء صحت هذه الرواية أو لم تصح، فان "حديث الكساء" ينطوي على فكرة متطرفة ومغالية هي خلق العالم من أجل الخمسة (النبي وأهل بيته) وهي فكرة لم ترد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية، وتتعارض مع نظرية الاثني عشرية، ويحتمل بعض المحققين أنها من بنات الفرقة "المخمسة" التي ولدت في القرن الثاني الهجري ، وكانت تغالي بالخمسة (أصحاب الكساء) ثم انقرضت قبل ولادة الفرقة الاثني عشرية.


دور "الزيارات" الموضوعة في تكوين الثقافة الشعبية وعزل الشيعة عن العالم

ان أخطر ما في كتاب "مفاتيح الجنان" هي "الزيارات" التي يخاطب بها الشيعة الأئمة من أهل البيت عند زيارتهم لقبورهم، والتي ينقلها الشيخ عباس القمي عن عدد من كتب الزيارة المؤلفة في القرون الماضية، وخاصة في القرن الرابع الهجري، عند تأسيس النظرية الاثني عشرية، تلك الزيارات التي تتضمن معاني الغلو والتعظيم المبالغ فيه تجاه الأئمة من أهل البيت، والحط من درجة خصومهم أو أعدائهم أو منافسيهم، وأشياعهم وأتباعهم الى يوم القيامة، وهو ما يؤدي الى حدوث شرخ عظيم بين المسلمين، وبناء جدران عالية حول الشيعة وعزلهم عن التفاعل الإيجابي مع إخوانهم من أبناء المذاهب الأخرى، وإشاعة روح الحقد والكراهية والبغضاء، وما يسبب ذلك من ردود فعل عدائية من قبل الآخرين ضد الشيعة.

وتتكثف الخطورة من أن تلك الزيارات تشكل المنبع الرئيسي للثقافة الشيعية الشعبية التي لا تعرف كتب الفلسفة أو الكلام، وانما تواضب على قراءة تلك الزيارات بنية الحصول على الأجر والثواب، فاذا بها تقع فريسة الغلاة والمتطرفين الذين يبثون نظرياتهم وأساطيرهم وأحقادهم في عقول الناس باسم أهل البيت.

واذا سألت أي عالم محقق أو مجتهد خبير في علم الحديث عن تلك الزيارات، لأكد لك ضعف أسنادها، وتهافت مضامينها، ولكن رأيه يبقى محصورا في دائرة ضيقة في مقابل الانتشار الواسع لكتب الادعية والزيارات، وخاصة "مفاتيح الجنان" في المراقد والبيوت والمساجد والحسينيات. ومن الأمثلة على تلك الأدعية والزيارات السلبية المغالية والمشحونة حقدا وعداء:



دعاء يوم الغدير

يقدم الشيخ عباس القمي دعاء يوم الغدير ضمن مجموعة مفاهيم وأفكار ونظريات، تستند الى أحاديث ضعيفة أو مختلقة، حيث يسمي في البداية يوم الغدير بعيد الغدير، الذي يصفه بأنه: "عيد الله الاكبر" و "عيد آل محمد (عليهم السلام)"، ويقول عنه: "انه أعظم الأعياد، وما بعث الله تعالى نبيا الا وهو يعيد هذا اليوم، ويحفظ حرمته، واسم هذا اليوم في السماء يوم العهد المعهود، واسمه في الأرض يوم الميثاق المأخوذ، والجمع المشهود". ويضيف: "روي أنه سئل الصادق عليه السلام: هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال: نعم، أعظمها حرمة. قال الراوي: وأي عيد هو؟ قال: اليوم الذي نصب فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أميرَ المؤمنين (عليه السلام) وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، وهو يوم ثماني عشر من ذي الحجة. قال الراوي: وما ينبغي لنا أن نعمل في ذلك اليوم؟ قال: الصيام والعبادة والذكر لمحمد وآل محمد (عليه السلام) والصلاة عليهم، وأوصى رسول الله (ص) أمير المؤمنين (ع) أن يتخذ ذلك اليوم عيدا، وكذلك كانت الأنبياء تفعل، كانوا يوصون أوصياءهم بذلك فيتخذونه عيدا".

وبالرغم من تحدث هذه الرواية عن معرفة الأنبياء السابقين واحتفالهم بـ"عيد الغدير" – وهو أمر غريب لم يشر اليه أحد من الأولين والآخرين، من قريب أو بعيد- فانها تكشف أيضا عن عدم معرفة السائل في زمان الامام الصادق لهذا العيد؟ مما يؤكد اختلاق هذا الحديث وضعفه، خاصة وان الشيعة لم يعرفوا هذه التسمية ولم يقوموا بالاحتفال بـ"عيد الغدير" الا في القرن الرابع الهجري في ظل الدولة البويهية. وقد أراح الشيخ عباس القمي نفسه من عناء ذكر السند أو التحقيق فيه، واعتمد على إرسال الحديث، وأضاف اليه حديثا آخر بنفس الطريقة فقال:" في حديث أبي نصر البزنطي عن الرضا (صلوات الله وسلامه عليه) أنه قال:يا بن أبي نصر أينما كنت، فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين عليه السلام فان الله تبارك وتعالى يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستين سنة، ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان، وليلة القدر، وليلة الفطر. ولَدرهم فيه بألف درهم لإخوانك العارفين، وأفضل على إخوانك في هذا اليوم، وسُرَّ فيه كل مؤمن ومؤمنة، والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كل يوم عشر مرات".

وأضاف:"الخلاصة: ان تعظيم هذا اليوم الشريف لازم، وأعماله عديدة، الأول: الصوم، وهو كفارة ذنوب ستين سنة، وقد روي أن صيامه بعدل صيام الدهر، ويعدل مائة حجة وعمرة. الثاني: الغسل. الثالث: زيارة أمير المؤمنين".

وذكر القمي عدة "زيارات" وأدعية، جاء في أحدها ما يلي:"...إنا يا ربنا بمنك ولطفك أجبنا داعيك واتبعنا الرسول، وصدقناه وصدقنا مولى المؤمنين، وكفرنا بالجبت والطاغوت، فولنا ما تولينا واحشرنا مع أئمتنا فانا بهم مؤمنون موقنون ولهم مسلمون، آمنا بسرهم وعلانيتهم وشاهدهم وغائبهم وحيهم وميتهم ، ورضينا بهم أئمة وقادة وسادة وحسبنا بهم بيننا وبين الله دون خلقه لا نبتغي بهم بدلا، ولا نتخذ من دونهم وليجة، وبرئنا الى الله من كل من نصب لهم حربا من الجن والإنس من الأولين والآخرين وكفرنا بالجبت والطاغوت والأوثان الأربعة، وأشياعهم وأتباعهم وكل من والاهم من الجن والإنس من أول الدهر الى آخره.

اللهم إنا نشهد أنا ندين بما دان به محمد وآل محمد صلى الله عليه وعليهم، وقولنا ما قالوا، وديننا ما دانوا به، ما قالوا به قلنا، وما دانوا به دنا، وما أنكروا أنكرنا، ومن والوا والينا، ومن عادوا عادينا، ومن لعنوا لعنا، ومن تبرؤوا منه تبرأنا، ومن ترحموا عليه ترحمنا، آمنا وسلمنا ورضينا واتبعنا موالينا صلوات الله عليهم".

ومن الواضح ان هذا الدعاء يتضمن التبري مما يسميه بالجبت والطاغوت ، ويقصد بهما الشيخين، وأشياعهم وأتباعهم ومن والالهم من الجن والإنس من أول الدهر الى آخره، وهو ما يؤدي الى القطيعة والانفصال النفسي عن عامة المسلمين، ويحدث شرخا بينهم وبين الشيعة.

وفي دعاء آخر، يرويه القمي عن ابن طاووس، في القرن السابع الهجري، الذي يرويه بدوره عن الشيخ المفيد، في القرن الخامس الهجري، دون أن يذكر السند والمصدر، جاء ما يلي:"اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تلعن من جحد حق هذا اليوم، وأنكر حرمته فصد عن سبيلك لإطفاء نورك". وكأن الإيمان بهذا اليوم من ضروريات الاسلام التي لا ينكرها الا كافر، وانه لم يكن الموضوع محل جهل ونفي من قبل الشيعة في القرون الأولى.

ولكي يكرس القمي يوم الغدير عيدا تاريخيا، منذ أعماق التاريخ، ويضفي عليه هالة قدسية، ذكر أن هذا هو اليوم الذي جعل الله تعالى فيه النار على إبراهيم الخليل بردا وسلاما، واليوم الذي انتصر فيه موسى على السحرة، ونصب فيه وصيه يوشع بن نون، وجعل فيه عيسى شمعون الصفا وصيا له، واستخلف سليمان آصف بن برخيا على قومه، وآخى فيه رسول الله بين أصحابه.

زيارات الأئمة



الزيارة المطلقة الأولى: رواها الكليني في الكافي بسنده عن الحسين بن ثوير، عن أبي عبد الله. ورواها الشيخ الطوسي في التهذيب، والصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه، قال الصدوق: اني قد ذكرت في كتابي المزار والمقتل أنواعا من الزيارات، وانتخبت هذه الزيارة لهذا الكتاب، فإنها أصح الزيارات عندي رواية، وهي تكفينا وتفي بالمقصود.

ويوجد في هذه الزيارة ما يلي:" بكم فتح الله وبكم يختم وبكم يمحو ما يشاء ويثبت، وبكم يفك الذل من رقابنا وبكم يدرك الله ترة كل مؤمن يطلب بها، وبكم تنبت الأرض أشجارها وبكم تخرج الأرض ثمارها، وبكم تنزل السماء قطرها ورزقها وبكم يكشف الله الكرب وبكم ينزل الله الغيث وبكم تسبح الأرض التي تحمل أبدانكم وتستقر جبالها على مراسيها، إرادة الله في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم، والصادر عما فصل من أحكام العباد. لعنت أمة قتلتكم، وأمة خالفتكم، وأمة جحدت ولايتكم، وأمة ظاهرت عليكم وأمة شهدت ولم تستشهد، الحمد لله الذي جعل النار مأواهم وبئس الورد المورود". حيث لا تكتفي هذه الزيارة بلعن من قاتل الحسين وانما تلعن من يخالف الأئمة أو يجحد ولايتهم، ولا تفرق بين من يمتلك دليلا على وجوب الولاية لهم أو لا يجد أي دليل. فضلا عن ان الزيارة تتحدث عن هبوط إرادة الله الى الأئمة وصدورها من بيوتهم، وهذه فكرة في منتهى الغلو والانحراف.



الزيارة الثالثة: هي ما رواها ابن طاووس في المزار، وروى لها فضلا كثيرا، بحذف الأسناد عن جابر الجعفي، قال قال الصادق لجابر:... ان الرجل منكم ليأخذ في جهازه ويتهيأ لزيارته، فيتباشر به أهل السماء، فاذا خرج من باب منزله راكبا أو ماشيا وكل الله به أربعة آلاف ملك من الملائكة، يصلون عليه حتى يوافي الحسين (ع)... الزيارة... ثم تمضي الى صلاتك ولك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب من حج ألف حجة، واعتمر ألف عمرة، وأعتق ألف رقبة، وكأنما وقف في سبيل الله ألف مرة مع نبي مرسل.



وجاء في مقدمة الزيارة السابعة ما يلي، نقلا عن "مصباح المتهجد" للشيخ الطوسي، نقلا عن كتاب "المزار" لابن قولويه عن الصادق أنه قال: إن أبي حدثني عن آبائه عن رسول الله أنه قال:"ان ابني هذا الحسين يقتل بعدي على شاطيء الفرات، ومن اغتسل من الفرات تساقطت خطاياه كهيئة يوم ولدته أمه".

وأما ما جاء في نفس الزيارة فهو بعد السلام، ولعن قتلة الحسين:"أشهد أنك الامام البر التقي الرضي الزكي الهادي المهدي، وأشهد أن الأئمة من ولدك كلمة التقوى وأعلام الهدى والعروة الوثقى والحجة على أهل الدنيا، وأشهد الله وملائكته وأنبياءه ورسله أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن...". وهذه الفقرة تتضمن نظرية الامامة ونظرية الرجعة التي قال بها بعض الشيعة القدماء.

وكما يلاحظ فان الشيخ عباس القمي لا يذكر سند الرواية من ابن قولويه الى الصادق، ولسنا نعرف فيما اذا كان ابن قولويه قد ذكر السند؟ أم لا؟ وما هو وفيما اذا كان صحيحا عند الشيعة؟ أم لا؟



وجاء في مقدمة زيارة النصف من شعبان ما يلي، نقلا عن الامام الصادق:" من أحب أن يصافحه مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي، فليزر قبر أبي عبد الله الحسين بن علي في النصف من شعبان، فان أرواح النبيين (ص) يستأذنون الله في زيارته فيؤذن لهم، فطوبى لمن صافح هؤلاء وصافحوه، ومن خمسة أولو العزم من الرسل، هم نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص)".

وكذلك ورد عن الامام التقي في زيارة ليالي القدر:"أن من زار الحسين ليلة ثلاثة وعشرين صافحه روح أربعة وعشرين ألف نبي، كلهم يستأذن الله في زيارة الحسين في تلك الليلة".

وقد سقطت في هذه الرواية (مائة ألف)

وروى ابن قولويه عن الصادق:"ان من زار قبر الحسين بن علي في شهر رمضان، ومات في الطريق لم يعرض ولم يحاسب، وقيل له: ادخل الجنة آمنا".

ويروي القمي عن الصادق أنه قال:" من زار الحسين بن علي ليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة عرفة في سنة واحدة، كتب الله له ألف حجة مبرورة، وألف عمرة متقبلة، وقضيت له ألف حاجة من حوائج الدنيا والآخرة". وهذا ما لم يرد عن رسول الله (ص) حول أي عمل صالح آخر.

ويوجد في زيارة العيد ما يلي:"يا مولاي أنا موال لوليكم ومعاد لعدوكم، وأنا بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرائه ديني وخواتيم عملي وقلبي لقلبكم سلم، وأمري لأمركم متبع، يا مولاي أتيتك خائفا فآمني، وأتيتك مستجيرا فأجرني وأتيتك فقيرا فأغنني".

وهذه فقرة لم ترد في الزيارات الأخرى، وتتضمن نوعا من التوسل والدعاء والاستغاثة المباشرة بالامام الحسين، بما يخالف عقيدة التوحيد والدعاء الى الله تعالى.

صلاة الاستغاثة بالبتول

ويشابه ذلك ما يرويه الشيخ عباس القمي في كتابه الآخر الملحق بمفاتيح الجنان "الباقيات الصالحات" تحت عنوان "صلاة خاصة بالاستغاثة بفاطمة الزهراء" فيقول:"اذا كانت لك حاجة الى الله تعالى، وضاق صدرك منها، فصل ركعتين، فاذا سلمت كبر ثلاثا، وسبح بتسبيح فاطمة (سلام الله عليها) ثم اسجد وقل مائة مرة: يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني. ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقلها مائة مرة. ثم ضع خدك الأيسر وقلها مائة مرة، ثم عد الى السجود وقلها مائة وعشر مرات، واذكر حاجتك، فان الله تعالى يقضيها ان شاء الله".

ومن الواضح انحراف هذا الدعاء البدعي الموضوع، الذي يتضمن الاستغاثة بالسيدة الزهراء، وتناقضه مع عقيدة التوحيد، وإخلاص الدعاء له، والاستغاثة به. ويقدم القمي "دعاء" بدعيا آخر، ينطوي على الخلط بين دعاء الخالق ودعاء المخلوقين، وهو:

الاستغاثة بالأئمة

حيث يقول:" من أراد منكم أن يستغيث الى الله (عز وجل) فليصل ركعتين، ثم يسجد ويقول: يا محمد يا رسول الله، يا علي يا سيدَي المؤمنين والمؤمنات، بكما أستغيث الى الله تعالى، يا محمد يا علي أستغيث بكما، يا غوثاه بالله وبمحمد وعلي وفاطمة. وتسمي كلا من أئمتك ثم تقول: بكم أتوسل الى الله تعالى، فانهم يغيثوك لساعتك ان شاء الله تعالى".



زيارة عرفة: ان الله ينظر الى زوار الحسين في عرفة قبل أن ينظر الى أهل عرفات



يقول الشيخ عباس القمي في "مفاتيح الجنان":"اعلم ان ما روي عن أهل البيت الطاهرين المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) في زيارة عرفة مما لا يحصى فضلا وعددا، ونحن تشويقا للزائرين نورد منها البعض اليسير بسند معتبر عن بشير الدهان، قال قلت للصادق (ع): ربما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسين (ع) قال:"أحسنت يا بشير أيما مؤمن أتى قبر الحسين عارفا بحقه في غير يوم عيد، كتب له عشرون حجة، وعشرون عمرة، مبرورات متقبلات، وعشرون غزوة مع نبي مرسل، أو إمام عادل، ومن أتاه في يوم عرفة عارفا بحقه، كتب له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل"... وفي أحاديث كثيرة معتبرة:"ان الله تعالى ينظر الى زوار قبر الحسين نظر الرحمة في يوم عرفة قبل أن ينظر الى أهل عرفات". وفي حديث معتبر عن رفاعة، قال : قال لي الصادق:" يا رفاعة أحججت هذا العام؟ قلت: جعلت فداك ما كان عندي ما أحج به ، ولكني عرّفت عند قبر الحسين، فقال لي: يا رفاعة ما قصرت .. لولا أني أكره أن يدع الناس الحج، لحدثتك بحديث لا تدع زيارة قبر الحسين أبدا. ثم سكت طويلا، ثم قال : أخبرني أبي قال: من خرج الى قبر الحسين عارفا بحقه، غير مستكبر. صحبه ألف ملك عن يمينه، وألف ملك عن شماله، وكتب له ألف حجة وألف عمرة، مع نبي أو وصي نبي".

وكل هذه أمور غيبية لا يعلمها الا الله أو نبي من أنبياء الله، فمن أين جاء بها الامام الصادق أو الامام الباقر، ولم يروها عن رسول الله ولم تعرف عن الأئمة السابقين، وهو ما يؤكد اختلاقها من قبل الرواة على لسان أهل البيت، حيث يستبعد عنهم التحدث عن الغيب أو نسبة أمور الى الله من عند أنفسهم، بدون دليل أو ادعاء نزول الوحي عليهم، كما كان يقول الغلاة من الشيعة في تلك الأيام.



زيارة عاشوراء

وينقل الشيخ عباس القمي عن "مصباح" الشيخ الطوسي عن الامام الباقر ما يلي:أن "من زار الحسين بن علي في يوم عاشوراء من المحرم، يظل عنده باكيا لقي الله عز وجل يوم يلقاه بثواب ألفي حجة، وألفي عمرة، وألفي غزوة، كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول الله (ص) ومع الأئمة الراشدين". وأنه قال للراوي:" يا علقمة اذا انك اذا قلت ذلك – الزيارة- فقد دعوت بما يدعو به زواره من الملائكة، وكتب الله لك مائة ألف درجة، وكنت كمن استشهدوا معه، تشاركهم في درجاتهم، وما عرفت الا في زمرة الشهداء الذين استشهدوا معه، وكتب لك ثواب زيارة كل نبي وكل رسول، وكل من زار الحسين منذ قتل".

وينقل القمي نسختين لزيارة عاشوراء يقول إن إحداهما مشهورة والأخرى غير مشهورة، ولكنه لا يقيمهما من ناحية الصحة والضعف، أو يناقش في سندهما،أو في متنهما ومدى تطابقه مع القرآن الكريم والثابت من السنة النبوية، أو أحاديث أهل البيت الصحيحة، وبالرغم من تضمن الزيارة "المشهورة" الأولى لموضوع "اللعن" فانه يتلقاها بالقبول، وينقلها بكل ما فيها من غث و غلو وعنف، مع ان الزيارة الأخرى تخلو من ذلك، مما يرجح إضافة اللعن من قبل الرواة على الرواية الأولى "المشهورة".

وقد ورد في هذه الزيارة ما لم يرد في أية زيارة أخرى من اللعن على الصحابة الكرام كما يلي:" اللهم خص أنت أول ظالم باللعن مني وابدأ به أولا، ثم العن الثاني والثالث والرابع، اللهم العن يزيد خامسا، والعن عبيد الله بن زياد وابن مرجانة وعمر بن سعد وشمرا وآل أبي سفيان وآل زياد وآل مروان الى يوم القيامة".

ولكي يرسخ المبتدعون أفكارهم الشيطانية، ويعمقون الجراح بين الأمة الاسلامية، ينقلون عن الامام الباقر أنه قال:" ان استطعت أن تزوره في كل يوم بهذه الزيارة في دارك فافعل، فلك ثواب جميع ذلك". ويروي القمي عن صفوان بن مهران عن الصادق أنه قال:"تعاهد هذه الزيارة، وادع بهذا الدعاء وزر به، فاني ضامن على الله لكل من زار بهذه الزيارة، ودعا بهذا الدعاء، من قرب أو بعد، أن زيارته مقبولة، وسعيه مشكور، وسلامه واصل غير محجوب، وحاجته مقضية من الله تعالى، بالغة ما بلغت ، ولا يخيبه. يا صفوان وجدت هذه الزيارة مضمونة بهذا الضمان، عن أبي وأبي عن أبيه علي بن الحسين مضمونا بهذا الضمان، عن الحسين، والحسين عن أخيه الحسن مضمونا بهذا الضمان، والحسن عن أبيه أمير المؤمنين مضمونا بهذا الضمان، عن رسول الله مضمونا بهذا الضمان، ورسوله الله (ص) عن جبرائيل مضمونا بهذا الضمان، وجبرائيل عن الله تعالى مضمونا بهذا الضمان، وقد آلى الله على نفسه أن من زار الحسين بهذه الزيارة من قرب أو بعد ، ودعا بهذا الدعاء، قبلت منه زيارته وشفعته في مسألته بالغة ما بلغت، وأعطيته سؤله، ثم لا ينقلب عني خائبا، وأقلبه مسرورا قريرا عينه بقضاء حاجته، والفوز بالجنة، والعتق من النار، وشفعته في كل من شفع، خلا ناصب لنا أهل البيت آلى الله تعالى بذلك على نفسه، وأشهدنا بما شهدت ملائكته ملكوته، ثم قال جبرائيل: يا رسول الله أرسلني الله اليك سرورا، وبشرى لك، ولعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولدك، وشيعتكم الى يوم البعث، لا زلت مسرورا، ولا زال علي وفاطمة والحسن والحسين وشيعتكم مسرورين الى يوم البعث".

ولكي يشجع القمي على تلاوة الزيارة ينقل قصة أسطورية عن كتاب "النجم الثاقب" للشيخ النوري، دون أن يذكر اسم الراوي، او تاريخه ، يقول فيها أن الحاج السيد أحمد الرشتي تشرف بالحضور عند إمام العصر (الامام المهدي الغائب) (أرواحنا فداه) في سفر الحج، وقوله له: لماذا لا تقرأ زيارة عاشوراء، عاشوراء، عاشوراء، عاشوراء؟

كما ينقل الشيخ عباس القمي في كتابه "مفاتيح الجنان" عن "جنة المأوى" و "النجم الثاقب" لشيخه النوري ، قصة رجل بغدادي اسمه الحاج علي، يقول فيها انه التقى بالامام المهدي وهو في طريقه من الكاظمية الى بغداد، ومحادثته بشؤون خاصة لا يعلمها الا الحاج علي البغدادي، وتأكيده له على صحة عدد من الزيارات المعروفة الواردة في كتاب "مفاتيح الجنان" ووصيته له بتلاوتها، ونفيه أن تكون زيارة الحسين بدعة، وقوله :"انها أمان لزوار الحسين من النار يوم القيامة".

وبغض النظر عن صحة وجود الامام المهدي، وجواز ادعاء رؤيته أو نقل الأحاديث عنه، وبغض النظر عن صحة القصة من أساسها، فان الشيخ عباس القمي ينقل عن الراوي (الحاج علي البغدادي) نهي الشيخ محمد حسن آل ياسين له عن إفشاء هذه القصة، وكتمان البغدادي لها، بل وانكاره لها أشد الانكار، ومع ذلك يحاول القمي تبعا لاستاذه الشيخ النوري الإيحاء بصحة هذه الاسطورة ونشرها بين العوام من الشيعة، من أجل تكريس عدد من الزيارات المبتدعة والمختلقة والتي لا سند صحيح لها.



ان معظم الزيارات منقولة عن كتاب "الكافي" للكليني، و"من لا يحضره الفقيه" للصدوق، الذي ينقلها عن الكليني، وكذلك عن "التهذيب" للطوسي، وهؤلاء الرواة عاشوا في القرن الرابع والخامس الهجريين، ولا توجد أية رواية في أي كتاب صحيح قبل هذا التاريخ، وان النظر الى مضامين تلك الزيارات، واشتمالها على أسماء الأئمة الاثني عشر، يؤكد اختلاقها من قبل أقطاب النظرية الإثني عشرية، التي تألفت في القرن الرابع الهجري، بعد أن كان الشيعة الامامية يؤمنون بامتداد الامامة الى يوم القيامة، وعدم اقتصارها على عدد محدد. وهذا ما نجده في بعض الأدعية التي تسربت الى التراث الشيعي ووردت حتى في "مفاتيح الجنان" كما في "الدعاء لصاحب الأمر" الذي جاء فيه:"اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده، وبلغهم آمالهم وزد في آجالهم وأعز نصرهم وتمم لهم ما أسندت اليهم من أمرك وثبت دعائمهم".

وبالرغم من وقوع الحيرة لدى الشيعة الامامية، بعد وفاة الامام العسكري في منتصف القرن الثالث الهجري، دون أن يشير الى وجود ولد له لكي تستمر فيه الامامة، ونفي أهل البيت وجود ولد له في السر، وتفتيش الشيعة عنه الى حد اليأس وعدم العثور على أي أثر له، فان بعض الدجالين ادعوا وجود ولد للامام العسكري وغيبته في سرداب داخل البيت، ولم يكتفوا بذلك حتى ألفوا زيارات خاصة للامام الغائب في السرداب، ونقلوها عنه، كما ينقل عن محمد الحميري أنه خرج اليه من "الناحية المقدسة". ولكن الملفت في بعض تلك الزيارات هو أنها تحتوي على شكوى بطول الغيبة واختلاف الناس وشكهم بوجود الامام الغائب، مما يرجح الظن باختلاق تلك الزيارات في قرون متأخرة.

يقول الشيخ عباس القمي في باب "زيارة صاحب الزمان":" ثم انزل السرداب وزره (عليه السلام) بما روي عنه نفسه الشريفة، كما عن الشيخ الجليل أحمد بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج، أنه خرج من الناحية المقدسة الى محمد الحميري، بعد الجواب عن المسائل التي سألها... إذا أردتم التوجه بنا الى الله (تعالى) والينا فقولوا كما قال الله تعالى...".

والمعروف ان الطبرسي عاش في القرن الخامس الهجري، فكيف نقل عن الحميري الذي كان يعيش في القرن الثالث الهجري، ما لم ينقله السابقون عنه؟

وينقل القمي زيارة أخرى عن "الكتب المعتبرة" (...) وقد جاء فيها:" السلام عليك يا حافظ أسرار رب العالمين (؟)... السلام عليك يا معدن العلوم النبوية (؟) السلام عليكم يا باب الله الذي لا يؤتى الا منه، السلام عليك يا سبيل الله الذي من سلك غيره هلك، السلام عليك يا ناظر شجرة طوبى وسدرة المنتهى، السلام عليك يا نور الله الذي لا يطفأ، السلام عليك يا حجة الله التي لا تخفى، السلام عليك يا حجة الله على من في الأرض والسماء...أشهد أنك الحجة على من مضى ومن بقي... رضيت بك يامولاي إماما وهاديا ووليا ومرشدا لا أبتغي بك بدلا، ولا أتخذ من دونك وليا، أشهد.. أن وعد الله فيك حق لا أرتاب لطول الغيبة وبعد الأمد، ولا أتحير مع من جهلك وجهل بك...أشهد أن بولايتك تقبل الأعمال وتزكى الأفعال وتمحى السيئات، فمن جاء بولايتك واعترف بإمامتك قبلت أعماله،وصدقت اقواله، وتضاعفت حسناته،ومن عدل عن ولايتك وجهل معرفتك واستبدل بك غيرك أكبه الله على منخره في النار ولم يقبل الله له عملا ولم يقم له يوم القيامة وزنا... فلو تطاولت الدهور وتمادت الأعمار لم أزدد فيك الا يقينا، ولك الا حبا، وعليك الا متكلاً ومعتمدا، ولظهورك الا متوقعا ومنتظرا...".

ويضيف القمي بعد ذلك:"ثم ائت سرداب الغيبة، وقف بين الباب ماسكا جانب الباب بيدك، ثم تنحنح كالمستأذن.. وانزل بسكينة وحضور قلب، وصل ركعتين في عرصة السرداب، وقل:"...الحمد لله الذي هدانا لهذا وعرفنا أولياءه وأعداءه ووفقنا الله لزيارة أئمتنا ولم يجعلنا من المعاندين الناصبين، ولا من الغلاة المفوضين، ولا من المرتابين المقصرين...أشهد أن الله اصطفاك صغيرا وأكمل لك علومه كبيرا، وأنك حي لا تموت حتى تبطل الجبت والطاغوت...اللهم طال الانتظار وشمت بنا الفجار، وصعب علينا الانتظار...".

ومن الواضح اختلاق هذا الدعاء أو هذه الزيارة في وقت متأخر، بعد "طول الانتظار وشماتة الفجار" وانه ليس دعاء مرويا عن أئمة أهل البيت، ومما يؤكد ذلك رواية القمي لكثير من زيارات السرداب عن كتاب "مصباح الزائر" لابن طاووس، الذي كان يعيش في القرن السابع الهجري. ورغم ان الزيارة السابقة تشير الى وجود الشك والارتياب في وجود الامام الغائب، الا انها لم تحاول إثبات الأمر، وانما تقفز عليه بحمد الله الذي "لم يجعلنا من المرتابين المقصرين".

صلاة الحجة في جمكران

وفي هذا الإطار من النقل الحشوي البدعي ، يضيف القمي في كشكوله "الباقيات الصالحات" الملحق بكتاب "مفاتيح الجنان" ما يلي:" وقد حكى الشيخ (رحمه الله) في كتاب النجم الثاقب حديث بناء جامع جمكران (بالقرب من مدينة قم الإيرانية) بأمر صاحب العصر عليه السلام، وقد أتى ذلك الحديث: أنه قال للحسن المثلة الجمكراني: قل للناس ليرغبوا في هذا الموضع، وليعزوه، وليصلوا فيه ... وهذه الكلمة مروية بنصها عنه عليه السلام: فمن صلاهما فكأنما صلى في البيت العتيق، أي الكعبة".!



الزيارة الجامعة



تقدم الزيارة الجامعة لجميع أئمة أهل البيت في البداية موقفا خاصا منهم حيث تبدأ بالسلام عليهم ثم تصفهم بأنهم :"

معدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي، ومعدن الرحمة، وخزان العلم، وامناء الرحمن، وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى، وحفظة سر الله، وأوصياء نبي الله". وتؤكد على أنهم "الأئمة المعصومون المصطفون" و"ان الله اصطفاهم بعلمه، وارتضاهم لغيبه، واختارهم لسره، واجتباهم بقدرته، ورضيهم خلفاء في أرضه. وجعلهم حججا على بريته".

وترتفع الزيارة بالأئمة الى درجة غالية جدا بحيث تعطيهم بعض أدوار الله تعالى، فتخاطب الأئمة هكذا :" إن إياب الخلق إليكم، وحسابهم عليكم". وذلك خلافا لقول الله تعالى الصريح في القرآن الكريم:"إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم".

واذا كانت الزيارة قد ارتفعت بالأئمة الى هذه الدرجة المغالية، فليس من الصعب بعد ذلك أن تخاطبهم وكأنهم في منزلة الأنبياء أو أعلى من الأنبياء، حيث تقول:"بلغ الله بكم اشرف محل المكرمين، واعلى منازل المقربين وارفع درجات المرسلين، حيث لا يلحقه لاحق، ولا يفوقه فائق، ولا يسبقه سابق، ولا يطمع في ادراكه طامع، حتى لا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد. إلا عرفهم جلالة أمركم، وعظم خطركم، وكبر شأنكم ، وقرب منزلتكم منه".

ولكن ما فائدة هذا الولاء والتعظيم؟ وكيف يمكن تقديم فروض الطاعة لهم؟ وقد مضى الزمان وذهب أهل البيت؟ ان الجواب يأتي في فقرة لاحقة تتحدث عن المستقبل، وتقول:"أنا مؤمن بإيابكم، مصدق برجعتكم، منتظر لامركم، مرتقب لدولتكم، آخذ بقولكم، عامل بأمركم، مستجير بكم".

وعندما تخاطب الزيارة الأئمة قائلة:" ان آيات الله لديكم، وعزائمه فيكم، ونوره وبرهانه عندكم، وامره اليكم" فمن الطبيعي أن يصبح الأئمة المحور الفاصل بين الحق والباطل، ولذلك تقول:" من والاكم فقد والى الله، ومن عاداكم فقد عاد الله، ومن احبكم فقد احب الله، ومن أبغضكم فقد أبغض الله، ومن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله". وتضيف:" من اتاكم نجا ومن لم يأتكم هلك". أو "سعد من والاكم، وهلك من عاداكم، وخاب من جحدكم، وضل من فارقكم، وفاز من تمسك بكم، وأمن من لجأ اليكم، وسلم من صدقكم، وهدي من اعتصم بكم، من اتبعكم فالجنة مأواه، ومن خالفكم فالنار مثواه، ومن جحدكم كافر، ومن حاربكم مشرك ومن رد عليكم، فهو في اسفل درك الجحيم".

وتقوم الزيارة بتكريس مفهوم التبري، فتقول:"برأت إلى الله عز وجل من أعدائكم ومن الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم، الظالمين لكم الجاحدين لحقكم، والمارقين من ولايتكم والغاصبين لإرثكم، الشاكين فيكم، المنحرفين عنكم، ومن كل وليجة دونكم وكل مطاع سواكم، ومن الائمة الذين يدعون إلى النار" . وفي هذا السياق تنتقل الزيارة لتتخذ موقفا عنيفا من الآخرين، فتقول في مخاطبة الأئمة:"ان الراغب عنكم مارق، والمقصر في حقكم زاهق".

إذن فان هذه الزيارة والزيارات الأخرى، وخاصة زيارة عاشوراء، تقوم ببناء نظرية الامامة، في نفوس من يقرأها، فتعطي لأئمة أهل البيت موقعا يشابه النبوة، يوجب الطاعة والتسليم ويحرم المخالفة أو التخلف والمروق والخروج عليهم، وبالرغم من كونهم عاشوا في فترة ماضية قبل أكثر من ألف عام، فان الزيارات تبني حولهم موقفا عقديا، ينعكس سلبا على خصومهم المفترضين الذين عاشوا في زمانهم، ثم يمتد الموقف ليشمل أتباع الفريقين، وبما أن الزيارات تشكل حزبا تاريخيا تابعا الى الأئمة عبر الزمان، فانها تفترض استمرار المعركة المزعومة بين أهل البيت وخصومهم، وانتقالها الى الأجيال اللاحقة الى يوم القيامة، باعتبار كل من لا يؤمن بأهل البيت أو يواليهم معاديا لهم ومخالفا ومارقا ومقصرا.

ان الولاء لأئمة أهل البيت في زمانهم يمكن أن يكون مفهوما ومعقولا وذا معنى، باعتبار وجود أشخاصهم ، والالتفاف حولهم واتباعهم ومشايعتهم في مقابل خصومهم السياسيين من الأمويين والعباسيين، ولكن الولاء لهم يفتقد أي معنى حيوي في الزمن التالي، حيث يستحيل الالتفاف حولهم سياسيا، أو تنصيبهم في منصب الخلافة والامامة، ولا يمكن الا التعبير عن الحب لهم، وهذا أمر لا يختلف عليه المسلمون من جميع الطوائف. الا اذا حولنا معنى الولاء الى "مفهوم اعتقادي" ورفعنا أئمة أهل البيت الى درجة تشبه النبوة أو الالوهية، وهو ما يقول به الغلاة الغلاة من الشيعة. وهذا ما لا يقبله أي مسلم أو شيعي ينهل من ثقافة أهل البيت.

وتكمن خطورة ذلك الموقف المتطرف من الآخرين، في قيامه على أساس قاعدة دينية موهومة، باعتبار أن الزيارات واردة عن أئمة أهل البيت . ولا يشك أي شيعي عادة بصحة هذه الروايات أو الزيارات، ولا يسأل عن سندها، بل يعتمد على وجودها ضمن كتاب "مفاتيح الجنان" وكتب الادعية الأخرى. وكيف يعرف عامة الناس أو يقدرون على التمييز بين الروايات والزيارات اذا كان الشيخ عباس القمي نفسه، يغض النظر عن المناقشة في سندها، لمجرد روايتها في كتب الأقدمين، ويعتبر ذلك ضمانة للصحة.

وذلك رغم كل الضعف والقطع والإرسال والإهمال الموجود في سند تلك الزيارات، فضلا عن مخالفة بعضها للقرآن الكريم وللسنة النبوية ولأحاديث أهل البيت الصحيحة، التي تضعهم في موضع طبيعي، مما يؤكد وضع تلك الزيارات واختلاقها ونسبتها الى أئمة أهل البيت كذبا وزورا.

ومن هنا لا بد لأية ثورة شيعية من تصفية تراث أهل البيت من هذه الأدعية والزيارات الموضوعة والمختلقة والمتطرفة. ولا بد من النظر الى أسنادها بصورة محايدة، وليس تقليدا للعلماء السابقين مهما كان فضلهم، فان الأقدمين رووا كثيرا من الروايات ثم جاء من بعدهم من محصها فوجد أكثرها ضعيفا أو بلا سند صحيح. ولا يجوز الاحتجاج بالتزام العلماء السابقين بها، فان كثيرا منهم أخباريون وحشويون، يجمعون في كتبهم الغث والسمين، ولا يفرقون بين الصحيح والضعيف.

واذا أخذنا بنظر الاعتبار ان الفرقة الاثني عشرية التي ولدت في القرن الرابع الهجري، هي واحدة من عشرات الفرق الشيعية التي كانت كل فرقة منها تضع من الأحاديث على لسان أهل البيت، ما يعجبها وما يؤيد نظريتها، فسوف نعلم عدم حجية أية رواية يرويها "مشايخ الطائفة" المتهمين بالوضع والتزوير. ولذلك لا بد من النظر الى "مشايخ الطائفة" الذين يروون تلك الأدعية والزيارات، نظرية علمية محايدة غير متأثرة بأجواء التعظيم وهالات التقديس التي يحيطهم بها أتباعهم المقلدون لهم عبر التاريخ.

أحمد الكاتب


http://www.alkatib.co.uk/mafateeh.htm







 
قديم 06-10-06, 04:02 AM   رقم المشاركة : 2
بارق
عضو ماسي





بارق غير متصل

بارق is on a distinguished road


ريشهري يأمر بحذف "حديث الكساء" من مفاتيح الجنان

http://www.d-sunnah.net/forum/showth...DD%C7%CA%ED%CD







 
قديم 08-07-12, 04:20 PM   رقم المشاركة : 3
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


متي اقيمت الاضرحه والمقامات وهذذه الادعيه الشركيه للائمه يا شيعه

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=152854







التوقيع :
دعاء : اللهم أحسن خاتمتي
وأصرف عني ميتة السوء
ولا تقبض روحي إلا وأنت راض عنها .
#

#
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :
العِلمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسولُهُ *قَالَ الصَّحَابَةُ هُم أولُو العِرفَانِ* مَا العِلمُ نَصبكَ لِلخِلاَفِ سَفَاهَةً * بينَ الرَّسُولِ وَبَينَ رَأي فُلاَنِ

جامع ملفات ملف الردود على الشبهات

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=83964
من مواضيعي في المنتدى
»» هكذا تحل مشكلة تعطل مثبت السرعة في السيارة
»» كلمة شيخ الأزهر مع مشايخ اهل الحديث السلفيين في مصر
»» عدالة الصحابة بين إنصاف السنة وإجحاف الشيعة
»» الرد على ما هي الفرقة الناجية ؟ الشيخ الاثناعشري علي آل محسن
»» ايرا ن عدو الشعب السوري
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:54 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "