بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . . أما بعد :
فإني قد رأيت جماعة من الشيعة الإمامية يتلقفون شبهات النصارى حول القرآن الكريم ويستدلون بها على أهل السنة ردا لاعتبار من ذهب من علمائهم لمقالة التحريف , ومن تلك الشبهات قصة الحجاج مع المصحف وما نقل عنه في تغييره . .
وقد أجيب في محله على الإشكال حلا ونقضا .. سندا ودلالة بما لا مزيد عليه مما لا يحتاج فيه إلى نقله وتكراره . .
بيد أني رأيت كلاما لزعيم الحوزة العلمية عند الشيعة الإمامية . . يصح إيراده على المتشثبين بهذه الشبهة الباردة الطريفة . . وكلامه ألزم لهم وآكد . .
قال آية الله الخوئي في كتابه ( البيان في تفسير القرآن ) ص 219 - 220 :
وهذه الدعوى تشبه هذيان المحمومين ، وخرافات المجانين والأطفال ، فإن الحجاج واحد من ولاة بني أمية ، وهو أقصر باعا ، وأصغر قدرا من أن ينال القرآن بشئ ، بل وهو أعجز من أن يغير شيئا من الفروع الاسلامية ، فكيف يغير ما هو أساس الدين ، وقوام الشريعة ؟ ومن أين له القدرة والنفوذ في جميع ممالك الاسلام وغيرها مع انتشار القرآن فيها ؟ وكيف لم يذكر هذا الخطب العظيم مؤرخ في تاريخه ، ولا ناقد في نقده مع ما فيه من الأهمية ، وكثرة الدواعي إلى نقله ، وكيف لم يتعرض لنقله واحد من المسلمين في وقته ، وكيف أغضى المسلمون عن هذا العمل بعد انقضاء عهد الحجاج ، وانتهاء سلطته ؟ . وهب أنه تمكن من جمع نسخ المصاحف جميعها ، ولم تشذ عن قدرته نسخة واحدة من أقطار المسلمين المتباعدة ، فهل تمكن من إزالته عن صدور المسلمين وقلوب حفظة القران ؟ وعددهم في ذلك الوقت لا يحصيه إلا الله ، على أن القرآن لو كان في بعض آياته شئ يمس بني أمية ، لاهتم معاوية بإسقاطه قبل زمان الحجاج وهو أشد منه قدرة ، وأعظم نفوذا ، ولاستدل به أصحاب علي - عليه السلام - على معاوية ، كما احتجوا عليه بما حفظه التاريخ ، وكتب الحديث والكلام ، وبما قدمناه للقارئ ، يتضح له أن من يدعي التحريف يخالف بداهة العقل ، وقد قيل في المثل : حدث الرجل بما لا يليق ، فإن صدق فهو ليس بعاقل . أ.هــ
والحمد لله رب العالمين . .