العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية > منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-07-09, 01:23 PM   رقم المشاركة : 11
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


14)الجبـــار
قال رحمه الله تعالى:

"الجبار بمعنى العلي الأعلى، وبمعنى القهار، وبمعنى لرؤوف، الجبار للقلوب المنكسرة، وللضعيف العاجز، ولمن لاذ به، ولجأ إليه"


وله ثلاثة معان كلها داخلة باسمه الجبار

فهو الذي يجير الضعيف، وكل قلب منكسر لأجله،

فيجبر الكسير ويغني الفقير ويُيّسر على المعسر كل عسير،


ويجبر المصاب بتوفيقه للثبات، والصبر، ويعيضه على مصابه أعظم الأجر إذا قام بواجبها، ويجبر جبراً خاصاً قلوب الخاضعين لعظمته وجلاله وقلوب المحبين بما يفيض عليها من أنواع كراماته، وأصناف المعارف والأحوال الإيمانية فقلوب المنكسرين لأجله جبرها دان قريب

وإذا دعا الداعي فقال: "اللهم أجبرني، فإنه يريد هذا الجبر الذي حقيقته اصلاح العبد ودفع جميع المكاره عنه".


والمعنى الثاني: أنه القهار لكل شيء، الذي دان له كل شيء، وخضع له كل شيء.


والمعنى الثالث: أنه العلي على كل شيء،

فصار الجبار متضمناً لمعنى الرؤوف القهار العلي،

وقد يراد به معنى رابع وهو المتكبر عن كل سوء، ونقص، وعن مماثلة أحد، وعن أن يكون له كفؤ أو ضد أو سمي أو شريك في خصائصه، وحقوقه"


الحق الواضح المبين (ص77) توضيح الكافية الشافية (ص126).







 
قديم 31-03-10, 06:53 PM   رقم المشاركة : 12
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


(15)

الجميــل


قال رحمه الله تعالى:


"الجميل من له نعوت الحسن والإحسان

فإنه جميل في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله،


فلا يمكن مخلوقاً أن يعبر عن بعض جمال ذاته،


حتى أن أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم، واللذات، والسرور، والأفراح التي لا يقدر قدرها إذا رأوا ربهم، وتمتعوا بجماله نسوا ما هم فيه من النعيم، وتلاشى ما هم فيه من الأفراح،


وودّوا أن لو تدوم هذه الحال، ليكتسبوا من جماله، ونوره جمالاً إلى جمالهم، وكانت قلوبهم في شوق دائم ونزوع إلى رؤية ربهم، ويفرحون بيوم المزيد فرحاً تكاد تطير له القلوب.


وكذلك هو جميل في أسمائه، فإنها كلها حسنى بل أحسن الأسماء على الإطلاق وأجملها، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} وقال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً)

فكلها دالة على غاية الحمد، والمجد، والكمال، لا يسمى باسم منقسم إلى كمال وغــــيره.


وكذلك هو الجميل في أوصافه فإن أوصافه كلها أوصاف كمال ونعوت ثناء وحمد، فهي أوسع الصفات، وأعمّها، وأكثرها تعلقاً، خصوصاً أوصاف الرحمة، والبر، والكرم، والجود.


وكذلك أفعاله كلها جميله فإنها دائرة بين أفعال البر والإحسان التي يحمد عليها ويثني عليه ويشكر، وبين أفعال العدل التي يحمد عليها لموافقتها للحكمة والحمد، فليس في أفعاله عبث ولا سفه، ولا سدى ولا ظلم، كلها خير وهدى ورحمة ورشد وعدل {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}

فلكماله الذي لا يحصى أحد عليه به ثناء كملت أفعاله كلها فصارت أحكامه من أحسن الأحكام، وصنعه وخلقه أحسن خلق، وصنع وأتقن ما صنعه {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء}


وأحسن ماخلق {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ}3 {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}

ثم استدل المصنف( ابن القيم )بدليل عقلي على جمال الباري، وأن الأكوان محتوية على أصناف الجمال،


وجمالها من الله تعالى فهو الذي كساها الجمال، وأعطاها الحسن، فهو أولى منها، لأن معطي الجمال أحق بالجمال فكل جمال في الدنيا، والآخرة باطني وظاهري،


خصوصاً ما يعطيه المولى لأهل الجنة من الجمال المفرط في رجالهم ونسائهم، فلو بدا كف واحدة من الحور العين إلى الدنيا لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم، أليس الذي كساهم ذلك الجمال ومنَّ عليهم بذلك الحسن والكمال أحق منهم بالجمال الذي ليس كمثله شيء.


فهذا دليل عقلي واضح مسلم المقدمات على هذه المسألة العظيمة وعلى غيرها من صفاته، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى}


فكل ما وجد في المخلوقات من كمال لا يستلزم نقصاً، فإن معطيه - وهو الله - أحق به من المعطي بما لا نسبة بينه وبينهم كما لا نسبة لذواتهم إلى ذاته، وصفاتهم إلى صفاته، فالذي أعطاهم السمع، والبصر، والحياة، والعلم، والقدرة، والجمال، أحق منهم بــذلك.


وكيف يعبر أحد عن جماله وقد قال أعلم الخلق به: "لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك"



وقال صلى الله عليه وسلم: "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أنتهى إليه بصره من خلقه"



فسبحان الله، وتقدّس عما يقوله الظالمون النافون لكماله علواً كبيراً، وحسبهم مقتاً وخساراً أنهم حرموا من الوصول إلى معرفته والإبتهاج بمحبته.


وجمع المؤلف بين (الجليل والجميل) لأن تمام التعبد لله هو التعبد بهذين الاسمين الكريمين فالتعبد بالجليل يقتضي تعظيمه، وخوفه، وهيبته، وإجلاله.


والتعبد باسمه الجميل يقتضي محبته، والتأله له، وأن يبذل العبد له خالص المحبة، وصفو الوداد، بحيث يسبح القلب في رياض معرفته وميادين جماله، وينهج بما يحصل له من آثار جماله وكماله فإن الله ذو الجلال والإكرام"


( الحق الواضح المبين (ص29 إلى 32).

( التفسير (5/622) والكافية الشافية (ص117).







 
قديم 27-07-10, 05:59 PM   رقم المشاركة : 13
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


(16)الجــواد


قال رحمه الله تعالى:



"الجواد:


يعني أنه تعالى الجواد المطلق الذي عم بجوده جميع الكائنات، وملأها من فضله، وكرمه، ونعمه المتنوعة، وخص بجوده السائلين بلسان المقال أو لسال الحال من بر، وفاجر، ومسلم، وكافر، فمن سأل الله أعطاه سؤاله، وأناله ما طلب فإنه البر الرحيم


{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}


ومن جوده الواسع ما أعده لأوليائه في دار النعيم مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.



والجواد الذي عم بجوده أهل السماء، والأرض فما بالعباد من نعمة فمنه وهو الذي إذا مسهم الضر فإليه يرجعون، وبه يتضرعون، فلا يخلو مخلوق من إحسانه طرفة عين،


ولكن يتفاوت العباد في إفاضة الجود عليهم بحسب مامنَّ الله به عليهم من الأسباب المقتضية لجوده، وكرمه،


وأعظمها تكمل عبودية الله الظاهرة، والباطنة العلمية، والعملية القولية، والفعلية، والمالية،

وتحقيقها باتباع محمد صلى الله عليه وسلم بالحركات والسكنات))



الحق الواضح المبين (ص66 و67). توضيح الكافية الشافية (ص124).


--------------------

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جواد يحب الجود" الحديث أخرجه أبو نعيم في الحلية (5/29) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/105).







 
قديم 31-07-10, 05:59 PM   رقم المشاركة : 14
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


(17) الحسيب


قال المؤلف رحمه الله تعالى:



"الحسيب: هو العليم بعباده، كافي المتوكلين، المجازي لعباده بالخير والشر بحسب حكمته وعلمه بدقيق اعمالهم وجليلها.


والحسيب بمعنى الرقيب المحاسب لعباده المتولي جزاءهم بالعدل، وبالفضل، وبمعنى الكافي عبده همومه، وغمومه،


وأخص من ذلك أنه الحسيب للمتوكلين

{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} أي كافيه أمور دينه ودنياه.



والحسيب أيضاً هو الذي يحفظ أعمال عباده من خير، وشر، ويحاسبهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر،



قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)

أي كافيك وكافي أتباعك،

فكفاية الله لعبده بحسب ما قام به في متابعة الرسول ظاهراً وباطناً،



وقيامه بعبودية الله تعالى))

توضيح الكافية الشافية (ص126و 127).

الحق الواضح المبين (ص78).


من كتاب تفسير أسماء الله الحسنى من كتب الشيخ العلامة عبد الرحمن السّعديّ


http://www.islamspirit.com/ebooks_c_bok_0034.php






 
قديم 02-01-18, 10:14 PM   رقم المشاركة : 15
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


(18)



الحفيظ



قال رحمه الله تعالى: "الحفيظ: الذي حفظ ما خلقه،



وأحاط علمه بما أوجده، وحفظ أولياءه من وقوعهم في الذنوب والهلكات.


ولطف بهم في الحركات، والسكنات،



وأحصى على العباد أعمالهم وجزاءها.

والحفيظ يتضمن معنيين:


أحدهما: أنه قد حفظ على عباده ما عملوه من خير، وشر، وطاعة، ومعصية، فإن علمه محيط بجميع أعمالهم ظاهرها، وباطنها وقد كتب ذلك في اللوح المحفوظ، ووكل بالعباد ملائكة كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون، فهذا المعنى من حفظه يقتضي إحاطة علم الله بأحوال العباد كلها ظاهرها، وباطنها، وكتابتها في اللوح المحفوظ، وفي الصحف التي في أيدي الملائكة، وعلمه بمقاديرها، وكمالها، ونقصها، ومقادير جزائها في الثواب والعقاب ثم مجازاته عليها بفضله، وعدله.

والمعني الثاني: من معنيي الحفيظ: أنه تعالى الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون


وحفظه لخلقه نوعان عام وخاص:

حفظه لجميع المخلوقات بتيسيره لها ما يقيتها ويحفظ بنيتها، وتمشي إلى هدايته، وإلى مصالحها بإرشاده، وهدايته العامة التي قال عنها: {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}


أي هدى كل مخلوق إلى ما قدر له وقضى له من ضروراته وحاجاته، كالهداية للمأكل، والمشرب، والمنكح، والسعي في أسباب ذلك، وكدفعه عنهم أصناف المكاره، والمضار، وهذا يشترك فيه البر، والفاجر بل الحيوانات، وغيرها، فهو الذي يحفظ السماوات، والأرض أن تزولا، ويحفظ الخلائق بنعمه، وقد وكل بالآدمي حفظة من الملائكة الكرام يحفظونه من أمر الله، أي يدفعون عنه كل ما يضره مما هو بصدد أن يضره لولا حفظ الله.



والنوع الثاني: حفظه الخاص لأوليائه سوى ما تقدم، بحفظهم عما يضر إيمانهم أو يزلزل إيقانهم من الشبه، والفتن، والشهوات فيعافيهم منها ويخرجهم منها بسلامة وحفظ وعافية، ويحفظهم من أعدائهم من الجن والإنس فينصرهم عليهم ويدفع عنهم كيدهم، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}1 وهذا عام في دفع جميع ما يضرهم في دينهم ودنياهم فعلى حسب ما عند العبد من الإيمان تكون مدافعة الله عنه بلطفه،وفي الحديث: "إحفظ الله يحفظك"2 أي احفظ أوامره بالامتثال ونواهيه بالاجتناب، وحدوده بعدم تعديها، يحفظك في نفسك ودينك ومالك وولدك، وفي جميع ما آتاك الله من فضله))



الحق الواضح المبين (ص59 إلى 61) وتوضيح الكافية الشافية (ص122).






 
قديم 15-02-18, 02:32 PM   رقم المشاركة : 16
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


( 19)

الحــق


قال رحمه الله تعالى



"الحق: في ذاته، وصفاته، فهو واجب الوجود كامل الصفات والنعوت، وجوده من لوازم ذاته، ولا وجود لشيء من الأشياء إلا به.


فهو الذي لم يزل، ولا يزال بالجلال، والجمال، والكمال، موصوفاً.



ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفاً.


فقوله حق، وفعله حق، ولقاؤه حق، ورسوله حق، وكتبه حق،


ودينه هو الحق، وعبادته وحده لا شريك له هي الحق،


وكل شيء إليه فهو حق



{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}



{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)


{ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ}


{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}



التفسير (5/631 و632)






 
قديم 17-03-18, 10:28 PM   رقم المشاركة : 17
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


(20)



الحــكم:



(الحكم العدل)





قال رحمه الله تعالى:







"ومن أسمائه الحكم العدل الذي يحكم بين عباده في الدنيا، والآخرة بعدله، وقسطه فلايظلم مثقال ذرة، ولا يحمل أحداً وزر أحد، ولا يجازي العبد بأكثر من ذنبه، ويؤدي الحقوق إلى أهلها، فلا يدع صاحب حق إلا وصل إليه حقه.







وهو العدل في تدبيره، وتقديره {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}





والحكم العدل الذي إليه الحكم في كل شيء فيحكم تعالى بشرعه، ويبين لعباده جميع الطرق التي يحكم بها بين المتخاصمين، ويفصل بين المتنازعين، من الطرق العادلة الحكيمة،







ويحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ويحكم فيها بأحكام القضاء، والقدر، فيجري عليهم منها ما تقتضيه حكمته ويضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها،





ويقضي بينهم يوم الجزاء، والحساب، فيقضي بينهم بالحق، ويحمده الخلائق على حكمه حتى من قضى عليهم بالعذاب يعترفون له بالعدل، وأنه لم يظلمهم مثقال ذرة".



( توضيح الكافية الشافية (ص127) والحق الواضح المبين (ص80).






 
قديم 06-06-18, 05:44 PM   رقم المشاركة : 18
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


( 21)



الحكــيم





قال رحمه الله تعالى





((الحكيم هو الذي له الحكمة العليا في خلقه وأمره الذي أحسن كل شيء خلقه



{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}





فلا يخلق شيئاً عبثا، ولا يشرع شيئاً سدى، الذي له الحكم في الأولى، والآخرة، وله الأحكام الثلاثة لا يشاركه فيها مشارك، فيحكم بين عباده في شرعه، وفي قدره، وجزائه.





والحكمة: وضع الأشياء مواضعها، وتنزيلها منازلها.





والحكيم: الموصوف بكمال الحكمة، وبكمال الحكم بين المخلوقات، فالحكيم هو واسع العلم، والإطلاع على مبادئ الأمور، وعواقبها، واسع الحمد تام القدرة غزير الرحمة، فهو الذي يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها اللائقة بها في خلقه، وأمره، فلا يتوجه إليه سؤال، ولا يقدح في حكمته مقال.





وحكمته نوعان:





أحدهما: الحكمة في خلقه فإنه خلق الخلق بالحق، ومشتملاً على الحق، وكان غايته والمقصود به الحق، خلق المخلوقات كلها بأحسن نظام، ورتبها أكمل ترتيب، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به بل أعطى كل جزء من أجزاء المخلوقات، وكل عضو من أعضاء الحيوانات خلقته، وهيئته، فلا يرى أحد في خلقه خللاً، ولا نقصاً، ولا فطوراً، فلو اجتمعت عقول الخلق من أولهم إلى آخرهم ليقترحوا مثل خلق الرحمن أو ما يقارب ما أودعه في الكائنات من الحسن، والانتظام، والإتقان لم يقدروا، وأنى لهم القدرة على شيء من ذلك





وحسب العقلاء الحكماء منهم أن يعرفوا كثيراً من حكمه، ويطلعوا على بعض ما فيها من الحسن، والإتقان.





وهذا أمر معلوم قطعاً بما يعلم من عظمته، وكمال صفاته، وتتبع حكمه في الخلق، والأمر.

وقد تحدى عباده، وأمرهم أن ينظروا، ويكرروا النظر، والتأمل هل يجدون في خلقه خللاً أو نقصاً، وأنه لابد أن ترجع الأبصار كليلة عاجزة عن الانتقاد على شيء من مخلوقاته.





النوع الثاني: الحكمة في شرعه وأمره، فإنه تعالى شرع الشرائع، وأنزل الكتب وأرسل الرسل ليعرفه العباد، ويعبدوه، فأي حكمة أجل من هذا، وأي فضل، وكرم أعظم من هذا، فإن معرفته تعالى، وعبادته وحده لا شريك له، واخلاص العمل له وحده، وشكره، والثناء عليه أفضل العطايا منه لعباده على الإطلاق.





وأجل الفضائل لمن منَّ الله عليه بها، وأكمل سعادة، وسروراً للقلوب، والأرواح، كما أنها هي السبب الوحيد للوصول إلى السعادة الأبدية، والنعيم الدائم.





فلو لم يكن في أمره، وشرعه إلا هذه الحكمة العظيمة التي هي أصل الخيرات، وأكمل اللذات، ولأجلها خلقت الخليقة، وحق الجزاء، وخلقت الجنة، والنار، لكانت كافية شافية.





هذا وقد اشتمل شرعه، ودينه على كل خير، فأخباره تملأ القلوب علماً، ويقيناً، وإيماناً، وعقائد صحيحة، وتستقيم بها القلوب، ويزول انحرافها، وتثمر كل خلق جميل، وعمل صالح، وهدى، ورشد، وأوامره، ونواهيه محتوية على عناية الحكمة والصلاح والإصلاح للدين والدنيا فإنه لا يأمر إلا بما مصلحتهخالصة أو راجحة ولا ينهي إلا عما مضرته خالصة أو راجحة.





ومن حكمة الشرع الإسلامي أنه كما أنه هو الغاية لصلاح القلوب، والأخلاق، والأعمال، والاستقامة على الصراط المستقيم، فهو الغاية لصلاح الدنيا، فلا تصلح أمور الدنيا صلاحاً حقيقياً إلا بالدين الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا مشاهد محسوس لكل عاقل، فإن أمة محمد لما كانوا قائمين بهذا الدين أصوله، وفروعه، وجميع ما يهدي، ويرشد إليه كانت أحوالهم في غاية الاستقامة، والصلاح، ولما انحرفوا عنه، وتركوا كثيراً من هداه، ولم يسترشدوا بتعاليمه العالية انحرفت دنياهم كما انحرف دينهم.





وكذلك انظر إلى الأمم الأخرى التي بلغت في القوة، والحضارة، والمدنية مبلغاً هائلاً، ولكن لما كانت خالية من روح الدين، ورحمته، وعدله كان ضررها أعظم من نفعها، وشرها أكبر من خيرها، وعجز علماؤها، وحكماؤها، وساساتها عن تلافي الشرور الناشئة عنها، ولن يقدروا على ذلك ماداموا على حالهم، ولهذا كان من حكمته تعالى أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الدين، والقرآن أكبر البراهين على صدقه، وصدق ما جاء به لكونه محكماً كاملاً لا يحصل إلا به، وبالجملة، فالحكيم متعلقاته المخلوقات، والشرائع، وكلها في غاية الإحكام، فهو الحكيم في أحكامه القدرية، وأحكامه الشرعية، وأحكامه الجزائية.





والفرق بين أحكام القدر، وأحكام الشرع أن القدر متعلق بما أوجده، وكونه وقدره، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.





وأحكام الشرع متعلقة بما شرعه، والعبد المربوب لا يخلو منهما أو من أحدهما، فمن فعل منهم ما يحبه الله، ويرضاه فقد اجتمع فيه الحكمان،





ومن فعل ما يضاد ذلك فقد وجد فيه الحكم القدري، فإن ما فعله واقع بقضاء الله، وقدره، ولم يوجد فيه الحكم الشرعي لكونه ترك ما يحبه الله، ويرضاه.





ص فالخير، والشر، والطاعات، والمعاصي كلها متعلقة، وتابعة للحكم القدري، وما يحبه الله منها هو تابع للحكم الشرعي، ومتعلقه، والله أعلم.





( الحق الواضح المبين (ص50 إلى 54) وانظر: توضيح الكافية الشافية (ص119 )



التفسير (5/621)






 
قديم 13-08-18, 10:56 PM   رقم المشاركة : 19
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


(22)

الحــليم



قال رحمه الله تعالى:





"الحليم الذي له الحلم الكامل، والذي وسع حلمه أهل الكفر، والفسوق، والعصيان،





ومنع عقوبته أن تحل بأهل الظلم عاجلاً،



فهو يمهلهم ليتوبوا، ولا يهملهم إذا أصروا، واستمروا في طغيانهم، ولم ينيبوا)







والحليم الذي يدر على خلقه النعم الظاهرة، والباطنة مع معاصيهم، وكثرة زلاتهم، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم، ويستعتبهم كي يتوبوا، ويمهلهم كي ينيبوا.





والله تعالى حليم عفو، فله الحلم الكامل، وله العفو الشامل، ومتعلق هذين الوصفين العظيمين معصية العاصين، وظلم المجرمين،





فإن الذنوب تقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعة،





وحلمه تعالى يقتضي إمهال العاصين، وعدم معاجلتهم ليتوبوا،





وعفوه يقتضي مغفرة ما صدر منهم من الذنوب خصوصاً إذا أتوا بأسباب المغفرة من الاستغفار، والتوبة، والإيمان، والأعمال الصالحة، وحلمه وسع السماوات، والأرض، فلولا عفوه ما ترك على ظهرها من دابة، وهو تعالى عفو يحب العفو عن عباده، ويحب منهم أن يسعوا بالأسباب التي ينالون بها عفوه من السعي في مرضاته، والإحسان إلى خلقه.





ومن كمال عفوه أن المسرفين على أنفسهم إذا تابوا إليه غفر لهم كل جرم صغير، وكبير، وأنه جعل الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها".





( الحق الواضح المبين (ص55-56).



( التفسير (5/630).







 
قديم 16-08-18, 05:59 PM   رقم المشاركة : 20
محمد السباعى
عضو ماسي






محمد السباعى غير متصل

محمد السباعى is on a distinguished road


جزاك الله خيرا







 
 

الكلمات الدلالية (Tags)
أسماء الله, الحسنى, السعدي, صفات الله

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:48 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "