تفريغ كتاب ولادة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام في جوف الكعبة بين الحقيقة والخيال للمؤلف محيي بن عطية الحسيني
ولادة
أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام
في جوف الكعبة
بين الحقيقة والخيال
كتبه
أبو عادل محيي بن عطية الحسيني
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد الذي حذر العباد من الغلو في المخلوق وذكرهم بما وقع فيه أهل الكتاب من غلو في أنبيائهم أخرجهم من دائرة الايمان الى دائرة الكفر قال تعالى ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار( 72 ) لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم( 73 )
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد وآله وصحبه أجمعين ، القائل " لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ , فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ " مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ , عَنِ الْحُمَيْدِيِّ, عَنْ سُفْيَانَ.
ورضي الله عن أبي الحسن القائليَهْلِكُ فِيَّ اثْنَانِ وَلَا ذَنْبَ لِي مُحِبٌّ مُفْرِطٌ وَمُبْغِضٌ مُفْرِطٌ، وَإِنَّا لَنَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّنْ يَغْلُو فِينَا فَيَرْفَعُنَا فَوْقَ حَدِّنَا كَبَرَاءَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام مِنَ النَّصَارَى) بحار الانوار للمجلسي ج25ص272.
أما بعد:
الموضوع الذي بين أيدينا هو موضوع طالما جادل به الشيعة ونافحوا عنه وهواثبات ولادة علي ابن ابي طالب رضي الله عنه في جوف الكعبة ، وزعموا أنه حديث متواتر ثابت عند الفريقين، وقد كذبوا كعادتهم فلم يثبت من ذلك المتواتر المزعوم حديث واحد بل كل ما لديهم روايات موضوعة نسج حروفها رواة غلاة كذابون لايخشون الله تعالى فأخذ الشيعة برواياتهم وطاروا بها فرحا ولم يقفوا عند أسانيدها ويزنوها بميزان الجرح والتعديل عندهم ولم يتأملوا متونها المتناقضة ، ولو كانوا أهل حق لتناولوا تلك الروايات تحقيقا وتعليقا واثبتوا فعلا أنها روايات صحيحة ومتواترة ولكن هيهات فلم أجد فيما أعلم من علماء الشيعة السلف منهم والخلف من تطرق لاسانيد ومتون تلك الروايات وخرجها على مبانيهم وأراحونا من عناء البحث والتحقيق.
وها أنا أضع بين يديك أيها القاريء جملة الروايات التي تقول أن عليا رضي الله عنه ولد في جوف الكعبة ثم اقوم بتخريجها على مباني السنة والشيعة على سواء ، ولنرى هل فعلا أن روايات الولادة هذه متواترة ومقطوع بصحتها كما يزعم الشيعة الاثنا عشرية، أم أنها روايات موضوعة لا تثبت على محكالنقد.وأبدأ برواية ابن المغازلي والتي طالما يحيلون إليها ويقولون روها من أهل السنة ابن المغازلي في مناقبه.
قال ابن المغازلي في المناقب : اخبرنا ابو طاهر محمد بن علي بن محمد البيع ، قال: اخبرنا ابو عبد الله احمد بن محمد بن عبد الله بن خالد الكاتب ، قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد بن سالم الختلي قال: حدثني عمر بن أحمد بن روح، قال: حدثنيابو طاهر يحيى بن الحسن العلويقال:حدثني محمد بن سعيد االدارمي، حدثني موسى بن جعفر ، عن ابيه ، عن محمد بن علي ، عن ابيه علي بن الحسين قال: كنت جالسا مع ابي ونحن زائرون(زائرين أونزور) قبر جدنا عليه السلام ، وهناك نسوان كثيرة ، فأقبلت أمرأة منهن فقلت لها: من أنت يرحمك الله ؟ قالت:أنا زيدة بنت قريبة بن العجلان من بني ساعدة.فقلت لها : فهل عندك شيئا تحدثينا ؟ فقالت : أي واللهحدثتني أمي أم عمارة بنت عبادة بن نضلة بن مالك بن عجلان الساعدي...أنها كانت ذات يوم في نساء من العرب اذ أقبل أبو طالب كئيبا حزينا ، فقلت له: ما شأنك يا أبا طالب ؟ قال: أن فاطمة بنت أسد في شدة المخاض ، ثم وضع يده على جبهته ، فبينما هو كذلك إذ أقبل محمد صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأنك ياعم ؟ فقال : ان فاطمة بنت أسد تشتكي المخاض ، فأخذ بيده وجاء وهي معه فجاء بها الى الكعبة فأجلسها في الكعبة ، ثم قال : اجلسي على أسم الله! قالت: فطلقت طلقة فولدت غلاما مسرورا، نظيفا ، منظفا ، لم أر كحسن وجهه فسماه ابو طالب عليا وحمله النبي صلى الله عليه وأله حتى اداه الى منزلها.قال على بن الحسين عليهم السلام: فوالله ما سمعت بشئ قط إلا وهذا أحسن منه.أ هـ.
اقول: هذا هو الحديث الفرد الذي يعول عليه الشيعة في اثبات ولادة علي رض في الكعبة من كتب السنة ومن كتاب ابن المغازلي (1) (المناقب) وهو كما ترى مثقل بالمجاهيل والضعفاء، فمن هي زيدة بنت قريبة عجلان؟؟ ومن هي أمها؟؟.
ومن هو محمد بن سعيد الدارمي ؟ فلم اجد له ترجمة ولعله أحمد بن سعيد الدارمي الثقة ولكن هذا لم يدرك موسى بن جعفر الكاظم لان موسى رحمه الله تعالى توفي سنة 183هـ وأحمد هذا ولد نيف وثمانين ومائة كما جاء في ترجمته ، فكيف يقول : (حدثنا موسى بن جعفر؟!).
أما عمر بن أحمد بن روح. فهو الساجي أبو حفص. جاء في ترجمته في (سؤالات حمزة بن يوسف السهمي).سمعت الحسن بن علي بن عمرو يقول عمر بن أحمد بن روح الساجي أبو حفص ليس
بالمرضي. ترجمة رقم 312.
أما يحيى بن الحسن العلويفقد ترجم له الذهبي في كتابه لسان الميزان ترجمة رقم 8438 قال: وجدت له حديثا موضوعا رواه عن عقيل بن سمير، عن عَلِيّ بن حماد الغازي عن عباس بن حميد، عَن أبي بكر بن عياش، عَن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة، عَن عَلِيّ رفعه: يا علي تفكهوا بالبطيخ وعظموه فإن ماءه من الجنة وما من عبد أكل منه لقمه إلا أدخل الله جوفه سبعين دواء وأخرج منه سبعين داء... الحديث بطوله، سرده القرطبي في التذكرة ولم يعرف علته.
أقول :الرجل من رجال الرافضة ترجم له الخوئي في معجمه ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. قال في ترجمة رقم 13510 :
يحيى بن الحسن العلوي:
قال الشيخ 801: " يحيى بن الحسن العلوي، له كتابالمسجدتأليفه، أخبرنا به جماعة عن التلعكبري ".
وعده في رجاله فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام ، قائلا: " يحيى بن الحسين (الحسن) العلوي، له كتاب نسب آل أبي طالب، روىابن أخي طاهرعنه ".
أقول:- القول للخوئي- ظاهر كلام الشيخ أن المسمىبيحيى بن الحسنثلاثة أنفار، لكل واحد منهم كتاب، لأحدهم كتاب نسب آل أبي طالب، وللثاني كتاب المناسك، وللثالث كتاب المسجد، وصريح النجاشي أن من له كتابالمسجدوكتاب نسب آل أبي طالب رجل واحد، وهويحيى بن الحسن بن جعفر، ويؤكد ذلك أن الشيخ نسب كتابالمسجدإلى يحيى بن الحسن العلويفي الفهرست، ونسب كتاب نسب آل أبي طالب إليه في رجاله، وقال: روىابن أخي طاهرعنه، إذا فيحيى ابن الحسن العلوي المذكور في الفهرست، يتحد معيحيى بن الحسنالذي ذكره الشيخ قبله، وقال: له كتاب نسب آل أبي طالب، وذكر أن راويهابن أخي طاهر، وبما أن هذين الكتابين: كتابالمسجد، وكتاب نسب آل أبي طالبليحيى بن الحسنابن جعفر، على ما صرح به النجاشي، يتحديحيى بن الحسن العلوي، مع يحيى ابنالحسن بن جعفر، وعليه فيتحد الجميع، والله العالم (أعلم ).
وكيف كان، فطريق الشيخ إلى كتابيحيى بن الحسن العلويأيضا صحيح.
ثم إن ما ذكره النجاشي من روايته عنالرضا عليه السلام، ففي الكتب الأربعة ليست له رواية أصلا، نعم، له روايات فيعلل الشرايع، والتوحيد،والأمالي، ومعاني الاخبار، وعيون الاخبارللصدوق- قدس سره.أ هـ.
قلت: بغض النظر عن سند هذه الرواية فهناك معضلة كبيرة لم ينتبه لها من حقق هذا الكتاب من السنة والشيعة وهي قول علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب حيث قال: فوالله ما سمعت بشئ قط إلا وهذا أحسن منه؟!!.. فهذا كاشف عظيم على كذب هذه القصة التي يدندن بها الشيعة دائما ويزعمون تواترها، فعلي ابن الحسين وكذلك ابوه الحسين رضي الله عنه كما في النص لم يبلغهم خبر الولادة المزعوم المتواتر عن طريق علي رضي الله عنه وهو المعني بهذه القصة ولا عن طريق أهل البيت عموما ولا عن طريق الصحابة لذلك التمس أمرأة مجهولة لتحدثه بذلك فستحسنه (فاستحسنه) وتعجب منه كما هو واضح في النص ، فلو كان الخبر متواترا كما زعم الحاكم وعموم الشيعة لما جهل علي بن الحسين هذه الحادثة حتى يسأل هذه المرأة فتخبره بهذه الحادثة ؟!.
كذلك الخبر هذا ليس فيه ماتدعيه الشيعة من ان جدار الكعبة انشق وغير ذلك من الترهات.
إذاً: الرواية في غاية الضعف وإسنادها مظلم لتتابع المجهولين والضعفاء في سندها.
والعجيب ان علماء الشيعة يحتجون بقول الحاكم ( تواترت الاخبار ان عليا رضي الله عنه ولد في جوف الكعبة..) ولم يدلل الحاكم رحمه الله على زعمه حتى برواية واحدة من ذلك المتواتر؟! والاعجب من ذلك ان كبار الشيعة يجعلون ذلك دليلا على ان الحادثة متواترة بدون اي دليل نقلي واحد صحيح بل كل اعتمادهم في ذلك على اقوال بعض المدسوسين الشيعة الذين يزعمون انهم سنة امثال ابن صباغ والكنجي وغيرهم الذين نقلوا قول الحاكم في ذلك مؤيدين له ، ولا ادري حقيقة ما تحمله عقول الشيعة من متناقضات فلو قلنا لهم ان الكثير من علمائكم قالوا بتحريف القران ؟ قالوا هذه اقوال علماء ولا تلزمنا؟! واذا جاءوا الى هذه الحادثة المزعومة نقلوا قول الحاكم والصفوري وابن صباغ والكنجي الذين ينقلون بجهل عجيب قول الحاكم ويقولون كما قال: (تواترت الاخبار؟!).
والدليل على وضع رواية الولادة هذه في زمن متأخر أن الكليني صاحب أعظم كتاب بعد القرآن عند الشيعة لم يشر الى هذه القصة من قريب او بعيد وهو الذي لم يترك شيئا يخص الأئمة إلا وذكره في كتابه الكافي فأين ذهب عنه تواتر هذه القصة المزعومة؟ .
هذه الرواية اليتيمة في كتب السنة رواها ابن المغازلي . والرجل كما وصفه أهل العلم من أهل السنة (حاطب ليل).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) ابن المغازلي في (مناقب علي ابن أبي طالب).جاء في ذيل تاريخ بغداد لابن النجار: علي بن محمد بن محمد بن الطيب بن أبي يعلى بن الجلابي، أبو الحسن، المعروف بابن المغازلي: من أهل واسط، والد مُحَمَّد الذي قدمنا ذكره، سمع كثيرا وكتب بخطه وحصل، وخرج التاريخ وجمع مجموعات، منها الذيل الذي ذيله على «تاريخ واسط» بحشل ومشيخة لنفسه، وكان كثير الغلط، قليل الحفظ والمعرفة.
ووجدت له ترجمة في كتاب الشيعة (الذريعة) للطهراني رقم الترجمة 7286
قال: مناقب ابن المغازلى كتاب جليل لا أعرف مولفه، مرتب على مطالب رابعها فى مناقب أمير المومنين ع و فيه مقاصد، الخامس و العشرين منها فى ذكر أولاده ثم أولاد سائر الأئمة إلى الحجة ع و ذكر احوالهم، رايته فى خزانة آل السيد عيسى العطار ببغداد.
__________________________________________________ ________
أما روايات الشيعة فأسانيدها (مظلمة جدا) ومتونها غرائب.وسأذكر جميع مارواه الشيعة في كتبهم في هذه القضية واقوم بتخريجها على مبانيهم وللنظر هل صدقوا بإدعاهم التواتر ؟وهل هناك رواية صحيحة واحدة في كتبهم تثبت هذه القضية؟أم إن إدعائهم التواتر وصحة أسانيد تلك الرواية كذب محض.
والروايات في ذلك قسمين: روايات مسندة وروايات غير مسندة.
القسم الأول: الروايات المسندة وقد رويت من طريقين. الطريق الاول:مداره على يزيد بن قعنب وقيل (قعيب الرياحي) والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه. الطريق الثاني: مداره على جابر بن عبد الله الانصاري رضي الله عنه.
والطريق الأول والثاني لا يتفقان في المتن أبدا، وسوف اذكر سند الطريق الأول ثم أذكر بعد ذلك متنه وهكذا.
الطريق الأول الرواية الأولى: رواها شيخ الطائفة الطوسي في كتابه المجالس والأمالي قال:
قال محمّد بن أَحْمَد بن شاذان، حدثني سهل بن أَحْمَد قال: حدثنا أَحْمَد بن عمر الربيعي، قال: حدثنازكريا بن يحيى، قال: حدثناأبو داودقال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن العباس بن عبد المطلب: كان العباس بن عبد المطلب ويزيد ابن قعنب. أمالي الطوسي.
قلت:هذا الإسناد واه جدا(2).ومن تأمل فيه وفي رأسه عقل لاقسم بالله ثلاثا أنه موضوع مركب عن الثقات ؟فالسند يقول:عن انس بن مالكعن العباس بن عبد المطلب ، كان العباس بن عبد المطلب؟! فكيف يقول العباس كان العباس..؟!والغريب أن شيخ الطائفة الطوسي وكذلك عموم علماء الشيعة الذين أثبتوا هذه الرواية في كتبهم لم يتطرقوا لهذا الخلل الواضح في سند الرواية فقد مروا عليه مرور المصدق بزور الكلام.
----------------------------------------------------------
(2)تخريج سند الطوسي الأول:
محمد بن أحمد بن شاذانلا يساوي قشر بصلة عند السنة سماه الذهبي دجالا وهو عند الشيعة (ثقة).
سهل بن احمدمن رجال الشيعة ترجموا له واختلفوافي توثيقه: قال النجاشي: (سهل بنأحمد بن عبد الله بن أحمدبن سهل الديباجي أبو محمد، لا بأس به، كان يخفي أمره كثيرا، ثم ظاهر بالدين في آخر عمره، له كتابإيمان أبي طالب - رضي اللهعنه - أخبرني به عدة من أصحابنا، وأحمد ابن عبد الواحد).وعده الشيخ في رجاله، في من لم يرو عنهم عليهم السلام ، قائلا: (سهل ابنأحمد بن عبد الله بن سهلالديباجي بغدادي، وكان ينزل درب الزعفراني ببغداد، سمع منه التلعكبري سنة (370) وله منه إجازة ولابنه، أخبرنا عنه الحسين بن عبيد الله، يكنى أبا محمد).وقالابن الغضائري: (سهل بنأحمد بن عبد الله بن سهلالديباجي أبو محمد،كان ضعيفا يضع الأحاديث ويروي عن المجاهيل، ولا بأس بما رواه عن الأشعثيات وبما يجري مجراها مما روى غيره).وأورده ابن داود في القسم الأول (372) ونقل كلام النجاشي مع تبديل كلمة (ظاهر) ب (تشاهر) ثم حكى عنابن الغضائريأنهمشتبه الحديث).
وذكره ثانيا في القسم الثاني (221) وقال: (سهل بنأحمد بن عبد اللهالديباجي أبو محمد (غض)كان يضع الأحاديث ويروي عن المجاهيل(جش) لا بأس به).
احمد بن عمر الربيعي او الربيقيمجهول لا توجد له ترجمة في كتب الشيعة, وكذلك في كتب السنة . يتبع