حسبنا الله ونعم الوكيل.قال القاضي عياض في كتابه: الشفا في بيان حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم 2/304. (وقد أجمع المسلمون أن القرآن المتلو في جميع أقطار الأرض المكتوب في المصحف بأيدي المسلمين، مما جمعه الدفتان من أول "الحمد لله رب العالمين" إلى آخر " قل أعوذ برب الناس" أنه كلام الله، ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن جميع ما فيه حق، وأن من نقص منه حرفاً قاصداً لذلك، أو بدله بحرف آخر مكانه، أو زاد فيه حرفاً مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع عليه، وأجمع على أنه ليس من القرآن عامداً لكل هذا أنه كافر).
وقال ابن قدامة في لمعة الاعتقاد (ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفاً متفقاً عليه أنه كافر).
وقال القاضي أبو يعلى (والقرآن ما غُيِّر ولا بُدِّل ولا نُقِص منه، ولا زِيدَ فيه، خلافاً للرافضة القائلين: إن القرآن قد غير وبدل وخولف بين نظمه وترتيبه). وقال (إن القرآن جمع بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، وأجمعوا عليه، ولم ينكر منكر، ولا رد أحد من الصحابة ذلك ولا طعن فيه، ولو كان مغيراً مبدلاً لوجب أن ينقل عن أحد من الصحابة أنه طعن فيه، لأن مثل هذا لا يجوز أن ينكتم في مستقر العادة... ولأنه لو كان مغيراً ومبدلاً لوجب على علي رضي الله عنه أن يبينه ويصلحه، ويبين للناس بياناً عاماً أنه أصلح ما كان مغيراً، فلما لم يفعل ذلك ، بل كان يقرؤه ويستعمله، دل على أنه غير مبدل، ولا مغير).اهـ.
وليعلم أن بعض ضعاف العقول ظنوا أن إثبات النسخ نوع من التحريف، وحاولوا أن يشنعوا على أهل السنة بذلك، وهذا ناشئ من الجهل، واتباع الهوى، فإن النسخ قد دل عليه القرآن وأثبتته السنة، ولا يصدر إلا عن الله، أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن زعم أن في كتب السنة روايات صحيحة تعتمد شيئاً من تحريف القرآن فهو كاذب.
ومن ادعى أن روايات التحريف عند غير أهل السنة مقابلة بمثلها عند أهل السنة فهو مغالط، وذلك من وجهين: الأول: أن القضية ليست في روايات قد تصح، وقد تضعف، ولكن في تصريح بعض أئمة الضلال بكون القرآن محرفاً ومبدلاً ومغيراً.
والثاني: أنه على فرض وجود روايات من ذلك عند أهل السنة، فهي ساقطة باطلة قابلها أهل السنة بالإنكار، وحكموا على من اعتقد هذا التحريف بالكفر والردة، وهذا ما لم تفعله الفرق المنحرفة الطاعنة في القرآن، فإنهم يثبتون الروايات، ويتبنون ما تدل عليه، ولا يجرؤون على تكفير من اعتقدها ودان بها. والله أعلم.