بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه
ينبغي للمؤمن أن يكون عزيز النفس,موفور الكرامة,بعيداً عن كل ما يوقعه في الذل والمهانة والحرج,حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم،يستعيذُ بالله من الذلة,
في الحديث الذي رواه البخاري،عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم،كان يقول( اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقِلَّة والذِّلَّة )
وثبت في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال( والذي نفسي بيده،لَأَن يأخذَ أحدُكم حَبلَه فيحتطبَ على ظهره، خيرٌ له من أن يأتيَ رجلاً فيسألَه،أعطاه أو منعه )
وقال أيضاً(ومن يستغن يغنه الله,ومن يتصبر يصبره الله,وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر )فمن استغنى بالله متوكلاً عليه, واثِقاً به,باذلاً لأسباب كفايته وعزته,أغناه الله وكفاه،
لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم،المؤمنَ أن يتسبب في إِذلالِ نفسِه, كما في الحديث الذي رواه الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه )أخرجه أحمد والترمذي،
قالوا،يا رسول الله, وكيف يذل نفسه،قال،( يتعرض من البلاء لما لا يطيق )
فهذا الحديث العظيم, واضح الدلالة على أهمية حماية المؤمن نفسه من كل ما يكون سبباً لوقوعه في الذُّل والمهانة،
وفسر ذلك بقوله( يتعرض من البلاء لما لا يطيق )
ففي الدعوة مثلاً, وكذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, يجب على من كان قادراً على ذلك, أن يقوم بما أوجب الله عليه على حسب القدرة والإستطاعة, ولا شك أن الإبتلاء لابد وأن يصاحب من يدعو إلى الله,ولكن إذا كان البلاء الذي يصيبه بسبب ذلك لا يطاق, ولا يصبر عليه,أو يؤدي إلى قتل وهتك عرض ونحو ذلك,فينبغي له أن لا يعرض نفسه لهذا البلاء،
ومن إِذلالِ النفس،أن يتزلل المؤمن لأصحاب الرئاسة والمناصب, أو أصحاب الجاه والغنى, كي يصل إلى منصب أو مصلحة معينة, وأخطر من ذلك أن يرتكب ما يُسخط الله في سبيل الوصول إلى ذلك,من رشوة،أو شهادة كاذبة،
أُعظَمُ أسباب الذل في الدنيا والآخرة,مخالفة أَمر الرسول صلى اللهُ عليه وسلم,فاحذر أيها المسلم من ذلك, واعلم أنه لا عزة لك ولا كرامة ولا مكانة,إلا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم،ظاهراً وباطناً,
روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(بعثت بين يديِ الساعة بالسيف، حتى يعبد الله وحده لا شريك له،وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري،ومن تشبه بقوم فهو منهم )
وفي أحيان كثيرة تدعو المرء حماسته لفعل ما يظنه خيراً أو ثواباً أو أنه من أفعال المروءة والرجولة,لكنه ما يلبث أن يندم بعد فعله ذاك,كونه قد وجد له آثارا سلبية مختلفة,فيأتيه الوقت الذي يتمنى أن لولم يكن قد قام به،
تحصل تلك المواقف عندما يقبل المرء على العمل دون أن يدرس عواقبه,أو أن يعرف قدراته وإمكاناته,فتكون عاقبة فعله الذي قد رآه صائباً,سيئة عليه،ما سيقوم به المرء,مها كان من موقف صغير,فيعرف مردوده,من الإيجابية والسلبية,ويعرف ما يدعوه لفعله،
ثم يعرف المصالح المترتبة على فعله,وكذا المفاسد المتوقعة من عمله ذاك,ويعرض ذلك على ميزان الشرع،
وهو في ذلك كله يشاور العلماء والخبراء,ويأخذ رؤيتهم , ويعرض عليهم رؤيته،ثم يتروى ويهدأ نفسياً ويستخير ربه فيه،
فإن فعل ذلك,سيجد نفسه تلقائياً لا يتعجل ابدا في موقف مهما كان متحمساً له,ثم إنه سيجد نفسه يختار الأعمال الإيجابية كثيرة المصالح قليلة المفاسد,وسيهتدي برؤية العلماء إذ سينصحونه بما يصلح دينه ودنياه,وسيختار من خياراته الأقرب من قدراته وإمكاناته،
وسيخطو بفضل الله واستخارته,نحو خطواته ببركة وبصيرة،
فليقم المؤمن بما يستطيعه من الخير بغير أن يعرض نفسه للضرر الذي لا يطيقه هو ولا من يعول،
وليقدم على فعل الخير الذي يقدره,ولايحمل نفسه ما لا يقدر،
وليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حسب قدرته واستطاعته ويحذر ان يترتب عليه منكر مثله او اشد،
وليقنع بما آتاه الله من دنياه ولا يذل نفسه بالتزلف للناس ولا بالطاطأة لهم بحثاً عن المنزلة،
اللهم إني أعوذ بك من الفقر، والقلة، والذلة، وأعوذ بك من أن أظلم أو أُظلم.