العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات الخاصة > منتدى مقالات الشيخ سليمان بن صالح الخراشي رحمه الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-06-19, 12:07 AM   رقم المشاركة : 1
سليمان الخراشي
حفظه الله







سليمان الخراشي غير متصل

سليمان الخراشي is on a distinguished road


دفع ادعاء الشيعة أن الشاعر الفرزدق كان شيعيًا ! ونحقيق نسبة مدحه لعلي بن الحسين

بسم الله الرحمن الرحيم

من القصائد المشهورة التي يتداولها المتأدبون في مجالسهم وكتبهم قديما وحديثا : القصيدة الميمية التي تُنسب للفرزدق في مدح زين العابدين علي بن الحسين في قصة طوافه بالبيت وانزياح الناس عنه، وأن هشام ابن عبد الملك سُئل عن هذا الرجل فقال : لا أعرفه، فقال الفرزدق: لكنني أعرفه وأنشده على البديهة:


هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ** والبيت يعرفه والحل والحرم


وقد كنتُ أمرُ بهذه القصيدة وأحفظها منذ الصبا، ولكن في نفسي منها شيء، بسبب لغتها السلسة السهلة المطبوعة، وهي لغة لا تناسب شعر الفرزدق الذي عُرف بجزالته ووعورته أحيانا، ثم يسر الله لي أن أبحث عن هذا الشك هل له من أصل ؟ حتى تبين لي بما لا يدع مجالا للشك، أن القصة والقصيدة كلها من الكذب والانتحال الذي كان يصنعه الرواة؛ لأغراض سياسية وطائفية واجتماعية أو رغبة في التكسب والمعاش.


وهنا سأشير إلى إلماحات وأدلة مقتضبة تثبت بطلان نسبة النص للفرزدق مستعينا بالله تعالى.


1- الاختلاف في نسبة القصيدة :

القصيدة وردت في مصادر الأدب المعتمدة بنسب مختلفة حتى صار من الصعب الإحاطة بها، ومن أسباب هذا الاختلاف الشديد أنها لا تروى كاملة بل بعض أبيات منها، وفي كل موضع تنسب لشاعر، وأشهر من نُسبت إليه بعض أبياتها:
- الشاعر الحزين الكناني ؛ وقد نسبها إليه أبو تمام في ديوان الحماسة 2/284 ، وابن رشيق في العمدة 156، والأصفهاني صاحب الأغاني فكان مما قاله عن بعض هذه الأبيات:
( والصحيح أنها للحزين في عبد الله بن عبد الملك ، وقد غلط ابن عائشة في إدخاله البيتين في تلك الأبيات ، وأبيات الحزين مؤتلفة منتظمة المعاني متشابهة تنبئ عن نفسها ) الأغاني 15/318، مع أنه نسب بعضها للفرزدق أيضا ولغيره كما سيأتي.


- كثير بن كثير السهمي نسبها إليه دعبل كما في المؤتلف 169.


- داوود بن سلم كما في العمدة 156. وأمالي المرتضى 1/49.


- الفرزدق الأغاني 10/378 ، والعمدة 165، المرتضى في الأمالي مع الشك فيها بقوله : ( للفرزدق أو ممن تُنسب له هذه الأبيات)، 1/48. زهر الآداب 1/71.

- اللعين المنقري العمدة 156.


وهذا اختلاف شديد جدا في نسبة الأبيات ، يدل على شدة الاضطراب وضعف عزوها للفرزدق دون غيره منهم، خاصةً وأن بعض من نسبت إليه هو سابق للفرزدق؛ ولأمور أخرى ستأتي بأمر الله.


وبسبب هذا التردد يقول عبدالسلام هارون في تحقيقه للحيوان 3/133:

( وقد سكت الجاحظ عن النسبة هنا، وكذلك في البيان (1/370 ، 3/41) وكذا ابن قتيبة كما في عيون الأخبار (1/294 ، 2/196) تحفظاً منهما ) .


ولا يخفى على أرباب الأدب ورواته أهمية الجاحظ وابن قتيبة وعلو كعبهما في باب الأدب والبلاغة، ولسكوتهما عن عزو القصيدة لقائل بعينه ما يدل على هذا الشك والاضطراب.


2- الاختلاف في من قيلت فيه:


ومما يدل على اضطراب هذه القصيدة وقصتها : الخلاف الحاصل في الشخص الذي قيلت فيه ؛ ففي الحماسة والعمدة والأغاني أنها للحزين الكناني في عبد الله بن عبد الملك بن مروان، وفي الأمالي وغيره أنها في قثم ابن العباس أو لكثير السهمي في محمد بن علي بن الحسين كما في المؤتلف.


وإذا أتيتنا إلى من نسبها للفرزدق نجد خلافا آخر حول من قيلت فيه ؛ فالمشهور أنها قيلت في زين العابدين علي بن الحسين بن علي المتوفى سنة 95هـ ، وفي الطبراني 3/101 أن الفرزدق قالها في الحسين بن علي رضي الله عنه وكذلك في الحلية لأبي نعيم 3/139.


وقد تعقب ابن كثير في البداية والنهاية 8/208 الطبراني في ذلك وكان مما قاله : ( هكذا أوردها الطبرانى فى ترجمة الحسين فى معجمه الكبير، وهو غريب فان المشهور أنها من قيل الفرزدق فى على بن الحسين لا فى أبيه، وهو أشبه فإن الفرزدق لم ير الحسين إلا وهو مقبل إلى الحج والحسين ذاهب إلى العراق، فسأل الحسين الفرزدق عن الناس فذكر له ما تقدم، ثم أن الحسين قتل بعد مفارقته له بأيام يسيرة، فمتى رآه يطوف بالبيت !! والله أعلم).


وذكر الفاكهي في أخبار مكة 2/179 أنها للفرزدق يمدح علىّ بن عبيد اللّه بن جعفر ثم قال : ( وقيل إنها في محمد بن علي بن الحسين ) ثم ساق سندا آخر أنها في من قول بعض أهل المدينة في قثم بن العباس.


وفي البداية والنهاية 9/108 أنها في علي بن الحسين وأنه قد ذكر الصولي والجريري طرقا، ومدار كل الروايات الموجودة على رجل يدعى محمد بن زكريا الغلابي ، وهو ساقط عند أهل الرواية ، وممن يضع الحديث . قاله غير واحد وانظر الكشف الحثيث 1/230.


وبسبب كثرة الذين نقلوها ظن بعض الفضلاء صحتها ، ولكن لا عبرة بهذه الكثرة مهما بلغت إذا كان مدارها على شخص واحد تؤول إليه، وهناك من يرويها غيره بطريقة أخرى، فكيف إذا اجتمع أن هذا الشخص الذي تدور عليه الرواية هو من الكذابين ..!


وأمام هذا التضارب يقول ابن عبد البر كما في بهجة المجالس 1/112:

( وقول من قال : إن هذا الشّعر قيل في علىّ بن عبيد اللّه بن جعفر ، أو في محمد بن علي بن حسين أصح عندي من قول من قال : إنه في علىّ بن حسين؛ لأن على بن حسين توفي سنة ثلاث أو أربع وتسعين ، وهشام بن عبد الملك إنما ولى الخلافة سنة خمس ومائة، وعاش خليفةً عشرين سنة، وجائز أن يكون الشعر للحر بن عبد اللّه في محمد بن علي بن حسين ، وممكن أن يكون للفرزدق في محمد ابن علي بن حسين بن أبي جعفر - وإن كان له في أبيه علي بن حسين - فلم يكن هشام يومئذ خليفةً كما قال أبو علي في روايته، وأما قول الزبير : إنه قيل في قثم ابن عباس ، فليس بشئ، وإنما ذاك شعر قيل في قثم على قافية هذا الشعر وعروضه ليس هو هذا ) .



وقد وهم بعضهم حين علم أن البيهقي روى هذه القصة ظانا منه أنه الإمام البيهقي صاحب السنن فتعجل في الحكم !


قلت: البيهقي الذي ذكرها هو بيهقي آخر ذكرها في كتابه المعروف: (المحاسن والمساوئ) 103 ، وبطريقة مختلفة، وفيها أن الخليفة هو عبدالملك بن مروان وأن عبدالله بن جعفر هو من كافأ الفرزدق !!


وإذا تأملنا كلَّ هذا تبين لنا أن أول ذكرٍ لهذه القصة ورد في كتابين:


- الأول الطبراني وتوفي صاحبه في حدود سنة 360.
- الثاني أبو الفرج الأصفهاني وتوفي في حدود سنة 356.


وهما متقاربان جدا ، ولكن رواية الطبراني بسند مختلف وأنها في الحسين بن علي، وروايته فيها مجهول ويضعفها كون الفرزدق لم يلق الحسين بن علي على الصحيح.


أما رواية الأغاني فهي التي أخذ عنها كثير من المتأخرين وفيها علتان:


الأولى:
أن جميع الروايات مدارها على محمد بن زكريا الغلابي، وهو كذوب يضع الأحاديث كما مر آنفا.


الثانية:
أن صاحب الأغاني نفسه فيه مقال عند أهل الرواية، أضف إلى أنه مضطرب في نسبة القصيدة وبعض أبياتها كما مر سابقا.


وبعد هذا التطواف هنا بعض الملحوظات أدونها تباعا:



أولا:
إذا كانت القصة صحيحة وثابتة وبهذه الشهرة ووقعت في حرم الله أمام مرأى من الناس وانبرى فيها الفرزدق مادحا ومع كل هذا الوضوح والشهرة لا نجد من يرويها إلا شخص واحد معروف بالكذب ! ثم نجد أن بعض أبياتها منسوبة في مصدر أقدم لشاعر آخر مغمور !.


ثانيا: أن حبكة القصة تدل على وهنها وسذاجة من قام بها، وإن كانت لا تخلو من إثارة كانت سببا في ذيوعها، فإذا أضفت إليها أن الفرزدق لم يكن شاعراً مطبوعًا يقول الشعر بالبديهة، بل هو القائل : لقلعُ ضرسي أهون عندي من بيت شعر، فكيف انثالت عليه هذه الأبيات كالمطر، وهذا ما حدا بالناقد الكبير والمحقق المشهور إحسان عباس ليقول في تعلقيه عليها في تحقيقه على وفيات الأعيان 6/95 : ( على أن القصيدة جاءت عفو الخاطر، أو كأن الفرزدق كان متوقعاً ذلك السؤال فيه قدر من السذاجة).


وقال الدكتور شوقي ضيف : ( الذي لا شك فيه أنها تُخالف نسجَه ، كما تُخالف نفسيته ، إذ كان لا يتعصب لشيءٍ سوى قبيلته وآبائه ) " العصر الأموي ص 273" .



ثالثا:
إن الناقد البصير والقارئ المتمرس في شعر الفرزدق وغيره من شعراء العربية لديه من الملكة النقدية والذوق الرفيع ما يعرف به أن هذا النص لا يمكن أن يخرج من بين فكي الفرزدق فهو شاعر له طابع قوي جزل فخم العبارة تسمع للكمات جلجلة وللتراكيب قعقعة وصوره غير هذه الصور .



رابعاً: لسائل أن يسأل: لمن إذا هذه القصيدة التي نالت هذه الشهرة؟ ومن قائلها الحقيقي ؟ والذي يترجح لي ـ والله أعلم ـ أن القصيدة مركبة من أكثر من نص فبعضها للحزين الكناني الذي خرّج بعض أبياته أبو تمام في الحماسة وأورد أبياته أبو الفرج في الأغاني ووصفها بالمتناسقة، والجزء الآخر بعض من قصيدة داود بن سلم في مدح قثم بن العباس ويترجح الظن أن أحد الوضاعين ركب القصة ودمج بين هذه الأبيات التي جاءت على وزن وروي واحد وأضاف عليها من عنده أبياتا ونسبها للفرزدق، وأن ذلك كان في قريبا من مطلع القرن الرابع.


والأبيات الموضوعة من قبل هذا الواضع يدركها من لها بصيرة بالشعر وقد تنبه لذلك ابن عبد البر رحمه الله حيث قال في بهجة المجالس 1/112: ( وفيها أبيات لم أذكرها لأني أظنها مضافة مفتعلة).


وهذه الإضافات المفتعلة في أبيات القصيدة والتلفيق هو الذي جعل العلامة محب الدين الخطيب يصف القصيدة بأنها مكذوبة . ولكنه وَهِم في نسبة بعض أبياتها للفرزدق . المنتقى من منهاج الاعتدال (178).


خامساً:
هذه القصة والقصيدة المُلفقة استغلها الشيعة في نسبة الفرزدق السُني للتشيع !!


ومن أوائل من فعل ذلك : الشريف المرتضى في أماليه (1/45) حيث قال: ( كان الفرزدق شيعياًّ مائلاً إلى بني هاشم )،

وعنه - فيما يبدو - تناقلها الشيعة ، ومَن اغتر بهم !!


مع أن مدائح الفرزدق لبني أمية لا تخفى على عاقل !


حتى كتب الأستاذ محمد الخباز بحثًا منشورًا في مجلة الواحة العدد (59) عام 2010 عن أموية الفرزدق !


والصحيح أن الفرزدق كان شاعرًا سُنيًا ، يتكسب بشعره كغيره من الشعراء ، مع عصبية لقومه ( بني تميم ) ، وحتى لو ثبتت قصيدته السابقة ؛ فهي لا تكفي للدلالة على شيعيته ! لأن أهل السُنة يُحبون آل البيت ، الحب الشرعي ..



والشيعة الخُبثاء عادتهم التكثر بنِسبة المشاهير لنِحلتهم الفاسدة ؛ لأدنى سبب !! ومَن راجع كتب رجالهم رأى العجب العُجاب . والفرزدق ليس بأولهم .






( منقول عن الكاتب أبوسفيان على الشبكة - بتصرف وزيادة - ) .






  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:41 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "