إتحافُ السائل
أجوبة علمية على أسئلة هامة في معارف الإسلام
الطبعة الأولى 2012 جميع الحقوق محفوظة للمؤلف
مقدمة الكتاب
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وبه نستعين
الحمد لله كما هو أهله، وأفضل الصلاة وأتم السلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا وإمامنا المصطفى محمد وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
يضمّ هذا الكتاب مجموعة من المسائل الدينية في شتى مناحي المعرفة الإسلامية، جائت على شكل أجوبة عن أسئلة وُجهت إليّ على مدار سنوات من مختلف شرائح المجتمع من مختلف الدول، ومن طوائف متنوعة، فيهم المسلم وغيره، وفيهم السني والشيعي على تنوع فرق الشيعة.
وقد لاحظتُ أن كلاّ من السائلين له منطلقه في السؤال وله خلفيته، وكذلك طبيعة الأسئلة وموضوعاتها، الأمر الذي يستدعي نمطاً من الأجوبة يتناسب معها في المادة العلمية للجواب، أو في شكل الإستدلال، أو في التوسع والإختصار.
ولئن كان القاسم المشترك لكل هذه الأجوبة هو أنها تعبّر عن وجهة نظري كمجتهد آتاه الله عز وجل بفضله فهماً في الدين، وقدرة على استنباط أحكامه ومفاهيمه - وهو الأساس الذي عليه وجّهت إليّ الأسئلة -، إلاّ أن ما يتعلق من الأجوبة بالموضوعات المذهبية على تنوعها، يمكن تصنيفه إلى صنفين:
الأول: ما يعبّر عن منحى إصلاحي للفكر الشيعي من داخل إطاره وفي ضوء قاعدته الفكرية.
الثاني: ما يجسّد المنهج الصحيح خارج إطار المنظومة الفكرية الشيعية.
إن الصنف الأول يمثِّل مرحلة هامة وحساسة في شوطي العلمي الطويل، حيث كانت قد تبلورت لديّ فكرة ضرورة إصلاح الفكر الشيعي الذي كنت أنتمي إليه، كضرورة في حد نفسها لحاجة الفكر الشيعي بالفعل إلى عملية إصلاح حقيقي من داخل إطاره، وكضرورة لتحقيق الوحدة الإسلامية التي هي حتمية شرعية وحتمية حضارية وحتمية سياسية.
وهذا ما دعاني في تلك الفترة إلى طرح مشروع الفقه التقريبي الذي يجهد للعمل على الوصول إلى نتائج موحدة من خلال تفعيل الإجتهاد الفقهي، وتجديد النظر في المسائل الخلافية بغية إقامتها على أدلة علمية تفضي إلى نتائج تجمع ولا تفرّق، وتعمل على رأب الصدع وسدّ الفجوة من أجل التقريب بين المذاهب الإسلامية لتحقيق الوحدة الإسلامية التي نصبو إليها.
ومن هذا المنطلق قدّمت أبحاثاً فقهية إستدلالية في مسائل خلافية يجد القارئ الكريم جملة منها في هذا الكتاب كالمسائل الإستدلالية المتعلقة بوقت صلاة المغرب والحج وإرث الزوجة وبدعية الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة. وقد حققت تلكم الأبحاث الهدف المرجوّ منها حيث وصلت إلى نتائج تتفق مع ما عليه أهل السنة، لكن من خلال عملية استنباط من داخل إطار المنظومة الشيعية نفسها. مضافاً إلى الطرح الإصلاحي في الجوانب الأخرى غير الفقهية مما يرتبط بالعقيدة، أو يتعلق بالموقف من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وبعض مخلفات التاريخ. وهو طرح أساسي أيضاً من أجل الأصلاح والسير نحو التقريب والوحدة المنشودة.
أضف إلى ذلك ما جاء من أجوبة - تندرج في الصنف الأول - بهدف إقناع الشيعي بالأفكار الإصلاحية كي لا يبقى سادراً في غياهب التراث المليء بالغث والذي هو - كما تقدم - بحاجة ماسّة إلى الإصلاح الذي ينبغي على الشيعي أن يتبناه، وهذا وإن لم يكن كافياً، إلا أنه أفضل بكثير من الجمود على الموروث. وهذا ما دعاني إلى تسجيل هذا الصنف من الأجوبة في هذا الكتاب، مع أنه يمثل مرحلة تخطيتها منذ سنوات بعد أن اقتنعت ومن خلال مراجعة موضوعية هادئة بعدم صحة الأسس التي أقيمت عليها المنظومة الشيعية.
وأما الصنف الثاني، فهو يمثل الإتجاه الفكري الذي ألتزم به عقيدة وفقهاً، وقد سجّلتُه بكل وضوح، وهو يقوم على الأسس التي أقيمت عليها مدرسة أهل السنة، والتي هي بمجملها تمثل ما أصطلِح عليه بثقافة الأمة الواحدة، وهي الثقافة التي بُنيت على أساسها الأمة الإسلامية، وهي الثقافة المستمدة من كتاب الله تعالى، وما انعقدت عليه علماً وعملاً سنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام، وهي برأيي الأساس المتين للوحدة الإسلامية الصحيحة والحقيقية، لأن ماعدا هذه الثقافة وما لا ينتمي إليها فهو انشقاق عنها لا يمتلك رصيداً من الكتاب والسنة النبويّة، وإنما يعبّر عن نسج فكري خارج عن إطار ثقافة الأمة الواحدة.
من الواضح أن كتاباً كهذا سيكون مثيراً للجدل، وسيكون له أنصار وخصوم، وليس لنا ولا لغيرنا أن يُحاكم النوايا والدواعي، فالسرائر في ذمة الله عز وجل ، ولكننا نبقى متمسكين بما يفرضه علينا الشرع والعقل والوجدان من منهج وسلوك، وندعو الآخرين إلى التقيد بذلك مؤكدين على أنّ قيمة الإلتزام بالفكرة والمعتقد هي بالإقتناع الحر القائم على المنهج العلمي بعيداً عن التعصب والمؤثرات البيئية والتبعية العمياء، والله من وراء القصد.
الشيخ حسين المؤيد
بيروت
2/8/1433هـ 21/6/2012م
للتحميل برابط مباشر
توكلت على الله