لمَ الخوف من الإسلام؟
هذا هو عنوان لقاءنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك
فأنتم تتابعون معي حملةً إعلامية شرسة للتخويف من الإسلام والإسلاميين على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم ، وقد انبرى لهذه الحملة عدداً كبيراً من المفكرين والكتاب والأدباء والصحفيين .
وأنا بداية لا أنطلق في حديثي من منطلق أن الإسلام متهماً في قفص اتهام وأنا ها هنا واقفاً للدفاع عنه أبداً .. أبداً.
الإسلام ليس متهماً وما كان الإسلام متهماً قط
ثم ..!!
لو أخطأ مثلي أو أخطأ غيري من المنتسبين إلى الإسلام أو إلى أي تيار إسلامي فليس من العدل ولا من الإنصاف أن أحاكم وأحاسب الإسلام كدين لمجرد أخطاء بعض الأفراد المنتسبين إلى هذا الدين ، فهذا ظلم .
لا يُسمح أبداً أن نتهم طائفة من الطوائف لمجرد خلل أو خطأ وقع فيه بعض المنتسبين إلى هذه الطائفة.
فلماذا يحاكم الإسلام الآن كدين رباني ونبوي لمجرد بعض الأخطاء التي يزل فيها بعض المنتسبين إلى هذا الدين ولو كانوا من العلماء الربانيين والدعاة الصادقين .
ما الحرج وما الخلل في هذا المنهج وفي هذا الدين إن أخطأ واحد منتسب إليه
لا خلل ولا خطأ ولا تشويه ولا حرج .
فـ الإسلام الآن متهم ببعض الاتهامات الشديدة وسأركز الحديث تركيزاً مع حضراتكم في تفنيد هذه التهم التي تكاد الآن للإسلام والإسلاميين .
أولاً :الإسلام والآخر .
ثانياً : الإسلام والدماء .
ثالثاً : الإسلام وقطع الأذن وحرق الوجوه بماء النار وتهديد المتبرجات اللائي يمشين في الشوارع والطرقات.. الإسلام وتغيير المنكر .
رابعاً : الإسلام والحدود
فالإسلام متعطش لقطع الأيدي ولقطع الأرجل ولإلهاب الظهور بالجلد .. الإسلام والحدود.
وأخيراً...
الإسلام ظالم للمرأة ، ويريد أن يجعل المرأةرئة معطلة وفي سجن مؤبد داخل كل بيت .. الإسلام والمرأة.
محاور خمسة أركز الحديث فيها اليوم تركيزاً وأنا أخاطب الجميع بقلب مفتوح وعقلٍ متفتح ؛ لكن بلا تنازل عن ثوابتنا وأركاننا وأصولنا .
فإسلامنا هو الذي علم الدنيا كلها أدب الحوار وشتان شتان بين الحوار وبين إشعال النار.
فنحن لا نريد أبداً لنار أن تشتعل في بلادنا بل وفي أي بقعة من أرضنا الذكية الكريمة أرض مصر.
فمصر فوق الجميع ومصر تسع الجميع ، ومصر ليست ملكً للمسلمين دون النصارى لا
بل هي ملك للأقباط وللمسلمين .
ولسنا في حاجة لأن يجلس أحد ليعلمنا دروس في الوطنية.
فالإسلاميون يعلمون علم اليقين كيف يتعاملون مع الآخر ؛ لأن إسلامنا علمنا ولم يدع لنا شيئاً إلا ووضع لنا فيه حكم صريحاً جلياً واضحاً .
الإسلام والآخر
يا للشرف أرفع رأسي ويرفع كل مسلم موحد رأسه لتعانق كواكب الجوزاء أنه منتسب لدين رب الأرض والسماء ومنتسب لدين محمد إمام وسيد الأنبياء.
الإسلام ليس دين العرب وليس دين المسلمين وحدهم بل اُشرف بأنك تنتسب إلى دين رضيه الله لأهل السموات وأهل الأرض ، بل اختاره ربنا ديناً لكل الرسل وجميع الأنبياء.
فلم يُبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالإسلام وحده .. بل بُعث بالإسلام نوح .. بل بُعث بالإسلام إبراهيم .. بل جاء بالإسلام موسى .. بل جاء بالإسلام عيسى .. بل جاء بالإسلام يوسف .. بل جاء بالإسلام سليمان بل جاء بالإسلام محمد .
فالإسلام دينهم جميعاً " إِنَّالدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ" قال تعالى حكاية عن نوح في سورة يونس " وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ". وقال تعالى حكاية عن إبراهيم في سورة البقرة " وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِن َالْبَيْت ِوَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ُرَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَة ًلَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّاب ُالرَّحِيمُ" . والإسلام دين يعقوب " أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" . والإسلام دين موسى .. قال تعالى حكاية عنه في سورة يونس " وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ" . والإسلام دين عيسى قال تعالى حكاية عنه " فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" . والإسلام دين يوسف قال تعالى حكاية عنه " رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ِتَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ " . والإسلام دين سليمان .. قالت ملكة سبأ حين بعث لها كتابه " إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰن ِالرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ" . والإسلام دين لبنة التمام ومسك الختام محمد " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا".
فيا أيها المسلم أنت لست مقطوع النسب بل نسبُك ممتد في عمق التاريخ من لدن نوح إلى محمد إلى قيام الساعة صلوات الله عليهم أجمعين.
فالإسلام هو المنة الكبرى والنعمة العظمة، الدين الذي ارتضاه الله لأهلِ السموات وأهل الأرض ، الدين الذي يتسم بالعدل والسماحة ، الدين الذي يتسم بالرحمة والرأفة ، الدين الذي يتسم بالربانية في الغاية والهدف ، الدين الذي يتسم بالربانية في المصدر ، الدين الذي يتسم بالتكامل والشمول في جوانب الدنيا والدين والدنيا والآخرة والروح والبدن ، الدين الذي يتسم بالتميز والمفاصلة ، الذين الذي يتسم بالتوازن والاعتدال ، الدين الذي أنزله رب العالمين ليسعد البشر به في الدنيا قبل الآخرة " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ".
لذا قال جل وعلا : " يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنتُم ْصَادِقِينَ " لذا عامل الإسلام الآخر أي من غير المسلمين معاملة مبنية على العدل والسماحة.
نعلن ذلك بفخر واعتزاز ، الإسلام يتعامل مع الآخر بعدل وسماحة اسمع لقول ربي جل جلاله : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " . قال جل وعلا : " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُم ْتَذَكَّرُونَ " . قال جل وعلا : " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَوَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا" . وقال جل وعلا : " وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيد " . وبين كرامة الإنسان أي إنسان فقال جل جلاله : " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا " . ويقف نبينا إمام الأنبياء الأعظم وسيد الأنبياء الأكرم يقف في أوسط أيام التشريق بمنى ليخطب في الصحابة خطبة عصماء مختصرة بليغة كما في مسند أحمد وسنن البيهقي بسند صحيح من حديث جابر بن عبد الله فيقول: ( يا أيها الناس آلا أن ربكم واحد آلا إن أباكم واحد آلا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى قال تعالى : " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَاللَّهِ أَتْقَاكُمْ ").
. بل وفي الصحيحين عن عبد الرحمن بن ليلى قال : كان سهل ابن حنين وقيس ابن سعد قاعدين بالقادسية فمروا عليهما بجنازة فقاما سهل ابن حنين وقيس ابن سعد فقيل لهما إنها جنازة واحد من أهل الأرض يعني من أهل الذمة يعني من النصارى يعني اجلسا لا تقوما إنها جنازة نصراني فقالا رضي الله عنهما إن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً فمروا عليه بجنازة فقام صلى الله عليه وسلم ، فقيل يا رسول الله إنها جنازة يهودي ، فقال الحبيب النبي : أليست نفساً؟..
وددت لو أسمعت الدنيا كلها كيف يحترم الإسلام الأخر ، فنحن لا نفرض ديننا على أي أحد بشرط وأقولها واضحة ألا يحول أي أحد بيننا وبين دعوى الآخرين إلى الله بالحكمة البالغة والموعظة الحسنة والتواضع الجم والكلمة الرقراقة الرقيقة المهذبة المؤدبة .
أنا أزعم ومن حقي أن أزعم وأدعي .. ومن حقي أن اعتقد ذلك أنني أحمل في يدي مصباحاً مضيئاً وأمشي في طريق شديد الظلمة يتبعني فلان .. ويلحق بي هذا .. ويسير خلفي هذا .
ليس من حق أي أحد على الإطلاق أن يخرج علي لُيطفئ المصباح في يدي أو ليُحطم المصباح في يدي ، ليس من حق أي احد .. فإن شئت أن تسير معي في هذا النور نور القرآن والسنة فحي هلا .
لكن ليس من حقك أن تحطم مصباحاً في يدي أضيء به الطريق لنفسي ولمن يسير معي في هذا الركاب.
فأمريكا جاءت من أقصى الأرض لتصدر الديمقراطية فيما معناها عندهم والحرية بمعناها وبمفهومها عندهم ، لكنها جاءت لتصدر للعالم العربي الحرية والديمقراطية على فوهات المدافع وراجمات الصواريخ والطائرات والدبابات وما أحداث العراق وأفغانستان منا ببعيد .
فلماذا نحل هذا لأمريكا ويحلون لهم ذلك .. ويحرمون على الدعاة الذين يتحركون بالحكمة والرحمة والأدب يحملون نور القرآن والسنة .. نور الهداية والهدى .. نور الخير والرشاد .
لماذا ينكرون عليهم أن يتحركوا بمصابيحهم المضيئة وبأنوارهم أنوار الكتاب والسنة .. أنوار الحق والهدى .