المسألة الثانية : مسألة القول بتحريف القرآن :
وسنقسم هذه المسألة إلى ثلاثة محاور :
المحور الأول : تفسير اللفظ الوارد في الدعاء 0
المحور الثاني : الرد على اتهام المقداد للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتحريف القرآن , ودحض هذه الشبهة .
المحور الثالث : الكلام حول نسخ التلاوة 0
فأقول والله المستعان :
المحور الأول : تفسير اللفظ الوارد في الدعاء 0
هذه المسألة مأخوذة من قولهم في الدعاء المذكور (( وحرفا كتابك )) 00 وهذا اللفظ يعني أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما حرفا كتاب الله , وهذا بهتان عظيم على هذين الصحابيين الجليلين بل هو بهتان على بقية صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورضي عن الصحابة أجمعين , ومن آمن وصدق بأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما حرفا كتاب الله , فهو كافر خارج من الملة 0
ولكن الزميل " المقداد " حاول أن يفسر اللفظ الموجود في الدعاء على غير ما يفهمه القارىء له , فقال :
(( التحريف وهو قسمان :
الاول:
التحريف اللفظي وهو خلاف كتاب الله لان الله قد تعهد بحفظ كتابه فلا ناخذ به فلا بد من تفسير التحريف بغير هذا التفسير .
ثانيا:
التحريف المعنوي وهو التفسير بغير ما انزل الله وهو اوضح من ان يخفى فان ابا بكر منع حق ذوي القربى متاولا وعفى عن خالد متاولا وعمر جعل الثلاث ثلاثاً متاولا وترك الصلاة حين لم يجد الماء متاولا . وعليك بمراجعة كتاب النص والاجتهاد للسيد عبد الحسين شرف الدين لتجد كم من التحريف المعنوي قد ارتكبوا منقولة من كتب السنة .. ))
فرددنا على تفسيره للفظ الوارد في الدعاء (( وحرفا كتابك )) بأنه تفسير غير صحيح 0
لأننا حين نتكلم عن " تحريف القرآن " , نعني القرآن الكريم نفسه ولا يتبادر إلى الذهن أن المقصود " بتحريف القرآن " هو تفسيره 0
ولا أظن أحداً عندما يسمع عن القول بتحريف القرآن , يتبادر إلى ذهنه أن المقصود بذلك " التحريف المعنوي " الذي هو التفسير بغير ما أنزل الله !!!
بل إننا سألناه في وقت لاحق من المناظرة – بعد أن رأينا إصراره على قوله – بسؤال وهو :
هل تعتقد أن هناك تفسير أنزله الله سبحانه وتعالى مع القرآن ؟؟؟!!!!
فأجاب بقوله :
(( كل ايات القرآن نزل تفسيرها من الله سبحانه وتعالى على رسوله وحين كان الرسول يفسر القرآن ما كان الرسول ينطق عن الهوى بل كل كلامه صلى الله عليه وآله وحي يوحى والمعترض على شيء من كلامه معترض على وحي الله .. ))
فسألناه :
وأين التفسير الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ؟؟؟!!!!
هل هو موجود عندكم ؟؟؟!!! أم هو عند القائم ؟؟؟!!!!
فأجاب :
(( في الروايات المنقولة عن اهل البيت كما ورد في التفاسير الروائية وكتب الاحاديث كالكافي وغيره .. ))
ثم طلبنا منه أن يأتي لنا بالتفسير الرباني لآيتين من آيات القرآن الكريم وهما :
1- قوله تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم )
2- وقوله تعالى : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها )
فأعطانا تفسيراً غير منطقي لآية , وأتى بتفسير للآية الأخرى يدينه ويناقض ما سبق وأن صرح به !!!!!
فهو يقول في تفسير الآية الأولى إن الشيعة هم السابقون الأولون !!!!! وهذا نص الرواية التي زعم المقداد أنها التفسير الرباني للآية :
((( وأنتم السابقون الاولون ، والسابقون الاخرون ، والسابقون في الدنيا [ إلى محبنا [ والسابقون في الاخرة إلى الجنة)))
ثم لما استنكرنا عليه ذلك , وسألناه بقولنا :
فهل الشيعة من المهاجرين والأنصار المذكورين في الآية ؟؟؟!!!
أجاب بقوله :
(( بل هم من الذين اتبعوهم باحسان .))
وأنا هنا أتساءل :
وهل الشيعة اتبعوا السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كأبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من كبار الصحابة لكي يكونوا من الذين اتبعوهم بإحسان ؟؟؟؟!!!!
أرى تناقضاً صارخاً بين الشيعة وبين السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار , إذ كيف يكونون من الذين اتبعوهم بإحسان وهم يلعنونهم ويكفرونهم ؟؟؟؟!!!!!
أما تفسيره للآية الثانية فهو من أعجب ما قرأت !!!!
فهو ينفي وقوع نسخ التلاوة في القرآن بل يتهم من يؤمن بذلك بأنه يعتقد بتحريف القرآن , ثم يأتي لنا بالتفسير الإلهي للآية – كما يزعم – الذي يناقض كلامه تماماً !!!!
فالتفسير الذي أتى به يثبت وقوع نسخ التلاوة في القرآن , بينما هو سبق وأن أنكر وقوع نسخ التلاوة في القرآن مطلقاً !!!!
فهل هناك أكبر من هكذا تناقض ؟؟؟؟؟!!!!!
إذن دعواه بأن كل آيات القرآن نزل تفسيرها من الله سبحانه وتعالى غير صحيحة والواقع الشيعي يناقضها ويكذبها !!!
بل هو نفسه يكذبها !!!!
والناظر في تفاسير علماء الشيعة الإمامية , يرى الاختلاف الكبير بين مفسري الشيعة في تفسير القرآن , بل أحياناً تتناقض تفاسير بعضهم مع تفاسير البعض الآخر لآية واحدة , وقد يصل الأمر إلى اتهام بعضهم للبعض الآخر بتهمة شنيعة وهي اعتقاد تحريف القرآن !!!!!
فكيف يأتي لنا أحد الشيعة ويدعي أن كل آيات القرآن نزل تفسيرها من الله سبحانه وتعالى وأن ذلك التفسير موجود في الروايات المنقولة عن أهل البيت ؟؟؟؟!!!!!
فلو كان هناك تفسير أنزله الله سبحانه وتعالى مع القرآن , وهذا التفسير موجود في الروايات المنقولة عن أهل البيت 00 فلماذا اختلف علماء الشيعة في تفسير القرآن ؟؟؟!!!!
أليس في هذا اتهام صريح لعلماء الشيعة بالتفسير بغير ما أنزل الله ؟؟؟!!!!
بل أليس هذا اتهام صريح للأئمة الاثني عشر بتضييع التفسير الذي أنزله الله سبحانه وتعالى مع القرآن ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
إذ كيف يكون هناك تفسير أنزله الله مع القرآن ويعلمه الأئمة , ثم نجد الأئمة يخفون ذلك التفسير عن الناس بل حتى عن الشيعة أنفسهم ؟؟؟؟!!!!!
فاتقوا الله أيها الشيعة , ولا تتهموا أهل البيت بالاتهامات الباطلة !!!!
فأنتم تتهمون أهل البيت – بقصد أو بغير قصد – بأنهم أخفوا التفسير الإلهي للقرآن 00
فهل هذا هو حب الأئمة الذين تزعمون أنكم تحبونهم ؟؟؟؟!!!!
والله , إن هذا هو أكبر طعن وتخوين لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
إذن نخلص إلى أن تفسير الزميل المقداد للفظة (( وحرفا كتابك ))على أن المقصود فيها هو التفسير المعنوي الذي هو التفسير بغير ما أنزل الله , غير صحيح أبداً 0
وبهذا يظل معنى اللفظ الوارد في الدعاء (( وحرفا كتابك )) على معناه الأصلي وهو تحريف القرآن اللفظي !!!
وهذا اللفظ من الدعاء فيه اتهام لأفضل الأمة بعد نبيها – وهما أبو بكر وعمر – بتحريف القرآن !!!!
فأين تحريف أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما – للقرآن أيها الشيعة ؟؟؟؟!!!!
أريد أن تأتوا لنا بتحريفهم اللفظي وليس المعنوي كما قال الزميل المقداد !!!
ثم إذا كنتم تتهمون أبا بكر وعمر – رضي الله عنهما – بتحريف القرآن " لفظياً " 00 فكيف تزعمون أنكم لا تقولون بأن القرآن محرف ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
أليس في هذا تناقض واضح فاضح ؟؟؟؟!!!!!
فماذا دهاكم أيها الشيعة ؟؟؟؟!!!!!
===
المحور الثاني : الرد على اتهام المقداد للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتحريف القرآن , ودحض هذه الشبهة .
أورد الشيخ الشيعي المقداد علينا شبهة وهي اتهامه للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتحريف القرآن !!!!
وشبهة الزميل كانت مأخوذة من رواية وردت في موطأ مالك.. كتاب الحدود
1297 حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح ثم كوم كومة بطحاء ثم طرح عليها رداءه واستلقى ثم مد يديه إلى السماء فقال اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال أيها الناس قد سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا وضرب بإحدى يديه على الأخرى ثم قال إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله فقد رجم رسول الله صلى اللهم عليه وسلم ورجمنا والذي نفسي بيده ((( لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها))) الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة فإنا قد قرأناها قال مالك قال يحيى بن سعيد قال سعيد بن المسيب فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رحمه الله قال يحيى سمعت قوله تعالى يقول قوله الشيخ والشيخة يعني الثيب والثيبة فارجموهما ألبتة *
والشاهد من الرواية والذي يريد به الزميل أن يتهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالتحريف هو قوله :
((( لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها)))
فقلنا له إن آية الرجم " الشيخ والشيخة فارجموهما البتة " منسوخة نسخ تلاوة باتفاق جميع المسلمين , فهي مما نسخت تلاوته وبقي حكمه .
فتوجه إلينا الزميل المقداد بسؤال يتهم فيه الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأنه كان يريد أن يكتب الآية ولكنه خاف من الناس !!! فكان سؤاله كالتالي :
1- هل كان عمر يعتقد بان اية الشيخ والشيخة منسوخة تلاوة حينما امر بكتابتها وهل اعتقد بنسخها من خلال الحديث الانف الذكر حينما ترك كتابتها .
فكان الجواب ما يلي :
أولاً : عمربن الخطاب رضي الله عنه لم يأمر بكتابتها , فأرجو الإنصاف وعدم التدليس 0
ثانياً : الآية منسوخة تلاوة , وهذا باتفاق جميع المسلمين ومن بينهم الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه 0
ثالثاً : لو نظرنا إلى نص كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحديث , لعرفنا أنه يثبت أن الآية مما نسخ تلاوته وبقي حكمه 0
فهو يقول رضي الله عنه : (( إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله فقد رجم رسول الله صلى اللهم عليه وسلم ورجمنا ))
فقوله : (( لا نجد حدين في كتاب الله )) إقرار وإثبات منه رضي الله عنه بأن الآية غير موجودة في القرآن الكريم , فهو إذن لم يدع أو يزعم أن الآية في القرآن , ولم يكتبها في القرآن بنفسه ولم يأمر بأن تكتب , ولكنه رضي الله عنه أمر بأن لا يترك الناس حداً من حدود الله ( وهو الرجم ) بسبب أن الآية غير موجودة في القرآن اليوم 0
أما قوله رضي الله عنه :
(( لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها ))
فهذا لا يعني أن عمر رضي الله عنه يعتقد أن الآية غير منسوخة وأنه لم يمنعه من كتابتها إلا خوفه من الناس !!!!
فإن هذا اعتقاد فاسد وساذج , ومن اعتقد ذلك فإنه أضل من حمار أهله , كما قال علماؤنا 0
فلو كان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعتقد ومتأكد من اعتقاده بأن الآية غير منسوخة , لأمر الناس بكتابتها في القرآن صراحة , بل لكتبها هو في القرآن بنفسه , ولم يأبه بكلام الناس , فهو رضي الله عنه لا يخشى في الله لومة لائم 0
وحيث أنه رضي الله عنه لم يفعل ذلك كله , فإن هذا دليل واضح على أنه رضي الله عنه كان يعتقد أن الآية منسوخة , ولكنه أراد أن يحذر الناس من ترك حد الرجم بحجة أن الآية غير موجودة في القرآن , فقال لهم :
(( لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها))
وهذا لكي يؤكد لهم أن الآية كانت من القرآن وكان النبي عليه الصلاة والسلام يرجم وكان الصحابة يرجمون , ولكن الآية نسخت تلاوتها وبقي حكمها 0
فهل عرفتم الآن أن عمر رضي الله عنه كان يعتقد أن الآية منسوخة ؟؟؟
ولكنه لم يقل ما قال إلا لينبه الناس أن الآية منسوخة ولكن حكمها لم ينسخ 0
ثم ألست أنت أيها الشيخ المقداد تقول إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هدد بإزالة كل مكارم بني هاشم وإغارة ماء زمزم وأنه سيتهم علياً بالسرقة وأنه سيقطع يده إذا لم يزوجه بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب !!!!
فشخص بهذه المقدرة ويستطيع أن يفعل كل ذلك , هل يمكن أن نصدق أنه يخاف من الناس ؟؟؟؟!!!!
ألا يستطيع مثل هذا الرجل ( السوبرمان ) أن يجبر الناس على أن يكتبوا آية واحدة فقط في القرآن ؟؟؟؟!!!
( مالكم كيف تحكمون )
ولكن الشيخ الشيعي أصر على اتهامه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه !!!! , فقال :
(( جوابك عن عمر تنطع واضح ..
فهو يقول لولا الخوف من الناس لكتبتها .. فالرغبة في الكتابة موجودة
والمانع خوف كلام الناس ..
لوقال لك شيعي لولا خوف كلام الناس لاظهرت القول بكفر الشيخين ..
فهل تفهم من كلامه انه لا يعتقد بكفرهما ولا يريد اظهار كفرهما .. ))
فأجبناه بما يلي :
لا , بل أفهم أنه يعتقد بكفرهما ويريد إظهار كفرهما ولكنه يخاف من الناس ومن كلامهم .
ولكن قياس قول الشيعي في مثالك بقول عمر رضي الله عنه قياس غير صحيح البتة , ولو اعتبرناه قياساً فهو قياس مع الفارق 0
فأول فارق بين القياسين هو أن عمر رضي الله عنه لم يقل : لولا الخوف من الناس , فأرجو عدم الكذب على عمر رضي الله عنه أيها المقداد 0
الفارق الثاني : لا يوجد مقارنة بين عمر رضي الله عنه والشيعي في مثالك , فالشيعي قد يكون ضعيفاً ذليلاً بين الناس ولذلك هو لا يستطيع أن يظهر تكفيره للشيخين رضي الله عنهما 00 بينما عمر رضي الله عنه كان خليفة المسلمين وأمير المؤمنين يوم قال هذا الكلام , فشتان بين الثرى والثريا 0
الثالث : كلام عمر رضي الله عنه لم يكن مقتصراً على هذه الجملة فقط بل جاء قبلها كلام وجاء بعدها كلام وهو الذي وضح المسألة , وقد وضحنا لك المعنى من كلامه فارجع إليه وتأمله جيداً 0
فإن لم تقتنع بكل ما قلناه , فإني أود أن تجيب على هذا السؤال :
هل تعتقد فعلاً أن عمر رضي الله عنه يعتقد أن الآية غير منسوخة ولكنه لم يكتبها لأنه خاف من الناس ؟؟؟!!!
فإن قلت : نعم , فإنك ناقضت نفسك بنفسك !!!!
لأنك سبق وأن قلت إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هدد بإزالة كل مكارم بني هاشم وإغارة ماء زمزم وأنه سيتهم علياً بالسرقة وأنه سيقطع يده إذا لم يزوجه بابنته أم كلثوم!!!!
فشخص بهذه المقدرة ويستطيع أن يفعل كل ذلك , هل يمكن أن نصدق أنه يخاف من الناس ؟؟؟؟!!!!
ألا يستطيع مثل هذا الرجل ( السوبرمان ) أن يجبر الناس على أن يكتبوا آية واحدة فقط في القرآن ؟؟؟؟!!!
وإن قلت : لا , فالحمد لله على اقتناعك وتراجعك عن اتهامك للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه 0
ومع ذلك أصر صاحبنا " المقداد " على تناقضه ولم يقتنع !!!
ولهذا توقف الكلام بيننا حول هذه المسألة وتركنا الحكم للقارىء .
وأنا الآن أضيف نقطة مهمة وهي :
إذا كان الشيخ الشيعي " المقداد " يحتج علينا بمعنى كلام عمر رضي الله عنه بأن معناه عند أهل اللغة يدل على خلاف ما قلناه 00
فإننا نحتج عليه بنفس حجته , ونذكر له رواية من كتب الشيعة المعتمدة وهي قول أبي جعفر " ع " كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا ثلاثة , فقلت ومن الثلاثة ؟؟ فقال : المقداد بن الأسود , وأبو ذر الغفاري , وسلمان الفارسي رحمة الله وبركاته عليهم 000 الخ )
" الكافي " كتاب الروضة : ( 12 / 321 - 322 )
ومعنى هذا الكلام عند أهل اللغة أن أبا جعفر يكفر علياً والحسن والحسين وفاطمة وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس رضي الله عنهم أجمعين !!!!!!!
إلا أن هناك رواية أخرى عن أبي جعفر تستثني علياً وتترك الباقين !!!!
فعن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر " ع " قال : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قبض صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة , علي , والمقداد , وسلمان , وأبو ذر . قلت : فعمار فقال : إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فهؤلاء الثلاثة )
تفسير العياشي ( 1/ 199 ) , البرهان ( 1/ 319 ) , الصافي ( 1/ 305 )
فهل تتهم أيها الشيخ الشيعي إمامك أبا جعفر بتكفير الحسن والحسين وفاطمة وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس رضي الله عنهم أجمعين ؟؟؟؟؟!!!!!!!
=====
المحور الثالث : الكلام حول نسخ التلاوة 0
دار الحوار بيننا حول رواية عن عمر رضي الله عنه يتحدث فيها عن آية منسوخة في القرآن , وهي آية الرجم .. وكنا قد أوضحنا لكم في المحور السابق مدلول ومعنى كلام عمر رضي الله عنه وكان تركيزنا في المحور السابق على كلام عمر ومعناه 0
أما الآن , فإننا سنتكلم عن الآية نفسها , فأقول :
كنا قد قلنا للزميل المقداد إن آية الرجم " الشيخ والشيخة فارجموهما البتة " منسوخة نسخ تلاوة باتفاق جميع المسلمين , فهي مما نسخت تلاوته وبقي حكمه .
ولهذا توجهنا إليه بسؤال محدد وهو :
هل تؤمن بوقوع نسخ التلاوة في القرآن الكريم ؟؟؟
فاضطرب في هذه المسألة ولم يجب على السؤال بوضوح !!!
ولكن في النهاية , اتضح أنه لا يؤمن بوقوع نسخ التلاوة في القرآن الكريم ( وإن كان يعتقد أنه ممكن عقلاً ) .
فوجهنا إليه سؤالاً آخر وهو :
هل تعتبر أن من يؤمن بوقوع نسخ التلاوة في القرآن , فهو يعتقد بتحريف القرآن ؟؟؟؟!!!!
مع العلم أن السيد الخوئي ( وهو ينكر وقوع نسخ التلاوة مثلك ) يعتبر أن القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف والإسقاط 0
فهل أنت معه في هذا القول , أم ترى أنه أخطأ ؟؟!!
وبعد أخذ ورد , أجاب بقوله :
(( ان كلامه صحيح وهو ان نسخ التلاوة الذي يقول به السنة هو نفسه القول بالتحريف وقد اوضحنا ذلك في الفقرات السابقة .. ))
وهنا سقط الشيخ الشيعي " المقداد " سقطة شنيعة وهي اتهامه لعلمائه علماء الشيعة – ودون أن يشعر – بالقول بتحريف القرآن !!!
فإليكم الضربة القاضية وقاصمة الظهر – كما يقولون – :
السيد الخوئي والشيخ الشيعي " المقداد " يتهمان كبار علماء الشيعة بالقول بتحريف القرآن !!!!!!!
يقول السيد الخوئي : (( وغير خفي أن القول بنسخ التلاوة بعينه القول بالتحريف والإسقاط ))
ووافقه الشيخ الشيعي " المقداد " على ذلك بقوله : (( ان كلامه صحيح وهو ان نسخ التلاوة الذي يقول به السنة هو نفسه القول بالتحريف وقد اوضحنا ذلك في الفقرات السابقة .. ))
إذن , هما يحكمان على كل من قال بنسخ التلاوة فهو قائل بالتحريف أيضاً 0
ومن خلال حكمهما هذا , فإن بعض كبار علماء الشيعة قائلون بتحريف القرآن أيضاً !!!!
فمثلاً : الشيخ أبو علي الفضل الطبرسي , وأبو جعفر محمد الطوسي الملقب عند الشيعة بشيخ الطائفة , وكمال الدين عبد الرحمن العتائقي الحلي , والعلامة محسن الملقب بالفيض الكاشاني , ومحمد باقر المجلسي 000 إلخ 0
فكل هؤلاء من كبار علماء الشيعة وغيرهم , هم في حكم السيد الخوئي والشيخ المقداد ممن يقول إن القرآن محرف !!!
أتدرون لماذا ؟؟؟؟!!!!!
لأنهم يؤمنون ويقولون بوقوع نسخ التلاوة !!!!!!
ولهذا نقول : وشهد شاهد من أهلها 0
فنحن لم نحكم على أحد من أولئك العلماء من الشيعة بأنهم ممن يقول بتحريف القرآن بسبب قولهم بنسخ التلاوة 00 بل نحن نحكم عليهم بأنهم أصابوا في هذه المسألة ( القول بنسخ التلاوة ) 0
إذن , في حكم السيد الخوئي وحكم الشيخ المقداد لا يكاد يوجد عالم شيعي إلا وهو قائل بتحريف القرآن !!!
فبعض علماء الشيعة يقول وبصراحة إن القرآن محرف , والبعض الآخر يقول بنسخ التلاوة 00 وكلا الفريقين قائل بتحريف القرآن عند السيد الخوئي والشيخ المقداد !!!!!!!!
فلم يسلم أحد من القول بتحريف القرآن من علماء الشيعة إلا هما فقط !!!!!!!!!!!!
بل إن علماء الشيعة أنفسهم يقولون إن آية الرجم منسوخة نسخ تلاوة ...
فها هو أبو جعفر محمد الطوسي الملقب عند الشيعة بشيخ الطائفة يعترف ويقر بأن آية الرجم مما نسخ لفظه دون حكمه ...
وكذلك الشيخ أبو علي الفضل الطبرسي , وكمال الدين عبد الرحمن العتائقي الحلي , ومحمد باقر المجلسي وغيرهم أقروا بأن آية الرجم منسوخة .
فماذا سيفعل الشيخ الشيعي " المقداد " ؟؟؟؟!!!!
هل سيتهم علماءه أيضاً بالقول بتحريف القرآن , كما اتهم عمر رضي الله عنه واتهم أهل السنة والجماعة ؟؟؟؟!!!!
أم أنه سيرجع ويتوب عن ذنبه ويستغفر الله من خطئه واتهامه للناس بالباطل ؟؟؟؟!!!!
أسأل الله العلي القدير أن يهدي زميلنا المقداد للحق واتباع الحق كما أسأله سبحانه أن يهدي جميع الشيعة القراء للحق واتباع الحق .. إنه ولي ذلك والقادر عليه ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 0
إلى هنا نكون قد لخصنا الحوار الذي دار بيني وبين الشيخ الشيعي " المقداد " ...
وأعتذر على الإطالة 00 كما أرجو ألا يكون تلخيصنا للحوار مخلاً .
وتقبلوا دعواتي للجميع بالهداية والصلاح واتباع الحق 00
المتزن