العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات الخاصة > منتدى مقالات الشيخ سليمان بن صالح الخراشي رحمه الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-01-17, 02:47 PM   رقم المشاركة : 1
سليمان الخراشي
حفظه الله







سليمان الخراشي غير متصل

سليمان الخراشي is on a distinguished road


الرازي الأشعري في لحظة اعتراف : يُشنــّع على القبوريين !

بسم الله الرحمن الرحيم


من المعلوم لمن عرف عقيدة الأشاعرة أن انتشار شرك القبور في أنحاء كثيرة من البلدان الإسلامية كان بسبب تغلغلها بين المسلمين في فترة مضت ..

والسبب أن التوحيد عند الأشاعرة هو مجرد اعتقاد الوحدانية لله في ذاته وصفاته وأفعاله فقط .

بخلاف أهل السنة *.


ونتيجة لهذا الخلاف في حقيقة التوحيد بين أهل السنة والأشاعرة فإننا لا نجد ذكرًا لشرك الإرادة عندهم ، بل الشرك عندهم هو اعتقاد شريكٍ مع الله، إما في الملك والتدبير، وإما في استحقاق العبادة، ولهذا لم يكن الشرك باتخاذ الوسائط وطلب مالا يقدر عليه إلا الله من غيره شركًا عندهم ، ما لم يتضمن اعتقاد استقلالية من طُلب منه ذلك بالخلق والإيجاد، كما أن صرف بعض أنواع العبادة لغير الله؛ كالدعاء والذبح والنذر ونحو ذلك ليس شركًا عندهم كذلك ، ما لم يتضمن اعتقاد استحقاق من صُرف له ذلك للعبادة !


فاتخاذ الوسائط بالسؤال والطلب ليس شركًا عندهم بمجرد طلب غير الله ما لا يقدر عليه إلا الله مثلًا، بل لا بد أن يتضمن ذلك اعتقاد استقلالية المطلوب وقدرته على الاختراع الذي هو حقيقة الألوهية عندهم.
وصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله ليس شركًا لذاته عندهم إلا إذا تضمن اعتقاد استحقاق العبادة لمن صرفت له.
وهذا مما يُعلم بطلانه بصريح الكتاب والسُّنَّة ، وواقع ما كان عليه المشركون. فقد كانوا معتقدين أن الله هو الخالق والرازق ونحو ذلك من خصائص الربوبية، لكن شركهم كان من جهة الإرادة، إما من جهة الشرك في الغايات، أو في الوسائط والأسباب.


وهذا هو معنى قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}.
فالمشركون لم يكونوا يعدلون به غيره في المحبة والإجلال والتعظيم.
وهذا هو معنى قول الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}.
وهذه حقيقة التسوية المذكورة في قوله تعالى فيما أخبره به عن المشركين حين يقولون لمعبوديهم يوم القيامة: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} .


يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - : (وهذه التسوية إنما كانت في الحب والتأليه واتباع ما شرعوا، لا في الخلق والقدرة والربوبية، وهي العدل الذي أخبر به عن الكفار كقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}. وأصح القولين أن المعنى: ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، فيجعلون له عدلًا يحبونه ويقدسونه ويعبدونه كما يعبدون الله).


وأصل شبهة الأشاعرة هو ما تقرر عندهم من حقيقة التوحيد الذي هو إفراد الله بالفاعلية والخلق، ثم ما رتبوه على ذلك من نفي قدرة العباد أصلًا، تحقيقًا لإفراد الله بالقدرة على الإيجاد، ثم لما استقر عندهم أن هذه هي حقيقة التوحيد وأن هذا هو مقتضاه : رتبوا عليه أن من سأل غير الله ما لا يقدر عليه إلا الله فإنه لا يكون مشركًا بمجرد ذلك، ما لم يعتقد فيمن سأله الاستقلال بالخلق والقدرة من دون الله. وأن هذا لا يتعدى أن يكون خطأ في الأسباب ؛ كمن سأل مُقعدًا أن يعينه على حمل شيء ظنًا منه أنه يقدر على ذلك !


يقول الشيخ الدجوي القبوري في تسويغ شرك الطلب: (... فالمستغيث لا يعتقد أن المستغاث به من الخلق مستقلٌ في أمر من الأمور غير مستمد من الله تعالى أو راجع إليه، وذلك مفروغ منه، ولا فرق في ذلك بين الأحياء والأموات فإن الله خالق كل شيء).


ويقول الصوفي يوسف النبهاني: (وأنت إذا نظرت إلى كل فرد من المسلمين عامتهم وخاصتهم لا تجد في نفس أحدٍ منهم غير مجرد التقرب إلى الله لقضاء حاجاتهم الدنيوية والأخروية بالاستغاثات ، مع علمهم بأن الله هو الفعال المطلق المستحق للتعظيم بالأصالة وحده لا شريك له).


ويقول أحمد بن زيني دحلان: (الذي يوقع في الإشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله سبحانه، أو اعتقاد التأثير لغير الله، ولا يعتقد أحدٌ من المسلمين ألوهية غير الله ولا تأثير أحدٍ سوى الله تعالى) .


فكل ما وقع فيه الأشاعرة من ضلالٍ وتسويغٍ للشركيات هو نتيجة ضرورية لما قرروه في حقيقة التوحيد، إذ هو عندهم اعتقادي فقط.


فكما قالوا في تحقيق الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم : إنه مجرد تصديقه ، فكذلك قالوا في توحيد الله تعالى : إنه مجرد اعتقاد وحدانيته في ذاته وصفاته وأفعاله، دون النظر، إلى أن مجرد الاعتقاد بذلك لا يكفي في تحقيق التوحيد، بل لا بد من إخلاص الدين لله وحده، وعدم مناقضته بأي قول أو عمل ظاهر، سواء كان ذلك الشرك الظاهر من جهة اتخاذ الوسائط في التشفع والطلب، أو كان من جهة صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله تعالى.


ولهذا فاعتراف الرازي له أهميته ؛ لأنه من رؤوسهم :


قال في تفسيره لقوله تعالى : ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون )

( اعلم أنه تعالى حكى عنهم أمرين ، أحدهما : أنهم كانوا يعبدون الأصنام . والثاني : أنهم كانوا يقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند الله .

أما الأول : فقد نبه الله تعالى على فساده بقوله : ( ما لا يضرهم ولا ينفعهم ) ، وتقريره من وجوه :


1 - قال الزجاج : لا يضرهم إن لم يعبدوه ، ولا ينفعهم إن عبدوه .


2- أن المعبود لا بد وأن يكون أكمل قدرة من العابد ، وهذه الأصنام لا تنفع ولا تضر البتة ، وأما هؤلاء الكفار فهم قادرون على التصرف في هذه الأصنام تارة بالإصلاح وأخرى بالإفساد ، وإذا كان العابد أكمل حالا من المعبود كانت العبادة باطلة .


3- أن العبادة أعظم أنواع التعظيم ، فهي لا تليق إلا بمن صدر عنه أعظم أنواع الإنعام ، وذلك ليس إلا الحياة والعقل والقدرة ومصالح المعاش والمعاد ، فإذا كانت المنافع والمضار كلها من الله سبحانه وتعالى ، وجب أن لا تليق العبادة إلا بالله سبحانه .


وأما النوع الثاني : ما حكاه الله تعالى عنهم في هذه الآية ، وهو قولهم : ( هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) فاعلم أن من الناس من قال : إن أولئك الكفار توهموا أن عبادة الأصنام أشد في تعظيم الله من عبادة الله سبحانه وتعالى . فقالوا : ليست لنا أهلية أن نشتغل بعبادة الله تعالى ، بل نحن نشتغل بعبادة هذه الأصنام ، وأنها تكون شفعاء لنا عند الله تعالى . ثم اختلفوا في أنهم كيف قالوا في الأصنام : إنها شفعاؤنا عند الله ؟ وذكروا فيه أقوالا كثيرة :

فأحدها : أنهم اعتقدوا أن المتولي لكل إقليم من أقاليم العالم روح معين من أرواح عالم الأفلاك ، فعينوا لذلك الروح صنما معينا واشتغلوا بعبادة ذلك الصنم ، ومقصودهم عبادة ذلك الروح ، ثم اعتقدوا أن ذلك الروح يكون عبدا للإله الأعظم ومشتغلا بعبوديته .

وثانيها : أنهم كانوا يعبدون الكواكب وزعموا أن الكواكب هي التي لها أهلية عبودية الله تعالى ، ثم لما رأوا أن الكواكب تطلع وتغرب وضعوا لها أصناما معينة واشتغلوا بعبادتها ، ومقصودهم توجيه العبادة إلى الكواكب .

وثالثها : أنهم وضعوا طلسمات معينة على تلك الأصنام والأوثان ، ثم تقربوا إليها كما يفعله أصحاب الطلسمات .

ورابعها : أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم ، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل ، فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى ، ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر ، على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله ) .



* لخصت مقدمته من رسالة " ضوابط التكفير عند أهل السنة " ؛ للدكتور عبدالله القرني .






  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:17 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "