هذه الحرب التي سبّبت مقتلا لمئات آلاف السوريين وتهجيرا للملايين منهم وتدميرا لمئات الآلاف من البيوت والمؤسسات، لم تكن كما قال عنها أمين عام حزب الله مرات عدة إن طريق القدس تشق من حلب وحمص والرقة.. أي من المدن السورية، بل هي فعل تدمير لمشروع التغيير في النظام الأمني والدكتاتوري، نحو حكم نابع من الشعب ومن إرادة السوريين. انتصار حزب الله أو المهمة التي أنجزها في سوريا، خلصت إلى سيطرة منظومة دولية إقليمية باتت تتحكم بسوريا اليوم، وحزب الله فيها ليس إلا بيدقا من بيادقها.
ثمة دمار لا يقل عن ذلك، أحدثه القرار الإيراني بإدخال حزب الله إلى سوريا، فالحرب ليست نزهة حين تكون في مواجهة عدوّ لا لبس فيه، فكيف إذا كانت ضد عدوّ ملتبس، ذلك أن مقاتلي حزب الله الذين تمّ جرهم في البداية للقتال في سوريا، وبذل جهد كبير لإقناعهم بأن هذه الحرب مقدسة، وتمّ استصدار فتاوى دينية وسياسية غبّ الطلب تؤكد أن الموت أمام الساعين لتغيير نظام الأسد وإسقاطه هو أشرف من الموت في مواجهة العدو الإسرائيلي، فهذا التوجه نحو الدفاع عن نظام الأسد، ولو على حساب ملايين السوريين الذين انتفضوا في وجهه، لم تكن تداعياته سطحية على بيئة حزب الله ولن تكون في المستقبل قابلة للتحكم والسيطرة، والأرجح أن ثمة انهيارات يشهدها في منظومة القيم السياسية والاجتماعية والدينية، بدأت آثارها تصيب بنية الاجتماع السياسي والديني الذي صار منتهكا بقيم القوة والاستقواء والنفوذ، التي كشفت عن خلل وتباين شاسع بين المحازبين، الذين باتوا ينظرون إلى حزب الله باعتباره سلطة جاثمة على صدورهم،